ينقسم التحكيم بالنظر إلى سلطة المحكم أو المحكمين عند قيامهم بالفصل فى المنازعة أو المنازعات المتفق على عرضها على التحكيم للفصل فيها بقرار حاسم وملزم للأطراف المحتكمين ، ومدى ما يتمتع بـه المحكـــم أو المحكمين من سلطات وما يرد عليها من قيود إلى نوعين هما " التحكيم بالقانون " وهو ما يطلق عليه القانون المصرى اختصاراً [ بالتحكيم] " والتحكيم مع التفويض بالصلح ".
أولاً: التحكيم بالقانون
فهو يطبق القانون الذي يستجيب لقواعد النزاع في أى فرع من فروع القانون ويوجد فيه ، سواء كانت قواعد آمرة أو مكملة.
وأساس التزام المحكم بذلك يختلف عن أساس التزام القاضي ، فهذا الأخير يلتزم بذلك إعمالاً لطبيعة وظيفته القضائية فى فض المنازعات فهو قد تلقى تفويضاً من الدولة بتطبيق القانون . أما التزام المحكم بتطبيق القانون فلا ينبع من طبيعة وظيفته أو مهمته ، وإنما ينبع من إرادة الخصوم ، وهذه السلطة هي أقل اتساعاً من سلطة القاضى بالنسبة للنصوص التشريعية ، وفي كل الأحوال يلتزم المحكم بأن يبحث من تلقاء نفسه عن النص القانوني أو الأساس القانوني الذي سيبني عليه حكمه .
والجزاء على مخالفة التزام المحكم بإعمال القانون هو بطلان الحكم الصادر بناءاً على هذه المخالفة ، فالمحكم بالقانون في مثل هذه الحالة يكون قد تعمد عدم احترام القانون ويتحقق ذلك بتعمده أن يؤسس حكمه على أسباب أخرى غير تلك الأسباب المستمدة من نصوص القانون .
وتطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليهـا الطرفان ، وإذا اتفقا على تطبيق قانون دولة معينة اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين مالم يتفق على غير ذلك (م ۲۹ / ۱ ق . تحكيم مصرى ) ، وإذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية واجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية فـــي القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالاً بالنزاع (م ۳۹/ ۲ق . تحكيم مصری ) ويجب أن تراعى هيئة التحكيم عند الفصل في موضوع النزاع شروط العقد محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة (م٣/٣٩ق . تحكيم مصرى).
والتحكيم بالقانون لا يعنى إطلاقاً أن هناك قانون واحد يحكم النزاع منذ لحظة ميلاده وحتى نهايته ، بل قد تتعدد تلك القوانين على مختلف مراحل التحكيم ، فقد يكون القانون المطبق على اتفاق التحكيم مغاير للقانون الذى يطبق على إجراءات التحكيم ، ومختلف تماماً عن القانون الذي يطبق على موضوع النزاع .
والتحكيم بالقانون هو الأصل أما التحكيم بالصلح فهو الاستثناء ، ولذا يلزم المحكم لممارسته تفويضاً صريحاً من الأطراف حتى يتمكن من الفصل في النزاع بموجب قواعد العدالة والإنصاف .