الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم التجاري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / تعريف التحكيم التجاري  في قانون التحكيم المصري الجديد

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    173

التفاصيل طباعة نسخ

تعريف التحكيم التجاري  في قانون التحكيم المصري الجديد

   مصطلح التجارية أثار ويثير معناه الكثير من النقاش الفقهى والعملي خاصة اذا أخدنا في الاعتبـار التقسيم التقليدي لبعـض النظـم القانونية، الـى مـا يـسـمـى بـدول القانون المدنـي "Civil Law" مثل فرنسا وكذلك مصر، ودول الشريعة العامة "Common Law" مثل بريطانيا. فالمعاملات المدنية بالمعنى الواسع في النظام الأول موزعـة بيـن أحكام القانون المدني والقانون التجاري. وعليه، هناك أحكـام خـاصـة بالمعاملات التجارية والتجـار تخضع للقانون التجاري، عن الأحكام العامة المطبقة على المعاملات الأخرى والأشخاص الآخرين، وتخضع للقانون المدني. في حين أن مثل هذه التفرقة غير معروفة في دول الشريعة العامة، حيث تخضع جميع المعاملات والأشخاص لنوع واحد من الأحكام دون تفرقة. وكما أن كثيرا مـن الـدول نهجت نهج الشريعة العامة، فان كثيرا غيرها تتبع نظام القانون المدني حيث يوجد فيها قانونان: مدنی وتجاري، وأصبحت التفرقة فيها بين المعاملات المدنية والتجارية مستقرة، ومن هنا تبرز أهمية تختلف . المشكلة.

   فهل قصد قانون التحكيم المصرى الجديد ، التحكيم الخاص بالمسائل التجارية دون غيرها وفتا لمفهوم دول القانون المدني؟ أم أنه قصد بمصطلح التجارية معنى أوسع من ذلك؟ وما هو هذا المعنى؟

    نرى أولا ضرورة عرض موقف الفقه التقليدي المصري والأعمال التجارية وفقا للقانون التجاري المصري وثانيا موقف الفقه الحديث ومعيار الأعمال التجارية، ثم ثالثا وأخيرا معيار الأعمال التجارية في قانون التحكيم المصرى الجديد كما يلي:

أولا: موقف الفقه التقليدي والأعمال التجارية وفقا للقانون التجارى المصرى

    ثار الخلاف والجدل في الفقه والقضاء المصرى حول طبيعة الأعمال التجارية الواردة في المادة الثانية من التقنين التجاري المصري والتي تحتوى على خمسة عشرة فقرة تتضمن كل فقرة أكثر من عمـل تجـاري. ويستند الفقه التجاري المصرى الى هذه المادة لتحديد معيار العمل التجاري، واستقر الرأي الراجح على الأخذ بمعيار المضاربة الذي يتجلى في أهم أنواع الأعمـال التجارية وهي عمليات الشراء لأجل البيع وعملية البيع ذاتها قياسا. كما يستبعد هذا المعيار التصرفات العقارية مـن نـطـاق الأعمال التجارية، ويستبعد أيضا الأعمال الاستخراجية وأهمها الزراعة وهي مستبعدة صراحة بنص المادة الثالثة من التقنين التجاري المصـري والتي استبعدت أيضا أعمال إستخراج الثروات الطبيعية بكافة أنواعها .

ثانيا : موقف الفقه الحديث ومعيار الأعمال التجارية

   ونحن نتفق في هذا الصدد. مع الفقه الحديث ولا تميل الى نظرية الأعمال التجارية لأنها نظرية لا تقوم على أساس وتوجد مشاكل عديدة في العمل وتوجد أيضا حلقة مفرغة ليس لها حل.

   لذا نحن نميل الى معيار العمل الاقتصادي ووحدة القانون الخاص.

    ونطالب المشرع المصري بتوحيد مفهوم الأعمال التجارية، حيث أصبح في مصر الآن ثلاثة مفاهيم لها هي: وفقا للمادة ٢ من القانون التجاري ووفقا للمادة 157 من قانون الضرائب. وفقا لقانون التحكيم الجديد.

