الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / القوانين العربية / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 29 / المرأة والتحكيم بدول مجلس التعاون الخليجي: بين الواقع والمأمول

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 29
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    143

التفاصيل طباعة نسخ

بسم الله الرحمن الرحيم

   {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}.      

                                                                      الآية 58 من سورة النساء

تمهيد :

   تشهد دولة قطر نهضة ملحوظة على مختلف المستويات اقتضته توسعات الدولة من الناحيـة الاقتصادية وما لازمها من ظهور تطور في حركة التشييد والبناء والصناعة والتجارة، وما صاحب ذلك من كثافة رؤوس الأموال المستثمرة، خاصة في ظل استضافة الدولة للعديـد مـن الأحـداث والملتقيات الدولية الهامة وعلى رأسها كاس العالم لكرة القدم المزمع إقامته في 2022 بمشيئة الله.

   وعلى أثر ذلك، عكف المشرع القطري على تطوير البنية القانونية المرتبطة بالحياة التجارية حتى تلبي الطموحات الاقتصادية للمجتمع مسترشدا بالمعايير الدولية التي يتم بناء عليها تـصنيف الدول من حيث سهولة بدء وممارسة الأعمال،مما يساعد في رفع تصنيف دولـة قطـر وجـذب الاستثمارات الأجنبية.

    ولا شك أن التطورات التشريعية على المستوي الاقتصادي تستوجب إصـدار مجموعـة أو حزمة من التشريعات تهدف إلى تأمين الاستثمارات الوطنية والأجنبية بالدولة، ومن ضمن تلـك من التشريعات ذات البعد الاستثماري هي تلك التي تعنى بالوسائل البديلة لفض المنازعـات  .alternative dispute resolution

     وفي هذا الصدد، يعتبر قانون التحكيم من أهم التشريعات المكملة لعملية الاستثمار والذي يسهم بلا شك في تشجيـع المستثمرين حيث يوفر نظام التحكيم اطار قانوني ملــزم للأطـراف لتسوية المنازعات التي قد تنشأ بينهم بعيداً عن صعوبات طرق التقاضي العادية أمام محاكم الدولة.

   وفي الحقيقية لم يعد التحكيم في الوقت الحالي مجرد نظام يجب إبراز وإلقاء الضوء علـى محاسنه أو فوائده، بل أصبح ضرورة يفرضها واقع حركة التجارة الدولية وتشابكها. فدور التحكيم في منازعات التجارة الدولية لم يعد قاصراً على فض المنازعات قبل نشوبها، بل أصـبح وسـيلة فعالة يمكن استخدامها ابتداء لتفادي قيام النزاع خاصة في عقود التجارة الدولية طويلة المدة .

   ولقد أدرك المشرع القطري الأهمية البالغة والمتزايدة التـي يحظـى بهـا التحكـم علـى الصعيد الدولي، ولذلك أجاز المشرع في الباب الثالث عـشـر مـن الكتـاب الأول مـن قـانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1990 للخصوم في المنازعات المدنيـة والتجاريـة- خروجاً عن الأصل العام في ولاية القضاء- أن يتفقوا على إحالة ما قد ينشأ بينهم من نزاع إلـى التحكيم. ومن الثابت أن هذا الحكم لا يعد مصادرة لحق التقاضي ولا مخالفة فيه لأحكام الدستور القطري الدائم لسنة 2004، لأنه يدخل في إطار سلطة المشرع في تنظيم ولاية القضاء".

   كما أن دولة قطر انضمت بموجب المرسوم رقم 29 لسنة 2003 إلى اتفاقية نيويورك بـشأن الاعتراف بالأحكام التحكيمية الأجنبية وتنفيذها والتي تم توقيعها في مدينة نيويورك بتاريخ 10 يونيـو 1958. وتعتبر تلك الخطوة من الأمور الهامة التي تعزز مكانة قطر على ساحة التحكيم الدولي.

