الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الإداري / المجلات العلمية / المجلة الجزائرية للتحكيم التجاري الدولي العدد الاول / التحكيم في مجال منازعات عقود الشراكة الدولية 

  • الاسم

    المجلة الجزائرية للتحكيم التجاري الدولي العدد الاول
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    31

التفاصيل طباعة نسخ

التحكيم في مجال منازعات عقود الشراكة الدولية 

Arbitration in the field of international partnership contract disputes.

ملخص

 يعد التحكيم وسيلة لفض النزاع في العقود بصفة عامة وعقود الشراكة الدولية بصفة خاصة، الأمر الذي ادى الى اللجوء اليه في الوقت الراهن لما يمتاز بمزايا سواء من حيث السرعة او الإجراءات التي تعود على طرفي النزاع وحسمها دون اللجوء الى القضاء، ولقد أضحى التحكيم في مجال عقود الشراكة الدولية الوسيلة المثلى لحل منازعاتها في مجال الاستثمار الذي ترتكز عليه اقتصاد اي دولة و مدى فعاليته في تحقيق التكامل والتوازن بين أطراف العقد.
Abstract

Arbitration is means of resolving the dispute in contracts in general and contracts of international partnership in particular resulting in advantages both in terms of speed and procedures that accrue to the parties to the conflict and resolve them without recourse to justice and arbitration in the area of international partnership contracts has become the ideal means of resolving their investment disputes that are underpinned by the economy and effectiveness in achieving complimentarily and balance between the parties to the contracts. Keywords: Arbitration; Disputes, International Partnership Contracts; International Dispute.

مقدمة

يعتبر الاستثمار من اهم ركائز التي يقوم عليها اقتصاد اي دولة من خلال ابرام عقود الشراكة سواء بين دولة ودولة أجنبية أو بين دولة ومستثمر أجنبي بغية تحقيق البنية الاقتصادية، فتقوم الدولة بإبرام العديد من عقود الشراكة على الصعيد الدولي وفق الاتفاقيات التي تنظم النظام القانوني لعقود الشراكة بين الدول او المستثمر الأجنبي من خلال تحديد بنود العقد و کیفیات ابرامها وطرق ابرام وتسوية منازعاتها سواء طرق التسوية الودية تتجلى أساسا في التحكيم والوساطة والصلح ،او اللجوء إلى القضاء ،ذلك أن عقود الشراكة الدولية تخضع في منازعاتها إلى وسيلة التحكيم في فض المنازعات الناشئة التي تكون في العقد أو في المستقبل الممكن. ان للتحكيم اهمية بالغة في فض النزاع الدولي في عقود الشراكة وبالنظر إلى الطبيعة القانونية الخاصة لهذا النوع من العقود من خلال اتفاق الأطراف في بنود العقد تحديد طريق لتسوية المنازعات اما بتحديد هيئة تحكمية لحماية مصالح الأطراف ، او اللجوء الى المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الاستثمار.

ذلك أن اللجوء الى التحكيم كطريق ودي لتسوية منازعات عقود الشراكة الدولية لما يمتاز به من السرعة في الاجراءات وتحقيق التوازن بين أطراف العقد ،كل هذا أدى إلى اللجوء اليه واستعانة به للفصل في المنازعات الناشئة بين أطراف العقد دون اللجوء الى القضاء .

 يهدف موضوع التحكيم في مجال منازعات عقود الشراكة الدولية إلى حماية مصالح الأطراف وتخوف المستثمر الأجنبي او الدولة الأخرى من عدم حياد الدولة لقضائها الداخلي ، على اعتبار تخلي الدولة عن جزء من سيادتها واللجوء الى التحكيم اما هيئة تحكيمية يتفق عليها أطراف العقد . وبالتالي فان التحكيم كوسيلة من الوسائل البديلة لحل منازعات عقود الشراكة الدولية من أهم مواضيع بالغة الأهمية في مجال عقود الشراكة الدولية ، الأمر الذي ادى الى طرح التساؤل التالي ما مدى نجاعة التحكيم في حل منازعات عقود الشراكة الدولية ؟ 

