التحكيم / التحكيم الإجباري / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 27 / ( محكمة استئناف القاهرة ، دائرة 62 تجاري ، الإستئناف رقم 14 لسنة 130 ق ، جلـسة ( 2014/9/10 ......
قطاع عام - تحكيم إجباري - هيئة التحكيم تطبـق من القوانين المصرية مـا يـتـفـق مـع مـوضـوع النـزاع دون تخصيص - هيئة التحكـيـم تـورد مـا تـراه مـن أسـباب تكفي لحمل قضائها - عدم توقيع أحد أعضاء هيئة التحكيم- لا يترتب البطلان على عـدم ذكـر أسـباب الامتناع عن التوقيع.
مع تعليق للدكتور يحيى الجمل (مصر) لما كان التحكيم والحال كذلك تحكيماً إجبارياً، فإنه لا مجـال للقـول بأنـه يجـب علـى هيئة التحكيم أن تطبق قانوناً بعينـه، ولكـن يـجـب علـى هيئـة التحكـيم أن تطبـق مـن القوانين المصرية ما يتفق مع موضوع النزاع المطـروح عليهـا دون تـخـصيص لأي فـرع منها.
إن المستندات التي تتمسك بها الشركة المدعية، ما هي إلا أحكام استرشادية وفتوى مـن مجلس الدولة، وكل هذا غير ملزم لهيئة التحكيم في التعويل عليه، بل لها أن تورد ما تراه من أسباب تكفي لحمل قضائها. مقولة أنه لم يتبين سبب عدم توقيع محكم الشركة المدعية على الحكم، فإن الحكم يوقعـه أغلبية المحكمين، وفقاً لنص المادة 1/43 من قانون التحكيم ولا يترتب البطلان على عدم ذكـر أسباب الامتناع عن التوقيع.
(محكمة استئناف القاهرة، دائرة 62 تجاري، الاستئناف رقم 14 لسنة 130 ق، جلـسة 2014/9/10 ).
.........
حيث إن وقائع الدعوى تتحصل في أن الشركة المدعية تقدمت بطلـب تـحـكـيـم قيـد بـرقم 2009/3 ضد المدعى عليهم بطلب الحكم ببطلان عقد البيع المحرر بين المدعى عليهمـا الأول والثاني بصفتهما والمدعي عليه الثالث، وكذا إخلاء المنطقة محل العقـد المـؤرخ 2005/8/22 والموضحة بصحيفة دعوى التحكيم وتسليمها خالية من كافة الإشغالات مع إلزام المحتكم ضـدهم بالتعويض.
تأسيساً على أن الهيئة المدعية، وبتاريخ 1985/7/18، صدر فـي شـأنها القـانون رقـم 1985/112 بالترخيص لوزير البترول والثروة المعدنية في التعاقد مع الشركة العامة للبتـرول لتعديل الشروط الخاصة بالبحث عن البترول واستغلاله في بعض المناطق، ونص فـي المـادة الثالثة منه على أن تسري أحكام قوانين ج.م.ع. على العامة بما لا يتعارض والأحكام الواردة في هذا العقد، وفي حالة التعارض تسري أحكام هذا العقد، وبتاريخ 2008/1/20 فوجئت الشركة المدعية بوجود تعد ببناء سور وتشوين مواد أسمنتية وحديد داخل قطعة أرض داخلة في منطقة امتيازها البترولي بمنطقة رأس غارب، حيث اتـضح أن هذه الأعمال تخص شركة الأمانة للمحاجر وصاحبها المدعى عليه الثالث، بدعوى أنه صـدر له عقد تخصيص من محافظة البحر الأحمر مؤرخ في 2005/8/22 واتضح من مطالعة العقـد أنه عقد بيع قطعة أرض لإقامة مصنع رخام لصالح الشركة المذكورة بالمدخل الجنوبي لمدينـة رأس غارب مساحة 9800 م وتقع الأرض محل العقد المشار إليه داخل نطاق امتيـاز الـشركة المدعية، وقد طعنت الشركة المدعية على هذا العقد بالدعوى رقم 2008/40 مدني كلي الغردقة، وقضت فيها بجلسة 2009/1/19 بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى هيئة التحكيم للاختصاص، وإعمالاً لهذا القضاء أحيلت الدعوى إلى مكتب التحكـيـم بـوزارة العـدل، وقيدت تحت رقم 2009/3 .