   ويلاحظ أن المشرع القطري لم يعالج في قانون المرافعات الحالي بعض المشكلات العمليـة التي قد توجد في مجال التحكيم، ذلك لأن المشرع- في بداية فترة التسعينيات- لم ينظر للتحكـيم كنظام متكامل بذاته. ومن ثم يتضح لنا أن المشرع لم يتبع سياسة أو نهجاً خاصاً تجـاه التحكـيم باعتباره أحد الوسائل البديلة لحل المنازعات بين الأفراد لكي يقوم بدوره جانباً إلى جنب بجـوار القضاء. ولهذا السبب لم يلتفت إلى العديد من التفصيلات والمشاكل التي تتواجد أو تنـتـج فـي الحياة العملية عند تطبيق نظام التحكيم، مما أوجد العديد من النقاط الخلافية في شأن العديد مـن المسائل والموضوعات الخاصة بالتحكيم . .

    ومن أجل التغلب على الوضع التشريعي الراهن، تعكف دولة قطر على إصدار قانون جديد ومستقل للتحكيم من أجل تعزيز البيئة التشريعية للدولة. ومن المتوقع صدور هذا القانون في القريب العاجل ليدعم التطور الاقتصادي ومسيرة التحكيم بالدولة.

   ولطالما قامت المرأة القطرية بدور فعال ومشارك للرجل في المجتمع القطري على مختلف المستويات. ويشهد على ذلك التزايد المستمر في عدد الطالبات بكلية القانون جامعة قطر وأيـضا العدد المتزايد من النساء المشتغلات بمهنة المحاماة والقضاء، ويثور التساؤل في هذا الصدد حول دور المرأة في التحكيم ومدى جواز تعيينها كمحكم، بما لذلك من اثر في تأكيد التنوع المطلـوب في مجال المهن القانونية المختلفة.

   وسنعرض بداية لمدى جواز قبول اشتغال المرأة كمحكم طبقاً للقوانين المعمول بها في قوانين دول مجلس التعاون الخليجي، ثم نعرض للصعوبات العملية التي تعيق اختيار المرأة كمحكم.

أولاً- مدى جواز عمل المرأة كمحكم في دولة قطر:

    تولي دولة قطر وقيادتها الرشيدة اهتماماً بالغاً بالمرأة سواء على صعيد التعلـيم أو تقلـد المناصب العليا في الدولة بكونها شريك رئيس في تنمية المجمع". ولقد أكد الدستور القطـري على مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة15. كما أكد الدسـتور أيـضاً أن الناس متساوون أمام القانون، فلا يوجد بينهم أي تمييز في ذلك بسبب الجـنس، أو الأصـل، أو اللغة، أو الدين. وعلى ذلك، لا يوجد من الناحية القانونية ما يمنع عمل المرأة في التحكيم.

   وباستقراء نصوص قانون المرافعات الحالي نجد أن المشرع القطري اكتفى بوضع شـروط عامة بخصوص تعيين المحكمين دون أي تمييز بين الرجل والمرأة. فطبقا لنص المـادة 193 "لا يجوز أن يكون المحكم قاصراً أو محجوراً عليه أو محروماً من حقوقه المدنيـة بـسبب عقوبـة جزائية، أو مفلساً، ما لم يرد إليه اعتباره". كما اشترط القانون انه إذا تعدد المحكمون، وجـب أن يكون عددهم وتراً، وإلا كان التحكيم باطلاً. هذا بالإضافة إلى وجوب تعيين أشخاص المحكمـين في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل، وذلك مع مراعاة ما تقضي به القوانين الخاصة.

   أما مشروع قانون التحكيم القطري الجديد، فلقد تناول بشيء من التفصيل الشروط الواجب توافرها في المحكم حيث نصت المادة 11 من المشروع على أن يكون تعيين المحكمين من بين المحكمين المعتمدين والمقيدين بالسجل الوطني لقيد المحكمين بالوزارة، كمـا يجـوز تعيـين أي شخص محكماً إذا توافرت فيه الشروط الآتية:

   1. أن يكون كامل الأهلية.

