1- صدر قانون التحكيم المصري بالقانون رقم 1994/27 وقد نص في مادتـه الأولـى على أن: "مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القـانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النـزاع إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر أو كان تحكيماً تجارياً يجري في الخـارج واتفـق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون".
2- وكان قصد المشرع من عبارة: "تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونيـة التـي يدور حولها النزاع.." هو خضوع التحكيم في العقود الإدارية لقانون التحكيم دون أي قيد أو شروط خاصة، سوى أن يجري التحكيم في مصر أو يكون التحكيم تجاريـاً دولياً يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخـضاعه للقـانون المـذكور، وهـذا الوضوح في دلالة عبارة النص على جواز التحكيم في منازعات العقـود الإداريـة ساندته بوضوح أكثر كل من المذكرة الإيضاحية للقانون وأعماله التحضيرية، وذلـك على نحو يقطع في إثبات إتجاه إرادة المشرع إلى إجازة التحكـيم فـي المنازعـات الناشئة عن العقود الإدارية.
3- فقد رددت المذكرة الإيضاحية لقانون التحكيم المعنى القاطع لقابلية العقـود الإداريـة للتحكيم، وذلك في قولها بأن: "أ ...... تحديد نطاق تطبيق أحكام المشروع، الـذي عينته المادة الأولى بعد أن رجحت أحكام الاتفاقيات المعمول بها في مصر بـسريان تلك الأحكام على كل تحكيم تجاري دولي يجرى في مصر سواء كان أحد طرفيه من أشخاص القانون العام أو أشخاص القانون الخاص، فحسم المشروع بـذلك الـشكوك التي دارت حول مدى خضوع بعض أنواع العقود التي يكون أحـد أطرافهـا مـن أشخاص القانون العام للتحكيم، فنص على خضوع جميع المنازعـات الناشـئـة عـن هذه العقود لأحكام هذا المشروع أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يـدور حولهـا النزاع .....".
4- ثم جاء تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنـة الشؤون الإقتصادية بمجلس الشعب عن مشروع قانون التحكيم أشد وضوحاً وحـسماً الإفصاح عن قصد المشرع من عبارة المادة الأولى سـالفة البيـان، إذ تـضمن التقرير - بحصر اللفظ – أن اللجنة عدلت المادة الأولى "على نحو وسع من نطـاق تطبيق أحكام المشروع فبعد أن رجحت أحكام الاتفاقيات المعمول بهـا فـي مـصر نظمت سريان أحكام المشروع على كل تحكيم يجري في مصر سـواء أكـان بـين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص، وأياً كانت العلاقة التي يـدور حولها النزاع، وقد قصد من هذه العبارة سريان هذا القانون على العقود الإدارية كي يصبح حكمها تقنينا لما انتهى إليه إفتاء مجلس الدولة في هذا الشأن ...".
5- كذلك فإنه عند التصويت في مجلس الشعب على مشروع القانون تمت الموافقة علـى نص المادة الأولى على النحو الذي صدرت فيه بموجب القانون رقـم 1994/27، وكان أحد السادة النواب قد اقترح النص في هذه المادة على عدم جواز التحكيم فـي العقود الإدارية، بيد أن هذا الاقتراح لم يحظ بموافقة الأغلبية.
6- وعلى الرغم من وضوح كل ما تقدم وثبوته، فقد حدث أن كان المجلس الأعلى للآثار قد أبرم بتاريخ 1993/11/10 عقد مقاولة مع شركة جلتسبير سيلفر نايت البريطانية بخصوص متحف أثار النوبة بأسوان، وعندما نشأ خلاف بـشأن تنفيـذ العقـد لجـأ الطرفان إلى التحكيم إستناداً إلى شرط التحكيم الوارد فيه، وعملاً بمـشارطة تحكـيم أبرماها بعد نشوء النزاع – وبينما أبدى كل من الطرفين ما عن له من دفاع وطلبات أمام هيئة التحكيم، دون أن يثير أحدهما أي دفع أو دفاع بشأن قابليـة العقـد الإداري محل النزاع للتحكيم، فقد تربص المجلس الأعلى للآثار حتى صدر حكم التحكيم فـي غير صالحه بتاريخ 1996/8/29، وهنـا فقـط أقـام المجلـس المـذكور بتـاريخ 1996/11/12 الدعوى رقم 113/64 ق استئناف القاهرة، وذلك طلبـاً للحك ببطلان حكم التحكيم، مستندا في ذلك إلى الإدعاء بعدم جواز التحكـيم فـي العقـود الإدارية، واختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بنظر النزاع موضوع حك التحكيم الطعين.
7- وربما من باب المصادفة، أنه بعد مضي خمـسـة عـشر يومـا فقـط علـى إقامـة المجلس الأعلـى للآثـار دعـواه رقـم 113/64 ق استئناف القاهرة، بتـاريخ 1996/11/12 بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم [إستناداً إلى القـول بعـدم جـواز التحكيم في العقود الإدارية أن ذهبت اللجنة الثانية للفتوى بمجلـس الدولـة بتـاريخ 1996/11/27 إلى طلب فتوى من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع فـي شأن مدى جواز إدراج شرط التحكيم الاختياري في العقود الإدارية، وذلك بمناسـبة مراجعة مشروع عقد مقاولة بين نفس طرفي دعوى البطلان المذكورة (أي المجلـس الأعلى للآثار وشركة سيلفر نايت البريطانية) وبشأن أعمال خاصة بنفس متحف آثار النوبة بأسوان. وعلى الرغم من سبق قيام نفس اللجنـة الثانيـة للفتـوى المـذكورة بمراجعة عقد المقاولة المؤرخ 1993/11/10 بين نفس الطرفين (المجلـس الأعلـى للآثار وشركة سيلفر نايت البريطانية) وبشأن أعمال مقاولة بنفس متحف آثار النوبـة بأسوان، وموافقتها على شروطه بما فيها شرط التحكيم، وذلك بالتبليغ را رقم 560 فـى .1993/10/20
8- وربما من باب المصادفة كذلك، أن تصدر الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بتاريخ 1997/2/19 فتوى بعدم جواز إدراج شرط التحكيم في العقود الادارية ، وقد مس موضوع هذه الفتوى مقطع النزاع فـي دعـوى الـبطلان رقـم 113/64 ق التي كانت آنذاك محجوزة للحكم منذ 1997/2/16.
- وبتاريخ 1997/3/19 أصدرت الدائرة (63) بمحكمة استئناف القاهرة حكمـاً مناقضا للفتوى المذكورة، إذ قضت برفض دعوى البطلان سالفة البيـان، وذلـك تأسيساً على جواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية.
9- وسرعان ما تدخلت وزارة العدل للتوفيق بين فتوى مجلس الدولـة وحكـم القـضاء العادي، إذ تقدمت إلى مجلس الشعب بمشروع قانون يقضي بإضافة فقرة ثانية إلـى المادة (1) من قانون التحكيم الصادر بالقانون رقم 1994/27 تشترط موافقة الـوزير المختص أو من يتولى اختصاصه على اتفاق التحكـيم بالنسبة لمنازعـات العقـود الإدارية، وهكذا، وبعد مضي أقل من شهرين على صدور حكم الدائرة (63) بمحكمة استئناف القاهرة سالف البيان، أصدر المشرع بتـاريخ 1997/5/13 القـانون رقـم 1997/9، ونص في مادته الأولى على أن: "تضاف إلى المادة (1) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 1994/27 فقرة ثانية، نصها الآتي: "بالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكـيم بموافقـة الـوزير المختص أو من يتولى إختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامـة، ولا يجـوز التفويض في ذلك". وكأن المشرع بذلك قد حاول إحتواء الخلاف بين فتـوى مجلـس الدولة وقضاء المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات، والتوفيق بين مذهب كل من الجهتين القضائيتين بشأن صحة إدراج شرط التحكيم في العقـود الإدارية، ذلك أنه من ناحية، قد وافق قضاء محكمة استئناف القاهرة بتأكيده صراحة المعنى الذي تضمنته المادة الأولى من القانون منذ صدوره أي جـواز ادراج شـرط التحكيم في العقود الإدارية، فقضى بذلك على ما كان هناك من خلاف بـين فـتـاوى وقضاء مجلس الدولة بالنسبة لقابلية منازعات العقود الإدارية للتحكيم، ومـن ناحيـة أخرى، استجابت فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة رقم 160 في 1997/2/19 ملف 339/54، وذلك بإضافة إشتراط موافقة الوزير المختص أو من يقوم مقامه على إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية.
10- وإذا كان لإضافة الفقرة الثانية إلى المادة الأولى من قانون التحكيم من فائدة، فقد تمثلت في حسم الخلاف النظري بصفة نهائية حول قابلية منازعات العقود الإدارية للتحكيم، إلا أن هذه الإضافة – من ناحية أخرى- قد فتحت الباب على مصراعيه لاخـتلاف الرأي حول عدد من المسائل منها: المقصود بشرط موافقة الوزير المختص علـى اتفاق التحكيم، وكيفية تحقيق هذه الموافقة واثبات توافرها والمكلف بإستيفائها وجـزاء عدم تحققها، ومدى ملاءمة إشتراط الموافقة، خصوصاً في ضوء ما أسفر عنه الواقع العملي لتطبيق هذا الشرط من آثار ضارة؟.
