التحكيم / التحكيم بين الدول / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 47 / قواعد تحكيم اليونسترال وتسوية منازعات الاستثمار للتحكيم التجاري الدولي
قواعد تحكيم اليونسترال وتسوية منازعات الاستثمار للتحكيم التجاري الدولي
مقدمة
١ - ترتبط الدول العربية بعلاقات قديمة ووثيقة بالتجارة الإجماع والتوافق. ويرجع ذلك إلى تنوع الثروات الطبيعية بالوطن ه - وليس أدل على قيمة قواعد اليونسترال من نجاحها منقط العربي وتميز موقعه الجغرافي فضلاً عن توافر رأس المال وقيام النظير كقواعد واجبة التطبيق على إجراءات القضايا التحكيم رجال الأعمال العرب باستثمارات عديدة داخل وخارج الوطن المتعلقة بالتجارة والاستثمار المنظورة أمام العديد من مراد التحكيم الدولية، كالجمعية الأمريكية للتحكيم (AAA) والغرة العربي.
2- وجميع هذه العناصر تساهم بلا شك في جذب التجارية السويسرية (القواعد السويسرية) ومركز تحكيم استوكهول الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى العالم العربي. وسواء كانت (SCC) فضلاً عن مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدوام الدول العربية مضيفة أو مصدرة للاستثمار، فإن هذا النشاط، كغيره (مركز القاهرة). الأنشطة الاقتصادية يترتب عليه أحياناً نشوب منازعات يتم ٦ - وإذا كان مركز القاهرة قد اعتمد قواعد تحكيم اليونسترا حسمها في أغلب الحالات عن طريق التحكيم باعتباره الخيار الأهم منذ إنشائه، فإنه قد أجرى عليها تعديلات طفيفة تكفل صلاحيت في مجال التجارة والاستثمار. كقواعد للتحكيم المؤسسي وتدعم استجابتها لحاجات ورغبات هذا وتزخر الساحة التحكيمية الدولية بالعديد من قواعد المتعاملين من متقاضين ومحكمين ومحامين ورجال أعمال، مواكب بذلك لآخر التطورات وأحدث الاتجاهات التي أسفر عنها التطبيق العملي و والتي اعتمدها القانون المقارن في مجال التحكيم التجاري الدولي
3- التحكيم المنظمة لإجراءات التحكيم المؤسسي وغير المؤسسي. وقد أثبتت معظم هذه القواعد قدرتها على المساهمة في تسوية منازعات التجارة والاستثمار. ولعل من أبرز تلك القواعد قواعد تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (اليونسترال) والتي أعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم مزايا عديدة في مجال تسوية منازعات التجارة الدولية، كما برزت كواحدة من أفضل قواعد التحكيم المطبقة على تسوية منازعات ٩٨/٣١ بتاريخ ١٥ ديسمبر ١٩٧٦.
4 - وقد أثبت الواقع العملي ما لقواعد تحكيم اليونسترال
5- وتبرز أهمية تلك القواعد - الموضوعة أساساً لتنظيم الاستثمار، بحيث أصبحت تشكل - مع قواعد تحكيم مركز تسوي إجراءات التحكيم غير المؤسسي في أنها وليدة مناقشات منازعات الاستثمار بين الدول ورعايا الدول الأخرى (الأكسيد) . ومداولات عديدة انصهرت خلالها الأفكار المقدمة من مجموعة من أحد أكثر الخيارات شيوعاً في هذا المجال الحيوي. أبرز العقليات القانونية المتخصصة والمتأثرة بمختلف الثقافات
6- ولعله من المفيد لأغراض هذا المقال تحديد مفهوم هذا المقال يستند إلى محاضرة ألقاها المؤلف ضمن فعاليات المؤتمر السادس للاتحاد العربي للتحكيم الدولي، ۱۹-۲۲ ديسمبر (۲۰۰۸، عمان الأردن. () نائب مدير مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي ومحاضر في مادة التحكيم التجاري الدولي بمعهد قانون الأعمال الدولية - كلية الحقوق جامعة القاهرة وجامعة باريس ١ السوربون وكذلك بكلية الحقوق جامعة عين شمس m.abdelraouf@crcica.org.eg (1) تم إجراء هذه التعديلات في أعوام ۱۹۹۸ و ۲۰۰۰ و ۲۰۰۲ و ۲۰۰۷ ، وأصبحت سارية المفعول اعتباراً من الأول من يناير ۱۹۹۸ والأول من أكتوبر ۲۰۰۰ و ۲۱ نوفمبر ۲۰۰۲ ويونيو ۲۰۰۷ على التوالي.
