ارتباطه بالمصلحة العامة وتقديمه لخدمة عامة، وحساسية نظر التمويلي لاي تغير، فضلا عن صعوبة وتعقيدات مشروعات الم الأساسية الكبيرة التي يتم استخدامه فيها ونتيجة للعيوب التي تعاني من معظم النظم القضائية الرسمية من حيث طول فترة التقاضي وارتفا تكاليفه والطبيعة العدائية للمحاكمات وتدني الخبرات الخاصة، إضا إلى عدم اعتبار الجهات الأجنبية للمحاكم الوطنية على أنها طرق محايد في الخلافات بين الأطراف الخاصة والعامة، أو الأطراف المحلية والأجنبية.
وفي غالب الأحيان . تضمين العقد لوسائل بديلة لحل المنازعات كالتوفيق أو الوساطة أو المحكمة المصغرة وأحيانا أخرى يتم اللجوء إلى تعيين هيئة خاصة في العقد كهيئة خبراء أو هيئة حل المنازعات، كما هي الحال في نظام الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين المشار إلي بالإنجليزية بـ (FIDIC) والذي يدرج في بنود عقده أسلوب تسوية المنازعات وإجراءات تلك التسوية والتي تمنح المهندس الاستشاري دوراً بارزاً فيها.
وفي بداية الأمر يحاول الأطراف تسوية النزاع بواسطة التفاوض أو المفاوضات بهدف الوصول إلى اتفاق مرضي للأطراف وإيجاد حل للنزاع، فإن لم يتوصل الأطراف بعد المفاوضات إلى حل اتجهوا إلى استخدام الوسيلة أو الطريقة البديلة لحل النزاع، والمنصوص عليها في العقد، فإذا استفحلت المشكلة جاء دور التحكيم للفصل في هذه المنازعة.
لذلك وجب علينا أن نبين في بحثنا الأساليب والطرق المستخدمة لحل المنازعات التي تنشأ عن عقود البوت (BOT) ذات الطبيعة الخاصة وبيان النواحي القانونية في تلك الأساليب، والتي سنتناولها بمراحلها المختلفة، بدءاً من مرحلة التفاوض (التفاوض المباشر) ومروراً بمرحمة التوفيق وانتهاء بمرحلة التحكيم، كمحاولة قانونية لإيجاد أفضل الطرق أو الأساليب لحل المنازعات الخاصة بعقود نظام البوت لما لها من طبيعة خاصة، بالإضافة إلى كونها أقل وقتاً وتكلفة مع الإشارة إلى المبررات الكامنة خلف التوجه إلى تلك الوسائل البديلة.
تأتي أهمية الوسائل البديلة لفض المنازعات لتمتعها بسمات فاعلة المواجهة منازعات عقود البوت ذات الأمد الطويل واختصارها للوقت والكلفة.
مبحث تمهيدي
مبررات الاتجاه إلى وسائل بديلة للقضاء
ومن المعلوم أن تنميز عقود نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (البوت) بطبيعتها المركبة والفنية، لذلك فإن العديد من المنازعات التي تظهر خلال تنفيذها ترجع إلى أسباب ذات طبيعة فنية، ويؤدي عدم مواجهتها فور وقوعها أو في الوقت المناسب، إلى تفاقمها والتأثير سلباً على العلاقات بين أطراف العقد، وبالتالي تنعقد النتائج المترتبة على إنجاز المشروع سواء من حيث التوقيت المرسوم له أو من حيث الأوصاف أو الجودة المطلوبة فيه.
ومن هنا ظهرت أهمية اللجوء إلى وسائل لتسوية المنازعات في مشاريع طويلة الأمد، تتميّز باستهدافها التوصل إلى تسوية سريعة وملائمة للنزاع تراعى فيه خصائصه الفنية في نفس الوقت الذي يراعى فيه التوزيع العادل المخاطر المشروع، وعلى ضوء هذه المعايير أو الموجهات ظهرت عدة طرق لتسوية المنازعات تعتني في المقام الأول بجوهر النزاع وأسبابه، وتستهدف التوصل إلى تسوية سريعة له يكون من شأنها المحافظة على العلاقة بين الأطراف وتشجيعهم على إظهار نوع من المرونة في مواقفهم بحيث يكون رائدهم التوصل إلى حل مرض لهم جميعاً ولو اقتضى الأمر عدم التقيد بالاعتبارات القانونية البحتة المتصلة بالنزاع وقد أفادت التجارب أن نجاح أسلوب التسوية الودية يعتمد، فضلاً عن إقناع طرفي النزاع بجدواه على سرعة أعماله دون الحاجة إلى إتباع إجراءات معقدة من ناحية أولى وعلى إنجازه عن طريق شخصيات أو جهات يثق الأطراف في حيادهم من ناحية ثانية وعلى إمكانية التوصل إلى تسوية يكون مردودها التجاري في صالح طرفي النزاع ما يجعلها أكثر قبولاً من ناحية ثالثة. وعلى هذا الأساس تتميز أساليب التسوية الودية عن التحكيم في أنها تعتني في النزاع بأسبابه أكثر . اعتنائها بجوانبه القانونية من ناحية، كما أنها تستهدف التوصل إلى تسوية سريعة للنزاع وغير ملزمة لطرفيه بغير رضاهما من ناحية أخرى. وعلى العكس من ذلك فإن التحكيم في منازعات عقود البناء والتشييد الدولية لا يبدأ، في العادة إلا بعد تفاقم النزاع بين أطرافها واتخاذهم مواقف غير ودية، الأمر الذي يضفي على التحكيم بعض خصائص التسوية القضائية من حيث التركيز على الجانب القانوني للنزاع والفصل فيه دون العناية الكافية بالنزاع ذاته. لهذه الأسباب ظهر الاتجاه إلى اللجوء إلى تسوية منازعاتها بطريقة