الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم القضائي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم والقانون الخليجي العدد الخمسين / التحكيم بين ارادة الخصوم وسلطة القضاء

  • الاسم

    مجلة التحكيم والقانون الخليجي العدد الخمسين
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    31

التفاصيل طباعة نسخ

التحكيم بين ارادة الخصوم وسلطة القضاء

 

في الوقت الذي أضحت فيه الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، الطريق الأول والأهم الذي يسعى إليه الأطراف لتسوية المنازعات بمختلف أنواعها، إستحوذ نظام التحكيم على جزء كبير من هذه المنازعات، نظرا لما يتمتع به من خصوصية ومميزات عديدة، تجعله النظام الأسمى من بين الطرق الأخرى البديلة لتسوية المنازعات.

 وبلا شك أن العلاقة وطيدة ومتينة بين القضاء والتحكيم، بل إن سلطة القضاء لطالما أكدت على أهمية التحكيم وحجيته في حجب الإختصاص الأصيل للقضاء، فقد أكدت على أن الإلتجاء إلى التحكيم بإعتباره طريقا للتقاضي قوامه إرادة الخصوم ومبني أصلا على إنفاقهم بإعتباره طريقا إستثنائيا يرتكز أساسا على حكم القانون، فلا يجوز الإلتجاء إليه إلا في حدود ما يسمح به، مما يتعين حتما قصره على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين في هذه الحدود دون غيرها. وعلى الرغم من أن التحكيم أصبح منافسة قوية للقضاء في فض وتسوية المنازعات بمختلف أنواعها، إلا أن المحاكم لا تزال تؤكد في العديد من الأحكام الصادرة عنها على حجية شرط وإتفاق التحكيم باعتباره حاجبا الإختصاص القضاء ينظر النزاع ولذا أصبح نظام التحكيم يدور بين إرادة الخصوم وسلطة القضاء،  وثارت حول هذه المسألة العديد من التساؤلات، عما إذا كانت العلاقة بين القضاء والتحكيم، علاقة تكاملية أم تنافسية أم رقابية؟ وبلا شك أن الجهود الدولية المبذولة في العديد من الإتفاقيات والقوانين المنظمة سعت لتوفير أكبر قدر ممكن من الضمانات اللازمة لنظام التحكيم، في سبيل تحقيق فاعليته، خصوصا بعد أن أصبح التحكيم بديلا فريدا عن التقاضي في تسوية المنازعات بمختلف أنواعها، حيث أصبح نموذجا رائدا لتحقيق العدالة الناجزة، في ظل سرعة الإجراءات والمحافظة على العلاقات بين طرفي الخصومة ، إلا أنه وفي الوقت ذاته يحتاج التحكيم إلى مبادئ القضاء لترسيخ مفاهيمه وأهدافه. وفي ذلك صدرت العديد من الأحكام القضائية والمبادئ القانونية في عددا من الدول الخليجية، والتي سعت لتنظيم عملية التحكيم من خلال التأكيد على ضرورة إنفاق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم، ومن تلك الأحكام ما يلي :

 الحكم الصادر عن محكمة التمييز بدولة الكويت - الدائرة التجارية - في الطعن رقم 1296 تجاري لعام 2006، والذي قضى به "يستمد المحكم ولايته من إتفاق التحكيم بينما يستمد القضاة ولايتهم من القانون ، إذا كان موضوع العقد مخالفا للنظام العام فإن الحكم ببطلان العقد يؤدي إلى بطلان شرط التحكيم المدرج فيه۰

 الحكم الصادر عن محكمة التمييز بمملكة البحرين - في الطعن رقم 112 لعام 2003، والذي قضى ب "لا يصح إتفاق التحكيم الذي يوقعه الوكيل نيابة عن الأصيل إذا كانت وكالته لا تتضمن تفويضا صريحا بذلك. ويعتبر التحكيم الصادر بناء على ذلك الإتفاق باطل لعدم صحة مصدره" , :

 الحكم الصادر عن محكمة التمييز بدولة الإمارات العربية المتحدة (دبي) - في الطعن رقم 87 لعام 2003، والذي قضى ب "شرط التحكيم المطبوع في سند الشحن البحري بخط غير واضح ومقروء يعتبر شرطة باطلا. ولا يمكن إفتراض معرفة الأطراف مسبقا بوجود شرط التحكيم على أساس أنهم شركات تعمل في النقل البحري ويتعاملون بسندات متشابهة" 

ولكل مطلع على هذه الأحكام وغيرها من الأحكام الأخرى الصادرة عن القضاء في مختلف الدول الخليجية أو العربية، يتأكد من أن سلطة القضاء جاءت تنظيمية لتوضيح إرادة وسلوك الأطراف في الإتفاق على اللجوء إلى التحكيم، حيث أن جميع هذه الأحكام شددت على ضرورة تحقق الإرادة الفعلية والحقيقية لدى الأطراف في رغبتهم الأكيدة في الإنفاق على اللجوء إلى التحكيم لفض وتسوية النزاع القائم بينهم، مما يؤكد على أن العلاقة بين القضاء والتحكيم علاقة تكاملية تهدف للتنظيم والترشيد من خلال المراقبة التي يمارسها القضاء في نظر طعون البطلان ودعاوي الإلغاء التي تقام أمامه، فلا يمكن أن يقوم نظام التحكيم دون وجود أحكام ومبادئ من القضاء تؤكد على هذا الحق وتسعى لتنظيمه وترسيخ مبادئه