التحكيم / التحكيم في منازعات سوق الأوراق المالية - الكويت / المجلات العلمية / مجلة التحكيم والقانون الخليجي العدد الخمسين / التحكيم في منازعات الإعتمادات المستندية
الإعتمادات المستندية لها دور كبير في تحريك التجارة الدولية. وتلعب البنوك دورا كبيرا في إصدار وإعتماد وتمويل الإعتمادات المستندية, والإعتماد المستندي هو عبارة عن كتاب تعهد صادر من البنك فاتح الإعتماد بناء على طلب أحد عملائه المستوردين (المشتري) يتعهد فيه البنك بدفع مبلغ أو تفويض بنك آخر بالدفع أو قبول سحوبات لصالح المستفيد وهو المصدر( المورد ) وذلك مقابل استلام مستندات مطابقة للشروط المتفق عليها والواردة في الإعتماد، وقانونا، يلتزم البنك بالسداد بعد إستلام المستندات الخاصة بالعملية، ولذا تسمى بالإعتمادات المستندية. ومنها، شهادة المنشأ وبوليصة الشحن والفاتورة التجارية وشهادة التعبئة وشهادة الوزن وشهادة المواصفات وشهادة المعاينة والشهادة الصحية الطبية. وهناك عدة بنوك مرتبطة بالإعتمادات المستندية منها البنك فاتح الإعتماد والبنك المراسل والبنك المعزز وغيرهم، ولكل بنك دور محدد في دورة الإعتماد المستندي.
وتقوم غرفة التجارة الدولية بباريس (ICC)، ممثلة في لجانها الفنية المختلفة، بإصدار العديد من اللوائح والأنظمة الموحدة المتعلقة بالإعتمادات المستندية من أجل تنظيم التجارة الدولية التي تتم عبر الخدمات المصرفية. ولتحقيق هذا الغرض أصدرت غرفة التجارة الدولية عدة لوائح تنظيمية هامة. ومنها نذكر، القواعد الموحدة والممارسات المصرفية التنظيم الإعتمادات المستندية (يوسي بي ) وآخرها هي (يوسي في 600)، والقواعد الموحدة الغرفة التجارة الدولية لإعادة الدفع بين البنوك للإعتمادات المستندية (يوآرآر)، والقواعد الموحدة لغرفة التجارة الدولية للتحصيل (يو آر سي )، والقواعد الموحدة الأحكام الضمانات المصرفية (يو آر دي جي )، والقواعد الموحدة لتوفير الخبرة التسوية منازعات الإعتمادات المستندية (دوکدکس )...، وهذه القواعد الموحدة المتعددة الأغراض تبين لنا أهمية الدور الذي تلعبه الإعتمادات المستندية عبر الصناعة المصرفية في دعم التجارة الدولية إن إزدهار التجارة الدولية عبر القطاع المصرفي و عملياته المرتبطة بالعملاء والتجار يجد الرعاية القصوى من غرفة التجارة الدولية.
ويوميا، تتم الإجراءات الخاصة بتمويل الإعتمادات المستندية بمئات الملايين من الدولارات، وهذا إنجاز كبير يستفيد منه العالم، ولكن، هل هذا الزخم لا يخلو من المشاكل والعقبات والمشاحنات بين الأطراف. بالطبع لا، فهناك الإنجازات وهناك الإخفاقات التي تقود للخلافات والخصومات. ونظرا لأن غرفة التجارة | الدولية تعتبر الحاضنة الرئيسية للإعتمادات المستندية، نجد أن هذه الغرفة أولت اهتماما خاصا بوسائل تسوية المنازعات پشتی أشكالها، والتي من الطبيعي أن تطرأ من وقت لآخر بين الأطراف.
