التحكيم / التحكيم العادي والتحكيم مع التفويض بالصلح / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 33 / المحكمة الاتحادية العليا ، الدعوى رقـم 2 لسنة 2015 ، تنـازع واختـصاص ، جلـسة ( 2015/12/2
حكم تحكيمي صادر عن مركز دبي المالي العالمي - تصديقه مـن مـحـاكم المركـز - تقـديـم دعـوى أمـام محاكم دبـي لإبطـال حكـم التحكيم - المحكمة الابتدائية قضت بعدم الاختصاص الولائي - مراجعة المحكمة الاتحادية - انتفاء حالة التنازع الايجابي . مع تعليق للدكتور حسن محمد عرب ( دبي - الامارات العربية المتحدة ) 1 إن المشرع قد ناط بالمحكمة الاتحادية العليا وحدها ولاية الفصل فـي مـسألة تنـازع الاختصاص السلبي أو الايجابي بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية في الامارات الاتحادية أو المحلية سواء في إمارة واحدة في ما بينها أو في امارتين مختلفتين . الثابت من أوراق الدعوى الماثلة أن محاكم مركز دبي المالي قضت ابتدائيا فـي دعـوى طلب التصديق على حكم التحكيم الصادر من مركز دبي للتحكـيم الـدولي ، وأن حكمهـا تأيـد استئنافيا من محكمة استئناف المركز ذاته ، وأضحى الحكم نهائيـا وباتـا بموجـب القـوانين القضائية الأساسية للمركز ، وأن المدعيتين اقامتا دعواهما أمام محاكم دبي بطلب إيطـال حـكـم
262 باب الاجتهادات العربية : الاجتهاد الفضائي الإماراتي التحكيم سالف البيان في تاريخ لاحق على حكم محاكم مركز دبي المـالي ، وأن محكمـة دبـي الابتدائية الناظرة في الدعوى رقم 2127 لسنة 2014 تجاري كلي بطلب إبطال حكم التحكـيم رقم ( 81 ) لسنة 2010 ، قضت في 2015/4/22 بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى . وكـان مؤدى هذا الثابت انتفاء حالة التنازع الايجابي الذي أقامت المدعيتان دعواهما الماثلة عليهـا ، مما يتعين الحكم برفض الدعوى . ( المحكمة الاتحادية العليا ، الدعوى رقـم 2 لسنة 2015 ، تنـازع واختـصاص ، جلـسة ( 2015/12/23 ...... حيث إن وقائع الدعوى - على ما يبين من سائر أوراقها وما أودع وأبدي فيها من طلبـات وأوجه دفاع ودفوع – تتحصل في أن المدعيتين اقامتا الدعوى الماثلة بصحيفة أودعت في مكتب ادارة الدعوى بهذه المحكمة ، وأعلنت قانوناً للمدعى عليها ، طلبتا في ختامها : – بصفة مستعجلة ، وقف نظر الدعويين محل طلب التنازع . 2- وبصفة موضوعية الفصل في التنازع الايجـابي والقضاء بإختصاص محاكم دبي بنظر دعوى تصديق حكم التحكيم الصادر عن مركـز دبـي للتحكيم الدولي . وقالتا شرحاً لدعواهما أن مركـز التحكـيم المـذكور أصـدر حكمـا بتـاريخ 2013/10/2 في الدعوى التحكيمية رقم ( 81 ) لسنة 2010 المقامة من المدعى عليهـا ( بنيـان تري ... ) قضى بإلزام المدعيتين في دعوى التنازع الماثلة أداء مبالغ مالية للمدعى عليها في هذه تمثلت في تعويضات وفوائد ومصروفات ، وأنهما- المدعيتان- اقامتـا الـدعوى رقـم 2127 لسنة 2014 تجاري كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب إبطال الحكم التحكيمي سـالف الذكر . كما أقامت المدعى عليها ( بنيان ترى ... ) الدعوى رقم 2013/003 ARB ، أمام محـاكم مركز دبي