التحكيم / التحكيم التجاري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / خصومة التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية / معیار تجارية التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية
معیار تجارية التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية
مفهوم التجارية واسع مرن إلى حد كبير بحيث يغطي كل نشاط اقتصادي يرتبط بفكرة المشروع ويقع بمناسبة استغلال مشروع تجاري بحيث يشكل وحدة اقتصادية تمارس مختلف أنواع الاستغلال التجاري أو ما يطلق عليه بعضهم "الروابط الإنسانية ذات الأهداف الاقتصادية" فالمفهوم الحديث للتجارية هو انتقال الأموال أو الخدمات أو المشاريع الاستثمارية مشتركة بين بلد وآخر . تمشياً مع المفهوم الحديث التجارية نجد العديد من الاتفاقيات الدولية وقوانين التحكيم الوطنية، قد تبنت معنى التجارية بمفهومها الواسع الذي يشتعل على كافة أنواع الأعمال والأنشطة الاقتصادية.
تعرف المادة الأولى من القانون النموذجي في هامش خاص المقصود بالتجارية الآتي: ينبغي تفسير مصطلح: "التجاري" تفسيراً واسعاً بحيث يشمل المسائل الناشئة عن جميع العلاقات ذات الطبية التجارية تعاقدية كانت أو غير تعاقدية والعلاقات ذات الطبيعة التجارية تشمل، دون حصر المعاملات التالية: أي معاملة تجارية لتوريد السلع أو الخدمات أو تبادلها، اتفاقات التوزيع، التمثيل التجاري أو الوكالة التجارية، إدارة الحقوق لدى الغير، التأجير الشرائي، تشييد المصانع، الخدمات الاستثمارية، الأعمال الهندسية، إصدار التراخيص الاستثمار، التمويل، الأعمال المصرفية، التأمين، أنفاق أو امتياز الاستغلال، المشاريع المشتركة وغيرها من أشكال التعاون الصناعي أو التجاري، نقل البضائع أو الركاب جوا أو بحرا أو بالسكك الحديدية أو بالطرق البرية.
لم يرد في اتفاقية نيويورك تعريفاً محدداً لمعيار التجارية، كما أنها لم تشترط أن يكون النزاع تجارياً، لأن من الدول ما لا يعرف التفرقة بين المسائل المدنية والمسائل التجارية وذلك حتى يتسع نطاق الاتفاقية ولا تحجم الدول عن الانضمام إليها، ومع ذلك خولت الدول الموقعة عن أن تحتفظ لنفسها بالحق في قصر تطبيق الاتفاقية على المنازعات المعتبرة تجارية طبقاً للقانون الداخلي لكل دولة، حيث جاء في المادة الأولى الفترة الثالثة من الاتفاقية الدولة أن تصرح بأنها ستقتصر الاتفاقية على المنازعات الناشئة عن روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية التي تعتبر تجارية طبقا لقانونها الوطني" .
لقد انضمت جميع دول مجلس التعاون الخليجي للاتفاقية، ولم تورد أي تحفظ في شرط التجارية جميع دول الخليج باستثناء مملكة البحرين، وبناء عليه، فإنه بالنسبة للدول التي لم تورد تحفظ لا يشترط لها أن يكون النزاع المعروض على التحكيم ناشئاً عن عمل تجاري بمعنى أنه يستوي أن يكون مدنياً أو تجارياً، أما بنسبة للبحرين ووفقاً للتحفظ الذي أبدته فيجوز لها أن تقصر تطبيق الاتفاقية على المنازعات الناشئة عن روابط القانون التعاقدية أو الغير تعاقدية التي تعتبر تجارية وفقا لقانونها الوطني . فقد نصت المادة الثانية من قانون التحكيم العماني والقطري "يكون التحكيم تجارياً في حكم هذا القانون إذا نشأ النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي عقدية كانت أو غير عقدية".
فالمهم هو أن يكون النزاع حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي، فكل عمل يتعلق بنشاط اقتصادي يعد تجارياً ولو كان في حقيقته عملاً مدنياً مثل استخراج الثروات الطبيعة واستصلاح الأراضي الزراعية وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية.
وتعبير "اقتصادي هو تعبير عام لا يقتصر على ما يتعلق بناتج الأموال أيا كانت، كما أنه لا يستلزم أن تكون العلاقة بين تجار، فيمكن أن ينطبق على ما يتعلق بناتج نشاط مهني أو فني للأفراد كذلك فإن مصدر العلاقة محل التحكيم يمكن أن يكون عقداً أو غير ذلك من مصادر الالتزام كالعمل غير المشروع أو الفضالة أو الإثراء بلا سبب. ومثل هذه الحالات الأخيرة تم الاتفاق على التحكيم بعد نشوء النزاع. لأنه لا يتصور أن يوجد اتفاق مسبق على التحكيم، ذلك لأن مصدر العلاقة القانونية من المصادر غير الاتفاقية ومثال ذلك دعوى المنافسة غير المشروعة والتي تتأسس على فكرة الخطأ التقصيري.
فالقانون العماني والبحريني وكذلك القطري اعتبر تجارياً كل العمليات الاقتصادية من إنتاج وتبادل للسلع والبضائع وأداء الخدمات والنشاطين المالي والبنكي، إلا أنه لم تتم الإشارة إلى المنازعات الناشئة بين المستهلكين أو علاقات العمل. كذلك لم يشار إلى صفات التجار المتعاملين .
وخلاصة القول، يجب اعتناق معیار موسع للتجارية، إذ يعتبر تجارياً كل تحكيم دولي يواجه مشروعات في شأن نزاع من طابع اقتصادي، أي ينصب على نزاع ناشئ عن عملية اقتصادية . والواقع أن الدول النامية تسعى إلى جذب المستثمر الاستثمار أمواله وذلك لإنعاش اقتصادها وإنجاز مشروعاتها الوطنية، والمستثمر يقبل ذلك لرغبة منه في تحقيق ربح مؤكد وليس حبا للمخاطرة بأمواله .
ويجدر التنوية إلى أن بقية قوانين التحكيم في دول مجلس التعاون الخليجي لم تعالج معیار تجارية التحكيم في نصوصها ولم تحدد مفهوم التجارية كما فعل القانون العماني والبحريني والقطري.