ومعايير الاستثمار، وهي لا تخرج عن تلك المعايير التي استقر عليها القضاء التحكيمي المقارن لتعريف الاستثمار ، ألا وهي:
أ - مدة طويلة نسبياً للاستثمار
ب. دورية الربح والعائد
ج- عنصر المخاطرة
د- المساهمة في تنمية الدولة المضيفة للاستثمار
۹ - في هذا الإطار، سنحاول التعرف بشكل مختصر على أهم مزايا اختيار قواعد تحكيم اليونسترال لتسوية منازعات الاستثمار في الدول العربية، وذلك من خلال تناول تجربة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في هذا المجال.
۱ - مركز القاهرة وتسوية منازعات الاستثمار
۱۰ - سوف نتناول أهم ملامح تجربة مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي في مجال تسوية منازعات الاستثمار من لعدد قضايا الاستثمار المنظورة أمامه (أ) خلال عرض سریع واتفاقات التحكيم محل هذه القضايا (ب) وكذا أنواع عقود الاستثمار (ج) وطبيعة المنازعات الناشئة عنها (د).
أ - عدد قضايا الاستثمار المنظورة أمام مركز القاهرة
11- بدأت القضايا التحكيمية تتوافد على مركز القاهرة بعد فترة وجيزة من إنشائه عام ۱۹۷۹. بيد أنه حتى عام ١٩٩٠، كانت هناك فقط أربع قضايا استثمار بمعناها المتعارف عليه مسجلة أمام مركز القاهرة. وفي قضيتين من هذه القضايا نشأ الخلاف عن عمليات إدارة الفنادق، بينما تعلق باستثمارات بترولية في القضيتين الأخرتين.
12- ولعل من أهم أسباب هذا العدد القليل من قضايا الاستثمار عند بدء نشاط مركز القاهرة هو عدم توافر المناخ الملائم للاستثمار الأجنبي في دولة المقر بشكل كامل فى هذه الفترة، فضلاً عن تخلف واحد من أهم عناصر البنية التحتية التحكيمية والمتمثل في تبني دولة المقر لقانون تحكيم عصري يشجع على التحكيم وييسر تنفيذ الأحكام الصادرة طبقا لنصوصه ومن ثم لم تكن القاهرة في هذه المرحلة مكاناً ملائماً للتحكيم التجاري الدولي.
13- بيد أن هذا الوضع قد تغير بشكل جذري بعد تبني المشرع المصري لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ والذي اعتمد قواعد قانون اليونسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، إذ ارتفع عدد قضايا الاستثمار المنظورة أمام المركز بشكل متواتر خلال فترة التسعينات وما بعدها فبلغ إجمالي عدد قضايا الاستثمار الدولية المسجلة أمام مركز القاهرة حتى اخر عام ۲۰۰۸ مائة وخمسة عشر قضية تمثل حوالي ٢٠٪ من إجمالي عدد القضايا المسجلة في هذا التاريخ
١٤ - هذا وقد صدرت أحكام تحكيم نهائية في ٩٧ قضية من هذه القضايا بنسبة حوالي ۸٥٪ منها أربعة أحكام تم الطعن ضدها بالبطلان أمام القضاء المصري والذي قضى بالفعل ببطلان حكمين تلك الأحكام الأربعة لأسباب شكلية.