ومن أجل حسم المنازعات، قامت غرفة التجارة الدولية بإنشاء "محكمة التحكيم الدولية" كبديل قانوني مناسب لتسوية المنازعات التجارية والمصرفية وغيرها من أنواع المنازعات المختلفة، ولقد قامت محكمة التحكيم الدولية" بإنجاز أعمال كبيرة تم من خلالها التسوية الناجزة للعديد من المنازعات الصعبة، وهذا العمل شكل ويشكل حافزا كبيرا ودعما ملموسة الدعم التجارة الدولية لأن توفير العدل والعدالة بخلق الثقة ويوفر الطمأنينة في النفوس ويوسع المعاملات بين مختلف الأطراف.
ولم تقف غرفة التجارة الدولية عند هذا الحد فقط، بل سارت في مشوار البحث المضني التقديم المزيد من بدائل تسوية المنازعات التي تطرأ بخصوص كافة العمليات المصرفية ومنها تلك المرتبطة بالإعتمادات المستندية بكل أشكالها وأنواعها، وذلك لتعقيد وصعوبة وخصوصية هذه المعاملات الهامة وأثرها المباشر في التجارة الدولية والصناعة المصرفية. وفي هذا الخضم وتحقيقا له، تم إستحداث نظام خاص بغرفة التجارة الدولية لتقديم الخبرة الفنية التسوية المنازعات المتعلقة بكافة عمليات الإعتمادات المستندية، وبموجب هذا النظام تم إنشاء مركز الخبرة التابع الغرفة التجارة الدولية وهو مرتبط مباشرة بسكرتارية غرفة التحكيم الدولية إن مركز "الخبرة" المعني يتكون من خبراء من القطاعات المصرفية والقانونية والمحاسبية وغيرهم من القطاعات الفنية ذات العلاقة بنشاط الإعتمادات المستندية، ويتم إختيار هؤلاء الخبراء بعناية فائقة بواسطة غرفة التجارة الدولية.
وتتم إحالة كافة المنازعات الخاصة بالإعتمادات المستندية المبينة أعلاه لمركز "الخبرة" للنظر فيها وإصدار القرارات الفنية في كل نزاع، وللعلم، ووفق نظام تسوية المنازعات المتعلقة بالإعتمادات المستفدية، يجوز الصاحب الدعوى المدعي تقديم طلبه لمركز الخبراء موضحة قضيته ومرفقا كل المستندات والبيانات الضرورية وعلى الطرف الآخر " المدعى عليه تقديم دفاعه متضمنا حججه ورأيه المشفوع بالمستندات والبيانات الضرورية المركز الخبرة، مع العلم، أن القرار الخاص بالنزاع قد يصدر إذا لم يقدم "المدعي عليه" دفاعه ومستنداته خلال الفترة الزمنية المحددة له تحقيقا للعدالة الناجزة.
ولذا يجب الحرص من جميع أطراف النزاع، والإلتزام بالمواعيد المقررة والا عليه تحمل النتائج مهما كانت. وكما ذكرنا تتوفر بغرفة التجارة الدولية قوائم بكل الخبراء من الفئات الفنية المتخصصة والمؤهلة للنظر في مسائل الإعتمادات المستندية ومنازعاتها المختلفة الأوجه والمتشعبة المداخل والمتعددة الأوجه.
وفي هذا الخصوص، تقوم غرفة التجارة الدولية باختيار 3 (ثلاثة أشخاص من قائمة الخبراء ممن تتوفر فيهم الكفاءة والخبرة الفنية الخاصة لدراسة وتقييم المنازعات وإصدار القرارات الفنية التي تراها بشأنها. مع العلم، أن لجنة الخبراء بعد الإنتهاء من عملها تقوم بتقديم رأيها الى "خبيرخاص "يتم تعيينه بواسطة لجنة المصارف التي تتبع لغرفة التجارة الدولية، وذلك إستفادة لما له من خيرة ومعرفة في مجال الإعتمادات المستندية والقرارت المنظمة لها. ويقوم هذا "الخبير الخاص " يدور في هام جدة يتمثل في مراجعة القرار للتأكد من أنه يطابق وينسجم أولا يتعارض مع القواعد التنظيمية الخاصة بالإعتمادات المستندية الصادرة من غرفة التجارة الدولية بباريس.
