ولكن الفقه الغالب متفق على أن التحكيم بالصلح يتفق فيه الأطراف على تخويل هيئة التحكيم سلطة البحث عن حل عادل ومنصف يلائم النزاع ، حيث يعهد الأطراف إلى المحكم أو المحكمين بمقتضى اتفاق أو شرط صريح بمهمة تسوية النزاع الذى قد ينشأ أو نشأ بينهم ،.
ويدرج في معظم اتفاقيات التحكيم سواء كانت دولية ، أو وطنية أن هيئة التحكيم تفصل في النزاع وفقاً لاعتبارات العدالة والإنصاف ، وأسباب ذلك ترجع إلى معاداة اللجوء إلى القضاء التابع للدولة بصفة عامة اقتناعاً بعدم توافق نصوص القانون الوطنية لحكم الروابط التعاقدية سواء نظرا لطابعها الدولى ، أو للمسائل الفنية التي تثيرها هذه المنازعات ، أو لتوجس الأطراف من إعمال قانون وطني تقليدى على علاقات تجارية حديثة متقدمة .
وفى ذلك قضى بأن "مفهوم التحكيم بالصلح أو المطلق ، ألا يتقيد المحكم بالقانون ، وله أن يحكم بما يتجاوز القانون والعرف ، وفقاً لمبادئ العدالة والإنصاف ، وهو في ذلك لديه صلاحيات واسعة تتجاوز صلاحيات المحاكم " .
وقد تعرضت بعض التشريعات الوطنية للتحكيم وفقاً لقواعد العدالة والإنصاف ، حيث نص قانون التحكيم المصرى على جواز منح المحكم سلطة التفويض بالصلح ، فلقد نصت المادة (۳۹) فقرة ( ٤ ) من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ على أن : " يجوز لهيئة التحكيم إذا اتفق طرفا التحكيم صراحة على تفويضها بالصلح أن تفصل في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بأحكام القانون ".
والمادة ( ١٤٧٤ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية التي تنص على أن : " يفصل المحكم فى النزاع طبقاً لقواعد القانون ما لم يخوله الأطراف في اتفاق التحكيم مهمة الفصل كمحكم مصالح Compositeur amiable " .
وكذلك الأمر بالنسبة لاتفاقية البنك الدولى للإنشاء والتعمير التي تم التوقيع عليها في واشنطن عام ١٩٦٥ ، فبعد أن بينت الفقرة الأولى من المادة ٤٢ من هذه الاتفاقية أن محكمة التحكيم تفصل في النزاع طبقاً لقواعد القانون المتبناه من قبل الأطراف، وفى حالة عدم وجود اتفاق بين الأطراف، تطبق المحكمة قانون الدولة الطرف فى النزاع وكذلك مبادئ القانون الدولي في هذا الخصوص نصت الفقرة الثالثة من نفس المادة على أنه " يجوز لمحكمة . التحكيم أن تفصل في النزاع طبقا لقواعد العدل والإنصاف exaeque et bono إذا ما اتفق الأطراف على ذلك " .
فمختلف الأنظمة القانونية الوضعية قد تشددت بخصوص التحكيم بالصلح، فقد اشترطت المادة (١٧٦) من قانون المرافعات الكويتي أن يحدد الأطراف المحتكمون هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم والمفوضة بالصلح بينهم بأسمائهم في اتفاق التحكيم .
وتشترط المادة (۱۷۰۰) من القانون القضائي البلجيكي ألا يتم تفويض هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم بالصلح بين الأطراف المحتكمين إلا بعد نشأة النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم .
فالتحكيم بالصلح يعني التنازل التعاقدى من قبل الخصوم عن الحق في الاستفادة من تطبيق القانون على نزاعهم وهذا التنازل لا يرد على القانون ذاته، ولكن على الحق الشخصي الذي يمنحه القانون.
العدالة هي الاعتراف بحقوق كل الأطراف وهـي مهمـــة القاضــــــي المستقلة عن أي قانون وهى تطبيق العدل الطبيعي ، والعدالة هـي الشعور بالعدل الموضوعي ، والظلم يمكن أن يختلف حسب الأفراد.