المالي العالمي بطلب التصديق على الحكم التحكيمـي سـالف البيـان . واستطردت المدعيتان في دعواهما الماثلة الى القول بأن محاكم دبي هي المختصة بنظر دعوى التصديق على الحكم التحكيمي المذكور بإعتبارها صاحبة الاختصاص العام والأصيل بنظر كافة الدعاوى بمـا فيها دعاوى تصديق أحكام التحكيم الصادرة عن مركز دبي للتحكيم الدولي . في حين أن محـاكم مركز دبي المالي العالمي هي صاحبة اختصاص استثنائي لا يدخل فـي ولايتهـا القـضائية الدعوى ،اختصاص التصديق على أحكام مركز دبي للتحكيم الدولي ، بإعتبار أن هذا المركز لـيـس جـهـة تابعة لمحاكم مركز دبي المالي العالمي ، وأن النزاع لا يتعلق بأي جهة تابعة لمحـاكم المركـز المذكور ، ولا عن علاقة نشأت داخل المركز ، مما ينفي عن محاكم المركز الاختصاص بنظـر التصديق على الحكم التحكيمي المذكور . واضافتا ( المدعيتان ) أن تصدي محاكم مركز دبي المالي العالمي لنظر طلب التصديق على الحكم التحكيمي ، وكذلك تصدي محاكم دبي لنظر دعوى ابطال الحكم التحكيمـي ذاتـه ، خلـق وضعية التنازع الايجابي بين جهتين قضائيتين محليتين داخل إمارة واحدة ، مما يتعين فض هـذا التنازع ، وهو ما ينعقد الاختصاص فيه للمحكمة الاتحادية العليا ، عملا بالمادة ( 10/33 ) من قانون المحكمة الاتحادية العليا ، وهذا ما حدا المدعيتين على إقامة دعواهما الماثلة . وحيث إن المدعى عليها ( بنيان تری ... ) ردت على الدعوى بمذكرة جوابية دفعت فيها بعدم قبول دعوى التنازع المرفوعة من المدعية الأولى " مؤسسة مدينة ميدان " لانتفاء صفتها ومصلحتها فيها ، إذ لم يقض عليها بشيء في دعوى التحكيم ، وإنها ليست طرفا في دعوى التـصديق علـى الحكم التحكيمي ، ولا في دعوى إبطال حكم التحكيم . كما دفعت بعدم قبولها كذلك لعدم توافر أي حالة من حالات تنازع الاختصاص المحددة بالمادة 9 / 33-10 من قـانون المحكمـة الاتحاديـة العليا ، إذ لم يكن قد صدر يوم ايداع صحيفة دعوى التنازع الماثلة بمكتب إدارة الدعوى بالمحكمة العليا سوى حكم محاكم مركز دبي العالمي المالي ، ولم يكن قد صدر حكم في دعوى بطلان حكم التحكيم ، مما لا يتصور قيام تنازع . وأن محاكم مركز دبي المالي العالمي مختصة بنظر دعـوى التصديق ، عملا بقانونها الأساسي رقم 12 لسنة 2004 وتعديلاته خاصة المـادة ( 5 / هـ ) ، وأن ولاية المحكمة الاتحادية العليا بنظر دعاوى التنازع محصورة في تعيين المحكمة المختصة فـي حالتين : حالة صدور أحكام الجهات القضائية في الدولة تتنازع الاختصاص سلباً أو ايجاباً ، وحالة إن أصدرت ذات الجهات القضائية أحكاماً متناقضة ، وأن أيا من الحالتين لم تتوافر فـي دعـوى التنازع الماثلة ، إذ إن حكم التصديق الصادر من محاكم مركز دبي المالي العالمي أصـبح باتـاً ونهائيا بموجب قوانين المركز ، وأن محاكم دبي لم تصدر حكماً نهائياً في دعوى إيطـال حـكـم التحكيم ، وأن مطالبات الخصوم في دعوى التصديق على أحكام التحكيم تختلف عـن مطالبـات الخصوم في دعوى إبطال ذلك الحكم ، وأن طلب إجراء التصديق أمام محـاكم مركـز دبـي لا يستبعد طلب إجراء بطلان التصديق أمام محكمة دبي ، لاختلاف الدعويين .