15- وتجدر الإشارة إلى توصل الأطراف إلى تسويات ودية في ست قضايا من تلك القضايا وذلك بعد تحريك إجراءات هذه التحكيم وقبل إصدار الحكم المنهي للخصومة. وفي جميع القضايا الست صدر حكم تحكيم بشروط متفق عليها مقررا بنود تلك التسويات وفقاً للفقرة الأولى من المادة (٣٤) من قواعد تحكيم مركز القاهرة.
ب- اتفاقات التحكيم في قضايا الاستثمار المقامة أمام مركز
١٦ - أقيمت قضايا الاستثمار أمام مركز القاهرة استناداً لثلاثة أنواع من الوثائق القانونية. أما النوع الأول فهو الاتفاقيات الدولية للاستثمار المبرمة بين دولتين أو أكثر لتشجيع وحماية الاستثمارات. وقد أحالت شروط تسوية المنازعات المدرجة في بعض هذه الاتفاقيات إلى التحكيم وفقاً لقواعد مركز القاهرة، مما أدى إلى تحريك قضيتين تحكيميتين أمام المركز استناداً إليها.
۱۷ - وأما النوع الثاني فهو ما اصطلح على تسميته بعقود الدولة State Contracts وهي عقود دولية مبرمة بين الدولة أو أحد أشخاص القانون العام التابعة للدولة وبين شركة أو شخص من أشخاص القانون الخاص. وعادة ما تتضمن هذه العقود شروط تحكيم تم الاستناد إليها لتحريك أربعة وأربعون قضية استثمار أمام مركز القاهرة.
18 - وبالنسبة للنوع الثالث فيتمثل في عقود الاستثمار المبرمة فيما بين أشخاص القانون الخاص والتي كانت المصدر الرئيسي لنشوب أغلب منازعات الاستثمار المنظورة أمام مركز القاهرة والبالغ عددها تسعة وستون قضية.
19 - وتجدر الإشارة إلى أن أول قضية أقيمت استناداً لاتفاقية استثمار دولية كانت القضية التحكيمية رقم ١١٢/ ١٩٩٨ المقامة من إحدى الشركات العامة الليبية للاستثمارات الأجنبية ضد وزارة سورية استناداً للاتفاقية الدولية المبرمة بتاريخ ٢١ يناير ١٩٧٨ فيما وسوريا لإنشاء شركة ليبية سورية للاستثمارات في مجالي الصناعة والزراعة. وقد صدر حكم التحكيم النهائي فيها بتاريخ ٢٩/ ۱۹۹۸/۹. أما القضية الثانية فهي القضية التحكيمية رقم ١٦٥/ ۲۰۰۰ المقامة من شركة مصرية ضد دولة لبنان. وقد صدر حكم التحكيم النهائي فيها بتاريخ ٢٠٠٠/٧/٤.
ج- أنواع عقود الاستثمار موضوع منازعات الاستثمار المنظورة أمام مركز القاهرة
۲۰ - نشأت منازعات الاستثمار المنظورة أمام مركز القاهرة بصفة عامة عن عقود استثمار دولية تتعلق بقطاعات التصنيع والموارد الطبيعية والخدمات. ولعل أكثر عقود الاستثمار شيوعاً أمام مركز القاهرة هي اتفاقات الشراكة Joint Venture Agreements التي تبرم فيما بين أشخاص القانون الخاص من المصريين
21- والأجانب بغرض الدخول في استثمارات مشتركة داخل مصر. - وقد جاءت أطراف عقود الاستثمار محل منازعات الاستثمار المنظورة أمام مركز القاهرة من الدول التالية: المملكة العربية السعودية - الإمارات العربية المتحدة لبنان - سوريا - ليبيا - أسبانيا - فرنسا - إيطاليا - المملكة المتحدة - سويسرا - ألمانيا - بلجيكا - هولندا - الكويت - الصين ومصر.
