الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / الأنظمة التحكيمية الدولية / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 14 / الجديد من الفيديك نموذج عقد تصميم - بناء – تشغيل

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 14
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    43

التفاصيل طباعة نسخ

مقدمة:

     تكتسب اتفاقيـة تشغيل المشروع (Agreement Project Operation Agreement) لتشغيل مشروع تم تشييده وفقا لعقد الامتياز (Concession Contract)، والتي يتم إبرامها عادة بين شركة التشغيل وشركة المشروع (الملتزم أو المستثمر)، أهمية كبيرة في المشروعات يـنـظم البوت /البووت لكونها تمثل الإطار القانوني الذي يتم ضمنه تشغيل هذه المشروعات. ونظـراً لإستمرار عقد الامتياز لفترة زمنية طويلة، فإنه لا يمكن إستبعاد ظهور عيوب أو وقوع أخطاء أو أحداث لم يكن في الوسع توقعها.

    وحيث أنه غالباً ما يتم تمام التعاقد على هذه المشروعات وتنفيذها وتسلمها مـن مـشيدي المشروع وفقاً لنموذج شروط عقد تسليم المفتاح الصادرة طبعته الأولى عام 1999 عن الفيديك، تحت إسم شروط عقد مقاولات تـصميم إشـتـراء تـشييد وتـسليم مفتـاح (الكتـاب الفـضي - تصميم إشتراء وتشييد - الشروط العامة- إرشادات لإعداد الشروط الخاصة - نمـاذج العطـاء- وإتفاقية العقد - ومجلس فض المنازعات- الطبعة الأولى 1999). وهو النموذج الخاص بأعمـال المشروعات التي يكون فيها المقاول مسؤولاً بالكامل عن جميـع أعمـال الـتـصميم والإشـتراء (للمعدات وجميع ما يلزم من تجهيزات وتركيبها) وجميع أعمال التنفيذ، إلى جانب قيامه بكل ذلك على أساس تسليم مفتاح في مدة محددة وبسعر ثابت يتفق عليه عند التعاقد. وهذا النموذج صيغ خصيصاً ليتلاءم مع المشروعات التي يجري تنفيذها طبقاً لنظم تسليم المفتـاح ولــنظم البـوت البووت.

   وعليه فإن إتفاقية التشغيل، الموقعة مع مقاول آخر منفصل عن مقاول التشييد، لا تدخل حيز التنفيذ، إلا بعد خروج المشيد من الموقع وتسلمه كل مستحقاته، فإن هذا الإنفصال يتيح للمـشغل الفرصة لمحاولة التهرب من تبعات ما قد يحدث من أخطار أو عيوب والتعلل أو الإدعـاء بـأن أسبابها ترجع إلى المشيد وأنه منها براء.

    وفي محاولة لتجنب هذه المخاطر والتقليل من آثارها أصدر الفيديك في العام 2008، الطبعة الأولى من نموذجه الجديد "شروط عقـد تـصميم- بنـاء- تشغيل- Design Build DBO Operate"، مبيناً الهدف من إصداره، وأهم ملامحه التعاقدية، وأنه يربط بين التصميم والتشييد، والتشغيل طويل الأجل للمشروع في عقد واحد، يمنح لمقاول واحد يتكـون مـن جميـع الــنظم والمهارات المطلوبة لهذا النظام.

    واتفاقيــة تشغيل المشروع تختلف عن إتفاقية التشييد التي تتميز بكونها عقد بسعر ثابـت ومدة تنفيذ لا تتغير، وإنمـا هي كغيرها من العقود التي تبرم لتحقق الأهداف الأساسية للعقـد، وهي:

  • أداء كل من الطرفين، ومدى التزامه بهذا الأداء،

  • مدى السماح عند اختلال الأداء الفعلي عن المتفق عليه.

  • اقتسام المخاطر Risk Allocation بين الطرفين.

  • آلية حل المشاكل والمنازعات Dispute Settlement التي قد تحـدث أثنـاء تـشغيل المشروع.