وحيث إنه في جلسة 2015/11/11 حضر الطرفان كل بوكيل عنه ، وقدم الحاضـر عـن المدعيتين مذكرة خلص فيها الى طلب الفصل في التنازع الايجابي الماثل والقضاء باختـصاص محاكم دبي بنظر دعوى تصديق حكم المحكمين رقم 81 لسنة 2010 الصادر عن مركـز دبـي للتحكيم الدولي ، وطلب الحاضر عن المدعى عليها أجلا للرد . وفي الجلسة ذاتها قررت الدائرة حجز الدعوى للحكم لجلسة 2015/12/16 ، مع التصريح لمن شاء من الطرفين ايداع مـذكرات ختامية خلال عشرين يوماً . وخلال الأجل المحدد أودعت المدعى عليها مذكرة بردها على مذكرة المدعيتين ، ختمتها بطلب القضاء بعدم اختصاص المحكمة الاتحادية العليا ولائيا بنظـر دعـوى التنازع وموضوعه . . وحيث تداولت الدعوى أمام قاضي التحضير ، ثم المرافعة ، وحددت جلسة اليـوم للنطـق بالحكم ، وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعى عليها ( بنيان ترى ... ) بعدم ولاية المحكمة الاتحادية العليا بنظر دعوى التنازع الماثلة ، فإنه مردود ذلك أن الولاية القضائية للمحاكم ، تعني صـلاحية المحكمة في نظر الدعوى أو الطلب المعروض عليها في إطار توزيع الصلاحيات القضائية بـين جهات القضاء المختلفة داخل الدولة الواحدة . ولما كان النص في البندين ( 10،9 ) من المادة ( 33 ) من القانون الاتحادي رقم ( 10 ) لسنة 1973 في شأن المحكمة الاتحادية العليـا بـأن ( تخـتص المحكمة الاتحادية العليا دون غيرها بالفصل في الأمور التالية : - ... ، 9- تنازع الاختصاص بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية في الامارات . 10- تنازع الاختصاص بين هيئة قضائية في إمارة وهيئة قضائية في إمارة أخرى أو بين الهيئات القضائية في أية إمارة فيمـا بـين .... ) . وكذلك النص في المادة ( 60 ) من ذات القانون على أنه ( في حالة تنازع الاختصاص بين جهتـين أو أكثر من جهات القضاء المشار اليها في البندين 9 ، 10 من المادة 33 بأن لـم تتخـل تلـك الجهات عن نظر الدعوى أو تخلت جميعها عن نظرها أو قضت فيها بأحكام متناقضة ، يرفـع طلب تعيين المحكمة المختصة الى المحكمة الاتحادية العليا ... ) يدلان على أن المشرع قـد نـاط بالمحكمة الاتحادية العليا وحدها ولاية الفصل في مسألة تنازع الاختصاص السلبي أو الايجـابي بين القضاء الاتحادي والهيئات القضائية في الامارات الاتحادية أو المحلية سواء في إمارة واحدة في ما بينهما أو في امارتين مختلفتين . وكان طلب المدعيتين منصباً علـى تعيين المحكمـة المختصة بنظر دعوى التصديق على حكم المحكمين رقم ( 81 ) لسنة 2010 ، وهو ما يندرج تحت الحالة الأولى من حالتي الصلاحية التي تمتلكها المحكمة الاتحادية العليا ، عملاً بالمادة ( 60 ) سالفة البيان ، مما يغدو معه النعي في غير محله . وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعى عليها بعدم قبول الدعوى الماثلة قبل المدعية الأولى ( مؤسسة مدينة ميدان ) ، لانتفاء صفتها ومصلحتها فيها ، فهو في غير محله ، ذلك أنـه لا يـشترط تطابق عناصر الصفة والمصلحة في الدعويين الموضوعية ودعوى التنازع ، لاستقلال كل منهما عن الآخر محلاً وسبباً . لما كان ذلك الثابت من أوراق