11- وربما يتساءل البعض، وبحق: ماذا لو كان حكم التحكيم موضوع دعوى البطلان رقم 113/64 ق استئناف القاهرة، قد صدر لصالح المجلس الأعلى للآثار ؟ فهل كان هذا المجلس ليرفع الدعوى المذكورة، ويتمسك فيها بعدم جواز التحكـيم فـي منازعـات العقود الإدارية؟!! مع شديد الأسف، فإن الملاحظ في العمل – في حدود علمنا – أن الجهة العامة لا تتمسك في الغالب بشرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، إلا إذا أرادت التحلل من هذا الاتفاق الذي كانت قد عقدته، أو كانت إجراءات التحكيم التي باشرتها قد انتهت بحكم في غير صالحها.
ثانياً- نقاط البحث:
12- وهكذا، سنعرض فيما يلي أهم الأسباب التي قامت عليها فتوى مجلس الدولـة، بعـد جواز التحكيم في العقود الإدارية، ثم بعض الأسباب التي بني عليها حكم الدائرة (63) بمحكمة استئناف القاهرة بجواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية. ثم نتنـأول أهم نقاط الخلاف التي أثيرت في العمل بشأن تطبيق الفقرة الثانية من المادة الأولـى من قانون التحكيم، فنعرض للمقصود بشرط موافقة الوزير المختص أو مـن يقـوم مقامه على اتفاق التحكيم، وتحديد الجهة الملزمة باستيفائه، وكيفية التحقق من تـوافره والأثر القانوني الذي يترتب على عدم إستيفائه، ثم رأينا في حكم الفقرة الثانيـة مـن المادة الأولى من قانون التحكيم، ماله وما عليه، والدعوة إلى إلغاء هذه الفقرة أو على الأقل تعديلها، وخصوصاً في منازعات التحكيم التجاري الدولي، ومدى الأضرار التي يسببها التمسك بها في الواقع العملي.
ثالثاً- مدى قابلية العقود الإدارية للتحكيم L'arbitrabitité des Contrats :administratifs
13- خلافاً لما ذهبت إليه فتويان سابقتان للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة وحكم للمحكمة الإدارية العليا بجواز اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقـود الإدارية، أصدرت الجمعية العمومية المذكورة بتاريخ 1997/2/19 فتـوى تقـضي بعدم جواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية، إلا إذا إستند إلى عمل تـشريعي يجيز شرط التحكيم بضوابط محددة وقواعد منظمة أو بتفويض جهة عامة ذات شـأن للإذن به في أية حالة مخصوصة. وضمن أسباب أخرى، إستندت الفتوى الأخيرة إلى القول بأن الأشخاص العامة مفوضة من الدولة، وأن سلطتها في التعاقد مقيـدة بمـا رسمه لها التشريع من قيود وإجراءات في ممارسة هذا التفويض، وأن التحكيم، وإن لم يكن صلحاً، فهو بمثابة صلح، وأن الوصي – طبقاً لقانون الولاية على المـال- لا يملك الاتفاق على التحكيم نيابة عن ناقص الأهلية، إلا بإذن من المحكمـة، وكـذلك الجهة العامة لا يصح لها إجازة التحكيم بشأن عقد إداري بغير أن يكون موافقاً علـى ذلك بعمل تشريعي، لأن مكنة الجهة المذكورة في التصرف في مال الدولة ليست إلا بموجب أنها مفوضة في ذلك بقواعد الاختصاص بنص تشريعي أو بناء على نـص تشريعي – وأنه لما كانت العقود الإدارية تتميز بأنطوائها على شروط استثنائية غيـر مألوفة في عقود القانون الخاص، فإن ذلك فرض إخراج منازعاتها مـن اخـتـصاص القضاء العادي وقصر الاختصاص بها على القضاء الإداري، وبالتـالـي فـإن نظـام التحكيم لا يتفق وطبيعة العقود الإدارية، كما أن المنازعات المتعلقة بها أكثر نأياً عن طبيعة نظام التحكيم وهيئاته، وأن لجوء جهة عامة إلى التحكيم يفيد الاستعاضة عـن القضاء – صاحب الولاية العامة- بهيئة ذات ولاية خاصة في شأن يتعلـق بـصميم الأداء العام الذي تقوم عليه الدولة والأشخاص العامة، واختتمت أسانيد فتواها بالقول بأن وزير العدل – حينذاك – كان يبرر شمول قانون التحكيم منازعـات العقـود الإدارية بأن ذلك تقنين لما كان عليه إفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، وأنه مادام أن مجلس الدولة قد عدل عن فتاويه السابقة فعلى المشرع أن يتبـع هـذا العدول.
14- وعلى العكس من فتوى الجمعية العموميـة لقـسمي الفتـوى والتشريع المؤرخـة 1997/2/19 سالفة البيان، أصدرت الدائرة (63) بمحكمة استئناف القاهرة بتـاريخ 1997/3/19 حكماً في الدعوى رقم 113/64 ق بصحة شرط التحكيم فـي العقـود الإدارية، وبرفض دعوى بطلان حكم تحكيم أقيمت إستناداً إلى القول بعـدم جـواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية – وقد استند هذا الحكم إلى أسباب حاصلها أن نص المادة الأولى من قانون التحكيم الصادر بالقانون رقم 1994/27 على "أن تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القـانـون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة التي يدور حولها النزاع .." قاطع في الدلالـة علـى جواز التحكيم في العقود الإدارية، وأنه لا اجتهاد مع وضوح الـنص، وأن الأعمـال التحضيرية قطعت هي الأخرى باتجاه إرادة المشرع إلى صحة اتفاق التحكـيم فـي العقود الإدارية، فضلا عن اتفاق هذه الإرادة مع الحكمة من إصدار قانون التحك ذاته – كما عرض الحكم لنص المادة (58) من قانون مجلس الدولة رقـم 1972/47 التي تلزم باستفتاء إدارة الفتوى المختصة بالمجلس بشأن أي تحكيم أو تنفيـذ قـرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه، وأن نـص المـادة (10) مـن القانون المذكور على إختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بمنازعات العقـود الإدارية، يفيد مجرد وضع الحد الفاصل بين إختصاص قضاء مجلس الدولة وقـضاء المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات، وأنه لا يعني في حـال حظر التحكيم في العقود الإدارية – وأنه أياً كان وجه الرأي في تفسير دلالـة نـص المادتين المذكورتين، فقد نصت المادة الثالثة من مواد إصدار قانون التحك يم على إلغاء أي حكم مخالف لأحكامه – كذلك، فقد أشار حكم محكمة الاستئناف إلـى مـا استقر عليه فقه وقضاء التحكيم التجاري الدولي من عدم جـواز تنـصل الدولـة أو الأشخاص العامة من شرط التحكيم الذي أدرجته في عقودها، وذلك بالاستناد إلى قيود تشريعية داخلية، حتى وإن كانت حقيقية، وأخيراً إن إقدام المجلس الأعلى للآثار على محاولة التحلل من اتفاق التحكيم الذي أدرجه في العقد المبرم مع الطرف الأجنبـي، وبعد مراجعته والموافقة عليه من لجنة الفتوى المختصة بمجلس الدولة بالتبليغ رقـم 560 بتاريخ 1993/10/20 يتناقض مع مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود سواء كانـت مدنية أو إدارية، كما يهز ثقة المتعاملين مع الجهة العامة في مصداقيتها ويجلب أشـد الأضرار بفرص الاستثمارات الأجنبية ومشروعات التنمية التي صدر قانون التحكيم من أجل تشجيعها.
15- وإلى جانب تعليق البروفسور فيليب لوبولانجيه على حكـم الـدائرة (63) بمحكمـة استئناف القاهرة سالف البيان في مجلة التحكيم الفرنسية، تفضل الأستاذ الدكتور أحمد القشيري بالتعليق كذلك على الحكم المذكور في مجلـة الـ Gazette du Palais الفرنسية، حيث أورد ترجمة لمقتطفات كاملة من أسبابه، وأشاد برفض المحكمة التي أصدرت هذا الحكم مجاراة أولئك الذين أرادوا إفراغ قانون التحكيم من أهم انجازاته الرئيسية، وأن هذا القضاء بقابلية العقود الإدارية للتحكيم، بالمخالفة لقضاء أصـدرته بعض محاكم مجلس الدولة، هو الذي إقتضى تدخل المشرع وإصدار القانون رقـم 1997/9، بإضافة فقرة ثانية للمادة الأولى من قانون التحكيم، وبمقتضاها أكد بـصفة نهائية ما سبق النص عليه في المادة الأولى المذكورة من جواز التحكيم فـي العقـود الإدارية، وأضاف شرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكـيم بالنسبة لهـذه العقود.