بديلة للتحكيم وتتميز هذه الطرق مرونتها وإمكان تعديل إجراءاتها باتفاق طرفي النزاع وتعتمد فعالية نتيجتها على وجود رغبة حقيقية لديهما ولذلك فإنه لا يوجد في طبيعة الوسائل البديلة ما يمنع اللجوء إليها قبل حدو المشروع لتكون بذلك وسائل وقائية أمثلة الطرق الوقائية نظام الخبرة الفني مواد البناء قبل استخدامها مما يذكر أن غرفة التجارة الدولية وضعت نظام المعنية - مشار إليه د. أحمد شرف الدين - تسوية المنازعات في الإنشاءات يوصي الدليل القانوني للجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية (اليونستر إلى وسائل أخرى للتسوية خلال مدة التفاوض، أما في حالة النص على ذلك للتفاوض في حالات معينة منها حالة تعبير إحد طرفي التفاوض عن رغبت سقوط حق التقادم أو مضي المدة ( النسخة العربية الأصلية ص ٣٦٨). د. سيد رجب السيد - إستراتيجيات التفاوض وتطبيقاتها في عقود البوت
المبحث الأول
التفاوض كوسيلة أولى بديلة
قد يتفق أطراف العقد على تحديد فترة زمنية معينة يلتزمون خلالها بالتفاوض لإيجاد حل للنزاع، بحيث لا يجوز اللجوء قبل انقضائها إلى وسائل أخرى لتسوية النزاع ) بحيث يمنح الأطراف أنفسهم فرصة إلى إيجاد حل للنزاع بواسطة التفاوض والوصول إلى اتفاق يرضي جميع أطراف النزاع. وفي ذلك يعرف أحد الفقهاء (٣) التفاوض بأنه عملية مناقشة بين طرفين بواسطة طرف ثالث تربطهما مصلحة مشتركة بهدف الوصول إلى اتفاق مرض يساهم في تحقيق أهدافهما أو وجود علاقة تعرضت لتنازع وبهدف التفاوض إلى إيجاد حل لهذا النزاع. ويمكن أن يأخذ التفاوض شكل عملية مستقلة كتمثيل دولة أو جهة معينة وقد يكون ضمن وسائط الوسائل السلمية لحل المنازعات مثل التوفيق والمصالحة والوساطة.
أولاً - أساليب التفاوض وأهدافه وعناصره:
١ - أساليب التفاوض:
أ - الأسلوب المباشر : حيث يتم التفاوض بشكل مباشر من خلال المقابلات والجلوس على طاولة المفاوضات للوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين.
ب – الأسلوب غير المباشر : ويتم بطريقة غير مباشرة تعتمد على المراسلات والاتصالات الهاتفية بين الأطراف أو من خلال وسطاء التفاوض وهم الأفراد الذين يحملون الرسائل الكتابية أو الشفوية بين الأطراف.
٢ - أهداف التفاوض ونظراً لاختلاف أهداف التفاوض المطلوب تحقيقها من المفاوضات فإن الحياد يكون مطلوباً فى بعض الحالات مثل حياد المتفاوض بين المستثمر والجهة المانحة للالتزام (الدولة) في عقود البوت لوضعه اتفاق يرضي الأطراف ولكي لا يتعطل المشروع وفي التفاوض عن الدولة ينتفي عنصر الحياد حيث أن كل طرف يمثل مصلحة الدولة التي يفاوض عنها وباسمها. وبالنسبة للتفاوض الخاص بعقود البوت فإن الأهداف لكل طرف (الشركة الاستثمارية - المستثمر - الجهة المانحة للالتزام ليست واحدة، فإن كل من الشركة الاستثمارية والمستثمر يراعي المفاوض عنهما مصالح الجهة مانحة الالتزام فإنه يراعي الشركة التي يمثلها، بينما المفاوض
1 - الجهة المانحة التابع لها.
ب - ومصلحة المرفق موضوع عقد الالتزام التالية:
ج- والمنتفعين
د - والمرافق العامة والخاصة العاملة في نفس النشاط وكذلك المرافق والمنظمات المرتبطة به بأي شكل من أشكال الارتباط أو التأثير.
عناصر أساسية في التفاوض وهناك أمور يجب الاتفاق عليها في حالات التفاوض وهي العناصر
ا - الاتفاق على موضوع التفاوض بحيث يلزم تحديد موضوع النزاع ونقاط الخلاف بين الأطراف.
ب - الاتفاق على مكان إجراء التفاوض (المكان الذي تجري فيه المفاوضات بين الأطراف).
جـ - الاتفاق على لغة التفاوض.
د- ضرورة كفاءة المفاوض وخبرته ليستطيع المفاوض بكفاءته وخبرته وضع اتفاق يحل النزاع القائم بين الأطراف.
هـ - ضرورة أن يراعي المتفاوض الخلفية الثقافية للأطراف ومصالح كل طرف وإن هذا لمن الأهمية حيث يساعد على إيجاد اتفاق سريع بين الأطراف. وهناك أمور أخرى قد يتفق عليها الأطراف أحياناً وقد تترك للظروف في بعض الأحيان مثل مدة التفاوض وعدد المفاوضين وطريقة التفاوض.
4- مراحل التحضير لاتفاق التفاوض
وعن مراحل التحضير التي تقوم بها الجهة المعنية فتتمثل في الآتي:
أ - تحديد موضوع التفاوض.
ب تحديد الهدف المطلوب تحقيقه من المفاوضات ومدى التنازلات التي يمكن قبولها والسماح بها.
جـ - تحديد صلاحيات المتفاوض
د - اختيار المفاوض أو فريق المفاوضين ويتم تعيين أو اختيار المفاوض أو فريق المفاوضين على ضوء تحديد موضوع المفاوضات والهدف المطلوب تحقيقه أو الوصول إليه وإمكانيات كل طرف من الأطراف.
ه - الاتفاق مع الآخر على موضوع وموعد ومكان بدء المفاوضات.
