الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / الأنظمة التحكيمية الدولية / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 20 / حماية الاستثمارات وتسوية المنازعات في التشريعات المغربية- الخليجية

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 20
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    243

التفاصيل طباعة نسخ

 مقدمة:

    تهتم المملكة المغربية، اكثر من أي وقت مضى، بالاستثمارات الأجنبيـة الأوروبيـة منهـا والعربية، وبصفة خاصة دول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربي، وفي هذا السياق أعـددت هذه الورقة بحيث سأتطرق فيها إلى:

 * وضعية الاستثمار في المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي؛

 * تعريف الاستثمار؛

 * التحكيم كوسيلة مجدية لحل المنازعات في مجال الاستثمار؛

* وسائل فض المنازعات من خلال الاتفاقيات الدولية وبعض مراكز التحكيم؛

* وسائل حل المنازعات في مجال الاستثمار من خلال القوانين الوطنية؛

* الخلاصة.

 أولاً- وضعية الاستثمار في المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي:

    حسب تقرير "اف دي أي انتيلجانس" يعتبر المغرب ثامن وجهـة اسـتثمارية فـي قائمـة الوجهات الاستثمارية العشرة الأكثر استقطابا للاستثمارات الأجنبية في منطقة الشرق الأوسـط وإفريقيا خلال عام 2012، وجاءت الإمارات العربية المتحدة في صدارة القائمة، ثـم المملكـة العربية السعودية، وسلطنة عمان وقطر وأخيراً البحرين.

    وحسب التقرير الكامل الإقليمي والاستثمار الأجنبي المباشـر فـي الاقتصاديات الناميـة والانتقالية الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ان رصيد الاستثمار الأجنبـي المباشر ارتفع في دول الخليج بمقدار عشرة أمثال خلال عقد واحد، وذلك اثر توجه معظم رصيد الاستثمارات إلى السعودية ثم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

    أما المغرب فيراهن على 100 مليار دولار خلال العشر سنوات القادمة، هذا ما أكده، رئيس اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، خلال الملتقى الثالث للاستثمار الخليجي المغربـي بمدينـة طنجة، موضحا ان هذه الاستثمارات، المباشرة أو غير المباشرة، ستتم بقطاعات عـدة، أبرزهـا الصناعة والسياحة والزراعة والطاقة، وان الاتحاد بصدد العمل على رفع الاستثمارات الخليجية بالمغرب إلى ان تصل إلى الرقم المذكور سلفا، خاصة وان العلاقات بين دول الخليج والمغـرب في مجال الاستثمار تعرف ارتياحا وتطورا كبيرين، سيما بعد ان ارتفعـت نـسبة الاستثمارات الخليجية بالمملكة بنسبة 24 في المائة في العام الماضي (2012) مقارنة بعام 2011.

    وتفيد التقارير ان حجم التبادل بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المغربية وصـل إلى 3 مليارات دولار موزعة على النحو الآتي:

 السعودية:

     ان الصادرات المغربية إلى المملكة العربية السعودية ارتفعت من 62 مليـون دولار عـام 2006م إلى 260 مليون دولار عام 2011، فيما ارتفعت الصادرات السعودية إلى المغرب لتبلغ نحو 1.75 مليار دولار عام 2011، وان أهم المواد المصدرة من المملكة العربية السعودية إلـى المغرب هي المعادن والطاقة، والمواد الكيماوية، والصناعات الميكانيكيـة والتعـدين، والنـسيج والألبسة إضافة إلى الصناعات الخفيفة والأغذية.

الإمارات:

     وأفاد التقرير ان قيمة المبادلات التجارية بين المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة عـام 2011 سجلت ارتفاعا بنسبة 14% مقارنة مع عام 2010، وارتفعت من 350 مليون دولار فـي عام 2010 إلى اكثر من 400 مليون دولار في عام 2011 م وهي مناصفة تقريبا بين الواردات والصادرات، فيما يعود الارتفاع إلى دخول اتفاقية التبادل الحر التي وقعها البلدان في عام 2001 حيز التطبيق في 2003 التي شكلت عاملا محفزا لزيادة الصادرات المغربية نحو الإمارات.

