الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الإداري / المجلات العلمية / مجلة التحكيم من آكت لحل النزاعات - العدد الأول / جائحة كورونا ونزاعات عقود العمل واالايجار في فلسطين

  • الاسم

    مجلة التحكيم من آكت لحل النزاعات - العدد الأول
  • تاريخ النشر

    2020-01-01
  • عدد الصفحات

    51
  • رقم الصفحة

    21

التفاصيل طباعة نسخ

عقود العمل

وضع قانون العمل رقم )7 )لسنة 2000 تنظيما قانونيا لعقود العمل المختلفة؛ محددة المدة وغير محددة الـمـدة، وكذلك العمل المؤقت والموسمي والعارض. واعتبرت المادة )6 )من هذا القانون أن القواعد الواردة فيه بشأن حقوق العمال هي الحد الادنى، لا يجوز االتفاق على مخالفتها، وأن أي نظام، تشريعي، أو اللائحي أو عقدي، يمنح العامل حقوقا أفضل من تلك الواردة في القانون، تكون له الاولوية في التطبيق. لم يعالج القانون أثر القوة القاهرة والظروف الطارئة المستجدة على التزامات طرفي عالقة العمل، ما يستدعي البحث عما إذا كان هناك تنظيم خاص لهذه المسألة في لوائح ُ المنشآت واتفاقيات العمل الجماعية، وأعراف وتقاليد المنشآت، فإن وجد تنظيم وكان أفضل للعامل من الاحكام العامة في القانون المدني مجلة الاحكام العدلية والنصوص ذات الصلة في قانون العمل، وبشكل الخاص المواد المتصلة بإنهاء عقد العمل الفردي، فيتم تطبيقه على الاتزامات المتبادلة بين الطرفين سندا للمادة )6 )المذكورة، كون ذلك يعزز من القواعد الحمائية للعمال، بوصفهم الطرف الضعيف في العالقة القانونية. أما في حالة خلو لوائح المنشأة وأعرافها من تنظيم لهذه الحالة، وأيضا في غياب اتفاقات العمل الجماعية، فإننا، نكون عندئذٍ بصدد فجوة تشريعية تستكمل من خالل الرجوع إلى القواعد العامة في مجلة األحكام العدلية ومبادئ القانون المدني المقارن بما ال يخالف قانون العمل لسنة 2000( عند تأكد عدم وجود لوائح وأعراف في المنشأة أفضل للعام . وعليه، ال نتفق مع من يقول بإعمال حكم المادة )38 )من قانون العمل على المنازعات العمالية الناشئة عن التدابير الحكومية التي رافقت جهود مكافحة وباء كوفيد 19؛ ألن هذه المادة تعالج حالة اغالق المنشأة بقرار إداري الرتكابها مخالفة ألحكام قانون العمل والتشريعات السارية، دون مد حكمها إلى أي اغالق آخر بقرار حكومي؛ كاإلغالق الذي رافق جائحة كورونا والذي لم يكن للمنشآت يد فيه، وذلك بداللة المادة 133 من قانون العمل، والتي تمنح ً وزير العمل سلطة إغالق المنشأة كليا ً أو جزئيا حال مخالفة صاحب العمل أحكام الفصل الرابع من الباب الخامس )قواعد السالمة والصحة المهنية( واألنظمة الصادرة بمقتضى هذا الفصل، أو إيقاف أية آلة في المنشأة إلى أن يزيل صاحب العمل المخالفة. بناء عليه، يكون االتفاق الحاصل بين ممثلي العمال وأصحاب العمل بإشراف وزارة العمل بدفع نصف أجور العمال عن شهرين )آذار ونيسان( باطال لمخالفته المادة ذاتها )38 )على فرض انطباقها، وفقا لما قد يراه البعض، إلخضاع هذا االتفاق جميع عقود العمل لذات الحكم دون تمييز بين العمال الذين نفذوا التزاماتهم بشكل كامل، وبين غيرهم من قام بعمل جزئي أو بمن لم يقم أصلا بأي عمل، ما ينتهك القواعد الحمائية التي جاء بها قانون العمل. كما قد يدفع هذا الاتفاق أصحاب العمل إلى انهاء عقود عمل وفقا للمادة )41 )من قانون العمل بإخطار وزارة العمل إن لحق منشآتهم خسارة استدعت تقليص عدد العمال، أو عند لجوء صاحب العمل إلعادة هيكلة منشأته إداريا وماليا بسبب الخسارة التي لحقته. وعليه، ولما كانت المادة )38 )مستبعدة التطبيق، برأينا، لا يكون هناك من خيار الا الرجوع إلى القواعد العامة، والتي نعتقد أنها ال تقدم حلوال مناسبة، وتتنوع إزاءها الفروض.

