التحكيم القضائي هو التحكيم الذي تقوم به هيئة مشكلة بالكامل أو جزء منها من قضاة.
فقد ذهب بعض الفقه عندما عرف التحكيم القضائي؛ إلى جعل التعريف مرتبطا بعدد معين من القضاة (ثلاثة قضاة واثنان من المحكمين العاديين)، إلا أن الباحث يعتقد إن التحكيم يعتبر قضائيا متى وجد قاض في تشكيل هيئة التحكيم، بغض النظر عن عددهم.
ويتضح من مطالعة النظام القانوني الكويتي، أن المشرع الكويتي قد تطرق للتحكيم القضائي قبل التحكيم العادي، وذلك بالنص عليه في المادة (29) من المرسوم الأميري رقم 1959/1 بقانون تنظيم القضاء، حيث جاء بعد ذلك ونظم التحكيم العادي في قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم الأميري رقم 1960/6 في المواد من (254 - 266).
وكانت المادة (۲۹) من المرسوم الأميري رقم 1959/1 تنص على أنه «لا يجوز للقاضي بغير موافقة مجلس القضاء أن يكون محكما ولو بغير أجر إلا إذا كان أحد أطراف النزاع من أقاربه أو أصهاره لغاية الدرجة الرابعة».
وبمناسبة صدور قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 38/ 1980، فقد توسع المشرع الكويتي في تشكيل الهيئة التي تتولى التحكيم القضائي، وذلك في نص المادة 177 من الباب الثاني عشر، والتي نصت على الآتي : «يجوز لوزارة العدل أن تشكل هيئة تحكيم أو أكثر تنعقد بمقر المحكمة الكلية أو أي مكان آخر يعينه رئيس الهيئة وتكون رئاستها المستشار أو قاض تختاره الجمعية العمومية للمحكمة المختصة وعضويتها الاثنين من التجار أو ذوي التخصصات الأخرى يتم اختيارهم من الجداول ۔ المعدة في هذا الشأن، وذلك وفق القواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل....»، ولقد أصدر وزير العدل نفاذا لحكم هذه المادة قراره رقم 82 لسنة 1980 في شأن اختيار عضوي هيئة التحكيم المذكورة.
وباستقراء نصوص قانون التحكيم القضائي رقم 11 لسنة 1995، تتضح الملاحظات التالية:
- أن تشكيل هيئة التحكيم تشكيل مختلط تكون الأغلبية للعنصر القضائي، فهي تكون من ثلاثة من رجال القضاء يتم تعيينهم بقرار من المجلس الأعلى للقضاء لمدة عامين، واثنين من المحكمين العاديين يختارهم طرفا النزاع من بين الجداول المعدة لذلك في إدارة التحكيم أو من غيرهم. - إن اللجوء إلى التحكيم القضائي يكون بالحالات التالية:
أ- اللجوء الاختياري: يجوز لذوي الشأن الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم القضائي في حالة نشوء أي نزاع فيما بينهم، سواء كان الاتفاق بصورة شرط تحكيم أو مشارطة تحكيم، وسواء كان ذوو الشأن أشخاصا طبيعيين أو أشخاصا اعتباريين.
ب- اللجوء الإجباري: تختص هيئات التحكيم القضائي دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تقوم فيما بين الوزارات والجهات الحكومية المختلفة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والشركات التي تملك الدولة رأس مالها بالكامل أو فيما بين هذه الشركات. وهذا يعتبر اختصاصا نوعيا الهيئات التحكيم القضائي سابقا لاختصاص جهات القضاء العادي، وذلك لتخفيف العبء على تلك الجهات، وأيضا لاعتبار تلك المنازعات يجمعها عنصر مشترك هو المال العام.
ج- اللجوء الاختباري لطرف- وإجباري للطرف الأخر:- يجوز للأفراد أو للأشخاص الاعتبارية الخاصة اللجوء إلى التحكيم القضائي إذا ما ثار نزاع بينهم وبين وزارة أو جهة حكومية أو شخص اعتباري عام، وتلزم هذه الجهات التحكيم بشكل إجباري ما لم تكن المنازعة قد سبق رفعها إلى القضاء؛ كأن تكون مطروحة على القضاء وقت طلب التحكيم أو كان قد صدر في المنازعة حكم قضائي ولو كان ابتدائيا، ولكن ذلك لا يمنع اتفاق ذوي الشأن على ترك الخصومة أمام القضاء والالتجاء إلى التحكيم (البند الأول من المادة 3 من قانون التحكيم القضائي رقم 11 لسنة 1995).
ولسرعة الفصل في منازعات التحكيم القضائي، ونظرا لأغلبية العنصر القضائي على تشكيل هيئات التحكيم القضائي؛ فإن المشرع أعطى هيئات التحكيم القضائي الاختصاص بالفصل في المسائل الأولية التي تعرض لها في المنازعة، والتي تدخل في اختصاص القضاء المدني أو التجاري، ولا يسري ذلك على المسائل الجنائية أو الأحوال الشخصية وفي الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها.