الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم بين الدول المضيفة والمستثمر الأجنبي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 3 / دراسة عن غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية خطوة باتجاه التحكيم القضائي (بموجب الأمر الملكي الصادر بتاريخ 10 أبريل 2009م )

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 3
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    221

التفاصيل طباعة نسخ

 

  أمر مجلس الشوري في مملكة البحرين مشروع قانون يقضي إنشاء غرفة البحرين لتسوية المنازعات الإقتصادية والمالية والإستثمارية، بصفة الإستعجال. 

   وقد ذكر وزير العدل والشئون الإسلامية في تعليله لهذا الإنشاء أن اقتصاد مملكة البحرين يعتمد بشكل كبير على الخدمات، بالإضافة إلى الثروة النفطية المحدودة، لافتاً إلى أن اقتصاد الخدمات يشهد منافسة شديدة في المحيط الإقليمي، إذ تسعى الـدول المجاورة إلـى جـذب الإستثمارات إليها بشكل دائم. وقال: إن مملكة البحرين تحتضن عدداً كبيراً من المؤسسات المالية والمصرفية، وإذ أنه من الطبيعي حدوث منازعات قضائية بين هذه المؤسسات، كان لا بد من العمل على حل تلك المنازعات والقضايا عن طريق إيجاد آلية مرنة تتسم بسرعة الفصل حفاظـاً على بقاء تلك الإستثمارات وعدم خروجها من المملكة. 

   ويذهب المراقبون إلى أن ما أقدمت عليه مملكة البحرين في هذا الإطار، إنما يهدف إلـى

جلب صناعة التحكيم القضائي، وفض المنازعات إلى مملكة البحرين. ومن المتوقع أن يدخل القانون بعد إقراره حيز التنفيذ في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

 

أهم ملامح هذا القانون

  أن أهم ملامح هذا القانون تتمثل بالنقاط الأساسية التالية:

  -  إنشاء غرفة مستقلة لتسوية المنازعات الإقتصادية والمالية والإستثمارية تسمى "غرفة

البحرين لتسوية المنازعات".

  -   يشرف وزير العدل والشؤون الإسلامية على هذه الغرفة ويتولى الرقابة عليها.

  -   تتكون هذه الغرفة من:

  أ -  مجلس الأمناء وعددهم سبعة أعضاء يعينون بمرسوم.

 ب- جهاز إداري وفني. وهو السلطة العليا للغرفة يرسم السياسات التي تسير عليها ويشرف على تنفيذها.

 -  للغرفة رئيس تنفيذي يرئس الجهاز الإداري والفني ويمثلها أمام القضاء وفي التعامل مع الغير، ومدقق حسابات خارجي، ولمجلس الأمناء أمين للسر.

 - تفصل الغرفة في المنازعات التي ينعقد الإختصاص بنظرها في الأصل لمحاكم البحرين أو لأية هيئة ذات اختصاص قضائي فيها، متى زادت قيمة المطالبة عن خمسماية ألف دينار.

   وفي المنازعات بين المؤسسات المالية المرخص لها بموجب أحكـام قـانـون مـصرف

البحرين المركزي أو بينها وبين غيرها من المؤسسات والشركات الأخرى والأفراد.

 

  - كما تفصل في المنازعات التجارية الدولية.

  -  يجوز لأطراف النزاع الذي ينظر أمام الغرفة، الإتفاق على القانون الواجـب التطبيـق

وعلى اللغة التي تستخدم في إجراءات تسوية المنازعات.

  - يجوز لأطراف النزاع أن يطعنوا بقرارات الغرفة أمام محكمة التمييز بطلـب بـطـلان

الحكم وذلك في حالات محددة تفصلها المادة 13 وذلك خلال 30 يوماً من تاريخ صدور الحكم.

 - أحكام الغرفة هي بمثابة حكم نهائي صادر عن محاكم البحرين ( مادة 15). وهي أحكام

قابلة للتنفيذ ما لم تأمر محكمة التمييز ، وقف التنفيذ بناء على طلب الطاعن

 - تنص المادة 17 على أن محكمة التمييز دون غيرها ، تختص بتحديد ما إذا كانت الغرفة

أم إحدى المحاكم هي المختصة بالفصل في النزاع إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام كل منهما ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها كما تختص بالفـصـل فـي النـزاع الخاص بشأن تنفيذ حكمين متناقضين صدر أحدهما من الغرفة وصدر الآخر في إحدى المحاكم.

 - يشرف المجلس الأعلى للقضاء على حسن سير العمل بالغرفة في ما يتعلق بالمنازعات التي تختص بنظرها كهيئة ذات اختصاص قضائي.

  - إضافة إلى ما هو محدد أعلاه، تختص الغرفة بنظر المنازعات التي يتفـق الأطـراف كتابة على تسويتها عن طريقها ( مادة 19) ويتم تنفيذ الأحكام في هذه الحالة بأمر يصدره قاضي محكمة الإستئناف العليا وفي حال رفعه للتنفيذ بقرار مسبب، يتم التنظيم بصدده أمام محكمـة الإستئناف العليا خلال 30 يوما من صدور القرار.

  -تنص المادة 25 على أنه لا يجوز لأطراف النزاع، الطعن بالبطلان على الحكم الصادر عن الهيئة بموجب المادة 24، إذا كان الأطراف قد اتفقوا كتابة على اختيار قانون أجنبي بـشـان النزاع ، وإلا يطعنوا بالحكم أمام محاكم البحرين، وأن يكون الطعن على الحكـم أمـام الجهـة المختصة في دولة أخرى.

 - تنص المادة 26 على أن وزير العدل والشؤون الإسلامية بعد خلال مدة ستة أشهر وبعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء، لائحة تتضمن القواعد والإجراءات وسبل تقديم الدعوى وإدارتها وشروط تعيين واختيار تسوية النزاع والأحكام المنظمة لسداد الرسوم.

  - تنص المادة 30 على أنه لا يجوز للمحاميين غير البحرينيين تمثيـل الـخـصوم إلا بالإشتراك مع احد المحامين البحرينيين المجازين أمام محكمة التمييز وذلك في حالة النزاع وفقـا لأحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون، ويجوز للمحامين غيـر البـحـرينيين تمثيـل الخصوم إذا عرض النزاع وفقا لأحكام الفصل الثاني من الباب الثاني في القانون.  

 - تنص المادة 33 على أنه يجوز للوزير بعد موافقة مجلس الوزراء، الترخيص لمؤسسات تسوية المنازعات لممارسة أعمالها في البحرين واتخاذ المحكمة مركزاً لها وتحديـد الرسـوم المستحقة عليها وينظم الترخيص كيفية ممارستها لها.

 

 - تنص المادة 38 على إلغاء المرسوم للقانون رقم 9 لسنة 1993 بإنشاء مركز البحرين للتحكيم التجاري الدولي، كما يلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون. 

   الحصيلة المختصرة لمشروع قانون إنشاء غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصاية والمالية والاستثمارية، تنقلنا إلى جملة من الملاحظات الأساسية المتمثلة خاصة في النقاط التالية:

أ- نقلة الى صناعة التحكيم القضائي.

ب- هو رجوع وفرملة للإندفاع نحو التحكيم الخاص والمؤسساتي.

ج- هو نوع من التحكيم الاجباري.

 

هو نقلة الى صناعة التحكيم القضائي

   يعيدنا هذا القانون إلى القانون الذي صدر في الكويت عام 1995 وسـمي قـانون التحكيم

القضائي في المواد المدنية والتجارية. 

  القانونان ينهلان من مشرب واحد وتوجهات متقاربة بالرغم من بعض التمايزات في الإطار والمدي.

  إن الغرفة المنشأة بهذا الخصوص في البحرين هي في واقع الأمر هيئة مختلطة مؤلفة مـن قضاة ومحكمين، واختصاصاتها تنقسم إلى نوعين:

   الأول منها محدد ومقرر يحكم القانون ومتعلق بالمنازعات التي تزيد قيمة النزاع فيها عـن خمسماية الف دينار بحريني ولا يحق للمتنازعين بصددها اللجوء للقضاء فينحصر أمر تسوية المنازعة فيها بهذه الغرفة، وقد ينشأ عن هذه الوضعية تنازع بين القضاء والغرفة على مـن لـه صلاحية النظر في نزاع ما، على النحو التفصيلي المحدد في المادة 17. كما أن المادة 13 تولي لمحكمة التمييز النظر بدعاوي البطلان للأسباب التفصيلية التي حددتها المادة 13. ويشرف المجلس الأعلى للقضاء على المنازعات التي تختص الغرفة بنظرها وجويبا بحكـم القـانون، الأمر الذي يدفع بالغرفة وبأسسها وبتركيبتها القانونية باتجاه الوضعية القضائية. 

