التحكيم / التحكيم الاختياري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / صور المنازعات الإدارية غير التعاقدية الخاضعة للتحكيم الاختياري
صور المنازعات الإدارية غير التعاقدية الخاضعة للتحكيم الاختياري
لا شك أن كل منازعة إدارية تنطوي على حقوق مالية لأحد طرفيها أو غيرها مما يقبل الصلح والتصرف ، فإنه يكون محلا للتحكيم .
التحكيم في المنازعات الخاصة بالتسوية المالية (دعوى تسوية الحالة الوظيفية )
بداية لابد من التطرق لتعريف تلك الدعاوى وبيان ماهيتها وحقيقتها ،، إذ الحكم على الشئ فرع عن تصوره ، كما يقول المناطقة ، ولبيان ذلك نقول:
أولا : تعريف دعاوى تسوية الحالة الوظيفية :
ويقصد بها: تلك الدعاوى التي يقوم برفعها الموظف العام أو أحد أفراد ورثته للمطالبة بمستحقاته لدى الدولة من مرتبات أو معاشات أو مكافآت ونحو ذلك من مستحقات لدى الدولة.
ولكن هنا يثور سؤال يأبى أن يتوارى وهو هل تعتبر التسوية عملاً إدارياً أم لا ؟ ومن ثم فهل تقبل التحكيم أم لا تقبل ؟
والجواب :
أن التسوية الخاصة بالموظف العام لا تعتبر قراراً إدارياً ، إذ أنها لا تتضمن إفصاحاً عن إرادة الإدارة بما لها من سلطة بقصد إحداث أثر قانوني، وإنما هي عمل مادي تقوم به جهة الإدارة تنفيذاً لقاعدة تشريعية أو لائحية .
ثانيا : قبول التسوية المالية للموظفين للتحكيم :
لعل مما يترتب على كون التسوية تتعلق بحقوق مالية تقبل الصلح والتنازل أن تقبل التحكيم ، وقد أوضحت المحكمة الإدارية العليا وأفصحت عن الطبيعة القانونية لدعوى التسوية في حكمها الصادر بتاريخ 6 يونيو سنة 1959م ، وميزت بينها وبين دعوى الإلغاء على أساس المصدر الذي يستمد منه الموظف حقه المالي ، وعلى ذلك فإن كان الموظف يستمد حقه مباشرة من قاعدة تنظيمية واردة في القوانين واللوائح التنظيمية كانت الدعوى دعوى تسوية ، وتعتبر القرارات الصادرة من الإرادة وقتئذ مجرد إجراءات تنفيذية تهدف إلى تطبيق القانون على حالة موظف بالذات ، أما إذا كانت جهة الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية في إصدار القرار بمنح الحق أو عدم منحه ، فإن الأمر يعد من قبيل القرارات الإدارية المنشئة التي تدخل في إطار دعوى الإلغاء .
ومن هنا يرى الباحث أن ضابط ما يقبل التحكيم يمكن القول فيه بأن : " كل ما يتعلق بحق مالي شخصي يجوز لصاحبه الصلح بشأنه والتنازل عنه يجوز التحكيم بشأنه شريطة الالتزام بالقواعد القانونية المنظمة لهذا الحق "
ثالثا : نماذج للمنازعات المتعلقة بالتسوية المالية :
ـ طلب استرداد الراتب عن فترة وقف الموظف عن مزاولة العمل.
- مطالبة الموظف بضم مدة خدمته السابقة .
- مطالبة الموظف بالترقي إلى درجة وظيفية تقابل مؤهله وفقاً لقوانين الانصاف أو المعاملات.
هذه بعض النماذج التي يجوز بشأنها التحكيم لما تنطوي عليه من المطالبة بحق مالي يقبل الصلح أو التنازل .
ولعل من الأهمية بمكان أن نلنفت النظر إلى أنه على الرغم من كون المنازعات التي تدور حول التسويات الخاصة بالموظفين العموميين تقبل التحكيم والخضوع له ، وذلك باعتبار أن موضوعها يتعلق بحق مالي شخص يجوز لصاحبة الصلح بشأنه والتنازل عنه ، إلا أن ذلك الحكم الصادر في هذا التحكيم يكون باطلاً إذا لم يلتزم بتطبيق القواعد القانونية الأمرة التي قررت الحق موضوع التسوية لتعلق تلك القواعد بالنظام العام .
وفي ذلك الوقت يكون للقاضي أن يحكم ببطلان ذلك الحكم الذي خالف النظام العام، ولا يجوز تنفيذه ، بل ولا يحتاج في الحكم بطلانه إلى طلب من ذوي الشأن .
المطلب الثانيالتحكيم في طلبات التعويض عن نشاط الإدارة
لعل من المنازعات الإدارية التي يمكن أن تخضع للتحكيم منازعات التعويض عن الضرر الناتج عن نشاط الإدارة ، وذلك لكون هذه الطلبات بالتعويض تهدف إلى حماية حق شخص ذاتي ، ويجوز لصاحب الحق الصلح بشأنه والتنازل عنه وفقاً للقواعد العامة للقانون .
