الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / انواع التحكيم الدولي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43 / بانوراما التحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات نوفمبر 2017 - ديسمبر 2018

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 42 -43
  • تاريخ النشر

    2019-04-01
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    28

التفاصيل طباعة نسخ

I .التحكيم .

.أ قابلية النزاع للتحكيم.

1 -قانون العمل.

2 -قانون الرياضة.

3 -قانون الإستثمارات .

ب إتّفاق التحكيم .

ج هيئة التحكيم.

1 -الإختصاص.

2 -عقد المحكّم.

3 -الإستقلالية.

4 -المسؤولية .

د مركز التحكيم.

1 -الإختصاص.

2 -المسؤولية.

هـ. المهمة .

و. الإجراءات.

1 -القاضي المساند.

2 -الإجراءات التحكيمية.

ز. حكم التحكيم.

1 -الطعن.

2 -الرقابة.

3 -التنفيذ.

II .الوسائل البديلة لحلّ النزاعات.

إذا كان قد سبق وأن شوهدت هذه الظاهرة، فلا بد من الإشارة إلى أن التفاوت يزداد بـين حجم النتاج الفقهي المتعلّق بالتحكيم في نزاعات الاستثمار وعدد القضايا المعنيـة . هـذا النـوع الخاص من التحكيم، الذي يضع دولة في مواجهة طرفٍ غريبٍ عنها، يثير اهتماماً يتناسب تناسباً عكسياً مع تطبيقه الذي يبقى متدنّياً من حيث الكمية . ولكنّه على وشك أن يبتلع ويـدمر التحكـيم التقليدي ،هذا التحكيم الذي يعني الجميع والذي لا يتوقّف نطاقه عن التوسع إذا ما نظرنـا إلـى الإهتمام الذي يثيره، بما في ذلك من أجل حلّ النزاعات العائلية، وهو ما أصبح ممكناً بموجـب شرط تحكيم منذ العام 2016 ،أو في ما يتعلّق بفسخ عقود العمل، حيث هذه الممارسة تتموضـع شيئاً فشيئاً، لا سيما، بشكلٍ موازٍ، وأن التحكيم في نزاعات الاستثمار داخل المجموعة الأوروبية مهدد بشكلٍ كبير بضعف إرادة المفوضية الأوروبية، التي نابت عنها محكمة العدل التابعة للاتّحاد الأوروبي التي قضت، في قرارها المشهور الميال للثأر الذي أصـدرته فـي قـضية Achmea بتاريخ 6 مارس 2018 ،وهو قرار سياسي أكثر منه قانوني اً، بأنّه لن يكون هناك بعد الآن تحكيم في نزاعات الإستثمار داخل المجموعة الأوروبية. مع أنّه تم ردع هذا الهجوم، إلاّ أنّه ما يـزال يثير الشكوك. المقاومة قوية ومن غير المؤكّد أن للمفوضية الوسائل للتغلّب عليه. بالعكس، إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أصدرت في العـام 2018 قـراراتٍ حول مواضيع مختلفة مثل آلية تحكيم محكمة التحكيم الرياضي أو دور"اللجنة الفرنسية للتحكيم " (arbitrage’l de français Comité ،(وهي أيضاً مدعاةٌ للإعتزاز في حكمٍ صدر هذه السنة عن محكمة بداية "فرساي" (Versailles (الكبرى، تبين معرفتها الدقيقة بآليات التحكيم ومخاطره، كما سنراه في ما يلي. ما هو صحيح في "ستراسبورغ" (Strasbourg (هو أيضاً صحيح فـي "بـاريس" حيـث الاجتهاد غني جداً أكان في موضوع إتّفاق التحكيم أو مبدأ الإختصاص بالإختصاص أو إستقلاليةالمحكّمين أو مسؤولية المحكّمين المدنية أو مسؤولية مراكز التحكيم أو القاضي المساند أو الرقابة على حكم التحكيم أو بيان الطعون أو اعتراض المحكّم كطرفٍ ثالـث أو حتـى الرقابـة علـى الإختصاص أو النظام العام الدولي أو الحصانة ضد التنفيذ، إلخ . حتى لو أن كلّ القرارات ليست في مأمنٍ من الانتقاد. المحاكم كلّها متّفقة على تحسين قانون التحكيم الفرنسي . لا أحد يشك أنّها ستكون أكثر فعالية أيضاً مع التغييرين الهيكليين اللذين تم الإعلان عنهما هذه السنة. التغيير الأول يتعلّق بإنشاء غرفة في محكمة إستئناف باريس متخصصة بحلّ النزاعات المتعلّقة بالأعمال التجارية الدوليـة حيـث سيكون أيضاً من الممكن المرافعة باللغة الإنكليزية، يترأسها قاضٍ متخصص في قانون التحكـيم F. Ancel, La chambre commerciale internationale de la cour d’appel de ) 1904. 2018. D, Paris .(التغيير الثاني يتعلّق بإنشاء شعبة إقتصادية وتجارية في محكمة بداية باريس ا لكبرى، تضم 22 قاضياً، يكون قسماً كاملاً منها مخصص للقاضي المساند، كمـا أعلـن عنه رئيس المحكمة "جان-ميشال هايات" (Hayat Michel-Jean (بتاريخ 3 سـبتمبر 2018 ، حتى "تستعيد السلطة القضائية مكانتها " في مجال مساعدة التحكيم الداخلي والدولي . هـذا يجعلنـا ننظر إلى المستقبل بتفاؤل.

I .التحكيم:

. أ قابلية النزاع للتحكيم:

مثّل "قانون العدالة للقرن الواحد والعشرين " المؤرخ في 18 نوفمبر 2016 إنجـازاً هامـاً بالنسبة إلى قابلية النزاع للتحكيم من خلال السماح بإدراج شرط التحكيم في كـلّ العقـود . هـذه الحظوة تستمر هذه السنة مع قرارٍ صدر في أحد نزاعات العمل ومع قانونٍ ينص على اللجـوء إلى التحكيم في ما خص النزاعات التي قد تنشأ عن الألعاب الأولمبية لع ام 2024 ،وهو قـانون كان بالإضافة إلى ذلك عديم الجدوى . غير أنّه، في الوقت نفسه، وبعكس ما هو متوقّع، تراجـع مبدأ قابلية النزاع للتحكيم بشكلٍ ملموس في مجال التحكيم في نزاعـات الإسـتثمار وذلـك مـع صدور قرار Achmea .على الرغم من الإنتقادات أعلاه حول الحجم الهائـل لل نتـاج الفقهـي المتعلّق بالتحكيم في نزاعات الاستثمار، فإن هذا القرار المهم يستحقّ أن يتم تحليلـه فـي هـذا "البانوراما" .

1 -قانون العمل:

نعرف أنّه بسبب اعتقادٍ أصبح غير منطقي أو مخالف، تبقى صحة شرط التحكيم المدرج في عقد العمل منازع فيها أحياناً. غير أن الإجتهاد بين منذ زمنٍ بعيد، أي في العام1999 فـي مـا خص التحكيم الدولي وفي العام 2011 في ما خص التحكيم الداخلي ،أنّه بالفعل صـحيح ولكنّـه يبقى قابلاً للاحتجاج به ضد الأجير. زِد على ذلك أن المفهوم أصبح اليوم مرسخاً بما أن محكمة إستئناف باريس قررت تباعاً أنّه يمكن للأجير أن يستفيد من شرط التحكـيم ( .janv 10, Paris 2017, SCOP Batitou, n° 15/00636, D. 2017. 2559, spéc. 2561, obs. T. Clay; Gaz. Pal. 18 juill. 2017, p. 37, obs. D. Bensaude; Cah. arb. 2018. 302, obs. Paris, 3 oct. 2017, n° 16/15555, ) عنـه يتنـازل أن بالعكس أو) M. de Fontmichel الإختـصاص بـين الخيـار إن). STEPP, D. 2017. 2559, spéc. 2561, obs. T. Clay التحكيمي أو الإختصاص القضائي لصالح الأجير هو إذاً معمولٌ به بوضوح والمحكمـة ذاتهـا أضافت، بالنسبة إلى عقد عملٍ دولي هذه المرة، أن الإمكانيةالمتاحة للأجير بالتمـسك بـشرط Paris, 21 nov. 2017, n° 15/17398, Athletic )الدولي العام للنظام مخالفة ليست التحكيم ّكـل). Club Arles Avignon, Gaz. Pal. 20 mars 2018, p. 24, obs. D. Bensaude الأضواء أصبحت إذاً خضراء حتى تتطور هذه الممارسة .

2 -قانون الرياضة:

إذا كنّا نعرف أن المادة 2060 من القانون المدني لم يعد لها نفع إذ أنّه، على خـلاف مـا تنص عليه صراحةً، عندما تكون الحقوق متوافرة تكون المسائل التي"تتعلّق بالنظام العام " قابلـة للتحكيم، كما بينه الإجتهاد منذ زمنٍ بعيد، فالقانون لا يتوقّف عن وضعاستثناءاتٍ ليس لها إذاً في الواقع صلة بالموضوع ويمكنه أن يستغني عنها في أوانه . في الحقيقة، هناك مجال قد لا يـزال يظهر فيه مبدأ قابلية النزاع للتحكيم بشكلٍ بارز، هو عندما يتعلّق الأمر بعقدٍ إداري داخلي غيـر مسموح التحكيم فيه من حيث المبدأ . يكفي إذاً إلغاء المادة 2060 من القانون المدني ونقـل هـذا المنع الوحيد إلى قانون القضاء الإداري. هذا يساعد على تجنُّب الخضوع لقوانينٍ مثل القانون رقم 2018-202 تاريخ 26 مـارس 2018 المتعلّق بتنظيم الألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية للمعوقين لعام 2024 ) mars 27 JO 2018, texte n° 1; AJCA 2018.150, obs. X. Delpech; JCP 2018. 508, obs. A.

Bouvet; Dr. adm. 2018. Etude 11, obs. M. Lahouazi; RDI 2018. 312, obs. S. Braconnier .(تنص المادة 6 من القانون على أنّه : "إستثناءاً من المـادة 2060 مـن القـانون المدني ،يمكن للعقد الخاص بالمدينة المضيفة، الموقّع بتاريخ 13 سـبتمبر 2017 بـين اللجنـة الأولمبية الدولية من جهة ومدينة باريس واللجنة الأولمبية والرياضية الوطنية الفرنسية من جهـةٍ أخرى، كما للإتفاقيات الهادفة إلى تنفيذ هذا العقد المبرمة اعتباراً من13 سـبتمبر 2017 بـين أشخاص القانون ال عام واللجنة الأولمبية الدولية أو اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية للمعوقين بغية التخطيط للألعاب الأولمبية والألعاب الأولمبية للمعوقين لعام2024 وتنظيمها وتمويلها وإقامتهـا أن تتضمن شروطاً تحكيمية". كما نرى، يتعلّق الأمر هنا بكلّ بساطة بتكـريس القـانون للعقـد الخاص بالمدينة المضيفة للأولمبياد الثالث والثلاثين لعام2024 الذي أُبرِم بتـاريخ 13 سـبتمبر 2017 بين مدينة باريس واللجنة الأولمبية والرياضية الوطنية الفرنسية من جهة واللجنة الأولمبية الدولية من جهةٍ أخرى. ينص هذا العقد في الواقع على أن"كلّ نزاع يتعلّق بصحة العقد الخاص بالمدينة المضيفة أو بتفسيره أو بتنفيذه سيحلّ بشكلٍ قاطع عن طريق التحكيم، باسـتثناء محـاكم سويسرا النظامية والمحاكم النظامية للبلد المضيف أو لأي بلدٍ آخر، وينظَر من محكمة التحكـيم الرياضي وفقاً لقانون التحكيم الرياضي الخاص بهذه المحكمة". النزاعـات المتعلّقـة بالألعـاب الأولمبية في باريس ستُحلّ إذاً في... "لوزان" (Lausanne (ووفقاً للقانون السويسري) حول هذا V. X. Delpech, L'arbitrage et les Jeux Olympiques 2024, préc. Et, ،الموضوع plus généralement, V. S. Dion, Le droit à l’épreuve des Jeux Olympiques, .(JCP 2018.132 إن اختصاص محكمة التحكيم الرياضي في هذا النوع من العقود ليس جديداً ولا مـستغرباً . ولكن السؤال الذي يمكن أن يطرح هو معرفة، في القانون الوضعي ،ما إذا كان مثل هذا القانون ضروري .بالتأكيد، لدينا سابقة يمكننا أن نستوحي منها بشكلٍ أولي ،ألا وهي القانون الذي أقـر بصحة شروط التحكيم التي أُبرِمت بمناسبة"يورو 2016 لكرة القدم " (القانون رقـم 2011-617 تاريخ 1 يونيو 2011 المتعلّق بتنظيم بطولة دوري الإتّحاد الأوروبي لكرة القدم لعام 2016 ،JO 2 juin, p. 9553; D. 2011. 3023, spéc. 3025, obs. T. Clay; Rev. arb.201ولكن). 802, obs. M. Maisonneuve; JCP 2012. Doctr. 779, § 5, obs. B. Haftel الإحالة إلى هذه السابقة لا تبدو ملائمة . في الواقع، بقدر ما كان قانون العام 2011 ضرورياً من حيث أنّه، خلافاً لقانون القضاء الإداري المشار إليه صراحةً، سمح أن يتم إبرام شروط تحكيم بين أشخاصٍ إعتباريين من القانون العام ومؤسسات فرنسية لبناء ملاعب رياضية في فرنـسا، ممـا يشكّل عمليات داخلية محض، بقدر ما أن العقد المبرم هنا هو دولي ،وإذاً تكون "الإتفاقيات الهادفة إلى تنفيذه" المشار إليها دولية أيضاً. إلاّ أن الاجتهاد، كما نعرف، استقر منذ قرارGalakis عام 1966 على إمكانية تضمن العقود الإدارية شروطاً تحكيمية طالما أنّها دولية(حول هذه النقطـة، M. Audit, S. Bollée et P. Callé, Droit du commerce international et des راجع investissements étrangers, Lextenso, coll. Domat Droit privé, 2e éd., 2016, 145° n. spéc .(نذكّر أيضاً أن المادة 2060 من القانون المدني لطالما كانت مطبقة فقط علـى العقود الداخلية وبالتالي ليست معنية في الحالة هذه. كما أنّه بوضعه استثناءاً للمـادة 2060 مـن القانون المدني ،حظِي القانون المعلَّق عليه بقدرٍ كبير من النجاح في وضع استثناءٍ لقاعدةٍ لم تكن تُطبق بحسب الإجتهاد القضائي .هذه بالتأكيد ليست المرة الأولى بما أن هذه كانت الحال بالنـسبة إلى إنشاء "يورو ديزني" في فرنسا (القانون رقم 86-972 تاريخ 19 أغـ سطس 1986 بـشأن JO 22 août, p. 10190; Rev. arb. ،9 المـادة، المحلي بالمجتمعات متعلّقة مختلفة نصوص ولكن) 1987. 3, obs. M. de Boisséson; LPA 8 oct. 1986, p. 12, obs. B. Pacteau ليس هذا ما هو المكدر فقط. المكدر أيضاً هو القرار الصادر عن محكمة العدل للإتّحاد الأوروبي في قضية Achmea .