ثالثا : معيار الأعمال التجارية في قانون التحكيم المصرى الجديد

    كما سبق القول اذا كان قانون التحكيم المصرى الجديد يسرى علـى كـل تحكيم ينشـا عـن علاقة مدنية أو تجارية أي عن عمل تجاري ، فان المادة الثانية من هذا القانون تعرف وتبيـن المقصود بالتحكيم التجاري وفقا لأحكامه حيث تقول:

     "يكون التحكيم تجاريا في حكم هذا القانون اذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي، عقدية كانت أو غير عقدية ويشمل ذلك على سبيل المثال توريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية وعقود التشييد والخبرة الهندسية أو الفنيـة ومنـح الـتراخيص الصناعيـة والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا والاستثمار وعقود التنمية وعمليات البنوك والتأمين والنقل وعمليات تنقيب واستخراج الثروات الطبيعية وتوريد الطـاقـة ومـد أنابيب الغاز أو النفط وشـق الطرق والانفاق واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة واقامة المفاعلات النووية".

ويتضح من النص السابق ما يأتي:

أ - معيار "التحكيم التجاري" الحديث

    يتبنى المشرع المصرى المعيار الحديث لتحديد تجارية العمل فيفسر مصطلح "التجاري" تفسيرا واسعا بحيث لا يجوز تفسيره تفسيرا ضيقا، فقد حرص على انطباق أحكامه على كل أنواع عقود المعاملات الداخلية أو الدولية المتعلقة بالاستثمار أيـا كـان تصنيفها. حيث يشمل المسائل الناشئة عن جميع العلاقات ذات الطبيعة التجارية عقدية كانت أو غير عقدية.

   و يرجح المشرع المصرى أن يكون موضوع النزاع التجاري ذا مدلول اقتصادى ذلك لأن هذا المعيار يتسع ليشمل ما يعنيه الآن مصطلح التحكيم التجـاري والذي لم يعد مقصورا على مفهوم العمل التجاري وفقا للمعيار التقليدي على نحو ما قدمنا.

    ومن المؤكد أن هذا المدلول أعم وأشمل من الطابع التجاري البحث في مثل هذه العلاقات. لأنه يتضمن كل نشاط يتصل باستثمار رؤوس الأموال والحصول على عائد هذا النشاط سـواء كانت العلاقة من قبيل الأعمال المدنية أو الأعمال التجارية في معنى (المادتين ٢و٣) من التقنيـن التجاري المصري على نحو ما عرضنا سابقا.

     والسبب في ذلك أن المشرع المصرى أراد أن يسير مع مقتضيات العلاقات الدولية الخاصة بالتحكيم ولمواكبة التطور السريع في مجال نشاط التجارة الدولية الذي أدى الى ظهور، أنشطة حديثة لم تكن موجودة من قبل مما أصبح معه من العسير وضع معيار جامع مانع لهذا النوع مـن العلاقات . وعلى ذلك فسواء كانت العلاقات تجارية أو مدنية طبقا للمفهوم التقليدي فهي تخضع لهذا القانون اذا اتسمت بالطابع الاقتصادي.

    وعلاوة على ذلك فان عبـارة ذات طابع اقتصادی "تساعد على تجنب اختلاف التعريفات الواردة في القوانين المقارنة الأخرى لمعيار التجارية وتنسجم مع طبيعة التحكيم التجاري الدولي.

    ومن ثم يمكن القول ان قانون التحكيم المصرى الجديد يميل بشكل واضح الى عدم الأخذ بالتفرقة المعروفة في دول القانون المدني "Civil Law" بين المعاملات التجارية والمعاملات المدنية ، وأنه يجب تفسير مصطلح "التجارية" في القانون تفسيرا واسعا، بحيث يشمل عموما كانـة الصفقات والعمليات التجارية وجميع أوجه النشاط الاقتصادي عموما، حتى وان اعتبر أي عمل من هذا القبيل "مدنيا" بالمفهوم الضيق للتجارة بالنسبة لهذا النظام القانوني أو ذاك. ونحن نتفق مع هذا الاتجاه الحديث باعتبار أن هذه الأعمال كلها اقتصادية.

   ويذهب المشرع المصرى الى أبعد من القانون النموذجي "Model Law" من حيث تعريفه لمصطلح التجارية بربطها في تعريفها بمدلول اقتصادی، فقد جاءت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون النموذجي تقول ينطبق هذا القانون على التحكيم التجاري ... الى نهاية المادة.