   والنوع الثاني من الاختصاصات التي تنظر فيها الغرفة المنازعات التي تعرض عليها باتفاق الأطراف، الأمر الذي يدفع بها في هذا النوع باتجاه الوضعية التحكيمية ، الا أن الهيئة التحكيمية هنا، مكبلة في إطارها العام بتركيبة محددة وبمنهجية تصب بشكل أو بآخر بوضعية متمازجـة إلى حد بعيد ومحدد ومفروض ما بين القضاء والتحكيم .

   تغيب عن هذا التوجه، أهمية اعتبار التحكيم، مجموعة من الحريات، تبدأ من حرية نـزع

اختصاص المحاكم ونقل عملية حسم النزاعات إلى وضعية قضائية خاصة متمثلة بإنشاء الهيئة التحكيمية من محكمين يختارهم أطراف النزاع ، فهولاء هم من يعينون مكـان التحكيم ولغتـه والقانون المطبق- من هنا، وإذا كان المنطلق أن الغرفة قيد الإنشاء هي نوع مـن التـحكـيم القضائي، فإن القسم التحكيمي فيها بأطره المعروفة هو قسم محدود حيث أن الغرفة التحكيمية في النوع التحكيمي الإلزامي الأول، بصورة خاصة، تنزع نحو الصفة القضائية، حيـث أن أهـم الحريات في التحكيم هي فصل التحكيم عن قوانين المكان الذي يجري فيه، وفي جانب منـه ، للتحكيم لدى الغرفة قيد الإنشاء، مفهوم التحكيم الإجباري، الذي يتحدد الإختصاص فيه من نـص القانون وليس مـن اتفاق تعاقدي حر، إن هذا التحكيم القضائي هو بالتالي أشبه بالقضاء منـه بالتحكيم . 

   إن هذا المنحى المستجد من خلال إنشاء هذه الغرفة، يعيدنا إلى مـلـك قـديم للتشريعين المصري والجزائري (إضافة إلى الكويتي لاحقا)، وهذا المسلك اس وخصائص التحكيم الإجباري إلا أن المشرع المصري قد عاد وألغي التحكيم الإجباري في العام 1991، وأصدر في العام 1994 قانونا جديدا للتحكيم الاختياري وقد جاء في حيثيات هذا القانون توجهه نحو تركيـز أسس الإقتصاد الحر.

 

تراجع عن المنحى التحكيمي

   نصت المادة 38 على إلغاء المرسوم لقانون رقم 9 لسنة 1993 بإنشاء مركز البحرين للتحكيم التجاري الدولي.

   وهذا المنحى يتم بصورة واضحة عن تراجع ما عن تشجيع المسيرة المستجدة باتجـاه ترسيخ أسس التحكيم التجاري، سواء في النطاق الداخلي أم في النطاق الدولي. 

   ظاهرة انتشار التحكيم على هذا الشكل الواسع والمتنامي في العالم باسره، سواء علـى الصعيد الداخلي أم على الصعيد الدولي، لا يشكل في الواقع منحى غريبـا عـن روح العصر وقفزاته الهائلة ، ومع أن العالم قد بات في هذا الزمن، زاخرا ومانجا بالمستجدات والتطورات في الحقل التحكيمي إلى درجة تصعب متابعتها إلا أنه في الواقـع قد اثبـت وجـوده كضرورة أساسيـــة غير قابلة للإستغناء عنها في الحفل التجاري عموماً، وقد ازدادت الحاجة إليـه مـع موجات الفقرات العلمية والتكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم وبات مفهوم التجارة اوسع فـي مداه وأعمق في مضمونه، وبعد أن كانت التجارة الدولية ذات أفق ضـيق ومضمون محـدود ومرتبط خاصة بتبادل السلع والبضائع أخذت افاقها بالإتساع إلى الحد الكبير الذي وصـل إليـه قانون الـ Uncitral النموذجي، حيث ذهب كما هو معلوم إلى التفسير الفسيح التالي: 