3 -قانون الإستثمارات:

إن تداعيات قرار Achmea المؤرخ في 6 مارس 2018 ما زالـت تتـردد ( 6 CJUE mars 2018, aff. C-284/16, Slowakische Republik c/ Achmea BV, D. 2018. 560, 2005, note V. Korom, et 1934, obs. S. Bollée; AJDA 2018. 1026, chron. P. Bonneville, E. Broussy, H. Cassagnabère et C. Gänser; Rev. crit. DIP 2018. 616, note E. Gaillard; RTD eur. 2018. 597, étude J. Cazala, et 649, obs. A. Hervé; Cah. arb. 2018. 65, note B. Siino et A. Kirillov; Clunet 2018. 903, note Y. Nouvel ; Rev. arb. 2018. 424, obs. S. Lemaire; D. actu. 7 mars 2018, n° 19, obs. P. Pinsolle et I. Michou; JCP 2018. 965, § 7, obs. C. Nourissat; Procédures 2018. 143, note C. Nourissat; Gaz. Pal. 24 juill. 2018, .(p. 17, obs. D. Bensaude; Riv. dell’arbitrato 2018. 493, note A. Briguglio تبعاً لتحكيمٍ في نزاعٍ إستثماري داخل المجموعة الأوروبية بـين شـركةٍ هولنديـة وجمهوريـة سلوفاكيا التي حكِم عليها بموجب حكم التحكيم أن تدفع تعويضاً قدره 22 مليون يورو، إعتبـرت محكمة العدل للإتّحاد الأوروبي فجأةً أن معاهدة الإستثمار الثنائية المطبقة، التي تنص على اللجوء إلى التحكيم كوسيلةٍ لحلّ النزاعات، يجب أن تُستَبعد بلا قيدٍ ولا شرط، ليس لأنّها ستكون مخالفة لقانون المجموعة الأوروبية بل لأنّه من الممكن أن تكون كذلك . كلّ الفرق يكمن تحديـداً هنـا . متذرعةً بأنّه من غير المسموح للمحكّمين أن يرفعوا إلى محكمة العدل للإتّحاد الأوروبي مـسألة أولية لتفسير نص من قانون المجموعة الأوروبية، قررت المحكمة أنّهم غير كفوئين لحلّ نزاعات ناشئة بين دول المجموعة الأوروبية. إن واقع أن يتمكّن القاضي الناظر بالطعن، عندما يرفَع إليه طعن ضد حكم التحكيم أو ضد طلب الحصول على الصيغة التنفيذية، من رفع مسألة أولية إلـى محكمة العدل للإتّحاد الأوروبي لا يكفي للتأثير في موقف المحكمة، في حين أن أي شخص يتمتّع بحس النقد يمكنه أن يلاحظ أن هذا القرار يوضح بذاته هذه الإمكانية، إذ أنّه ينطلقمـن مـسألةٍ أولية وفِعت إليها بمناسبة طعنٍ قُدم ضد حكمٍ تحكيمي صدر في نزاعٍ نشأ بين دولتين مـن دول المجموعة الأوروبية. ولكن لا شيء يبدو أن من طبيعته أن يؤثّر في محكمة العدل للإتّحاد الأوروبي قدر ما يبدو أن قرارها له طبيعة سياسية أكثر منها قانونية في الواقع، لطالما كانت المفوضية الأوروبية منزعجـة من التحكيم الدولي ولا تكفّ عن محاولة تحجيمه . من خلال جناحها العسكري الذي هـو محكمـة العدل للإتّحاد الأوروبي ،وجهت المفوضية الأوروبية ضربة قاسية للتحكيم في نزاعات الاستثمار. الهجوم بلغ حداً أن المحكمة لم تكلّف نفسها حتى عناء الاقتراب مما له أهمية قانونية . فـي الحقيقة، إتّبعت تحليلاً يتّسم بالحشو وغير متقن لدرجةٍ مزعجة إلى حد ما : تعيب المحكمة علـى المحكّمين أنّهم لا يملكون حقّاً لا تعطيهم إياه . إن استدلال المحكمة قياساً هـو كـالآتي : أولاً، لا يمكن لهيئةٍ تحكيمية أن تطلب من المحكمة أن تنظر في مسألةٍ أولية، ثانياً، إن قـانون الإتّحـاد الأوروبي يفرض نفسه على التحكيم في نزاعات الإستثمار، إذاً، ثالثاً، لا يمكن لهيئةٍ تحكيمية أن تطبق قانون الإتّحاد الأوروبي ويجب أن يستَبعد. حتى لو أن بعض رجال القـانون لـم يـروا هنـ ا إلاّ "تنازعـاً فـي التعليـل المنطقـي " (.préc note, Gaillar.  ،(الأمر يتعلّق بالأحرى بمغالطةٍ منطقية بما أنّه لحسن الحظّ يمكـن تطبيق قانون الإتّحاد الأوروبي دون المرور بمحكمة العدل للإتّحاد الأوروبي ،هذا من جهة . هذا ما يفعله المح كّمون في التحكيمات الدولية الأخرى – وهو ما تعترف به المحكمـة بنفـسها فـي قرارها §( 44 و45 (ولكن ذلك لا يكفي لتغيير تحليلها (.préc, Bollée. S. obs. V .(من جهةٍ أخرى، وبشكلٍ خاص ،يكفي منح المحكّمين سلطة الطلب من محكمة العدل للإتّحـاد الأوروبـي النظر في مسألةٍ أولية حتى تُحلّ المشكلة. 

من المؤكّد إذاً أن هذا القرار هو سياسي وليس قانونياً ومن المثير للإهتمام مراقبة ردة فعل هيئات التحكيم، بالأخص تلك التي، متمسكةً بالمفهوم الفرنسي للتحكيم الدولي ،لا تعتبـر نفـسها ملزمة بقانون مقر التحكيم. إلاّ أن ما هو صحيح بالنسبة إلى القانون الوطني لمقر التحكيم هو من بابٍ أولى صحيح بالنسبة إلى قانون الإتّحاد الأوروبي . زِد على ذلك أنّنا سنحصل على الإجابة بشكلٍ سريع لأنّه، في فورتها لمحاربة التحكيم دون هوادة، وجهت المفوضية الأوروبية في 15 نوفمبر الماضي رسالةً إلى كلّ المحكّمين الذين هـم أعضاءاً في هيئاتٍ تحكيمية تنظر نزاعات استثمار، بما في ذلك تلك الخاضعة لمعاهـدة ميثـاق الطاقة، مؤكّدةً في السياق أن اجتهادAchmea ،وفقاً للمفوضية، يمتد أيضاً إلى النزاعات الناشئة بين دول المجموعة الأوروبية الخاضعة لهذه المعاهـدة ( .préc note, Lemaire. S. obs. V 42-37° n. spéc ،(للسماح لهم بأن يشاركوا في هذه التحكيمات كـ "طرفٍ غير متنازع". هـذا يبين، من جهة، أن المفوضية الأوروبية هي على علمٍ بتحكيماتٍ تكون أحياناً سرية ومـن جهـةٍ أخرى، أنّها لا تنوي البتّة عدم رؤية إجتهاد الم حكمة غير مطبق على التحكيمات المتعلّقة بمعاهدة ميثاق الطاقة. ولكن هل للمحكمة فعلاً القدرة على فرضه، بالأخص في ما يتعلّق بأحكام التحكـيم المطلوب الحصول على الصيغة التنفيذية لها خارج الإتّحاد الأوروبي ،حتى لو تم إبطالها داخـل الإتّحاد الأوروبي؟ إن المواجهة التي تعلن عن وصولها ستكون مشوقة للمتابعة . ولكن كم أن هذه الدعاية هي سلبية بالنسبة إلى الإتّحاد الأوروبي . نحن على وشك أن ننتهي بأن نحـسد المملكـة المتّحدة على خروجها من الإتّحاد الأوروبي) Brexit .

ب إتّفاق التحكيم:

من جهته، لا يترك القانون الفرنسي أي شيء يقف في طريقه المؤدية إلى "تفضيل التحكـيم". نعرف أن" قانون العدالة للقرن 21 "سمح بإدراج شرط التحكيم في كلّ العقـود وأن المـادة 2061 الجديدة من القانون المدني ،الناتجة عنه، لم تضع إلاّ استثناءاً واحداً : في عقود الإستهلاك الداخلية، يكون شرط التحكيم غي ر قابلٍ للتذرع به ضد المستهلك، دون أن يمنع ذلك المستهلك من أن يتـذرع به. يمكن إذاً أن يكون السؤال في معرفة ما إذا تم فعلاً إبرام العقد تبعاً لنشاطٍ مهني ممكن. إلاّ أن محكمة التمييز بينت، في قرارٍ حديث، أنّها فعلاً تنوي ممارسة رقابتها علـى معيـار المهنية الذي هو بالطبع رئيسي .على الرغم من أن القرار صدر بناء على الصيغة القديمة للمادة 1 من القانون المدني ،نقضت الغرفة المدنية الأولى القرار المحال إليهـا علـى أسـاس أن محكمة الإستئناف لم تُثبِت فعلاً النشاط المهني المزعوم بشأن عقد تـأمين جمـاعي مبـرم مـع Civ. 1 ) للموظّفين مركزي صندوق re, 20 déc. 2017, n° 16-21.425, A. Goeller, JCP إلـى إذاً ونـدعوم الموضوع قضاة إن). 2018. 312, note P. Casson; RCA 2018. 88 تمييز النشاط المهني للعملية بالنسبة إلى الطرفين وذلك قبل أخذ قرار في ما خص مصير شـرط التحكيم. إلاّ أنّه يوجد مجال لا يجب أن تكون فيه المادة 2061 الجديدة من القانون المـدني متـأثّرةً بإصلاحٍ تشريعي جارٍ، وهو قانون الشركات. نعرف في الواقع أن القانون الذي سيـصدر فـي المستقبل بشأن نمو المنشآت وتحويلها، المعروف بقانون"باكت" (PACTE ،(الذي تم التصويت عليه في جلسة المداولة الأولى للجمعية الوطنية بتاريخ9 اكتوبر 2018 والذي من حيث المبـدأ سينظر فيه مجلس الشيوخ في يناير2019 ،نص على توسيع مفهوم المصلحة الإجتماعية ليشمل التحديات التي تواجهها الشركة على الصعيدين"الإجتماعي والبيئي) "المادة 61 .(إن أخـذ هـذه التحديات بالاعتبار سيوسع تلقائياً إختصاص المحاكم التجارية التي ستُدعى من الآن فصاعداً إلى معرفة متى سيكون عليها أن تبتّ في مسألة احترام المصلحة الإجتماعية . إلاّ أنّه كما نعلم، المادة ل" . 721-3) "3-721. L (من قانـون التجـارة تضـع، في المجال التجاري ،إختصاص هيئات التحكيم في نفس مستوى اختصاص المحاكم التجارية . يمكننا إذاً أن نستنتج أن التحكيم، هو أيضاً، سيطال مجالاتٍ أخرى جديدة . ولكن، في الحقيقة، بما أن المادة2061 الجديـدة مـن القـانون المدني ،في صيغته الصادرة في العام2016 ،تصدق على إدراج شرط التحكيم في كلّ العقـود، أكانت مدنية أو تجارية، فإن قانونPACTE لن يغير شيئاً حول هذه النقطة، باستثناء واقع أنّـه يدعو إلى التفكير حول المحافظة أو عدم المحافظة على هذه الإحالة إلى التحكيم في الفقرة 4 من المادة ل" . 721-3) "3-721. L (من قانون التجارة، التي ربما حان الوقت لإلغائها. أخيراً، سنتكلّم، في المجال الدولي هذه المرة، عن قوة كلمة"التحكيم". كالطلـسم، يكفـي أن تُذكَر هذه الكلمة في العقد حتى يتبين أن اتّفاق التحكيم ليس باطلاً بشكلٍ واضح أو ليس غير قابل للتطبيق بشكلٍ واضح. نعرف في الواقع أنّه، لفترةٍ طو يلة، كان هناك تمييز بين شروط التحكـيم المعتلّة (pathologiques clauses ،(تلك القابلة للإصلاح وتلك الغير قابلة للإصلاح. ولكن مع خفض متطلّبات صحة إتّفاق التحكيم الدولي الذي، منذ قرارZanzi الصادر في العام 1999 ،لم يعد خاضعاً لأي شرط، نتساءل ما إذا لا يزال ي وجد شروط غير قابلة للإصلاح . هـذه سـتكون الحال إذا لم يكن من الممكن للقاضي المساند أو لمركز التحكيم أو لهيئة التحكيم أن يـصلحوها . عبثاً نحاول إيجاد مثَل ولكنّنا لا نجد . توصلت محكمة إستئناف باريس إلى تأكيد ذلك بالنسبة إلى شرطٍ كان ينص فقط على "أحكام أخرى وال تحكيم: هذا العقد خاضع للقـانون الإنكليـزي ." هـل ستكون كلمة "التحكيم" كافية؟ الجواب هـو نعـم ( ,08354/17° n, 2018 mars 27, Paris Cross Continental Trading Ltd., Gaz. Pal. 24 juill. 2018, p. 17, obs. D. Bensaude .(بمجرد ذكره، لا يكون شرط التحكيم باطلاً بشكلٍ واض ح أو غير قابـل للتطبيـق بشكلٍ واضح ويمكن تفعيله لأنّه يبين إرادة الأطراف باللجوء إلى التحكيم . إذا كانت كلمة "تحكيم" تكفي للجوء إلى القضاء التحكيمي ،فهذا أولاً لأنّه لم يعد هناك شروط معتلّة غير قابلة للإصـلاح في المجال الدولي ،وتالياً لأن الأمر يتعلّق فعلاً بكلمةٍ عجيبة. 

ج هيئة التحكيم: 1 -الإختصاص: لقد تم التساؤل حول اختصاص هيئة التحكيم هذه السنة بثلاث طرق مختلفة : بالنـسبة إلـى الطبيعة الجرمية للدعوى المرفوعة، إلى إعسار أحد الطرفين وإلى مصاريف تنفيذ أحكام التحكيم. إن القرار الأول المذكور يرجع إلى مسألةٍ ك لاسيكية معطياً حلا جديداً. في حين، في الواقع، أن الدعوى بالمسؤولية التقصيرية كانت تُعتَبر في الماضي إحدى الحالات النادرة جداً من عـدم Civ. 1 ) التحكيم إتّفاق لتطبيق الواضحة ةالإمكاني re, 9 juill. 2014, n° 13-17.495, Bayer, Bull. civ. I, n° 126; D. 2014. 2092, note V. Mazeaud, 2541, spéc. 2546, obs. T. Clay, et 2015. 529, spéc. 540, obs. S. Amrani-Mekki et M. Mekki; AJCA 2014. 329, obs. J. Dubarry; RTD civ. 2014. 888, obs. H. Barbier; RGDA 2014. 543, note crit. V. Heuzé; D. actu. 8 sept. 2014, obs. X. Delpech; JCP 889. Act. 2014 ،(يعتبر الإجتهاد أن مبدأ الإختصاص بالإختصاص يطبق ما دام أن الـدعوى بالمسؤولية التقصيرية مرتبطة بالعقد. هذا ما قضت به محكمة التمييز التي اعتبـرت أن"رفـع دعوى لها طابع جرمي لا يكفي لإعتبار اتّفاق التحكيم غير قابل للتطبيق بشكلٍ واضح" ( .Com 4 juill. 2018, n° 17-13.067, Banque Delubac, Gaz. Pal. 6 nov. 2018, p. 22, Civ. 1 ) سـابقٍ لقرار وفقاً)، obs. D. Bensaude re, 6 nov. 2013, n° 12-22.370, Sté Encore Medical LP, D. 2013. 2936, spéc. 2937, obs. T. Clay; RLDA avr. 

