الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / الموقف النهائي من التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام، وإصدار القانون رقم 4 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون 97 لسنة 1983 

  • الاسم

    محمد عبدالتواب عبدالحسيب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    732
  • رقم الصفحة

    475

التفاصيل طباعة نسخ

الموقف النهائي من التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام، وإصدار القانون رقم 4 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون 97 لسنة 1983 

    يتجلى الموقف النهائي للتحكيم الإجباري في منازعات هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 بإصدار القانون رقم 4 السنة 2020 حيث صدر هذا القانون بعد إجراءات كثيرة ومضنية قامت بها الحكومة المصرية في الآونة الأخيرة حيث أقدمت على صياغة مشروع قانون يشتمل على تطوير القطاع العام باعتباره الركيزة الأساسية للاقتصاد القومي ودعمه عن طريق التصدي للمشكلات التي تعترض انطلاقه ووضع حلول جذرية لها وتهيئة المناخ المناسب لكي تقوم شركات القطاع العام بدورها المطلوب في ضوء الخطة الاقتصادية العامة للدولة على الوجه الأمثل من خلال منح شركات القطاع العام المرونة في اتخاذ قراراتها.

    وبالفعل صدر القانون رقم 4 لسنة 2020  بتعديل بعض أحكام قانون هيئات القطاع العام، وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 بعد تصديق رئيس الجمهورية عليه ونشره بالجريدة الرسمية ، وذلك بعد أن وافق عليه البرلمان نهائيا ونص على ثلاث مواد فقط كالآتي:

   تنص المادة الأولى منه على: "إلغاء الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983".

    وتنص المادة الثانية على أن: " يستمر نظر المنازعات التي أقيمت أمام هيئات التحكيم الإجباري قبل العمل بأحكام هذا القانون إلى أن يفصل فيها وذلك ما لم يتقدم أطراف الدعوى التحكيمية بطلب إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة وتلتزم هيئات التحكيم الإجباري بإحالة النزاع إلى المحكمة المختصة الفور تقديم هذا الطلب دون رسوم.

   ولا تسري أحكام الفقرة الأولى على الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بهذا القانون، وتبقى الأحكام الصادرة فيها خاضعة للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدورها".

    أما المادة الثالثة قررت بأن : " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ويبصم هذا القانون بخاتم الدولة وينفذ كقانون من قوانينها ".

   ويستفاد من نصوص القانون الجديد إلى أن المشرع قام بإلغاء التحكيم الإجباري في منازعات هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، وبالتالي يكون إنهاء المنازعات التي قد تثار بين شركات القطاع العام بعضها البعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية، وجهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى، باللجوء إلى القضاء، رجوعاً للقاعدة العامة المقررة في ذلك، والاستفادة من مبدأ تعدد درجات التقاضي أو الاتفاق على التحكيم إذا ما توافرت شروطه بما يعني أن اللجوء إلى التحكيم أصبح اختيارياً، وليس إجباراً؛ فيجوز الاتفاق عليه لحسم تلك المنازعات إذا ما توافرت شروطه.

   وإيماناً من المشرع بأهمية تعزيز مبدأ الاستقرار في المراكز القانونية بين الخصوم بالنسبة لطلبات التحكيم الإجباري المقدمة إلى هيئات التحكيم قبل العمل بأحكام هذا القانون؛ فقد نص المشرع في المادة الثانية على أن يستمر نظر هذه الطلبات إلى أن يفصل فيها، ومن الممكن وقبل الفصل في هذه الطلبات أن يتقدم الأطراف بطلب لإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة وفي هذه الحالة يلزم على هيئات التحكيم الإجباري وقف الفصل في الدعوى أولا، ومن ثم يتم إحالة النزاع إلى المحكمة المختصة فور تقديم هذا الطلب بدون رسوم.

    وأوضحت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب في تقريرها المقدم إلى المجلس الأسباب التي دعت الحكومة إلى إجراء هذا التعديل حين أوضحت في تقريرها أن: "تضمن الباب السابع من الكتاب الثاني للقانون رقم 97 لسنة 1983 المزمع إلغاؤه النص على سبيل وحيد للفضل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية، وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى، وهو طريق التحكيم الإجباري على خلاف الأصل فالأصل العام في التحكيم أن يكون وليداً لاتفاق الخصوم على اللجوء إليه بوصفه طريقاً بديلاً عن اللجوء إلى القضاء لفض ما يثور بينهم من منازعات وفي الحدود والأوضاع التي تتراضي إرادتهم عليها وليس هناك ما يحول دون الخروج على هذا الأصل العام بسلوك التحكيم الإجباري إذا ما قامت أوضاع خاصة بخصوم محددين، وفي شأن منازعات معينة لها طبيعتها المغايرة لطبيعة المنازعات العادية على نحو ما ورد بالقانون رقم 67 لسنة 1983، كما ذكر تقرير اللجنة إلى أن سلوك التحكيم الإجباري في القانون 97 لسنة 1983 يمثل خروجاً على مبدأ سلطات الإرادة الذي يقضي باتفاق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم بتلاقي إرادتهم على ذلك فضلاً عما يمثله ذلك من حرمان أطراف النزاع من تعدد درجات التقاضي حال سلوك طريق القضاء العادي".