   "... ينبغي تفسير مصطلح " التجاري " تفسيرا واسعا، بحيث يشمل المسائل الناشئة عـن جميع العلاقات ذات الطبيعة التجارية، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية والعلاقات ذات الطبيعـة التجارية تشمل دون حصر المعاملات التالية: 

   أية معاملة تجارية لتوريد السلع أو الخدمات أو تبادلها إتفاقات التوزيع التمثيل التجـاري أو الوكالة التجارية إدارة الحقوق لدى الغير، التأجير الشرائي، تشييد المصانع، الخدمات الاستشارية، الأعمال الهندسية، إصدار التراخيص، الإستثمار، التمويل الأعمـال المصرفية، التأسين، إتفاق أو امتياز الإستغلال، المشاريع المشتركة، وغيرها من أشكال التعاون الصناعي أو التجاري، نقل البضائع أو الركاب جوا أو بحرا أو بالسكك الحديدية أو بالطرق البرية، وهذه الميادين تدخل عموما في النطاق الذي تطرق إليه مشروع القانوني قيد الإقرار.

   إن هذا التطور في مفهوم التجارة عموما والدولية خصوصاً، يعكس مدى التحولات والمستجدات العامة التي طرأت على ساحة العلاقات الإقتصادية والتجارية التبادلية ما بين الدول، خاصة في ميادين الاستثمارات والإمتيازات والمشاريع المشتركة فـي شـتـى انـواع التعـاون الصناعي والتجاري، وقد بلغت الرساميل الموظفة في هذه الحقول، أرقاما هائلـة لـم تـشهدها إطارات التعامل الدولي في مراحل زمنية سابقة، واستدعى هذا التطور الثوري، تطورا مقابلا في حقل التحسب للنزاعات التي يمكن أن تنشأ عن العمل التجاري بحد ذاته مـن جهـة، وعـن أشكاله الجديدة المتطورة ومتعددة الجنسيات من جهة ثانية ،كما استدعى هذا التطور، البحث عن أنجع وأفضل السبل لتحقيق الأمن والتأمين الأطراف العلاقة التعاقدية ، وبصورة خاصـة الجهـة التي تقدم للعملية الإستثمارية، المال والمعرفة التقنية ووسائل التنفيذ المتطورة.

  وإذا كان التحكيم هو جملة من الحريات، واذا كانت هذه الحريات تنبع من الإتفاق التحكيمي وتتجسد فيه، فإن منطلق العملية التحكيمية أساسية عقد يوقع ما بين فريقين.

   وهيئة التحكيم القضائي قيد الإنشاء في البحرين لا تتدرج بشكل كامل في إطار الحريات واسعة الأفق التي ينطلق منها التحكيم. وإذا اختار الطرفان المتنازعان عرض النزاع عليهـا، فيكونان قد اختارا محكمة وليس تحكيما، فالتحكيم بإطاره العام المتعارف عليه، إذا ما نظرنا إليه بمفهوم الحريات التحكيمية المعهودة، هو محدود جداً، سواء إذا كان في وجه أول من وجوهه تحكيما إختياريا، أم كان تحكيما إلزامياً، ووجهه الأخر الأكثر تبلورا والأهم اعتبارا بموجب هـذا القانون هو الجانب الإلزامي وان ارتباطه بالدولة وقضائها وقوانينهـا وأحيانا بإدارتها، وإن خضوعه للإشراف والرقابة من قبل وزير العدل والشؤون الاسلامية، يجعل من الغرفة قيـد الإنشاء، رغم كونها هيئة قضائية ، فإنها تتبع في هذه الوجهه، وبشكل أو بآخر، للسلطة التنفيذية، الأمر الذي يضع بعضا من علامات الإستفهام عن مدى استقلاليتها عن السلطة التنفيذيـة. بينمـا يأتي في طليعة القواعد التي يستند إليها التحكيم فصله إلى أقصى قدر ممكن، عن ذلك كله، لأنه في جانب هام منه ،له مفهوم التحكيم الإجباري الذي ينبع الإختصاص منه، ليس من العقد، بل من نص القانون الذي انشا هيئته وتركيبته القانونية والإدارية.

