الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / القوانين العربية / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 14 / معوقات التحكيم في مملكة البحرين

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 14
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    125

التفاصيل طباعة نسخ

    التحكيم وسيلة مهمة من وسائل تسوية المنازعات، بل هو أهمها على الأطلاق، لما يحظى به من ثقة المتخاصمين حيث يؤدي في النهاية إلى تسوية المنازعات عن طريق أناس أولو ثقة وخبرة ومعرفة وبسرعة تكاد تكون خيالية، مقارنة بما تستغرقه المنازعات الأخرى في أروقة المحاكم.

    كما إنه يخفف العبء الكبير الملقى على كاهل القضاء في حسم عدد من المنازعات بطريقة ترضي المتخاصمين، وقد عني قانون المرافعات البحريني رقم (12) لسنة (1971) منذ إصداره بتاريخ 22/06/1971 بتنظيم التحكيم بموجب الباب السابع من القانون: المواد من (233) الى (243) وبلغ إهتمام المشرع البحريني بالتحكيم ذروته بإصدار المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2009 بشأن غرفة البحرين لتسوية المنازعات الإقتصادية والمالية والاستثمارية.

    ويلاحظ الباحث أنه على مدى الأربعين سنة المنصرمة طالت يد التعديل جميع أبواب قانون المرافعات المدنية وعدلت أحكامه المختلفة أكثر من مرة لتتناسب وتطور المجتمع البحريني على مدى أربعة عقود، إلا أن الباب السابع الخاص بالتحكيم بقي كما هو لم تطله يد التعديل، على الرغم مما يواجه عملية التحكيم من معوقات بسبب القصور التشريعي.

    وبالمقارنة مع مصر مصدر معظم القوانين البحرينية فإن التحكيم كان منظماً بموجب المواد من (501) الى (513) من قانون المرافعات المصري الصادر سنة (1949) والمعدل سنة (1968) إلا أن هذه المواد ألغيت تماماً عام (1994) واستعيض عنها بالقانون رقم (27) لسنة (1994) بشأن التحكيم المحلي والدولي.

   وأول ما يعوق عملية التحكيم في مملكة البحرين هو إجراءات تعيين المحكمين عند إختلاف الخصوم أو قيام أي مانع من مباشرة اجراءات التحكيم، حيث يتم تعيين المحكمين بموجب الاجراءات العادية لرفع الدعوى، وفقا لما نصت عليه المادة 235 من قانون المرافعات التي قررت: ((إذا وقع النزاع، ولم يكن الخصوم قد إتفقوا على المحكمين أو إمتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل منه أو قام مانع من مباشرته له، ولم يكن هناك إتفاق في هذا الشأن بين الخصوم، عينت المحكمة التي يكون من إختصاصها أصلاً نظر النزاع من يلزم من المحكمين، وذلك بناء على طلب من يهمه التعجيل بحضور الخصم الآخر أو في غيبته بعد إعلانه بالحضور، ولا يجوز الاعتراض على الحكم الصادر بذلك أو الطعن فيه بالإستئناف)).

    ومن دون عناء يفهم من سياق المادة إن المقصود هو تعيين المحكمين على وجه السرعة، وذلك من خلال النص على:

1) بناء على طلب من يهمه التعجيل.

2) في حضور الخصم الآخر أو في غيبته.

3) ولا يجوز الاعتراض على الحكم الصادر بذلك أو الطعن فيه بالإستئناف.

    إلا إنه ويا للأسف الشديد تستغرق بعض قضايا تعيين المحكمين أمام المحاكم العادية وبالطرق المعتادة لرفع الدعوى سنوات طوال دون الإنتباه الى رغبة المشرع الواضحة في تعيين المحكمين بالسرعة القصوى من خلال العبارات أعلاه، مما يفقد التحكيم أهم ميزة من ميزاته وهو السرعة في تسوية المنازعات.

    لذا نقترح، إضافة النص التالي الى عجز المادة (235): ((وتسري على هذا الطلب إجراءات رفع الدعاوى المستعجلة المبينة بالمادة (8) مكرر)).