ب أن مع، الدعوى هذه في). 2014, p. 78, obs. J. Mestre et A.-S. Mestre-Chami كان مكيفاً من الطاعنين على أن له طابع جرمي ،إلاّ أنّه في الحقيقة كان مرتبطـاًفعـلاً بالعقـد المتنازع فيه الذي كان يتضمن شرطاً تحكيمياً . إلاّ أن" مجرد إمكانية وجود صـلة"، كمـا كتبـه صواباً رجلا قانون، "مهما كانت ضعيفة، بين الدعوى بالمسؤولية التقصيرية والعقـد يجـب أن تكون كافية لخلق شكوكٍ لدى القاضي وبالتالي، لحرمان مسألة عدم قابلة تطبيق شرط التحكـيم M. Audit et O. Cuperlier, Arbitrage, loi de police et ) "واضـح طـابع أي مـن responsabilité délictuelle, note sous Civ. 1re, 8 juill. 2010, D. 2010. 2884, 6° n. spéc .(يبدو في الواقع أنّه كان يتم التذرع بالتكييف الجرمي لمحاولة تفادي اتّفاق التحكيم. صحيح أنّه إذا كان يكفي التذرع بأن الدعوى هي دعوى بالمسؤولية التقصيرية حتى يصبح مبـدأ الإختصاص بالإختصاص غير مطبق، فسيكون من الأفضل التنازل عن هذا الركن مـن قـانون التحكيم. القرار إذاً مرحب به. وهناك حلٌّ آخر، كلاسيكي هذه المرة ولكن نادراً ما يعتَمد، وهو اختصاص هيئة التحكيم في حال إعسار أحد الطرفين . التحكيم، كما نعلم، هو قضاء يدفَع أجره في أغلب الأحيان وقد يحدث، بين الفترة الممتدة بين إبرام شرط التحكيم ونشوء النزاع، ألاّ تكون الحالة المالية هي ذاتها، وذلك للسبب الذي يكون أحياناً هو أساس النزاع . وعليه، لا يعود ممكناً للموقّع الأصلي ،الذي أصـبح معسراً، أن يمول التحكيم. فهل يكون اتّفاق التحكيم لهذا ساقطاً؟ هذا هو مثلاً الحلّ فـي القـانون Paris, 26 févr. 2013, n° 12/12953, ) الفرنـسي القـانون فيّ الحل ليس أنّه إلاّ. الألماني SARL Lola Fleurs, D. 2013. 2936, spéc. 2939 et 2945, obs. T. Clay; Rev. arb. 2013. 746, note F.-X. Train; Paris Journ. Intern. Arb. 2013. 479, note A. Pinna; LPA 2014, n° 19, p. 9, obs. M. de Fontmichel; ASA Bull. 2013. 900, T. com. Paris, 17 mai 2011, ) داًمترد بدى لو حتى) note C. Dupeyron et F. Poloni n° 2011003447, SARL Mil Tek, D. 2013. 2936, spéc. 2939, obs. T. Clay. Sur la question, V. M. de Fontmichel, Le faible et l’arbitrage, préf. T. Clay, القانون وأضاف). Economica, coll. Recherches juridiques, 2013, spéc. n° 291 s. الوضعي بشكلٍ حازم، في مطلق الأحوال، أن الإعسار المزعوم لا يـؤدي إلـى عـدم القابليـة 13, re الواضحة لتطبيق إتّفاق التحكيم التي من شأنها أن تجعل القاضي النظام مختصاً ( 1. Civ juill. 2016, n° 15-19.389, Sté MJA, publié au Bulletin; D. 2016. 1575, 2484, obs. N. Dorandeu, et 2589, spéc. 2594, obs. T. Clay; RTD com. 2017. 847, obs. E. Loquin; JCP 2016. 1002, note M. de Fontmichel; Procédures 2016. 

289, note L. Weiller; Rev. arb. 2016. 859, obs. M. Boucaron-Nardetto; Gaz. .(Pal. 15 nov. 2016, p. 36, obs. D. Bensaude غير أن هناك شيء أكيد: حتى قبل التساؤل عن تَبِعات الإعسار، وجب معرفة ما إذا كـان هذا الإعسار مثبتاً. هذا ما قضت به محكمة إسـتئناف بـ اريس فـي القـرار الـذي أصـدرته Paris, 11 sept. 2018, n° 16/19913, Subway, AJ Contrat 2018. 491, obs. J. ) هـذه فـي). Jourdan-Marques; Gaz. Pal. 6 nov. 2018, p. 25, obs. D. Bensaude الدعوى، تم إبرام عقد امتياز لتجهيز محلّ لبيع سنديوشات ماركـةSubway فـي Narbonne يتضمن شرطاً تحكيمياً ينص على تحكيمٍ في نيويورك . عندما نشأ النزاع، رفض المـستفيد مـن الإمتياز أن يشارك في هذا التحكيم متذرعاً أن ليس لديه الإمكانيات لذلك . صدر حكـم تحكيمـي حكم عليه أن يدفع تعويضاً قدره000,40 يورو. حصل هذا الحكم التحكيمـي علـى الـصيغة التنفيذية من محكمة بداية باريس الكبرى ولكن طُعِن به أمام محكمة الإستئناف علـى أسـاس أن العقد كان، وفقاً للمستفيد من الإمتياز، مختلّ التوازن بالأخص لأنّه كان يتضمن شرطاً تحكيميـاً مختلّ التوازن . علاوةً على الأسباب الأخرى المتذرع بها، التي لم تُبحث هنـا، تجيـبمحكمـة الإستئناف بثلاث نقاط: أولاً، على خلاف ما تبينه المادة1466 من قانون المرافعات المدنية، من الممكن، في إطار الطعع، إثارة حجج لم تُثَر أمام هيئة التحكيم إذا مـا رفـض أحـد الطـرفين المشاركة في التحكيم . بعباراتٍ أخرى، إن الذي لا يشارك في المرافعات لا يمكن ه أن يلام علـى صمته حول بعض النقاط. هذا الحلّ، الذي يبدو للوهلة الأولى منطقياً، غير مقنع : إذا كان يكفـي عدم المشاركة في التحكيم بهدف عدم الإدلاء بالأسباب التي كان من المفتـرض أن تُثـار أمـام المحكّم، فهذا إذاً يعتَبر مكافأة على التسويف . هذا الحلّ يناقض مبدأ تركيز المرافعات أمام هيئـة التحكيم، وهي قاضٍ بكلّ معنى الكلمة، ومبدأ التنازل عن التذرع بدفوعٍ إجرائية . ثانياً، بطريقـةٍ ملهمة أكثر برأينا، تذكّر المحكمة أن شرط التحكيم لا يمكنه أن يكون بحد ذاته مختـلّ التـوازن، كما يمكن أن يكونه شرط جوهري موضوعي ،وأنّه ي توجب تفعيله نظراً إلـى اسـتقلاليته . مـن الصواب القول أن شروط التحكيم، مهما قالت المـادة ر" . 212-2-10) "10-2-212. R (مـن قانون الاستهلاك، هي حيادية من حيث المبدأ، كما قضت به"المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" 3 avr. 2008, n° 773/03, Case of Regent Company c/ Ukraine, Rev. arb. ) Racine. B.-J note, 797. 2009 .(وحدها طرق تفعيل إتّفاق التحكيم يمكنها أن تخلق الإختلال في التوازن. 

ثالثاً، لم يتم إقامة الدليل على أن حيثيات الدعوى خلقت مثل هذا الإختلال في التوازن . فكلفة التحكيم، حتى في نيويورك، كانت 2860 دولاراً أ ميركياً ولم يثبِت المستفيد من الامتيـاز عـدم قدرته على تحملها، بالأخص أن الأمر يتعلّق بإجراءاتٍ إلكترونية لا تستلزم أي انتقال إلى مكـانٍ آخر. بعباراتٍ أخرى: أولاً، إذا كان العقد مختلّ التوازن، هذا لا يعني أن التحكيم هو أيضاً مختلّ التوازن؛ ثانياً، إن هيئة التحكيم مختصة بالفصل في ادعاء الإعسار؛ ثالثـاً، لا يكفـي التـذرع بالإعسار بل يجب أيضاً إثباته. والقاضي ينظر في هذا الدليل. ماذا سيفعل إذا أُقيم الدليل؟ يبدو أن السؤال مفتوح من الآن فصاعداً، في حين أن القانون الوضعي كان يعتبر حتى الآن أن الإعسار لا يكفي للاعتراض على التحكيم وهذا كان مرضٍ . أصبح من الممكن من الآن فصاعداً تـصور خطر الاعتراض على اتّفاق التحكيم في حال ثبوت إعسار أحد الطرفين وهذا يؤكّد المخاوف التي عبر عنها تكراراً أحد رجال القانون حول عدم معالجة قانون التحكـيم، بـشكلٍ أولـي،مـسألة V. M. de Fontmichel, not. Cah. Arb. 2015. 817, et 2016. 649; JCP ) الإعـسار .(2016. 1746 أخيراً، إن ثالث قرار تم التعليق عليه هنا، الذي صدر حول موضـوع الاختـصاص، هـو القرار الذي بموجبه أيدت محكمة إستئناف باريس حكم هيئة التحكيم التي قضت بعدم اختصاصها جزئياً في ما خص موضوع المصاريف المتعلّقة بتنفيذ أول حكـمٍ تحكيمـي. ) nov 13, Paris Shackleton, 16608/16° n, 2018 .(معتبرةً أنّه لا يوجد صلة كافية بين العقـد والطلـب، قامت المحكمة التي، من جديد، "بحثت كلّ عناصر القانون أو الواقع التي تسمح بتقـدير نطـاق اتّفاق التحكيم واستخلصت منها النتائج حول احترام المحكّم مهمته "، بـرفض إدراج المـصاريف القضائية الخاصة بتنفيذ حكم التحكيم السابق ضمن اختصاص المحكّم، مـع أن قواعـد التحكـيم نصت على موجب التنفيذ التلقائي لحكم التحكيم . من المسموح التحسر على مثل هذه المقاربة لأن المنازعة الخاصة بتنفيذ حكم التحكيم ميالة إلى التحول أكثر فأكثر إلى منازعةٍ ثانية حقيقية ينـتج عنها مصاريف لن يتحملها الطرف الذي صدر حكم التحكيم لصالحه. مع صدور هذا القرار، تـم إعطاء مكافأة للأطراف الذين يتفلّتون من تنفيذ أحكام التحكيم التي تزعجهم. هذا إذاً ليس مرضٍ. 2 -عقد المحكّم: يتم تدريجياً وأكثر من أي وقتٍ مضى صقل النظام القانوني الخاص بعقد المحكّم الذي أصبح جزءاً من القانون الوضعي) supra. cit. th, Jandar. L : contra .(وقد طُلِب مـن محكمـة بداية "Pitre-à-Pointe "الكبرى، في أحد تفرعات قضية AGI المشار إليها غالبـاً فـي هـذا البانوراما، أن تفصل في طلب إبطال عقد المحكّم الذي كان يتّسم، على ح علمنا، بطابعٍ جديـد هذه في، نتذكّر). TGI Pointe-à-Pitre, 4 mai 2017, n° 12/00315, AGI) معهود غير الدعوى، أن محكمة إستئناف باريس قبلت الطعن المقدم ضد القرار ا لصادر عن محكمـة بدايـة باريس الكبرى الذي منح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم الصادر في"باربادوس" وذلك بسبب عدم استقلالية المحكّم الفرد لأنّه، وفقاً لاجتهادTecnimont ،لم يفصح عن وجود صلة بـين مكتـب المحاماة الذي يعمل فيه وأحد طرفَي التحكيم، حتى لو كان يجهل هذه الـصلة ( .oct 14, Paris 2014, n° 13/13459, D. 2014. 2541, spéc. 2549 et 2551, obs. T. Clay; Rev. arb. 2015. 151, note M. Henry; Cah. Arb. 2014. 795, note D. Cohen; JCP 2014. 1272, note H. Guyader; Gaz. Pal. 21-22 nov. 2014, p. 18, obs. D. Bensaude .(لقد بلغت مشاكسة الطرف الذي خسر التحكيم درجةً حدت به إلى محاولة إقامـة دعوى جزائية ضد المحكّم يتّهمه فيها بـ"تزوير" تصريح الإستقلالية الخاص به، فصدر لصالح المحكّم قرار بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى، وهذا طبيعي جداً نظراً إلى أن لا محلّ هنا للقانون الجزائي . بالعودة إلى الدعوى المدنية، ومدعوماً برفض الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم بـسبب عـدم استقلالية المحكّم، قام الطرف ذاته بتقديم طلب إبطال عقد المحكّم على أساس أن موافقته باطلـة بما أنّه كان يجهل صلة المحكّم بأحد الطرفين . من الصواب القول أن المحاكم المدنية هي المحاكم التي يتوب رفع الدعوى أمامها وأن العقد المتنازع فيه هنا هو العقد المناسب الذي يتوجـب أن يتم التنازع فيه. هذه لم تكن هي الحال دائماً بما أن الاجتهاد كان، لمدةٍ طويلة، ضالا عن الطريق بإبطاله إتّفاقات تحكيم بسبب خطأ في الصفات الجوهرية ل لمحكّم الذي لا يتمتّع باسـتقلالية، فـي حين أن هذا المحكّم هو طرف ثالث بالنسبة إلى اتّفاق التحكيم، وأن وحده عقد المحكّم هو الـذي T. Clay, L’arbitre, préf. P. Fouchard, Dalloz, ) الـسبب لهـذا عليه الاعتراض يمكن 653-649° n. spéc, 2001 .(مع مراعاة مناقشةٍ متعلّقة بالمحكمة المختصة من حيث المكـان، كانت الدعوى في هذه الحالة مرفوعة إذاً في المكان الذي يجب أن تُرفَع فيه. ولكنّها كانت غير كاملة لأن المدعين نسوا إدخال خصومهم في التحكيم في هذه الـدعوى . فأقاموا الدعوى فقط ضد المحكّم ومكتب المحاماة الذي يعمل فيه . إلاّ أن عقد المحكّم يربط بـين المحكّم من جهة والمتخاصمين، المجتمعين في طرفٍ متعاقد متعدد، من جهةٍ أخرى . وعليه، بغية طلب إبطال هذا العقد، وجب إدخال كلّ الأطراف في الدعوى . مستندين إلى الإجتهـاد الـسابق ورافضين الدخول في النقاش الذي كان مطروحاً حول تحديد القانون المطبق على عقد المحكّـم، ذكّر القضاة في "غوادلوب" (Guadeloupe (بذلك بهذه العبارات البليغة : إن تعيين المحكّم "يقوم على الإرادة المشتركة لطرفَي النزاع . (...) إذاً، إن طرفَي النزاع هما اللذين يعينان معاً المحكّم واللذين يكونان مرتبطَين معاً بعقد المحكّم ". إن نسيان الخصم الآخر يجعـل الـدعوى إذاً غيـر مقبولة، وحتى لو كان هناك استئناف، فلن يكون من الممكن تصحيح هذا النسيان لجعله قانونياً . لا يمكن تفادي الحلّ. إن عزم الأطراف المعنيين كان أيضاً على المحك في قرارٍ آخر كما وفي دعوى متفرعـة من دعوى تم التعليق عليها كثيراً، ولكن مشهورة أكثر من الدعوى المتفرعة منها، متجاوزةً دائرة المختصين في هذا المجال، هي دعوى Tapie/ c CDR .دون الحاجة إلى الرجوع إلـى هـذه القصة الخيالية التي من المفترض أن تجد خاتمتها الجزائية، أقلّه مؤقّتاً، أمام محكمة الجنح ابتداءاً من 11 مارس 2019 ،نذكّر أنحكم التحكيم أُبطِلَ بسبب غشٍّ شارك فيه أحد المحكّمين . نظـراً إلى استيائه من هذا القرار، قدم هذا المحكّم اعتراضاً خارجاً عن الخصومة ضدالقرار الذي أبطل حكم التحكيم معتبراً، صواباً، أن المحكمة الناظرة بطلب الإبطال لم تستمع إليه في حين أن ال قرار سبب له ضرراً. وفقاً لاجتهادها التقليدي الذي يمنع القاضي تقديم اعتراض خارج عن الخصومة ضد القرار الذي يبطل حكمه، ردت محكمة استئناف باريس هـذه الـدعوى ( .sept 27, Paris عاًمتذر). 2016, n° 15/19083, Estoup, D. 2016. 2589, spéc. 2600, obs. T. Clay مجدداً بـ "الاعتداء الجسيم على شرفه"، قدم المحكّم المشتَبه فيه طعناً رد أيضاً من محكمة التمييز Civ. 2 ) e , 11 janv. 2018, n° 16-24.740, Estoup, à paraître au Bulletin; D. 2018. 120; JCP 2018. 346, note D. Mouralis, et 2018. 530, § 6, obs. R. Libchaber; Procédures 2018. 82, note L. Weiller; D. actu. 23 janv. 2018, obs. J. Jourdan-Marques; Lexbase n° 728, 25 janv. 2018, n° N2393BXW, Vidal. D note (التي ذكّرت بمبدأ جوهري لدرجةٍ لا يكون من الضروري ذكـره: "لا يمكـن لأحد أن يكون قاضياً وخصماً في الوقت ذاته ". وتضيف المحكمة، متوجهةً بوضوح إلى قـضاة الموضوع الذين رفِعت أمامهم دعوى بالمسؤولية المدنية التعاقدية، أن هذا المبدأ يطبق"حتى لـو كان من الممكن لعيبٍ يشوب هذا القرار أن يكون أساس اً ل دعوى لاحقة بالمسؤولية المدنيـة". إن اللبيب من الإشارة يفهم... 