   2. ألا يكون قد أدين بحكم نهائي في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ولو كان قد رد إليه اعتباره.

   3. أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.

    كما اشترطت الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر أن لا يكون المحكم من جنسية معينة، مـا لم يتفق الأطراف أو ينص القانون على غير ذلك. كمنح الحق للأطراف في الاتفاق على الإجراء الواجب اتباعه في تعيين المحكم أو المحكمين، دون أن يخل ذلك بالشروط المذكورة أعلاه بشأن الشروط الواجب توافرها في المحكم .

   أما بخصوص واجبات المحكم فلقد ذكرها مشروع قانون التحكيم القطري الجديد بشيء مـن التفصيل، فألزم المحكم بقبول مهمة التحكيم عن طريق الكتابـة، والالتزام بمبـدأي الحيـاد والمساواة بين الأطراف، وتهيئة لكل منهم فرصة كاملـة ومتكافئـة لعـرض دعـواه ودفاعـه ودفوعه، وأيضاً تجنب أي تأخير أو مصاريف غير ضرورية، وذلك بغرض تحقيـق وسـيلة عادلة وعاجلة لحل النزاع  وأخيراً الإفصاح فوراً من تلقاء نفسه، إذا ما طرأت أي من الأمـور أو الظروف المشار إليها، في أي وقت خلال إجراءات التحكيم .

    وعلى ذلك، يتضح لنا أن مشروع قانون التحكيم القطري الجديد لـم يختلـف عـن سـابقه بخصوص المساواة بين الرجل والمرأة عند تشكيل هيئة التحكيم، فكفل لكل منهمـا الحـق فـي التعيين كمحكم في حال استيفاء الشروط التي أوردها المشرع بشكل عام ومجرد دون أي تمييز.

   أما مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم، فلم يتناول أي شروط تفصيلية بخصوص المحكمين المعينين طبقاً لقواعد التحكيم المعمول بها في المركز، فلقد تناول فقط ضرورة أن يكـون المحك محايداً ومستقلاً على أن يكون من جنسية غير جنسية أطراف النزاع في حال اختلاف جنسياتهم .

   ولا يختلـف هـذا الوضـع كثيـرا عـن مـا هـو مطبـق بمركـز قطـر للمـال   QATAR_FINANCIAL CENTRE حيث تتيح قواعد تحكيم المركز للأطراف الاتفـاق فقط بخصوص المؤهلات المطلوبة في المحك مع ضـرورة التـزام المحكمـين الحيـدة والاستقلال .

ثانياً- المرأة كمحكم في تشريعات دول مجلس التعاون الخليجي:

   لا تختلف التشريعات الخليجية في نهجها بخصوص الشروط المطلوب توافرها بشان صلاحية المحكم عن ما هو معمول به في التشريع القطري. فالتشريعات الخليجية في جلها  اكتفت بوضع شروط عامة لصلاحية الشخص الطبيعي للعمل كمحكم دون أي تفريق بين الرجال والنساء.

   فعلى سبيل المثال، تقضي المادة 174 من قانون المرافعات الكويتي أنه "لا يجوز أن يكون المحكم قاصراً أو محجوراً عليه أو محروماً من حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية أو مفلساً لـم ی يرد إليه اعتباره. واذا تعدد المحكمون وجب في جميع الأحوال أن يكون عددهم وترا، كما يجب تعيين المحكم في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل".

   أما المشرع البحريني، قبل صدور قانون التحكيم الجديد، فلقد كان الوضع محدداً وفقاً للمـادة 234 من قانون المرافعات البحريني والتي كانـت تقـضـي علـى أنـه "لا يصح أن يكـون المحكم قاصراً أو محجوراً عليه أو محروماً من حقوقه المدنية بسبب عقوبـة جزائيـة أو مفلـساً ما لم يرد إليه اعتباره. وإذا تعدد المحكمون، وجب أن يكون عددهم وتراً وإلا كان التحكيم باطلا".

