الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم بين الدول / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 46 / التحكيم الدولي لفض النزاعات المتعلقة بالاستثمار

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 46
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    14

التفاصيل طباعة نسخ

التحكيم الدولي لفض النزاعات المتعلقة بالاستثمار

مقدمة

- صعوبة اللجوء إلى المحاكم الوطنية لغير دولة الاستثمار من أهم مميزات القانون المغربي الجديد رقم ٠٨/٠٥ لأن هذه المحاكم لا تختص بالبت في النزاعات المرتبطة المأمور بتنفيذه بمقتضى ظهير بتاريخ ۳۰ نوفمبر ٢٠٠٧، المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية كونه: بالاستثمارات المنجزة في دولة غيرها.

لذلك غالبًا ما يتم اللجوء إلى التحكيم لفض مثل هذه من جهة أولى سد الفراغ المتعلق باقتصار قانون المسطرة النزاعات؟ ونظرا لمختلف النواقص التي اعترت المؤسسات التي يتم المدنية على التطرق إلى التحكيم الداخلي دون التحكيم الدولي، اللجوء إليها لفض النزاعات المتعلقة بالاستثمارات، فقد تم التفكير الأمر الذي كان يخلق عدة إشكالات ليس فقط لرجال القانون بل منذ ستينيات القرن الماضي في إحداث هيئة خاصة بفض مثل هذه كذلك للراغبين في اللجوء إلى التحكيم لفضّ نزاعاتهم؛ من جهة ثانية: ألغى أحكام الفصل ٣٠٦ من قانون المسطرة النزاعات.

المدنية التي كانت تنص على عدم إمكانية الاتفاق على التحكيم في الجزء الأول: المركز الدولي لتسوية النزاعات المتعلقة بالاستثمارات. النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام .

وفي هذا الإطار تمت - بمبادرة من البنك الدولي – وبمشاركة مجموعة من التجمعات الإقليمية صياغة اتفاقية واشنطن بتاريخ ١٨ والتحكيم الذي نتطرق إليه هو تحكيم من نوع خاص أو بالأصح مارس ١٩٦٥ المتعلقة بتسوية النزاعات المتعلقة بالاستثمارات بين اتحكيم متخصص على خلاف بعض الأصناف الأخرى من التحكيم الدول ورعايا دول أخرى وتم على أثر ذلك الإعلان عن إنشاء التجاري التي يمكن اللجوء إليها لفضّ النزاعات المتعلقة بمختلف المركز الدولي لتسوية النزاعات المتعلقة بالاستثمارات (CIRDI)؛ المعاملات التجارية، والتي يمكن أن تكون من ضمنها المنازعات 1) أهداف اتفاقية واشنطن المتعلقة بالاستثمارات، ذلك أنه إذا كانت بعض النزاعات التي تنشأ بين - يتمثل الهدف الأساسي لهذه الإتفاقية في المساعدة على الدول المتلقية للاستثمارات وبعض المستثمرين الأجانب غالبا ما يتم تحقيق التنمية والتطور الاقتصاديين؛ حلها من طرف المحاكم الوطنية للدول المتلقية للاستثمارات، فإنه كثيرًا ما يؤاخذ على هذه المحاكم:

- عدم حيادها؛ تطبيقها لتشريعها الوطني الذي لا يمنح للمستثمر نفس الحماية التي يضمنها له القانون الدولي؛ - افتقارها للخبرة التقنية الضرورية لحل النزاعات المتعلقة بالاستثمارات الدولية بالنظر إلى طبيعتها المركبة. وبالإضافة إلى ما سبق فإن النزاعات التجارية الدولية تثير العديد من الإشكالات من ضمنها: - كون أطرافها لا يشتركون في الغالب في كل من واللغة والثقافة والتقاليد القانونية؛ كونهم لا يقيسون عدالة وسائل تسوية النزاعات من نفس الزاوية؛

- توفير مناخ ملائم للاستثمارات الدولية؛ (٢) التطور:

دخلت اتفاقية واشنطن حيز التنفيذ بتاريخ ١٤ أكتوبر ١٩٦٦ بعد أن صادقت عليها ٢٠ دولة؛ - أولى الدول المتعاقدة أغلبها دول نامية من بينها دول افريقية كالمغرب؛

- تنامت وتيرة الإنضمام مع مرور السنوات بحيث ارتفع عدد الدول الأعضاء إلى ۱۳٥ دولة سنة ۲۰۰۲ انضافت إليها ١٧ دولة أخرى قامت بالتوقيع ولم تصادق عليها بعد؛ انضمت إليها كافة الدول الصناعية الكبرى باستثناء كندا؛ - قامت العديد من الجمهوريات السوفياتية السابقة بالتوقيع على الاتفاقية الا أنها لم تصادق عليها؛

- الآليات التي توفرها الاتفاقية لم تكن مستعملة بكثرة في السنوات الأولى من دخولها حيز التنفيذ بحيث لم يبت المركز في أول نزاع عرض عليه إلا سنة ١٩٧٤؛

الجزء الثاني: مزايا اتفاقية واشنطن:

توفر هذه الاتفاقية مزايا عديدة بالمقارنة مع التحكيم الخاص لأنها تمكن من إجراء التحكيم عن طريق جهاز منظم يطبق قواعد إجرائية محددة، كما أنها تضمن من جهة أخرى، تسيير المسطرة والاعتراف بالحكم التحكيمي وتنفيذه؛

ومن ضمن هذه المزايا:

۱) توازن المصالح بين الأطراف:

- يمكن لأي من الطرفين أن يحيل النزاع على المركز؛ يتيح للمستثمر اللجوء إلى منتدى دولي فعال في حالة نشوب أي نزاع بينه وبين الدولة المتعاقد معها؛