    وأشار التقرير إلى ان دولة الإمارات ودولة المغرب ترتبطان بعدة اتفاقيات فـي مجـالات التبادل الحر، وتنظيم واستخدام العمالة، والنقل الجوي، والتبادل التجاري، وتشجيع انتقال رؤوس الأموال، وتجنب الازدواج الضريبي، والتعاون الزراعي والتربوي والثقافي والتقني، والـسياحي والإعلامي والقضائي.

    وتصدر دولة الإمارات إلى المغرب منتجات الصناعات الكيماويـة والمعـادن ومنتجـات الأغذية، وتعيد تصدير مجموعة من السلع من بينها معدات نقل ومنتجات نباتية ونسيجية وكيماوية وآلات وأجهزة، فيما تستورد الإمارات من المغرب منتجات نباتية ومواد نسيجية ومصنوعاتها ومعادن وأحذية ومنتجات غذائية.

 الكويت:

    وبقي حجم التبادل التجاري بين دولة الكويت والمغرب محدودا في بعض المواد الغذائيـة، والجلد، والنسيج، والخضر، ومصبرات السمك، واللحوم وغيرها من السلع الاستهلاكية، وتتشكل الصادرات المغربية من الكويت من بعض المنتجات النفطية، والغاز الطبيعي، والألبسة، وبعض المواد الغذائية، وقطع الغيار، وغيرها من المنتجات الاستهلاكية، فيما يقدر المبلغ الإجمالي لحجم المبادلات التجارية المغربية الكويتية بنحو 100 مليون دولار.

قطـر :

    وأفاد تقرير الأمانة العامة لاتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي ان حجم التبادل التجـاري بین دولة قطر والمملكة المغربية لا يتعدى 150 مليون دولار تستحوذ قطر على نحو 80 مليون من الصادرات و 70 مليون من الواردات.

 سلطنة عمان:

    كما بلغت صادرات المغرب إلى سلطنة عمان 15 مليون دولار من ضمنها الفواكه، في حين بلغ استيراد المغرب من سلطنة عمان 5 ملايين دولار أهمها مواد البلاستيك والأدوية؟.

    وفي هذا السياق وقع المغرب اتفاقية شراكة مع ثلاث دول خليجية وهي قطـر والكويـت والإمارات العربية المتحدة لتمويل مراكز سياحية في المملكة باستثمارات قـدرها 2.6 مليـار دولار.

    وتتولى الإشراف على هذه المشاريع هيئة استثمارية تحمل اسم (وصال كابتـال)، وتــساهم فيها كل من شركة قطر القابضة، وشركة للاستثمار ب (أبو ظبي) وصندوق الأجيال الاستثماري القابضة الكويتي.

    وأكدت وزارة السياحة والصناعة التقليدية المغربية في بيان لها، ان هذه الهيئـة الـسيادية الاستثمارية ستمكن من البلورة العملية للمجال الإداري على مستوى القطاع السياحي مـن اجـل إعطاء دينامية قوية للاستثمار ومواكبة تنفيذ المشاريع الكبرى في إطار إستراتيجية 2020.  

    ونظرا للموقع الجغرافي للمغرب الذي يعتبر جسرا للدول العربيـة إلـى أوروبا وللقواسم المشتركـة بين المغرب ودول الخليج، رحبت دول مجلـس التعـاون الخليجـي بانضمام المغرب والأردن إلى المجلس، كما كانت المنظومة القانونية للاستثمار التي يتوفر عليها المغرب حافزا على تدفق الاستثمارات الخليجية إلى المغرب خصوصا فـي طنجـة والقنيطرة والدار البيضاء واكادير، وازداد هذا الإقبال بعد إحداث القطـب المـالي للـدار البيضاء.

    وكلما تحدثنا عن الاستثمار في المغرب استحضرنا الرسالة الملكية المؤرخـة فـي 9 ينـاير 2002 إلى الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي في حكومة التناوب التي يهيب فيها عاهـل الـبلاد بتشجيع الاستثمار بمختلف أشكاله وأصنافه لكونه يلعب دورا أساسـيـا فـي التنميـة الاقتصادية والاجتماعية، وقبل هذه الرسالة كان خطاب جلالته الذي افتتح به الدورة البرلمانية لأكتوبر 2000 الذي أحدث في أعقابها "الشباك الموحد"، كما جاء في الرسالة الملكية ضرورة تحديث إدارة العدل، ومراجعة مساطر التسوية التوافقية لما قد ينشأ من نزاعات وذلك باللجوء إلى التحكيم.