3 -الإستقلالية: من النادر أن تُشَرف جمعية علمية في قرارٍ صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان . إلاّ أن" اللجنة الفرنسية للتحكيم" يمكنها أن تفخر بهـذا التمييـز، إذ أن محكمـة"ستراسـبورغ" خصصت لها أحد القرارات النادرة الصادرة عنها حول التحكـيم ( °n, 2018 mai 3 CEDH GAR 4 ) Global Arbitration Review فوراً نشره أعادت الذي)، 58986/13, Garoubé 2018 mai (ولكن الذي بقي بشكلٍ غريب سرياً في فرنسا. المضحك أن الأمر يتعلّق بـالمحكّم ذاته المعني بقضية Tapie/ c CDR الذي هو أيضاً معني بالقضية التي أصدرت فيها المحكمـة الأوروبية لحقوق الإنسان قرارها. هنا أيضاً، أبطلت محكمة استئناف باريس حكم التحكيم أيـضاً Paris, 21 févr. 2012, n° 10/06953, État du ) المحكّـم هـذا ةاسـتقلالي عـدم بسبب Cameroun, D. 2012. 2991, obs. T. Clay; RTD com. 2013. 471, obs. E. Loquin; Gaz. Pal. 6-8 mai 2012, p. 14, obs. D. Bensaude; Rev. arb. 2012. Civ. 1 ) تـهرد التـي التمييز محكمة أمام طعن تقديم تم). 587, note C. Jarrosson re, 13 944.16-12° n, 2013 mars .(إلاّ أنّه قبل انعقاد جلسة محكمة التمييز بعدة أسـابيع، إجتمـع أعضاء "اللجنة الفرنسية للتحكيم"، ومن بينهم الرئيس والمقرر في الهيئة الحاكمة التي تتألّف منها محكمة التمييز التي كانت ستصدر القرار، ومحامي الطرف المدعى عليه والمحكّم الذي اختاره، ولكن الذي استقال خلال سير التحكيم، ورئيس تحرير مجلّـة arbitrage’l de Revue ،الـذي كتب شخصياً تعليقاً على قرار محكمة الإ ستئناف المطعون فيه، وهو تعليـق وصـفته المحكمـة الأوروبية لحقوق الإنسان (سابقاً) بأنّه "مدحي ،"مما بعث رسالة إلى الطاعن أن أعضاء"اللجنـة الفرنسية للتحكيم" ينتمون إلى "جماعة قوية النفوذ" أكثر منه إلى جمعية علمية. عجبـاً! المـسألة كانت جدية، لا سيما وأن الطاعن، لظرفٍ مشَدد بحسب رأيه، ذكّر أنّه طَلَب الحقّ في الرد علـى مجلّة arbitrage’l de Revue وأن هذا الطلب رفِض .إذاً، لم تكن المظـاهر تخـدم مـصلحة الاستقلالية الموضوعية للهيئة الحاكمة. وعليه، كان الطاعن يلوم فرنسا على عدم ضمان محاكمة عادلة له أمام محكمة التمييز بمعنى المادة 6 § ،1 ،من الإتّفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. فلنعترف أن الحجة تنم عن جرأة. غير أنّه تم ردها وسلِم الشرف. لحسن الحظّ، لأنّـه مـن جهة يتّضح، وزِد على ذلك أنّه لم يتم تقديم دليل يثبت العكس، أن الدعوى المعنية لم تُناقَ ش خلال هذا الاجتماع، وأن القضاة المعنيين، المعروفين بنزاهتهم الكاملة والمطلقة، بالطبع ما كانوا ليقبلوا ذلك. ومن جهةٍ أخرى، لأنّه لا يجب حصرهم داخل قصور العدل فقط، بما أنّـه مـن القـيم أن يستطيعوا المشاركة في المناقشات حول المسائل التي يعالجونها ويبلورونها . غير أنّهم فضلوا بعد ذلك أن يستقيلوا من "اللجنة الفرنسية للتحكيم". ورغم ذلك، كما تذكره المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بنفسها،"للمظـاهر شـيء مـن الأهمية في هذه المسألة" (رقم 25 (وأنّه يجدر علينا إذاً أن نحذّر من شـبهة تواطـؤ، لا تطـال القضاة، بل الفاعلين ا لآخرين في عالم التحكيم . يجدر تجنّب إعطاء إنطباع للذين لا ينتمون إلـى عالم التحكيم أنّهم سيواجهون عائقاً حتى قبل البدء بإجراءات التحكيم وذلك عندما يحاولون اللجوء إلى التحكيم . لقد كانت الأصابع موجهة أيضاً نحو"اللجنة الفرنسية للتحكيم"، وهـذه المـرة مـع "جامعة فرساي (Versailles – (Yvelines-en-Quentin-Saint ،في دعوى رد محكّم. فـتم لَوم هذا الأخير، أولاً، على استشارة، وذلك بغية تقديم طلب تمديد الأجل أمام القاضي المـساند، وعلى اختيار، كأمين سر التحكيم، محاميين ينتميان إلى مكتبي محاماة شركائهما المهمين كـانوا أعضاء في "اللجنة الفرنسية للتحكيم" التي كان ينتمي إليها أيضاً الأمين العام للفريـق الخـصم، وثانياً، أن المحامي الشريك الذي عمِلَ أو الذي كان يعمل معه هـذان المحاميـان كـان أسـتاذاً محاضراً في ماستر التحكيم والتجارة الدولية في الجامعة المذكورة آنفاً، مثله مث ل الأمـين العـام TGI Versailles, 21 déc. 2017, n° 17/01283, ) الـدعوى تدر . الخـصم للفريـق Ouest Grand Bâtiment Bouygues (للسبب الأساسي المتمثّل، من جهة، في أنّه سبق وأن ردت دعوى أخرى خاصة برد المحكّم نفسه لعدم إستقلاليةٍ مزعومة بموجب قرار سابق حـصل على قوة القضية المقضة، ومن جهةٍ أخرى، لأنّها قُدمت بعد انقضاء المهلـة القانونيـة . هـذه الدعوى، كالدعوى السابقة، تذكّر أن بعض المتقاضين لا يترددون في استعمال جميـع الوسـائل وأنّه يجدر إذاً الإيحاء بمظهر حياد أكثر . فلنعتبر ذلك تنبيهاً مفيداً بشأن بعض الممار سات التـي تعود إلى عصرٍ آخر. هناك طريقة جيدة لتبديد الشك تتمثّل في إعلام الأطراف بالصلات الموجودة بـين مختلـف الأطراف المعنيين بالدعوى. بعد بعض المقاومة من الناحية العملية، وأحياناً من ناحية الفقه، من المسلّم به اليوم وجوب الإفصاح عن صلات المحكّمين بالأط راف وبالمستشارين وحتى بالمحكّمين الآخرين. أغلبية قواعد التحكيم تنص على ذلك. كما طُرِحت مسألة معرفة ما إذا يتوجب أيـضاً الإفصاح عن وجود طرف ثالث ممول. الميزة هنا هي أن عبء الإفصاح لم يعد يقع على عاتق المحكّم، الذي يتجاهله من الناحية الإفتراضية، لكن عل ى المتخاصمين . زِد علـى ذلـك أ هـذا الإفصاح هدفه تحديداً إعلام المحكّم حتّى يتمكّن، عند الاقتضاء، من إكمال تصريح الإسـتقلالية الخاص به من خلال الإشارة إلى الصلات التي من الممكن أن تكون لديه مع الطـرف الثالـث الممول. من الصواب القول أن المشاركة المخفية فيالتحكيم لطرفٍ ثالث ممول تثيـر مـشكلة للمحكّم الذي ليس بإمكانه أن يفي تماماً بالتزامه بالشفافية . هذا يفسر المطالبة المتزايـدة بـإلزام المحكّمين الإفصاح عن مثل هذه المعلومة. تقترح أطروحة تم الدفاع عنها مؤخّراً النص على ذلك إما في اتّفاق التحكيم أو في وثيقة المهمة أو في قواعد التحكيم (supra. cit. th, Bioulès. J .( في ما يتعلّق بقواعد التحكيم، لقد سبق أن نصت بعض مراكز التحكيم على ذلك فـي قواعـدها، كـ "مركز هونغ كونغ للتحكيم الدولي) "HKIAC (أو "غرفة ميلانو للتحكـيم". لـذلك تجـدر الإشارة بوجهٍ خاص ،في إطار المداولات الحالية بشأن تعديل قواعده، أن"المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار" (CIRDI (أعلم في 2 أغسطس 2018 أنّه ينوي من الآن فصاعداً فـرض الإفصاح، ليس فقط عن وجود، بل أيضاً عن هوية الأطراف الثالثين الممولين فـي التحكيمـات ICSID, Proposals for Amendment of ICSID Rules – Synopsis, 2018, ) أمامـه 34° n. spéc .(إن فرض الإلتزام هذا المدرج في قواعد تحكيم "المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار"، الذي من الممكن أن يصبح ساري المفعول في بداية العام 2020 ،سيكون من شأنه أن يؤثّر في مراكز التحكيم الأخرى، وبالأخص في غرفة التجارة الدولية. إن موجب الإفصاح الذي يقع على عاتق المحكّم غذّى أيضاً جزءاً من الإجتهـاد الـصادر خلال الفترة المشمولة بهذا "البانوراما". فبرزت خصوصاً ثلاث مسائل. المسألة الأو لـى تتعلّـق بالشكل الذي يجب أن يتّخذه تصريح الإستقلالية . لا شكل محدد؛ هذا كان جواب محكمة إستئناف ذلـك حتوض أن سبق التي) Paris, 19 déc. 2017, n° 16/11404, Demmane) باريس (هذا "البانوراما، 2594. spéc, 2588. 2015. D ،(وأضافت أن مجرد الإشارة إليه في وثيقـة المهمة تكفي. إلاّ أن هذا لا يعفي عن تصريح الإستقلالية الذي يبقى إلزامياً، و حتى غيـر متّخـذٍ لأي شكل. المسألة الثانية هي مسألة شائكة أكثر وتتعلّق بموجب الإفصاح الـذي يقـع علـى عـاتق المحكّمين الذين تَرِد أسماؤهم في اللوائح المدرجة في شرط التحكيم . نعرف أن هؤلاء المحكّمين، وهم عادةً خبراء فنيين في مجال عملهم، يضاعفون المهمات، غالبـاً مـع الطـرف ذاتـه، لأن أسماءهم مذكورة في عقودٍ نموذجية تُنسخ بكمياتٍ كبيرة جداً . من المـسموح اعتبـار أن لـوائح لمحكّمين المتعاقدين هذه لا تشكّل بحد ذاتها مخالفةً لمبدأ المساواة بـين الأطـراف لأن الخيـار الأخير يتوقّف على المدعي، وهو دور، من الناحية الفرضية، لا نعرف عند إبـرام العقـد مـن سيضطلع به في حال نشوء نزاع. بالمقابل، يمكن التساؤل عما إذا قد يكون موجـب الإفـصاح الخاص بهؤلاء المحكّمين من نوعٍ مختلف. الجواب هو لا بحـسب محكمـة إسـتئناف بـاريس Paris, 29 mai 2018, n° 15/20168, Sté Elcir, Gaz. Pal. 24 juill. 2018, p. 19, ) Bensaude. D. obs .(هذا القرار هو في الواقع تكملة لقرارٍ سابق، سبق أن تم التعليق عليه في Paris, 21 nov. 2017, n° 15/20168, Sté Elcir, D. 2017. 2559, ) "البانورامـا "هـذا Clay. T. obs, 2567. spéc ،(كان يطالَب فيه المحكّم بالإفصاح عن "عدد الدعاوى التي تدخّل فيها بين الأول من يناير 2008 والأول من اكتوبر 2014] تاريخ تسميته في هذه الدعوى ] كمحكّمٍ أو كخبيرٍ بالصلح في نزاعاتٍ تتعلّق بشركات مجموعةBouygues ."وكتبنا آنذاك أن" مـصير حكم التحكيم في هذه الدعوى [كان] معلّق على هذا الجواب ". في جوابه المقدم إلـى المحكمـة، كشف المحكّم أن Bouyg لم تسمه إلاّ مرة واحدة خلال كامل الفترة وأيضاً في دعوى انتهت بصلحٍ. لقد طفح الكيل بالنسبة إلى المحكمة، فأبطلت حكم التحكيم بعباراتٍ قاسية ولامت المحكّـم على "الإخفاء المتعمد" [لهذه المعلومة ]. واستندت في ذلك إلى أربعة ع ناصر: أولاً، واقع أن تكون المهمة السابقة قد انتهت قبل ستّة أشهر على الأقلّ من تصريح الإسـتقلالية الخـاص بالـدعوى الحالية الذي لم يذكر أي تحكيم"جارٍ"، وهي عبارة "مبهمة" بقصد؛ ثم ،واقع أن تكـون الـدعوى انتهت بصلحٍ، وهو واقع "لا يغير حقيقة أنه تم فعلاً ت شكيل هيئة تحكيم"؛ علاوةً علـى ذلـك، إن الواقعة التي تم إخفاؤها لم تكن معلومة لدى الجميع؛ وأخيراً، وبالأخص ،أجاب المحكّم بشكلٍ غير كامل على الأسئلة التي طرحتها المحكمة، فهو لم يقل شيئاً حول تعييناتٍ محتملة في التحكيمـات الخاصة بشركات مجموعة Bouygues ،في حي ن أن ذلك كان مطلوباً منه صراحةً، مما شـكّل "إغفالاً من غير الممكن اعتباره سهواً ". الحلّ قاسٍ ولكنّه عادلٍ : بقدر ما تكون المهمة السابقة التي تم الإفصاح عنها لا تؤدي إلى الرد ،بقدر ما تكون تحمل في طياتها سبب إبطال حكم التحكيم في المستقبل في حال لم يتم الإفصاح عنها. ثالثاً، كان الإفصاح غير الكامل هو أيضاً سبب إبطال حكم تحكيم دولي ) mars 27, Paris 2018, n° 16/09386, Volkswagen, Gaz. Pal. 24 juill. 2018, p. 19, obs. D.. Bensaude; GAR 29 mars 2018, obs. A. Ross . مهما كانت آراؤنا ، ينجم عن الإجتهاد أنّه لا يتم الإفصاح عما هو معلوم لدى الجميع لأن ذلك يكون عديم الجدوى . لم تعـد المناقـشة تتناول ما يجب الإفصاح عنه بل ما هو معلوم لدى الجميع . هذه كانت الحال في الدعوى الحاليـة بشأن عنصرين تم إخفاؤهما. أولاً: بحسب النمط الذي أصبح كلاسيكياً، كان أحد المحكّمين ي نتمي إلى مكتب محاماة كان، قبل ثلاث سنوات من بدء التحكيم، مستشار اً ل شركةٍ تمتلكهـا المجموعـة ذاتها التي ينتمي إليها أحد طرفَي التحكيم . ثانياً: وفقاً لدليل المحامين الألمان، قدم مكتب المحاماة هذا أيضاً إستشارة إلى شركةٍ أخرى من شركات المجموعة في حين أن التحكيم كان جارياً. بغية الإجابة على هاتين النقطتين، بدأت المحكمة بالتذكير بقاعدتها الكلاسيكية التي وفقاً لهـا "يجب أن يقَدر موجب الإعلام الذي يقع على عاتق المحكّم بالقياس إلى علانية الحالـة المنتَقَـدة وصِلَتها بالنزاع وتأثيرها على حكم المحكّم ". ولكن، بعد ذلك، لم تخلص إلى الإستنتاج ذاته حول العنصرين المتنازع فيهما. في حين أنّها اعتبرت أن العنصر الأول"كان معلوماً لدى الجميع بفعل نشره قبل بدء التحكيم في دليلٍ مهني تعرفه كلّ مكاتب المحاماة في ألمانيا المتخصصة بالأعمال "، اعتبرت أن العنصر الثاني، الذي لم يتم إقامة الدليل على أنّه خاطىء ومعزو لخطأ من جهة ناشر الدليل، ظهر خلال التحكيم . إلاّ أن الأطراف ليسوا "ملزمين بمتابعة بحثهم بعـد بـدء إجـراءات التحكيم". وعليه، أُبطِل حكم التحكيم لهذا السبب. بغية التوصل إلى هذه النتيجة، رفضت المحكمة أن تأخذ بالاعتبار حجتَين أثارتهما المـدعى عليها: من جهة، واقع أن حكم التحكيم صدر بالإجماع، وهو ما رد عليه القضاة بقولهم أن"كـلّ عضو من أعضاء محكمة التحكيم قادر، من خلال الأسئلة التي يطرحها خلال المناقـشات ومـن خلال الحجج التي يثيرها خلال المداولة، على أن يؤثّر على المحكّم ين الآخرين"، وهذا يعنـي أن محكّماً واحداً لا يتمتّع بالاستقلالية يفسِد كلّ هيئة التحكيم؛ ومن جهـةٍ أخـرى، الطـابع الزهيـد للأتعاب التي تم تقاضيها في إطار مهمة الإستشارة هذه، فقضى القضاة على العكس بأن مكتـب المحاماة استخدم هذا الموكّل كعنصر اتّصال أَبرز قيمته في ما خص" الأعمال الأكثـر إغـراءاً والموكّلين الأكثر طلباً". مهما حاولنا فهم هذا الجزء الثاني من القرار، نبقى متفاجئين برد طلب الإبطال بنـاء علـى السبب الأول. في الحقيقة، نستصعب فهم استبعاد الوجه المستخدم للسبب الثاني، فـ "مـن غيـر الممكن المطالبة بشكلٍ معقول بأن ينكب الأطراف على تفحصٍ منهجي للمراجع التي قد تذكر إسم المحكّم وأسماء الأشخاص الذين لهم صلة به "، لصالح السبب الأول. بعباراتٍ أخرى، في مطلـع الإجراءات، قلّما تهم المعلومات التي يوفّرها المحكّم إذ أنّه يعود إلى الأطراف أن يجروا"تفحص منهجي للمراجع". ومعنى هذا هو الاستعاضة عن موجب الإفصاح بـ "موجب الفضول" حـسب العبارة التي استخدمها العميد Loquin Éric) 842. 2017. com RTD .(مع قـرارٍ مماثـل، يكفي إدخال المعلومات المغرِضة في ملقمات يمكن الولوج إليها طبعاً، ولكن بصعوبة، للادعـاء بعد ذلك أن الأطراف لم يجروا "تفحصٍ منهجي بما فيه الكفاية" وأنّهم هم المسؤولين فـي حـال تجاهلوها. بقلب المقاييس، بحجة علانيةٍ ذاتية بقدر ما هي وهمية، يصبح الشخص الـذي يـوفّر المعلومات هو الذي لا يعرفها، وليس الذي تكون هذه المعلومات بحوزته . مجدداً، يبـين معيـار العلانية هنا حدوده. إن نقل المسؤولية هذا لا يستند إلى أي أساس وليس سليماً وإذا ما اتّبعنا هذا المنطق، لا شيء يبرر تبدد موجب الفضول هذا بمجرد انطلاق التحكيم . باختصار، هناك سـببان لعدم الاقتناع بالحلَّين المذكورين في هذا القرار.