عبر هذه الممارسة يتم نظر المنازعات المتعلقة بالإعتمادات المستندية في خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر على أقصى حد، وفي هذا تطور كبير وكسب للزمن عصب التجارة ، لأن عرض مثل هذه المنازعات للمحاكم يأخذ وقتا طويلا بل سنوات عديدة وفي الكثير من الحالات فإن القرارات القضائية الصادرة قد تكون غير منسجمة ولا تتوافق مع الممارسات المصرفية السليمة المتعارف عليها دوليا ولهذا إنعكاسات غير محمودة على الصناعة المصرفية، ومن هنا يتبين أن صناعة ومهنة التحكيم لها أفضال كثيرة في حسم المنازعات المصرفية الفنية مهما كانت صعبة، وفي أسرع وقت وفي منتهى السرية التي يتميز بها التحكيم ويعض عليها بالنواجذ، لأن القرار يصدر من أصحاب الخبرة الطويلة والعلم الكافي والمهنية المكتسبة. ومن هذا يتم تجاوز العديد من المشكلات الفنية اليومية التي قد تعترض مسار التجارة الدولية والممارسات المصرفية السليمة المتعلقة بالإعتمادات المستندية، وبهذا الوضع السليم، يستمر دولاب العمل التجاري التغطية جميع متطلبات المجتمع والمصدر والمورد والمستهلك. وفي هذا مكسب كبير لكل القطاع المصرفي خاصة في دوائر خدمات الاعتمادات المستندية وتسهيل تمويل مشتقاتها المتعددة.
إضافة لما أوضحنا أعلاه، فان من مميزات "نظام التحكيم في منازعات الإعتمادات المستندية" أن ما يصدر عنه من قرارت وأحكام تعتبر " معيار مهني " وسط المهنة المصرفية و"بنش مارك" للإسترشاد به حيث يتم إتباع هذه القرارت بواسطة البنوك عند التعامل مع الإعتمادات المستندية. وبالطبع، فإن هذه المرجعية الفنية تدعم تطور المهنة المصرفية الى حد كبير، وتقود أيضا في نفس الوقت إلى إنتهاج أفضل الممارسات المصرفية السليمة المتطورة من أجل تقديم أفضل الخدمات لصالح البنوك والعملاء من أفراد أو شركات أو دول. وتأكيدا لأهمية هذا النظام، ظلت غرفة التجارة الدولية تحرص وتدعو لإجتماعات ولقاءات عصف ذهني يتم فيها مناقشة كيفية دعم وتطوير النظام، مع المناداة باللجوء إليه كلما تعثر الوضع أو تعذر لأن النظام يحمل في طياته الذخيرة الكافية من الأحكام والقرارات المطلوبة لحسم منازعات الإعتمادات المستندية المتعددة المشارب. ومن واقع تجربتنا القانونية المصرفية فإننا ندعم هذا التوجه لأهميته وفاعليته إضافة لأنه الأجدي نظرة للخبرة التراكمية المكتسبة عند غرفة التجارة الدولية بخصوص "إبنها الشرعي" لأنها قامت باصدار كل القواعد الموحدة للإعتمادات المستندية وغيرها من تلك القواعد الموحدة الصادرة التنظيم الخدمات المصرفية. وتقول، ما زال في رحم التجارة والصناعة المصرفية العديد من الإنجازات وهذا يقابله إستعداد غرفة التجارة الدولية التطوير وتحديث القواعد والضوابط كلما دعى الحال، وخاصة المتعلقة بتسوية المنازعات عبر التحكيم ،، وتستمر المسيرة وعلينا الإستفادة منها لتطوير التجارة الدولية وكل العمليات المصرفية الخاصة بالإعتمادات المستندية .