ب – يجوز للارادة المنفردة أن تشترط التحكيم

    ويشير النص الذي نحن بصدده الى أن التحكيم يعد تجاريا اذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادی، عقديـة كانت أو غير عقدية وان كانت التطبيقات العملية للارادة المنفردة محدودة بحكم أنها ليست مصدرا للالتزام.

   ويستفاد مما تقدم أنه لا يشترط أن تنشأ العلاقة القانونيـة مـن عقد معين، وانما يمكن أن تكون عقود مصدرها الارادة المنفردة (المادة ١٦٢) مدنى مصرى أو العمل غير المشروع (المـادة ١٦٣) مدنى مصرى أو الاثراء بلا سبب (المادة ١٧٩) مدنى مصرى أو الفضالة (المادة ١٨٨) مدنى مصرى أو دعوى المنافسة غير المشروعة (المادة ١٦٣) مدني مصـرى التي تتأسس على فكرة الخطأ التقصيري وفي مثل هذه الحالات يتم الاتفاق على التحكيم بعد نشوء النزاع ، لأنه لا يتصور أن يوجد اتفاق مسبق مصدر العلاقة القانونية هنا لأنه من المصادر غير الاتفاقية. وهنا يقتصر دور التحكيم في الغالب على تحديد قيمة التعويض .

    ويؤكد تلك العلاقة أيضا نص (المادة ١٠) من قانون التحكيم الجديـد كما سنرى فيما بعد، وخذ أمثلة على ذلك:

   في حالة التصرف الفردي (الارادة المنفردة) كان تعلـن شـركة نوران لأعمال الديكـور عـن جائزة مالية للجهة التي تقدم أحسن تصميم تستخدمه شعارا لها، فتقوم شركة أحمد وائل للأعمـال الفنية والهندسية باعداد التصميم وتقرر لجنة فنية مختصة بأن تصميمها أفضل تصميم. في هذا المثال، لو فرضنا أنـه قـام نـزاع بين الشركتين حول الوعد بالجائزة، واتفقتا على احالته الى التحكيم، يسرى قانون التحكيم الجديد اذا توافرت شروط تطبيقه الآخرى.

   ويسرى أيضا هذا القانون حتى ولو كان مصـدر العلاقـة التجاريـة أي الماليـة العمـل غير المشروع" ومثال ذلك أن تصطدم الباخرة المملوكة لشركة عمر شريف للملاحة البحرية بالباخرة المملوكة لشركة الملاحة البحرية كريم وشركاه وتلحق اضرارا بالباخرتين، فتتفـق الشركتين على احالة نزاعهما الى التحكيم.

   ويسرى أيضا هذا القانون في حالة "الاثراء بلا سبب" ومثال ذلك أن تدفع "محلات مس لينا" للملابس الى "شركة شريهان للملابس الجاهزة" مبلغا من المال ظنا من الأولى أنها مدينـة للثانية، فيحيل الطرفان نزاعهما الى التحكيم.

   وقد يكون هناك نزاع بين طرفين أحدهما الأنسة بسنت وتدعى أن ما لحق أرضها من ضرر كان نتيجة تعدى الطرف الآخر وهو السيد باسم أو اهماله الذي تسبب في اغراق المحاصيل بالماء وتلفها مما أدى الى أضرار قدرتها بتعويض مائة الف جنيه مصرى، بينما يرى السيد باسـم أن ما لحق هذه الأرض من أضرار لا تتعدى قيمته خمسة آلاف جنيه، مثل هـذا النزاع قائم ليس على أساس أن سببه العقد ولكن على سبب آخر وهو المسئولية التقصيرية أو ما يعرف بالفعل الضار كما جاء بالقانون المدني المصري (المادة ١٦٣).

   وكذلك من أمثلة العلاقات القانونية غير التعاقدية والتي يجوز الإتفاق على التحكيـم فيهـا هـي تلك الحقوق المالية كالتعويض عن تقليد العلامة التجارية ، فإذا قلـد شخص ما العلامة التجارية ' لمركز كايرو ديزاين " لأعمال الديكور المملوك للمهندسة نيفين عفت ، فيجوز لها أن تبرم معه اتفاق تحكيم لتقدير قيمة التعويض فقط ، فتقليد العلامة التجارية خطأ غير عقدي .

