الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / الأنظمة التحكيمية الدولية / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 26 / قواعد الاونسيترال الجديدة حول الشفافية

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 26
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    151

التفاصيل طباعة نسخ

    كمقدمة لعمل الاونسيترال في مجال الشفافية: الاونسيترال هي لجنة الامم المتحدة للقـانون التجاري الدولي، وهي هيئة تابعة للجمعية العامة، والتفويض الذي تعمل بموجبه، يوجهها لتعزيز عصرنة ومواءمة القواعد المتعلقة بالأعمال التجارية الدولية. إن قواعد الاونسيترال حول الشفافية واتفاقية الامم المتحدة بشأن الشفافية قد تم إعدادها أثناء دورات لجنـة الامـم المتحـدة للقـانون التجاري الدولي وفريقها العامل الثاني المعني بالتحكيم. حضر هـذه الـدورات ممثلـون عـن حكومات، عن منظمات غير حكومية وعن منظمات حكومية دولية. اعتمدت الاونسيترال القواعد حول الشفافية وأنهت وضع اتفاقية بشأن الشفافية بتوافق الآراء، وتمت الموافقة علـى النـصين بالاجماع. هذه هي السمة الفريدة لهاذين النصين التي تستحق الذكر. كان هنالك ما يوازي ثمانين وفد دولة حضروا الدورات، وأربعين الى خمسين منظمة دولية تراقب العملية.

    ذكرت الشفافية للمرة الأولى في العام 2008، عندما كانت لجنة الامـم المتحـدة للقـانون التجاري الدولي (الأونسيترال) تراجع قواعدها المتعلقة بالتحكيم. قدمت دولة واحدة اقتراحاً . فيه: أن "عدم تضمين، على وجه السرعة، الاحكام التي تسمح بتعزيز الـشفافية سـوف يعطـي انطباعاً بأن الأمم المتحدة توافق على عدم وجود الشفافية في التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول. وإن مثل هذا التأييد الفعال للسرية ... يكون مخالفاً للمبادئ الأساسية للحكـم الرشـيد وحقوق الإنسان التي تقوم عليها الأمم المتحدة." وعندما تم الانتهاء من تنقيح قواعد الأونسيترال للتحكيم في العام 2010، قررت اللجنة العمل على إعداد معياراً قانونياً للشفافية.

    إن الأسباب الكامنة وراء إعداد معيار قانوني بشأن الشفافية هي متعددة. ومن الواضـح أن الشفافية هي لصالح عامة الناس. نحن نعتبرها مفيدة أيضاً للدول كونها تعـزز الحكـم الرشـيد، ويمكنها أيضاً أن تستخدم كوسيلة لمواجهة الفساد. إن الهدف العام هو تعزيز الثقـة فـي نظـام التحكيم بين المستثمرين والدول. والجدير بالذكر أيضاً هو الاتجاه لصالح الشفافية، فـي قواعـد التحكيم (عدلت الاكسيد قواعدها في العام 2006)، في السوابق القضائية، فـي التـشريع، وفـي معاهدات الاستثمار.

    إن صياغة القواعد تعكس الحرص على تحقيق التوازن بين مصلحتين مصلحة عامة الناس في أن تكون مطلعة، ومصلحة الاطراف في وجود إجراءات فعالة. وتتولى هيئة التحكيم تحقيـق التوازن بين هذه المصالح.

   إن قواعد الشفافية هي عبارة عن نص قصير، يتألف من ثمان مواد فقط.

    عند بدء التحكيم، وذلك قبل أن يتم تشكيل هيئة التحكيم، تشمل المعلومـات التـي سـتنـشر، أسماء الأطراف المتنازعة، والقطاعات الاقتصادية المعنية والمعاهدة التي بموجبها تتم المطالبـة. عندما تنص القواعد على نشر الوثائق، وعلى جلسات استماع علنية، تخضع لبعض الاستثناءات. يتم النشر عبر سجل على الانترنت – تحتفـظ به الامانة العامة للأونسيترال وتجدونـه علـى الموقع:

 www.uncitral.org/transparency-registry/registry/index.jspx.

     تشمل المادة 7 من قواعد الاونسيترال بشأن الشفافية في التحكيم التعاهدي بين المستثمرين والدول فئتين من الاستثناءات: الاولى، لا يجوز إتاحة المعلومات السرية أو المحمية لعامة الناس. تقوم هيئة التحكيم بتحديد ما إذا كانت المعلومات سرية بعد التشاور مع الطرفين. تتضمن المادة 7 تعريفاً "للمعلومات السرية" وهي المرة الأولى التي تحدد فيها الأونسيترال مثل هذا المفهـوم فـي مجال التحكيم. سبب آخر للحد من الشفافية هو الحاجة إلى حماية سلامة عملية التحكـيم. علـى سبيل المثال، يمكن عقد جلسات استماع مغلقة إذا كان هناك خطر تهديد الشهود أو المستـشارون القانونيون.