22- وهذا التنوع في عقود الاستثمار وجنسيات المستثمرين مرده بطبيعة الحال إلى الجهود الطيبة التي بذلتها حكومة دولة المقر في السنوات الأخيرة في سبيل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة عن طريق إزالة معوقات الاستثمار وتوفير المناخ الملائم لتشجيعه وحمايته قانوناً وقضاء.
23- طبيعة منازعات الاستثمار أمام مركز القاهرة يمكن تصنيف منازعات الاستثمار المنظورة أمام مركز القاهرة بحسب طبيعتها إلى الفئات التالية: - منازعات ناشئة عن إدارة وتشغيل وتجديد الفنادق منازعات ناشئة عن تصميم وتطوير ومقاولات مشروعات الاستثمار
- منازعات ناشئة عن نقل التكنولوجيا
- منازعات ناشئة عن شراء الأسهم والاستثمارات الرأسمالية
- منازعات ناشئة عن عقود الإنشاء والتشغيل ونقل الملكية
- منازعات ناشئة عن استغلال الموارد الطبيعية
24- وقد نشبت بعض هذه المنازعات نتيجة تدخل السلطة المخلفات، العامة في الحقوق العقدية للمستثمر، سواء بفرض شروط أو التزامات جديدة أو عن طريق حظر اتخاذ إجراءات معينة، بينما نشبت بعض المنازعات الأخرى نتيجة ظهور ظروف طارئة وصدور قرارات إدارية أو سيادية بشأن الاستثمارات في الدولة المضيفة. كذلك نشبت بعض الخلافات لأسباب تتعلق بمخالفة قوانين البيئة فيما يتعلق باستثمارات طويلة الأمد تتعلق بقطاع تدوير هذا فضلاً عن نشوب منازعات أخرى نتيجة إدعاءات بالفساد الإداري على سبيل المثال للحصول على الصفقات دون وجه حق.
25- ومما لا شك فيه أن هذا التنوع في طبيعة منازعات الاستثمار يعكس خصوصية هذا النوع من المنازعات باعتبار أنها تتأثر بمناخ الاستثمار في الدولة المضيفة للاستثمار وتوجهاتها الاستراتيجية فضلاً عن الظروف الاقتصادية والقانونية السائدة أو المتغيرة في تلك الدولة، وكلها أمور تعرض على القضاء التحكيمي للبت فيها بقرار ملزم.
26- إذا انتهينا من العرض السريع لملامح تجربة مركز القاهرة في مجال تسوية منازعات الاستثمار، يبقى أن نتناول أهم مزايا تطبيق قواعد تحكيم اليونسترال لتسوية هذه المنازعات وهي بطبيعة الحال جزء لا يتجزأ من هذه التجربة نظراً لأن مركز القاهرة، كما أسلفنا، قد تبنى تلك القواعد منذ إنشائه.
2- مزايا تطبيق قواعد تحكيم اليونسترال لتسوية منازعات الاستثمار
۲۷ - المتابع الجيد لمنارعات الاستثمار، وبصفة خاصة تلك التي تكون الدولة أحد أطرافها، يجد أن قواعد تحكيم اليونسترال تتبوأ مكاناً متميزاً في هذا المجال. وليس أدل على ذلك من إدراج هذه القواعد في عدد كبير جداً من الاتفاقيات الثنائية لتشجيع وحماية الاستثمارات باعتبارها إحدى البدائل المطروحة لحكم إجراءات فض المنازعات فيما بين المستثمر الأجنبي وبين الدولة المضيفة للاستثمار.
۲۸ - ومن خلال متابعتنا لتجربة مركز القاهرة في مجال تسوية منازعات الاستثمار نجد مزايا عديدة لتطبيق قواعد اليونسترال لتسوية هذه المنازعات، فهي تمنح للأطراف نطاقاً من الحرية (أ) ، كما تتسم بقدر كبير من المرونة في تسيير إجراءات التحكيم (ب) وتساهم في تحقيق إحترام أكبر لتوقعات احتراماً لسرية أحكام التحكيم طبقاً للمادة (۳۷) مكرر من قواعد تحكيم مركز القاهرة.