5- التزامات المفاوض من حيث الموضوع والهدف: يلتزم المفاوض أو فريق المفاوضين بالموضوع المحدد وكذلك الهدف المطلوب تحقيقه ومدى التنازلات الممكن السماح بها حيث يقوم فريق المفاوضين بالآتي: ا - تجميع البيانات والمعلومات ومحاولة التعرف على نتائج المفاوضات السابقة إذا وافق الأطراف على ذلك. ب - تحليل ودراسة البيانات والمعلومات بدقة للتوصل إلى وضع تدرج تصاعدي للموضوعات حسب التعارض في وجهات النظر بين الطرفين بحيث يكون بمثابة جدول أعمال يتيح البدء بالموضوعات السهلة التي يرى أنها ليست محل معارضة من جانب الطرف الآخر.
ج - الاتفاق على التفاوض على الموضوع كـاملا او تجزئته.
د - قيام كل عضو في الفريق بدراسة الموضوع وعمل جلسة فام للوفد لتبادل الرأي حول المفاوضات بأسلوب ورشة العمل.
هـ - بحث توزيع الأدوار بين فريق المفاوضين.
ز - أن تكون من بين مهام أحد أعضاء الفريق متابعة وتنبيه المفاوض إلى ما لم يطرحه من موضوعات وذلك بأسلوب متفق عليه.
و - التفهم الكامل لصلاحيات فريق التفاوض من حيث إمكانيات تطوير عملية التفاوض أو الاستعانة بخبراء.
ثانياً - استراتيجيات تنفيذ عملية التفاوض
1 - مقومات التفاوض
يوجد مقومات واستراتيجيات يجب على المفاوض أو المتفاوضين أن يحرصوا عليها أثناء عملية التفاوض وهي: أ- الصبر وإظهار أن عنصر الزمن لا يمثل ضغطاً على عملية التفاوض.
ب - إبراز عنصر المفاجأة بطرح رأي أو ملاحظة أو تعقيب يكون مدروساً لدفع الطرف الآخر للرد فيتضح الموقف.
جـ - استغلال حالة الواقع إذا كان يمثل ضغطاً على الطرف الآخر.
د - إظهار عدم الموافقة دون التصريح بذلك لدفع الطرف الآخر إلى تقديم مزيد من الإيضاح للأمر المطروح.
هـ - الاستئذان في رفع الجلسة في حالة الحاجة للمزيد من المعلومات من الجهة التابع لها أو التشاور فيما استجد لأول مرة. أمور طرحت
و – حسن تنفيذ عملية توزيع الأدوار.
ز - الانتقال من موضوع إلى آخر دون طرح تصور عام.
ج - تصويب ما يطرحه المفاوض الآخر من وثائق أو معلومات شفهية.
ط - تغيير موضوع الحوار عند نقص المعلومات.
ك - طرح الأهداف البديلة.
ل - طرح الأسئلة التي تهدف إلى فتح موضوع معين - الحصول على معلومات معينة – استيضاح موقف).
م - إعداد مسودة محضر الاتفاق عن كل جانب من المفاوضات إذا تم الانتهاء من بحثه .
ن - إعداد ملاحظات بمواقف كل طرف فى الموضوعات التي ما زالت محل خلاف لبحث الأسلوب المناسب لإعادة طرحها أو اللجوء الى الاسلوب البديل
س - تحرير محضر بما تم الاتفاق عليه متضمناً موضوع وموعد ومكان الجلسة التالية للمفاوضات.
ع - تحديد نتائج كل مرحلة من المفاوضات وتقييمها وعرضها على قيادات الجهات.
الحقيقة متعاونون في حمل العبء المالي والفني الضخم عن كاهل الدولة بإقدامهم على إقامة المشروع المطروح، ولذلك يكون لهم حق مشروع استرداد ما أنفقوه عليه مع . ذلك التساهل مع أي منهما، بل يجب موازنة تلك الحقوق والمرافق المماثلة، وكذلك المرافق التي يمكن أن تتأثر بهذا المشروع سلبا أو إيجاباً، كما يجب رعاية حقوق الطرق المنتفعين أو المستهلكين.
ف الغائب عن المفاوضات وهو في هذا الإطار نجري المفاوضات الخاصة باختيار المكتب الاستشاري وكذلك شركة المشروع في موضوعات معينة وبالتفصيل، في كل ما يتعلق بالمشروع منذ المراحل التمهيدية حتى انتهاء فترة عقد الامتياز وإعادته إلى الدولة بحيث تصبح وثائق المشروع هي الحكم في كل العلاقات المترتبة التي وجدت مناسبة إنشائه وبين جميع . التي ستتعامل معه أو تتأثر به.
۲ - موضوعات التفاوض مع المكتب الاستشاري
الضروري أن يتوافر في هذا المكتب الاستشاري شرط العطاء الأقل من الناحية المالية وقد يكون بداية التفاوض عند اختياره ليصبح المكتب الاستشاري للجهة مانحة الامتياز من أجل تنازله عن الاشتراطات المقدمة بعرضه المالي والالتزام بما جاء بدفتر شروط المشروع. كما يتم التفاوض معه بشأن المهام التي سيكلف بها وأهمها الاتصال بالمستثمر الذي رسى عليه المشروع لطلب الدراسات الفنية والتخطيطية : والمالية والقانونية طبقاً لما ورد بدفتر الشروط الذي أصدرته الجهة المانحة ودراستها وكذلك أسلوب عرض تقريره عليها.
ويمكن أن تتفاوض معه الجهة المانحة ليتولى الإشراف على قيام المستثمر بالتنفيذ كما يشمل التفاوض توقيتات قيام الاستشاري مهمته وتوقيت انتهائها بالتفصيل.
وأهم الموضوعات التي يتم التفاوض بشأنها مع المستثمر صاحب العطاء الأفضل، الوصول إلى أفضل الشروط التي تحقق المصلحة العامة للدولة والمرافق المماثلة، لضمان عدم حدوث آثار سلبية عليها من جراء تنفيذ المشروع أو على المنطقة أو الاقتصاد القومي . ككل، فضلاً عن إدارته على أحدث مستوى بما يحقق احتياجات المنتفعين ويصون مصالحهم. ويشمل التفاوض الموضوعات التالية:
- مقابل الانتفاع وعدم التعديل فيه إلا بعد الرجوع إلى الجهة المانحة.