    وكذلك ينبغي أن تحقق اتفاقية تشغيل المشروع بنظام البوت/البووت التوازن بـيـن مـصالح شركة التشغيل والتي قد تتعارض أحياناً مع مصالح شركة المشروع، حيـث ترغـب شــركة المشروع في التأكد من تغطية المشروع لنفقاته مع تحقيق الربح الذي إفترضته عند موافقتها على التعريفة التي تم التعاقد عليها سواء التي تحصلها من الحكومة أو المستخدمين مباشـرة، بينمـا تهـدف شركة التشغيل إلى التخفيف قدر الإمكان من الآثار السلبية التي قد تنجم عـن تقـديم الخدمة.

2- أهم بنود اتفاقية التشييد وآثارها على إتفاقية تشغيل مشروع البوت/البووت:

2-1 يعتبر المشروع بنظام البوت/البووت من أنسب الوسائل لنقل التكنولوجيا إلـى دولـة المشروع، وتنص اتفاقية تشغيل المشروع عادة على التزام شركة المـشروع بهـدف المساعدة على نقل التكنولوجيا. وكذلك يمكن النص على مساهمة الشركات الوطنيـة (إن وجدت)، في أعمال التشييد والتشغيل، واستخدام المـواد المحليـة والمـوردين المحليين عبر تمييز عطاءات من يستخدمهم وإعطائهم الأولوية في المشروع.

ومن أهم هذه الالتزامات التزام شركة المشروع بتـدريب عمـال الدولـة المـضيفة وموظفيها على أعمال التشغيل والصيانة، واستمرار التـدريب طـوال مـدة تـشغيل المشروع التي سوف تبدأ بمعرفة مقاول آخر بعد الإنتهاء من تشييد المشروع وتسلمه! كما تحدد اتفاقية تشغيل المشروع طرق دفع سـعر الخدمـة المتفـق عليـه لـشركة المشروع، وأسس المحاسبة، وطرق التحصيل والقياس، وآليات جمع التعريفة.

ويمكن أن يتم ذلك عبر اتفاقية خاصة بين شركة المشروع وجهـة حكوميـة تتـولى بدورهـا توزيع الخدمة ومحاسبة الجمهور. وقد تجمع التعريفـة شـركة المـشروع مباشرة.

وتعتبر مدة الامتياز من العوامل المهمة في اتفاقية المشروع، وتمتد عقـود الامتيـاز عادة لفترة زمنية طويلة تصل إلى عشرات السنين. وفي حين لا تسمح بعض الـدول كفرنسا مثلاً بتجاوز مدة الامتياز 20 سنة، تسمح دول أخرى بحد أقصى لاتفاقيـات الامتياز يصل إلى مائة عام.

وقد حددت القوانين المصرية الجديدة في شأن العقود بنظم البوت/البووت في محطات الكهرباء والطرق والمطارات والموانئ المدة القصوى للامتياز أيضاً بتسعة وتسعين عاماً وقد تمتد مدة الامتياز دون نهاية كما هو الحال في عقود البناء والتملك والتشغيل. .(BOO)

 ويمكن أن تحدد الحكومة مدة الامتياز مسبقاً للمتقدمين بالعطـاءات لتنفيـذ مـشروع البوت، ويحدد هؤلاء العائدات، وبالتالي التعريفة على أساس مدة الامتياز، أو قد تترك المدة مفتوحة للمتقدمين لعطاءات البوت/البووت وتؤخذ فـي الاعتبـار عنـد تقيـيم العطاءات بشكل مباشر أو غير مباشر عبر حساب القيمة الصافية الحالية الدنيا للتدفق النقدي المتوقع من المشروع.

ويمكن ربط مدة الامتياز بعائدات المشروع، وبالتالي ينتهي الامتيـاز عنـد تغطيـة المشروع تكاليفه الاستثمارية، إضافة إلى ربح معين، أو يتم مده أو تقليله، إذا انخفض مستوى العائدات أو ارتفع عن المستوى المخطط الذي تتوقعه الحكومة.