   وكذلك يجوز التحكيم في تقدير قيمة التعويض المستحق للمجنى عليه أو حالة وقوع حادث لشخص ما على أساس المسئولية التقصيرية وهي أيضا علاقة قانونية غير تعاقدية .

   وكذلك يجوز التحكيم في مسائل الأحوال الشخصية كدعـوى التعويض عن فسخ خطبة ، التعويض عما يترتب على عقد الزواج الباطل ، تحديد مقدار النفقة لمستحقيها ، كـل ذلـك يـجـوز التحكيم فيه على أساس المسئولية التقصيرية وليس على أساس العقد .

    وتتضمن إتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨ حكما مماثلا وذلك عملا بنص المادة الثانية منها حيث تجيز أن يكون موضوع النزاع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية بمسألة يجـوز تسويتها عن طريق التحكيم .

    ويتضمن القانون النموذجي أيضا حكما مماثلا - والخـاص بالارادة المنفردة – وان اختلف مكان صياغته حيث انه ورد (بالمادة 7) منه والخاصة بتعريف اتفاق التحكيم.

ج - التعداد وارد على سبيل المثال

    ولزيادة ايضاح المعنى الذي يقصده المشرع المصرى للتجارية وكذلك لتأكيد مفهـوم التجارية الحديث يورد عدة أمثلة للمسائل الناشئة عن العلاقات ذات الطبيعة التجارية بمدلولهـا الاقتصادي تعاقدية أو غير تعاقدية يمكن القياس عليها ويسبق هذا التعداد بالنص صراحة على أنه تعداد وارد على سبيل المثال – اذ لم يتصور حصر الأعمال التجارية والتي تتجدد وتتطور دائما على مر الزمن لذلك آثره المشرع في قانون التحكيم الجديد عندما أورد في المـادة الثانيـة مـن هـذا القانون لما يمكن أن يعد تجاريا في مفهومه.

    ولا شك أن أهم الأعمال التجارية بهذا المعنى، ترتبط تقليديا بوجـود عقـد مـن العقود المالية. فالقانون يطبق على اتفاقات التحكيم الخاصة بهذه العقود ، مثل عقود الاستثمارات الصناعية والزراعية والسياحية والفكرية والفنية والتقنية وعقود الخدمات والامتياز ونقل المعرفة ومقاولات الانشاءات.

   وهذه الأمثلة التي أعطاها المشرع في الحقيقة تخرج عن فكرة الأعمال التجارية بالمعنى التقليدي على نحو ما قدمنا، أي المعنى المعروف عندنا في القانون المصري في مجال القانون التجاري ومعيار الأعمال التجارية، حيث لم يعد الأمر اليوم في مجال التجارة الدولية محصـورا في تلك الفكرة، وبالتالي لو نظرنا الى أمثلة أعمال كثيرة اعتبرها النص من قبيل الأعمـال التجارية ، في حين اذا طبقنا عليها معيار التجارية طبقا للقانون التجارى المصرى فلا يمكن أن تخضع هذه الأمثلة لهذا المعيار، فمثلا عملية استصلاح الأراضي الزراعية، حماية البيئة، اقامة المفاعلات النووية، عمليات التنقيب واستخراج الثروات الطبيعية، ومد أنابيب الغاز أو النفط كلها من الأعمال المدنية الى آخر هذه الأمور كان لابد أن نقول – قبل قانون التحكيم المصرى الجديد - أنها مسائل لا تدخل في نطـاق مـا يعتبر تحكيمـا تجاريا بحسب المعيار التقليدي للأعمـال التجارية، كما أن هذا النص يؤكد أن التحكيم يمكن أن يعد تجاريا متى تعلق بأعمال ذات طابع اقتصادي ولو لم تكن هذه الأعمال واردة في التعداد الذي تضمنته هذه المادة.

   هذا وتتطابق الأمثلة التي أشار اليها نص (المادة ٢) مـن قـانون التحكيم الجديد والتـي نـحـن بصددها مع الأمثلة التي أشار اليها هامش (المادة الأولى / 1) من القانون النموذجي.