16- وهكذا، فإنه بصدور القانون رقم 1997/9 تم حسم الخلاف النظري حول مسألة جواز التحكيم في العقود الإدارية بصفة نهائية، بينما بقى هناك التساؤل، بل الخلاف بـشأن شرط موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه علـى اتفـاق التحكـيم، والطبيعة القانونية لهذه الموافقة، وما إذا كانت تعتبر إجراء شـكلياً أم أنهـا شـرط جوهري لصحة إتفاق التحكيم في العقود الإدارية ويتعلق بالنظام العام، بحيث يترتـب البطلان على مخالفته، وشكل الموافقة المطلوبة من جانب الوزير المـذكور، وهـل هي موافقة كتابية أم شفوية؟ وهل يلزم أن تكون صريحة أم يكفي كونهـا ضـمنية؟ وهل الكتابة ركن في وجودها أم شرط لإثباتها؟ ثم من هو المكلف بالحـصول علـى موافقة الوزير المختص هل هما طرفا التعاقد، أم الجهة العامة وحدها؟ ثم ما هو أثر عدم صدور الموافقة المطلوبة؟ ومن هو الذي عليه عبء إثبات عدم تحققها؟ وما هو الأثر القانوني الذي يترتب على عدم موافقة الوزير المختص بفرض ثبـوت ذلـك؟ وأخيراً تقييم نتيجة إضافة شرط موافقة الوزير على اتفاق التحكيم من حيـث الواقـع العملي.
رابعاً- المخاطب بالقاعدة القانونية التي تشترط موافقة الوزير المختص أو مـن يتولى اختصاصه:
17- اختلف الرأي حول هذه المسألة، فقضاء مجلس الدولة وجانب من الفقه وحكـم فـريـد لمحكمة استئناف القاهرة على أن طرفي العقد الإداري مخاطبان بنص الفقرة الثانيـة من المادة الأولى من قانون التحكيم، وكلاهما ملزم باستيفاء شرط موافقـة الـوزير المختص أو من يقوم مقامه على شرط التحكيم فليس لطرف أن يلقي عبء التأكد من موافقة الوزير المختص على الطرف الآخر.
18- ويذهب الرأي الغالب في الفقه وقضاء هيئات التحكيم في مصر إلـى أن المخاطـب بشرط موافقة الوزير المختص هو الجهة العامة أو جهة الإدارة، بحيث يقـع عليهـا وحدها عبء استيفاء موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، فإن تقاعست عـن ذلك فإنها تكون مسؤولة عن ذلك، كما أن الأصل أن الوزير المختص قد وافق علـى اتفاق التحكيم في العقد الاداري، فإذا إدعت جهة الإدارة عدم موافقة الوزير على هذا الاتفاق فيكون عليها أن تقيم الدليل على ذلك.
19- كما أن الرأي السائد في فقـه وقـضاء التحكـيم التجـاري الـدولي يجـري علـى التزام الدولة احترام تعهداتها واتفاقات التحكيم التي تعقدها، وعـدم جـواز تحللهـا من اتفاق التحكيم الذي أبرمته بشأن منازعـات العقـود الاداريـة بالاستناد إلـى قيود تشريعية داخلية، حتى وان كانت حقيقيـة، وبالتـالي فإنـه لا يجـوز للدولـة للجهة العامة أن تتملص من اتفاق تحكيم تجـاري دولـي تكـون قـد أبرمتـه وذلك بالاستناد إلى عدم استيفاء شرط الحصول علـى موافقـة الـوزير المخـتص أو من يقوم مقامه المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الأولـى مـن قـانـون التحكيم .
20 – وفي تقديرنا أنه يجب البحث عن الحكمة التي دعت المشرع إلى وضع قيـد موافقـة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، وهل وضع هذا الشرط لمصلحة طرفي الاتفـاق أم أنه قد شرع لمصلحة أحدهما فقط؟ وبادئ ذي بدء، نرى أن المتعاقـد مـع جـهـة الإدارة -بصفة عامة- لا يعنيه كثيراً أمر موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، والذي يعنيه هو أن يكون المتعاقد معه صاحب صفة قانونية في تمثيل الجهة الإدارية التي يتعاقد معها سواء كانت هذه الصفة وليدة نيابة قانونية أو اتفاقية – أما إذا إشترط القانون ألا يكون لغير الوزير المختص صفة في التعاقد على شـرط التحكـيم، فـإن القصد المنطقي والمعقول من ذلك هو حماية مصلحة الجهة الادارية وحمايتهـا مـن مخاطر خروج منازعتها من إختصاص القضاء الإداري وفقدان ما يوفره لهـا مـن ضمانات، وكأن المشرع لا يثق في كفاءة المسؤولين في الجهة العامة أو أمانتهم، فيما يتعلق بتقدير مدى مصلحة الجهة المذكورة في اللجوء إلى التحكـيم فـي منازعـات العقود الإدارية من عدمه.
21- ولعل ما يؤكد أن شرط موافقة الوزير المختص مقرر لمصلحة الجهة العامة هو نص المادة (58) من قانون مجلس الدولة على ضرورة عرض مشروع الاتفـاق علـى التحكيم في أي مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه، على لجنة الفتوى المختـصة بمجلس الدولة لمراجعته وإبداء الرأي بشأنه. كذلك فإن الملاحظ في الواقـع العملـي الخاص بمنازعات التحكيم في العقود الادارية، أن جهة الإدارة – على الأقـل فيمـا صادفناه من حالات – هي التي تطلب الحكم ببطلان اتفاق التحكـيم، بـدعوى عـدم موافقة الوزير المختص، وذلك فقط حينما ترى التحلل من اتفاق تحكـيم أبرمتـه أو الطعن في حكم تحكيم صدر في غير صالحها، وبالتالي تكون هي الطرف المـستفيد دائماً من طلب إبطال اتفاق التحكيم بدعوى عدم موافقة الوزير المختص عليه سـواء كانت عدم الموافقة تلك حقيقية أو مزعومة، هذا كله، بينما يتحمل الشخص الطبيع أو المعنوي الذي تعاقد مع تلك الجهة جميع الأضرار التي قد تنجم عن الحكم ببطلان اتفاق التحكيم بدعوى عدم استيفائه شرط موافقة الوزير المختص، إذ يخسر ثمرة حكم التحكيم الذي يكون قد صدر لصالحه أو يحرم – في حالة إبطال شرط التحكيم – من الفصل في منازعته بطريق التحكيم الذي إختاره ورتب مصالحه على مقتضاه عندما تعاقد مع الجهة الإدارية. وغني عن البيان أن مثل هذا الوضع لم يكن ليخطر علـى بال المشرع عندما أضاف نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم تشترط موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه على اتفاق التحكيم، ذلك أن أي حل تشريعي يفرضه القانون – أي قانون – يجب ألا تكون غايته مجرد مناصرة طرف على حساب الطرف الآخر أو الإضرار بطرف لمصلحة الطرف الآخر، وذلك دون مبرر من مصلحة مشروعة أو منطق معقول.
22- ونرى مع جانب هام من الفقه – أن الجهة الإدارية أو العامة هي الملزمة بالحـصول على موافقة الوزير، وهو التزام يقع عليها في مواجهة الطرف الآخر عند إبرام عقـد إداري يتضمن شرط تحكيم، فإن تقاعست فإنها تكون مسؤولة عن ذلك، ويأتي هـذا الالتزام على الجهة العامة المتعاقدة من كونها المكلفة بالمحافظة على المصالح العامة وعدم إهدار المال العام، لذلك نص المشرع في الفقرة الثانية من المادة الأولى علـى شرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، وبمقتضى هذا الشرط ناط بالوزير المختص أو من يتولى اختصاصه تقدير مدى موافقة الإتفاق على اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية للصالح العام. أما بالنسبة إلى الطرف الذي يتعاقد مـع الجهة العامة، فليس هو المسؤول عن تقدير مقتضيات الصالح العام ولا هو المكلـف بشيء من ذلك – كذلك فإنه لما كانت الجهة العامة هي المهيمنة على إجراءات التعاقد وما تستلزمه من إعلانات وتدبير الاعتمادات المالية والحصول على الموافقات مـن السلطة المختصة، وعليها الالتزام بتحقيق الصالح العام والمحافظة على المال العـام في كل تعاقد تقدم على إبرامه مع الغير، كما أنها المسؤولة وحدها عن اتمام إجراءات التعاقد ومن بينها إستيفاء شرط موافقة الوزير المختص أو من يتـولى اختـصاصه، بحيث إذا ما أغفلت هذا الشرط – عمداً أو إهمالاً – فإنها تتحمل وحدها تبعات ذلك – - أما الطرف المتعاقد معها فلا سبيل له مع الجهة العامة التي يتعاقد معها، وقد غلت يده في خصوص إستيفاء الإجراءات سالفة البيان، فضلاً عن أن إشتـراط الوزيـر المختص على اتفاق التحكيم – في حد ذاته لا يحقـق لـه أي مـصلحة خاصة، بل أن هذا الشرط مقرر لمصلحة الجهة العامة وحدها ولتحقيـق الإنـضباط الواجب في عملها، وتوفير الرقابة على تصرفات من هم دون الوزير المختص فـي سلم التدرج الرئاسي للإدارة.