2-2 اقتسام المخاطر وطرق التعامل معها في عقد التشييد وأثارها على عقد التشغيل:  

    يمتد المشروع الإستثماري بنظام البوت/البووت على فترة زمنية طويلة نسبياً، وبالتالي فمن المنطقي أن ينطوي على مخاطر كثيرة وكبيرة ينبغي التعامل معها عند صياغة اتفاقيـة العقـد. ويعتبر معيار إقتسام المخاطر سهلاً من الناحية النظرية، أساسه أن يتحمـل المخـاطر الطـرف الأكثر قدرة على تحملها، أو الذي يستطيع تجنبها أو السيطرة عليها وإدارتها أو الذي تكون تكلفة تحملها منخفضة نسبياً له. وينبغي التأكد أن الطرف الأقدر على التعامل مع المخاطر سيحصل على المكافأة المناسبة له للقيام بذلك، إلا أن تطبيق هذه المبادئ قد يواجه صعوبات عملية، حيـث أنه ليس من السهل دائماً تحديد المدى الذي يكون فيه الطرف في وضـع يمكنـه مـن تحمـل المخاطر. وكذلك قد يمتلك الطرفان أساليب مختلفة لقياس المخاطر ومفهومها ويصبح البحث عن الأقدر على تحمل المخاطر أمراً معقداً، وأيضاً يعتبر قياس المخاطر أمراً شخصياً يرتبط بنظـرة الطرف الخاصة إلى المخاطر. كما أن سجلات السلطة المانحة للامتياز تؤدي دوراً في تحديـد توزيع المخاطر.

     وتتشابه المخاطر التي يحتمل أن تحدث في مشروع البوت/البووت مع المخـاطر محتملـة الحدوث في المشروعات التي تنفذ بالأساليب التقنية، وذلك خلال المراحل المختلفـة للمـشروع، وخاصة المخاطر المتعلقة بتأخر التشييد أو ارتفاع تكاليفه أو انخفاض الأداء الفعلي عن المتعاقـد عليه وغيرها.

    وإضافة إلى المخاطر في المشروعات التقليدية تحتوي مشروعات البـوت البـووت علـى مخاطر أخرى تفرضها طبيعة التمويل، من بينها قابلية العملة المحلية للتحويل إلى عملات أجنبية، وإمكانية إخراج العملة الأجنبية إلى خارج البلاد، ومعاودة الحكومة تقييم عملتها.

   كما أن الطبيعة العامة لهذه المشروعات، قد تجعل شـركة المشروع معرضـة لمخـاطر المصادرة والتأميم من قبل الحكومة، وكذلك يؤثر أي تغيير في قوانين الدولة، فـي تـعـرض شركة المشروع لمزيد من المخاطر، إضافة إلى المخاطر السياسية التي قـد تـنجم عـن تغيـر الحكومة أو السياسات العامة.

    ورغم أن هذه المخاطر هي مخاطر تتعرض لها على الأغلب شركة المشروع ومقرضـوها بسبب عدم وجود ضمانات حكومية مباشرة، مقابل القروض التي قـد تحصل عليهـا شـركة المشروع، إلا أن الحكومة معنية بتخفيف تعرض شركة المشروع لهـذه المخـاطر، لأن شـركة المشروع ومن خلفها المقرضون سيتحملون المخاطر حال قبولهم تنفيذ المشروع، عبر رفع نسبة الفائدة أو المطالبة بمدة تشغيل أطول، ويؤدي ذلك بالتالي إلى ارتفاع تكلفة الخدمة.

   وبالتالي، ، من مصلحة الحكومة المساهمة بتحمل جزء من هذه المخاطر عبر تقديم ضمانات مناسبة لشركة المشروع مباشرة أو عبر هيئات دولية كالبنك الدولي (1996 World Bank)، أو الهيئة الدولية لضمان الاستثمار (Multilateral Investment Guarantee Agency)، أو عبر هيئات إقليمية أو من خلال اتفاقيات ثنائية مع دولة شركة المشروع.

ويوضح الجدول رقم 1 أدناه المخاطر التي يتضمنها مشروع البوت فـي مرحلـة الـتـشييد وطرق التعامل معها، ومن يتحمل تبعاتها:

الجدول 1

 

 

 

 

كما يوضح الجدول رقم 2 أدناه المخاطر التي يتضمنها مشروع البوت في مرحلة التشغيل وطرق التعامل معها ومن يتحمل تبعاتها:

الجدول 2

وقد تنص الاتفاقية على إعادة التفاوض في حال ظهور بعض المخاطر التي لم يكن في الوسع توقعها.