   وبصدور قانون التحكيم البحريني الجديد رقم 9 لعام 312015، أصبح قــانون الأونــسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي يطبق على كل تحكيم أياً كانت طبيعة العلاقة القانونيـة التـي يدور حولها النزاع، اذا كان هذا التحكيم يجري في مملكة البحرين أو في خارجها واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام القانون النموذجي الصادر عن الأونسيترال.

   وباستقراء نصوص قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر في عـام 1985، والمعدل في 2006، لا نجد أي تفرقة بين الرجل والمرأة في خصوص مباشرتهما لمهمة التحكيم. فلقد منح القانون الأطراف حرية الاتفاق في خصوص تحديد عـدد المحكمـين وأيـضاً الأجراء الواجب اتباعه في شأن تعيينهم. ونصت الفقرة الأولى من المادة 11 على عدم جـواز منع الشخص من العمل كمحكم استنادا إلى جنسيته، ما لم يتفق اطراف اتفاق التحكيم على خلاف ذلك .

   ولا يختلف ما سبق عن نهج المشرع الإماراتي حيـث تـنص المـادة 206 مـن قـانون الإجراءات المدنية: "1- لا يجوز أن يكون المحكم قاصراً أو محجوراً عليـه أو محرومـاً مـن حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية أو مفلساً ما لم يرد إليه اعتباره. 2- وإذا تعـدد المحكمـون وجب في جميع الأحوال أن يكون عددهم وتراً".

   أما المشرع العماني، فتنص المادة 16 من قانون التحكيم34 أنه: "1- لا يجـوز أن يكـون المحكم قاصراً أو محجورا أو محروماً من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحـة مخلة بالشرف أو الأمانة أو بسبب شهر إفلاسه ما لم يرد إليه اعتباره. 2- لا يشترط أن يكـون المحكم من جنس أو جنسية معينة إلا إذا اتفق طرفا التحكيم أو نص القانون على غير ذلك".

   وأخيراً، أوردت المادة 14 الفقرة الأولى من نظام التحكـيم الـسعودي35 لعـام 2012 أن يشترط في المحكم أن يكون: كامل الأهلية، حسن السيرة والسلوك وأن يكون حاصلاً على الأقـل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية، وإذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر مـن محكم فيكتفي توافر هذا الشرط في رئيسها.

   وعلى ذلك، يتضح جلياً أن التشريعات الخليجية لم تهتم بالتفرقـة بـين الرجـل والمـرأة بخصوص تولي مهمة العمل كمحكم. فاكتفت معظم التشريعات بشرط الأهليـة القانونيـة أو أن لا يكون محروماً من حقوقه المدنية، وذلك فيما عدا المشرع السعودي الذي اشـترط أن يكـون المحكم حسن السيرة والسلوك.

   أما بخصوص الكفاءة القانونية للمحكم، فلم تستوجب كافة التشريعات الخليجية- بمـا فيهـا المشرع القطري أن يكون المحكم رجل قانون أو حتى متعلماً، فيما عدا المشرع السعودي الـذي اشترط أن يكون المحكم حاصل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية.

   كما تفرد قانون التحكيم العماني وقانون المرافعات البحريني عن غيرهما مـن التـشريعات الخليجية بالنص صراحة على أنه لا يجوز أن يمنع أي شخص من العمل كمحكم بسبب جنسيته ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.

   ومما سبق، نستخلص أن التشريعات الخليجية جميعاً تكفل للمرأة حق العمل كمحكم، وذلـك مما لا شك فيه يدعم مسيرة المرأة في الحياة الخليجية وأيضاً يؤكد على التنوع المطلـوب فـي عملية التحكيم، كما يتماشى مع الطبيعة الرضائية للتحكيم القائمة على إرادة الأطراف. فالمهم أن يحوز المحكم ثقة الأطراف بغض النظر عن كون المحكم رجلاً أم امرأة.