ذالك ان الاجابة على الاشكالية يستوجب الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي لتحليل النصوص القانونية وتحليلها والمقارن من خلال ذكر الأنظمة المقارنة في دراسة موضوع التحكيم .. فتم تقسيم البحث الى مبحثين يتناول الأول : مفهوم التحكيم في منازعات عقود الشراكة الدولية. أما المبحث الثاني تم التطرق فيه الى فعالية التحكيم في حل منازعات عقود الشراكة الدولي المبحث الأول: مفهوم التحكيم في منازعات عقود الشراكة الدولية أن الحديث عن التحكيم كوسيلة لفض منازعات عقود الشراكة بين الدول ومن أبرزها ، حيث أصبح شائعا ومضطرا في الوقت الراهن بمزاياه العديدة في معظم منازعات عقود الشراكة بصفة عامة عقود الشراكة بين الدول بصفة خاصة ،الأمر الذي يقضي بالتطرق الى التعريف بالتحكيم كطريق لحل منازعات عقود الشراكة الدولية .

(المطلب الأول)، مع بیان الطبيعة القانونية له (المطلب الثاني ). 

المطلب الأول : التعريف بالتحكيم في منازعات عقود الشراكة الدولية 

لما كان التحكيم دور اساسي في فض النزاع الدولي بصفة عامة وعقود الشراكة بين الدول ضرورة املتها قواعد السهولة والبساطة في الاجراءات والسرعة والسرية في فض النزاعات ، كان لابد من تناول الى تعريف به (الفرع الأول)، مع بيان شرط التحكيم في منازعات عقود الشراكة الدولية (الفرع الثاني). 

 الفرع الأول:تعريف التحكيم في عقود الشراكة الدولية

 يعد التحكيم وسيلة من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات في عقود الشراكة الدولية ،لما له من مزايا تجعل اللجوء اليه وتبعا لذلك فقد تعددت تعار يف التحكيم ، فعرف جانب من الفقه الى تعريف التحكيم على أنه:مجموعة من الأعمال الإجرائية المتتابعة ،تبدأ باختيار المتنازعين طرف محايد شخصا أو هيئة توكل له مهمة الفصل في النزاع بموجب

اتفاق بينهما على أن يقبل هذا الطرف ويتحرى واقع النزاع وقواعد القانون أو العدالة الواجبة التطبيق عليه وينتهي بحكم يجسد القانون أو العدالة .

.1 وعرف جانب اخر التحكيم على انه :انشاء عدالة خاصة تتم عن طريق سحب المنازعات من يد القضاء لتحل عن طريق محكمين مخولين بمهمة الحكم .

2 هذا وقد عرف التحكيم أيضا على أنه "طريقة أو نظام لفض المنازعات عن محكمين يختارهم الخصوم مباشرة او بأي طريقة أخرى يرتضون بها".

 وذهب جانب من الفقه الى تعريف التحكيم على أنه :"الاتفاق على طرح نزاع قائم او محتمل ، محدد او غير محدد ، على أشخاص معينين يسمون محكمين اليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة .

اما الفقه الفرنسي عرف التحكيم على انه مؤسسة خاصة للقضاء يتم بمقتضاها استبعاد المنازعات من اختصاص محاكم القانون العادية من الفصل فيها ، ويوكلون مهمة الفصل فيها الى أفراد محكمين لهم معرفة ودراية بموضوع النزاع. اما في الجزائر فقد قدم الفقه بعض التعريفات حول التحكيم ،فقد عرف الأستاذ سعيد لزهر بن سعيد التحكيم على انه "نظام قضائي خاص ،يختار فيه الأطراف و قضاتهم ،ويخولوهم بمقضي اتفاق مكتوب ، مهمة الفصل في المنازعات التي نشأت ،أو قد تنشأ بينهم بخصوص علاقتهم العقدية أو غير العقدية ، وفقا للمبادئ و أحكام القانون والعدالة ، بإصدار حکم ملزم يفصل في النزاع.