 

 

2-3 نقل الملكية / الحيازة:

   ينتهي مشروع البوت/البووت نهايته الطبيعية عادة بنقل ملكيته أو إعادته (Transfer) إلـى الدولة المضيفة بأنتهاء مدة الامتياز، وفي هذا الشأن يجب أن تحدد الاتفاقية الأمور التالية:

• شروط ووقت نقل الملكية أو تجديد الامتياز.

• محتوى ومضمون نقل الملكية.

• مستوى كفاءة المشروع عند نقل الملكية.

• جداول السجلات والمراقبة لأعمال الصيانة قبل تاريخ النقل.

• تأمين قطع الغيار عند النقل وكيفية تأمينها بعده.

• نقل تأمينات المقاولين وبوالص التأمين.

• تدريب الأشخاص المحليين اللازمين للتشغيل اللاحق للمشروع.

• الامتثال للقوانين والقواعد البيئية.

• تعريف وتوزيع تكاليف النقل.

• إلغاء العقود السابقة والإحالات.

• إزالة شركة المشروع لممتلكاتها من الموقع (إن وجدت).

• إعادة ضمانات الصيانة لشركة المشروع.

• أسلوب نقل ملكية المشروع.

     ويجب أن تنص اتفاقية تشغيل المشروع على بدء إجراءات نقل الملكية من قبـل الحكومـة وشركة المشروع قبل انتهاء مدة الامتياز بمدة معقولة، وأن يبدأ العمل خلال هذه المدة بإجراءات النقل وتحديد مسؤوليات العمل.

     كما ينبغي أن تحدد الاتفاقية أن تكون الصيانة مستمرة بشكل جيـد، وأن تخـضع لمراقبـة الحكومة بحيث تنتقل الملكية في حال سليمة وبالكفاءة المتفق عليها وصالحة للإستخدام.

    كما يجب أن تنص الاتفاقية على ضرورة توفير أدلة التشغيل والصيانة لآلات المشروع، وطرق التشغيل، ومخططات كما تم البناء (As Built)، وبرامج الكمبيوتر الخاصة بالتشغيل (إن وجدت)، وأن يتم ذلك خلال مدة محددة قبل التاريخ المحدد لنقل/إعادة الملكية.

2-4 القوة القاهرة:

    نظراً لإستمرار عقد الامتياز لفترة زمنية طويلة فإنه لا يمكن إستبعاد وقوع أحداث لم يكـن في الوسع توقعها. ومن المعروف أنه في ظل القوانين المستمدة من القانون الإداري الفرنسي كالقانون المصري، ليست هناك حاجة الى الاسهاب في شرح تفاصيل الظروف غيـر المتوقعـة والقوة القاهرة في متن العقد (مثل عقد محطة كهرباء سيدي كرير- الساحل الشمالي - مـصر)، وذلك لأن نظرية العقود الإدارية تتضمن أساساً عدة نظريات تتناول هذا الموضوع، وهي (نظرية عمل الأمير، ونظرية الظروف الطارئة، ونظرية الصعوبات المادية غير المتوقعـة) وجميعهـا تسمح بتعويض المتعاقد مع الإدارة في حال التصرف المنفرد من قبـل الإدارة، أو فـي حـال الظروف الطارئة، التي لم يكن في الوسع توقعها.

    وبالرغم من ذلك فإن المستثمرين الأجانب غالباً ما يطالبون بوضع بند خاص في العقد يحدد الأحداث والظروف غير المتوقعة والتي يمكن أن تشكل قوة قـاهرة، وكيفيـة التعامـل معهـا، والطرف الذي يتحمل تبعاتها حال حدوثها. وتشمل القوة القاهرة إلـى جـانـب قـوى الطبيعـة والكوارث الطبيعية، والحروب، والأزمات الاقتصادية، ...، مجموعة من الأحداث أهمها:

• قرارات السياسة العامة للسلطات الحكومية كالـضرائب، والمعـايير البيئيـة، وقـوانين الجمارك، وتحويل العملات الأجنبية وأسعارها، ...الخ.