- يفتح للدولة المتلقية للاستثمار باب اللجوء إلى المركز؛ - فتح باب المركز للدولة المتلقية للاستثمار يزيد من إمكانية الدولية (المادة (٢٦)؛ استقطابها للاستثمار ويحميها من باقي وسائل تسوية النزاعات

تعتمد الإتفاقية على كل من التحكيم والتوفيق تخصص المركز أساسا في النزاعات الناتجة بصفة مباشرة عن الاستثمار وإن كانت الاتفاقية لم تحدد مفهوم الاستثمار (نقص)؛

- تقتصر الاتفاقية على كل تحديد مسطرة تسوية النزاعات النزاعات؛ المتعلقة بالاستثمارات دون وضع قواعد موضوعية لفض هذه

- يطبق المركز قانون الإرادة أي القانون الذي اتفق عليه الأطراف وفي حالة عدم الاتفاق يطبق قانون الدولة المتلقية

للاستثمار؛

- المسطرة تكون دائمًا مختلطة : أي أن أحد الطرفين يكون هو الدولة المتلقية للاستثمار - التي انضمت إلى الاتفاقية – في حين يكون الطرف المستثمر من رعايا إحدى الدول الأخرى المتعاقدة؛

- ضرورة الاتفاق: لا يؤدي الإنضمام إلى الإتفاقية إلى الموافقة التلقائية على الإحتكام إلى المركز بل لا بد من موافقة كتابية خاصة لطرفي النزاع (المادة ٢٥/١)؛

إذا أعطى الطرفان موافقتهما لا يمكن لأي منهما سحبه بصفة انفرادية (تقييد إرادة الطرفين)؛

٢) الدعم المؤسساتي للمركز

- تحمل المركز لعدة مهام تتعلق بالتحكيم؛

التوفر على لائحة الدول المتعاقدة وسجل طلبات التحكيم وأرشيف... إلخ، 

- تقديم الطاقم الضروري لسير المسطرة.

إلا أن أهم المزايا هي:

الصبغة الإجبارية للمسطرة

استقلال المسطرة عن تأثير الأطراف: أي أن امتناعهم عن التحكيم (المادة ٣٨)؛ القيام بدورهم في سير المسطرة لا يؤدي على توقيف المسطرة

المحكمة صاحبة الصلاحية للبت في اختصاصها دون تدخل ولا تأثير من الأطراف؛

لا يمكن للأطراف بأي طريقة كانت منع تنفيذ وتطبيق الحكم التحكيمي؛

الحكم التحكيمي يتمتع بالقوة التنفيذية في جميع الدول

- يمتنع على المحاكم الوطنية مراجعة أحكام المركز بمناسبة تطبيقها .

الفعالية العامة للنظام

يستنتج من كل ما سبق أن الفعالية القصوى لنظام التحكيم الذي يوفره المركز راجعة بالأساس إلى عدد من العوامل أهمها إمكانية الرجوع في الموافقة على تحكيم المركز بصفة انفرادية قبل أحد الأطراف، والصيغة التنفيذية للمسطرة التي تحول دون عرقلة هذه الأخيرة في حالة امتناع أحد الأطراف عن المشاركة في المسطرة، والقوة التنفيذية التي يكتسيها الحكم التحكيمي بمجرد صدوره دون حاجة إلى ضرورة سلوك أي إجراء تنفيذي في الدولة المطلوب فيها التنفيذ.

الجزء الثالث: التجربة المغربية أمام المركز قضية هوليداي إينز (HOLIDAY INNS)

يعتبر المغرب أول دولة تمت مقاضاتها أمام إحدى المحاكم التحكيمية التابعة للمركز وذلك في إطار نزاع جمعه مع مجموعة

فنادق «هوليداي إينز»

أدعت مجموع رعت هوليداي اينز في هذه القضية أنها تعرضت لإجراءات مماثلة لإجراءات نزع الملكية حسب إتفاقية واشنطن مطالبة بالتالي بالحكم على الدولة المغربية بتعويض الضرر المترتب هذه الإجراءات.

سجلت القضية بكتابة المركز بتاريخ ١٣ يناير ١٩٧٢، وتم تكوين المحكمة التحكيمية بتاريخ ۲۸ مارس ۱۹۷۲، برئاسة محكم سويدي وعضوية محكمين اثنين، أحدهما من جنسية فرنسية والآخر من جنسية هولندية.

ونظرا لأن الطرفين قد تمكنا خلال جريان المسطرة من الوصول إلى حل حي التحكيم الدولي لفض النزاعات ، فقد أصدرت المحكمة التحكيمية قرارًا بتاريخ ١٧ أكتوبر ۱۹۷۸ اشهدت . من خلاله على التنازل عن المسطرة عملاً بأحكام المادة ٤٣  من نظام تحكيم المركز وبعد مرور أكثر من عشرين سنة على هذه القضية، تحت مقاضاة المغرب من جديد أمام المركز من . طرف مستثمرين أجانب في إطار قضيتين جديدتين تتعلقان ببناء جزء من الطريق السيار قضية اساليني كوستريكتوري وإيطالستراد) (SALINI (COSTRUTTORI ET ITALSTRADE

أولى هاتين القضيتين الجديدتين مجموعة إيطالية مكونة أساسا من شركتي ساليني كوستريتوري» و«إيطالستراد». ذلك أن هذه المجموعة اعتبرت أنها قد تضررت من رفض الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب منحها تعويضات بسبب رداءة أحوال الطقس وبسبب الأشغال الإضافية، والتمست من المركز تبعا لذلك الحكم على الدولة المغربية بمنحها التعويضات المذكورة جبرًا للضرر الناتج عما اعتبرته تصرفات لأحد أعوان الدولة».