23- ویری الأستاذ الدكتور حسام الأهواني أنه إذا تضمن العقد الذي تم تنفيذه شرط تحكيم، ولم توجد موافقة الوزير وقت التعاقد، فإن العقد عندئذ يكون قد تضمن التزاماً ضمنياً بالتعهد بالحصول على موافقة الوزير، وعدم الحصول على هذه الموافقة يعتبر إخلالاً من جانب جهة الإدارة بذلك الالتزام ويؤدي لانعقاد مسؤوليتها طبقاً للقواعد العامة في التعهد عن الغير، وأكثر من ذلك، فإن سيادته يرى – بحق – أن التزام الجهة الإدارية ضرورة إستفتاء إدارة الفتوى المختصة [طبقاً للمادة – (58) من قانون مجلس الدولة قبل إبرام أو قبول أو إجازة أي عقد يتضمن شرطاً أو مشارطة تحكيم إذا كانت قيمة المادة تزيد على خمسة آلاف جنيه، يفترض معه أن العقد الإداري المتضمن شـرط التحكيم قد تمت مراجعته بمعرفة مجلس الدولة الذي يتحقق من توافر شرط موافقـة الوزير على اتفاق التحكيم، وعليه تنبيه الجهة الادارية بعدم توافر تلك الموافقة، إن لم تكن متوافرة عند طلب مراجعة العقد، وكل ذلك يضع على الإدارة الالتزام بـالتحقق من استيفاء شرط التحكيم المدرج بالعقد لشرط موافقة الوزير المختص.
24- ولا نتفق في الرأي مع القول بالتزام الطرف المتعاقد مع الجهة العامة باستيفاء شـرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، مثله في ذلك مثل تلك الجهة، وذلـك لأن هذا القول -فضلاً مخالفته صحیح القانون وحكمة التشريع – فإنه يجعل الإلتـزام بشرط موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه على التحكيم في منازعـات العقود الإدارية - من الناحية العملية - مرهوناً بمشيئة الجهة العامة، بحيث أنهـا إن رأت الالتزام باتفاق التحكيم، فإنها تغض الطرف عن عدم تحقق شرط موافقة الوزير المختص، وإلا فإنها تدعي عدم تحقق موافقة الوزير المذكور إذا أرادت التملص من اتفاق التحكيم الذي أبرمته أو الطعن في حكم تحكيمي يكون قد صدر لغير صـالحها، وهو ما لا يتفق إطلاقاً سواء مع قصد المشرع من إضافة الفقرة الثانية إلـى المـادة الأولى من قانون التحكيم، أو مع مقتضيات العدالة ومبدأ ضرورة تنفيذ العقود بحسن نية، بل يتنافى مع اعتبارات الشرف واحترام التوقعات المشروعة للمتعاقد الآخر مع الجهة العامة.
خامساً- في الطبيعة القانونية لشرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم:
أ- في القضاء الاداري:
25- لم يتفق الرأي في القضاء على تحديد الطبيعة القانونية لشرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم في العقود الإدارية، إذ اتخذ القضاء الإداري مذهباً خالفته أحكـام هيئات التحكيم سواء في منازعات التحكيم الداخلي أو التحكيم التجاري الدولي، كمـا صدر حكم منفرد من محكمة استئناف القاهرة انضم في قضائه إلى مـذهب القـضاء الإداري، أما في الفقه، فإنه لم يجمع على رأي واحد بالنسبة للطبيعة القانونية للشرط المذكور، لذلك فقد رأينا أن نعرض بكلمة لكل من هذه المذاهب المختلفة.
26- ذهب بعض أحكام قضاء مجلس الدولة إلى إعتبار موافقة الوزير المخـتص أو مـن يتولى اختصاصه، على اتفاق التحكيم في منازعات العقود الإدارية، شرطاً جوهرياً لإنعقاد الاتفاق على التحكيم في العقود الإدارية، وأنه يتعلق بالنظام العام، لأنه شـرع لمصلحة عامة فيترتب على تخلفه بطلان شرط التحكيم وإجراءاته والحكم الذي يصدر فيه – كما قضت تلك الأحكام بأن طرفي العقد الإداري هما المكلفان على قدم المساواة باستيفاء شرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، وذلك باعتبار "أن الخطاب التشريعي بمضمون القاعدة القانونية موجه لطرفي التعاقد ممن رغبوا في إدراج شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية، فليس لطرف أن يلقي عبء التأكد مـن تحقـق الموافقة على الطرف الآخر، وإلا كان ذلك ممن تقاعس عن تلبية الخطاب التشريعي إنصياعاً وقبولاً للاختصاص الأصيل للمحكمة المختصة بنظر المنازعة".
ب- في قضاء هيئات التحكيم:
27- وعلى عكس ما ذهبت إليه أحكام القضاء الإداري، قضت أحكام تحكيمية عديدة بـأن الجهة العامة المتعاقدة هي وحدها المسؤولة عن الحصول على موافقة الوزير علـى اتفاق التحكيم في منازعات العقود الإدارية، وذلك باعتبارها المهيمنة على إجـراءات التعاقد وما تستلزمه من إعلانات، وتدبير الإعتمـادات الماليـة والحصول علـى الموافقات من السلطة المختصة، وأنها المسؤولة وحدها عن إتمام تلـك الإجـراءات، بحيث إذا ما أغفلت عمداً أو إهمالاً عن إجراء من تلك الإجراءات المقررة قانونـاً تحملت وحدها تبعات ذلك، حيث أن الطرف المتعاقد معها قد غلت يده في هذا الشأن وليس له أي دور في استيفاء تلك الإجراءات، ولذلك فإنه يتعـذر تـصـور ترتيـب البطلان كجزاء على عدم الحصول على موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم، وإلا كان في مكنة الطرف المخطئ الاستفادة من خطئه على حساب الطرف الآخـر، وهو أمر يتنافى كلية مع مبادئ العدالة وحسن النية، فضلاً أن قانون التحكيم الصادر بالقانون رقم 1994/27 قد خلا من النص على البطلان كجزاء على عدم الحـصول على موافقة الوزير المختص على إتفاق التحكيم، وكل ما يترتب على ذلك هو إعمال قواعد المسؤولية التأديبية قبل المسؤول عن التعاقد دون الحصول على موافقة الوزير المختص .
28- كما قضت هيئة تحكيمية كذلك برفض الدفع ببطلان اتفاق التحكيم المستند إلـى عـدم افقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، وذلك تأسيساً على أن المنازعـة تتعلـق بتحكيم تجاري دولي، مما لا يجوز فيه للجهة العامة التحلل من اتفاق تحكيم أبرمتـه وذلك بالاستناد إلى قيود تشريعية داخلية، حتى وان كانت هذه القيود حقيقية.
وفي قضاء تحكيمي آخر إستندت الهيئة التحكيمية إلى كل ما سبق من أسباب لرفض الدفع ببطلان اتفاق التحكيم بدعوى عدم موافقة الوزير المختص على هـذا الاتفـاق، فذهبت تلك الهيئة إلى أن الجهة العامة هي وحدها المكلفة بإثبات عدم موافقة الـوزير المختص، وأنها لم تقدم دليلاً مقبولاً على ذلك، فضلاً عن أنها هي المهيمنـة علـى إجراءات التعاقد، وهي وحدها المسؤولة عن استيفاء تلك الإجراءات والحصول على الموافقات المقررة قانوناً، بحيث أنه إذا ما أغفلت اتخاذ إجراء من تلـك الإجـراءات المقررة سواء عمداً أو إهمالاً، فإنها تتحمل وحدها تبعة ذلك، فلا يجوز لها الاستفادة من عدم موافقة وزيرها أو رئيسها على شرط التحكيم، كما أنه لا يضار المتعاقد معها من عدم استيفاء شرط موافقة الوزير المختص، فلا يترتب على ذلك بطـلان إتفـاق التحكيم، وإلا صار التزامها بهذا الإتفاق مرهونا بمشيئتها وحـدها، فتتمـسـك بـه إن شاءت، وإلا إدعت عدم موافقة الوزير المختص أو من يقوم مقامه، وهو أمر ينبو عن المنطق السليم ويناقض مبدأ حسن النية الواجب في الالتزامات التعاقدية، فضلاً عمـا هو مقرر في فقه وقضاء التحكيم التجاري الـدولي مـن أنـه لا يجـوز للدولـة أو الأشخاص الاعتبارية العامة التحلل من اتفاق التحكيم الذي عقدته، وذلك بالاستناد إلى قيود تشريعية داخلية، حتى وإن كانت حقيقية، لأن مثل هذا التحلل فضلاً عن مخالفته مبدأ وجوب تنفيذ الالتزامات التعاقدية بحسن نية، فإنه يتنافى مع اعتبارات الـشرف واحترام الكلمة في التعامل ويستوجب إعمال القاعدة الأصولية التي تقضي بأن مـن سعى في نقض ما تم من جهته فسعیه مردود عليه .