   لقد جاء مشروع الغرفة ليحل محل مركز البحرين للتحكيم التجاري. وهذه خطوة هامة، لا يمكن أن تحيء من فراغ أو من افتقار إلى دراسة وتعمق في الإختيار، فما هي الأسباب التـي دفعت باتجاهها، وهل هي تعبير عن موقف ما يتعلق بمركز البحرين المذكور وهل كـان هـذا المركز، فاعلاً ومؤدياً للغاية التي أنشيء من اجلها، ولماذا لم يتم الدفع باتجاه تطويره بدلا مـن قلب الأوضاع باتجاه التحكيم القضائي الذي تم اعتماده، وعليه فقد برزت تساؤلات عديدة حـول الأسباب التي دعت الى استبدال المشروع قيد الانشاء كبديل للمرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1993 بإنشاء مركز البحرين للتحكيم التجاري الدولي، والمرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1994 بإصـدار قانون التحكيم التجاري الدولي، وما هي الأسباب الموضوعية التي دعت لصفة الاستعجال فـي اصدار هذا القانون.

   لقد ذهبت المذكرة الصادرة عن دائرة الشؤون القانونية بتاريخ 2009/3/16 إلى أن مملكـة البحرين تسعى إلى أن تتبوأ مكانة رائدة في مجال جذب الاستثمارات العربية والأجنبيـة مـن اجل نمو اقتصادها بما يعود بالنفع العام على كافة أفراد المجتمع. 

  وتعتبر آليات فض المنازعات الاقتصادية والمالية والإستثمارية، إحدى سـيـل جـذب هذه الاستثمارات، إذ كلما كانت تلك الأليات تتمتع بالمرونة وسهولة الإجراءات وسرعة الفصل فـي المنازعات، كان ذلك محفزا على جلب الاستثمارات العربية والأجنبية.

  وقد تنبهت وزارة العدل إلى هذه الحقيقة، فأعدت مشروع قانون بشان مؤسـسـات تـسـوية

المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية.

 

هل يؤدي هذا القانون إلى جلب الإستثمارات العربية والأجنبية؟

  وعليه، ومن حيث المبدأ، وانطلاقا من المعطيات المتوفرة بهذا الخصوص، هل يؤدي هـذا المشروع إلى الغاية التي أشارت إليها هذه المذكرة ؟ 

عن 

  لقد وصل التطور التجاري والإستثماري إلى حين مـن الـدهر أن أصبح فيـه التعامـل الاستثماري ما بين الدول، كبيرها وصغيرها، فقيرها وغنيها، هو الأكثر شيوعا وأهميـة فـي مجريات الحياة الاقتصادية الحديثة، وهكذا فقد حفلت الحركة الإستثمارية الدوليـة بجملـة مـن النشاطات والإتفاقيات والإلتزامات ما بين الدول الكبرى والقوى الإقتصادية المهمة فيما بينهـا، وكذلك الأمر ما بين الدول الكبرى والمهمة وبين الدول النامية، فضلا . نشاطات مـن هـذا القبيل ما بين الدول النامية فيما بينها. وجميع هذه النشاطات قد مرت بسلسلة مـن التجـارب والمراحل التي حفلك في بداياتها بسلسلة من الإشكالات والمشاكل التي تطورت في كثيـر مـن الحالات، إلى منازعات حادة، بحيث وصلت بنا الأمور إلى أن اصبح التحكيم في هذه الأيام، الوسيلة الأساسية لحل النزاعات المتعلقة بالتجارات والاستثمارات عموماً، والدولية خصوصاً، ولم يعد للمحاكم الوطنية في هذا النطاق إلا دور ثانوي.

   لقد تمكن التحكيم عموما والدولي منه خصوصا وبعد نضال طويل، من كسب ثقة التجـارة الدولية والإستثمارات الدولية ، بحيث لم يعد يخلو منه أي عقد دولي ذا قيمة على الإطلاق. 