سجلت هذه القضية بكتابة المركز بتاريخ ۱۳ يونيو ۲۰۰۰، شتنبر ۲۰۰۰ من رئيس من جنسية إسبانية في حين يحمل وتم تشكيل المحكمة التحكيمية بتاريخ سويسري ومحكمين اثنين أحدهما . الثاني الجنسيتين الفرنسية واللبنانية.

وبتاريخ ٢٣ يوليو ۲۰۰۱ ، أصدرت المحكمة التحكيمية حكمًا تحكيميا أولا يتعلق بالإختصاص بتت فيه باختصاصها للنظر في النزاع ) ، شريطة أن تقدم المجموعة المدعية الحجة على خطأ ارتكبته الإدارة المغربية يمكن اعتباره خرقا من جانب الدولة المغربية للاتفاقية الثنائية المبرمة بين المغرب وإيطاليا والتي تتضمن شرطا تحكيميا لفائدة المركز.

ونظرًا لأن الطرفين قد تمكنا خلال جريان المسطرة، من الاتفاق على حلّ حبي للنزاع، فإن المحكمة التحكيمية أصدرت بتاريخ ٤ فبراير ۲۰۰٤ حكما بالإشهاد على التنازل، عملاً بأحكام المادة ٤٣ من نظام تحكيم المركز.

قضية «ر.ف.س.س» (RFCC) أما القضية الثالثة التي تم رفعها ضد المغرب، فتتعلق بمجموعة مكونة من عدة شركات إيطالية تدعى ر.ف.س.س» (RFCC)، أسست طلباتها على نفس الأساس الذي اعتمتدته مجموعة ساليني وإيطالستراد .

تم تسجيل هذه القضية بكتابة المركز بتاريخ ۲۸ يونيو ۲۰۰۰ وتم تشكيل المحكمة التحكيمية بتاريخ ٢٥ شتنبر ٢٠٠٠ من نفس المحكمين المعينين في قضية «ساليني وإيطالستراد».

وبتاريخ ١٦ يوليو ۲۰۰۱ صدر حكم تحكيمي أول يتعلق بالاختصاص نحي نفس منحى الحكم التمهيدي المتعلق بالاختصاص الصادر في قضية مجموعة ساليني وإيطالستراد) وبتاريخ ۲۲ دجنبر ،٢٠٠٣ ، صدر الحكم التحكيمي المتعلق بموضوع النزاع، قاضيا برفض طلبات عة مجموع ر . ف . س . س) استنادًا إلى كون هذه المجموعة لم تقدم الدليل على أن أخطاء الإدارة المغربية - حتى على فرض ثبوتها - تشكل خرقا من جانب الدولة المغربية للاتفاقية الثنائية المبرمة بين المغرب وإيطاليا. وعلى أثر صدور هذا الحكم التحكيمي لجأت مجموعة ر.ف.س.س» إلى مسطرة الإبطال التي نادرا ما يتم اللجوء إليها في إطار اتفاقية واشنطن.

وقد تم وضع طلب الإبطال لدى كتابة المركز بتاريخ ٣٠ ابريل ٢٠٠٤ وتم تشكيل اللجنة المختصة للبت فيه بتاريخ ٨ يونيو ٢٠٠٤ من رئيس بلجيكي وعضوين أحدهما من جنسية يونانية والآخر من جنسية بريطانية. فأصدرت اللجنة المذكورة بتاريخ ١٨ يناير ٢٠٠٦، حكمًا قاضيا بتأييد الحكم التحكيمي الصادر بتاريخ ۲۲ دجنبر ۲۰۰۳ عة تدعى «ر.ف.س.س» الذي كان قد قضى برفض طلبات مجموع .(RFCC)

خاتمة

يتضح مما سبقت الإشارة إليه أعلاه، أن فض النزاعات بين الدول المتلقية للاستثمارات والمستثمرين الأجانب يعتبر من أهم أوجه الحماية القانونية للاستثمارات الأجنبية.

ذلك أن حل النزاعات بشكل منصف وفعّال، والذي يعتبر عنصرا أساسيا لحماية المستثمرين قد عانى من نقص كبير قبل إنشاء المركز.

وتظهر هذه الفعالية في أن وجود وسيلة فعالة لحل النزاعات كاف لوحده قصد التأثير في سلوك الأطراف ومنعهم من افتعال عدد من النزاعات متى تيقنوا أنهم سيخسرون الدعوى لا محالة في نهاية المطاف.

وعلاوةً على ذلك، فإن إمكانية صدور حكم في غير صالح في أحد الأطراف، يقوي رغبة الأطراف في حل نزاعاتهم حبيا. وتعتبر التجربة المغربية في هذا المجال خير دليل على ذلك، إذ إن قضيتين من ضمن القضايا الثلاث التي تمّ عرضها على المركز تمت تسويتهما حبيًّا أثناء جريان المسطرة.

ويراعى أن صدور طبعات جديدة لنماذج العقود لا يعني عدم إمكان استخدام النماذج القديمة، إذ يجوز للعاقدين اختيار النموذج الذي يجدونه أقرب إلى الوفاء باحتياجاتهم سواء فيما يتعلق بموضوع النموذ. أو بتاريخ طبعته . بل إن العقود ذاتها تجيز للعاقدين التعديل في شروطه العامة بما يضعونه في الشروط الخاصة. فعلى سبيل المثال يجوز للعاقدين استبقاء دور المهندس بالرغم من أن دوره قد ألغي في الشروط العامة، كم يجوز للعاقدين اختيار نظام آخر للتحكيم يجري تحت لوائه تسوية النزاع بدلاً من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية المنصوص عليه في الشروط العامة.

