أدى التطور الهائل لانتشار نظام التحكيم في دول العالم أجمع، باعتباره قضاء بديلاً لفض المنازعات التجارية والمدنية و الاقتصادية لما تتمتع به أحكامه من تميز من حيث عنصر السرعة والسرية بالإضافة إلى الإلزامية إلى اعتباره الوسيلة الأولى والفعالة لمواكبة التطور السريع في تدفق المعاملات التجارية بين البلاد وما ينتج عنها من منازعات تعرقل الاستثمار، فضلاً عن أن نظام التحكيم يعمل علي تشجيع المستثمر الأجنبي والخليجي والذي بات لا يرتضى بغير التحكيم بديلاً إلى استثمار أمواله وهو يعلم بوجود نظام سهل وسريع يحمي حقوقه ومقدراته.
وقد أدى ذلك إلي مسارعة دول العالم بما في ذلك الإتحاد الأوروبي وأجهزة الأمم المتحدة المعنية (UNICITRAL) نحو تحديث قواعد التحكيم وإجراءاته وكان جل اهتمامها هو توحيد تلك الإجراءات لسهوله إتباعها وتنفيذها في كافة الدول، ومن هنا كانت بداية اهتمام وانتباه السادة المستشارين القانونيين بالغرف الأعضاء في اجتماعها الأول الذي عقد بمدينة دبي اتحاد غرف الإمارات بتاريخ 27 نوفمبر 2007م بأهمية إعداد مشروع قانون موحد للتحكيم لدول مجلس التعاون الخليجي، وعليه تم تكليف المستشار الدكتور أحمد محمد عبد البديع شتا مستشار غرفة تجارة وصناعة قطر بإعداد مسودة المشروع وبمقر غرفة تجارة وصناعة الكويت بتاريخ 24 أبريل 2008م تم تقديم مسودة المشروع وقام الدكتور أحمد محمد شتا بعرض جوانبه الرئيسية ومنظومته وتم التوصل إلى تشكيل فريق عمل لمناقشة المشروع مكون من السادة :
1- الدكتور أحمد محمد شتا - غرف تجارة وصناعة قطر
2- السيد محمد ياسين - غرفة تجارة وصناعة ابوظبي
3- السيد محمد عصام كمور – غرفة تجارة وصناعة البحرين
4- الدكتور سعود المشاري- مجلس الغرف التجارة الصناعية السعوديه
5- السيد علي حيدر البلوشي غرفة تجارة وصناعة عمان
6- الدكتور صباح عبدالسلام غرفة تجارة وصناعة الكويت
حيث بحث المجتمعون المسودة وتم إدخال الملاحظات والمرئيات التي أبدتها كافة الغرف الخليجية وتم اعتمادها نحو رفعه إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي من اجل إصداره كمشروع يطبق في دول المجلس كنواة أولي للسوق العربية التي تأمل فيها كافة الشعوب العربية من أجل رفعة البلاد ومصالح العباد.
وحيث أن هذا القانون يعمل علي توحيد كافة النظم الخليجية في إتباع إجراءات موحدة للتحكيم للعمل علي خلق المرونة والانسيابية في سرعة حل المشكلات التي تواجه مواطني دول مجلس التعاون الخليجي من خلال قيامهم بأعمال التجارة البينية وغير البينية بما في ذلك الاستثمارات الداخلية والخارجية المشتركة، كما أن هذا القانون الموحد يعد سابقة أولى لدول المجلس لم تنتهجه بعد أكبر التكتلات العالمية ومنها الإتحاد الأوروبي.
ومع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في دول مجلس التعاون الخليجي تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع إذا كان هذا التحكيم يجري في دول مجلس التعاون الخليجي، أو أي تحكيم دولي يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون.
وبالنسبة إلي منازعات العقود الإدارية أو المسائل المدنية والتجارية المترتبة علي صدور القرارات الإدارية من الشخص الاعتباري العام يكون الاتفاق على التحكيم فيها افقة الوزير المختص أو من يفوضه في ذلك ما عدا ما استثني منها بنص خاص.
كما لا يمس هذا القانون أي قانون أخر في دول المجلس لا يجيز تسوية منازعات معينة بطريق التحكيم، أو لا يجيز عرض منازعات معينة علي التحكيم إلا وفقاً لأحكام مختلفة عن أحكام هذا القانون.
كما لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم، ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعى ذلك في صحيفة الدعوى وكان الطلب مبنيا على أسباب جدية وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول جلسة محددة لنظره، وإذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مالي، وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوى البطلان خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر، فإذا أبطلت المحكمة حكم التحكيم فإن اتفاق الأطراف علي التحكيم يبقي سارياً بعد إبطال حكم التحكيم ما لم يتفق الأطراف علي خلاف ذلك.
يحل القانون الموحد للتحكيم لدول مجلس التعاون الخليجي بعد نفاذه محل أحكام وقوانين التحكيم المعمول بها في الدول الأعضاء، وفي حدود القواعد والنظم الدستورية والأنظمة الأساسية المعمول بها في كل دولة، وبما لا يتعارض معها.
ملاحظة: تنشر "مجلة التحكيم" في باب القوانين نص مشروع القانون الموحد للتحكيم لدول مجلس التعاون الخليجي.