اولا : تعريف طلبات التعويض عن نشاط الإدارة :
كما نؤكد دائما على ضرورة معرفة المقصود من الشئ ـ في مرحلة التصور ـ لينتج آثاره القانونية المرجوه منه ـ في مرحلة التصديق ، ونباءاً على هذا نقف هنا في هذا الفرع مع مفهوم طلبات التعويض ، حيث ذهب البعض إلى القول بأنها : دعوى يرفعها ذوو الشأن على الإدارة للمطالبة بجبر الضرر الناجم عن أعمالها التي ألحقت ضرراً بهم سواء كانت هذه الأعمال تصرفات قانونية كالقرارات الإدارية أو أعمالاً مادية بحتة كمسئولية الإدارة عن تعويض ضرر لحق بشخص صدمته سيارة حكومية مثلاً بخطأ من قائدها.
وأياً كان موضوع النزاع فإنه يدور في فلك واحد وهو نزاع يثور بين الإدارة وصاحب الشأن الذي أصابه ضرر ما من جراء نشاطها ، فيقوم الشخص الذي أرتكب بحقه الضرر بالدفاع عن حقه ، وهو بلا أدنى شك ـ يقبل الصلح والتنازل ، ومن ثم يكون قابلاً للتحكيم.
وهنا يجرى الاتفاق بين الإدارة والشخص المضار من عملها غير المشروع – على تسوية النزاع حول التعويض المستحق له عن طيق التحكيم.
ثانياً : مدى قابلية طلبات التعويض عن نشاط الإدارة غير المشروع للتحكيم:
لعل الناظر في مسألة التعويض عن نشاط الإدارة غير المشروع يدرك لأول وهلة . أنه حق ذو طبيعة مالية حيث تهدف تلك الدعوى بوصفها دعوی شخصية إلى حماية المراكز القانونية الذاتية والشخصية لأصحابها .
وقد قررنا سالفا أن كل حق مالي يجوز الصلح بشأنه أو التنازل عنه أو التصرف فيه ، يجوز أن يخضع للتحكيم ، لما له من طبيعة مالية .
ثالثاً : أن فحص مشروعية القرار الإداري تدخل في اختصاص القضاء الإداري دون غيره : بل وليس للمحاكم التابعة لجهة القضاء العادي ، كأصل عام، فحص مشروعية القرارات الإدارية .
فلا يملك القاضي العادي ولا المحكم فحص مشروعية القرار الإداري الذي نتج عنه الضرر لصاحب الشأن ، بل يترك هذا الأمر للقضاء الإداري ، ويقتصر دور المحكم على الفصل في مدى استحقاقه التعويض ، وعلى المحكم في هذه الحالة ـ بإيقاف إجراءات التحكيم لحين صدور حكم نهائي عن مجلس الدولة صاحب الاختصاص الوحيد بالفصل في مشروعية القرارات الإدارية، حيث يعتبر ذلك الحكم أساساً لصدور الحكم التحكيمي باستحقاق التعويض أو عدم استحقاقه ، على حسب الأحوال.
التحكيم في دعاوى الجنسية
بداية وقبل التطرق للحديث عن التحكيم في المنازعات الخاصة بالجنسية من منح أو منع أو إسقاط ، يجب أولاً التعريف بدعوى الجنسية ، إذ الحكم على الشئ فرع عن تصوره ـ كما يقول المناطقة ـ وبناءاً على ذلك نبدأ بتعريف الجنسية ثم نختم هذا المطلب بإجراءات التحكيم في دعوى الجنية.
أولاً : التعريف بالجنسية :
لعل من المقرر فقها وقضاءاً أن الجنسية رابطة سياسية ، لأنها تربط الفرد بوحدة سياسية هي الدولة ، لأن أساسها سيطرة الدولة وسيادتها في تحديد ركن من أركانها وهو شعبها .
كما أن الجنسية كذلك رابطة قانونية بين الشخص والدولة ، لأنها تحكمها قاعدة قانونية ، وتترتب عليها آثار قانونية ، والدولة هي الشخص الوحيد بين أشخاص القانون الدولي الذي يمنح الجنسية ، والرأي السائد في الفقهين الفرنسي والمصري هو اعتبار الجنسية من أنظمة القانون العام .
وعلى هذا فنخلص إلى أن الجنسية : هي رابطة سياسية وقانونية تربط بين الفرد والدولة التي ينتمي إليها
ثانيا : الجهة المختصة بنظر المنازعات الخاصة بالجنسية :
يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالجنسية وسواء أتخذت تلك المنازعات شكل دعوى أصلية بتقرير الجنسية أو دعوى إلغاء قرار إداري نهائي حول رفض منح الجنسية أو سحبها أو إسقاطها ، هذا بالإضافة إلى اختصاص المحاكم للقضاء الإداري بنظر دعوى التعويض عن الأضرار الناجمة عن تلك القرارات .
وقد عقد المشرع المصري الاختصاص في نظر دعاوى الجنسية للقضاء الإداري بمقتضى نص المادة (العاشرة) من القانون المذكور (قانون مجلس الدولة المصري رقم (47) لسنة (1972م) على أنه : " تختص مخاكم مجالس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية :
ثالثاً : دعاوي الجنسية :
وتطبيقاً لذلك النص فقد أتجه القضاء المصري إلى ما ذهب إليه المشرع في هذا الجانب.
رابعاً : مدى جواز وقابلية دعاوى الجنسية للتحكيم ك
ليس لهيئة التحكيم سلطة الفصل في مشروعية القرار الإداري بمنح أو منع أو اسقاط الجنسية إلا بعد ترتب المسئولية الإدارية عنه ، وبالتالي فعلى هيئة التحكيم إيقاف إجراءات التحكيم لحين صدور حكم نهائي من القضاء الإداري محل الاختصاص بهذا الشأن .