ج- في قضاء محكمة استئناف القاهرة:
29- في حدود علمنا، هناك حكم وحيد أصدرته الدائرة (50) تجاري بمحكمـة اسـتئناف القاهرة بتاريخ 2010/5/27 في الدعوى رقم 126/111 ق المرفوعة مـن الهيئـة المصرية العامة للبترول ضد شركة ناشيونال جاس، وقد قضى هذا الحكـم بـبطلان حكم التحكيم الصادر لصالح الشركة المدعى عليها، تأسيساً على أسباب أهمها عـدم موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم الوارد في العقد الأصلي المبرم بين طرفي الدعوى، وجاء بأسباب الحكم أن شرط موافقة الوزير المختص على اتفـاق التحكـيم ملزم لطرفي الاتفاق وليس طرفاً دون غيره، وأن شرط التحكيم لا يصح إلا بموافقـة الوزير المختص، وأنه لا يصح القول بأن الهيئة العامة تابعة لـوزير البترول، وأن رئيس مجلس إدارتها هو القائم بأختصاصات الوزير، وأن توقيعه يجعل شرط التحكيم صحيحاً، إذ أن ذلك الشرط لا يصح إلا بموافقة الوزير المختص، كما أن تنفيذ الهيئة العامة المذكورة لعقد الأساس لا يقوم مقام القبول، لأن الهيئة العامة هي التي قامـت بتنفيذ الاتفاق وليس الوزير المختص .
30- يعتبر قضاء محكمة الاستئناف سالف البيان – في تقديرنا – قضاء محل نظر سـواء فيما قضى به أو الأسباب التي أقيم عليها، ذلك أن أول ما يلاحظ عليه هو قوله أن تنفيذ الجهة الإدارية للعقد المشتمل على شرط التحكيم لمدة سنوات لا يقوم مقام قبول الوزير للشرط المذكور لأن الذي قام بتنفيذ العقد هو الهيئة العامـة التابعـة للـوزير وليس الوزير نفسه، ومثل هذا القول لا يتفق مع المنطق والواقع الذي يجري عليـه العمل، ولعل تعقيب الأستاذ الدكتور حسام الأهواني قد أصاب كبد الحقيقـة فـي أن مثل هذا القول: [من شأنه أن ينسب الغفلة للوزير في شؤون وزارته، فهـو لا يعلـم ليس فقط بشروط عقود الجهات التابعة له، بل أنه لا يعلم بما تقحمه فيه وتنسبه إليـه جهة الإدارة من موافقته على شرط التحكيم، وإن كان يعلم فإنه يكون متواطئـاً مـع تابعيه، ويكون مسؤولا عن أفعالهم. وهذا كله لا ينفي سوء النية عن الجهة الاداريـة المتعاقدة، كما أن هذا المسلك يستغرق خطأ المتعاقد مع هذه الجهة المتمثل في عـدم إشتراطه تقديم موافقة الوزير ضمن المستندات العقدية، وإن كـان العقـد المتـضمن شرط التحكيم قد أبرم فإن الأصل في العقد هو الصحة، بمعنى أن موافقة الوزير قـد توافرت، ومن يدعي العكس يقع عليه عبء الاثبات. فلا يكفي أن تدعي جهة الإدارة عدم موافقة الوزير، بل يجب عليها إثبات عدم الموافقة عن طريق مـا تقدمـه مـن أدلة... ولما كانت المادة 58 من قانون مجلس الدولة، والتي تستوجب ضرورة أخـذ رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع عند إبرام عقد إداري يتضمن شـرطاً أو مشارطة تحكيم إذا كانت قيمة العقد تتجاوز خمسة آلاف جنيه، فـإن الفـرض أن العقد الإداري قد راجعه مجلس الدولة، والذي يتحقق – شأن الـوزارة المختصة - من توافر موافقة الوزير ..... بل إنه من المفترض أن الـوزير المخـتص يراجـع مشروع العقد قبل إبرامه، ثم بعد ذلك يرخص في اللجوء إلى التحكيم، ومن ثم فمـن غير المقبول التجاوز عن التزامات جهة الإدارة، بل الوزير في شأن الموافقة علـى شرط التحكيم والتمسك بخطئهما لإبطال شرط التحكيم، فأبـسط مقتضيات شـرف التعامل يستوجب إستيفاء شروط العقد الإداري من جهة الإدارة قبل إبرامـه. وكـان الأجدر ألا تعذر جهة الإدارة بمخالفتها القانون وإبرامها العقد دون موافقـة الـوزير. يضاف إلى ذلك أن جهة الإدارة وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالدولة ألا تهدر الثقة التي يعتمد عليها المتعاقد معها في تعاقده مع جهـة الإدارة، فإمـا أن الدولـة لا تحتـرم تعهداتها، وإما أن الأمور تسير في غفلة من الوزير ويخدعه القائم على جهـة الإدارة المتعاقدة].
31- وأكثر من كل ذلك، فإن قول الحكم الإستئنافي المذكور بعدم كفاية موافقة رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول على شرط التحكيم وضرورة موافقة وزير البترول بنفـسه على هذا الشرط، هو قول يتناقض تماماً مع الطبيعة القانونية للهيئة المذكورة طبقـاً لقانون إنشائها رقم 1976/20 في شأن الهيئة العامـة للبتـرول، إذ تعتبـر الهيئـة المصرية العامة للبترول هيئة عامة لها شخصية إعتبارية مستقلة تتبع وزير البتـرول (المادة الأولى)، ولها رئيس مجلس إدارة يصدر رئيس الجمهوريـة قـرارا بتعيينـه (المادة 8)، وهو الذي يمثل الهيئة أمام القضاء وفي صلاتها بـالغير (المـادة 13)، ومقتضى ذلك أن رئيس الهيئة المذكورة هو ممن يتولون إختصاصات الوزير فـي مقصود الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم، ومن ثم تكون موافقته على عقد الأساس موافقة على شرط التحكيم الوارد فيه وداخلاً في اختصاصه، طبقاً للمادة (1/12) من القانون سالف البيان.
32- ولكل ما تقدم، نتمنى من جانبنا، أن يكون قضاء الدائرة (50) سالف البيان مجرد كبوة سرعان ما يتم تجاوزها، وألا يقتصر أمر تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم على مجرد التفسير الحرفي لعبارة النص، دون الأخذ في الإعتبار حقيقة مقصود المشرع منها، وكذا الطبيعة الخاصة لاتفاق التحكيم في فقـه وقـضاء التحكيم التجاري، حتى وان كان النزاع يتعلق بعقود إدارية طبقا للتعريف السائد فـي الفقه والقضاء المصريين، كل ذلك دون إغفال ما تقضي به الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية.
د- في موقف الفقه:
33- وكما اختلف الرأي بين القضاء الإداري وبين قضاء هيئات التحكيم بشأن شرط موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية، فقد اختلفـت آراء الفقه، كذلك في هذا الخصوص – فذهب رأي إلى أن شرط موافقة الوزير المخـتص على اتفاق التحكيم في العقود الإدارية يتعلق بالنظام العام، وأن عدم موافقة الـوزير يبطل اتفاق التحكيم بطلاناً مطلقاً يتعلق بالنظام العام، ومع ذلك فإن الـبطلان يـزول بالإجازة اللاحقة التي قد تصدر من الوزير المختص. بينما ذهب رأي آخر إلى أن شرط موافقة الوزير المختص مقرر لنفاذ شرط التحكيم، ومن ثم فإن عـدم موافقـة الوزير المذكور على شرط التحكيم تؤدي إلى عدم نفاذه فقـط دون أن تـؤدي إلـى بطلانه.
سادساً- عبء إثبات عدم موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه علـى اتفاق التحكيم:
34- ولما كان الأصل في العقود هو الصحة، بمعنى أن موافقة الوزير المختص على إتفاق التحكيم قد توافرت، ومن ثم فإن إدعت الجهة العامة عدم موافقة الوزير على الاتفاق المذكور، فإن عليها يقع عبء إثبات ذلك، ومع ذلك فسنرى أن ثبوت عدم موافقـة الوزير المختص على إتفاق التحكيم لا يؤدي إلى الحكم ببطلان هذا الاتفاق، سواء في التحكيم الداخلي أو التحكيم التجاري الدولي، على وجه الخصوص .