فقد يشكل الوباء وعدواه والقرارات الحكومية المتخذة لمجابهته بالنسبة لبعض المنشآت قوة قاهرة، وقد تشكل للبعض اآلخر ظرفا طارئا، وأحيانا قد تخضع المنشأة الواحدة لقواعد القوة القاهرة والظروف الطارئة في آن معا وفقا للظروف والمعطيات. فمثال القوة القاهرة في صورة استحالة وقتية لتنفيذ االلتزام بفعل اإلجراءات والتدابير المفروضة من السلطة العامة، والتي هي واجبة التنفيذ ومستحيلة التوقع وقت التعاقد ومستحيلة الدفع وقت الوقوع، لمواجهة واقعة مادية تشكل سببا أجنبيا ال يد لألطراف المتعاقدة فيه، يترتب عليها وقف تنفيذ الاتزام إلى حين زوال القوة القاهرة )وقف العمل، وفي المقابل وقف دفع الاجر.

أما إذا كانت طبيعة العمل ومقصوده يقتضيان تنفيذه في فترة زمنية محددة فقط )فترة االغالق القسري( وحالت هذه التدابير دون قيام العامل بتأديته، فنكون عندها إزاء حالة من االستحالة الكلية للتنفيذ ما يؤدي إلى انفساخ العقد بقوة القانون. أيضا، المنشآت التي واصلت عملها لكن تأثرت اقتصاديا بحيث أصبح تنفيذها اللتزاماتها مرهقا فيمكن أن تخضع معامالتها ألحكام الظروف الطارئة فقط )رد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول بعد الموازنة بين مصالح الفرقاء تحمل الخسارة من الطرفين( باالستناد للقواعد العامة في المجلة؛ كقاعدة المشقة تجلب التيسير )المادة 17 ،)واألمر إذا ضاق اتسع )المادة 18 ،)والضرر يدفع قدر اإلمكان )المادة 31 ،)والحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة أو خاصة )المادة 32 .)أما المنشآت التي واصلت عملها ولم تتضرر ماليا، فال تخضع ألحكام القوة القاهرة وال الظرف الطارئ، ويبقى الحال كما كان عليه من قبل ظهور الجائحة.

هذا لكن تبقى الاشكالية في خلو مجلة األحكام العدلية من نص يحظر االتفاق على خالف قواعد نظرية الطروف الطارئة، كما فعلت القوانين المدنية المقارنة. ما يعني، أن اعمال أحكام المادة 41 من قانون العمل من طرف أصحاب العمل أمر متوقع، وهو ما تومئ به قواعد العذر الطارئ في المجلة والفقه الحنفي بشكل عام أيضا، ما ينتج عنه وقوع خسارة مركبة لاقتصاد الوطني؛ للمشغلين والعمال، وبالتالي القوة الشرائية في السوق ما يؤدي إلى انكماش في الاقتصاد، ومن ثم كساد، وخلق آثار اجتماعية واقتصادية سيئة.

لما سبق، يكون الحل األنسب لمواجهة آثار جائحة كورونا، وغيرها من صور القوة القاهرة حال وقوعها مستقبال، على عقود العمل أن تبادر الحكومة إلى أحد خيارين: اصدار قرار بقانون يوزع الاعباء بين أصحاب العمل والعمال والدولة على شاكلة أمر الدفاع رقم )6 )الذي أصدره رئيس الحكومة الاردنية بتاريخ 8/4/2020 ،أو ترتيب اتفاق عمل جماعي على المستوى الوطني بين اتحاد أصحاب العمل واتحاد نقابات العمال، بإشراف وزارة العمل، على أن يكون إطارا مرجعيا ملزما ألطرافه لالستجابة ألي قوة قاهرة تحدث خالل مدة سريانه )3 سنوات على األقل وفقا للمادة 56 من قانون العمل.

وبخالف ذلك سنواجه مشكالت اقتصادية كبيرة. فإن كان يمكن للشركات الكبيرة تحمل الوضع القائم لفترة إضافية، ولو محدودة، فإن الحال ليس كذلك بالنسبة للمشاريع الفردية والشركات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة، والتي تشكل الغالبية العظمي من المنشآت الاقتصادية العاملة في البلاد، والتي تشكل رافعة الاقتصاد الوطني.

عقود الايجار:

تعاني تشريعات إيجار العقارات في األراضي الفلسطينية المحتلة من قصور ففي الضفة تشريعي وعلة عدم التوحيد بين الضفة الغربية وقطاع غزةالغربية، تخضع عقود إيجار العقارات لنظامين قانونيين مختلفين: في قطاع غزة، يطبق على إيجار المساكن الواقعة ضمن حدود البلديات ومراكز المدن قانون تقييد إيجارات )دور السكن( رقم 44 لسنة 1940 وتعديالته. ويطبق قانون تقييد إيجارات العقارات التجارية رقم )6 )لسنة 1941 وتعديالته على عقود إيجار العقارات التجارية داخـل حـدود البلديات والمجالس المحلية.