 ثانياً- تعريف الاستثمار:

     تتجنب التشريعات الوطنية تعريف الاستثمار لترك ذلك للفقه وللعمل القضائي، إلا ان بعض الاتفاقيات الدولية تعطي تعريفا للاستثمار، كما هو الحال بالنسبة لاتفاقية تشجيع وحماية وضمان الاستثمارات بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، إذ نصت المادة الأولـى بـأن «الاستثمار هو استخدام رأس المال في إحدى المجالات المسموح بها في التحكيم متعاقـد بقـصـد تحقيق عائد مجزى أو تحويله إليه لذلك الغرض». 

    وعلى صعيد الاتفاقيات الثنائية عرفته أيضا الاتفاقية الموقعة في الربـاط بتـاريخ 7-04- 2000 بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة البحرين بشان تشجيع وحمايـة الاستثمار، ونفس الشيء بالنسبة للاتفاق بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بشان تشجيع وحماية الاستثمارات الموقع بدبي فـي 9 فبرايـر 1999، والاتفاقيـة الموحـدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية المحررة بعمـان فـي 26 نونبر 1980، واتفاق التعاون الاقتصادي والتقني الموقع بالرباط في 9 فبراير 1982 بـين المملكـة المغربيـة وسلطنة عمان، واتفاق التعاون الاقتصادي والتجاري والفني الموقعة بالربـاط فـي 26 مـاي 1989 بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الكويت.

   أما اتفاقية واشنطن 1965 فقد تجنبت تعريف الاستثمار وتركت ذلك للفقه وللعمل القضائي، فعرفه الفقه بأنه «استغلال رأس المال بالمساهمة في الأصول سواء كانت مساهمة نقدية أو غيـر نقدية وإعادة استثمار الأرباح». 

    وحسب نظام (الإكسيد واشنطن) فان مفهوم "استثمار" قد تم توضيحه مـن طـرف بعـض الهيئات التحكيمية التابعة للإكسيد، إذ وضعت له أربعة معايير وهي التي تم اعتمادها في قضية SALINI ضد المملكة المغربية لتحديد ما إذا كان عقدا ما يعتبر "استثمار" وفق مفهـوم اتفاقيـة الإكسيد، هذه المعايير الأربعة التي تدعى أحيانا اختيار SALINI تشمل أ- المدة، ب- المساهمة من قبل المستثمر، ج- المساهمة في إنماء الدولة المضيفة، د- دور المخاطر.

  ثالثاً- - التحكيم كوسيلة مجدية لحل المنازعات في مجال الاستثمار: 

    تحت هذا العنوان سأتناول فعالية وسائل فض المنازعات في مجال الاستثمار مـن خـلال الاتفاقيات الدولية الجماعية والثنائية، وبعض المراكز التحكيمية الشهيرة (I) ثم من خلال القوانين الوطنية للمغرب ولدول مجلس التعاون الخليجي(II)

I- وسائل فض المنازعات من خلال الاتفاقيات الدولية وبعض مراكز التحكيم:

    تعتبر الاتفاقيات الدولية في مجال الاستثمار رافدا هاما من روافد حل المنازعات كـالتوفيق والتحكيم، وقد بلغ عدد الاتفاقيات التي تعنى بالاستثمار 2200 اتفاقية عالميا، وبالنسبة للمغـرب فقد وقع وصادق على 30 اتفاقية ثنائية.

   وتأتي في مقدمة الاتفاقيات الهامة المخصصة لحل النزاعات في مجال الاستثمار الاتفاقيـة الشهيرة، اتفاقية واشنطن لعام 1965 (اتفاقية في شان تسوية منازعات الاستثمار بـيـن الـدول ومواطني الدول الأخرى (الإكسيد واشنطن).