- البرنامج المالي للمشروع. المكون المحلي والمكون الأجنبي مدة الامتياز.
- التحويلات للخارج.
- ما سيؤديه للحكومة في . حده الأدنى وأسلوب زيادته.
- تفاصيل الخدمات التي ستقام على المشروع التنموية، مع مراعاة التنسيق بينها وبين الخطط المقررة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- برنامج الصيانة الدوري والصيانة الجسيمة.
- أسلوب الإشراف والمتابعة وتوقيتهما.
- تفسير العقد وأسلوب حل المنازعات. - التزامات الحكومة.
- الموقف في حالة حدوث القوة القاهرة. - التشغيل من الباطن.
- تشغيل وتدريب العمالة المحلية.
- أسلوب التقييم.
بناء على ما سبق يتضح أن الإطار الواقعي والقانوني لعملية التفاوض وإستراتيجية تنفيذها لعقود البناء والتشغيل ونقل الملكية (البوت) يتسم بتعدد الأطراف وتشابك المصالح وتباين الالتزامات والمسؤوليات ويجعل دور المفاوضين أكثر صعوبة في هذه العملية، ولكن مع توافر إستراتيجية واضحة ومنهجية محددة لعملية التفاوض سوف يؤدي إلى وصول المفاوضين إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف حيث أن التفاوض أسلوب يتناسب مع طبيعة عقود البوت من المرونة والفاعلية التي تحتاجها تلك العقود.
المبحث الثاني
التوفيق كوسيلة ثانية بديلة
أولاً - مفهوم التوفيق ومبرراته :
التوفيق هو أسلوب من أساليب تسوية الخلافات في المنازعات الهندسية وخاصة في عقود البوت والفيديك.
وعند حدوث خلاف بين طرفين بخصوص تنفيذ عقد معين قد يفضل أحدهما اللجوء إلى محاولة للتوفيق بينه وبين الطرف الآخر بدلاً من الدخول في تحكيم قد تتأثر به علاقتهما مستقبلاً.
والقواعد الحالية للتوفيق تنطلق من أي نزاع يمكن تسويته بترتيبات ودية للتوفيق ويحتوي طلب التوفيق على موضوع الخلاف من وجهة نظر الشاكي، ويخطر الطرف الثاني بهذا الطلب والمستندات المقدمة ضده، وتقدر مصاريف الإجراءات وتقسم على الطرفين. ثم تبدأ اللجنة في مهمتها بحضور الطرفين أو وكلائهم أو بدون حضورهم. وتقدم اللجنة مشروع تسوية إلى الطرفين المتنازعين، فإن وافقوا عليه تم تحرير محضر يوقعه أعضاؤها، ويتولى كل محكم من محكمي طرفي النزاع القيام بمهمة محاولة إقناع الطرف الذي يخصه بقبول هذه التسوية.
فإذا لم يقبل الطرفان أو أحدهما هذه التسوية تعتبر هذه الخطوة وهي التوفيق قد فشلت، ويصبح لكل طرف من طرفي النزاع الحق في اللجوء إلى التحكيم، أو إلى القضاء العادي حسب الأحوال ويحتفظ كل طرف بحقوقه طبقاً للقانون، فلا تؤثر عليها محاولة التوفيق التي فشلت. ولا يجوز أن يكون أحد أعضاء لجنة التوفيق محكماً في نفس النزاع بين الطرفين المتنازعين بعد ذلك.
وقد لوحظ من الناحية العملية أن نظام التوفيق لا يستخدم إلا نادراً، وعادةً ما يلجأ الأطراف إلى التحكيم مباشرة. والسبب في هذا هو نظرة الأطراف إلى التوفيق على أنه نوع من الضعف يظهر به طالب التوفيق أمام الطرف الآخر بينما نجد أن التوفيق هو الصورة المثلى في تسوية المنازعات ولوحظ أن قواعد التوفيق الحالية جاءت ضمن مجموعة التحكيم وفي بدايتها وكأنها مقدمة غير ضرورية لنظام التحكيم لذلك لا يلتفت إليها الأطراف عادة ويتجهون إلى لب الموضوع وهو التحكيم، بل كثيراً ما يجهل الأطراف الفرق بين التوفيق والتحكيم.
ثانياً - القواعد الأساسية التوفيق:
قواعد التوفيق تحتاج إلى خمسة أمور أساسية هي:
۱ - البساطة.
٢ - السرعة.
٣ - السرية .
4- إمكانية مراجعة الإجراءات.
ه - قلة التكاليف.
والتوفيق أمر اختياري يبدأ أحد الطرفين إلى سكرتارية جهة التحكيم، ويتم إخطار الطرف الآخر بهذا الطلب لاستطلاع رأيه فيما إذا كان يقبل التوفيق أم يرفضه وذلك خلال مدة معينة.
وهناك عدة اقتراحات لجعل فترة التوفيق مختصرة، وتكون المدد أو الآجال المحددة قصيرة، حتى يتم حسم الأمر بسرعة، سواء بالاتفاق على التسوية أو الاتجاه إلى إجراءات غير التوفيق، ورغم ضرورة تقديم طلب التوفيق إلى سكرتارية جهة التحكيم إلا أن ذلك في نظر البعض يجب أ يتم تبليغه بنصه إلى الطرف الآخر وإنما يتم التبليغ بخطاب من السكرتارية يؤكد وجود رغبة في اللجوء إلى إجراءات التوفيق، حتى لا يعتبر متضمناً تنازلاً من جانب الطالب عن شيء من حقوقه تجاه خصمه.
واتجهت بعض الاقتراحات إلى إمكان أن يكون التوفيق إجبارياً، فإذا في العقد شرط يقضي بالتجاء الطرفين إلى التوفيق والتحكيم، فإن التوفيق يصبح ملزماً للطرفين ولا يمكن لأحدهما أن يرفضه في هذه الحالة، ويبقى التوفيق اختيارياً فقط في الصورة التي لا يجد فيها شرط بشأنه في العقد الأصلي بين الطرفين، فيقدم طلب التوفيق كاقتراح يملك الطرف الآخر أن يقبله كما يملك أن يرفضه، وفي حالة الرفض يخطر طالب التوفيق بذلك حتى يتخذ ما يشاء من الإجراءات القانونية.