    كما أكد السيد الأستاذ الدكتور رئيس مجلس النواب على أهمية إلغاء التحكيم الإجباري في منازعات هيئات القطاع العام؛ لكون التحكيم الإجباري في المنازعات والقضايا غير دستوري لأن التحكيم قوامه حرية الإرادة وهو ما يفتقده التحكيم الإجباري كما أن التحكيم الاختياري أكثر مرونة من التحكيم الإجباري خصوصاً فيما يتعلق بالقرارات التي تتخذها شركات القطاع العام مشيراً سيادته إلى حكم المحكمة الدستورية العليا الخاص بعدم دستورية التحكيم الإجباري المنصوص عليه بالقانون رقم 48 لسنة 1997 والخاص بإنشاء بنك فيصل الإسلامي والذي كان يجب إسقاطه على كل ما يتعلق بالتحكيم الإجباري في أي قانون كما عدد سيادته مزايا أخرى لمشروع القانون المقدم سالف الذكر حيث إن إلغاء التحكيم الإجباري يجعل التحكيم اختيارياً وفي حالة اتفاق أطراف منازعات هيئات القطاع العام على اللجوء إليه يخفف العبء عن القضاء ونسرع في حركة انتقال الأموال للأشخاص وقال سيادته أنه بالرغم من أن التحكيم قيد على القضاء الوطني إلا أن الاتجاه العالمي كله وحتى الحكومة دائماً ما تلجأ إلى التحكيم كما أن هناك فتاوی ملزمة عنه باعتباره وسيلة حديثة من وسائل فض المنازعات وفي هذا الصدد انتقد سيادته الإدارات القانونية الموجودة بالقطاع العام باعتبارها إحدى مشكلات القطاع العام الإدارية والهيكلية حيث أكد سيادته أن هذه القطاعات تحتاج إلى المزيد من التدريب على الوسائل الحديثة في فض المنازعات وكيفية كتابة المذكرات والرأي القانوني وطالب بتدريبهم بالمراكز القانونية التدريبية المؤهلة لذلك وعقد المزيد من الدورات التدريبية لهم.

 رأي الباحث

    يذهب الباحث إلى أن القانون سالف الذكر يمثل خطوة كبيرة نحو جهود الحكومة المبذولة التي تتخذها منذ عام 2017 في مجال تحسين مناخ الاستثمار في مصر، والذي أكدته المؤشرات المحلية والتقارير الدولية الكثيرة تلك الجهود التي تهدف إلى تهيئة بيئة أكثر جذبا للاستثمار تكون ركائزها الأساسية هي توفير الضمانات اللازمة له والحوافز الخاصة به من أجل التغلب على كل الإشكاليات والعواقب منها إجبار أطراف المنازعات عموماً ومنازعات هيئات القطاع العام على سلوك طريق واحد فقط للفصل في المنازعات سواء التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أم بين شركة قطاع عام من ناحية، وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة أو مؤسسة عامة ألا وهو طريق التحكيم الإجباري.

   كما أن هذا القانون يتماشى مع التوجه العام للحكومة الذي يقضي بأنه على كل أجهزة الدولة التي تتبادل القضايا أن تجلس معا وتسوى القضايا بطريقة ودية وهناك توجيه بعدم إقامة أي قضايا مستقبلاً بين جهة حكومية وأخرى وأن تلجأ للمستشارين القانونيين في كل جهة لتسوية هذه القضايا وهذه الإجراءات تتم بالتوازي مع إعداد وصياغة مشروع القانون المعروض على المجلس.

   كما يذهب الباحث إلى أن هناك بعض الإشكاليات التي يفرضها هذا القانون من خلال الثلاث مواد التي يشملها والتي تتمثل في مشكلة من المحتمل أن تواجهها هيئات التحكيم تتعلق بتحديد القواعد والإجراءات الواجب تطبيقها على منازعات التحكيم المنظورة أمامها خلال الفترة من تاريخ العمل بالقانون وحتى الفصل فيها على اعتبار أن المادة الأولى من هذا القانون تقضي بإلغاء التحكيم الإجباري الوارد بالباب السابع من هذا القانون وذلك في حالة عدم طلب أطراف المنازعة إحالتها إلى المحكمة المختصة ومن ثم استمرار نظر تلك المنازعات أمام هيئات التحكيم الإجباري هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يلاحظ أن نصوص القانون الجديد لم تعالج الاختصاص بنظر منازعات التنفيذ وغيرها من طلبات التفسير والإغفال وتصحيح الخطأ المادي بالنسبة للأحكام الصادرة من هيئات التحكيم قبل العمل بأحكام مشروع القانون وهو الأمر الذي يغاير منهج المشرع في صياغة كثير من القوانين التي تقضي أحكامها بإجراء تعديل ومعالجة قواعد الاختصاص بنظر منازعات التنفيذ وغيرها من الطلبات سالفة الذكر.