ويتمتع المستأجر وفقا لذلك بالحماية القانونية استنادا لفكرة االمتداد القانوني لعقد الايجار، بحيث يمتنع على المؤجر طلب إخالئه من المأجور بعد انقضاء مدة العقد إلا في األحوال المبينة في المادة )4 )من هذا القانون، والتي تتشابه مع حاالت اإلخالء الواردة في المادة )4 )من قانون الملكين والمستأجرين لسنة 1953 ُ وتعديالته الساري في الضفة الغربية.

في حين يطبق القانون المدني الصادر عن الحكومة المقالة رقم )4 )لسنة 2012 على العقارات والمنقوالت التي ال يشملها نطاق القانون رقم 44 لسنة 1940 المذكور، وبشكل خاص الباب الثاني من هذا القانون، ُ والذي يخضع العقد لمبدأ حرية التعاقد، بحيث ينتهي العقد بانتهاء مدته من حيث الاصل.

ويقرر قانون تقييد ايجارات دور السكن المذكور مبدأ االمتداد القانوني للعقد، كما الحال في قانون المالكين والمستأجرين الساري في الضفة الغربية، بحيث يمتنع على المؤجر إخالء المستأجر، أو أرملته أو أفراد أسرته الذين كانوا يقيمون معه في المسكن وقت وفاته، إلا في الحالات المحددة في المادة )8 )من القانون، والتي تشابه الحالات المحصورة في المادة )4 )من قانون المالكين والمستأجرين لسنة 1953 .وكان القانون ينص على تشكيل محاكم خاصة للنظر في نزاعات الايجارات، وتقدير األجرة وتحديد بدل االيجار القياسي )الاصلي(، ويحظر زيادة الاجرة إال بناء على تحسينات أو تغييرات أجراها المؤجر على المسكن، وبما لا يزيد على %15 سنويا من قيمة المصروفات، وحال الاتفاق بيت ُ المتعاقدين على زيادة الاجرة بعد سريان القانون، ال يلزم المستأجر بدفعها إذا كانت غير معقولة، وتخل بمبدأ الحماية للمستأجر. للمزيد راجع، محمود دودين، الاطار القانوني للمساكن في فلسطين المحتلة: دراسة تحليلية، معهد ماس، رام الله، 2014 .بالاضافة لقانون المالكين والمستأجرين للعقارات الوقفية لسنة 1964 )ينطبق على أراضي الوقف، ويقوم على فكرة لزوم أن ال تقل الاجرة عن أجرة المثل، وعدم اخضاع أراضي الوقف المستأجرة لقانون المالكين والمستأجرين لسنة 1953.

 -1 )فتطبق مجلة األحكام العدلية على عقود إيجار العقارات بجميع تصنيفاتها وأغراضها الواقعة خارج حدود المجالس البلدية والمحلية، والعقارات غير التجارية وبيوت السكن الواقعة داخل حدود البلديات والمجالس المحلية )مثل الاراضـي الزراعية( وعلى السنة العقدية األولى من عقود إيجار العقارات التجارية والسكنية الواقعة ضمن حدود البلديات والمجالس المحلي.

 -2ُفي حين يطبق قانون المالكين والمستأجرين رقم )62 )لسنة 1953 على عقود إيجار العقارات التجارية والسكنية الواقعة ضمن حدود البلديات والمجالس المحلية بعد السنة العقدية األولــى. باإلضافة لذلك، استقر اجتهاد المحاكم على إخضاع عقود إيجار العقارات كافة، باستثناء الزراعية منها، والواقعة داخل حدود الهيئات المحلية لقانون المالكين والمستأجرين على الرغم من عدم تحقق غرض التجارة أو السكن فيها )مثل عقود إيجار الجمعيات، النقابات، مكاتب المحامين، األطباء، المهندسين...الخ(. في ظل التدابير واإلجــراءات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية وأجهزتها لمواجهة وبـاء كوفيد 19؛ وإعـلان حالة الطوارئ، وما نجم عنها من تقييد لحرية الحركة والتنقل، واغالق عديد من المنشآت، وفقدان أو انخفاض دخل المستأجرين، يثور التساؤل حول كيفية تعامل المحاكم مع نزاعات عدم دفع الاجرة في عقود االيجار الصحيحة اللازمة؟ في البداية، تجيز المادة )443 )من مجلة الاحكام العدلية والمذهب الحنفي عموما، للمستأجر فسخ الايجار بالعذر الخاص، ما يعني جواز الفسخ باألعذار العامة الطارئة من باب أولى حال تعذر استيفاء المنفعة.

