الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / مصير التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام 

  • الاسم

    محمد عبدالتواب عبدالحسيب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    732
  • رقم الصفحة

    462

التفاصيل طباعة نسخ

مصير التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام 

مصير التحكيم الإجباري بعد صدور قانون 203 لسنة 1991

    قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادرة بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على الشركات المشار إليها ".

   كما نصت المادة الثانية على أن: " تحل الشركات القابضة محل هيئات القطاع العام الخاضعة لأحكام القانون 97 لسنة 1983 كما تحل الشركات التابعة محل الشركة التي تشرف عليها هذه الهيئات اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القانون دون حاجة إلى أي إجراء آخر ".

   كما نصت المادة 40 منه على أن: " يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيها بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين أو أجانب وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

   كما نصت المادة 41 على أن: " طلبات التحكيم بين شركات القطاع العام أو بينها وبين جهة حكومية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة والتي قدمت قبل تاريخ العمل بهذا القانون يستمر نظرها أمام هيئات التحكيم المشكلة طبقاً للأحكام والإجراءات المنصوص عليه فيه".

   و التساؤل الذي يفرض نفسه هنا في هذا المقام ألا وهو هل معنی هذا أن القانون 203 لسنة 1991 ألغي التحكيم الإجباري بصورة كلية وبصفة نهائية ومباشرة بعد صدوره خصوصا فيما يخص طلبات التحكيم الإجباري المقدمة قبل العمل بأحكام القانون سالف الذكر؟

   يتضح من النصوص السابقة أن التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام قد انحسر وأصبح نطاقه ضيقاً بعد صدور قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 . على اعتبار أن من حق الأطراف اللجوء إلى التحكيم الاختياري الوارد في قانون المرافعات المدنية والتجارية والذي كان سارياً وقت صدور قانون قطاع الأعمال العام والذي حل محله قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية سواء كانت هذه المنازعات فيما بينها أم بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأشخاص الطبيعيين وبصرف النظر عن جنسية هؤلاء الأشخاص.

   كما يتضح من النصوص السابقة أنه بعد انتهاء الفصل في المنازعات المتعلقة بشركات القطاع العام والمنازعات الخاصة بتنفيذ الأحكام الصادرة من هيئات التحكيم التي كانت مثارة في ظل تطبيق القانون رقم 97 لسنة 1983 وخضعت لنظام التحكيم الإجباري فإن الشركات التي كان ينطبق عليها القانون رقم 97 لسنة 1983 تصبح خاضعة للقانون رقم 203 لسنة 1991 وحده.

    وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية العليا حيث رتبت المحكمة نتيجة مهمة تترتب على تحول شركات القطاع العام إلى شركات قطاع أعمال وهذه النتيجة هي زوال قيد التحكيم الإجباري عن شركات القطاع العام كوسيلة لفض منازعاتها بعد تحولها إلى شركات قطاع الأعمال العام وأصبح التحكيم الاختياري أمراً جوازیا بالنسبة لها حيث قررت أن: " زوال ولاية هيئات التحكيم الإجباري لشركات القطاع العام لا يمس التحكيم الاختياري الذي يجوز الشركات قطاع الأعمال العام اللجوء إليه طبقا لنص المادة (40) من القانون

رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه ويخضع التحكيم الاختياري لقواعد التحكيم المنصوص عليها في قانون المرافعات.

    وأضافت المحكمة أن التحكيم مثار النزاع صدر استناداً إلى اتفاق التحكيم الاختياري المنصوص عليه في العقد مما لا وجه معه للنص بالبطلان.

    ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأسباب تخلص فيما يلي:

   أولاً: ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن إرادة الطرفين انصرفت إلى التحكيم الاختياري طبقاً لقانون المرافعات فذلك مردود بأن البند السادس يشير إلى هيئة التحكيم المختصة ولما كان العقد قد أبرم في 1988/8/15 مع شركة قطاع عام فإن التحكيم المقصود هو التحكيم الإجباري وليس الاختياري والتحكيم الإجباري لا يسري على الشركة بعد أن تحولت إلى إحدى شركات قطاع الأعمال العام.