  وإذا سلمنا بأن العملية الإستثمارية لا بد لها من طرفين، طـرف أول يؤمن رأس المال والمعرفة العملية والكيفية والتنفيذ، وطرف ثان يطلب المشاريع لبلاده في ظل الافتقار إلى القدرة التمويلية والتكنولوجية والعملية على القيام بها وتنفيذها، فإن ذلك يؤكد على حتمية التعاون في هذا الإطار ما بين الطرفين اللذين لا قيام للمشاريع الإستثمارية المطلوب إنشاؤها إلا بتعاونهما، وأمام هذه المصالح المتبادلة والتعاون المطلوب، وأمام المصلحة المشتركة في أن لا ينظر قضاء الفريق الآخر لكل من الفريقين في النزاع القائم ما بينهما، كان لا بد من إيجـلا وسيلة توافقيـة لـحـل النزاعات التي قد تنشأ، وكان لا بد من سياسة إستثمارية تقوم بتامين حقوق كـل مـن فرقانهـا وصون حقوقه ومصالحه، فالمستثمر يبتغي الأمن والتأمين لأمواله ولأسراره التكنولوجية، كمـا يبتغي أن يقوم بتنفيذ أعماله على أرض البلد المضيف بأقصى قدر ممكن من الأوضاع الطبيعية. 

   والدولة المضيفة لا تبتغي سوى تأمين تنفيذ المشاريع التي تحتاج إليها بأقصى قدر ممكن مـن الملاءمة والعدالة والابتعاد عن الإستغلال والخضوع لمشيئة الفريـق الأقـوى والدولـة الأقـوى الممسكة بالخيوط السياسية والاقتصادية الضاغطة، وبالتالي، وأمام الحاجة الملحة للتنمية الإقتصادية والإعمارية، لا بد من التوفيق ما بين هذه المصالح المتقابلة للفريقين المتعاقدين، فهل يؤدي مشروع القانون، بعناصره وبنود، وتوجهاته التي فصلناها إلى هذه الغاية؛ ذلك رهن بأمور عديدة:

   أولها: معرفة خلفيات إحداث هذا القانون ونقاط الضعف والخلل التي كانت سائدة في النظام الذي تم إلغاؤه لحساب إنشاء غرفة البحرين لتسوية المنازعات الإقتصادية والمالية والإستثمارية. 

   ثانيها: إستكمال إجراءات الإنشاء واللوائح التي سيتم إحداثها خلال المهـل المـحــدة فـي مشروع القانون، لمعرفة التفاصيل الدقيقة بهذا الخصوص والتي تضيء على مدى المسافة القائمة ما بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية والشروط المطلوبة في أركان هذا النظام الجديد، والمؤدية إلى ضمان أقصى قدر من الشفافية والحيدة والمؤهلات والكفاءات المطلوبة.

   وثالثها: ثقتنا بأن المشرع البحريني يسعى بالنتيجة إلى إصلاح أي خلل كان سائداً في هـذا الإطار، ولا شك أن التحكيم الإلزامي هو بطبيعته بعيد عن مفهوم التحكيم، إلا أنه من المؤكد أن التحكيم المختلط ، إنما يذهب إلى تأمين العدالة للجميع، والتحكيم ليس غاية بحد ذاته، والتطور قد يتمثل في حالات معينة في تبديل الأوضاع إذا ما تبين أن هذه الأوضاع لم تؤد إلـى النتيجـة الإيجابية التي رمت إليها أساسا، وإننا نأمل أن تكون الخطوات التي نمت والخطوات المقبلة قـد جاءت من خلال مسيرة نحو الأفضل، ونحو تأمين الحماية الأمثـل المـصالح الدولـة والشعب ومستقبل كل منهما. هي خطوة وقد أطلقت، فنأمل لها أن تتناسب مع الحاجة إليهـا وأن تكـون تجربتها خير البراهين على نجاحها، وأن يكون التطوير المستمر وسيلة لإبقاءها على خط التقدم.

 

ملاحظة: تنشر مجلة التحكيم في باب القوانين مشروع قانون بإنشاء غرفة البحرين لتسوية المنازعات الاقتصادية والمالية والاستثمارية.