وفي حالة قبول الطرف الآخر للتوفيق يقدم كل من الطرفين وجهة ونظره ومستنداته إلى الموفق أو هيئة التوفيق ويقوم الموفق أو الهيئة لن بدراستها بحياد تام للوصول إلى حل يرضي الطرفين معاً مستهدياً الى للأطراف لهذا الغرض. بالعدالة والإنصاف والموضوعية التامة مع إمكان عقد اجتماعات
ثالثاً – أحكام عامة في التوفيق
۱ - ينتهي التوفيق إما بالاتفاق على تسوية معينة يوقع عليها الطرفان والموفق، أو يتعذر الوصول إلى تسوية، وفي هذه الحالة يحرر فإ الموفق محضراً بذلك ويبلغه لرئيس محكمة التحكيم الدائمة، وتعتبر مناسبة يتخذها أياً . مهمة التوفيق بذلك قد فشلت، ويفتح الباب لأية إجراءات قانونية و من الطرفين.
(۱) وضعت غرفة التجارة الدولية نظاماً يتضمن قواعد الإجراءات أمام حكم rbitral Procedure, International Business Lawyer, 1990, Vol.45.
(۲) مثل اختبار مدى كفاءة أداء المقاول.
(۳) الدليل القانوني لليونسترال.
(4) Interim Resolution وهذا الحال في نظام غرفة التجارة الدولية بشأن التحكيم
2- أن يلجا أي من الطرفين إلى التحكيم أو إلى محكمة الاله أثناء عملية التوفيق وإجراءاته لا يجوز - بعد الاتفاق و مرتبط باستكمال التوفيق حتى تنجح أو تفشل إجراءاته، وال يوجد ما يمنع أياً من الطرفين من اتخاذ إجراءات وقبة الله على حقوقه.
٣ - يتعهد الطرفان بعدم استخدام أية معلومات حصل عليها أحمد عن الآخر أثناء التوفيق أمام أية جهة قضائية أخرى كما يتعه . ومع ذلك لاحظ البعض بعدم إفشائها للغير.
أن التوفيق لا بد ان يكشف فى مرحلة مبكرة من النزاع حجج الطرفين.
محكما بين الطرفين في نفس النزاع فيما بعد أو وكيلا أو مستشار الا وتضمنت قواعد التوفيق نصاً على ألا يكون الموفق في نزاع . الطرفين في إجراءات قضائية أو تحكيمية تتعلق بنفس النزاع الذي قام بمهمة الموفق.
رابعاً - دور الحكم والمحاكمة المصغرة كوسائل بديلة أخرى: وهناك وسائل أخرى بديلة لتسوية المنازعات في عقود البناء والتشير
الضخمة نذكرها بإيجاز :
۱ - الإجراءات أمام حكم: قد يرغب الأطراف في عقود مقاولات البناء والتشييد الضخمة وسريعة لتسوية منازعاتها على أساس تجاري توفيراً للوفن والنفقات، وهم قد يفضلون لهذه الغاية اختيار شخص محايد يقوم بدور الحكم وينظر في المنازعات التي تظهر خلال مدة العقد ليقوم بتسوينه إلى طريقة ما فوراً.
ومن فوائد هذا النظام، فضلاً عما تقدم، أن اختيار الحكم في وقت مبكر، قبل حدوث منازعات يجعل طرفي العقد على ثقة في حياده وقدرته على تسوية النزاع وبالتالي قبول هذه التسوية.
ورغم قيام بعض المنظمات الدولية والجمعيات التجارية بوضع : قواعد لنظام عمل الحكم إلا أنه لا يوجد تنظيم متكامل لمثل هذا النظام، ولذلك يتعين على طرفي عقد الأساس، إذا اختارا نظام الحكم كطريقة لتسوية منازعات هذا العقد أن يتفقا على الحد الأدنى من القواعد الضرورية مثل طريقة اختيار الحكم وشروطه والإجراءات المتبعة أمامه وحدود سلطته وقيمة القرارات التي يصدرها. وإذا رغب طرفا عقد الأساس قصر سلطة الحكم على المسائل التقنية. فمن الأفضل وضع قائمة بمثل هذه المسائل في ملحق العقد.
1
وبالنسبة لقيمة القرارات التي يصدرها الحكم ومدى إمكانية مراجعتها فإنه يرجع في شأنها إلى القانون الواجب التطبيق على العقد أو إلى النظام الذي جرى الاتفاق على تطبيقه فبعض النظم تجعل قرار الحكم نهائيا وبعضها يعتبره مجرد حل مؤقت يجري تنفيذه لحين مراجعته أو إلغائه عرفة أجهزة تسوية المنازعات محاكم أو تحكيم تلبية لطلب أحد الطرفين شرط أن يقدم طلبه هذا خلال مدة معينة يتعين تنفيذ قرارات الحكم بشأنها النظام ال وإلا اعتبر عدم التنفيذ إخلالا بالتزام تعاقدي، ويراعي أخيرا أن الأوامر التي الأحكا يصدرها الحكم في : شان المسائل المستعجلة لا تمنع أطرا موضوعه على المحاكم أو أجهزة التحكيم. النزاع من عرض موضوعه.
