الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / الأنظمة التحكيمية الدولية / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 20 / البيئة الاستثمارية والمأمول بعد نظام التحكيم السعودي الجديد

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 20
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    263

التفاصيل طباعة نسخ

    ما لا شك فيه أن المملكة تحرص كل الحرص على تنمية وتشجيع البيئة الاستثمارية وتعمل على إزالة الهواجس والمخاوف التي انتابت وما زالت تنتاب المستثمرين، الوطنيين منهم والأجانب، بشأن الاحتكام في منازعاتهم إلى المحاكم القضائية السعودية بسبب بطء الفصل في القضايا والتأخير في تنفيذ الأحكام ما يؤدي إلى ضياع الحقوق.

    وكان أحد الخيارات هو نظام التحكيم السعودي القديم الذي -ويا للأسف- لم يحقق رغبات المستثمرين وتطلعاتهم، الأمر الذي تطلب إلغاء هذا النظام وصدور نظام جديد للتحكيم بالمرسوم الملكي رقم (م/34) وتاريخ 1433/5/24هـ، وعمل هذا النظام على ترسيخ الشفافية وتبسيط إجراءات التحكيم وسلاستها لسرعة الفصل في القضايا التحكيمية، كما شمل الاعتراف بوسائل الاتصال الحديثة في الإثبات مثل الإيميل (Email) وغيره، إضافة إلى إنشاء مركز تحكيم سعودي وأحقية أطراف التحكيم في اللجوء إلى مراكز التحكيم الدولية، وفي الاحتكام إلى قواعد قانونية غير المنصوص عليها في النظام السعودي، وذلك تحقيقاً لرغبات المستثمرين السعوديين غيرهم على حد سواء في الاحتكام إلى نظام يختارونه بأنفسهم لضمان سرعة الفصل في القضايا وقلة التكلفة، ما يجعل المملكة بيئة استثمارية واعدة .

   والحقيقة أن نظام التحكيم الجديد لا يعدو أن يكون، إلا إحدى الخطوات الكبيرة التي انتهجتها المملكة بهدف تنمية البيئة الاستثمارية، فقد سبق صدور هذا النظام صدور أنظمة عدة أخرى، أهمها على وجه الإطلاق نظام القضاء الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/78) وتاريخ 1428/09/19هـ، متضمناً التأكيد على استقلالية القضاء في المملكة وتعدد درجات                                                   التقاضي في محاكمه المختلفة الدرجة الأولى ومحكمة الاستئناف، ثم المحكمة العليا تضمن النظامأيضاًزيادة اختصاصات القضاء ومنها نظر منازعات الاستثمار، التي هي في إطار التفعيل قريباً بعد إلغاء لجنة تسوية منازعات الاستثمار، ما يعطي المستثمرين الوطنيين والأجانب ثقة في عرض منازعاتهم على القضاء ليصب ذلك في مصلحة المستثمر للاستفادة من الإجراءات النظامية والإجرائية المستحدثة التي تؤدي إلى سرعة الفصل في القضايا وتنفيذ الأحكام، إضافة إلى التزام المملكة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعتها والخاصة بالإستثمار مثل اتفاقية تنفيذ الأحكام الصادرة عن جامعة الدول العربية عام 1952 واتفاقية نيويورك لتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية لعام 1958، التي انضمت إليها المملكة عام .1994

     كما لا يخفى أنه يحق للمستثمرين السعوديين والأجانب اللجوء إلى قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية في باريس لحل منازعاتهم؛ لأنها تعد ملاذاً لحل المنازعات عن طريق قواعد التحكيم الخاصة بهذه الغرفة لما تتمتع به من سمعة دولية مرموقة، وهذا لم يمنعه نظام التحكيم السعودي الجديد خدمة للمستثمرين الذين يأملون الكثير حال تفعيل وتطبيق هذا النظام وبعد أن تصدر لائحته التنفيذية .