ومن المفيد أن نشير في هذه المقدمة بإيجاز إلى أهمية متابعة التطور الذي أصاب أسلوب تسوية منازعات نماذج عقد الفيديك استجابة لحاجات الواقع العملي، فقد تطور أسلوب الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين في معالجة خطوات تسوية منازعات نماذج العقود التي وضعها خصيصاً فيما يتعلق بالمراحل السابقة على طرح النزاع على هيئات التحكيم أو المحاكم. فالاتجاه العام لإجراءات التسوية والذي اعتنقته هذه النماذج يقوم على البدء في تسوية الخلافات بخطوتين الأولى يشارك فيها عناصر لها ارتباط بالمشروع والثانية يصار فيها إلى محاولة التوصل إلى تسوية ودية في الخطوة الاولى يصار إلى تسوية داخلية عن طريق عناصر أو أجهزة لها ارتباط عضوي بالأعمال محل العقود وهو ما تمثل في طرح المطالبات أو الخلافات على المهندس الاستشاري للمشروع الذي يختاره في الغالب صاحب العمل أو على مجلس يشارك طرفا العقد الأساسي في اختيار أعضائه وقد كان اختيار طرح الخلاف في المرحلة الأولى فى الفيديك.

لتسوية على المهندس مرجعه إلى أن انخراطه في المشروع منذ بداية أعماله يمكنه من معرفة أسباب الخلاف ومن ثم التعامل معه بأسلوب مهني وتجاري في نفس الوقت.

وهكذا فقد كانت نماذج العقود إلى الطبعة الرابعة الصادرة عام ۱۹۸۷ تستلزم عرض مطالبات طرفي العقد على المهندس ليصدر قراره فيها فإن حصل اعتراض على هذا القرار جرى الانتقال إلى الخطوات التالية، ثم تطور النظام في نماذج العقود مثل عقد أعمال الهندسة المدنية، بحيث أتيح بديل آخر لعرض المطالبة أو النزاع) على المهندس وهو البديل الذي تمثل في مجلس تسوية المنازعات، ليكون لدى طرفي العلاقة محل المطالبة طرحها على المهندس أو المجلس. ثم تطور هذا الوضع في نماذج العقود لعام ۱۹۹۹ ليصبح الإجراء المتاح في الشروط العامة هو طرح المنازعة على مجلس تسوية المنازعات ما لم يتفق في الشروط الخاصة على إستبدال المهندس بالمجلس ليصدر قراره في الموضوع المطروح عليه قبل الولوج في الخطوات التالية لتسوية النزاع.

وقد كان عدم الاقتناع بعدالة القرارات التي يصدرها المهندس في الخلاف بين صاحب العمل والمقاول والشك في التزامه الحياد عند النظر فيه، خصوصاً في الموضوعات التي تتعلق بقرارات أو تعليمات أو تقديرات المهندس نفسه وفيها يصبح خصماً وحكماً في نفس الوقت، من الأسباب التي قادت إلى التفكير فى نظام آخر أكثر حياداً أو قبولاً لدى الطرفين حين يقوما هما باختيار عناصره ، وهو ما تمثل في مجلس تسوية المنازعات. وهذا هو الاتجاه التي اعتنقته بعض نماذج العقود في منتصف التسعينات كنموذج عقد التصميم والبناء وتسليم المفتاح الكتاب البرتقالي - عام ۱۹۹٥) ونموذج عقد أعمال الهندسة المدنية اعتباراً من ١٩٩٦)، ثم جرى تعميم هذا النظام على جميع نماذج عقود الأعمال الضخمة اعتباراً من ۱۹۹۹.

وكما هو واضح فإن التطوير المشار إليه انصب على الدور الذي يمكن أن يقوم به المهندس في تصفية المطالبات أو تسوية المنازعات، فبعد أن كان ينفرد بأداء وظائفه في هذين المجالين اتجهت نماذج العقود في البداية إلى توفير بديل لدور المهندس في تسوية المنازعات يقوم به مجلس تسوية المنازعات ليختار طرفي العقد من بينهما البديل الذي يقع الاتفاق عليه، ثم اتجهت نماذج العقود إلى استبعاد دور المهندس واستبقاء دور النظر في مطالبات المقاول. المجلس في تسوية النزاع، كل هذا مع الاستمرار في تكليف المهندس في يتبين مما تقدم أن اختلاف الأنظمة التي وضعها الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين في المرحلة الأولى من مراحل تسوية المنازعات بين طرفي العقد الأساسي (صاحب العمل والمقاول يرجع إلى اختلاف الهدف الأساسي الذي يخدمه كل نظام، فالغرض من النظام الذي يلعب فيه المهندس دوره هو تصفية المطالبات بحيث لا يصار إلى الخطوات التالية للتسوية إلا إذا فشل المهندس في تحقيق الهدف من دوره بعدم قبول أحد الطرفين قرار المهندس الصادر في المطالبة أو إخفاق المهندس في إصدار قرار في الميعاد. أما نظام مجلس تسوية المنازعات فقد كان الغرض الأساسي الذي يخدمه هو توفير بديل أكثر حياداً وبالتالي أكثر قبولاً لطرفي العقد فيما يصدر عنه من قرارات. 