وعليه من خلال التعريفات السابقة للتحكيم باعتباره الوسيلة او الطريقة لفض المنازعات سواء في عقود التي تبرمها الدولة بصفة عامة وعقود الشراكة بين الدول بصفة الخاصة .

وبالتالي فان التحكيم يعتبر اتفاق بين طرفي عقد الشراكة المتمثلين في الشريك العام الدولة والشريك الخاص الدولة اخرى ،يهدف الى اتفاق الى تسوية منازعات بينهما أو امكانية حدوثه في المستقبل ، بحيث يتم عرضه على هيئة تحكيمية ويتم اختيارها من قبل طرفي النزاع بإرادتهما.

أما على المستوى القضائي فقد عرفت محكمة النقض المصرية التحكيم بأنه طريق لفض الخصومات ، قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية ، وعدم التقييد بإجراءات المرافعات أمام المحاكم بالأصول الأساسية بالتقاضي وعدم مخالفة ما نص عليه في باب التحكيم .

 هذا إلى جانب تناول المحكمة الدستورية العليا المصرية تعريف للتحكيم على أنه عرض نزاع معين بين طرفين على محكم ،يعين باختيارهما أو بتفويض منهما او على ضوء شروط يحددونها ..

الى جانب التعاريف الفقهية والقضائية للتحكيم ،فان المشرع سواء في الأنظمة المقارنة او الوطنية تناولت مسألة اعطاء تعريف محدد ومعين له .فلقد عرف المشرع الفرنسي التحكيم في المادة 1442 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي ، على انه اتفاق يتعهد بموجبه المتعاقدون على احالة النزاعات التي تنشأ عن العقد الى التحكيم. 

اما المشرع المصري عرف التحكيم من خلال المادة 10 من القانون رقم 27 لسنة 1994 المتضمن قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية التي نصت على اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء الى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية .

ويستخلص من التعاريف السابقة أن التحكيم يقوم على عنصريين أساسين وهما اختيار هيئة تحكيمية بإرادة أطراف النزاع الحرة بهدف فض النزاع ، وكذا قيام المحكم بإصدار حكم فاصل في النزاع المعروض عليه بحيث يكون هذا الحكم ملزم للطرفين . 

اما المشرع الجزائري من خلال قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم 08_09 قدم تعريف للتحكيم في القسم الثاني المتعلق باتفاق التحكيم من الباب الثاني المتعلق بالتحكيم ،فقد نصت المادة 1007 منه بقولها :"شرط التحكيم هو الاتفاق الذي يلتزم بموجبه الأطراف في عقد متصل بحقوق متاحة في مفهوم المادة 1006 اعلاه لعرض النزاعات التي قد تثار بشأن هذا العقد على التحكيم في الحقوق التي لا مطلق التصرف فيها .

امكانية اللجوء الى التحكيم في حالة ابرام عقود الشراكة الدولية وفق معاهدات واتفاقيات _ الى جانب اللجوء الى المركز الدولي لتسوية منازعات الدولية . ومن خلال التعريف السابق يستنتج أن المشرع الجزائري ساير منهج القانون المقارن _المشرع الفرنسي والمصري في تعريف التحكيم ودوره في المجال الاقتصادي .

 وفي هذا الاطار عرفت اللجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي للتحكيم في المادة 7 فقرة 1 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر سنة 1985،بأن اتفاق التحكيم هو اتفاق بين الطرفين على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض ما نشأ أو قد تنشأ بينهما من نزاعات بشان علاقة قانونية محددة ،سواء اكانت تعاقدية أم غير تعاقدية .

 المطلب الثاني : الطبيعة القانونية للتحكيم في عقود الشراكة الدولية .