     أما التجربة المغربية أمام المركز فيعتبر المغرب أول دولة تمت مقاضاتها أمام إحدى محاكم التحكيم التابعة للمركز وذلك في إطار نزاع بين مجموعة فنادق "هوليدا اين"، وقضية سـالني ضد ايطالتشردد وقضية RFCC.

    ويجدر الذكر ان القضيتين الأولى والثانية قد انتهيتا بالصلح، أما القضية الأخيرة فقد صـد فيها حكم برفض طلب الشركة الايطالية. 

    أما الاتفاقيات العربية، والمغربية الخليجية فهي عديدة نخص بالذكر اتفاقية تسوية منازعات الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطني الدول العربية الأخرى وهي الاتفاقيـة التـى يطلق عليها (الإكسيد العربية) تم التوقيع عليها بتاريخ 1974/6/10 ودخلت حيز التنفيذ اعتبـارا من 1976/8/20 ولها نظام خاص للتحكيم وهو انه لا يمكن اللجوء إليه إلا بعد استنفاذ طريـق التوفيق. 

   وجاءت تفاصيل الإجراءات المسطرية للتوفيق والتحكيم في هذه الاتفاقية في المواد 10 إلى 37 وهو نظام جد مفصل في الإجراءات المسطرية وتشكيل محكمة التحكــم وصـدور الحكم التحكيمي وتفسيره، وطرق الطعن عن طريق إعادة النظر والإبطال، وتنفيذ الحكم التحكيمي.  

   وهناك أيضا الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربيـة وهـي موقعة من حكومات الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية المحررة بعمان بتاريخ 26 نونبر 1980، وتتم تسوية المنازعات الناشئة عن تطبيق هذه الاتفاقية عن طريق التوفيق أو التحكيم أو اللجوء إلى محكمة الاستثمار العربية، ويجرى التوفيق والتحكيم وفق القواعد الواردة في ملحـق الاتفاقية الذي يعتبر جزءا منها.

   واتفاقية أخرى ذات العلاقة بالموضوع وهي اتفاقية تسيير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية الموقعة بتونس في 27 فبراير 1981.

   ونختم هذه الاتفاقيات الجماعية باتفاقية تشجيع وحماية وضمان الاستثمارات بـيـن الـدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي)24، وتتميز هذه الاتفاقية بـان اللجوء إلى التحكيم مشروط باللجوء أولا إلى التوفيق وجاءت اجراءات التوفيـق والتحكـيم فـي المادة 17.

    وتجدر الإشارة إلى ان الأحكام التي تصدر في إطار هذه الاتفاقيات تكون أحكامها في كـل الدول كأحكام قضائية نهائية لهذه الدول يجب تنفيذها بقوة القانون حتى بدون تــذييلها بالـصيغة التنفيذية.

    أما الاتفاقيات الثنائية فيتعلق الأمر باتفاق التعاون الاقتصادي والتقني الموقع بالرباط في 9 فبراير 1982 بين المملكة المغربية وسلطنة عمان، وتتعلق هذه الاتفاقية بإقامة تعاون اقتصادي وتقني متين بين الدولتين وتقويته وتعزيزه بما يكفل تقدم بلدهما إلى أقصى حد ممكـن، فالاتفـاق إذن لا يتضمن وسائل حل النزاعات، فضلا على هذه الاتفاقية، نذكر الاتفاق بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بشان تشجيع وحماية الاستثمارات الموقع بـدبي في  9 فبراير 1999.

 وتسوى النزاعات في إطار هذا الاتفاق بالطرق الدبلوماسية وعند الإخفاق يتم اللجوء إلـى التحكيم وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 9، ويتميز هذا الاتفاق بتطبيقه بأثر رجعي على الاستثمارات المنجزة قبل وبعد دخول هذا الاتفاق حيز التنفيذ.

   والى جانب ذلك هناك الاتفاقية الموقعة بالرباط في 7 ابريل 2000 بين حكومـة المملكـة المغربية وحكومة دولة البحرين بشان تشجيع وحماية الاستثمار.