سابعاً الأثر المترتب على ثبوت عدم موافقة الوزير المختص أو مـن يـتـولى اختصاصه:
35- وفي ما يتعلق بالأثر المترتب على ثبوت عدم موافقة الوزير على اتفاق التحكيم، فقـد ذهب بعض الفقه إلى أن جزاء عدم موافقة الوزير هو بطلان اتفاق التحكيم بطلانـاً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام. بينما ذهب رأي آخر إلـى أن عـدم موافقـة الـوزير المختص لا تؤدي إلى بطلان اتفاق التحكيم، بل هي تفضي إلى عدم نفاذه فقط. كما رأى بعض الفقه أن شرط موافقة الوزير يتعلق بأهلية الجهة العامـة لإبـرام اتفـاق التحكيم، ومن ثم يكون البطلان المقرر لعدم وجود هذه الموافقة بطلاناً نسبياً.
36- أما قضاء مجلس الدولة فقد جرى على أن ثبوت عدم موافقة الوزير المختص علـى اتفاق التحكيم يؤدي إلى بطلانه بطلاناً مطلقاً يتعلق بالنظام العام، وفي نطاق تطبيـق شرط موافقة الوزير من حيث الزمان، فقد اختلف الرأي في هذا الخصوص، فقد ذهب البعض، إلى أن هذا القيد لا يطبق بأثر رجعي، فلا يطبق إلا بالنسبة لاتفاق التحكـيم الذي تعقده جهة الإدارة بعد تاريخ بدء العمل بالقانون رقم 1997/9 سالف البيان.
وذلك تأسيساً على أن القاعدة القانونية التي تشترط موافقة الوزير على اتفاق التحكـيم تخاطب طرفي العقد، وليس لطرف أن يلقي عبء التأكد من موافقة الوزير المختص على الطرف الآخر، وأن موافقة الوزير المختص على شرط التحكيم في منازعـات العقود الادارية هي موافقة من النظام العام فلا يصح شرط التحكيم في تلك المنازعات إلا بوجودها، وبتخلفها يبطل الشرط بطلاناً متعلقاً بالنظام العام فيصير عدماً لا تنعقـد به ولاية أو اختصاص. كما قضت محكمة القضاء الإداري كـذلك بـأن اشـتراط موافقة الوزير المختص هو تحديد قانوني لمن تتوافر فيه صفة التـصرف بإمـضاء اتفاق التحكيم بالنسبة للعقود الإدارية، وأن جزاء عدم توافر الصفة القانونية المطلوبة هو عدم جواز الاتفاق، وبالتالي يكون الاتفاق الذي لم يوافق عليه الوزير المخـتص باطلاً.
37- وهذا الموقف لقضاء مجلس الدولة مفهوم في ضوء فتوى جمعيته العموميـة لقـسمي الفتوى والتشريع الصادرة بتاريخ 1997/2/19 بخصوص عدم جواز التحكـيم فـي منازعات العقود الإدارية، والظروف التي أحاطت بها والأسباب التي أقيمت عليهـا، كما أن هذا الموقف لم يتغير سواء بعد صدور قانون التحكيم الصادر بالقانون رقـم 1994/27، أو بعد إضافة الفقرة الثانية إلى المادة الأولى من القانون المذكور .
38- وفي تقديرنا أنه حتى مع ثبوت عدم موافقة الوزير على اتفاق التحكـيم فـي العقـود الإدارية، فإن ذلك لا يؤدي إلى الحكم ببطلان اتفاق التحكيم شرطاً كان أو مشارطة، وذلك طبقاً للرأي الغالب في الفقه، والمقرر في قضاء التحكيم الداخلي من أن الجهـة العامة هي المكلفة باستيفاء شرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم، ذلك أن تصور ثبوت عدم موافقة الوزير على اتفاق التحكيم لا يمكن أن يتحقق، إلا في أحـد فرضين لا ثالث لهما: في الفرض الأول: أن أمر اتفاق التحكيم لـم يعـرض علـى الوزير المختص إطلاقاً، وأنه ما كان ليوافق عليه بأي حال من الأحوال فيما لو كان قد عرض عليه، ومع ذلك فان الجهة العامة أدرجته في العقد دون علمه، والفـرض الثاني: أن اتفاق التحكيم قد عرض على الوزير المختص لأخذ موافقته، ولكنـه لـم يوافق عليه، ومع ذلك أدرجت الجهة العامة اتفاق التحكيم في العقد المبرم مع الطرف الآخر، ولا شك أنه في كلا الفرضين تكون الجهة العامة هي المخطئـة -إهمـالاً أو عمداً- سواء لأنها لم تعرض اتفاق التحكيم على الوزير المختص لأخذ موافقتـه، أو لأنها أدرجت اتفاق التحكيم في العقد على الرغم بعدم موافقة الوزير، وبعبارة أخرى، تكون الجهة العامة التابعة للوزير المختص هي المتسببة وحدها في عدم إستيفاء شرط موافقته على اتفاق التحكيم، ومن ثم لا يجوز لها أن تستفيد من خطئها، عملاً بالقاعدة الشرعية التي تقضي بأن من سعى في نقض ما تم من جهته فسعیه مردود عليه.
وفي تقديرنا كذلك، أن إدراج الجهة العامة شرط التحكيم في العقود المتعلقة بالمرافق العامة يفيد –من ناحية- الاستعاضة بشأنها عن القضاء صاحب الولاية العامة بهيئـة تحكيم ذات ولاية خاصة في شأن يتعلق بصميم الأداء العام الذي تقوم عليـه الدولـة والأشخاص العامة، وينفي –من الناحية الأخرى- إنطواء تلك العقود على الـشروط الاستثنائية غير المألوفة التي فرضت إخراج منازعات العقود الإدارية من اختصاص القضاء العادي وقصر الاختصاص بها على القضاء الإداري دون غيره". ومن هنا، فإن اتفاق جهة الإدارة على شرط التحكيم في العقود التي تبرمها مـع الغيـر بـشأن المرافق العامة يخلع عن هذه العقود طابع العقود الإدارية، بحيث تنضم إلـى زمـرة عقود القانون الخاص، فتخرج بذلك من نطاق تطبيق الفقرة الثانية من المادة الأولـى من قانون التحكيم، ويصبح الاتفاق على التحكيم بالنسبة لمنازعاتها طليقاً من شـرط موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه.
39- هذا هو الموقف بالنسبة لشرط موافقة الوزير المختص في منازعات التحكيم الداخلي، أما في منازعات التحكيم التجاري الدولي، فإن القاعدة المستقرة فـي فقـه وقـضاء التحكيم التجاري تقضي بأنه ليس للدولة أو الجهة العامة – في المنازعات التجاريـة الدولية – أن تستند إلى قيود تشريعية داخلية – حتى وإن كانت حقيقية – مـن أجـل التحلل من اتفاق تحكيم تكون قد أبرمته بشأن التجارة الدولية.
ثامناً- شرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم في الميزان:
أ- الغرض من اشتراط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكيم:
40- من الناحية الواقعية، أصدر المشرع القانون رقم 1997/9، بإضافة الفقرة الثانية للمادة الأولى من قانون التحكيم التي تشترط موافقـة الـوزير المختص أو مـن يـتـولى اختصاصه على اتفاق التحكيم في منازعات العقود الإدارية، حيث أقر فيها صـراحة بجواز إدراج اتفاق التحكيم في العقود الإدارية، وهو ما كانت تقضي به المادة الأولى ضمناً قبل تعديلها، وبذلك فإن الفقرة الثانية المضافة تلك لم تـأت بجديـد فـي هـذا الخصوص، بل إقتصر أثرها على مجرد إضافة شرط موافقة الوزير المخـتص، أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، على إتفاق التحكيم.
41- ومن الناحية التاريخية، نجد أن المشرع قد أصدر القانون رقم 1997/9 سابق الإشارة بعد أقل من شهرين فقط على حكم الدائرة (63) بمحكمة استئناف القاهرة في الدعوى رقم 113/64 بتاريخ 1997/3/19 بجواز إدراج اتفاق التحكيم في العقود الإدارية – وقد أراد المشرع من إضافة الفقرة الجديدة للمادة الأولى من قانون التحكيم إسترضاء فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلـس الدولـة الـصادرة فـي 1997/2/19 بعدم جواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية، هذا مـن ناحيـة، وإنهاء الخلاف حول مسألة جواز الاتفاق على التحكيم في العقود الإدارية – كما ظن البعض - من الناحية الأخرى. وبعبارة أخرى، جاءت إضافة فقرة ثانية إلى المـادة الأولى من قانون التحكيم التي كانت تقضي بجواز التحكيم في العقود الإدارية - كحل سياسي متسرع للتوفيق بين مذهب قضاء المحاكم العادية – صاحبة الولاية العامـة – بجواز التحكيم في العقود الإدارية، وفتوى مجلس الدولة المخالفة لذلك المذهب، وظن المشرع أنه بذلك قد أرضى جهتي القضاء العادي والإداري معاً، وذلك بتأييده صحة تطبيق محكمة استئناف القاهرة حكم المادة الأولى من قانون التحكيم بقضائها بجـواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية من ناحية، وإستجابته من الناحية الأخـرى - لفتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة التي رأت عدم جواز إدراج شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية، إلا إذا اسـتند ذلـك إلـى عمـل تشريعي أو تفويض جهة عامة ذات شأن للإذن به في أية حالة مخصوصة.