٢- المحاكمة المصغرة:
يتناسب ابتداع العمل في قضايا مقاولات البناء والتشييد في الولايات المتحدة الأميركية، أسلوبا يجمع بين خصائص الوساطة والتوفيق والتحكيم، يقوم بمقتضاه كل طرف من طرفي النزاع بسماع وجهة نظر الطرف الآخر كبيرين تمهيداً للتفاوض بينهما . الاستعانة بمستشار فني محايد وتبدأ الإجراءات تطيل مع بقيام الوكيل القانوني (محام) لكل طرف بعرض وجهة نظر موكله مؤيدة تحتمل بالأدلة على الرؤساء التنفيذيين للطرف الآخر ثم تحال وجهنا النظر إلى المنازة شخص يختاره الطرفان ليقوم بفحص الأدلة ومن ثم توضيح جوانب من غم وتحديد المشاكل التي تثيرها. النزاع وفي ختامية هذه الإجراءات يكون في وسع الرؤساء التنفيذيين لطرفي يحاو النزاع في التسوية الأكثر قبولاً لديهما، إن لم يتوصلا إلى تسوية مرضية أن بشر يطلبا من المستشار كتابة رأيه في النتائج التي قد يفضي إليها النزاع فيما لو عمل عرض على المحاكم أو هيئات التحكيم ومن ثم يجري إستعراض هذا الرأي قدر خلال التفاوض بين طرفي النزاع للتوصل إلى تسوية نهائية.
ومن الواضح أن الأسلوب الذي اصطلح على تسميته المحاكم المصغرة لا يلزم (مخ ذوي شأن في إعماله بالإجراءات المطولة والمعقدة المتبعة أمام المحاكم لاستصدار ليس حكم ملزم لطرفي النزاع ، فالمراد في هذا الأسلوب هو طرح أبعاد النزاع - الفنية تقت والقانونية – على أطرافه أنفسهم أو ممثليهم، ولكن نتيجة الأسلوب غير ملزمة لهم إلا برضاهم، وهو ما يفترض أن التسوية التي يتوصل إليها سوف تكون مرضية لطرفي النزاع، الأمر الذي يكفل تنفيذها دون صعوبات.
المبحث الثالث
التحكيم كوسيلة ثالثة بديلة
يعد التحكيم في المنازعات الناشئة عن عقود البناء والتشييد الدولية ا طريقاً شائعاً لتسويتها، ولذلك فإن نماذج عقود الفيديك في طبعاتها المتتالية لا اعتبرت التحكيم الخطوة الأخيرة في سلسلة الوسائل البديلة لتسوية ا المنازعات التي سبق عرضها قبل قليل. وإن نظام التحكيم هو خروج عن ولاية القضاء العادي إلى ولاية القضاء الخاص ويلعب هذا النظام دوراً متزايداً في حسم المنازعات المتعلقة بالأعمال الهندسية سواء في مجال الاستشارات أو مجال التشييد وتبدو أهمية هذا الدور في الاعتبارات التالية:
أولاً - الاعتبارات المرتبطة بالدور الهام للتحكيم:
الحالات في حسم . ١ - الاعتبار الأول: إن أطراف المنازعة الهندسية يرغبون في معظم خلافاتهم بطريقة مبسطة يختارونها بعيدا عما يتسم به ة ١/٦٧. ال (٧٠) يوماً من انقضاء مدة (٨٤) يوماً السادة .. النظام القضائي العادي من تكلفة ومشقة وبطء في الإجراءات وإصدار الأحكام النهائية.
٢ - الاعتبار الثاني: إن ثمة كثيراً من العقود تضم أطرافاً أجنبية وقد لا يتناسب النظام القانوني الوطني مع هذه الأطرا راف مما يفرض ضرورة اللجوء إلى نظام التحكيم أو إلى قواعد أكثر مرونة وأكثر ملاءمة.
٣ - الاعتبار الثالث: إن إجراءات التقاضي تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين كما أن تعدد درجات التقاضي ابتدائي واستئناف و نقض أو تمييز) تطيل أمد التقاضي، وطبيعي أن الأعمال الهندسية وأعمال المقاولات لا تحتمل هذه الإطالة مصلحة جميع الأطراف أن إنهاء هذه المنازعات، على وجه السرعة ولذلك فإن نظام التحكيم يصبح أكثر ملاءمة من غيره من نظم التقاضي الأخرى.
الاعتبار الرابع: إن العقود الهندسية تقتضي جانباً من يحاول الأطراف المحافظة عليه كالأسعار التي يقدمها المقاول والتعاقد بشروط ميسرة في عملية معينة تختلف عن الشروط التي يتعاقد بها في عملية أخرى، وهنا كان من الضروري اللجوء إلى نظام التحكيم الذي يوفر قدراً كبيراً من السرية حيث يتم حسم المنازعات بعيداً عن . ساحات المحاكم.
ه - الاعتبار الخامس: إن العقود الهندسية تحتاج إلى خبرة قاض . (محكم / خبير) نظراً لتنوع مشكلاتها الفنية ومن الطبيعي أن القاضي أ ليس لديه هذه الخبرة التي تمكنه . أن يتصدى إلى حسم المنازعة طبقاً لما تقتضيه مبادئ العدالة، لذا كان اللجوء لنظام التحكيم حلاً مناسباً.
٦ - الاعتبار السادس: إن نظام التحكيم يوفر المناخ المناسب لأطراف المنازعة الهندسية في الحفاظ على علاقاتهم في المستقبل دون أن تشتد الخصومة بينهم.
وبناء على هذه الاعتبارات ذهبت قواعد الاتحاد الدولي للمهندسين (الفيديك) الأعمال المدنية (شروط الفيديك) على خضوع إجراءات التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية، ولكن يجوز الاتفاق، في الشروط الخاصة، على إخضاعها لقواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (اليونسترال) وطبقاً لشروط الفيديك) إذا أخفق يوجه إخطاراً بقراره إلى طرفي النزاع خلال المهندس الاستشاري في أن ٨٤ يوماً من طلب تدخله، أو إذا لم يرتض أي من طرفي النزاع قراره، فيجوز لأيهما طلب إحالة النزاع إلى التحكيم. ولكن يشترك للبدء في التحكيم أن يقوم طرف النزاع الذي لم يقبل قرار المهندس الاستشاري بإبلاغ الطرف الآخر خلال سبعين يوماً من تاريخ تلقيه الإخطار بقرار المهندس الاستشاري) برغبته في اللجوء إلى التحكيم ومتى تم هذا الإبلاغ المدة المحددة. جاز للطالب أن يرفع الأمر إلى هيئة التحكيم دون التقيد بأي مدة أخرى. ويراعى أن عدم الإخطار بالرغبة في التحكيم خلال المدة في المحددة، وإن كان يجعل قرار المهندس الاستشاري نهائياً وملزماً للطرفين، إلا أن هذا لا يمنع أيا منهما من اللجوء إلى التحكيم ولكن لا يجوز لهيئة التحكيم أن تنظر في النزاع قبل مضي السبعين يوماً المشار إليها.