4 -المسؤولية:

إن حالات مسؤولية المحكّمين المدنية نادرة لدرجةٍ لا يمكننا إلاّ أن نذكر تأييد محكمة التمييز Civ. 1 ) محكّم ضد صادرٍ لقرار مؤخّراً re, 28 mars 2018, n° 15-16.909, JCP 2018. حتّـى). 733, note P. Casson; Gaz. Pal. 24 juill. 2018, p. 24, obs. D. Bensaude الآن، وعلى حدعلمنا، هذا لم يحصل إلاّ خمس مرات منذ أوائل القرن التاسع عشر وذلك لثلاثة أسبابٍ فقط : عدم الإستقلالية وتجاوز المهل والاستقالة من دون سببٍ صحيح . الـدعوى المعلَّـق عليها هنا تضيف حالةً وسبباً إلى الأسباب الآنفة الذكر . في هذه الدعوى، أصدر محكّـم خمـسة أحكام تحكيم متعاقبة، في حين أنّه سبق أن أصدر خمسة أحكام تحكيم قبل ذلك أبطلتهـا محكمـة إستئناف "شامبيري" (Chambéry (لعدم وجود إتّفاق تحكيم. ولكن "نظراً إلى أنّه من غير الممكن أن يتجاهل [المحكّم] أنّه يتعذّر عليه أن يصدر أحكاماً تحكيميـة جديـدة" كمـا ذكرتـه محكمـة الإستئناف التي رفِعت أمامها الدعوى بالمسؤولية المدنية، وجب حجز القضية . وعليه، حكِم على المحكّم بالتكافل والتضامن مع الطرف المستفيد من أحكام التحكيم هذه. ولكن بقيت مسألة يتعين حلّها: إذا لم يكن هناك اتّفاق تحكيم، على أي أساس كان من الممكن ترتيب مسؤولية مدنية على المحكّم؟ في الواقع، في غياب اتّفاق تحكيم لا يمكن أن يكـون هنـاك عقد محكّم، وعليه لا يمكن أن تكون المسؤولية تعاقدية بل تقصيرية . هذا ما أخذت بـه محكمـة الإستئناف، المؤيد قرارها من محكمة التمييز، مسنِدةً حكمها إلى المادة1382 القديمة من القانون لمدني) المادة 1240 الجديدة). الأمر ليس فقط منطقي بل نتيجته أيـضاً تقتـضي عـدم جعـل المخطئ يستفيد من الحصانة الخاصة بالمهمة القضائية بما أنّه لا يتمتّع بهـا . إن هـذه القـضية الجديدة المتعلّقة بمسؤولية المحكّم المدنية هي إذاً بالأحرى قضية متعلّقة بشخصٍ ليس محكّماً. . د مركز التحكيم: تماماً كالمحكّم، يمكن أن يكون مركز التحكـيم خاضـعاً لأسـئلة تتعلّـق باختـصاصه أو بمسؤوليته. 1 -الإختصاص: أصدرت محكمتان مختلفتان قرارين حديثين حول اختصاص "محكمة التحكيم الرياضي "في "لوزان" (Lausanne .(نعرف أن هذه المؤسسة تتدخّل من خلال الإحالـة إليهـا فـي قواعـد الإتّحادات الرياضية الدولية أو قواعد اللجنة الأولمبية الدولية. السؤال المطروح منذ زمنٍ بعيد هو معرفة ما إذا كان هذا الاختصاص مفروضاً، أي إذا كان لدى الرياضي فعلاً إمكانية اختيار نظام قضائي آخر. السؤال الثاني، المطروح با نتظام، يتعلّق باستقلالية "محكمة التحكيم الرياضي "مـن الناحية الهيكلية، حيث أنّها ممولة جزئياً من هيئاتٍ تجد نفسها بانتظام تَمثُل أمام"محكمة التحكـيم الرياضي "ذاتها لحلّ نزاعها، كالاتّحاد الدولي لكرة القدم("الفيفا") مثلاً. إلاّ أن محكمة إسـتئناف "بروكسل" استبعدت تحكيم "محكمة التحكيم الرياضي "بناء على سببٍ آخر وذلك في دعوى تتعلّق بامتلاك حقوق اللاعبين من قبل أطرافٍ ثالثة أقامها Seraing de RFC ،وهو نادي كـرة قـدم بلجيكي صغير، ضد" الفيفا" "و الاتّحاد الأوروبي لكرة القدم" "و الاتّحـاد البلجيكـي لكـرة القـدم " Bruxelles, 29 août 2018, n° 2016/AR/2048, Doyen Sports Investments Ldt, ) Cah. arb. 2018, n° 3, note T. d’Alès et A. Constans, à paraître; Rev. arb. Besson. S. obs, 654. 2018 .(لقد اعتبرت المحكمة أن شرط التحكـيم الـذي يحيـل إلـى اختصاص "محكمة التحكيم الرياضي "واسع جداً لأنّه يعني "أي نوع من النزاعات"، وهو مخالف للقانون البلجيكي الذي يقتضي أن يشير شرط التحكيم إلى"علاقةٍ قانونية محددة" وفقاً للمـادة 6 ، § 1 ،من الإتّفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وللمادة47 من "شرعة الإتّحاد الأوروبـي لحقـوق الإنسان" (13 (§ كما ورد في القرار. ولا يخطئن أحد: هذا القرار ليس مجرد تحليل دقيق للقانون البلجيكي ،إنّه إعادة النظر الأولى في نظام تحكيم"محكمة التحكيم الرياضي "المعتَبر واسع جـداً.

من جهةٍ أخرى، أفادت "محكمة التحكيم الرياضي ،"تبعاً لهذا القرار، أن بإمكانها اقت راح شـروط تحكيمية محررة بشكلٍ دقيقٍ أكثر. وهذا هو السياق الذي نجد فيه أنّه من المفيد على نحوٍ خـاص معرفـة موقـف المحكمـة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أصدرت قراراً بعد ذلك بشهرٍ حول موضوعٍ لـه صـلة بـالأمر CEDH 2 oct. 2018, n° 40575/10 et n° 67474/10, Mutu et Pechstein ) .(c/Suisse, JCP 2018. 1121, obs. L. Milano; GAR 4 oct. 2018, obs. T. Jones دون الدخول هنا في تفاصيل هاتين الدعويين المتعلّقتين برياضيين، أحدهما لاعـب كـرة قـدم والآخر متزحلقة، نذكر أن كلاهما تذمر من عدم استقلالية "محكمـة التحكـيم الرياضـي "التـي أصدرت قرارات ضدهما صدقت عليها المحكمة الفدرالية السويسرية . أمام محكمة ستراسبورغ، اعترض الطاعنان على استقلالية "محكمة التحكيم الرياضي "من الناحية الهيكلية. في قرارٍ صادر بالأغلبية، مع آراءٍ مخالفة بشدة، بدأت المحكمة بالتذكير بأن كلّ تحكيم، أكان إرادياً (كانت هـذه حالة لاعب كرة القدم ) أو إجبارياً (كانت هذه حالة المتزحلقة )، يجب أن يـوفّر كـلّ ضـمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 6 § ،1 ،من الإتّفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لأن الرياضيين لم يتنازلا عنها. ولكن المحكمة اعتبرت بعد ذلك أن هذه الضمانات كانت متوافرة في الحالتين. على الرغم من أنّها ردت الحجة المبنية على تأثير الإتّحادات الرياضـية فـي عمـل "محكمة التحكيم الرياضي ،"نظراً إلى أنّها لم تر أي فرق بين هذا التأثير والتمويل العام للقـضاء العام، إلاّ أنّها اعترفت مع ذلك بـ ال" تأثير الحقيقي "لهذه الإتّحادات في الطريقة التي يـتم فيهـا اختيار المحكّمين، ولكن ليس لدرجة التشكيك في استقلالية المحكّمين وحيادهم بشكلٍ عام . هذا القرار بالتأكيد يحكم بصحة نظام تحكيم "محكمة التحكيم الرياضي ،" ولكنّه مع ذلك يدعو إلـى إعادة النظر في بعض ال نقاط، كالتأثير الذي تمارسه الإتّحادات الرياضية في اختيار المحكّمين أو علنيـة المحاكمة التي يعتبر القرار أنّه يمكن الحصول عليها إذا ما طُلِب ذلك، وهذه كانـت هنـا دون جـدوى حالة المتزحلقة. لا شك في أن" محكمة التحكيم الرياضي "ستعرف كيف ترد على هذه الانتقادات. 2 -المسؤولية: لقد واجهت مراكز تحكيم أخرى دعاوى بالمسؤولية المدنية التعاقدية، وهذه كانت بـالأخص حالة غرفة التجارة الدولية التي رفِعت ثلاث دعاوى ضدها أمام المحاكم الفرنـسية والإيطاليـة .

السؤال الأول الذي طُرِح كان معرفة أي محكمة هي مخت صة بالنظر في مسؤولية مركز التحكيم، وهو ما انطوى على تحديد البلد أولاً ثم المحكمة في هذا البلد . جاء الرد على السؤال الأول مـن "بريشيا" (Brescia (في إيطاليا. فأعلن القاضي الإيطالي نفسه غير مختص وأن القضاء الفرنسي هو المختص ،أي قضاء مكان مقر المدعى عليه، وفقاً لنظام "بروكسيل I مكرر" ( I Bruxelles bis (الذي يعتبره مطبقاً على عقد تنظـيم التحكـيم ( ,2018. avr 5., ord, Brescia. Trib Fondrieschi GU c/ CCI, Riv. dell’arbitrato 2018. 551, note Z. crespi Reghizzi ،(وهو ما سيتوجب إثباته. هذا يعطي القاضي في باريس مسؤوليات أكثر عندما تُرفَع أمامه طلبات تعـويض موجهـة ضد غرفة التجارة الدولية. فبسبب موقعها في باريس، يتمتّع القضاء في باريس بتـأثيرٍ عـالمي ، أقلّه عندما تكون غرفة التجارة الدولية هي المدعى عليها، وهذه هي الحالة في أغلب الأوقات، لا سيما في الدعويين الأخريين المذكورتين هنا . حتى لو لم يكن الحلّ جديداً، إلاّ أن الفرصة سنحت لمحكمة الإستئناف بأن تذكّر، في ما خص إثارة المسؤولية التعاقدية المبنية على مخالفة عقد تنظيم التحكيم، بأن المحكمة المختصة هي محكمـة البدايـة الكبـرى ( °n, 2018. nov 13, Paris الواقـع فـي يجب أنّه المحكمة وتضيف). 16/25942 et n° 17/01561, SA Heli-Union التمييز بين تنفيذ مركز التحكيم لموجباته، وهو ما يختص به القضاء العادي ،وحـلّ الـصعوبات المتعلّقة بمباشرة التحكيم الذي يتوقّف على مركز التحكيم أو على القاضي المساند . قضت محكمة الإستئناف في هذا القرار عدم قبول الدعوى المبنية على الأساس الثاني هذا، وهو قرار منطقـي جداً. من غير المستغرب إذاً أن تُرفَع الدعوى الثالثة بمسؤولية غرفة التجارة الدولية المدنية أمام محكمة بداية باريس الكبرى، هذه المرة في دعوى سـبق أن ذُكِـرت أعـلاه ( mai 3 CEDH Garoubé, 2018 ،(لا تكفّ الأخبار المتعلّقة بها عن تغذية المجلاّت المتخصصة إلى درجةٍ أنّها Garoubé, 2017. déc 13 .( , يعيب الطاعن على غرفة التجـارة re ستُذكَر أيضاً أدناه ( 1. Civ الدولية إرتكابها "العديد من الأخطاء الجسيمة تتعلّق أساساً بمدة الإجراءات وبكل فتها وبعدم تـسليم المستندات". بعد أن فصلت بدقّةٍ متناهية الإعتراضات التي لا تُحصى وفسرت أن أياً منها يـشكّل خطأً من قبل مركز التحكيم، الذي اكتفى بتطبيق قواعد التحكيم الخاصة به، ردت محكمة البدايـة ،الواقـع وفي). TGI Paris, 12 févr. 2018, n° 16/08752, Garoubé) الدعوى الكبرى تفسر، بطريقةٍ غير نظامية، أنّه لا يحقّ لها أن تحكم على قرارٍ سابق صادر عن محكمة إستئناف باريس وأنّه تم احترام قواعد التحكيم على الوجه الأكمل وأنّها غير مختصة بإعادة النظـر فـي أساس حكم التحكيم وأنّه إذا طالت الإجراءات فهذا مرده بشكلٍكبير إلى الطرف الذي تذمر منها والذي كرر تذمره عدة مرات وأن غرفة التجارة الدولية لم"تتكهن بشأن إفلاسها" كما هو مزعوم وأن كلفة الإجراءات تطابق الجدول المعتمد وأنّه لم يتم تقديم دليل على عدم تـسليم المـستندات، إلخ. ختاماً، نظراً إلى أنّه لم ينسب أي خطأ إلى غرفة التجارة الدولية، من غير المجدي التساؤل، كما كان يحتج به أيضاً هذا الطرف، عن صحة الشرط المحدد للمسؤولية المـدرج فـي قواعـد التحكيم الخاصة بها. هـ. المهمة: في النقاش القديم المتعلّق بطرق الرقابة على مهمة المحكّم الذي يجب أن يحك م بالإنـصاف، محصت محكمة إستئناف باريس ومحكمة التمييز، في حكمين حديثَين صادرين عنهما، المعيـار المحض شكلي للإحالة بشكلٍ صريح إلى الإنصاف أو إلى التحكيم المطلق، لصالح تحليلٍ مفصل Paris, 23 janv. 2018, n° 16/12618, Cabiron, Gaz. Pal. 24 juill. 2018, p. ) أكثر 24, obs. D. Bensaude; Civ. 1re, 24 mai 2018, n° 17-18.796, François P., حكـمَ لِبطُأ، الثانية الدعوى ففي). Gaz. Pal. 24 juill. 2018, p. 23, obs. D. Bensaude التحكيم لأن هيئة التحكيم فصلت في القانون على الرغم من الإشارة الإستهلالية للإنصاف، التـي هي محض شكلية. بالمقابل، في الدعوى الأولى لم يبطَل حكم التحكـيم مـع أن هيئـة التحكـيم حرصت على قياس كلّ حلّ من الحلول التي وجدتها بناء على القانون بقياس الإنصاف. بعباراتٍ أخرى، يمكن اعتبار أن هذين القرارين يكرسان التخلّي الكامل عن المعيار الشكلي أقلّ من تكريسهما تطور هذا المعيار وصقله. إن الرقابة الشكلية على الحلول المعتَمدة تبقى ولكنّها تُمارس بشكلٍ دقيق: يمكن أن يكون حكم التحكيم صادراً بالقانون إذا هذا كان معنى الإنـصاف، وهو ما يتوجب تفسيره كلّ مرة دون الاكتفاء بإشارةٍ إستهلاليةٍ عامة في بداية ح كم التحكيم . هـذا الحلّ ليس سيئاً من حيث أنّه، من جهة، مطابق لإرادة الطرفين برؤية نزاعهما يحلّ حقّاً وتمامـاً بشكلٍ منصف، ومن حيث، من جهةٍ أخرى، أن تحليل القاضي الناظر بـالطعن يبقـى شـكلياً . القاضي لا يتعمق في المنطق المتَّبع من المحكّم؛ هو يتحقّق فقط من أنّه احتكم إلى المنطق وفقـاً للمهمة الموكلة إليه. 