    ومن ناحية أخرى، فإن المعوق الأخطر الذي يواجه التحكيم في مملكة البحرين هو ماورد بنص المادة 237 من قانون المرافعات التي حددت أجل التحكيم في حالة عدم الاتفاق بثلاثة أشهر واشترطت موافقة الخصوم جميعاً على مد الأجل حيث نصت على إنه: ((إذا لم يشترط الخصوم في الاتفاق على التحكيم أجلاً للحكم، كان على المحكمين أن يحكموا في ظرف ثلاثة شهور من تاريخ قبولهم للتحكيم، وإلا جاز لمن شاء من الخصوم رفع النزاع الى المحكمة المختصة، وذلك مالم يتم اتفاقهم جميعاً على امتداد الأجل)).

    ويلاحظ إنه في أغلب المنازعات يكون هناك طرف دائن من مصلحته إنهاء النزاع دون أية عراقيل، وطرف مدين لا يتردد في إختلاق العراقيل لمنع صدور حكم يلزمه بالسداد، وعليه فإن إشتراط إتفاق جميع الخصوم والمحكمين على مد أجل التحكيم القصير أصلاً، من الممكن أن يعرقل إجراءات التحكيم ويؤدي، إما إلى البطلان في حالة تجاوز المدة أو خسارة جهود ومصاريف الخصوم والمحكمين خلال الثلاثة أشهر في حالة عدم إتفاق الخصوم جميعاً على التمديد.

    وقد استقر قضاء محكمة التمييز البحرينية منذ إنشائها وفي حالات عديدة على إن صدور حكم المحكمين بعد إنقضاء الأجل أي ثلاثة أشهر يؤدي إلى بطلان الحكم حيث قضت بأنه: ((التحكيم طريق إستثنائي لفض المنازعات قوامه إرادة الخصوم، التزام المحكم بما اتفقوا عليه. تحديد المحتكمين أجلاً لصدور الحكم خلاله، وجوب إلتزام المحكم به مالم يتفقوا كتابة على مدة لذلك. إنتهاء الأجل أثره إنتهاء ولاية المحكم ويبطل الحكم الذي يصدره بعد ذلك. لكل ذي شأن طلب بطلانه)).

((الطعن رقم 432 لسنة 2002 – طلب 2003/1/17م))

    وقد حسمت هذه المسألة في العديد من القوانين المقارنة بأن يتم التمديد، إما بإتفاق الخصوم جميعاً والمحكمين أو بأمر من المحكمة المختصة بناء على طلب المحكمين أو أحد الخصوم.

    مثال المادة (773) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني الباب الأول من الكتاب الثاني (التحكيم):

    ((إذا لم تحدد مهلة في إتفاقية التحكيم بندا كانت أم عقداً وجب على المحكمين القيام بمهمتهم خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ قبول آخر محكم لمهمته، يجوز تمديد المهلة الإتفاقية أو القانونية، أما بإتفاق الخصوم، وإما بقرار من رئيس الغرفة الإبتدائية يصدر بناء على طلب أحد الخصوم أو الهيئة التحكيمية)).

    لذا فإنه من المناسب جعل الأجل ستة أشهر مثلاً وإعطاء الإختصاص للقاضي المختص أصلاً بنظر النزاع بالموافقة على مد أجل التحكيم بموجب أمر يصدره دون حاجة إلى إجراءات الدعوى العادية، وعليه، فإننا نقترح تعديل الفقرة الأولى من المادة (237) مرافعات لتقرأ كما يلي: ((إذا لم يشترط الخصوم في الاتفاق على التحكيم أجلا للحكم، كان على المحكمين أن يحكموا في ظرف ستة أشهر من تاريخ قبولهم التحكيم، وإلا جاز لمن شاء من الخصوم رفع النزاع الى المحكمة المختصة، وذلك مالم يتم مد الأجل الاتفاقي أو القانوني، بإتفاقهم جميعاً أو بأمر من رئيس المحكمة المختصة أصلا بنظر الدعوى)).