   ثانياً: أن طرفي العقد لم يصدرا وثيقة تحكيم جديدة طبقاً لقواعد التحكيم الاختياري وذلك بعد العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه مما يشوب حكم التحكيم بالبطلان طبقا لنص المادة (512) من قانون المرافعات قبل إلغائها بقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994م.

   ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن المائل ينحصر في تحديد ما إذا كان شرط التحكيم المنصوص عليه في البند سادساً من العقد المبرم بين طرفي النزاع في ۱۹۹۸/۸/۱۰ إجبارياً أو اختيارياً وذلك بعد أن تحولت الشركة المطعون ضدها من شركة قطاع عام إلى شركة قطاع أعمال عام.

   وحيث إن المادة (56) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 تنص على أن: " يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية الوجهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون ".

   وتنص المادة الأولى من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام على أن: " يعمل في شأن قطاع الأعمال العام بأحكام القانون المرافق... ولا تسري أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 على الشركات المشار إليه ". 

   وتنص المادة الثالثة عشرة من القانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليها على أن:

   " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به بعد ثلاثين يوماً من تاریخ نشره " وقد نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 24 مكرراً في 1991/6/19 و عمل به اعتباراً من 1991/7/19 م.

    وقد نص القانون الأخير في المادة (40) على أنه : " يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية".

   وتنص المادة (41) من القانون رقم 23 لسنة 1991 المشار إليه على أن: " طلبات التحكيم بين شركات القطاع العام أو بينها وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة التي قدمت قبل تاريخ العمل بهذا القانون وكذلك منازعات التنفيذ الوقتية في الأحكام الصادرة فيها يستمر نظرها أمام هيئات التحكيم المشكلة طبقاً لأحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 وطبقاً للأحكام والإجراءات المنصوص عليها فيه ". 

     ومن حيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أنه قبل 1991/7/19 (تاريخ العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه) كانت المنازعات بين شركات القطاع العام والمحافظات وغيرها من الجهات التي حددها القانون يتم الفصل فيها بطريق التحكيم الإجباري طبقاً لقانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 67 لسنة 1983 وبعد العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليه أصبح التحكيم اختيارياً كوسيلة لفض المنازعات بن شركات قطاع العام وغيرها من الأشخاص الاعتبارية التي حددها القانون وتطبق بشأنه أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية المواد من 501 إلى 513 التي استمرت سارية حتى ألغيت بالقانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية) وقد حرص المشرع على تحقيق الاستقرار في المراكز القانونية بين الخصوم بالنسبة لطلبات التحكيم الإجباري قبل 1991/7/19 فقرر استمرار تلك الهيئات في نظرها حتى تم الفصل فيها مع إخضاعها للإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1983م.

    ومن حيث إن وقت إبرام العقد كان في 1988/8/15 بين طرفي النزاع، وكانت الشركة المطعون ضدها من شركات القطاع العام وكانت منازعاتها خاضعة لقواعد وإجراءات التحكيم الإجباري المنصوص عليها في القانون رقم 97 لسنة 1983 بشأن هيئات القطاع العام وشركاته ثم تحولت تلك الشركة إلى إحدى شركات قطاع الأعمال العام المخاطبة بإحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 ومن ثم فإنه اعتباراً من 1991/7/19 زال عنها قيد التحكيم الإجباري كوسيلة لفض منازعاتها وأصبح التحكيم الإجباري أمر جوازياً بالنسبة لها.