   ويستفاد مما تقدم أن مفهوم الأعمال التجارية الوارد بالنص الذي نحن بصدده وهي الأعمال التجارية ذات الطابع الاقتصادي ولم يترك النص مجالا واسعا لتحكيم يتعلق بنزاع مدني بحث . فقد لاحظنا أن هذا القانون في واقع الأمر قانون للتحكيم التجاري الذي اتسع مدلوله ليشمل كل المنازعات ذات الطابع الاقتصادي.

   ويتسع قانون التحكيم الجديد بالنسبة لمفهوم التجارية ليشمل كل المنازعات ذات المدلول الاقتصادي ، سواء كان يصدق عليها وصف المنازعات المدنية أو المنازعات التجارية ،بل يشمل كل نشاط أو كل عمل يتصل بمشروع له طبيعة اقتصاديـة سواء كان المشروع مالی، زراعی تعاونی، صناعي، أو حتى عقاري أو استخراجي فكلها معايير اقتصادية بدون تفرقة وفقا للمعيار التقليدي بين الأعمال المدنية والأعمال التجارية .

   ويشمل أيضا المعيار الاقتصادي وفقا لصريح المادة الأولى مـن قـانون التحكيـم الجديد المنازعات التي تدخل في دائرة العقود التجارية التي يكون أحد أطرافها الادارة أي العقود الادارية مادامت تتسم بالطابع الاقتصادي.

   فالعقد الاداري من ناحية النشاط هو موضوع اقتصادي. أما الذي يعطى جهة الادارة سلطات استثنائية غير مألوفة هو القانون العام الذي يعطى ـ فيما أعلم ـ لهذا العقد طبيعته كعقد اداری. ومعظم العقود التي تكون فيها مصر طرفا في تحكيم دولي هي عقود ادارية.

هل يجوز أن يتضمن النص القانوني ذاته تعدادا على سبيل المثال للقياس عليه؟

   كانت المادة الثانية والتي نحن بصددها مثـار مناقشات عديدة أثناء التصويت عليها بمجلـس الشعب، حيث كان الاختلاف في الرأي يدور حول هل يجوز أن يتضمن النص القانوني ذاته أمثلة للقياس عليها؟ أم يتم ذلك في هامش هذا النص؟ وكما هو واضح فقد استقر الرأى على وضـع هـذا التعداد الوارد على سبيل المثال ليدل على المعنى الواسع لمصطلح "التجارية" في صلب نص (المادة ٢) من قانون التحكيم الجديد . فقد أراد المشرع أن يؤكد أن التحكيم ممكن أن يعد تجاريا متى تعلق بأعمال ذات طابع اقتصادی ولو لم تكن واردة في التعداد الذي تضمنه. كما أن وضع مثل هذا التعداد في هامش تشريع وطني - في مصر - أمر غير مألوف. وهذا الترجيح يخالف ما جاء (بالمادة الأولى/1) من القانون النموذجي "Model Law" فقـد سـرد الأمثلة التي يعتبرها تجارية للاسترشاد بها وأدرجها بهامش هذا القانون.

   نخلص مما سبق الى أن المشرع المصرى يقدم حقيقة ثورة في التشريع ويخرج عن المفهوم التقليدي لمعنى التجارية، ومن مظاهر تشجيعه للتحكيم أيضا أنه يخرج على المألوف حيث لا يجوز للمشرع أن يعرف ولا يجوز له أن يسرد أمثلة بالنص ، فجاء المشرع المصرى يقول لا تنظير ولا نظريات، أريد أن أنظر الى رجال الأعمـال كيف يتعاملون، اذ يعـرف مـا يـسـمى بالتجارية ويقول كذا... ويعطى كثيرا من الأمثلة. ويرفض التفرقة بين الأعمال التجارية والأعمال المدنية ويجعل قانون التحكيم الجديد يطبق على المنازعات التجارية الدولية بأوسع مدى ممكن ولم يسمها أحيانا بالمنازعات التجارية وان سماها بالمنازعات الاقتصادية بحيث تشمل المنازعات التجارية والمدنية بالمفهوم التقليدي وذلك انسجاما مع فكرة التحكيم وخاصة التحكيـم هی الدولي.