الخاتمة والتوصيات:

   كفلت التشريعات الخليجية وأيضا القانون القطري حق المرأة في العمل كمحكـم. كمـا أن هناك تطوراً في مسيرة التحكيم وازدهار كبير لها على مستوى دول مجلس التعـاون الخليجـي. وعلى الرغم من ذلك ما زالت مشاركة المرأة الخليجية ضعيفة على مستوى الحيـاة العمليـة للمحكمين. فمن النادر أن نقرأ أو نسمع أن امرأة قطرية أو خليجية قد اختيرت في احدى هيئـات التحكيم على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي. فعلى الرغم من ازدياد أعداد المقبولين من الإناث بكليات القانون على مستوى دول مجلس التعاون وأيضاً وجود المرأة بقوة علـى سـاحة العمل القانوني كخبير أو محام أو قاض أو مستشار، ما زالت أبواب التحكيم موصدة أمام المـرأة الخليجية رغم ما ذكرنا سالفاً من عدم تفرقة التشريعات الخليجية بين الرجل والمرأة فيما يخـص صلاحية العمل كمحكم.

   ولعل وضع المرأة الخليجية بخصوص المشاركة العملية والفعلية في العمليـة التحكيميـة لا يختلف كثيراً عن الوضع بخصوص مشاركة المرأة في التحكيم على المستوى الـدولي. فتـشـير احدى الإحصائيات أن عدد المحكمين المعينين في قضايا التحكيم بغرفة التجارة الدولـة ICC بباريس بلغ في عام 1995 حوالي 766 محكماً منهم 22 من النـساء بنسبة 3% و 744 مـن الرجال بنسبة 97%. كما بلغ عدد المحكمين المعينين بمحكمة لندن للتحكيم الدولية LCIA ف عام 1998 حوالي 66 محكماً منهم واحدة فقط من النساء بنسبة 1.5% والباقي من الرجال. أمـا في عام 2011، فتم تعيين 318 محكماً بغرفة التجارة الدولية بباريس منهم 36 من النساء بنـسبة %11.32. وتعكس هذه النسبة ضعف مشاركة المرأة في التحكيم على المستوي الدولي.

    وبذلك نستطيع أن نقر بوجود ظاهرة عالمية وهي ضعف مشاركة المرأة في التحكيم. ولعل وجود هذه المسألة مرتبط أساساً بالطبيعة المغلقة التي تتم فيها عملية التحكيم. ففي حقيقة الأمـر، على الرغم من تزايد قضايا التحكيم بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة إلا أن سوق التحكيم مـا زال في يد عدد قليل من الممارسين، معظمهم من الرجال، ومن ثم يشكل ذلك عقبة أمام مشاركة المرأة كمحكم. كما أن هناك غياب لنموذج أو قدرة من النساء على صعيد التحكيم الخليجي، ممـا قد يشجع الأجيال الجديدة من النساء للانخراط في ممارسة مهنة التحكيم، فهناك عدد أكبـر مـن النساء في كليات القانون وبداية السلم المهني للمحاماة دون أن يمتد ذلك الى المناصب العليا فـ الكادر القانوني والمهني وهذا ما يسمى بالتسرب أو pipeline leak.

    ومن الحلول المقترحة لدعم مشاركة المرأة الخليجية في عملية التحكيم، العمل علـى عقـد الدورات التدريبية المتخصصة وورش العمل باللغتين العربية والإنجليزية للخريجات من كليـات القانون في مجال التحكيم بمختلف فروعه، دعم مؤسسات التحكيم لوجود المـرأة علـى قـوائم المحكمين بتلك المراكز، قيام مكاتب المحاماة بدعم وجود المرأة غب قضايا التحكيم واستقطابها لهذا العمل. وأخيراً العمل على تجميع النساء الخليجيات من المشتغلات أو المهتمات بالتحكيم في روابط مهنية أو افتراضية (على غرار موقع Arbitral Women) لتبادل الخبرات وتشجيع النساء لخوض غمار العمل كمحكم.