    ومن حيث إن الشركة المطعون ضدها قدمت طلب التحكيم في 1992/5/26 بعد العمل بالقانون رقم 203لسنة 1991 المشار إليه وكان مقتضى ذلك ولازمة مراعاة قواعد التحكيم الاختياري المنصوص عليه في قانون المرافعات ومن بينها ما نصت عليه المادة (501) قبل إلغائها بالقانون رقم 27 لسنة 1994 من أنه يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة يحدد فيها موضوع وإلا كان التحكيم باطلا، لما كان ذلك وكانت الشركة المطعون ضدها قد لجأت إلى التحكيم بغير وثيقة تحكيم خاصة وسلكت سبيل التحكيم الإجباري رغم أنها غير مخاطبة بأحكامه بعد أن تحولت إلى شركة من شركات قطاع الأعمال العام ومن ثم يكون الحكم الصادر في التحكيم رقم 289 لسنة 1992 بجلسة 1992/11/16 حكماً باطلاً لصدوره من هيئة تحكيم غير مختصة قانوناً بنظر النزاع.

   ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير ما تقدم فإنه يكون مخالفا للقانون مستوجب الإلغاء وهو ما تقضي به المحكمة ". 

   ويستفاد من الحكم السابق أن نتيجة لتحويل معظم شركات القطاع العام إلى شركات قطاع أعمال أصبح التحكيم في منازعات هذه الشركات مع المحافظات وغيرها من الجهات التي حددها القانون هو التحكيم الاختياري وأن العبرة في تطبيق نوع التحكيم على النزاع المثار هو تاريخ تقديم طلب التحكيم وليس وقت إبرام العقد بين طرفي النزاع.

   في حين يرى البعض الآخر أن نظام التحكيم الإجباري المقرر بموجب المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983، وإن لم يتم إلغاؤه بموجب نص صريح إلا أنه قد تم إلغاؤه إلغاء ضمنياً بموجب صدور القانون رقم 27 لسنة 1994، والذي أعاد فيه الشارع تنظيم شئون التحكيم تنظيماً کاملاً وشاملاً.

    حيث إن نص المادة الأولي من مواد إصداره، والتي تجري أحكامها بأن القانون المذكور يسري بالنسبة لجميع الأطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، وكذا نص المادة الثالثة من مواد إصدار هذا القانون، والتي ألغت المواد من 501 الي 513 من قانون المرافعات، والتي كانت تعد الشريعة العامة في مسألة التحكيم، كما ألغت أي حكم مخالف لأحكام هذا القانون.

   وعلى ضوء ذلك وبموجب النصين المنوه عنهما، أصبح القانون رقم 27 لسنة 1994 هو الشريعة العامة التي تحكم شئون التحكيم في مصر أياً كانت طبيعة المنازعة التي يدور بشأنها التحكيم، وأيا كان أطراف تلك المنازعة. يؤيدنا في ذلك أنه قد تم تغيير اسم مشروع القانون المذكور إلى اسمه الحالي ( مشروع قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية )، بدلاً من الاسم السابق اقتراحه، وهو " مشروع قانون في شأن التحكيم التجاري الدولي".

   وانطلاقاً مما تقدم فإن المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 المشار إليها شأنها شأن المواد من 501 إلى 503 من قانون المرافعات والتي سبق أن نظمت مسألة التحكيم الإجباري قد تم نسخها بموجب القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم ( الاختياري ) في المواد المدنية والتجارية وأصبح هذا القانون الأخير هو قانون التحكيم الجديد حيث تم فيه إعادة تنظيم مسألة التحكيم تنظيماً كاملاً وشاملاً.

    ولا يغيب عن فطنة القارئ أن قانون التحكيم الجديد سالف الذكر يقوم على أساس حرية الأطراف الكاملة، واحترام هذه الحرية في اختيار اللجوء إلى التحكيم من عدمه، وفي الحالة الأولى ما يشمله التحكيم بينهم من إجراءات، فهذه الحرية هي عماد هذا التحكيم الذي لا يكون عليه من سلطان إلا ما يتفق عليه أطرافه، ومن ثم أصبح التحكيم اختياريا، وبموجب مشارطة تحكيم، وليس إجبارياً على النحو الذي انتهجته المواد الملغاة صراحة من قانون المرافعات، وكذا المادة الملغاة ضمنا ونعني المادة 56 سالف الإشارة إليها. 