42- وفي تقديرنا، أن هذا الحل السياسي الذي جاء به القانون رقم 1997/9 بعد أقل مـن ثلاثة أشهر على صدور كل من فتوى مجلس الدولة وحكم محكمة استئناف القاهرة سالفي البيان، قد أصدره المشرع في عجلة من الأمر ونتيجة لذلك، لم يأت تعديل المادة الأولى من قانون التحكيم بجديد فيما يتعلق بجواز التحكيم في العقود الإداريـة، طبقاً للفقرة الأولى من المادة الأولى المذكورة – ومن ناحية أخرى، لم يحقـق ذلـك التعديل الغاية منه بشأن اشتراط موافقة الوزير المختص على اتفـاق التحكـيم، لأن السرعة التي تدخل بها المشرع سواء في إعـداد مـشـروع التعـديل أو إقـراره أو إصداره، قد أصابت التعديل الذي أدخله على المادة الأولى من قانون التحكيم بقصور شديد في البيان. وفتح الباب واسعاً للخلاف حول تفسيره وتطبيقه، بحيث فقـد ذلـك التعديل الجدوى منه، كما أضر بفرص الاستثمار الأجنبي.
ب- قصور نص الفقرة الثانية المضافة في البيان:
43- ان القراءة المتأنية لنص الفقرة الثانية المضافة بشأن اشتراط موافقة الوزير المخـتص أو من يتولى اختصاصه على اتفاق التحكيم في العقود الإدارية، لا بد من أن تكـشـف عما أصاب النص المذكور من قصور في البيان أفضى إلى الخلاف الحاد في تفسيره والصعوبة الشديدة في تطبيقه. ذلك أن هذا النص وقد اكتفى باشتراط موافقة الـوزير المذكور على اتفاق التحكيم، فإنه سكت بعد ذلك عن بيان ما هو لازم لفهمه وتطبيقه.
44- فقد سكت النص مثلاً، عن بيان ميقات صدور موافقة الوزير المختص، وما إذا كانت مطلوبة قبل نشوء النزاع أو بعده، أو قبل إبرام عقد الأساس أو بعده أو عند إدراجـه ضمن شروطه، كما لم يبين شكل هذه الموافقة، وهل يلـزم أن تكـون صـريحة أو ضمنية؟ وهل يجب أن تكون كتابة في صورة قرار فردي أم لائحة تنظيميـة؟ وهـل الكتابة شرط لوجود الموافقة أم لإثباتها؟ وهل يلزم توقيـع الـوزير أو مـن يتـولى اختصاصه على اتفاق التحكيم شرطاً أو مشارطة؟ ولم يحدد النص كذلك نصاباً قيمياً أو موضوعياً للعقود الإدارية التي يشترط للتحكيم فيها موافقة الوزير، فجاء اشـتراط موافقة الوزير المختص مطلقاً دون قيد أو معيار قيمي أو موضوعي، كذلك لم يـضـع النص المضاف جزاء على إبرام اتفاق التحكيم دون موافقة الوزير المختص. وهـل يترتب على ذلك بطلان اتفاق التحكيم أو عدم صحته أو عدم نفاذه أو مجرد مجـازاة الموظف المختص الذي أبرم اتفاق التحكيم دون الحصول على موافقة وزيره أو مـن يتولى اختصاصه؟ كذلك لم يحدد النص المضاف من هو المخاطب بحكمه أي المكلف باستيفاء موافقة الوزير المختص أو من يتولى إختصاصه على اتفاق التحكيم، هل هو الجهة الإدارية المتعاقدة أو الشخص (الطبيعي أو الإعتباري) المتعاقد معها، أم أن هذا النص يخاطب طرفي اتفاق التحكيم فيلقى عليهما معا الالتزام بالحصول على موافقـة الوزير المختص؟ ومن هو المكلف بإثبات عدم إستيفاء اتفاق التحكيم شـرط موافقـة الوزير في حال إنكار تحقق ذلك الشرط؟ كذلك خلا النص الجديد من تحديـد موعـد للدفع بعدم تحقق شرط موافقة الوزير، وهل يسقط الحق في هذا الدفع بعدم التمسك به في الميعاد المحدد؟ كما لم يفطن النص إلى القاعدة المستقرة فـي الفقـه والقـضاء التحكيمي الدولي، من حيث عدم تعويلهما على عدم استيفاء شـرط موافقـة الـوزير المختص على اتفاق التحكيم في منازعات العقود المتعلقة بالتجارة الدولية، وقـد أدى كل ذلك إلى اختلاف الرأي سواء في تفسير شرط موافقة الوزير المختص أو تطبيقه، الأمر الذي أفقده الكثير من جدواه بالنسبة الى التحكيم الداخلي بعد أن فقد أثـره فـي التحكيم التجاري الدولي.
ج- إختلاف الرأي بشأن إستيفاء شرط موافقة الوزير المختص:
أولاً- في التحكيم الداخلي:
45- وقد رأينا كيف ذهب الرأي الغالب في الفقه وقضاء هيئات التحكيم الداخلي إلـى أن الجهة العامة هي المكلفة بإستيفاء شرط موافقة الوزير المختص أو مـن يتـولى اختصاصه على اتفاق التحكيم في منازعات العقود الإدارية، وأنه في حالة عدم تحقق هذه الموافقة، فإن الجهة العامة وحدها هي التي تتحمل مسؤولية ذلك، ومن ثم لـيس لها التمسك بعدم استيفاء شرط موافقة الوزير المختص والاستفادة من خطئها.
46- كما رأينا أن القول بغير ذلك، يجعل الجهة العامة المتعاقدة – من الناحيـة العمليـة - صاحبة سلطة تقديرية مطلقة في الالتزام بشرط موافقة الوزير المختص على شـرط التحكيم أو عدمه، فيضحي التمسك بهذا الشرط مرهوناً بمشيئة الجهة المذكورة، بحيث إذا رأت التحلل من اتفاق تحكيم أبرمته أو الطعن بالبطلان في حكم تحكيم يكون فـي غير صالحها، فإنها تدفع عندئذ بعدم تحقق شرط موافقة الوزير المختص، وإلا فإنهـا تغض الطرف عن عدم تحقق هذا الشرط وتسكت عن إثارته، ما دام أنها رأت ذلك أو صدر حكم التحكيم لصالحها، على الرغم مما في ذلك من مخالفة لقصد المشرع مـن إضافة الشرط المذكور، وتناقضه مع مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقديـة، وموجبات الشرف في التعامل مع الغير. وفي تقديرنا أن شيئاً من كل ذلك لم يخطـر ببال المشرع عندما أراد حـلاً سياسياً للخـلاف بـين جهتـي القـضـاء العـادي والإداري بشأن مدى جواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية، ومن ثـم إلى إضافـة شرط موافقة الوزير المختص بموجب القانون رقـم 1997/9 سـالف البيان.
ثانياً- في التحكيم الدولي:
47- إذا اتجهنا صوب التحكيم التجاري الدولي، فإننا نجد أنه قد أصبح هو الطريقة المقبولة عالمياً Universellement admis لتسويـة منازعات عقود التجارة الدولية، فلم يعد المستثمر الأجنبي يقبل الدخول باستثماراته، إلا إذا تضمن العقد الذي يبرمه مع الدولة أو الجهة العامة في الدولة المستقبلة للاستثمار شرط التحكيم. ولعل خير دليل علـى ذلك هو قانون 1986/8/19 الذي صدر في فرنسا استجابة لإصرار الطرف الأجنبي على إدارج شرط تحكيم في عقده الخاص بمقاولة إنشاء مدينة يـورو ديزني لانـد الفرنسية Eurodisney Land .