يعد التحكيم من الوسائل الودية لتسوية المنازعات التي تثار في عقود الشراكة بين الدول او بين الدول والمستثمر الأجنبي ، دون اللجوء الى القضاء ، ويكون ذلك بناء على اتفاق بينهما ،أو باستعانة بهيئة محكمة تقوم بالفصل في النزاع المعروض عليها .

وفي هذا الاطار اختلف فقهاء القانون حول تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم ، این اتجه جانب من الفقه الى اعتباره ذو طبيعة عقدية (أولا) ، واتجه جانب آخر الى اعتبار ذو طبيعة قضائية (ثانيا ) ، وهناك من يرجح من الطبيعة المختلطة (ثالثا )

 أولا :التحكيم ذو طبيعة عقدية..

يري انصار هذا الاتجاه أن التحكيم يخضع لمبدأ سلطان الإرادة ،بمعنى يخضع يقوم على توافق ارادة أطراف النزاع في حل النزاع الى اللجوء اليه و قبولهم مسبقا سواء من خلال تشكيل المحكمة او المشتركة في تشكيلها مع تحمل الأعباء والأتعاب ، وكذا القانون الواجب التطبيق الاتفاقيات الدولية ويشكل القرار التحكيمي قرار المحكمة أو الهيئة التحكيمية قرار صادر عنها ولا يرتبط بنظام قضائي لتلك الدولة ، الى جانب ذلك لايتقيد القضاء الداخلي للدولة بتنفيذ ذلك القرار ويكون هذا الأخير ملزم لأطراف .

وبالتالي فان التحكيم مصدره الارادة المتطابقة لأطراف للعقد _عقود الشراكة بين الدول_التزام يقع على عاتق طرفين لللجوء اليه دون اللجوء الى القضاء مع السرعة في فصل المنازعات المثارة وتجنب الاجراءات المعقدة والطويلة ، بمعنى أخر آن اتفاق طرفين العقد اتفاق مختلف الإجراءات الواجب اتباعها وكذا القانون الواجب التطبيق على محل المنازعة سواء في اتفاقية أو معاهدة_كما لا يجوز التحكيم في المسائل المتعلقة بالنظام العام أو حالة الأشخاص وأهليتهم.

 ثانيا : التحكيم ذو طبيعة قضائية 

 يتجه انصار هذا الاتجاه إلى اعتبار اللجوء الى التحكيم بناء على اتفاق الأطراف بمثابة وظيفة قضائية هدفها الأساسي فصل النزاع وحماية حقوق المتنازع عليها وحسمها .غير أن هذا الاتجاه اختلفوا حول أساس الدور القضائي للتحكيم ، فذهب جانب منهم على اعتبار اساس تفويض جزء من سيادة الدولة عن طريق التشريع المنظم ،بمعنی تخويل اختصاص التحكيم جزء من اختصاص محاكم الدولة.

 اما اتجاه ثاني يستند إلى فكرة التفرقة بين التحكيم الدولي الخارجي والتحكيم الداخلي ويؤكد ان التحكيم الداخلي ما هو إلا قضاء الدولة ، في حين التحكيم الدولي يرون أن هذا النوع من التحكيم مستقل عن قضاء الدولة ولا صلة بينهما له نظام قانوني خاص من خلال اللجوء الى القضاء وتعيين محكمين للفصل في النزاع المعروض عليه .

 ثالثا : التحكيم ذو طبيعة مختلطة. 

يتجه أنصار هذا الاتجاه إلى اعتبار التحكيم يحمل صيغة تعاقدية من جهة وصيغة قضائية من جهة أخرى، من خلال وجود اتفاق ارادة الأطراف المتنازعة وتحديد هيئة أو عدة أشخاص القيام بالتحكيم من أجل الفصل في النزاع من جهة ووجود مختلف الإجراءات المتبعة وعمل المحكم دون اللجوء إلى القضاء. ويستخلص من هذه الاتجاه أن انها جاءت للتوفيق بين الاتجاهين السابقين من خلال تبين أهمية إرادة الأطراف المتنازعة لتشكيل محكم وإتباع إجراءات التقاضي .