    تعالج القواعد أيضاً مسألة المذكرات المقدمة من قبل أطراف ثالثة ومن قبـل دولـة غيـر متنازعة - طرفاً في المعاهدة. هذه الأسئلة ليست مسائل تتعلق بالشفافية في حد ذاتها. ومع من الواضح أنه من المهم أن تتضمن أحكاماً بشأن أصدقاء المحكمة amicus curiae. وهنــاك عدد من الضمانات بشأن تلك المذكرات.

   وكان الموضوع الأكثر مناقشة في إطار القواعد هو نطاق تطبيقها. علينـا أن نفـرق بـين المعاهدات القائمة، والمعاهدات المستقبلية، التحكيمات بموجـب قواعـد الأونسيترال للتحكـيم، والتحكيم وفقا لقواعد أخرى.

    تنطبق قواعد الشفافية على التحكيمات بين المستثمرين والدول التي تجري استنادا الى قواعد الأونسيترال للتحكيم عملا بمعاهدة استثمار أبرمت بعد 1 أبريل 2014 (وهو تاريخ دخول القواعد حيز التنفيذ). ومنذ ذلك التاريخ، أبرمت تسع عشرة معاهدة. عدد قليل منها سبق وطبـق قواعـد الشفافية. تنص القواعد أنه بالنسبة لمعاهدات الاستثمار القائمة، ينبغي أن يكون هناك اتفاق مـن الأطراف المتنازعة أو من الدول الأطراف في المعاهدة.

    كان من المهم من أجل تعزيز الشفافية، تجنب النظر إلى القواعد على أنها تطبق فقـط فـي سياق تحكيمات الأونسيترال. إن قواعد الشفافية هي نص قائم بحد ذاته، يمكن أن يطبـق أيـضاً على حالات تطبق فيها قواعد تحكيم أخرى. إن هذا التطبيق يخضع بالطبع لاتفاق الطرفين. مـن الجدير بالذكر، أن بعض المعاهدات المبرمة بعد 1 أبريل 2014 قـد تـضمنت أحكامـا حـول الشفافية، صيغت على غرار قواعد الشفافية، وهي تطبـق كأحكـام المعاهـدات علـى جميـع التحكيمات.

    وتمحور السؤال التالي حول معرفة كيفية تشجيع الدول على الموافقة على تطبيـق قواعـد الشفافية على التحكيمات القائمة بموجب معاهدات قائمة أصلاً: هناك حوالي 2.500 معاهدة مثل هذه المعاهدات معمول بها.

    أولاً، بطبيعة الحال، يجوز للدول أن تتخذ إجراءات من خلال الإعلانات الأحادية الطرف أو الثنائية. ولكن للذهاب أبعد من ذلك، أعدت الأونسيترال اتفاقية بشأن الشفافية، والتي من المتوقع أن يتم اعتمادها من قبل الجمعية العامة في دورتها الحالية.

    إن الاتفاقية هي، من جديد، نص قصير، لأنها عبارة عن آلية لتطبيق القواعد المتعلقـة بالشفافية. لا تتضمن الاتفاقية أحكاماً بشأن الشفافية. إن الأحكام الموضوعية موجـودة فـي القواعد. وتطبق على التحكيمات التي أجريت على أساس معاهدات الاستثمار المبرمة قبـل أبريل عام 2014، وتنص على أن قواعد الشفافية سوف تطبق على أي تحكيم بين مـستثمر ودولة، سواء كان هذا التحكيم أو لم يكن قائماً بموجب قواعد الأونسيترال للتحكيم في الظروف:

 - إذا كان كلاً من الدولة التي ينتمي اليها المستثمر و الدولة المدعى عليهـا طر الاتفاقية حول الشفافية (الانطباق الثنائي أو المتعدد الأطراف)؛ أو

- إذا كانت فقط الدولة المدعى عليها طرفاً في الاتفاقية (عرض التطبيق المقدم من جانــب واحد).

     تسمح الاتفاقية بعدد محدود من التحفظات. ومن الممكن استبعاد تطبيقهـا علـى معاهـدة استثمارية معينة، على مجموعة معينة من قواعد التحكيم، أو استبعاد إمكانيـة تطبيـق قواعـد الشفافية من جانب واحد. إن إبداء أي تحفظ بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ يكون فعالا بعد سـنة من ايداعه. إن أي سحب لتحفظ ما، يكون له أثر فوري.

    ماذا يمكن أن نتوقع في المستقبل من هذه الآليات حول الشفافية؟ أولا، تعزز الشفافية الثقـة في نظام تسوية المنازعات المعتمد حاليا في الآلاف من المعاهدات. ومن ثم، تعمل الشفافية على تحديث النزاعات بين المستثمرين والدول من خلال السماح لعامة الناس بأن يكونوا أكثر اطلاعاً على العملية. وأخيرا، تشير هذه النصوص أنه من الممكن بالفعل إصـلاح هـذا المجـال مـن الممارسة، ليصبح الخطوة الأولى لإجراء إصلاحات أوسع في هذا المجال.