وبجلسة 2012/11/5 قضت هيئة التحكيم:
أولاً- بقبول طلب التحكيم شكلاً، وفي الموضوع برفض طلبات الشركة المحتكمة مع إلزامها المصاريف، وأسست حكمها على سـنـد مـن نـص القانون رقم 1979/43 من أنه للوحدات المحلية المحتكمة لدى المحافظ بصفته السلطة المختصة، وبعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة- أن يقر قواعد التصرف في الأراضـي المـعـدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية في المحافظة، والمادة 28 من قانون الحكم المحلي والمستبدلة بالقانون رقم 1981/50، كما نظم القانون رقم 1981/142 كيفيـة التـصرف في الأراضي الصحراوية، وجاء القانون 1991/7 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بـأملاك الدولـة الخاصة، وإعادة تنظيم التصرف في الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة، وأعطى الوحـدات الإدارية المحلية الحق في أن يتولى كل في نطاق اختصاصه إدارة واسـتغلال والتـصـرف فـي الأراضي المعدة للبناء المملوكة لها وللدولة، وللأراضي القابلة للاستزراع داخل الزمام، ويـضع المحافظ بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة طبقا للقواعد التي يقررها مجلس الـوزراء قواعد التصرف في هذه الأراضي، ومن ثم فإن هذه القوانين أطلقت يد المحافظ في التصرف في الأراضي التابعة لمحافظته ولا يمنع من ذلك تخصيص جزء من أراضي المحافظة للتنقيب عـن البترول، لأن ذلك التخصيص لا يسلب ملكيتها للمحافظة وأن الشركة المدعية قد تراخـت عـن التنقيب عن البترول في الأرض موضوع الدعوى ولم تظهر أي اهتمام بها إلا بعـد أن فوجئـت بالإنشاءات تقام عليها . ولم يلق هذا القضاء قبولا لدى الشركة المدعية فطعنت عليه أمام هـذه المحكمـة بموجـب صحيفة قيدت وأودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 2013/3/13، أعلنت للمدعى عليهم طلبت في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً- وفي الموضوع ببطلان حكم التحكيم رقم 2009/3 وما يترتـب عليـه مـن آثـار، واعتباره كأنه لم يكن مع إلزام المدعى عليهم بالمصاريف، ومقابل أتعاب المحاماة.
وأسست دعواها بالبطلان على أسباب حاصلها: أولها استبعاد الواجب التطبيق إعمالا لنص المادة 53 من القانون 1994/27 بشأن التحكيم، والتي جرى نصها في الفقرة (د) اذا استبعد حكمالتحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع، وأن هيئة التحكـيم أغفلت تطبيق القانون رقم 1985/112، كما أن حكم التحكيم قد خالف نص المـادة 3/39 مـن قانون التحكيم سالف الذكر، والتي جرى نصها " يجب أن تراعي هيئة التحكيم عند الفـصـل فـي موضوع النزاع شروط العقد محل النزاع والأعراف الجارية في نوع المعاملة " .
وحاصل ثانيها: إغفال الدفوع الجوهرية، فضلا عن بطلان الإجراءات، حيث نـصـت فـي المادة 53 من قانون التحكيم سالف الذكر: أ) لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:
ز ) إذا وقع بطلان في حكم التحكيم أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلانا أثر في الحكم . وبتطبيق ذلك على الحكم المطعون فيه نجد أنه لم يلتفت من قريب أو بعيد لما ساقته الشركة المدعية من أوجه دفاع ودفوع وما قدمته من مستندات في الدعوى، فضلاً. عن استبعاده تطبيـق القانون رقم 1985/112.
وحاصل ثالثها: مخالفة الإجراءات، وذلك بعدم ذكر أسباب عدم توقيع محكم الشركة علـى الحكم المطعون عليه وإغفال ملخص أقوال الخصوم وسند دعواهم. وتداولت الدعوى على النحو الثابت في محاضر جلساته ومثل المدعي بصفته بوكيل عنه - محام – قدم حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية مـن الأخطـار بـحـكـم التحكـيـم رقـم 2009/3، وأخرى من عقد التخصيص المطعون عليه، وأخرى من المحـضـر رقـم 2005/57 إداري غارب، وأخرى من حكم التحكيم رقم 2009/11، وأخـرى مـن حـكـم التحـكـيـم رقـم 1989/57، وأخرى من الفتوى رقم 47/1/7، والجريدة الرسمية 1 لـسنة 28 العـدد 29 فـي 1985/7/18، ومذكرة بدفاعه أودع صورتها صمم في ختامها على طلباته الواردة بختام صحيفة دعواه ولم يحضر أي من المدعى عليهم رغم إعلانهم وإعادة الإعلان، فقررت المحكمة حجـز الدعوى للحكم لجلسة اليوم . وحيث أن الدعوى قدمت خلال ميعاد التسعين يوماً المنصوص عليها في المادة 1/54 مـن القانون 1994/27 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
عن موضوع الدعوى وما ينعي به المدعي بصفته على الحكم المطعـون عليـه بأسباب طعنه، والسالف ذكرها، والمتمثلة في أن هيئة التحكيم أغفلت تطبيـق القـانون رقـم 1985/112 وحيث مخالفة بذلك نص المادة 6/53 من القانون رقم 94/27 بشأن التحكيم فـي المـواد المدنية والتجارية والمادة 3/39 من ذات القانون، فإن المحكمة تشير بداءة إلى أن هـذا التحكـيم تحكيم إجباري وفقاً لنصوص القانون 1983/97 بشأن تحكيم القطاع ولم يكن القانون ينص فيـه على الطعن على الأحكام الصادرة، وفقاً لنصوص ذلك القانون إلى أن قضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 2003/5/11 بعدم دستورية نص المادة 66 من قـانون هيئـات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون 1983/97 فيما نصت عليه من عدم قابلية أحكام التحكيم للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن . ومن ثم فلما كان هذا التحكيم، والحال كذلك، تحكيماً إجبارياً، فإنه لا مجال للقول بأنه يجب على هيئة التحكيم أن تطبق قانوناً بعينه، ولكن يجب على هيئة التحكيم أن تطبق مـن القـوانين المصرية ما يتفق مع موضوع النزاع المطروح عليها دون تخصيص لأي فرع منها.