    وبمعنى آخر فإن القانون الجديد رقم 27 لسنة 1994 قد نظم تنظيماً کاملاً وشاملاً شئون التحكيم، والتي كان الشارع في السابق قد أفرد لها تشريعاً سابقاً، سواء في قانون المرافعات أم في المادة 56 آنفة الذكر أم في غيرها من المواد التي تضمنتها بعض القوانين الخاصة الأخري، وعلى ذلك يضحي التشريع السابق، ونعني به المواد 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983، وغيرها من المواد التي أخدت بالتحكيم الإجباري، منسوخاً جملة وتفصيلاً ولا يقدح في ذلك مقالة أن المادة 56 سالفة الذكر تعد بمثابة القانون الخاص، في حين يعد القانون رقم 27 لسنة 1994 قانوناً عاماً، وبالتالي فإن الأخير الجديد أو الحديث يتقيد بالأول - القديم ولا يلغيه، ذلك أن المعول عليه في الحالة المطروحة هو أن التشريع الجديد قد نظم تنظيماً كاملاً شئون التحكيم، والتي كان قد أفرد لها تشريعاً سابقاً منسوخا جملة وتفصيلا، ولو انتفى التعارض بين الحديث والقديم بل ولو كان التشريع اللاحق تشريعاً عاما وكانت الأحكام المخالفة السابقة قد وردت في تشريع خاص. ومن ناحية أخري فإن ما يؤكد النظر الذي نقول به أن الشارع في القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال قد تبني في مادتيه 40 و41 مبدأ سلطان الإرادة في شأن الاتفاق على التحكيم، فأصبح التحكيم فيه اختيارياً بعد أن كان إجبارياً في ظل العمل بحكم المادة 56 سالفة الذكر.

    في حين يرى آخرون أن هناك كثيراً من المبررات التي تؤكد أن التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام لم يلغ مباشرة وبصورة نهائية بعد صدور القانون رقم 203 لسنة 1991.

     أولها: أن المادة 41 من القانون المشار إليه أفادت بأن يستمر نظر طلبات التحكيم بين الجهات المشار إليها في هذه المادة وكذلك منازعات التنفيذ الوقتية في الأحكام الصادرة منها أمام هيئات التحكيم المشكلة طبقاً لأحكام هيئات القطاع العام وشركاته بالقانون رقم 97 لسنة 1983 وطبقاً لأحكام المنصوص عليها فيه.

    وثانيا: هي ما قضت به المادة الأولى من قانون إصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 بألا تسري قانون أحكام هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 علی الشركات المشار إليها بما يعني عدم زوال القانون المنظم لأحكام التحكيم الإجباري رقم 97 لسنة 1983 وأنه ما زال سارياً في هذا

التوقيت.

   ثالثا: إن قانون قطاع الأعمال لم يحو نصاً صريحاً بإلغائه وإن كانت المادة الثانية من قانون إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991- المعدل - نصت صراحة على أن تحل الشركات القابضة محل هيئات القطاع العام الخاضعة لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1983 كما تحل الشركات التابعة محل الشركات التي تشرف عليها هذه الهيئات فإنه تم استثناء بعضاً من شركات القطاع العام التي تخضع لأنظمة خاصة مثل الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة المقاولون العرب وشركة مصر للتأمين وبنوك الأهلي ومصر وغيرهم ويتم تطبيق أحكام التحكيم الإجباري على المنازعات المثارة فيما بينهم أو بينهم وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة وفقا لنص المادة 56 من قانون 97 لسنة 1983 باعتبار أنهم ما زالوا شركات قطاع عام.