• قرارات الحكومة لصالح الجمهور مثلاً، والتي قد تؤثر مباشرة فـي التزامـات الملتـزم (شركة المشروع)، و/أو القرارات الحكومية الخاصة بإلغاء العقد أو إنهائه. وللتعامل مع الظروف غير المتوقعة هناك أربع طرق يمكن اتباعها في اتفاقية المشروع هي:

  • تضمين العقد مجموعة من الاشتراطات تنص على إعادة التفاوض بين الأطراف، على فترات زمنية معينة.

  • منح سلطـة تعـديل العقـد لطـرف ثالـث، أو مـا يعـرف بـالمنظم المـستقل (Independent Regulator)، والذي تكون له صلاحية تعويض الملتزم فـي حالـة الظروف السيئة غير المتوقعة، أو خفض قيمة التعريفة عند حدوث ظروف أفضل مـن المتوقعة.

  • الإحتفاظ بالحق في تغيير الإتفاقيات من جانب واحد في حالة الظروف الطارئة، مـع الإلتزام بالحفاظ على التوازن المالي للعقد، كما هو الحال في الدول التي تتبـع القانوني الفرنسي (نظرية عمل الأمير).

  • التأمين ضد المخاطر الناجمة عن البعض من هـذه الأحـداث، وخاصـة المخـاطر السياسية.

2-5 التشغيل والصيانة:

   وهي أهم مراحل المشروع بنظم البوت/البووت وأكثرها تعرضاً للمنازعات. ويراعي أن ما تجمع من خبرات بشأن العديد من المطالبات والمنازعات نتيجة ما قد يحدث خلالها من مخـاطر (جدول رقم 2). وقد كانت هذه المطالبات والمنازعات السبب الرئيسي الذي حفز الفيـديـك علـى إصدار الطبعة الأولى عام 2008، من نموذج جديد يتنأول مرحلتي التشييد والتشغيل معا، تحـت مسمى " شروط عقد تصميم - بناء- تشغيل. Design Build Operate) DBO Form)".

   مما تقدم يتضح أن التعاقد على تشييد مشروع بأي من نظم البوت/البووت تم تسلمه بعد قيام المقاول سواء كـان إتحـاد شـركات Joint Venture أو إئتلاف شـركات - كونسورتيوم Consortium ثم التعاقد على تشغيله بمعرفة مشغل جديد لم يشارك في المراحل السابقة وبالتالي لا يسأل عنها، يتسبب بكل تأكيد في تقسيم المسؤوليات بشأن ما قد ينشأ من مطالبات أثناء مرحلة التشغيل.

    وفي محاولة لتجنب هذه المخاطر والتقليل من آثارها أصدر الفيديك في العام 2008، الطبعة الأولى من نموذجه الجديد "شروط عقـد تـصميم- بنـاء- تشغيل- Design Build DBO Operate"، مبيناً الهدف من إصداره، وأهم ملامحه التعاقدية. وقد كان لزاماً على الفيديك إضافة بنود متعددة لمراعاة طبيعة مرحلة التشغيل، إضافة إلى تعديلات جوهرية أخرى أدخلت على بند من أهم بنود عقود الفيديك، ألا وهو البند الخاص بالمطالبات والمنازعات والتحكـيم (البنـد 20) مبينة في الشكل الجدول رقم 4. وأهم هذه التعديلات المنسوخة بخط مائل هو الـسماح بالتقـديم المتأخر للمطالبات أي تجاوز فترة الـ 28 يوماً الشهيرة.

    إن النهج المتبع في صياغة النموذج الجديد يربط بين التصميم والتشييد، والتشغيل طويـل الأجل لمشروع ما في عقد واحد، يمنح لمقاول واحد (إتحاد شركات Joint Ve54 شركات Consortium) مكون من جميع النظم والمهارات المطلوبة لهذا النظام. وهذا النهج لـم يأخذ في الإعتبار أن أعمال التشييد في هذه النوعية من المشروعات، مهما كبـر المـشروع، لا يمكن أن تزيد على ثلاث إلى خمس سنوات، بينما تشغيل وصيانة المشروع يستمر طوال فتـرة منح الإمتياز لشركة المشروع. وقد وصلت هذه الفترة في بعض المشروعات مثل نفـق المـانش إلى 55 سنة، كما يتبين من الجدول رقم 3 أدناه.