غير أن نظام مجلس تسوية المنازعات نفسه شهد تطوراً فبعد أن اعتبر في مرحلة أولى البديل الوحيد المتاح، وذلك في نموذج عقد التصميم والبناء وتسليم المفتاح (۱۹۹۵)، أضيف في مرحلة ثانية إلى نظام المهندس وذلك في نموذج عقد أعال الهندسة المدنية (١٩٩٦) ، وأخيراً رأى واضعو النماذج الجديدة (۱۹۹۹) العودة إلى اعتبار نظام المجلس البديل الوحيد (في الشروط العامة للعقود) ما لم ير أطرافها الأخذ بنظام المهندس (في الشروط الخاصة) (۹). وكانت الصياغة الأصلية لبنود عقد الفيديك بشأن الأعمال المدنية (عام (۱۹۸۷) توجب محاولة تسوية النزاع تسوية ودية قبل بداية التحكيم (۱۰) ، وإذا كانت هذه البنود بعد تعديلها عام ۱۹۹۲ ، لا تلزم طرفي النزاع باللجوء إلى بدائل محددة لتسويته، مثل الوساطة والتوفيق والمحاكمة المصغرة ومجلس مراجعة المطالبات، إلا أنه لا يوجد ما يمنع من استخدامها بما يوافق خصوصية كل مشروع(۱۱)، هذا ملاحظة أن اللجوء إلى أي من هذه البدائل لا يلغي الدور الذي رسمه العقد للمهندس في تسوية المنازعات وهذا نفس الحكم الذي يسري بالنسبة لدور مجلس تسوية المنازعات في نماذج العقود على تسوية العقود لعام (۱۹۹۹).

 وأخيراً بالنسبة للحلقة الأخيرة في تسوية المنازعات تنص جميع بنود نماذج العقود على تسوية النزاع بطريق التحكيم وفقاً لقواعد التوفيق والتحكيم لدى غرفة التجارة الدولية ما لم يتفق على خلافها، وذلك إذا لم يصبح قرار المهندس أو قرار مجلس تسوية المنازعات بشأن النزاع نهائيا وملزما و لم يتوصل إلى تسويته تسوية ودية. وسوف يتناول هذا البحث تحليلاً لحفلة من إجراءات تسوية المنازعات المتعلقة بدور مجلس تسوية (أرفض المنازعات سواء في النموذج التقليدي لعقد الفيديك بشأن أعمال الهندسة المدنية أو في تخارج عام ١٩٩٩.

ثانيا - مضمون التجديد وأهدافه ونتائجه إزاء الانتقادات المتزايدة لتدخل المهندس في إجراءات تسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية ومسايرة للاتجاه الملحوظ في صناعة  البناء والتشييد إلى استبدال دور المهندس في هذا الشأن، بإجراءات ونظم أخرى تستهدف أولاً منع تفاقم الخلافات بين طرفي عقد الأساس وانقلابها إلى منازعات وثانيا التصدي لتسوية هذه المنازعات في حالة حدوثها بأسلوب التوصيات أو القرارات الملزمة، اتجه الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين إلى تعديل نماذج بعض العقود التي أصدرها على نحو أدخل به جهازاً جديداً، يسمى مجلس تسوية المنازعات، في سلسلة إجراءات تسوية المنازعات اعتبارا من عام ١٩٩٥ في عقد التصميم والبناء وتسليم المفتاح وعام ۱۹۹٦ في عقد أعمال الهندسة المدنية، بحيث يقوم المجلس بالدور المنوط به قبل عرض النزاع على هيئة التحكيم، هذا مع ملاحظة أن التعديل الجديد في العقد الثاني لم يلغ دور المهندس كلياً وإنما أتاح لطرفي العلاقة اختيار نظام مجلس تسوية المنازعات بدلاً منه، فهذا المجلس هو مجرد بديل للمهندس بحيث يجوز للطرفين، في الوقت الذي يبقى فيه دور المهندس منصوص وصاً عليه في الشروط العامة، الأخذ بهذا البديل في الشروط الخاصة للعقد. أما بالنسبة لنموذج عقد التصميم والبناء وتسليم المفتاح ، فقد جعلت طبعته الصادرة عام (۱٩٩٥) الاختصاص بتسوية منازعاته، في مرحلة أولى، منوطاً بمجلس تسوية المنازعات فاستبعد بذلك تدخل المهندس الاستشاري في تسوية المنازعات بعد أن اعتبره النموذج ممثلاً لصاحب العمل ، فيما يصدر عنه من تعليمات وتحديدات وتقديرات وتجديد مدة الأعمال وغيرها من الإجراءات والمواقف.

وعلى نفس النهج الأخير جاءت النماذج الجديدة للعقود لعام ۱۹۹۹ فأناطت في شروطها العامة بمجلس تسوية المنازعات النظر في المنازعات قبل طرحها على أجهزة التحكيم، غير أن دليل إعداد دليل الشروط الخاصة أجاز اختيار الأطراف للمهندس الذي يعينه صاحب العمل للقيام بدور المجلس، ويجب على المهندس في هذه الحالة أن يتصرف بإنصاف وحياد ويتحمل صاحب العمل أجر المهندس. على أن استبعاد تدخل المهندس في تسوية النزاع، طبقاً للشروط العامة، لا يلغي دوره الآخر في فحص مطالبات طرفي العقد الأساسي خصوصاً مطالبات المقاول. فقد خصص البند من نموذج عقد أعمال البناء والهندسة الفقرة الأولى منه لتنظيم كيفية تعامل المهندس مع مطالبات المقاول فحددت مواعيد إخطار المقاول للمهندس بالواقعة أو الوقائع التي يستند إليها في مطالباته وأيضاً مواعيد تقديم تفاصيل هذه المطالبة وحدد البند الأثر المترتب على إخفاق المقاول في الالتزام بهذه المواعيد . وفرض البند على المهندس القيام خلال ٤٢ يوماً من تسلمه المطالبة بتقييمها والرد عليها إما بالموافقة أو عدم الموافقة مع التعليق على قراره. وإذا لم يوافق المقاول على قرار تتبع سلسلة إجراءات تسوية المنازعات المنصوص عليها أولا في البناء المهندس وفشلت المفاوضات فهنا تنقلب المطالبة إلى منازعة ومن ث ٤/٢٠) مجلس تسوية المنازعات وثانياً فى البند ٦/٢٠ (طرح النزاع على التحكيم).