     أما عن مراكز التحكيم في المملكة المغربية، فان المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالربـاط يتربع في صدارة مراكز التحكيم بالمغرب، ونذكر أيضا فرع الغرفة التجارية الدولية ببـاريس، ونلاحظ على هذه الغرفة ان اختصاصها في التحكيم، حسب نظامها، هو تحكيم داخلي فقط، دون ان يمتد إلى التحكيم الدولي، وهناك بعض المراكز الأخرى داخل غرف الصناعة والتجارة كمـا هو الحال بالنسبة للدار البيضاء ومراكش. 

    وبالنسبة لمراكز التحكيم في دول الخليج، لعل أهم مركز هو "مركز دبي المـالي العـالمي" وهو عبارة عن سوق مالية حرة شدت إليها أهم المؤسسات المالية وهو حاليا احد المراكز المالية الأكثر أهمية في العالم، والمركز محكمة ناطقة باللغة الانجليزية.

    ويشكل قانون "مركز دبي المالي العالمي" رقم (1) لسنة 2008 الإطـار القـانوني لمركـز التحكيم واللجوء إلى تحكيم المركز يخضع لإجراءات خاصة، وقد تـم تخفيـف حـدة هـذه الإجراءات بعد ان وقعت حكومة الإمارات العربية المتحدة مرسوما يسمح لأي شركة، حتى التي لم تسجل في مركز دبي المالي الدولي (DIFC)، بأن ترفع نزاعها أمام محاكم هذا المركز. 

   والى جانب هذا المركز الهام نشير إلى "المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكـيم فى  دبي" يقوم بمهمة التحكيم المؤسسي المتخصص الذي يعتبر لبنة أساسية في البنية التحتية للصناعة المالية الإسلامية باعتباره مؤسسة دولية مستقلة متخصصة لا تروم إلى الربح"، كما ان هنـاك مركزا للتحكيم التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

II- وسائل حل المنازعات في مجال الاستثمار من خلال القوانين الوطنية:

    اهتمت القوانين الداخلية بقطاع الاستثمار وكيفية حل نزاعاته، وهكذا فان المغـرب وض القانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق الاستثمارات32 الذي يهدف إلى تشجيع الاستثمارات فـي المغرب وذلك بوضع عدة حوافز لتخفيض العبء الضريبي وتعزيـز الـضمانات المنسوبة للمستثمرين بتيسير طرق الطعن فيما يتعلق بالنظام الضريبي وإنعاش المنـاطق الماليـة الحـرة (Offshore) وتشجيع التصدير وإنعاش التشغيل وغيرها من الحوافر المهمة كما جاء ذلك المادة 2 من القانون. 

   والجدير بالذكر ان هذا الميثاق يعتبر الإطار العام لمنظومة قوانين الاستثمار إلا انه لا تطبق أحكامه على القطاع الفلاحي الذي له نظامه الخاص .

    وبخصوص حل المنازعات فان الفقرة الأخيرة من المادة 17 من قانون الإطـار تجيـز ان تتضمن العقود المتعلقة بالاستثمارات بنودا تقضي بفض كل نزاع قد ينشأ بين الدولـة المغربيـة والمستثمر الأجنبي وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في ميدان التحكيم الدولي. 

   وفضلا على هذا القانون الإطار، فان المملكة قد أصدرت عدة قوانين لتشجيع الاستثمارات، كما هو الشأن مثلا، بالنسبة لقانون اتخاذ تدابير لتشجيع استثمار الأموال الخصوصية، كما وان المغرب اهتم بوسائل حل المنازعات فاصدر القانون رقم 08.05 القاضي بنسخ وتعويض الباب الثامن بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية وهو القـانون المتعلـق بـالتحكيم والوسـاطة الاتفاقية، ومما يميز هذا القانون هو انه، لأول مرة، نظم المشرع المغربي التحكيم الدولي في 15 فصلا وأحال في الفصل (24-327) على الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من لـدن المملكـة المغربية والمنشورة بالجريدة الرسمية. 

   والجدير بالاعتبار أنه صدر في نفس الجريدة الرسمية التي نشرت فيها المقتضيات المتعلقة بالتحكيم قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الالكتروني للمعطيات القانونية وهو النظام المطبق علـى المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة الكترونية وعلى المعادلة بين الوثائق المحـررة علـى الورق وتلك المعدة على دعامة الكترونية وعلى التوقيع الالكتروني. 

