التحكيم / انواع التحكيم الدولي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 30 / بانوراما: التحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات في فرنسا نوفمبر 2014 -ديسمبر2015
ثمة سنوات تطغى فيها قضية على غيرها من القضايا، بحيث أنها تسحقها. إنها الحال حكم تابي الصادر في 17 فبراير عام 2015، والذي دان بشدة، وبعبارات مختارة، مكيفة ومواتية الغش في التحكيم. أيد تقريباً معظم الفقه هذا الحكم، ومع ذلك لن يجري التعليق عليه هنا، لأنن لم أعتد التعليق على قضايا تدخلت فيها شخصياً، حتى ولو كان تدخلي بصفة علمية بحتة، مواطن دون أي مصلحة سوى التنديد بالممارسات التي تسيء الى التحكيم، إذ إنها غريبة كليا عنه. مـع ذلك، لا يسعني سوى الاعراب عن ارتياحي وامتناني لمحكمة استئناف باريس، التي لـم تقـاوم الحملة الاعلامية المنسقة بشكل ملحوظ فحسب، إنما وبشكل خاص استعادت حقوقها وأكدت على الحق. إن القرار المؤرخ في 3 ديسمبر حول أساس النزاع يدل أيضاً، استعادياً، كم كان الحكـم التحكيمي الصادر في 7 يوليو 2008، متحيزا إذ أنه من الثابت الآن عدم تضرر برنار تابي من الكريدي ليونيه، وأن اعتبار العكس، حتى ولو جرى تكراره مرات عديدة ونقل مجاملة، لا يكفي لاعتباره حقيقة. مع مراعاة حصول عدة طعون بالتمييز، والتي هي بعيدة الاحتمال، تكون لغايات بلسمة أكثر منها قانونية، أعيد الصفاء لمكانة باريس من هذه القضية التي ستمتها طـوال سـبع سنوات. تخرج باريس بالتأكيد كبيرة كونها وجدت في صميمها وسائل الدفاع عن نفسها. كمـا يجب الامتنان لمحكمة استئناف باريس التي لم تنحرف عن مسار الحق مرتين.
إحدى نتائج قضية تابي هي أن الغرفة المختصة في محكمة استئناف باريس أوقفت تقريبـاً أي نشاط آخر خلال الأشهر الاربعة الاخيرة من عام 2015. ولكن، في ما خص العام المنصرم، لا تستحق البانوراما أن تختصر، وبشكل خاص، لأننا نجد على الرغم من ذلك بعض القرارات المهمة التي تتناول مسائل كاعتراض الغير، حصانة الدول، الترابط مع قانون الاتحـاد، وضـع المحكم، صفاته، استقلاليته، مسؤوليته المدنية، وحتى الدعوى التي يقيمها من أجل تحصيل أتعابه، دون التكلم على الجدل المتكرر حاليا المتعلق بالاختصاص القضائي للأحكام التحكيميـة الدوليـة التي تتناول القانون الاداري. على صورة قانون التحكيم، عرف قانون الوسائل البديلـة لـحـل النزاعات (MARC) هو الآخر، تطورات هامة هذه السنة سنذكرها في نهاية البانورامـا، كمـا جرت العادة.