وعلى هذا الأساس فإنه يتعين فى تحديد اختصاص كل من المهندس والمجلس التمييز بين المطالبات والمنازعات بحيث لا ينظر المجلس في المطالبة إلا بعد انقلابها إلى نزاع، ولذلك فإنه إذا أحال أحد أطراف د موضوعاً معيناً إلى المجلس، بناءً على اختصاصه بتسوية منازعات العقد، ودفع الطرف الآخر بأن الموضوع المحال لا يشكل منازعة وجب على المجلس أن يتحقق من وجود منازعة في الموضوع. ويورد دليل عقود الفيديك عدة حالات يتحقق فيها وجود النزاع هي : 

(1) رفض القرار أو التحديد الذي اتخذه المهندس في المطروحة عليها.

(۲) توقف المفاوضات التي يقودها المهندس بين طرفي المطالبة.

 (۳) تراجع أحد الطرفين عن المشاركة في المفاوضات وبالتالي تعذر التوصل إلى اتفاق بينهما. 

(٤) عدم التقدم في المفاوضات بحيث يظهر جلياً تعذر التوصل إلى اتفاق .

وبناء على التعديل والنماذج الجديدة فإن أي نزاع يتعلق بالعقد أو بتنفيذ الأعمال أو بتصرفات المهندس يجب إحالته إلى مجلس تسوية المنازعات، وقد تضمن التعديل الذي أدخل على نموذج عقد أعمال الهندسة المدنية (۱۹۹٦) وأيضاً الإصدارات الجديدة لنماذج العقود (۱۹۹۹) إرشادات لكيفية إعمال هذا التعديل خصوصاً فيما يتعلق بتعيين أعضاء مجلس تسوية المنازعات والقواعد الإجرائية التي تتبع لاستصدار قراراته.

ويبين من صياغة نصوص التعديل ومن إصدارات النماذج الجديدة من شروحها المرافقة أنها قد استهدفت بإدخال مجلس تسوية المنازعات في خطوات تسوية المنازعات التوصل إلى تسوية سريعة واقتصادية بحيث يراعى في القرارات التي يصدرها المجلس استمرار العلاقة على أساس تجاري عادل وهي قرارات يلتزم طرفا العلاقة بتنفيذها إلى حين تسوية النزاع نهائياً من خلال التسوية الودية أو بطريق المحاكم أو التحكيم. وانطلاقاً من الهدف الذي يقوم عليه إنشاء المجلس ويصدر بناء عليه قراراته فإن الإجراءات المتبعة ،أمامه والتي أعطى سلطة تقديرية كبيرة في تحديدها ، لا يلزم أن تكون من نفس طبيعة الإجراءات المتبعة أمام المحاكم أو هيئات التحكيم. وفي المقابل يجب تنفيذ قرار المجلس فور صدوره ويلتزم طرفي النزاع باتباعه إلى وقت تعديله أو إلغائه بإجراء لاحق سواء بتسوية ودية أو تسوية قضائية أو تحكيمية. ولما كان أحد أهداف التعديل الذي أدخل مجلس تسوية المنازعات في إجراءات التسوية هذه المنازعات في اقصر وقت فقد جرى تقصير المدة التي يجوز فيها لطرفي النزاع الاعتراض على قرار المجلس حيث يتعين على المعترض أن يعلن اعتراضه خلال ٢٨ يوماً من تاريخ علمه القرار وإلا أصبح هذا القرار نهائيا وملزما.

ورغم أن التنظيمات المتعاقبة لمجلس تسوية المنازعات في طبعات نماذج العقود لأعوام ۱۹۹۵ ، ۱۹۹۶ ، ۱۹۹۹ تنطلق من أفكار متماثلة، إلا أن ثمة اختلافات فيما بينها تقتضي أن نفرد شرحاً منفصلاً للتنظيم في طبعتي ١٩٩٦، ١٩٩٩.

ثالثاً - تعيين أعضاء المجلس:

أ- نموذج عقد أعمال الهندسة (۱۹۸۷):

يعتمد نجاح نظام مجلس تسوية المنازعات على ثقة أطراف النزاع في أشخاص أعضائه ومؤهلاتهم الفنية. ولذلك يجب ألا يفرض اختياره للمرشحين لعضوية المجلس، كما يجب أن تكون السلطة التي تقوم بتعيين العضو في حالة عدم الاتفاق عليه، محايدة. ومن حيث عدد أعضاء المجلس فهو يتكون من عضو واحد أو ثلاث أعضاء وهو ما يحدده صاحب العمل في مستندات المناقصة. وتشير الإرشادات المرافقة للتعديل إلى تكوين المجلس من ثلاث أعضاء حيث تزيد قيمة العقد عن خمسة وعشرين دولار أمريكي، بحيث يعين كل طرف يعرضه على الطرف الآخر للقبول، ثم يختار الطرفان العضو الثالث كرئيس للمجلس، وبذلك يقع تعيين أعضاء المجلس جميعهم باتفاق طرفي عقد الأساس. وفي حالة اختلاف الطرفين في اختيار عضو المجلس الواحد أو رئيس المجلس ذي الثلاثة أعضاء فيجب عليهما تحديد جهة أخرى تكون لها سلطة التعيين، وتقترح  الإرشادات إعطاء سلطة التعيين لرئيس الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين أو للشخص الذي يعينه .