وقد أثير التساؤل، في ظل الصياغة السابقة لشروط الفيديك، عن الجهة لل التي يلزم أن يقدم إليها الاعتراض على قرار المهندس وعن شكل هذا
الاعتراض.
وقد تصدت بعض هيئات التحكيم لهذا التساؤل وصدرت بشأنه قرارات متضاربة، فقد قضى بعضها بأن اعتراض صاحب العمل على قرار المهندس، وفقاً لشروط الفيديك، لا يكون بإعلانه إلى المهندس وإنما بتقديم طلب التحكيم ضد قرار المهندس إلى جهة التحكيم خلال الميعاد المقرر ( ٩٠ يوماً) من تاريخ إبلاغه بهذا القرار مع إرسال صورة من هذا الطلب إلى المهندس.
فإذا لم يحدث ذلك خلال تلك المدة صار قرار المهندس نهائياً وملزماً لعدم حصول اعتراض عليه بالطريق الذي رسمته شروط الفيديك التي تضمنها العقد بين الطرفين. وعلى هذا فإنه لا يكفي توجيه اعتراض إلى المهندس ولا إخباره بالعزم على تقديم طلب تحكيم، بل يتعين تقديم طلب تحكيم إلى سكرتارية التحكيم بغرفة التجارة الدولية خلال المدة المشار إليها في وإبلاغ المهندس به ثم تقوم السكرتارية بإبلاغ الطرف الآخر بطلب التحكيم ليتقدم بدفاعه.
وفي المقابل قضت قرارات تحكيم أخرى بأنه يكفى إبلاغ رغبة الطرف : المعترض على قرار المهندس إلى الطرف الآخر خلال المدة المقررة وفي هذه يصبح قرار المهندس نهائياً ولا ملزماً).
وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الاعتراض، في الشكل المقرر : قانوناً نهائياً وقاطعاً في رفع دعوى التحكيم).
ومتى استوفي اللجوء إلى التحكيم شروطه فإن اختصاص هيئة التحكيم بنظر النزاع يمتد إلى كل ما يتعلق به، بما في ذلك ما أصدره المهندس الاستشاري من قرارات أو تعليمات أو شهادات أو تقديرات مما يتعلق بتنفيذ الأعمال، حتى ولو لم تكن المنازعة فيها قد سبق عرضها عليه).
ثانياً - سلطة هيئة التحكيم في مراجعة قرارات المهندس الاستشاري:
كما سبق أن رأينا أن النزاع قد يطرح على هيئة من هيئات التحكيم في عدم موافقة أحد طرفي النزاع على قرارات المهندس الاستشاري.
وأياً كانت جهة التحكيم المعروض عليها النزاع فإن أياً من الطرفين لا يكون مقيداً بالشهادة أو الحجج التي طرحت على المهندس الاستشاري للحصول على قراره كذلك فإن للمحكمين السلطة الكاملة في ومراجعة أي قرار يكون المهندس الاستشاري قد اتخذه أو أى مما يكون متصلا بالنزاع ) ولا يعتبر صدور قرار سابق من المهندس في النزاع المطروح على التحكيم مانعا من سماعه كشاهد اند .
وفي هذا الصدد تختلف شروط الفيديك عن القواعد المقررة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بشأن صياغة العقود الدولية الم المنشآت الصناعية (نظام (الأونسيترال ذلك أن شروط الفيديك تقدم التحكيم وبالتالي فإنه يمتنع عليه الاشتراك في هيئة التحكيم ولكن به تدخل المهندس الإستشاري في تسوية النزاع في مرحلة سابقة على م سماعه كشاهد. أما إذا لم يتدخل المهندس في تسوية النزاع قبل عرض التحكيم، وفقاً للنظام المذكور، فإنه يجوز تعيينه حكماً
الخلاصة والاستنتاجات:
يتعلق جانب كبير من منازعات عقود مقاولات البناء والتشييد بمسا والملاءمة أكثر من الجوانب القانونية البحتة. فنية مما يحتاج أطرافها إلى تسويتها بطرق تغلب عليها جوانب ومن الواضح أن مصلحة المشروع محل العقد، بل ومصلحة أطراف تقتضي التوصل إلى تسوية سريعة لا تعرقل إجراءاتها إنجاز الأعمال التوقيتات المحددة وفي نفس الوقت تضمن الحد الأدنى من الحقو المشروعة لطرفي العقد. وعلى هذا الأساس قد يرغب طرفا عقد الأساس تبني وسيلة أخرى لتسوية منازعاته، غير أن العرض على هيئات التحكيم يراعي أكثر تيسر لهما التوصل إلى حلول معقولة للنزاع يجري اختيار الحل الذي من غيره مصالح طرفي النزاع ومن ثم يجري تبنيه، غير أ التوصل إلى تسوية مرضية للنزاع تفترض اقتناع طرفيه بما يتميز به القارئ بإجراءاتها من تخصص وخبرة وحياد وهو ما يتطلب إتاحة الفرص لكليهما لعرض وجهة نظره كاملة، بحيث يستطيع الشخص المكلف بالتسوية بمقتضى تخصصه استيعاب أسباب النزاع وأبعاده، وهو ما ييس فيهما الثقة في عدالة وملاءمة الحلول التي يعرضها القائم بإجراءات التسوية.
وإزاء تعدد الحلول العادلة يستطيع طرفا النزاع اختيار الحل الأكثر ملاءمة لظروف المشروع والأقرب إلى تحقيق مصالحهما سوياً وذلك من خلال الوسائل البديلة (التفاوض التوفيق) السابق ذكرها.