   وعلى الرغم من ذلك كله، وحتى يمكن تفعيل وتشجيع الإستثمارات داخل المملكة بشكل صحيح وفاعل، فإنه يقترح ما يلي :

- 1 إنشاء محكمة اقتصادية مستقلة بجانب المحاكم العامة والإدارية وليست دائرة في محكمة قضائية على النحو المنصوص عليه في المادة 6 من النظام القضائي الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/78 وتاريخ 1428/9/19هـ، تعنى بقضايا الاستثمار والتجارة فقط وتختص بالنظر في الطعون المقامة ضد الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم ويكون حكمها باتاً ونهائياً وغير قابل للطعن، على غرار ما عليه بعض النظم القانونية العربية والأجنبية الأخرى

-2استفادة اللائحة التنفيذية المزمع إصدارها لنظام التحكيم السعودي الجديد من الأحكام المستحدثة في القواعد الإجرائية للمحكمة التجارية الدولية التابعة لـICC، ولا سيما أنها عدلت عام 2012، نظراً الى حداثتها، ولأنها محكمة دولية مرموقة ذات باع طويل في هذا المجال.

-3أن يكون لمركز التحكيم السعودي المزمع إنشاؤهالمذكور في نظام التحكيم الجديد - قوة وصبغة قانونية في اعتماد إجراءات التحكيم، على أن تحدد الشروط والضوابط الخاصة بإدارته وشروط اختيار المحكمين التابعين له، وتنظيم العملية التحكيمية، وأيضاً تحديد مسؤولياته في حال حدوث أضرار بالغير، وأن يكون نظامه متوافقاً أنظمة مع مراكز التحكيم الدولية لضمان تحقيق غايات التحكيم المنشودة ونيل ثقة المستثمرين .

- 4 منح الفرصة للمستثمرين المحتكمين في اختيار محكميهم من غير المحامين مثل اختيارهم مهندسين أو فنيين أو محاسبين لإلمامهم بالموضوعات الفنية محل الدعوى التحكيمية، على النحو المتعارف عليه في أنظمة التحكيم المختلفة، حيث إنه يلاحظ أن النظام الجديد لم يعط الحق لغير حملة شهادة العلوم الشرعية أو النظامية في رئاسة هيئات التحكيم أو في حال كون المحكم فرداً، وهذا يقيد إرادة المستثمرين الذين قد يرون في بعض المجالات مثل عقود المقاولات أو غيرها أنه من الأفضل لهم اختيار محكم ذي خلفية فنية، وهو المعمول به في كل أو كثير من دول العالم .

- 5 وضع آلية عملية ومحددة لضمان تفعيل اتفاقية نيويورك لتنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة عام 1958 وغيرها من الاتفاقيات الدولية المعنية، ولا سيما بعد أن أصبح التحكيم السعودي يغطي الطابع الدولي، وذلك لضمان سرعة الفصل في القضايا وتحقيق آمال وتطلعات المستثمرين وعدم التناقض مع المراكز الدولية الكبرى سواء الـ ICC أو غيرها، وهذا لعمري سيوفر بيئة خصبة للاستثمار في المملكة.

- 6 البدء بعقد دورات تدريبية للمهتمين بالتحكيم محلياً ودولياً سواء كانوا قضاة أو محامين أو مهنيين أو رجال أعمال أو غيرهم، لبيان المستحدث في أحكام التحكيم، خصوصاً التحكيم الدولي، وما أوجه الاتفاق والاختلاف بين نظام التحكيم السعودي والأنظمة الأخرى وما الدور المتوقع والمأمول لمركز التحكيم الجديد المزمع إنشاؤه حسب النظام والتعاون بين الجهات الحكومية وغير الحكومية العاملة والمهتمة بالتحكيم إلى جانب عقد فعاليات يشارك فيها المستثمرون وغيرهم من شرائح المجتمع المختلفة لنشر ثقافة التحكيم وتأكيد أحكامه وفاعليتها من خلال ورش العمل والملتقيات والمؤتمرات.