48- وإذا كان التحكيم التجاري هو القاعدة في حسم منازعات عقود التجارة الدولية، فإنـه يجب الأخذ في الاعتبار كذلك، أن النظام الدولي لا يعرف التمييز بين عقود إداريـة وغيرها، فلا توجد فيه قواعد خاصة بالعقود المذكورة، كما لا توجـد جهـة دوليـة تختص بالفصل في تلك العقود، وبعبارة أخرى، فإن التحكيم في منازعـات التجـارة الدولية لا يميز بين عقود إدارية وعقود القانون الخاص، فإذا كان العقد يعتبر إدارياً - طبقاً للقانون الداخلي- إذا كانت الدولة أو أحد الأشخاص العامة طرفاً فيـه ويتعلـق بمرفق عام ويشتمل على شروط استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص، فإن الأمر يختلف عن ذلك في النظام الدولي، ذلك أن مجرد تدخل الدولـة فـي العلاقـة العقدية لا يكفي بذاته لخلع الصفة الإدارية على العقد، فإذا كان معيار التمييـز بـين العقد الإداري وغيره من العقود هو امتيازات السلطة العامة التي تتحلى بهـا الجهـة العامة المتعاقدة فتظهر في العقد باعتبارها الطرف المتميز Prééminent الذي يتمتع بإمتيازات السلطة العامة، فإن هذا التميز والأفضلية التي تتمتع بها الجهة العامة فـي عقودها الإدارية الداخلية تتضاءل بدرجة كبيرة بحيث تكاد تختفي في العقود الدوليـة التي تبرمها الجهة العامة، ففي هذه العقود الأخيرة تتخلى الدولة بصفة عامـة عـن ممارسة امتيازاتها كسلطة عامة، حتى وأن تعلق محل العقد بأحـد المرافـق العامـة بالمعنى المقصود في نظرية العقود الإدارية، وتضمن عقودها الدولية شروطاً متوازنة بين الطرفين تضعهما على قدم المساواة، وذلك نزولا على مقتضيات الـسوق التـي تفرض على الدولة، خصوصاً في تعاملها مع الأطراف الأجنبية، أن تتعاقد معها بذات الأساليب التي يتعاقد بها الأطراف في معاملات القانون الخاص، فالقول بالـشروط الاستثنائية غير المألوفة وسلطات الإدارة قد يمنع الشركات الأجنبية من إبرام العقـود الخاصة بمشروعات أو توريدات أو إنشاءات.. الخ تحتاج اليها الدولة، ومن ثم تنزل الدولة في هذه العقود إلى منزلة الطرف الأجنبي المتعاقد معها، فتتعامل معه على قدم المساواة التي تقوم على عدد من الشروط التعاقدية أخصها شروط التحكيم، التي تسمح بإخراج المنازعات من الاختصاص القضائي للدولة المتعاقدة، والشروط الخاصـة بالقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع والإجراءات التي تتيح إسباغ الـصفة الدولية على العقد، وشروط تثبيت القانون Freezing Clause التي تؤمن العقد مـن أي تعديل للتشريع الداخلي الخ، وبالتالي يصعب القول بالصفة الإدارية لعقـود من هذا النوع – هذا إن طبقنا المعايير الداخلية للتمييز بين العقـد الإداري وعقـود القانون الخاص. أما في النظام الدولي فلا يوجد هناك تمييز بين العقـود الإداريـة وعقود القانون الخاص إعتباراً بأن هذا التمييز يتناقض مـع مبـدأ سـلطان الإدارة . Pacta Sunt Servanda
49- وفي قضية Eurodesney استبعد مجلس الدولة الفرنسي إمكانية وجود عقود إداريـة يكون محلها عمليات تتعلق بالتجارة الدولية. كما لاحظ البعض – بحق – أن قـوانين الاستثمار في الدول المختلفة لا تكيف العقود المبرمة بين الدولـة وبـيـن الـشركات الأجنبية على أنها عقود إدارية، بل إنها تسعى إلى إبعاد عقود الدولة Les Contrats d'Etat عن نظرية العقد الإداري، وذلك بمضاعفة الضمانات التي توفرهـا لـصالح المتعاقد الأجنبي ومضاعفة الحدود التي تقيمها علـى سـلطاتها مـن أجـل جـذب المستثمرين .
50- وهكذا فقد استقر الفقه والقضاء التحكيمي الدولي على أنه طبقاً للنظام الـدولي لـيس للدولة أو للجهة العامة – الطرف في عقد من عقود التجارة الدولية – أن تتذرع بقيود تشريعية داخلية تخصها، سواء من أجل التحلل من اتفاق تحكيم أبرمته أو لعدم تنفيـذ حكم تحكيم دولي صدر ضدها. ويتبين من ذلك أن شرط موافقة الوزير المخـتص على اتفاق التحكيم معدوم الأثر بالنسبة للتحكيم في منازعات التجارة الدولية، وبالتالي لا يمثل في الواقع العملي سوى قيد على الأشخاص العامة في تعاقداتها الداخلية فقط، كما أن شرط موافقة الوزير المختص أو من يتولى إختصاصه على اتفاق التحكـيم لا تستلزمه الطبيعة الخاصة للعقد الإداري، بل أنه يبدو قيداً علـى حريـة الأشخاص العامة، وحجراً على أهليتها في التعاقد، وربما يجد أساسه المنطقي في الشك في كفاءة الأشخاص المذكورين وقدرتهم على التفـاوض فـي العقـود ذات الطـابـع الاقتصادي والدفاع عن حقوقهم أمام هيئات التحكيم .
51- ولا تفوت الإشارة إلى أنه على الرغم من الاعتراضات التي تواجه نقل فكـرة العق الإداري إلى نطاق عقود الدولة التجارية الدولية، يذهب اتجاه في الفقه فـي بعـض الدول العربية منها مصر إلى القول بعدم وجود تعارض بين الصفة الدولية لعقد مـا، وبين طبيعته الإدارية – وفي تقديرنا – أن هذا الاتجاه محل نظر، وذلـك لأن خلـع الصفة الإدارية على عقد ما، إنما يكون بتطبيق معايير القانون الـداخلي أو الـوطني الخاصة بتكييف العقد الإداري، بينما يتحدد الطابع الدولي للعقد على أسـاس مـعـايير القانون الدولي الخاص وأخصتها علاقة محل العقد بالتجارة الدولية، والنظام الدولي لا يعرف التمييز بين العقود الإدارية وغيرها من العقود، فليست هناك قواعـد قانونيـة دولية تخص العقود المعتبرة إدارية طبقا لمعايير القانون الداخلي أو الوطني، كمـا لا توجد جهات قضائية دولية تختص بنظر المنازعات الخاصة بتلك العقود، كما أن الفقه وقضاء التحكيم الدولي مستقران على عدم جواز تحلل الدولة أو الشخص العام مـن اتفاق التحكيم الذي أبرمته، وذلك عن طريق الاستناد إلى قيود تشريعية داخلية، حتى وإن كانت حقيقية، ولا شك في أن شرط موافقة الوزير المختص على اتفاق التحكـيم يعتبر من بين القيود التشريعية الداخلية على إبرام اتفاق التحكيم التي يمتنع التذرع بها للتحلل منه.
الخلاصة:
52- أن شرط موافقة الوزير المختص أو من يتـولى اختـصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة على اتفاق التحكيم في العقود الإدارية، الوارد في الفقرة الثانية مـن المادة الأولى من قانون التحكيم المصري هو شرط يصعب تطبيقه من الناحية العملية نتيجة للعيوب التي أصابت صياغة الفقرة الثانية المذكورة، لدرجة فتحت الباب واسعاً للاختلافات الكثيرة بشأن تفسيرها وشروط تطبيقها والأثر المترتب على عدم تحقـق شرط موافقة الوزير المختص، الأمر الذي كاد أن يفقده جدواه في التطبيـق العملـي نتيجة ما استقر عليه الرأي الغالب في الفقه والقضاء التحكيمـي، مـن أن المكلـف باستيفاء الشرط المذكور هو الجهة العامة، وليس الطرف المتعاقد معهـا، وأنهـا إذا تقاعست عن استيفاء هذا الشرط فإنها التي تتحمل مسؤولية ذلك وحدها، ولا يجوز لها الاستفادة من خطئها، ويضاف إلى ذلك ما سبق بيانه من أن ادراج شرط التحكيم في عقود الدولة الخاصة بالمرافق العامة يخلع عنها صفة العقود الإدارية، بحيث يكـون التحكيم فيها طليقا من شرط موافقة الوزير المختص. وكل ذلك من شـأنه أن يفقـد شرط موافقة الوزير المختص جدواه في حالة عدم تحققه، حيث لا يترتب على ذلـك التطبيق العملي الحكم ببطلان اتفاق التحكيم بدعوى عدم موافقة الوزير المخـتص عليه.
53- وإذا كان شرط موافقة الوزير المختص قد فقد جدواه أو كاد ذلك في منازعات التحكيم الداخلي، فإن عدم تحققه قد أصبح معدوم الأثر في منازعات التحكيم التجاري الدولي، عملاً بقاعدة عدم جواز استناد الدولة أو الشخص العام إلى قيود تشريعية داخليـة - ومنها شرط موافقة الوزير المختص- للتحلل من اتفاق التحكيم الذي أبرمته.
54- وإذا كانت الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم لم تحقق الغرض المقصود منها، وثبت عدم جدواها سواء بالنسبة للتحكيم الداخلي أو التحكيم التجاري الـدولي، فإننا لذلك نتفق تماما مع دعوة الأستاذ الدكتور أحمد القشيري إلى إلغائها، والنص بدلاً منها على أن: "بالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الإتفاق على التحكيم الوارد في العقد والموقع عليه من الطرفين صحيحاً وملزماً للجهة الإداريـة فـي مواجهـة الطرف الآخر دون حاجة إلى أي إجراءات لإثبات وجود أية موافقة سابقة". ونرى أن مثل هذا النص المقترح من شأنه تشجيع المستثمرين ورجـال الأعمـال الأجانب على الدخول باستثماراتهم إلى مصر والأطمئنـان للتعامـل مـع الجهـات الحكومية واختيار مصر مكاناً لإجراء التحكيم وتفادي اللجوء إلـى إقامـة دعـاوى تحكيمية ضد الحكومة المصرية في الخارج .