الجدول 3: أكبر عشرة استثمارات للقطاع الخاص في البنية الأساسية في العالم في الفترة 1984-1995

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

     ويهدف النموذج الجديد إلى تجنب عيوب تنفيذ مشروع إسـتثماري، يتكـون أساسـاً مـن مرحلتين وثيقتي الإتصال، بعقدين مستقلين: الأول مع مقاول لمرحلة التصميم والتشييد والتجهيـز باستخدام النموذج الصادر من الفيديك عام 1999 وهو عقد التصميم والتشييد والتجهيز (الكتـاب الفضي EPC-Turnkey Projects)، والثاني مع مقاول آخر لمرحلة التشغيل طوال مدة الإمتياز بعقد (إتفاقية التشغيل) تتم صياغته بمعرفة شركة المشروع والمشغل.

    وحيث ينتهي العقد الأول بإتمام المقاول أعمال التشييد والتجهيز وتسليم المشروع ويبـدأ التشغيل طبقاً للعقد الثاني، فإنه من الطبيعي أن تبدأ محاولات تهرب مقاول التشغيل من أية عيوب أو أخطاء قد تنشأ أثناء هذه المرحلة، بالتعلل بأن سببها يرجع إلى المقاول الذي قام بالتشييد، وأنه منها براء.

    وفي محاولة لتجنب هذه الإدعاءات اعد الفيديك النموذج الجديد الذي يتـيـح تنفيـذ هـاتين المرحلتين بمعرفة مقاول واحد، وبالتالي عقد واحد يشمل جميـع مراحـل تنفيـذ المـشروع الإستثماري من تصميم وتشييد وتجهيز وتشغيل وصيانة.  

   ويراعي أن نجاح نموذج عقد التصميم - بناء- تشغيل يعتمد أساساً على التزام المقاول بإتمام المشروع، وأن يغطي هذا العقد مرحلة التصميم والبناء والتجهيز ومرحلة التشغيل والصيانة فـي آن واحد. ولهذا تم إختيار ضمان الأداء الواحد الشامل طويل الأجل، الذي يمكن أن يخفض بشكل رئيسي بعد إتمام مرحلة التشييد كمرحلة أولى، ولكنه يستمر سارياً لمرحلة أداء وإنجاز خـدمات التشغيل والصيانة.

ميزات النموذج الجديد لشروط عقد التصميم - بناء- تشغيل:

    يحقق هذا النموذج ميزات عدة، ومع ذلك كما هو الحال في كل نماذج العقود، إذا حاول أي طرف إستخدامه في مشروعات غير مناسبة له، فقد لا تتحقق هذه الميزات؛ وأهمها:

الوقت: هذا النموذج يتيح الفرصة للقيام بأعمال البناء أثناء تقدم أعمال التصميم، وبالتـالي يمكن تجنب تأخر أعمال البناء إنتظاراً لإنهاء أعمال التصميم.

ماليـاً: هذا النموذج يحمل المقاول مخاطر تغير التكلفة، وبالتالي تقل مخاطر زيـادة سـعر العقد .

الجودة: حيث أن المقاول سوف يكون مسؤولاً في هذا النموذج عن التشغيل والصيانة لمـدة 20 عاماً، فإنه من صالحه أن يعتني بالتصميم والتنفيذ، وأن تكون تكلفة أعمال صيانة المـشـروع أقل ما يمكن، وأن تتم جميع الأعمال لتدوم أطول فترة ممكنة؛ بعكس أن يكون المشروع صـالحاً للغرض المنشأ من أجله فقط، كما هو الحال في المشروع بنظام التصميم - بناء، وعليه فـإن رب العمل سيحصل على مشروع متميز بالنسبة الى تكلفة دورة حياة المشروع بأحدث التقنيات.

