التحكيم / المميزات العامة للتحكيم التجاري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / أهمية التحكيم في التجارة الدولية
لقد أملت الضرورات الاقتصادية والصناعية أحكامها في التعاملات الدولية بين كافة الدول. وتبلورت مفاهيم التجارة الدولية واتضح اختلافها عن المفاهيم المحلية. وأصبحت المفاهيم المحلية بالتالي مصدر قلق لتدفق التجارة الدولية وانسيابية حركتها في شرايين العالم الذي أصبح أشـد اتصالاً وأكثر ارتباطاً والذي ستحكمه اتفاقية الجات وغيرها قريباً.
فالقضاء الوطني لم يعد له القدرة على التصدي لفض منازعات التجارة الدولية بالكفاءة والمقدرة والحسم اللازم لأنه مقيد بالقواعد الجامدة المحلية التي تختلف من دولة لأخرى اختلافا تاما من شأنه عرقلة التجارة الدولية عند النزاع.
أصبح التحكيم الدولي قضاءً أصيلا للتجارة الدولية نتيجة للتطور العالمي الحالي.
وتتبـؤ مـصـر شيئاً فشيئاً مركزا تجارياً مرموقاً فتكثر فيهـا الأنشطة التجاريـة وعقـود التكنولوجيا ويزداد إنضمامها إلى اتفاقيات دولية أخرى عديدة كل ذلك فتح الضوء الأخضـر أمـام التحكيم التجاري الدولي في مصر فأصبح يطل من جديد بعزم واضح.
والملاحظ في مجال التجارة الدولية أنه قلمـا يـخلـو عـقـد مـن شـرط على التحكيم وجاءت منظمات دولية عديدة – وفي مقدمتها غرفة التجارة الدولية بباريس – وغيرها – لتضع في خدمة التجار والمنشأت التجارية أنظمة للتحكيم وجهات للاشراف عليه كما أبرمت جملة اتفاقيات دولية لتوحيد قواعده، حتى سار التحكيم التجاري الدولي من مظاهر الفكر القانوني الحديث وأداة لتنشيط التجارة الدولية كما سنرى فيما بعد.
ويتميز التحكيم الدولي بالمرونة، حيث يستطيع الأطراف اختيار المحكم أو المحكميـن مـن بين الأشخاص الأكثر مقدرة وكفاءة على حل منازعاتهم وعلى أساس اجراءات تنفق وظروف هذه المنازعات بل ان هؤلاء الأطراف يستطيعون أن يخولوا هيئة التحكيـم سلطة الفصـل دون التقيد بقواعد قانونية محددة.
فالتحكيم اذن بما يتوافر له من مقومات المرونة يقدم لنا نوعا من الحلول الدولية يتطلع اليها ويأمل في وجودها المعنيون بأمور التجارة الدولية فالمحكم يبحث في القانون الذي يفض النزاع على مقتضاه دون التقيد بالمنهج التقليدي لقواعد تنازع القوانين المرتبطة بنظام قانوني محدد حيـث ينتهي الأمر باعمالها الى تطبيق قانون معين وضع أساسا، وفي الغالب، لتلبية حاجات ومصالح داخلية. فالمحكم، بعد دراسة متأنية لمختلف عناصر النزاع ولكافة الظروف المحيطـة بـه يستطيع أن يحدد القواعد القانونية الموضوعية المناسبة.
ومن ناحية أخرى فان تطبيق قانون القاضي على الجانب الاجرائي للنزاع والميل لتطبيقه، كلما سمحت الفرصة على الجانب الموضوعي، علاوة على تأثيره في مجال التكييف الدولي وكذا الحالات التي تنتهي الى تطبيقه اعمالا للدفع بالنظام العام، كل هذه الاعتبارات تشكل ثقلا للعنصر الوطني – الغير حقيقى أحيانا – مما يخل بتكافؤ فرص اقتضاء العدالة بين أطراف النزاع.
هذا النجاح الذي حققه أسلوب التحكيم في مجال التجارة الدولية لا يعني أن هذا الأسلوب يخلو من نقاط الضعف فما زالت جوانبه المختلفة ومـا تطـرحـة مـن مشكلات قانونية تنجذب لهـا أقلام الفقهاء وتتناولها أحكام القضاء وتنشط لتدارسها وتضع الحلول الملائمة لها المنظمات الدولية ومراكز التحكيم. ولعل من أهم المسائل التي حظيت في هذا المجـال بعناية ملحوظة هي ، مسألة اتفاق التحكيم" الذي يبدأ به كل شئ في التحكيم.