التحكيم / التحكيم الإداري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية غير التعاقدية في القانون المصري
الجهة المختصة بنظر المنازعات الإدارية غير التعاقدية في القانون المصري
اجتاز التحكيم كوسيلة لحسم منازعات العقود الإدارية عدة مراحل عصيبة سواء في مصر أو في فرنسا ، حتى أحتل مكانته البارزة كطريق بديل للقضاء الإداري في حسم تلك المنازعات .
وقد كان لخلاف محتدماً، بين فقهاء القانون الوضعي المصري ونظيره الفرنسي ـ لا سيما في مرحلة غياب النصوص التشريعية حول هذه المسألة، بالإضافة لذلك فقد تضاربت أحكام القضاء العادي والإداري لقبول التحكيم كطريق لحسم منازعات العقود الإدارية، ولكن مع التطورات الاقتصادية على الصعيدين الداخلي والدولي، والحاجة الملحة لوسائل مرئة لحسم منازعات العقود الإدارية بعيداً عن قضاء الدولة.
وقد تطور الأمر في القانون الوضعي المصري من الحظر إلى الإباحة لقيام التحكيم في المنازعات الإدارية ، ونظم القانون المصر هذه المنازعات بنصوصه وتشريعاته.
المطلب الأولمفهوم المنازعة الإدارية
ان العمل الإداري بتعدد نشاطاته ، وتعدد الإجراءات الإدارية لا يمكن له بأي حال من الأحوال أن لا يسقط في فخ الأخطاء ، سواء كانت شكلية أو جوهرية في بعض الأحيان ، وهذا يجعلها تلاقي بمعارضة شديدة من قبل الأطراف المقابلة لها وهذا ما يسمى بـ " المنازعة الإدارية" .
فكل قرار إداري لم يتقبله شخص معنوي سوانء كان (إدارة عمومية، مؤسسة عمومية، مؤسسة خاصة) أو شخص طبيعي (الأفراد) وبالتالي ينشأ النزاع الإداري، الذي تكون أحد أطرافه الدولة ويلقي معارضة كبيرة من الطرف الآخر.
وفي بيان المقصود بالمنازعة الإدارية ذهبت المحكمة الإدارية العليا في مصر إلى أنها تعني: "كل منازعة تثور بشأن تسيير الإدارة لأحد المرافق العامة التي تضطلع بإدارتها، وفقاً للقانون العام وأساليبه حيث يطبق في شأنها القانون العام .
وذهب البعض إلى القول بأنه: هو النزاع القائم بفعل النشاط الإداري أو أثر من الآثار المترتبة عن علاقة إدارية ، أو هو تصادم السلطة عند تستمها بامتيازات السلطة العامة مع مبدأ المشروعية .
العنصر الأول: اتصال المنازعة بسلطة إدارية ،أي أن تكون السلطة الإدارية أحد الخصوم في الدعوى ، أما العنصر الثاني: هو المال المنازعة بنشاط مرفقي تباشره السلطة الإدارية بوسائل القانون العام ، أي أن يكون موضوع المنازعة المطالبة بأثر من الآثار المترتبة على علاقة من علاقات القانون العام " .
وقد ذهب بعض الفقهاء الوضعيين إلى أن المنازعة تكون إدارية إذا كان الهدف منها تحقيق مصلحة عامة، ولا شك أن عدم وضوح فكرة المصلحة جعلها غير مقررة في التطبيق القضائي.
وذهب ثالث في تحديد مقياس المنازعة الإدارية إلى القول باقتصارها على المنازعات التي تبرز فيها السلطة العامة للدولة حال قيامها به.
وذهب رابع إلى أن المنازعة الإدارية إنما توجد إذا وجدت فكرة المرفق العام الذي تقوم الجهة الإدارية بتسييره أو إنشائه أو تنظيمه.
وقد اقتصر القانون الوضعي المصري متمثلاً في قضاء مجلس الدولة على معياري المرفق العام والسلطة العامة ، بحيث لا تعد المنازعة إدارية تخضع لاختصاص القضاء الإداري إلا إذا اتصل موضوعها بنشاط مرفق عام شريطة أن تستخدم الدولة أو الإدارة سلطتها في القيام بهذا النشاط .
المطلب الثاني الجهة المختصة بنظر المنازعة الإدارية
وقد تم تقنين هذا المبدأ من قبل تشريعات التحكيم الدولية والوطنية فعلى الصعيد الدولي ، تبنته اتفاقية نيويورك لعام 1958م (م 1/5) واتفاقية جنيف لعام 1961م ، (م1/4) ، وواشنطن لعام 1965م ، (2/37) .
ويختص القضاء الإداري بالفصل في المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية ويعد ذلك الاختصاص اختصاصاً شاملاً ومطلقاً لأصل تلك المنازعة وما يتفرع عنها ، باعتبار أن القضاء الإداري هو وحده ـ دون غيره ـ صاحب الولاية الكاملة بنظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية ، يستوى في ذلك ما يتخذ صورة القرار الإداري وما لا يتخذ هذه الصورة طالما توافرت في المنازعة حقيقة التعاقد الإداري .... .
وقد نصت المادة (172) من الدستور المصري الحالي على أن : " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية..."
أن التحكيم جائز في المنازعات الإدارية التي يتوافر بالنسبة لها المعيار العام للتحكيم ، وهو وجود حقوق كمالية تقبل الصلح والتصرف وليس للقضاء حينئذ إلا الرقابة والإشراف ـ وهو دور لا يمكن إنكاره ، أما المنازعات الإدارية التي لا يتوافر بشأنها هذا المعيار فإنها تخرج عن نطاق التحكيم ، ومن ذلك تلك المنازعات المتعلقة بمشروعية الأعمال الإدارية ، مثل دعوى إلغاء القرارات الإدارية والطعن في نتائج الانتخابات المحلية ، عدم تعلقها بحقوق مالية ، وإنما تتعلق بمبدأ المشروعية وحمايته ، وتقوم على مراکز قانونية موضوعية عامة ، ولذلك فإنها تكون خاضعة لاختصاصات القضاء الإداري أو الجهة القضائية التي يحددها القانون .