التحكيم / التحكيم الإجباري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / مفهوم التحكيم الإجباري في منازعات الجمارك وطبيعته القانونية
مفهوم التحكيم الإجباري في منازعات الجمارك وطبيعته القانونية
والقاعدة العامة في القانون المصري هي أن مجلس الدولة هو المختص بنظر الطعون في القرارات النهائية التي تصدر من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم عموماً، وقد حرص المشرع على النص على ذلك في قوانين مجلس الدولة المتعاقبة رقم 165 لسنة 1955، والقانون رقم 55 لسنة 1955 ، أو القانون الحالى رقم 47 لسنة 1972، وذلك بالبند السادس من المادة العاشرة منه.
فالمنازعة في القرارات الصادرة من الجهة الإدارية تنفيذا لأحكام - قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963، كان ينعقد الاختصاص ولائياً بنظرها - المحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، باعتباره قاضيها الطبيعي، أما المنوط بتحديد جميع أحكام الرسوم الجمركية من عناصرها ومقوماتها ووعائها وسعرها والمكلف به والملزم بسدادها وحالات الإعفاء منها هو قانون الجمارك سابق الإشارة إليه، وهو المستفاد من حكم المحكمة النقض صادر حديثا بمناسبة نزاع عرض عليها ، حين ذهبت إلى أنه: "لما كان ذلك وكان المنوط به تحديد كافة أحكام الرسوم الجمركية من عناصرها ومقوماتها ووعائها وسعرها والمكلف بها والملزم بسدادها وحالات الإعفاء منهاهو قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963، الذي عدل تسميتها إلى الضريبة الجمركية والقرارات الصادرة من الجهة الإدارية تنفيذا لأحكامه، فإن المنازعة في هذه القرارات يعد منازعة ذات طبيعة إدارية بحتة، ينعقد الاختصاص ولائياً بنظرها لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، باعتباره قاضيها الطبيعي يؤيد هذا النظر أن المشرع في القانون الأخير وتعديلاته لم يعهد للقضاء العادي بنظر المنازعات الضريبية الناشئة عن أحكامه على النحو الذي انتهجه في بعض القوانين المنظمة لبعض أنواع الضرائب الأخرى كقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادرة بالقانون رقم 11 لسنة 1991، المعدل بالقانون رقم 9 لسنة، 2005، - والذي حل محله القانون رقم 77 لسنة 2016- وقانون الضريبة العامة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، الأمر الذي حدا بالمحكمة الدستورية العليا نحو القضاء، بعدم دستورية ن ص الفقرة الأخيرة من المادة (17)، ونص الفقرة السادسة من المادة 35 من القانون الأول، وذلك في الدعوى رقم 192لسنة 31 ق دستورية المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 15 مكرر (ب) بتاريخ 17 من أبريل 2013 وفي القضية رقم 70لسنة 35 ق دستورية المنشور بالجريدة الرسمية العدد 31 مكرر (ج) بتاریخ 2 من أغسطس 2015، بعدم دستورية نص المادة (123) من القانون الثاني، وهي النصوص التي عقدت الاختصاص للمحاكم الابتدائية بالفصل في المنازعات الضريبية الناشئة عن هذين القانونين، على سند من أن القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب تعد منازعات إدارية بحسب طبيعتها ينعقد الاختصاص بنظرها لمجلس الدولة دون غيره من جهات القضاء.
لما كان ذلك وكانت المنازعة التي فصل فيها الحكم المطعون فيه تتعلق بتقدير الضريبة الجمركية المستحقة ورسوم الخدمات الإضافية ومن ثم تعد منازعة إدارية بطبيعتها تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في الدعوى المطروحة بالمخالفة لقواعد الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه".
وفي السابق كان المشرع المصري قد خرج عن هذه القاعدة العامة بموجب المرسوم الصادر في 1930/2/14 بتعديل التعريفة الجمركية ووضع تعريفة جديدة لها حين قرر تحكيماً إجبارياً للفصل في المنازعات التي تنشأ بين الجمرك والمقرين للبضاعة بشأن نوعها أو صنفها أو مصدرها الأصلي وهو المبدأ نفسه الذي أقره في ظل القانون 66 لسنة 1963 والمعدل بالقانون رقم 88 لسنة 1976 والقانون رقم 75 لسنة 1980 والقرار الوزاري رقم 1980/228 ففي ظل القانونين السابقين أصبح التحكيم هو الطريق الوحيد الفض النزاع بين صاحب البضاعة أو من يمثله من ناحية وبين الجمارك من الناحية أخرى كما أن ذلك التحكيم الذي يلجأ إليه صاحب البضاعة أو من يمثله قانونا لحسم ما يثور بينه وبين مصلحة الجمارك حول نوع البضاعة أو منشئها أو قيمتها هو تحكيم إجباري يفرض عليه جبراً إنفاذا لقاعدة آمرة لا يجوز مخالفتها كما أن القرارات الصادرة في هذا الشأن حول نوع البضاعة أو صنفها أو مصدرها أو حول ثمن تلك البضائع كأساس ربط تحصيل الضريبة الجمركية ورسوم الخدمات هي قرارات نهائية غير قابلة لأي طعن ولا يجوز للمحاكم بأي حال من الأحوال أن تنظر في المنازعات التي تحدث بين الجمرك وبين المقرين عن البضائع .