و. الإجراءات: 1 -القاضي المساند: ما هي الحدود التي يجب أن يبلغها اختصاص القاضي المساند؟ لم يكفّ القاضي المـساند، وهو ركن أساسي في قانون التحكيم، من اكتساب صلاحيات جديدة . فقد وسع سلطاته تدريجياً من حيث الوقت مع اجتهاد Créole Belle La الشهير، بحيث أصبحت أُسس ممارسة الإختـصاص أوسع من تلك المنصوص عليها في القانون مع قرارNioc ،وأصبحت حدود سلطاته تمتد إلـى تحديد مركز التحكيم الذي اختاره الأطراف وأخيراً، إلى رفع النزاع أمامه الذي يمكن أن يكـون أيضاً كتدبيرٍ وقائي .هل يمكنه أيضاً أن يكون مختصاً بالمسائل المتعلّقة بالاستنكاف عن إحقـاق الحقّ على الرغم من أن الأطراف حددوا مركز التحكيم؟ نعم تجيب من دون غمـوض محكمـة إستئناف باريس في قرارٍ حديثٍ جداً سبق ذكره يبين أن الأطراف في تحكيمٍ مؤسسي"يتنازلون، إلاّ في حال عجز المؤسسة عن ممارسة هذه المهمة أو في حال الإستنكاف عن إحقاق الحقّ، عن الطلب من القاضي النظامي ،وذلك خلال الإجراءات، أن يحلّ محلّ أعـضاء مركـز التحكـيم " .(Paris, 13 nov. 2018, SA Heli-Union, préc.) هذه المسألة كانت أيضاً في صلب الشقّ الثالث من دعوى Garoubé المذكورة أعلاه وأدت Civ. 1 ) التمييـز محكمة عن قرار صدور إلى re, 13 déc. 2017, n° 16-22.131, publié au Bulletin; D. 2018. 18; Cah. arb. 2017. 701, note H. Barbier, et 2018; 299, obs. M. de Fontmichel; Procédures 2018. 50, obs. L. Weiller; Rev. arb. 2018. 370, note V. Chantebout; Gaz. Pal. 20 mars 2018, p. 21, obs. D. 8. 2018 JCP; Bensaude (رد الطعن المقدم ضد قرار سبق التعليق عليه في هذا "البانوراما" Paris, 24 mai 2016, n° 15/23553, D. 2016. 2589, spéc. 2596, obs. T. Clay; ) Cah. arb. 2016. 641, note M. de Fontmichel; Gaz. Pal. 15 nov. 2016, p. 33, Bensaude. D. obs .(فـي عبـارةٍ غيـر موفّقـة، أعلنـت محكمـة التمييـز أن القاضـي المساند لا يتمتّع بـ "الاختصاص العام لبتّ كـلّ النزاعـات التـي تنـشأ خـلال الإجـراءات التحكيمية"، في حين أنّه يمكننا القول أن هذه هي مهمته بال تحديد. في الواقـع، مـا أرادت قولـه محكمة التمييز هو أنّه عندما يكون مركز التحكيم محدداً، فإن القاضي المـساند يتجـاوز حـدود سلطته إذا تدخّل "في نزاعٍ يتعلّق بالتنفيذ الخاطئ لعقد تنظيم التحكيم ". ونؤيدها في الـرأي حـول هذه المسألة. 

ولكن ماذا يحصل عندما يكون عدم تنفيذ عقد تنظيم التحكيم أو تنفيذه السيئ هو بحـد ذاتـه يشكّل استنكافاً عن إحقاق الحقّ؟ هل أن هذا الادعاء يخضع لاختصاص قاضي القـانون العـام للعقد، التي تندرج تحت اختصاصه مسألة الإستنكاف عن إحقاق الحقّ، أو لاختصاص القاضـي الناظر بالاستنكاف عن إحقاق الحقّ (القاضي المساند)، الذي يكون اختصاص قاضي القانون العام من ضمن اختصاصه؟ خلافاً لما قضت به محكمة البداية الكبرى في هـذه الـدعوى، اختـارت محكمة استئناف باريس ثم محكمة التمييز الحلّ الأول . إن ذلك قد يبدو مخالفاً لقرار الإسـتئناف المذكور آنفاً المؤرخ في 13 نوفمبر 2018 ،وللدور الذي منحته محكمة التمييز نفسها للقاضـي المساند في قرار Nioc وبالأخص للتوسيع المستمر لسلطات القاضي المساند(راجع بهذا المعنى أيضاً Fontmichel de. M ،الملاحظة المذكورة سابقاً، بالأخص ص. 651 .( 2 -الإجراءات التحكيمية: إنّه مركز التحكيم أيضاً ال ذي كان موضوع دعوى فصلت فيها محكمة التمييز تتعلّق بـسحب الدعوى المقابلة التي قدمها مدعى عليه لم يدفع تكاليف التحكيم الخاصة بطلباته . العديد من قواعـد التحكيم تنص على أنّه يمكن لمركز التحكيم أن يسحب الدعاوى المقابلة التي لم تُدفَع تكاليفها . يمكن أيضاً التساؤل حول واقع معرفة ما إذا يجب أن يكون هذا الامتياز عائد للمحكّم بدلاً من المركـز . إدعى المدعى عليه أنّه نظراً إلى أن هذه الدعوى ترتبط ارتباطاً لا ينفـصم بالـدعوى الأساسـية، هناك مخالفة لمبدأ المحاكمة العادلة بمعنى المادة 6 ،§ 1 ،من الإتّفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. تعتبر محكمة التمييز أنّه لم يتم إقامة الدليل على هذا الإرتباط الذي لا ينفصم وأنّه تم احترام قواعد المحاكمة العادلة، وهي طريقة للقول أنّه يمكن إجراء تحكيم جديد دون المس بقوة القـضية Civ. 1 ) ةالمقـضي re ،بالتـالي , ). 17 oct. 2018, n° 17-21.411, Sté Youstina moda استعادت حرفياً اجتهاد Pirelli ،ولكنّها طبقته هذه المرة بمناسبة طلب الحصول علـى الـصيغة التنفيذية، وليس طلب إبطال، لحكم تحكيم صادر برعاية"غرفة ميلانو للتحكيم" ولـيس برعايـة غرفة التجارة الدولية. الحلّ راسخٌ إذاً. الأمر سيان بالنسبة إلى مبدأ الإستوبل (estoppel (الذي، حتى لو لم يكن جديـداً، كرسـته .févr 28, re محكمة التمييز لأول مرة كمبدأ أساسي ،وباللغة الإنكليزية فـي الـنص )

Cayrol; Clunet 2018. 1191, note J. Jourdan-Marques; Procédures 2018. 154, ). note L. Weiller; Gaz. Pal. 24 juill. 2018, p. 19, obs. D. Bensaude1. Civ 2018, n° 16-27.823, Sté First Smart Asia Ltd, RTD civ. 2018. 482, obs. N.)

في هذا الدعوى، لم تتابع شركةٍ الإجراءات أمام المحكمة وذلك بعد أن التمست الإذن بالتكليف بالحضور أمام المحكمة التجارية بناء على أمر تقصير الميعاد وتسليم صحيفة الدعوى، فتم شطب الـدعوى لعدم التقيد بالمهل. ثم رفعت النزاع أمام غرفة التجارة الدوليـة علـى أسـاس شـرط التحكـيم المنصوص عليه في شروط الشراء العامة، ولكن الدعوى التحكيمية سحِبت لعدم تـسديد الـسلفة على مصاريف التحكيم . إلاّ أن المدعى عليها، التي كانت تريد الحصول على رصيد فواتيرهـا، أعادت فتح الإجراءات أمام المحكمة التجارية ولكن المدعية أثارت دفعاً بعدم الإختصاص علـى أساس اتّفاق التحكيم. تم استئناف الحكم الصادر عن المحكمة التجارية أمام محكمة الإستئناف التي اعتبرت أن هذه الشركة لم تبدِ لا عدم إنصاف إجرائي ولا سلوك متناقض، نظراً إلى أنّها نَـوت رفع النزاع أمام القاضي النظامي قبل أن تمتنع أخيراً عن ذلك من خلال عدم تسليم قلم المحكمـة نسخةً عن التكليف بالحضور بناء على أمر تقصير الميعاد ومن خلال تقديم طلب صـحيح أمـام مؤسسة التحكيم تم شطبه لاحقاً. هذا لم يكن رأي محكمة التمييز التـي نقـضت قـرار محكمـة الإستئناف معتبرةً أن خيارات المدعية الإجرائية المختلفة تكشف سلوكاً متناقضاً يخـالف"مبـدأ الإستوبل". ففي حين أنّه تمت الموافقة على الإحالة إلى الإستوبل في الدعوى الحالية إزاء سلوكٍ إجرائي غير سوي ،فإنّه لا تزال هناك ضرورة لمزجه مع مبدأ آخر لا يقلّ أهميـةً عـن مبـدأ الإستوبل هو مبدأ الإختصاص بالإختصاص: بوجود اتّفاق تحكيم ليس باطلاً بشكلٍ واضح، كـان على هيئة التحكيم، وعليها هي وحدها، أن تتساءل عما إذا كان الإستوبل يجعل الـدعوى غيـر مقبولة أمامها أو لا (بهذا المعنى أيضاً، Marques-Jourdan. J ،الملاحظة المذكورة سابقاً). 

ز. حكم التحكيم: 1 -الطعن: خلال الفترة التي يشملها هذا "البانوراما"، أصدرت محكمة التمييز عدة قرارات حددت فيهـا النظام القانوني للطعن بالإبطال. أولاً، وفي 11 قراراً مطابقاً صادراً في اليـو م ذاتـه، ذكّـرت المحكمة أن من لا يتذرع، أمام قاضي الدرجة الأولى، في هذه الحالة مجلس التحكـيم لـشؤون العمال، بسببٍ مبني على مبدأ الإختصاص بالإختصاص لصالح التحكيم، فلن يقبل أن يتم التذرع بهذه الاسباب امام محكمة الإستئناف 

( . Honeywell [11 arrêts identiques], Procédures 2018. 298, note L. Weiller Civ. 1  re, 4 juill. 2018, n° 17-22.103, Sté )

ثم في قرارين، هنا أيضاً صادرين في اليوم ذاته وكانا موضوع تعليقاتٍ كثيرة، طُلِب مـن محكمـة التمييز أن تفصل في طلب إسترداد المتنازع عليه، وهو نظام قديم من القانون المـدن ي) المـادة 1699 (يسمح لمدين بدينٍ تم التنازل عنه ومتنازع عليه أن يتحرر منه من خلال رد الثمن الذي دفعه إلى المتنازل له، الذي غالباً ما يكون أقلّ من قيمة الدين، حتى إذا أضيفت إليه المـصاريف والفوائد. السؤال إذاً هو معرفة إلى متى يمكن المطالبة باسترداد ال متنازع عليه. بالطبع، طالما أن حكم التحكيم لم يصدر بعد، يمكن المطالبة باسترداد المتنازع عليه . ولكن، ماذا بعد ذلك؟ هل من الممكن القيام بذلك بمناسبة طعن بالإبطال أو إستئناف القرار الذي منح الصيغة التنفيذية؟ أجابـت محكمة إستئناف باريس بالنفي ونُقِض قراريها على أساس أن" المطالبة باسترداد المتنازع عليـه تؤثر في تنفيذ حكم التحكيم 

 République du Congo, à paraître au Bulletin (pour le 1er); D. 2018. 516, et 1934, spéc. 1942, obs. S. Bollée; AJ Contrat 2018. 187, obs. J. JourdanMarques; RTD civ. 2018. 411, obs. H. Barbier, et 431, obs. P.-Y. Gautier; Clunet 2018. 1201, note P. Pinsolle; Rev. arb. 2018. 389, note M. Laazouzi; JCP 2018. 311, et 640, note P. Casson; Procédures 2018. 148, note L. .(Weiller; Gaz. Pal. 24 juill. 2018, p. 21, obs. D. Bensaude Civ. 1  re, 28 févr. 2018, n° 16-22.112 et n° 16-22.126, ) 

 