   وفي هذا قضت محكمة النقض في بعض أحكامها الحديثة بأن: " عدم أخذ الشركة المطعون ضدها شكل شركة قابضة أو تابعة أثره سريان أحكام القانون رقم 97 لسنة 1983 عليها ومنها اللجوء إلى التحكيم الإجباري متى توافرت شروطه " حيث إن مفاد المادتين الأولى والتاسعة من القانون رقم 203 لسنة 1991– المعدل - الخاص بشركات قطاع الأعمال أن الشركات التي لم تتخذ شكل شركة قابضة أو تابعة حال صدور هذا القانون ولم تتحول فيما بعد إلى هذا الشكل تسري عليه أحكام القانون رقم 97 لسنة 1983 - المعدل - لاسيما أنه لم يرد بالقانون رقم 203 لسنة 1991 ما يفيد صراحة أو ضمناً إلغاء القانون الأخير وكانت الشركة المطعون ضدها من شركات - القطاع العام وهي إحدى شركات الهيئة المصرية العامة للبترول ولم تأخذ شكل شركة قابضة أو تابعة وقد اختصمت محافظة الإسكندرية التي يمثلها الطاعن بصفته وأقامت عليها الدعوى؛ ومن ثم بالتالي يسري عليها أحكام القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته ومنها اللجوء إلى التحكيم الإجباري متى توافرت شروطه ويكون الاختصاص بنظر النزاع الراهن منعقداً لهيئات التحكيم بوزارة العدل وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع النزاع برغم عدم اختصاص القضاء العادي ولائيا بنظر الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .    

   رابعا: أنه لم يصدر حكما من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون 97 لسنة 1983 كأحكام عدم الدستورية في تلك الأنظمة التحكيمية التي تتولى تنظيم التحكيم الإجباري المقررة في بعض القوانين الخاصة على اعتبار اتفاق علة عدم الدستورية بين الحالات التي قضي بعد دستوريتها ونظام التحكيم الإجباري في منازعات القطاع العام برغم أن أطراف النزاع في الحالة الأخيرة من وحدات القطاع العام وأشخاص القانون العام وهي أشخاص قد تتحد مصالحها بخلاف المنازعات التي يكون أحد أطرافها من أشخاص القانون الخاص ولكنه على أية حال فهو تحكيم مفروض على طرفيه بنص القانون دون أن يستند إلى إرادتيهما الحرة.

    ويتفق الباحث مع المبررات السابقة التي قيلت للتأكيد على أن التحكيم الإجباري لم يلغ مباشرة وبأثر فوري بعد صدور القانون رقم 203 لسنة 1991- المعدل بالقانون رقم 185 لسنة 2020 - بل ظلت أحكامه سارية فيما يخص طلبات التحكيم الإجباري المقدمة قبل العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 حرصنا على تحقيق الاستقرار في المراكز القانونية بين الخصوم وهو ما أكده المشرع وحرص عليه في المادة 41 من هذا القانون كما أن مجلس النواب وافق قريباً على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 بشكل نهائي بعد مراجعة مجلس الدولة والذي كان غرضه هو إلغاء باب التحكيم الإجباري بقانون هيئات القطاع العام - على نحو ما سأتناوله تفصيلاً بالغصن التالي - فإذا كان التحكيم الإجباري قد ألغي كلية ومباشرة بعد صدور قانون قطاع الأعمال فكيف تقدم الحكومة على تقديم مشروع القانون سالف البيان والتحكيم الإجباري لا وجود له باعتبار المادة الثانية من قانون إصدار قانون قطاع الأعمال العام توحي في طياتها بإلغاء التحكيم الإجباري بين شركات القطاع العام لعدم وجود هيئات وشركات القطاع العام لإحلال الشركات التابعة والقابضة محل تلك الشركات بقوة القانون ؟، وهو ما يدل على أن أحكام التحكيم الإجباري ظلت سارية فيما تخص بعض الطلبات المقدمة قبل العمل بالقانون رقم 203 لسنة 1991 إلى أن ألغيت حديثا.