وينطبق هذا الحكم على العقود الخاضعة للمجلة وتلك الخاضعة لقانون المالكين والمستأجرين، مع مالحظة أن الدعوى في العقارات المؤجرة الخاضعة لهذا القانون تكون دعوى فسخ خالل السنة العقدية األولى، وتطبقها عليها القواعد الموضوعية في المجلة، وتكون خاضعة لالختصاص القيمي للمحاكم. أما بعد انتهاء السنة العقدية األولى، فتكوت دعوى اخلاء، وتختص بها محكمة الصلح نوعيا، وتطبق عليها أحكام قانون المالكين والمستأجرين )فترة الامتداد القانوني للعقد( ما يعني لا تسمع دعوى الاخلاء إلا بعد توجيه اخطار عدلي للمستأجر ومرور 30 يوما على تبلغه دون قيامه بدفع الاجرة. أما إذا لم يمارس المستأجر حق الفسخ أو ترك المأجور، فيتم التفريق بين فرضين: األول( استمرار المستأجر في اشغال المأجور باستيفاء المنفعة المقصودة منه؛ لعدم شموله بتدابير االغـاق، فهنا يبقى ملتزما بدفع الاجـرة المستحقة عليه، وال يقبل منه أي دفع متعلق بانحسار مبيعاته أو بكساد تجارته )المادة 479 من المجلة( ما لم يكن ذلك عائدا للجائحة والتدابير المتخذة بشأنها فحسب، فهنا يمكن تخفيض الاجــرة بقدر ما نقص من استغلال المنفعة مقيسا على الاحوال السابقة على نشأة الجائحة وتدابيرها.

في المقابل، يحق للقاضي، في هذه الحالة، امهال المستأجر لدفع األجرة )نظرة الميسرة( ورفض طلب المؤجر فسخ العقد )في حالة المجلة( أو اخالء المأجور )في حالة قانون المالكين والمستأجرين، ولو مضت مدة الاخطار بالدفع(، إذا تبين أن تدابير االغـاق ستزول بعد فترة معقولة، وطالما لا يتضرر المؤجر كثيرا من هذا االمهال. الثاني( عدم مقدرة المستأجر على استيفاء المنفعة، كليا أو جزئيا، بسبب شموله بتدابير الاغلاق؛ وهنا يتم التفريق بين أمرين:

أ- ثبوت اغالق المأجور بشكل كامل بسبب الاجـراءات والتدابير الحكومية المتخذة، وهنا تسقط الاجرة كليا عن المستأجر طيلة فترة االغالق الكلي؛ حيث لا تلزم الاجرة إلا باستيفاء المنفعة، أو بالقدرة على استيفائها، فصحيح أن المؤجر وضع المأجور تحت تصرف المستأجر الا أنه في المقابل يستحيل على المستأجر استيفاء المنفعة بسبب قرار السلطة العامة بالاغلاق المؤقت. وكل ما يستطيع المؤجر طلبه في هذا الفرض هو استيفاء مبلغ مالي عادل، يتم تقديره وفق ظروف كل نزاع على حده، مقابل ما انتفع به المستأجر، واألخير لم ينتفع إلا بالمحافظة على موجودات المأجور بتخزينها في المحل المأجور بثبوت اغلاق المأجور جزئيا، سواء من حيث مساحة المأجور أو زمن الانتفاع، وهنا يتم تخفيض الاجـرة على المستأجر بقدر ما نقص من المنفعة. أما إذا ثبت أن اغالق المنشأة كان بسبب مخالفة المستأجر للتدابير والتشريعات )كالمخالفات المتصلة بشروط الصحة والسالمة وفقا لقانون حماية المستهلك مثال( فيظل المستأجر ملتزما بالوفاء بالاجرة طيلة فترة االغلق ألا أن ما حدث كان بخطأ منه لا بتدابير الاغلاق بأمر من السلطات العامة. أيضا، يبقى المستأجرون لعقارات سكنية ملتزمون بدفع بـدلات الايجار المتفق عليها، طالما تم اشغالها، أو كان بإمكان المستأجر إشغالها الا أنه لم يفعل، ولا يمكن لهؤلاء المستأجرين الاستفادة من الظرف الحالي بتخفيض الاجـرة، لكن لهم طلب مهلة قضائية للدفع، في الدعوى، إذا ثبت تراجع مداخليهم كثيرا بسبب الجائحة، ولم يثبت لحوق المؤجر ضررا أشد من جراء تأخير الدفع.