هذا الحلّ، الذي لقي تقييماً متبايناً في الفقه، يطرح أقلّه ثلاث مـشاكل : أولاً، إنّـه يـسمح باسترداد المتنازع عليه في وقتٍ لم يعد هناك أي نزاع بما أن هذا الأخيـر بـتَّ، لا سـيما وأن محكمة الإستئناف لا تع يد النظر في الأساس وتقضي بالإضافة إلى ذلك بطريقةٍ غير موقفة؛ ثـم، خلافاً لما تقوله محكمة التمييز، إن المطالبة باسترداد المتنازع عليه لا تؤثّر في تنفيذ حكم التحكيم إلاّ إذا قُبِلَت بعد صدوره، وهو تحديداً ما لم يكن يجب أن يحصل؛ أخيراً، وبـالأخص ،بقبولهـا المطالبة باسترداد المتنازع عليه خلال الطعن بالإبطال أو خلال استئناف القرار الذي منح الصيغة التنفيذية، تتعرض المحكمة العليا لحالات فتح باب هذه الطعون، هذه الحالات المقدسـة المحـددة حصراً التي ينبغي بالأخص تجنّب توسيعها. إلاّ أن هذا هو بالفعل ما حصل. 2 -الرقابة: بخلاف الإعتقاد السائد، إن التحليل الإحصائي للطعون أمام محكمة الإستئناف خلال السنوات الثلاث الأخيرة يبين نسبة إبطال تصل تقريباً إلى25 %من عـدد الطعـون بالإبطـال المقامـة T. Clay, Contrôle des sentences arbitrales par le juge étatique. Jusqu’où ira-) t-il?, conférence à l’Association française d’arbitrage, 30 mai 2018, non publiée .(إن أسطورة أحكام التحكيم الغير قابلة للإبطال لم يعد لها وجود إذاً، بمـا فـي ذلـك أحكام التحكيم الدولية. من الصحيح مع ذلك أنّه يجب قراءة هذا الرقم مع نُدرة الطعون، و إذاً إلى نُدرة القرارات القضائية، بسبب طابعها غير الموقِف الذي يفسر كونها اليوم تستند إلى أُسس متينة أكثر، وإذاً لديها فرص نجاح أكثر. قبل الدخول في النظام القانوني الوطني ،يخضع حكم التحكيم لرقابة محكمة الإستئناف التي يمكن أن تكون متنوعة . خلال الفترة التي يشملها هذا "البانورامـا"، مارس القاضي على التوالي رقابته على شكل حكم التحكيم وعلى اختصاص هيئة التحكيم وعلـى تطابق حكم التحكيم مع النظام العام الدولي . في ما خص الشكل، في حين أنّه تم الاعتراض على حكم تحكيم داخلي لأنّه لم يذكر صراحةً ما إذا صدر بالأغلبية أو بالإجماع، بذريعة أن المادتين1480 و1492-6 مجتمعتين من قـانون المرافعات المدنية تنصان بالفعل على أنّه في حال غياب أغلبية وجب ذكر ذلـك تحـت طائلـة الإبطال في حكم التحكيم، ردت محكمة إستئناف باريس بالقول أن"توقيع المحكّمين الثلاثة الـذي يرِد على حكم التحكيم المتنازع فيه يفتـرض وجـود أغلبيـة" ( °n, 2017. déc 19, Paris Demmane, 11404/16 .(إن الطعون المبنية على الفقرة 6 من المادة 1492 ،التـي لا نجـد رديفاً لها للتحكيم الدولي ،هي نادرة جداً حتى يتم الإشارة إليها، لا سيما وأن الحلّ، في الـدعوى الحالية، منطقي :لو لم يكن هناك أغلبية للموافقة على حكم التحكيم، لما كان وقِّع من المحكّمـين الثلاثة. إلاّ أنّه يمكن لمحكّمٍ ألاّ يوافق على الحلّ ولكن مع ذلك أن يوافق علـى الطريقـة التـي سمحت بالتوصل إلى هذا الحلّ وأن يصطفّ في صفّ الأغلبية . توقيعـه لا يعنـي بالـض رورة موافقته على الأساس، بل موافقته على واقع كونه الأقلية. فلا يجب أن يرفض توقيع حكم التحكيم إلاّ إذا اعتَبر أنّه لم يصدر بشكلٍ صحيح لأن الطريقة التي تم التوصل فيها إلـى حكـم التحكـيم يشوبها عيب، وليس إذا لم يكن موافقاً على حكم التحكيم لجهة الأساس . يتوجب على المحكّمـين الآخرين، فقط في حالة رفضه التوقيع، أن يحددوا في حكم التحكيم أن المحكّم المخالف في الرأي كان لديه إمكانية التوقيع، وهو ما نريد التأكّد منه . إذا لم يفعلوا ذلك، سيصار إلى إبطـال حكـم التحكيم الداخلي .نذكّر أخيراً أنّه في مجال التحكيم الدو لي ،القاعدة مختلفة لسببين: من جهـة، إن عدم ذكر رفض التوقيع لا يفتح باب الطعن بالإبطال؛ ومن جهةٍ أخرى، في حـال عـدم تـوافر الأغلبية، يمكن لرئيس هيئة التحكيم أن يوقّع حكم التحكيم منفرداً (المادة 1513 ،الفقـرة 2 ،مـن قانون المرافعات المدنية)، في حين أن هذا يؤدي إلى الإبطال في مجال التحكيم الـداخلي . هـذا الاختلاف في النظام الذي يشكّل هفوة في المرسوم الصادر في العام 2011 غير مفهوم ويتوجب، ما إن يكون ذلك ممكناً، تنسيق النظام الخاص بحكم التحكيم الداخلي ليكون مماثلاً للنظام الخاص بحكم التحكيم الدولي . في ما يتعلّق بالرقابة على الاختصاص، التي نعرف أن القانون الوضعي يـسمح بتعميقهـا، يواجه القاضي الناظر بالطعن بانتظام التمييز الدقيق بين قبول الدعوى من جهة، الذي لا يمكـن مراقبته دون التعدي على الحكم المطابق للقانون، الذي لا معقّب عليه، واختصاص هيئة التحكـيم من جهةٍ أ خرى. ينبغي التذكير أنّه في قضية Marriott ،الدقيقة جداً، نقضت محكمـة التمييـز القرار الأول الصادر عن محكمة الإستئناف بقضائها أن الوكالة الممنوحة لمباشرة التحكيم تتعلّق Civ. 1 ) رقابـة عليها يكن لم التي القبول بمسألة re, 18 mars 2015, n° 14-13.336, Bull. civ. I, n° 54; D. 2015. 2588, spéc. 2591, obs. T. Clay; RTD com. 2016. 708, obs. E. Loquin; JCP 2015. 877, § 7, obs. C. Seraglini; Procédures 2015. 194, note L. Weiller; LPA 2015, n° 222, p. 17, obs. A. Canonica; Paris Journ. Intern. Arb. 2015. 343, note I. Fadlallah; Rev. contrats 2015. 555, obs. X. Serinet. M.-Y et Boucobza .(إتّخذت محكمة إستئناف "فرساي" (Versailles (النهج ذاته 30 juin 2016, n° 15/03050 et n° 15/03639, LPA 2017, n° 39, p. 11, obs. T. ) Clay (ورد الطعن المقدم ضد هذا القرار إنّما ليس دون أن تشدد على "التناقضات والغموض في Civ. 1 ) "التحكيم حكم re ذاتهـا المشكلة إنّها , ). 10 janv. 2018, n° 16-21.391, Marriott التي برزت بعد ذلك بأسبوع أمام محكمة إستئناف باريس التي ردت طعناً ينتقد حكمـاً تحكيميـاً قضى بعدم قبول الطلبات بسبب الحظر الذي يفرضه مجلس الأ من التابع لمنظمة الأمم المتّحـدة . يشدد قضاة باريس أن الطعن ضد قرار قبول الدعوى هو بذاته غير مقبول لأن المادة1520 من Paris, 16 janv. 2018, n° 16/05996, ) عليـه تـنص لـم ـةالمدني المرافعـات قانون .(République d’Irak في ما خص الرقابة على النظام العام الدولي ، نعرف المناقشة المتكـررة للرقابـة بحـدها الأدنى أو بحدها الأقصى والاتّجاه الحالي بالانتقال من الرقابة بحدها الأدنى إلى الرقابـة بحـدها الأقصى. هذا التوطيد للرقابة يجعلنا نتساءل بطريقةٍ شرعية عما إذا لـم يكـن القاضـي يبـالغ (.préc conférence, Clay. T .(لقد رأينا مع قرار Belokon أن محكمة الإستئناف سـمحت لنفسها بأن تقوم بتحقيقٍ مدني حقيقي لإبطال حكمٍ تحكيمي اعتبرته مخالفاً للنظام العام الدولي لأنّه  يعطي مفعولاً لعملية تبييض أموال. إن قرار Belokon يشكّل بالتأكيد نقطة التحول الجذري فـي ما خص نطاق رقابة القاضي، وهذا كان ضرورياً. هذا المنطق نفسه هو الذي دفع المحكمة ذاتها إلى تأجيل إصدار قرارها في دعـوى يـزعم فيها وجود فساد . ففي قرارٍ صادر بتاريخ 10 ابريل 2018 ،اعتبر القضاة، بطريقةٍ غير مسبوقة، أنّهم لا يملكون معلوماتٍ كافية وأنّهم يريدون التحقّق مما إذا كان حكم التحكيم المطلـوب منحـه الصيغة التنفيذية "يعطي مفعولاً لعقد متاجرة بالنفوذ أو رشاوى يخالف النظـام العـام الـدولي " Paris, 10 avr. 2018, n° 16/11182, Alstom Transport, D. 2018. 1934, spéc. ) المحكمة وأضافت). 1942, obs. L. d’Avout; Rev. arb. 2018. 574, note E. Gaillard أنّه يعود إليها "أن تبحث، في القانون وفي الواقع، عن كلّ العناصر التي تسمح بتقدير ما إذا كان الاعتراف بحكم التحكيم أو تنفيذه يخالف بشكلٍ واضح وفعلي وملموس المفهوم الفرنسي للنظـام العام الدولي وأنّها غير مرتبطة، في هذا البحث، لا بالتقديرات ا لتي قامت بها هيئة التحكـيم ولا بالقانون المطبق على الأساس الذي اختاره الأطراف". ما يلفت النظر هنا هو استخدام العبارة التي ترمز إلى الرقابة الصارمة في ما يتعلّق بالإختصاص، التي قد تحاول أن تبين أن المحكمة تنوي، من الآن فصاعداً، أن تمارس مستوى الرقابة نفس ه في ما يتعلّق بمخالفة النظام العام . ولكن، فـي الوقت نفسه، يبدو أن القضاة يجعلون تأكيدهم مشروطاً وذلك بذكر الطـابع"الواضـح والفعلـي والملموس" لمخالفة النظام العام الدولي .الأمر يبدو كأن المحكمة توسع نطاق رقابتها مـن جهـة ولكن تحده من جهةٍ أخرى. إلاّ أنّه يمكن، عندما يكون من شأن حكم التحكيم أن يكرس جريمة جنائيـة، إسـتخلاص أن رقابة القاضي الفرنسي تستند إلى الرقابة التي يستخدمها للتحقّق من اختصاص المحكّم . بعباراتٍ أخرى، أصبح القاضي الناظر بالطعن هو قاضي التحقيق المـدني ،وهـذا، وأنـا متأكّـد أنّكـم ستوافقونني الرأي، يكرس له بالتأكيد دوراً جديداً بعيد كلّ البعد عن الرقابة السطحية على أحكام التحكيم التي عودنا عليها حتى الآن. تؤكّد المحكمة بجـسارة أنّهـا لا تعتبـر نفـسها مرتبطـة بالتقديرات، بما في ذلك تلك المتعلّقة بالوقائع، التي قامت بها هيئة التحكيم، ولا تتردد فيتفـسير الوقائع بطريقةٍ مختلفة إن لزم الأمر. ولكن ماذا لو كانت قاعدة النظام العام التي يزعم أنّه تمت مخالفتها لا تتعلّق بجريمةٍ جنائية؟ هذا كان السؤال المطروح في قرار Group MK .في هذه الدعوى، كان الأمر يتعلّق بالحصول على ترخيص إداري للتنقيب عن منجم ذهب في "لاوس" (Laos .(هذا الترخيص، وفقاً لقـانون "لاوس" حول الإستثمارات الأجنبية، هو شرط من شروط صحة العقد . قُدم إلى المحكمة مستندين متعارضين استنتجت منهما أن الترخيص منِح فعلاً . أُبطِلَ حكم التحكيم من محكمة الإستئناف التي استنتجت، من المستندات ذات ها، أن الترخيص لم يمنَح وحددت أن الحصول عليـه هـو شـرط جوهري للسلطات في "لاوس". أضافت المحكمة أن" حكم التحكيم، الذي أثره هو منح (...) سـند محمي قانوناً في النظام العام لاستثمارٍ نُفِّذَ بفضل الحصول على ترخيصٍ إداري]الذي وفق قانون جمهورية "لاوس" يخضِع إستغلال الموارد الطبيعية على أراضيها له ] بطريقةٍ تنطوي على غشّ، يخالف بشكلٍ واضح وفعلي وملموس النظـام العـام الـدولي° ) "n, 2018. janv 16, Paris 15/21703, MK Group, D. 2018. 1635, note M. Audit, 966, spéc. 968, obs. S. Clavel, et 1934, spéc. 1941, obs. L. d’Avout; Clunet 2018. 883, note S. Bollée, et 898, note E. Gaillard; Rev. arb. 2018. 389, note S. Lemaire; Gaz. أن علمناي القرار هذا، واضحةٍ بعبارات). Pal. 20 mars 2018, p. 25, obs. D. Bensaude قاعدة النظام العام الدولي في "لاوس"، التي خولِفَت بطريقةٍ تنطوي على غشّ دون أن تُدرك هيئة التحكيم ذلك، تشكّل جزءاً من النظام العام الدولي الفرنسي ،وأن هذه المخالفة من شأنها أن تؤدي إلى إبطال حكم التحكيم. إلاّ أنّه بغية التوصل إلى هذه النتيجة، كان لا بدللقاضي الناظر بالطعن أن ينظر في أساس الدعوى. في الواقع ، لم يخفِ ذلك: "حيث أنّه إذا كانت مهمة محكمة الإستئناف، التي رفِع أمامها النزاع بموجب المادة 1520 من قانون المرافعات المدنية، تقتصر على النظر في العيوب المعددة في المادة المذكورة، فإنّه لا يوجد أي تقييد لسلطة هذه المحكمة في أن تبحث، في القانون وفـي الواقع، عن كلّ العناصر المتعلّقة بالعيوب المعنية". نجد هنا، مجدداً، الصيغة ذاتها الـواردة فـي اجتهاد Abela حول الرقابة على اختصاص المحكّمين ("كلّ عناصر القانون أو الواقـع"). هـذه الموازاة في الصيغة تدلّ على إمكان حصول توحيد لطرق الرقابة التي تنطوي على تحقيقٍأعمق من جهة القاضي. لقد تم إعلامنا. مع ذلك، بقدر ما هو ممكن فهم هذه الرقابة المعمقة لمخالفة قاعدة من قواعد النظـام العـام الدولي عندما يتعلّق الأمر بجرائم جنائية، بقدر ما يبدو التحقيق الذي يجريـه القاضـي النـاظر بالطعن قابلٌ للنقد عندما يتعلّق الأمر بالنظ ام العام الإقتصادي .لا شك أن الرقابة بحدها الأدنـى على النظام العام لا تزال قائمة ولكن يجب أن تكون معمقة أكثر، حتى في المجال الإقتـصادي ولكن يبقى هناك فرق مهم بين رقابةٍ على النظام العام، وإن معمقة، وتحقيقٍ جديد يفترض تحقيقاً مدنياً حقيقياً. إذا ك ان من الممكن الدفاع عن هذه الرقابة عندما يتعلّق الأمر بوقائع يمكنها أن تتّخذ طابع جريمةٍ جنائية (فساد، تبييض أموال، إلخ )، فذلك يزعجنا عندما يتعلّق الأمر بالنظام العـام الإقتصادي .يبين قرار Group MK على أكمل وجه التجاوزات التي أدت إلى ممارسة مثل هذه الرقابة. لذلك يجدر برأينا التمييز، في نطاق الرقابة على مخالفة النظام العام الدولي ،بين مـا إذا كان الأمر يتعلّق بقاعدةٍ من قواعد النظام العام الجنائي أو الإقتصادي . وحدها المخالفات للنظـام العام الجنائي تبرر تحقيقاً من جهة القاضي الناظر بالطعن لأنّه لا يمكنن ا أن نترك أحكاماً تحكيميةً تعطي مفعولاً لممارساتٍ معاقَب عليها جنائياً تدخل في النظام القانوني الفرنسي .ولكن هذه لم تكن الحالة في قرار Group MK الذي ذهب بعيداً جداً بالنسبة إلى المخاطرة. حذارِ من أن يـصبح القاضي الناظر بالطعن هو القاضي فحسب. 3 -التنفيذ: منذ عدة سنوات، تقتصر دعاوى تنفيذ أحكام التحكيم تقريباً على مسألة الحصانة ضد التنفيذ نظراً إلى أن تطور القانون الوضعي فوضوي وصعب مجاراته لأنّه يتّـضح جليـاً أن المـشرع والمحاكم لم ينسقوا بين بعـضهم. مـن حـسن الحـظّ أن بإمكـانهم الاعتمـاد علـى شـركة Commisimpex التي بذلت الكثير من الجهود لتوضيح المسألة إذ أنّه صدر هذه الـسنة فـي دعواها وحدها ستّة قرارات، إثنان منهما عن محكمة التمييز وأربعة عن محكمة إستئناف باريس. تم الحفاظ على الإلتباس من محكمة التمييز نفسها التي، على الرغم من أنّه رفِعـت أمامهـا مسألة دستورية تحظى بالأولوية قدمتها جمهورية"كونغو" ضد شـركة Commisimpex أمـام (Versailles, 7 sept. 2017, n° 16/00044) (Versailles) "فرسـاي "إسـتئناف محكمة بهدف أن يوضح المجلس الدستوري القانون الوضعي على ضوء الأحكام الناجمة عـن قـانون 2 Sapin وتحول الإجتهاد، رفضت إحالتها معتبرةً أن هذه المسألة تهدف في الحقيقة إلى ممارسة رقابة على توافق تفسير القضاء للنص التشريعي المذكور بالنسبة إلى العرف الـدولي ... وهـي re رقابة تعود ممارستها لها وحدها ( 1. Civ .( , 29 nov. 2017, n° 17-40.056 الموضوع هو ذاته دائماً: ما هو الش كل الذي يجب أن يتّخذه، بالنسبة إلى دولةٍ ما، التنـازل عن الحصانة ضد التنفيذ؟ أجابت محكمة إستئناف"فرساي" (Versailles (علـى هـذا الـسؤال البسيط في الدعوى ذاتها، وفقاً للقانون الوضعي آنذاك، قائلةً أن هذا التنـازل يجـب أن يكـون هـذا التمييز محكمة نقضت). Versailles, 15 nov. 2012, n° 11/09073) اًوخاص صريحاً القرار بموجب قرارٍ مدو خفّف من الشروط مكتفياً بتنازلٍ صريح، ومتخلّياً عن المعيار المتعلّـق Civ. 1 ) اًخاص التنازل يكون أن بضرورة re, 13 mai 2015, n° 13-17.751, Bull. civ. I, n° 107; D. 2015. 1108, obs. I. Gallmeister, 1936, note S. Bollée, 2031, obs. L. d’Avout, et 2588, spéc. 2600, obs. T. Clay; Rev. crit. DIP 2015. 652, note H. Muir Watt; Rapport annuel 2015, p. 227; JCP 2015. 759, note M. Laazouzi; Gaz. Pal. 2015, n° 248, p. 11, obs. C. Brenner; JCP 2015. 1004, § لـم). 8, obs. C. Nourissat; LPA 2015, n° 222, p. 20, obs. F. Jault-Seseke نستغرب إذاً عندما اتّخذت محكمة الإحالـة أقلّـه الـنهج نفـسه ( °n, 2016 juin 30, Paris 13352/15 .(لم ينجح ذلك ! فقد تم نقض القرار مرة أخرى إلاّ أنّه هذه المرة للسبب المعـاكس تماماً للسب ب السابق : يجب أن يكون التنازل صريحاً وخاصاً، أقلّه بالنسبة إلى الأموال الدبلوماسية Civ. 1 ) re, 10 janv. 2018, n° 16-22.494, D. 2018. 541, note B. Haftel, 966, spéc. 982, obs. F. Jault-Seseke, 1223, obs. A. Leborgne, et 1934, spéc. 1936, obs. L. d’Avout; Rev. crit. DIP 2018. 315, note D. Alland; RTD civ. 2018. 353, obs. L. Usunier et P. Deumier, et 474, obs. P. Théry; Rev. arb. 2018. 382, note D. Cohen; Cah. arb. 2018. 65, note B. Siino et A. Kirillov; JCP 2018. 157, § 9, obs. C. Nourissat, 294 et 295, concl. N. Ancel et note M. Laazouzi, et 2018. 687, § 5, obs. J. Morel-Maroger; D. actu. 24 janv. 2018, obs. G. Payan; LPA 2018, n° 99, p. 8, obs. G. Casu, et n° 155, p. 9, obs. C. Brière .(هذا القرار يعتمد إذاً الموقف المعاكس لموقف المحكمة ذاتها في الدعوى نفـسه ا فـي العام 2015 . كيف يمكن ذلك؟ لأن القانون تغير في هذه الأثناء ولأن المادة الجديدة ل" . 111-1-1. ) "L 1-1-111 (وما يليها من قانون المرافعات المدنية، الصادرة بقانون 2 Sapin ،تفـرض تنـازلاً صريحاً وخاصاً في الوقت نفسه. إلاّ أن هذا القانون لم يكن مطبقاً ع لـى الـدعوى الحاليـة لأن إجراءات التنفيذ كانت قد بوشرت قبل دخوله حيز التنفيذ. قلّما يهم ،تجيب محكمـة التمييـز، لأن "هدف التوافق والأمن القانوني يفرض العودة إلى الاجتهاد المعزز بالقانون الجديد " والتخلّي عـن "فقهٍ منفرد"، وهي تعني بذلك القرار الذي أصدرته ه ي بنفسها في العام 2015 والذي مـع ذلـك افتخرت به وقامت بنشره في تقريرها السنوي ... ولكي تتأكّد من أن هـذهالمزحـة المتكـررة ستتوقّف، أصدرت الغرفة المدنية الأولى قرارها دون إحالة بإسم"حسن سير العدالة "، الذي مـع ذلك كان سيئاً للغاية في هذه الدعوى التي تهدف إلى تنفيذ أحكام تحكيمية صـادرة عـن غرفـة التجارة الدولية، أحدها، نذكّر، صادر في العام... 2000 . لحسن الحظّ، وبعد أسبوعين من ذلك، صدر قرار آخر عن الغرفة ذاتها وفي الدعوى ذاتها Civ. 1 ) القـرار ةالمر هذه يعتمد re, 24 janv. 2018, n° 16-16.511, D. 2018. 1934, spéc. 1936, obs. L. d'Avout; JCP 2018. 687, § 5, obs. J. Morel-Maroger; Clunet 2018. 570, obs. J.-S. Bazille et R. Bismuth; Gaz. Pal. 24 juill. 2018, Bensaude. D. obs, 21. p .(في سياق الأمر، أصدرت محكمة إستئناف باريس فـي البدايـة أول قرار في 3 مايو 2018 تلاه ثلاثة قرارات أخرى في 6 سبتمبر 2018 .في القرار الصادر في مايو (09302/17° n, 2018 mai 3, Paris ،(ثبتت المحكمة الحجوزات التنفيذيـة التـي ألقتها Commisimpex ضد جمهورية الكونغو لدى طرف ثالـث (Services Africa EDA ( من خلال إيقاف دفع الديون الضريبية العائدة لها، مبي نةً أنّه كان هناك فعلاً تنازل صريح وخاص من جهة هذه الدولة وأن هذه الأخيرة لم تتذرع بأن هذه الأموال كانت مخصصة لمهام البعثـات الدبلوماسية. الحلّ كان قطعاً ذاته، وبالنسبة إلى الحائِز نفسه أيضاً، في أحـد القـرارات الثلاثـة اللاحقة (13150/17, 2018. sept 6, Paris .(ولكن، كما في هذه الدعوى، لا شـيء شـبيه، والقرارين الصادرين في اليوم ذاته لا يتبعان النهج ذاته . في القرار الأول، ميز القضاة، من بـين الحسابات المحجوزة لدى Générale Société ،تلـك المتعلّقـة بمهـام البعثـات الدبلوماسـية والأخرى، من خلال إعمال قرينة لصالح ا لأوائل في حال الشك .أمرت محكمـة الإسـتئناف إذاً برفع الحجز عن قسمٍ من الحسابات التي لا تخضع لتنازلٍ صريح وخاص عن الحـصانة ضـد التنفيذ، ولكن أبقت الحجوزات على الحسابات الأخرى التي "ليست، بكلّ تأكيد، مخصصة لعمـل -14 sept. www.lemonde.frParis 6 , sept. 2018, n° /71 15690, ) "ةالدبلوماسي البعثة 2018 .(القرار الثاني كان مختلفاً قليلاً لأن الدعوى كانت مرفوعة من المحجـوز لديـه ضـد Commisimpex؛ أما جمهورية الكونغو فلم تكن إلاّ طرفاً متدخّلاً إرادياً . نظراً إلى أن المحكمة رفضت أ ن يستفيد المحجوز لديه من الحصانة ضد التنفيذ التي تستفيد منها الدولة، تم تأييد طلبات رفع الحجوزات التنفيذية لدى طرف ثالث على ديون الشركات المتوجب دفعها من المحجوز لديه للمؤسسات الوطنية، هنا الضمان الإجتماعي الخـاص بـالكونغو ( °n, 2018. sept 6, Paris أن داًجي نفهم أنّنا غير). 18/02522, Gaz. Pal. 6 nov. 2018, p. 26, obs. D. Bensaude Commisimpex لن تستسلم وستستمر بحجوزاتها المنهجية ضد جمهورية الكونغو، وهـو مـا سينجم عنه أيضاً صدور قراراتٍ مثيرة للاهتمام نتمنّى أن تكون متجانسة. 