    هذا، ولما كان الغرض من تحريك إجراءات أي دعوى أو تحكيم هو التوصل إلى إحقاق حق ما وهذا الحق لا بد من تنفيذه جبراً ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات حيث نصت المادة 241 من القانون على: ((لا يكون حكم المحكمين قابلاً للتنفيذ إلا بأمر يصدره رئيس المحكمة التي أودع أصل الحكم قسم كتابها، بناء على طلب أي من ذوي الشأن، وذلك بعد الاطلاع على الحكم وعلى اتفاق التحكيم وبعد التثبت من أنه لا يوجد ما يمنع من تنفيذه، وبعد انقضاء ميعاد الاستئناف إذا كان الحكم قابلا له. ويختص قاضي التنفيذ بكل ما يتعلق بتنفيذ حكم المحكمين)).

    والغرض من المادة مباشرة تنفيذ حكم المحكمين أمام محاكم التنفيذ وفقاً لإجراءات التنفيذ الجبري، إذا اقتضى الأمر، ولمنع المماطلة في أداء الحقوق والوفاء بالالتزامات.

    ولما كانت ميزة التحكيم السرعة في تسوية المنازعات والوصول الى الحقوق، فإنه من المناسب شمول حكم المحكمين بالنفاذ المعجل حاله في ذلك حال أوامر الاداء التي نظمت بموجب الباب العاشر من القانون ذاته، والحالات الأخرى العديدة الموجبة للتنفيذ العاجل المقررة بموجب المادة 246 من قانون المرافعات.

    لذا فإننا نقترح إضافة العبارة التالية الى عجز المادة (241): ((وتسري على تنفيذ أحكام المحكمين الأحكام الخاصة بالنفاذ المعجل)).

    وأخيراً، فإنه من المقرر بأنه لا يجوز الطعن على حكم التحكيم متى كان نهائياً إلا بالطعن عليه بالبطلان. وقد حددت المادة 243 الحالات النادرة التي يجوز فيها الطعن بالبطلان، إلا إن الفقرة الأخيرة من المادة ذاتها قد نصت على إنه: ((ويترتب على رفع الدعوى ببطلان حكم المحكمين وقف تنفيذه مالم تقضي المحكمة باستمرار هذا التنفيذ)).

     فإذا كان الغرض من التحكيم هو سرعة تسوية المنازعات، وكانت نصوص القانون تحاول منع عرقلة سير التحكيم والمساعدة في إنجازه على أكمل وجه، وذلك لحمل بعض الأعباء عن كاهل القضاء، وإنه من المتوقع أن يكون هناك خصم يمعن في عرقلة الاجراءات لمنع إلزامه بحكم ما، فإنه من الوارد جداً أن يرفع هذا الخصم دعوى بطلان حكم المحكمين حتى ولو كانت حظوظه في الحكم بالبطلان منعدمة، وإذا كان النص الحالي يوقف التنفيذ بمجرد رفع دعوى البطلان، فإن ذلك يؤدي لا محالة الى عرقلة تنفيذ حكم المحكمين ويفسد الغرض الرئيسي منه وهو السرعة في حسم المنازعات، ولا يغير من ذلك النص على حق المحكمة في القضاء بالاستمرار في التنفيذ، لأن الوقت المستغرق لصدور مثل هذا القضاء، في حد ذاته، كفيل بأن يفقد التحكيم ميزاته.

   لذا فإن الاولى، وخصوصاً بعد إضفاء إجراءات الامور المستعجلة على كل ما يتعلق بالتحكيم، أن تطبق الأحكام الخاصة بإستئناف أحكام محاكم الأمور المستعجلة حيث لا يوقف التنفيذ تلقائياً بمجرد رفع الإستئناف، بل بأمر من المحكمة المختصة بنظر الاستئناف (تراجع المواد 245 و247 مرافعات) وليس العكس كما هو حال المادة (243) المذكورة أعلاه.

لذا فإننا نقترح تعديل الفقرة الأخيرة من المادة (243) لتقرأ كما يلي:

   ((ولا يترتب على رفع دعوى ببطلان حكم المحكمين وقف تنفيذه ما لم تقض المحكمة المرفوعة إليها دعوى البطلان بناء على طلب المدعي وقف تنفيذه وكان سبب الحكم بالبطلان واضحاً ويخشی وقوع ضرر جسیم)).

    وكلنا أمل في أن تنال مقترحاتنا أعلاه إهتمام المسؤولين عن التشريع في مملكة البحرين لما فيه من تحقيق للعدالة.