I- التحكيم:
أ) التعديلات البسيطة:
إذا اعتبرنا أن عام 2015 لم يخذلنا، فإن عام 2016 يبدو واعداً بالفعل كتطور كبيـره تعديل الأحكام الأصلية للقانون المدني "المقدس". بالفعل، إن مشروع القانون حول العدالـة فـي القرن الحادي والعشرين (أعيدت تسميته حتى الآن "مشروع قانون متعلق بالدعوى المقامة مـن مجموعة والمتعلق بالتنظيم القضائي") يتضمن عنواناً كاملاً مخصصاً لـ"تعزيز وتأييد الوسـائل البديلة لحل النزاعات". من المؤكد أن الأمر يتعلق بمسألة التوفيق، الوساطة في المـواد المدنيـة والتجارية مع تطبيق التوجيه رقم 52/2008/CE تاريخ 21 مايو 2008 على بعـض جوانـب الوساطة في المواد المدنية والتجارية، كذلك فإن الأمر يتعلق باللجوء الاجباري الـى التـسـوية الودية وباتفاق قيام الطرفين على المشاركة معاً في ايجـاد حـل ودي للنـزاع القـائم بينهمـا (la convention de procédure participative)، كذلك الأمر، جرى أيضاً اقتراح تعديلات هامة بالنسبة للمصالحة (transaction) والتحكيم، وهذه التعديلات في حال مرت نـسبيا مـرور الكرام بسبب كثافة النص، فإن ذلك لا يخدم سوى الذين رغبوا دائما فـي ذلـك ( T. Clay, La simplification de la transaction et de l'arbitrage dans le code civil, JCP (2014.492
في ما خص التحكيم، اقترح توضيحين في المادة 7 من مشروع القانون المصدق عليه فـي مجلس الشيوخ في 5 نوفمبر 2015: أولا، سوف يصبح أخيراً العنوان الذي يعلو المـواد 2059 الى 2061 "اتفاق التحكيم" وليس "مشارطة التحكيم". مما يسمح بتراصف مزدوج، الأول يتعلـق بالحاويات ومحتوياتها، التي تتناول إحدى أحكامها، مقارنة بالثلاث الأخرى، الـشرط التحكيمـي وليس المشارطة، وهذا ما هو خارج الموضوع؛ ثم إن التراصف مع قانون المرافعـات المدنيـة الذي استبدل التعديل الذي طاله عام 2011 صيغة الجمع ("اتفاقات التحكـيم") بـصيغة المفـرد ("اتفاق التحكيم") في العنوان المعني، وأعاد بشكل خاص صياغة البند الأول مـن المـادة 1442 ("قد يأخذ اتفاق التحكيم شكل شرط تحكيمي أو شكل مشارطة تحكيم") بحيث يفهم جيداً أن اتفـاق التحكيم هو الجنس الذي يشمل نوعين متكافئين هما: الشرط التحكيمي والمشارطة.
من دون أن يكون ثورياً، سوف ينجز التعديل البسيط المتوخى استقلالية الشرط التحكيم بالنسبة لمشارطة التحكيم، وهو الذي اعتبر لفترة طويلة، كأنه بمثابة العمل التحضيري. بدأت هذه الاستقلالية عام 1972، مع قرار محكمة التمييز، الذي غالبا ما يـتم نـسيانه ( .Com.13 nov n°71-10.942, Trans United, Bull.civ. IV, n°284 ,1972)، والذي تبعه تعديل قـانون المرافعات المدنية عام 2011، وسيتم وضع اللمسات الأخيرة عليه، مع التعديل المتوقع للعنـوان XVI من الكتاب III في القانون المدني.
هذه المرة التعديل الثاني المتصل بالتحكيم يتعلق بالنص الأصلي، من عام 1804، وسـوف يسمح بتوضيح الغموض الذي يطال المصطلحات، والذي نقد به مراراً وتكراراً. نحن نعلـم أن المادة 1592 من القانون المدني تنص على أن الثمن الوارد في عقد البيع يمكن أن يعهد به الـى "تحكيم" شخص ثالث. هنا، لا يتعلق الأمر بالتحكيم حسب المعنى القضائي، إنما حـسب المعنـى التعاقدي، أي كوسيلة لإتمام العقد، وهو أمر مختلف تماماً. هذا الاستعمال لمصطلح "التحكيم" ولد هنا مقاربة بالنسبة لمفهوم التحكيم بحد ذاته، كما أنه حتى ولو حلت هذه المقاربة، فهـي تحـتفظ بركيزة في النص. لذلك كان من الضروري وضع حد لها باستبدال كلمة "تحكيم" بـأخرى. وقـد اختيرت كلمة "تقييم" ("appreciation) في النسخة الاولى من مشروع القانون المعلـق عليـه إنما، وخلال المناقشات التي دارت في مجلس الشيوخ، وبتحفيز من المقرر الـذي قـدم تعـديلاً لتوضيح الأمور في 26 أكتوبر 2015، فضل استخدام كلمة "تقدير" ("estimation‘‘). لا يهم في النهاية، طالما أن كلمة "تحكيم" لم تعد مستخدمة، لأنها تلوث المفهوم.
