وفي يناير ١٩١٩ وأثناء انعقاد مؤتمر فرساي للسلام بمدينة باريس تم اقتراح إنشاء غرفة للتجارة الدولية كمؤسسة غير حكومية ترعى مصالح المتعاملين في التجارة الدولية من شركات خاصة في كافة دول العالم، وفي نفس العام تم بمدينة أتلانتك بالولايات المتحدة الأمريكية عقد مؤتمر لبحث هذا الاقتراح انتهي إلى إنشاء غرفة التجارة الدولية بباريس، وتم الاتفاق على أن ينشأ داخلها مركز للتحكيم التجاري الدولي يعهد إليه حل المنازعات التي تنشأ بين الأفراد والشركات المتعاملين في مجالات التجارة الدولية، وقد نجحت الغرفة في قيام عصبة الأمم بإصدار بروتوكول جنيف عام ١٩٢٣ بشأن شروط التحكيم الذي يعد اللبنة الأولى للنظام القانوني للتحكيم التجاري الدولي، وقد أكدت المادة الأولى من هذا البروتوكول على تعهد كل دولة متعاقدة بالاعتراف بشروط التحكيم ومشارطات التحكيم في المعاملات الدولية الخاصة، ولم يتضمن البروتوكول إلزام الدول المتعاقدة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، وقد نجح القائمين علي إدارة غرفة التجارة الدولية بباريس في قيام عصبة الأمم بإصدار اتفاقية جنيف ۱۹۲۷ بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية.
وتعد اتفاقيتي جنيف عامي ۱۹۲۳ و ۱۹۲۷ هما أول تنظيم قانوني دولي للتحكيم في منازعات التجارة الدولية، وبدأ ظهور مراكز أخرى للتحكيم في شتى دول العالم .
وفي عام 1976 قامت لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية بإعداد مجموعة متكاملة لقواعد التحكيم التي تطبقها (UNCITRAL) مراكز التحكيم حتى الآن، وفي عام ۱۹۸٥ قامت اللجنة المذكورة بإصدار قانون نموذجي للتحكيم التجاري الدولي، قامت غالبية الدول بالاستعانة بأحكامه عند وضع تشريعاتها المنظمة للتحكيم، ومن بين هذه الدول مصر التي استعانت به عند إصدار القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية ، كما أن مرحلة المفاوضات أو المرحلة السابقة على إبرام العقد تعد من أهم مراحله وأخطرها على الإطلاق لما تحتويه على أهم الالتزامات وحقوق طرفي العقد وبما ينشأ عنه من مشكلات قانونية عديدة مازالت تثير الكثير من الإشكالات ومنها ما يتعلق بنطاق وطبيعة المسئولية المدنية التي تنتج من الطرف المتسبب في عدم تحقيق الغاية المطلوبة من المفاوضات وهي إبرام العقد المنشود.
ومن ثم فالاتفاق على اللجوء إلى التحكيم في النزاعات التي قد تنشئ في إطار مفاوضات العقود الدولية قد يتم في الغالب الأعم عن طريق الإدراج المسبق لشرط التحكيم في العقود التي تجمع بينهم.