وعند عدم التوصل إلى حل للنزاع عن طريق إحدى الوسائل البديلة فلا يبقى خيار لدى طرفي النزاع سوى اللجوء إلى التحكيم وإتباع إجراءاته حتى يفصل في النزاع بشكل نهائي بين الطرفين، حيث يتوجب على أطراف النزاع في عقود نظام البوت والفيديك أن يتجه الأطراف إلى المهندس الاستشاري أولاً لكي يصدر قراره بشأن المنازعة ومن ثم إذا اعترض أحد الخصوم على قراره فإن المنازعة تحال إلى التحكيم.
إذ من المقبول أن يتولى صاحب العمل (أو المشتري اختيار المهندس الاستشاري الذي يقوم بأعماله لحسابه، فإنه من الأفضل، إذا رغب طرفا العقد أن يمارس المهندس الاستشاري مهامه استقلالا عنهما، أن يشترك الطرفان في اختياره أو أن يعهدا باختياره إلى جهة متخصصة يحددانها سوياً. وتظهر أهمية هذا الاختيار المشترك بصفة خاصة عندما يكون المهندس الاستشاري مكلفاً بتسوية منازعات ذات طبيعة تقنية بين طرفي العقد، إذ أن مثل هذا الاختيار يكفل حياد المهندس في هذا الشأن وفي هذه الحالة يتعيّن النص في العقد على المهندس الاستشاري يمارس مهنته بتجرد تام وفقاً لنصوص ذاته وليس وفقاً لما يراه هو عادلاً. ويستحسن أن تقتصر سلطة المهندس على المسائل ذات الطابع التقني التي ترد لها أمثلة في العقد.
وينبغي ألا يغيب عن البال أن مدى قبول المقاول تنفيذ قرارات المهندس الاستشاري فيما يتعلق بتسوية منازعات الأول مع صاحب العمل، إنما يتوقف إلى حد كبير على مدى ثقة المقاول في حياد المهندس الاستشاري، وهو ما يتأثر بالتأكيد بواقعة ارتباط هذا الأخير بصاحب العمل بحيث بمارس لحسابه بعض الأعمال في نفس الوقت.
لذلك قد يرى الطرفان اختيار مهندس استشاري آخر غير المهندس القائم بوظائفه لحساب صاحب العمل يكون مستقلاً عن الطرفين فيما يعهد إليه من أعمال تتعلق بتسوية المنازعات. ويمكن تفادي أوجه الاضطراب المترتبة على وجود أكثر من مهندس استشاري، وفي نفس الوقت عدم ثقة المقاول في المهندس الذي اختاره صاحب العمل، يكمن فادي ذلك عن طريق اشتراك طرفي العقد في اختيار مهندس ذي سمعة ولية مشهود له بالكفاءة والإنصاف.
ونخلص إلى بعض التوصيات: - إن طبيعة عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية (البوت) طويلة الأمد في التنفيذ مما يؤدي إلى ظهور منازعات في هذه العقود ومن هنا يأتي دور الوسائل البديلة كمرحلة أولى كالتفاوض والتوفيق لحل هذه المنازعات والتي يلجأ إليها الأطراف عادة للتوصل إلى حل يرضي كلا الطرفين لعدم تعطيل تنفيذ المشروع والتي تركز على الناحية الفنية والملائمة وتتجنّب التركيز على الجانب القانوني البحت. حالة فشل هذه الوسائل يتجه الأطراف كمرحلة أخيرة إلى في التحكيم والتي تجمع بين الناحية الفنية والقانونية وفي هذه المرحلة يتم حسم النزاع بشكل نهائي بين الأطراف.
إن من المفيد لجميع الشركات التجارية والمؤسسات والمنشآت وغيرها، اللجوء إلى نظام التحكيم وتضمين جميع عقودها بنوداً تتعلق باللجوء إلى التحكيم عند حدوث منازعة، لأن التحكيم سوف يوفر على هذه الشركات والمؤسسات والمنشآت الكثير من الأوقات والجهود والتكلفة المالية.
أولاً - تطور أساليب تسوية المنازعات في عقود الفيديك.
الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين على إصدار درج نماذج لبنود التعاقد في مجال صناعة البناء والتشييد منها على سبيل المثال: بنود عقود أعمال الهندسة المدنية وعقود الأعمال الكهربائية والميكانيكية وعقود التصميم والبناء وتسليم المفتاح، وهي نماذج تجري مراجعتها دورياً استجابة للحاجات التي أظهرها التطبيق العملي لمثل هذه العقود. وبالنسبة لعقد أعمال الهندسة المدنية فقد صدرت الطبعة الرابعة لبنوده عام ۱۹۸۷ ثم جرى إدخال تعديلات عليها عامي ١٩٩٢ و ١٩٩٦، يهمنا منها بصدد أسلوب تسوية المنازعات المتعلقة بهذا العقد التعديل الذي تناول الدور الذي يلعبه المهندس في هذا الشأن، وهو تعديل لم يلغ هذا الدور ولكنه أضاف إليه بديلاً يسمى مجلس تسوية المنازعات ) . ثم صدرت تطبيقات جديدة للعقود في سبتمبر (۱۹۹۹ وفيها ألغت شروطها العامة دور المهندس في تسوية منازعات العقود والأعمال وحل محله مجلس تسوية المنازعات.
وقد كان الهدف من إصدار الطبعة الجديدة لنماذج العقود تفادي الاختلافات غير المبررة بين نماذج الطبعات السابقة وبالتالي التنسيق أو التوفيق بين أحكام بنودها والتعاريف التي تتضمنها. ولهذا الغرض فإنه وفيما عدا ما تقتضيه طبيعة الموضوع الذي يعالجه العقد فقد شمل التوفيق، أو حتى التوحيد، ترقيم بنود العقود وأسلوب صياغة محتواها. وقد شمل اتجاه التوحيد المشار إليه أساليب تسوية منازعات نماذج عقود الفيديك، فإجراءات التسوية متشابهة بل متماثلة إلى حد كبير في مختلف النماذج .