ويتعين أن يتوافر لدى الشخص الذي يختار كعضو في المجلس المعرفة الفنية والخبرة المهنية في مجال العمل في المشروع محل العقد وأن يكون لديه القدرة على تفسيره وأن يكون متمكناً من لغة العقد. ويشترط في العضو الوحيد وفي رئيس المجلس المكون من ثلاثة أعضاء ألا يكونا من جنسية أحد طرفي عقد الأساس ما لم يكونا من جنسية واحدة. ويتعين على عضو المجلس أن يلتزم في عمله بالاستقلال والحياد والتأمين مراعياً في ذلك أحكام العقد. ومقابل ذلك فإن طرفي العقد يتعهدان بعدم مسؤولية أعضاء المجلس عن أعمالهم إلا إذا وقع العمل بسوء نية. وينتهي تعيين عضو المجلس باستقالته أو وفاته أو عدم قدرته على أداء عمله أو بالاتفاق بين صاحب العمل والمقاول.

وقد تضمن التجديد الذي أدخل به مجلس تسوية المنازعات في عقد أعمال الهندسة المدنية نموذجاً لمشارطة تعيين أعضائه بحيث يجري إبرام عقد بين كل عضو من أعضاء المجلس وبين طرفي عقد الأساس. ويتعين أن تكون شروط التعاقد متماثلة بالنسبة لكل عضو خصوصاً فيما يتعلق بالأتعاب فيما عدا الرئيس الذي يمكن أن ينظر في زيادة أتعابه عن العضوين الآخرين. ويتعهد العضو في المشاركة بمراعاة الحياد والاستقلال عن طرفي عقد الأساس وبإبلاغهما بأي ظرف يمكن أن يؤثر على مراعاة التزامه المذكور.

ويتضمن نموذج المشارطة أحكاماً تفصيلية قصد بها كفالة استقلال عضو المجلس والتأكيد على عدم انحراف سلوكه لمصلحة أحد الأطراف والتحقق من خبرته في مجال المشروع ومعرفة خصوصياته ومتى تحقق هذا الشرط الأخير فإن عضو المجلس يلتزم بالمحافظة على سرية المشروع وعدم إفشاء المعلومات التي يُدلي بها إليه أطراف عقد الأساس.

وفيما يتعلق بأتعاب أعضاء المجلس فإنه يجري الاتفاق عليها في مشارطة تعيينهم وفي حال الخلاف تتحدد الأتعاب على الأساس اليومي الذي تتحدد به أتعاب المحكمين وفقاً لقواعد المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار (واشنطن). ويقع عب، الأتعاب على صاحب العمل والمقاول مناصفة لكن المقاول يدفع جملة الأتعاب ثم يرجع بنصفها على صاحب العمل بالتطبيق لبنود الدفع الواردة في عقد الأساس، وفي حال عدم دفع أتعاب أعضاء المجلس في المواعيد المرسومة فيحق لهم التنحي أو التوقف عن العمل لحين استيفاء أتعابهم.

ب نموذج أعمال البناء والهندسة (۱۹۹۹):

طبقاً للشروط العامة لنماذج عقود الأعمال الضخمة (لعام ١٩٩٩) تحال المنازعات إلى مجلس ليصدر قراره فيها. ويجب على الطرفين مجتمعين تعيين أعضاء المجلس في التاريخ المذكور في ملحق العطاء. ويشير دليل عقود الفيديك إلى أن المجلس يمكن أن يكون متفرغاً أي يكون له وجود دائم طوال مدة تنفيذ الأعمال أو غير متفرغ لا يجري تعيينه إلا بعد نشوب النزاع، ويجري الاختيار بين البديلين فى ضوء عدة عوامل مثل نوعية أعمال المشروع ومدتها واحتمالات التغيير فيها وحجم العقد وجنسية أطرافه. ويتشكل المجلس، حسب ما هو مبين في ملحق العطاء، إما من شخص واحد أو ثلاث أشخاص مؤهلين بشكل مناسب، وذلك حسب طبيعة المشروع وحجمه ومدته ومجالات الخبرة التي يتطلبها. وفي حالة المجلس المكون من ثلاثة أعضاء يتولى كل من طرفي عقد الأساس تسمية عضو يعرضه على الطرف الآخر للموافقة عليه، ثم يجري التشاور بين الطرفين والعضوين المعينين من قبلهما لتعيين العضو الثالث كرئيس للمجلس، ومن هنا نرى أن تعيين أعضاء المجلس هي عملية تجري باتفاق جميع الأطراف وهو أمر يساعد خصوصاً إذا جرى تصميم إجراءات عمل المجلس بنفس الطريقة، على تفادي طرح النزاع على التحكيم.

ويتعين اللجوء إلى سلطة التعيين المسماة فى الشروط الخاصة لتعبير العضو أو الأعضاء الذين أخفق الأطراف في تعيينهم في المواعيد المحددة ، ويجب على سلطة التعيين القيام بما يطلب منها بعد النشاء مع طرفي عقد الأساس . أما بالنسبة لأسلوب تعيين أعضاء المجلس فيه التعاقد بين طرفي عقد الأساس من جهة وكل عضو من أعض المجلس من جهة أخرى وفقاً لنموذج الشروط العامة لاتفاقية الفصل في المنازعات مشارطة تعيين العضو .