   وتفعيلا لهذا القانون صدر المرسوم المتعلق بتطبيق المـواد 13 و14 و15 و 21 و 23 مـن القانون، وفضلا على هذا المرسوم صدرت أربعة قرارات تطبيقية أخرى. 

   وإذا كان الإشكال يكمن في إثبات الاتفاقات التي تتم عن طريق وسائل الاتصال عن بعـد، فان المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات قد اصدر قرارا بشان اعتماد مقدم خــدمات المصادقة الالكترونية، وهي جهة واحدة إذ تم اعتماد شركة "بريد المغرب" الكائن مقرها بـشارع مولاي إسماعيل حسان الرباط، فهذه الجهة هي وحدها التي تصدر وتسلم الشهادات الالكترونيـة المؤمنة وتدبير الخدمات المتعلقة بها. 

   ونخلص من هذا ان اتفاق التحكيم يمكن إبرامه عن طريق الدعامة الالكترونيـة بـدون أي إشكال أو صعوبة بعد ان اكتملت المنظومة القانونية في هذا الشأن. 

   أما الدول الشقيقة في مجلس التعاون الخليجي فكانت هي الأخرى على الموعد، ووضـعت مواثيقاً وقوانيناً تتعلق بالاستثمار الأجنبي، فالمملكة العربية السعودية سـنت "قـانون الاستثمار الأجنبي .

    واستثنى هذا القانون في قطاع الصناعة ثلاثة مجالات لا يمكن ان تكون موضوع استثمار أجنبي، وفي قطاع الخدمات استثنى 19 مجالا وفي مجملها تعتبر قطاعات حيوية. 

   ومن جهة ثانية وافق مجلس الوزراء على الموافقة على تنظيم الهيئة العامة للاستثمار لتحل محل الدار العربية للخدمات الاستثمارية، والغرض الأساسي للهيئة هو العناية بشؤون الاستثمار في المملكة بما في ذلك الاستثمار الأجنبي.

   أما سلطنة عمان فهي الأخرى قد أصدرت مرسوما سلطانیا بشان قانون استثمار رأس المال ، كما صدر مرسوم سلطاني يتعلق بالاستثمار الأجنبي الأجنبي .

   والجدير بالاعتبار انه تم تعديل بعض أحكام قانون اسـتثمار رأس المـال الأجنبـي رقـ 94/102 بمقتضی مرسومین اثنين. 

  أما قطر فقد نظمت استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي بمقتضى قانون رقم 13 لسنة 2000. 

    ونختم بدولة الكويت التي نظمت الاستثمار المباشر لرأس المال الأجنبي في دولة الكويت بمقتضى قانون رقم 8 لسنة 2001. 

    والجدير بالملاحظة ان المادة 16 من هذا القانون تعقد الاختصاص لفض المنازعات التـى تنشأ بين مشروعات الاستثمار الأجنبي والغير، أيا كان، للمحاكم الكويتية دون غيرها، كما تجيز هذه المادة الاتفاق على الالتجاء في هذه النزاعات إلى التحكيم.

 الخلاصـة: 

    نستخلص من كل ما سبق ان تدفق الاستثمارات الخليجية الى المغرب لـم يعـد محتاجـا الـي منظومة قانونية، فالمغرب له منظومة متكاملة، كما وان هناك إرادة سياسية للمغرب ولـدول مجلـس التعاون الخليجي لدفع عجلة الاستثمار الى الأمام، فضلا على ان استقرار الوضـع فـي المغـرب والأمن القانوني، كلها حوافز لتشجيع الاستثمارات الأجنبية فـي المغـرب، علاوة علـى الموقـع الاستراتيجي الذي يتموقع فيه المغرب والتحفيزات الضريبية وعدم غلاء اليد العاملة، وتدهور مناطق الاورو، هي كلها عوامل تشجع على إقبال استثمارات الخليج على المغرب، يبقى ان نوجـه انتقـادا شديد اللهجة إلى الإدارة المغربية التي تعاني من التعقيد وبطء البت في الملفات التي تحال عليها.