مستندات نموذج عقد التصميم -البناء- التشغيل:

    النموذج الجديد مماثل لما سبقه من نماذج الفيديك من حيث كونـه مـكـون مـن 20 بنـداً، ويستخدم التعبيرات والتعريفات نفسها السابق إستخدامها. ويتكون من الشروط العامة والـشروط الخاصة والنماذج، تماماً مثل عقود الفيديك الثلاثة السابقة طبعة 1999.

   كما أصدر الفيديك عام 2011 بإصدار الطبعة الأولى لدليل يشرح كيفية إستخدامه، وكيفيـة تعدیل بنوده إن لزم الأمر؛ وخاصة إذا تتطلب المشروع زيادة فترة التشغيل عن 20 عاماً.

    وإلى جانب ذلك، فقد تتضمن هذا النموذج بعض التحسينات بالنسبة لطبعات 1999 ليتناسب مع الإحتياجات التعاقدية من حيث أنه من الضروري التفرقة بين مختلف مراحل المشروع، وهي: التصميم والتخطيط، والبناء والتشييد، والتشغيل والصيانة.

   كما يقدم هذا المقال ترجمة للبند 20، وهو البند الخاص بالمطالبات والمنازعات والتحكـيم لبيان ما إستجد على صياغته عن سابقتها في الثلاثة نماذج السابقة الصادرة منـذ عـام 1999، وهي:

1- نموذج عقد التشييد Construction.

2- نموذج عقد الأعمال الصناعية والتصميم/بناء PLANT and Design-Build.

3- نموذج عقد التصميم والإشتراء والتشييد/ مشروعات تسليم المفتـاح EPC/Turnkey .Projects 6-2

فض المنازعات:

   من الصعب استمرار عقد الإمتياز طوال مدته الزمنية دون حدوث مطالبات و/أو منازعات بين طرفي عقد التشييد وعقد التشغيل، لذلك ينبغي أن ينص العقد منذ البداية على الطريقة التـي ينبغي للطرفين اتباعها عند حدوث منازعات بينهما. ويمكن لعقود الإمتياز أن تحتوي عدة أساليب لحل المنازعات بما فيها الطرق القضائية، أو شبه القضائية، أو الإختيارية، أو الوسائل البديلة أو الودية لحل المنازعات.

   خاصة وأن عقد الامتياز يعتبر من العقود التي يمكن أن تظهر أثناء تنفيذها منازعات كثيرة، وذلك بسبب استمراره لفترة طويلة وبسبب ارتباطه بالمصلحة العامة وتقديمه لخدمة عامة، وكذلك حساسية نظامه التمويلي لأي تغيير، إضافة إلى صعوبة وتعقيدات مشروعات البنيـة الأساسـية الكبيرة التي يتم استخدامه فيها.

   وبسبب العيوب التي تعاني منها معظم النظم القضائية الرسمية، مـن حيـث طـول فـتـرة التقاضي وارتفاع تكاليفه والطبيعة العدائية للمحاكمات، وتدني الخبرات الخاصة، إضافة إلى عدم اعتبار الجهات الأجنبية للمحاكم الوطنية على أنها طرف محايد في الخلافـات بـين الأطـراف الخاصة والعامة، أو الأطراف المحلية والأجنبية، غالبا ما يتم تضمين العقد لوسائل بديلة لفـض المنازعات، كالوساطة (Mediation)، أو التوفيق (Conciliation)، أو المحكمـة المـصغرة (Mini Trial)، إضافة إلى إمكانيـة تعييـن هيئـة خاصة في العقد كهيئة خبراء أو مراجعة منازعات أو هيئة فض المنازعات كما هو الحال في عقود الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين (الفيديك). هذا بالطبع، إضافة إلى التحكيم الذي يمتاز بالسرية والخبرة والحياد والتكامل، ويجـب أن تحدد اتفاقية العقد قواعد التحكيم وطريقة تعيين المحكمين وهيئة التحكيم وإسم مركز التحكـيم إذا كان مخالفا للوارد في العقد النموذجي المستخدم (البند 20 – عقود الفيديك).

الجدول 4