الدعوى الماثلة أن المدعية الأولى " مؤسسة مدينة ميدان " مؤسسة حكومية تابعة لحكومة دبي ، وهـي المالكـة للمدعيـة الثانيـة ( مجموعـة میدان ... ) ، مما مؤدى هذه العلاقة أن ما قد يتقرر من حقوق للمدعية الثانية يعتبر حقـاً للأولـى بحكم العلاقة بينهما . وبالمقابل فإن ما قد قضى على الثانية سوف يكون التزاماً على الأولى ، وهو ما يتوافر به الصفة والمصلحة للمدعية الأولى في الدعوى الماثلة ، ومن ثم يغدو الدفع في غيـر محله . وحيث إنه عن موضوع دعوى التنازع ، فمن المقرر في قضاء هـذه المحكمـة أن تنـازع الاختصاص السلبي يقوم عندما تقرر كلتا الجهتين القضائيتين المتـداعيتين أمامهمـا عـن ذات الموضوع ، انحسار نطاق ولايتهما عن نظره ، وبالتالي تتخلى كلتاهما عنه . أما تنازع الاختصاص يجابي فيقوم عندما تتمسك جهتان قضائيتان مرفوع أمامهما نزاع بذات الموضوع بإختصاص الفصل فيه بحسبان أنه مما يسعه نطاق ولايتهما . فلا تتخلى أيهما عن نظره ، وهـو مـا يبـرر الالتجاء الى محكمة التنازع للفصل فيه بتعيين الجهة القضائية المختصة . إلا أن ذلك منوط بـأن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين ، وأن تكون كلتاهما قـد تـمـسكتا بإختصاصها بنظرها وعدم التخلي عنها عند رفع الأمر الى الجهة الموكول اليها تعيين المحكمـة المختصة بنظرها والفصل فيها . أما إذا كانت احدى الجهتين قد أصدرت فعلا حكماً نهائيـا فـي موضوع النزاع قبل رفع دعوى التنازع واستنفذت ولايتها في الفصل في الخصومة وخرجت من يدها بحكم نهائي فيها ، فلن يكون هناك بالتالي ثمة تنازع ينتظر الفصل فيه ، إذا لم تعد الخصومة مرددة بين جهتين ، وتزول بالتبعية حالة التنازع ، ذلك أن تردد الخصومة بين جهتين تتنازعانهـا هو الذي يبرر الالتجاء الى الجهة التي يحددها القانون لتعيين المحكمة المختصة لنظر التنـازع . لما كان ذلك ، وكان الثابت من أوراق الدعوى الماثلة أن محاكم مركز دبي المالي قضت ابتـدائياً في دعوى طلب التصديق على حكم التحكيم الصادر من مركز دبي للتحكيم الدولي ، وأن حكمهـا تأيد استئنافياً من محكمة استئناف المركز ذاته ، وأضحى الحكم نهائياً وباتـاً بموجـب القـوانين القضائية الأساسية للمركز ، وأن المدعيتين اقامتا دعواهما أمام محاكم دبي بطلب إبطـال حـكـم التحكيم سالف البيان في تاريخ لاحق على حكم محاكم مركز دبي المالي أن محكمة دبي الابتدائية الناظرة في الدعوى رقم 2127 لسنة 2014 تجاري كلي بطلب إيطال حكم التحكيم رقـم ( 81 ) لسنة 2010 ، قضت في 2015/4/22 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى . وكان مؤدى هـذا الثابت انتفاء حالة التنازع الايجابي الذي أقامت المدعيتان دعواهما الماثلة عليها ، مما يتعين الحكم برفض الدعوى . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضورياً : برفض الدعوى وألزمت المدعيتان الرسم والمصروفات وألفـي درهم مقابل أتعاب محاماة للمدعى عليها . أمين السر العضو العضو الرئيس صديق سيد أحمد الغول - د . أحمد الصايغ - محمد عبد الرحمن الجراح - د . عبد الوهاب عبدول مجلة التحكيم العالمية 2017 - العدد الثالث والثلاثون