  المبحث الثاني :فعالية التحكيم في حل منازعات عقود الشراكة الدولية. 

يعد التحكيم وسيلة أساسية لفض النزاعات التي قد تحدث بين طرفي عقد الشراكة الدولية ،ذلك أن مسالة اللجوء الى هذه الوسيلة لحل المنازعات المثارة في مجال عقود الشراكة بين الدول (المطلب الأول )، الى جانب تدخل جهة اخرى الفض النزاع الدولي يتمثل اساسا في المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (المطلب الثاني). | المطلب الأول : أسباب اللجوء الى التحكيم لحل منازعات عقود الشراكة الدولية. ان الحديث عن أسباب اللجوء الى التحكيم كوسيلة لحل منازعات عقود الشراكة الدولية ومدى اهميته في حلها وتتجلی هذه الأسباب أساسا في بساطة اجراءات التحكيم (أولا) ، الى جانب تخوف اطراف من عدم حياد قضاء احدى الدولتين من جهة ثانية (ثانيا ) ، مع بيان اهمية التحكيم في تحقيق التوازن بين مصلحة اطراف العقد (ثالثا).

أولا:بساطة اجراءات التحكيم

 يعتبر التحكيم وسيلة من الوسائل التي تلجا اليها الأطراف المتنازعة في عقود الشراكة بين الدول ،دون اللجوء الى القضاء وتجنب مختلف الاجراءات امام الجهات القضائية سواء من حيث المدة أو الآجال أو هيئة التحكيم ، الأمر الذي يؤدي الى سرعة اصدار حكم التحكيم .. الأمر الذي يفرض على المحكم أو المحكمين بالفصل في المنازعة المعارضة عليه في الزمن المحدد كأصل عام ، وتكون احكامه بحجية الشيء المقضي فيه حكم نهائي غير قابل لأي

طعن.

وبالتالي فان التحكيم هو وسيلة لفض منازعات عقود الشراكة الدولية لما يتميز به من سرعة وبساطة الاجراءات يتميز بالسرية في جلسات التحكيم غير العلانية ، التي تعد من أهم ما يتميز به التحكيم لاسيما عدم نشر احكامها العدم معرفة النزاعات الناشئة بين أطراف النزاع.

ثانيا : تخوف اطراف عقود الشراكة بين الدول من عدم حياد قضاء الدولتين

 ان تمتع الدولة بسيادتها تجعل مسألة تطبيق القضاء الوطني لتلك الدولة على الدولة المستضيفة راجع لعدة أسباب تتجلى أساسا في غياب نزاهة وحياد قضاء تلك الدولة من جهة ومشكلة مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تطبيقه بالشكل اللازم ،كل ذلك يؤدي الى تخوف الشريك الأخر من مصالحه الاقتصادية . الأمر الذي يؤدي إلى اللجوء الى التحكيم لحل منازعات عقود الشراكة الدولية من طرف الشريك الأجنبي الخاص الذي يكون شرط في العقد ويستبعد اللجوء الى قضاء الى الدوليتين ، الى جانب تخوف من ا اجراءات التقاضي الطويلة التي تهدد او تؤدي الى اضرار بمصالحه.

 ثالثا: أهمية التحكيم في تحقيق التوازن بين اطراف عقود الشراكة الدولية

 يعد التحكيم وسيلة لفض منازعات بين أطراف العقد من خلال اتفاق عليه في بنود العقد ، من خلال كونه يجعل كل طرف تقديم وجهات نظرهم وحججهم ومناقشتها مع المحكم في الوقت الكافي ، عكس القضاء . وفي هذا الاطار فان التحكيم اداة لتحقيق وتشجيع الاستثمار من خلال استثمار الشريك الخاص سواء كانت دولة او مستثمر اجنبي الى استثمار أمواله في تلك الدولة وفي المقابل يبحث عن ضمانات لاسيما اذا تعلق الأمر بمسالة فض النزاع باللجوء الى التحكيم كشرط من شروط العقد التسوية منازعات ممكنة في المستقبل .الأمر الذي تبنته اغلب التشريعات المقارنة _الفرنسية والمصرية فلقد تبنى المشرع الفرنسي هذه الفكرة من خلال تكريس التحكيم كضمانة التشجيع الاستثمار .