ويتضمن نموذج اتفاقية تعيين أعضاء المجلس أحكام التعاقد مع كا واحد منهم وهي تتناول إقرار العضو بحياده واستقلاله  وبتوان الخبرة المطلوبة في الأعمال التي يقوم بها المقاول، كما يحدد النموذج التزامات العضو بعضها سلبى تمنعه من الارتباط بصاحب العمل أو المقاول خلال مدة استخدامه فى المجلس أو بعد توقفه عن العمل كالعمل كإستشاري لدى أياً منهما)، وفي المقابل يقع على العضو التزامات بأعمال إيجابية مثل الالتزام في ممارسة عمله بالقواعد الإجرائية المبينة في الشروط العامة وفي ملحقها، وأن يتواجد أثناء زيارات الموقع وجلسات الاستماع، وأن يكون مطلعاً على العقد ومتابعاً لتقدم الأعمال، وأن يتعامل معها على أنها أمور سرية وأن يعطي النصائح والآراء التي يطلبها منه صاحب العمل والمقاول مجتمعين بشرط موافقة أعضاء المجلس الآخرين . ويترتب على إخفاق العضو في تنفيذ أي من التزاماته عدم استحقاقه أية أتعاب أو مصروفات، ويتعين عليه أن يرد لكل من صاحب العمل والمقاول ما سبق أن تلقاه منهما. وقد استوجب النموذج من صاحب العمل والمقاول إصدار تعهد بعدم مسؤولية أعضاء المجلس عن أية مطالبات ناتجة عن ممارسة أعمالهم ما لم يثبت وقوع العمل بسوء نية كما استوجب النموذج من طرفي عقد الأساس تغطية المسؤولية المحتملة لأي عضو عن أعماله  .

كما تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن اتفاقية واشنطن قد يكون لها أثر ضاغط على المستثمرين وعلى الدول المتلقية للاستثمارات حتى في حالة ما إذا لم يتم اللجوء بصفة فعلية إلى مسطرة التحكيم التي تنص عليها أو حتى إذا لم يترتب عن اللجوء إلى هذه المسطرة صدور حكم تحكيمي في الموضوع وهكذا فإن المغرب يمكن مقاضاته اليوم، بمقتضى مدونة الاستثمارات، وكذلك بمقتضى الاتفاقيات الخاصة المبرمة مع الحكومة المغربية، أمام المركز، أو أمام المحكمة الدائمة للتحكيم (CPA) مند شهر يونيو ۲۰۰۱.

والجدير بالملاحظة أن التحكيم الدولي قد عرف في السنوات الأخيرة بعض التغيير في طبيعته إذ أصبح تحكيمًا مؤسساتيا وصارت المسطرة المتعلقة به شبيهة بالمسطرة القضائية. وهذا ما أدى إلى إفقاد التحكيم الدولي بعض مزاياه كالسرية في فض النزاعات وذلك بتبنيه للمزايا المعترف بها تقليديا للقضاء كالشفافية والعلنية.

وإذا اقتصرت عملية النشر والتعميم التي اعتمدها المركز في البداية على أسماء أطراف النزاعات والمحكمين، فقد انتهى بها التطور فيما بعد إلى نشر لأحكام تحكيمية وبث كافة المساطر بواسطة الأنترنت، وفقًا لما تنص عليه حاليا العديد من الاتفاقيات. وهكذا فإن القرارات التحكيمية التي كانت من قبل تنال الاستحسان لفضها النزاعات بأكثر ما يمكن من الفعالية قد أصبحت تعتبر بمثابة سوابق قضائية وأصبح لها بالتالي مدلول يتجاوزها ويساهم بذلك في تطوير النظام القانوني الدولي عن طريق تطوير وتكوين اجتهاد قضائي استثماري دولي بالمعنى الحقيقي للكلمة. ومن جهة أخرى، فإن الإمكانية المخولة لبعض الأشخاص، وخاصة منهم جمعيات حماية البيئة، بإبداء وجهة نظرهم على سبيل الاستئناس، يعطي للتحكيم بعدا متصلا بالنظام العام ويفتح مساطر التحكيم على البعد السياسي.

وعلى كل حال يبدو أن التحكيم الدولي ينتظره مستقبل زاهر وحافل بالتطورات. ذلك أن شركة برايس واترهاوس كوبرز ومدرسة التحكيم الدولي كوين ماري التابعة لجامعة لندن قد أعدتا تقريرا سنة ٢٠٠٦ ، تطرق لموقف الشركات عبر العالم وممارستها في ميدان التحكيم، وخلص لعدد من الاستنتاجات الأساسية كما يلي: - تفضل الغالبية العظمى من الشركات اللجوء إلى التحكيم الدولي كوسيلة لفض منازعاتها الدولية؛

- تفوق محاسن التحكيم الدولي مساوئه؛

- الشركات لا حساسيّة كبيرة فيما يتعلق بالغاية المتوخاة من الأحكام التحكيمية؛

- الأهمية الاستراتيجية لبعض خصائص التحكيم الدولي مثل اختيار مكان التحكيم، ليست مفهومة بشكل تام؛

- يعتبر اعتماد سياسة واضحة لفضّ النزاعات، ميزة استراتيجية مهمة في المفاوضات المتعلقة بشروط تسوية النزاعات التي تتضمنها

العقود الدولية؛

- تستقطب المؤسسات الجهوية للتحكيم اهتمام وثقة الشركات العالمية؛

- تبحث الشركات عن المحكمين الذين لهم سمعة معترف بها في مجال التحكيم الدولي؛

- تعتبر تكلفة التحكيم الدولي مقبولة بالنظر إلى النتيجة

المبتغاة رغم أنها قد لا تقل عن تكلفة القضاء الوطني؛ - تقتفي الشركات أثر المعلومات المتعلقة بالوسائل بالتحكيم كوسيلة لفض النزاعات؛ والاستراتيجيات الخاصة بالتحكيم الدولي نظراً للوعي المتزايد الأبعاد المستقبلية للتحكيم الدولي جيدة، إذ ان ٩٥٪ من المؤسسات التي تم استجوابها صرحت بأنها تريد مواصلة اللجوء إلى التحكيم الدولي.