ذهب بعض الفقه إلى أن المنازعات المتعلقة بتعديل العقد تعـد منازعات غير قانونية لأنها لاتقوم على إعتبارات قانونية وإنما يكمن أساسها في التعارض بين مصالح الأطراف ومن ثم يتم تسويتها إستناداً إلى مبادئ العدالة وحسن النية،وهذا يقتضى تخويل المحكم في هذه الحالة سلطات خاصة تمكنه من الوصول لحكم دون إتباع قواعد قانونية معينة، بشرط أن تتجه نيـة الأطراف على نحو مؤكد إلى تحويل المحكم سلطة ممارسة هذا الدور غير التقليدي، ويرى وجوب حرص الأطراف على تحديد الإجراءات على نحو يسمح بإشتراك الأطراف أنفسهم في صنع القرار النهائي،ووضع تنظيم خاص بتشكيل هيئة التحكيم للفصل في هذا النوع من المنازعات يتضمن خبراء في الشئون المالية والإقتصادية .
كما ينبغي توضيح أن هذه السلطة لا تثبت للمحكم المفوض بالصلح تلقائياً لمجرد منحه سلطة التحكيم بالصلح. فهذه السلطة لاتندرج في مفهوم التحكيم بالصلح في ذاته ما لـم يتفق الأطراف على منح المحكم هذه السلطة صراحة،ومع ذلك إنتهت محكمة استئناف باريس إلى أن المحكم المخول سلطة التسوية الودية يحـق لـه تعديل الآثار القانونية للعقد المبرم بين الأطراف إلى الحد الذي لايصل إلى إعادة بنائه أو يشكل خرقاً للنظام العـام وبصفة عامة حق الملكية بإعتباره من حقوق الإنسان، وفي حكم آخر لها أشارت إلى قيد آخر على سلطة المحكم بالصلح في إجراء التعديل مؤداه ألا تنطوى هذه التعديلات على غش من جانب الطرف الذي يطالب بها.
ونخلص من ذلك إلى ضرورة إتفاق الخصوم على منح المحكم هذه السلطة يستوى في ذلك التحكيم بالصلح والقضاء،فليس للمحكم في كلا النمطين سلطة التصدي لتعديل العقد من تلقاء نفسه،أوبناء على رغبة أحد الأطراف فقط، وإنما يلزم موافقة كلا الطرفين.أما عن القيود التي تحكم ممارسة المحكم لهذه السلطة،فإنه لايتقيد بذات القيود القانونية التي يتقيد بها القاضي عند ممارسة سلطة تعديل العقد،فهذه القيود تجد أساسها في نصوص القانون التي تخاطب القاضي،وهو ما لايتحقق على نحو ما أوضحنا, بالنسبة للمحكم الذي يتقيد بحدود إتفاق الأطراف .