المطلب الثاني تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الشراكة الدولية .

 يعد التحكيم طريق من طرق التسوية الودية لحل منازعات عقود الشراكة بين الدول ،ويعد التحكيم الصادر عن المركز الدولي شكلا لتسوية منازعات عقود الشراكة الدولية ويتوفر ذلك من خلال وجود ارادة اطراف وفي هذه الحالة ينفرد المركز بتسوية النزاع القانوني الناشئ من خلال تطبيق اتفاقية الأمر الذي يؤدي الى التطرق الى الطبيعة القانونية للمركز الدولي (أولا)، مع بيان نطاق اختصاص هذا الأخير (ثانيا). 

أولا : الطبيعة القانونية للمركز الدولي لتسوية منازعات عقود الشراكة الدولية. 

يقوم المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الشراكة بالتحكيم والتوفيق بين مصالح الأطراف ،ويتم اتفاق على التنازل عن قضائها الوطني وتخلي عن جانب سيادتها و ضمانة للشريك الخاص الدولة أو المستثمر الأجنبي لتشجيع الاستثمار والبنية الاقتصادية . ولقد اعتبر المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الشراكة التي تكون بين الدولة والمستثمر الأجنبي تحكمها قواعد القانون الخاص .وعليه يستوجب الوقوف على تحديد اطراف النزاع ، مع تحديد طبيعة النزاع.

 1.تحديد اطراف النزاع امام المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الشراكة الدولية . لقد تضمنت اتفاقية واشنطن على أن يكون احد اطراف النزاع دولة تكون قد صادقت عليها مع وجود مواطن يحمل جنسية تلك دولة مصادقة على اتفاقية . اما عن الطبيعة القانونية للتحكيم للمركز الدولي تكون التبادلية ، الأمر الذي نصت عليه المادة 25 من اتفاقية واشنطن فقرتها الأولى على شرط الكتابة ،دون ورودها اجباريا بمجرد وجود توافق الارادة بين الأطراف .

 اما المشرع الجزائري فقد تناول شرط الكتابة من خلال المادة 1008 من قانون الاجراءات المدنية والإدارية والتي تنص بقولها :"يثبت شرط التحكيم ، تحت طائلة البطلان ،بالكتابة في الاتفاقية الأصلية او في الوثيقة التي تستند

اليها.

يجب أن يتضمن شرط التحكيم ، تحت طائلة البطلان تعيين المحكم او المحكمين ،أو تحديد كيفيات تعيينهم." ويستخلص من هذه المادة أن المشرع الجزائري اكد الزامية شرط كتابة التحكيم في العقد ، مع امكانية وجوب طعن بالبطلان. أما بالنسبة للمركز الدولي في مجال فصل في المنازعات الأطراف يشترط وجود اتفاق بينهما بغض النظر عن التصديق على اتفاقية واشنطن ،مما يستوجب أن تكون المصادقة مكتوبة.

2:تحديد المنازعات التي يختص بها المركز الدولي. 

لقد حددت المادة 25 من اتفاقية واشنطن على اختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار نطاق اختصاص التحديد نطاقه من خلال وجود استثمار كأساس لقيامه ، وان يكون قانونيا.دون التطرق الى تعريف الاستثمار ومدلول النزاع .لكن بغرض فتح المجال أمام اطراف العقد في تحديد العلاقة وعرضها على المركز الدولي لتسوية منازعاتهم. وفي هذا الاطار فقد حدد بعض الاتفاقيات مفهوم الاستثمار ولعل من أهم الاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر تتجلى أساسا اتفاقية تشجيع وضمان الاستثمار بين الدول اتحاد المغرب العربي لسنة 1990. 

این عرفت المادة 4 من اتفاقية الاستثمار على انه استخدام راس المال في احد المجالات المرسوم بها في بلدان اتحاد المغرب العربي. في حين عرفت المادة الأولى فقرتها السادسة من الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية على أن استثمار رؤوس المال العربي هو استخدام رأس المال العربي في احدى مجالات التنمية الاقتصادية بهدف تحقيق عائد في اقليم دولة طرف غير دولة جنسية المستثمر العربي أو تحويلها لذلك الغرض وفقا لأحكام هذه الاتفاقية.

ثانيا :نطاق اختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الشراكة الدولية. 

تتحدد مجال اختصاص المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الشراكة الدولية من خلال اتفاقيات لاسيما التي ابرمت او صادقت عليها الجزائر و ادراجها للتحكيم للمركز الدولي ، على الرغم من مصادقة الجزائر على اتفاقية واشنطن متأخرة ، لعل من أهم اتفاقيات التي صادقت تتجلی اساسا في اتفاقية المبرمة بين الجزائر واسبانيا والمتعلقة بالترقية والحماية الترقية المتبادلة للاستثمارات الموقعة في مدريد بتاريخ 1994/11/23

.

خاتمة :

ما يمكن قوله في الختام أن التحكيم كطريق ودي لحل منازعات عقود الشراكة الدولية لما يقوم به من دور كبير في تحقيق التوازن بين أطراف العقد ، وتشجيع الاستثمار التي يعتمد عليه اقتصاد اي دولة بالإضافة إلى توفير كافة ضمانات المستثمر الأجنبي ، باعتبار الطبيعة الخاصة لعقود الشراكة الدولية وتعدد اطرافها ، فمن ضروري توضيح وبيان وسائل قانونية لتسوية المنازعات الناشئة عن عقود الشراكة الدولية ومدى فعالية اليات تسويتها. فمن خلال البحث تم التوصل الى جملة من النتائج تتجلی أساسا في:

 - التحكيم وسيلة بديلة ومثلي في تسوية منازعات عقود الشراكة الدولية لما يمتاز به من سرعة في الاجراءات لحماية مصالح وحقوق اطراف العقد.

 - الطبيعة القانونية المختلطة للتحكيم تجعل شرط الاتفاق والإرادة اساس تحديد جهة او هيئة المختصة بالفصل في نزاعات .

-يختص المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار بالفصل في منازعات الدولة والمستثمر الأجنبي او الدولة المستضيفة.

لضمان فصل المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الاستثمار ضرورة توافر شرطي الارادة الاتفاق والعمل القانوني الذي يخول نطاق اختصاصه.

 - المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار هيئة دولية تختص بالفصل منازعات الاستثمار الناشئة بين الدول ورعايا الدول الأخرى وتسويتها. 

-ان مصادقة على اتفاقية واشنطن اجراء لتسهيل الفصل وتسوية المنازعات الناشئة بين الدول والدول او المستثمر الأجنبي. 

-ان الهدف من المركز هو تحقيق المساواة وإيجاد تسوية النزاع القائم بين طرفي العقد.

-القانون الواجب التطبيق هو قانون ارادة والأطراف.

- ان المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار يشكل ضمانة من  لضمانات الدولية القانونية لحماية كل من الدولة المضيفة والمستثمر الأجنبي.

-يصدر عن الهيئة التحكمية حكم تحكيمي نهائي ،يتمتع بقوة الشيء المقضي فيه.

 كما تم التوصل إلى جملة من التوصيات:

 -على المتعاقدين في عقود الشراكة الدولية اللجوء الى التحكيم وتضمينه في بنود العقد.

 - اللجوء الى التحكيم من خلال اختيار هيئة تتميز بالحياد والنزاهة وسرعة الاجراءات لضمان مصالح الاطراف .

- الى اللجوء الى المركز الدولي لتسوية منازعات عقود الاستثمار يترتب عنه تنازل الدول على جزء من سيادتها

-القضاء امر بغاية اهمية بغية تشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية الاقتصادية.