كما أن تقدير مدى صواب حكم التحكيم بالنسبة لتطبيقه أحكام قانون مـعـيـن مـن القـوانين المصرية دون غيره لن يتأتى إلا بإعادة النظر في موضوع النزاع الذي فصل فيه الحكم بما فـي ذلك إعادة تكييف العقد محل التداعي وتحديد طبيعته القانونية، وكل ذلك يخرج عن نطاق دعوى البطلان وأسبابه، كما حددتها المادتان 52 و53 من قانون التحكيم رقم 1994/27، ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب البطلان على غير سند من الواقع والقانون جدير بالرفض. وحيث إنه عن السبب الثاني من أسباب البطلان بإغفال الدفوع الجوهرية، فضلاً عن بطلان الإجراءات، مخالفاً بذلك نص المادة 53 / أ، من قانون التحكيم سالف الذكر، وذلك لعـدم التفـات الحكم المطعون فيه إلى ما ساقته الشركة المدعية من أوجه دفاع ودفوع وما قدمته من مـستندات في الدعوى. فمردود عليها بأنه من المقرر أن الأصل في الإجراءات أنها روعيت.
وحيث إن الشركة المدعية لم تبين مضمون هذه المستندات والدفاع والدفوع والأثر المترتب على ثبوت صحة ما جاء فيها، وأن المستندات التي تتمسك بها الشركة المدعية، ما هي إلا أحكام استرشادية وفتوى من مجلس الدولة، وكل هذا غير ملزم لهيئة التحكيم في التعويل عليه، بل لهـا أن تورد ما تراه من أسباب تكفي لحمل قضائها، ومن ثم فإن الحكم بهذا الـسبب مـن أسـباب البطلان غير مقبول، لأنه قد جاء على غير سند صحيح من القانون جدير بالرفض.
وحيث إنه عن السبب الثالث من أسباب البطلان من أن الحكم المطعون فيـه قـد خـالف الإجراءات بعدم ذكر أسباب عدم توقيع محكم الشركة المدعية على الحكم، وأنه أغفـل ملخـصأقوال الخصوم وسند دعواهم، فإن هذا النص غير سديد، لأن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه اشتمل على ملخص لموضوع الطلب، وناقش طلبات الشركة المدعية، وانتهى في قضائه إلى الرد عليها وتفنيدها وإنزال حكم القانون عليها بمقولة أنه لم يتبين سبب عدم توقيـع محـكـم الشركة المدعية على الحكم، فإن الحكم يوقعه أغلبية المحكمين، وفقاً لنص المادة 1/43 من قانون التحكيم سالف الذكر ولا يترتب البطلان على عدم ذكر أسباب الامتناع عن التوقيـع، ومـن ثـم فالمحكمة ترفض هذا النعي . وحيث إنه هدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإن دعوى البطلان الماثلة قد جاءت على غير سند صحيح من الواقع والقانون جديرة بالرفض. وحيث إنه عن المصاريف فالمحكمة تلزم بها الشركة المدعية، عملاً بنص المـادة 1/184 مرافعات.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة:
أولاً- بقبول الدعوى شكلاً.
ثانياً- وفي الموضوع برفضها وألزمت الشركة المدعية بالمصاريف ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم الأربعاء الموافق 2014/9/10 .
أمين السر حنا میلاد العضو - المستشار رئيس بالمحكمة د . أحمد مغاوري العضو- المستشار رئيس بالمحكمة حامد صقر رئيس المحكمة أحمد النجار