في ما يتعلّق بتنفيذ أحكام التحكيم، نذكر أخيراً – نظراً لنُدرة مثل هذه القـرارات– قـراراً صادراً عن القاضي المشرف على سير المحاكمة في محكمة إستئناف باريس الذي أوقف تنفيـذ حكم تحكيم دولي على أساس المادة 1526 من قانون المرافعات المدنية ( .oct 11., ord, Paris 2018, n° 18/03068, Sté Libyan Emirates Oil Refining Company, GAR 24 2018. oct .(هذا القرار مثير للإهتمام لأنّه لا يكتفي، كالقرارات الـسابقة، بمقارنـة الأصـول الموجودة العائدة للمدين مع الدين المتوجب له بموجب حكم التحكيم، فيستنتج أن تنفيذ حكم التحكيم قد "يلحق أضراراً جسيمة بحقوق " الطرف الصادر الحكم ضده (بحسب المعيار الوارد في المـادة 1526 (لدرجةٍ يجد فيها نفسه في حالةٍ يتوقّف فيها عن الدفع، فهو أيضاً يأخذ بالحسبان الـسياق الخارجي المنشئ للدعوى. في الواقع، يعتبر القاضي أنّه بالنسبة إلى القانون المحلي لمكان التنفيذ المحتمل، أي ليبيا، الذي يمنح الصيغة التنفيذية لأحكام التحكيم عندما تصبح نافذة في البلد الـذي صدرت فيه، هناك خطر حقيقي بأن يحصل تنفيذ فوري ،دون إمكانية الرجوع بالوضع إلى مـا كان عليه بالنظر إلى الحالة السياسية في ليبيا . يجب تأييد هذا المسعى الذي يمـزج التحلـيلات القانونية والجغرافية السياسية لِما له الفضل في ترسيخ القانون وممارسة التحكيم في الواقع. 

I .الوسائل البديلة لحلّ النزاعات: بانتظار صدور قانون البرمجة 2018-2022 وإصلاح القضاء الذي سيتم إقـراره قريبـاً والذي سيتوجب التعليق عليه في هذا"البانوراما" بسبب النصوص العديدة الواردة فيـه لـصالح الوسائل البديلة لحلّ النزاعات، لا سيما الرقمية منها، مثلاً كالإمكانية المنتَظَرة جـداً الممنوحـة للقاضي بوقف الإجراءات وبإلزام الأطراف باللجوء إلى الوساطة، من الممكن طرح موضوعين آخرين ناجمين عن قراراتٍ صادرة عن محاكم لم نَعتَد على قراءتها هنا. أولاً، نعرف جيداً أثر القوة الملزِمة لشروط التوفيق والوساطة السابقة للتحكيم التـي، منـذ قرار Valentin-Saint ،تخلق دفعاً بعدم قبول الدعوى إذا رفِعت هذه الأخيرة دون احترام هـذه الشروط... ولكن هل أن ما هو صحيح بالنسبة إلى الأصول المدنية هو أيضاً صحيح بالنسبة إلى قانون الضرائب؟ هذا هو السؤال الذي طُرِح على محكمة الإسـتئناف الإداريـة فـي "فرسـاي" (Versailles (التي كُلِّفَت الحكم بصحة أو بعدم صحة مبلـغ مخـصص للنزاعـات أُدرِج فـي البيانات المالية السنوية لشركة Airbus .في الدعوى هذه، وفقاً لشرط حلّ النزاعات المنصوص عليه في العقد، باشرت هذه الشركة إجراءات توفيق مع شركة 7 Air Flightleas ،وهي شركة تابعة لشركةٍ تابعة لـ Air Swiss ،حول نزاعٍ يتعلّق ببيع تسع طائرات طـراز 600-A340 . هذا النزاع كان له أثر ضريبي مهم لـAirbus التي خصصت مبلغاً للمخاطر قدره 125 مليون يورو. أعادت الإدارة المالية إدراج هذا المبلغ على أساس أن التوفيق لم يصبح بعد نزاعـاً وأن المخَصص الذي يحمل الإسم نفسه لم يكن إذاً مقبولاً . ردت محكمة Montreuil الإدارية علـى هذا السؤال في الحكم الذي أصدرته بتاريخ 16 يونيو 2016 . على الرغم من أنّه يبدو ثانوياً، إلاّ أن السؤال كان بالفعل مثيراً جداً للاهتمام من حيث أنّـه يدعو إلى التساؤل عما إذا التوفيق يشكّل مرحلة من مراحل النزاع أم أنّه يمهد له . فـي الحالـة الأولى، يكون المخصص قابلاً للخصم أما في الحالة الثانية، فلا يكون. أيدت محكمة الإستئناف الإدارية الحكم الصادر عن محكمةMontreuil معتبرةً أنّه يمكـن في الواقع تخصيص المبلغ للنزاع الذي قد ينشأ في المستقبل، حتى لو كنا نزال في مرحلة التوفيق أثـر إن، إذن). CAA Versailles, 13 juill. 2018, n° 16VE02688, Sté Airbus) القرار هو ربط التوفيق بالنزاع والتأكيد على أن التوفيق يشكّل فعلاً إحدى وسائل حلّ النزاعات . هذا القرار يندرج بوضوح في إطار الإتّجاه الملحوظ أكثر فأكثر نحو دمج الوسائل البديلة بغيـة حلّ النزاعات الضريبية (حول هذا الموضوع، مراجعـة alternatifs modes Les, Clay. T de règlement des conflits fiscaux, in Mélanges à la mémoire de Philippe .(Neau-Leduc, IRJS éd., 2018, p. 243 هذا ما يفسر أيضاً لِم ممارسة الوساطة تجذب إلى هذه الدرجة وأنّه لا يجـب الحـد مـن الوصول إلى الخدمات التي يقدمها الوسيط. لتجاهله ذلك، عوقـب "المجلـس الـوطني لنقابـات المحامين" بموجب قرارٍ أصدره مجلس شـورى الدولـة ( ,411373° n, 2018. oct 25 CE Fédération française des centres de médiation, AJDA 2018. 2102, obs. E. القُدوات لبعض الواضح التأثير تحت). Maupin; D. avocats 2018. 386, art. G. Deharo السيئة، عدل "المجلس الوطني لنقابات المحامين "، في العام 2016 ،المـادة 6.3.1 مـن النظـام الداخلي الوطني للمهنة بفرضه على المحامين الذين يودون أن يكونوا وسطاء أن يتـسجلوا أولاً لدى المركز الوطني للوساطة الخاص بالمحامين. ولكن، بغية أن تكون أسماؤهم مدرجـة علـى لائحة المركز المذكور، وجب عليهم لزوماً متابعة دورة تدريبية طويلة الأمد مـن200 سـاعة تطابق، كما لو بالصدفة، بعض مناهج معاهد التدريب الخاصة والمكلِفة . لم يخطئ مجلس شورى الدولة في معاقبة المجلس المذكور وذكّر أن المادة115 من المرسوم المؤرخ فـي27 نـوفمبر 1 ينص على أن كلّ محامٍ يمكنه أن يكون وسيطاً، فلا يمكن لـ "المجلس الـوطني لنقابـات المحامين" أن يحدد "شروطاً جديدة تتعرض لحرية ممارسة مهنة المحاماة "، وهو مخالفٌ بعـض الشيء لهذا الطابع.