إذا لم يكن باستطاعتنا سوى الموافقة على هذه التعديلات الأولية، يبدو أنه لا يزال ممكناً أن نذهب أبعد من ذلك في التعديلات. أربعة تعديلات ستكون موضع ترحيب خـاص: فـ 1644 المتعلقة بثمن الشيء الذي تمت استعادته في عقد البيع، يجب أن "يحدد" (fixe) هذا الثمن بدلاً أن "يقدر" (arbitré) من قبل خبراء، كما ورد في النص، لنفس الأسباب التي أدت الـى إعادة صياغة المادة 1592. كذلك الأمر، في المادة 2412، المتعلقة بالرهون العقارية القضائية، سوف يكون من المناسب استبدال مصطلح "القرارات التحكيمية" (décisions arbitrales) غير الواضح، بـ"الأحكام التحكيمية" التي تشكل المصطلح المناسب. في المادة 2059، حـان الوقـت لاستبدال تعريف مجال الخلافات التي يمكن تسويتها عن طريق التحكيم، والذي يشير الى "الحقوق التي يمكن للأطراف التصرف بها"، وهو تعريف غير مفهوم ولـم يعـد مطبقـا منـذ زمـن بـ"الحقوق المالية" التي تحيل إلى فئة قانونية معروفة جيداً. أخيـراً، ثمـة حاجـة ملـحـة الـى تصحيح المادة 2061 المتعلقة بالشرط التحكيمي الوارد في العقود المبرمة "بواقع نـشاط مهنـي" ("a raison d'une activité professionnelle") واستبدالها بالعقود المبرمـة بـسبب نـشاط مهني" ("en raison d'une activité professionnelle“)، الأمر الذي ستكون له ميزة إزالة الخطأ في تركيب الجملة الذي أُدخل عام 2001، لأن عبارة "بواقع" "a raison de“ لا تستخدم في هذه الحالة. زد على ذلك أنه سيكون من الأفضل إزالة أي غموض من تلك العبارة التي تقول عكس ما وجدت من أجله لأن المقصود في الواقع هما نشاطان مهنيان "اثنان". لذلك ينبغي تبسيط الأمور والاشارة الى "العقود المبرمة بين مهنيين".
بما أنه يخضع للإجراءات المستعجلة (la procédure accélérée)، لن يكـون مـشروع القانون عرضة سوى لقراءة وحيدة ونهائية من الجمعية الوطنية في الفصل الأول من عام 2016. إنها فرصة منتظرة لتحقيق تعديلات أكثر شمولاً وجعلها نسخة خالية من أي عيب. إذا يجب بذل المزيد من الجهود وسيكون المشروع مثاليا.
ب- اتفاق التحكيم:
في ما خص اتفاق التحكيم، سمحت الفترة التي تشملها هذه البانوراما بالتذكير ببعض القواعد المتعلقة بصحة اتفاق التحكيم وبطرح قواعد جديدة بالنسبة للاحتجاج به.
1- صحة اتفاق التحكيم:
إن مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم هو مركزي لدرجة أنه ينتهي الأمر بالخلط بينه وبين صحة اتفاق التحكيم. هل إن اتفاق التحكيم هو مستقل، لأنه صحيح، أو أنه صحيح لأنه مـستقل؟ لـشدة توسيع نطاق اختصاصه ووجوده الذي يفرض نفسه، أصبح مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم ليس فقط السمة الرئيسية لهذا الاتفاق، التي لا مثيل لها، ولكن أيضاً مركز نظامه القانوني. والأفضل مـن كل ذلك، أن مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم ينتشر أكثر فأكثر، وبإمكانه أن يصل حتى الى القـانون المدني في حال اعتماد مشروع القرار الحالي بتعديل قانون العقود والموجبات في وضعه الحالي (على أبعد تقدير في 16 فبراير المقبل) لأنه ينص، في مادته المتوقعة لاحقـاً 1230، علـى أن الغاء العقد لا يؤثر في البنود المتعلقة بحل النزاعات، مما يعني في المقام الأول الشرط التحكيمي. لا يتطرق الى مسألة الإبطال، ولا الى الظروف الأخرى التي قد تطرأ على العقد، إلا أننـا لـن نتمكن من استنتاج أي شيء من هذا السكوت بما أن قانون المرافعات المدنية ينص فـي مادتـه 1447، على كل عيوب العقد للتأكيد على بقاء الشرط التحكيمي.
الصيغة الشعائرية، التي ذكرت بها هذا العام أيضاً محكمة استئناف باريس تظهـر جيـداً، "بموجب قاعدة موضوعية من قانون التحكيم الدولي، يكون الشرط التحكيمي مستقلاً قانونياً عـن العقد الرئيسي الذي يحويه. يقدر وجوده وفعاليته، مع مراعاة القواعد الآمرة في القانون الفرنسي والنظام العام الدولي، من خلال الارادة المشتركة للأطراف دون أن يكون ضرورياً الرجوع الى قـانون الدولـة" ( 2015 .Paris, 10 mars 2015, n°13/20664, Fiquet ; 14 avr n°14/07043, République_hellénique)، أن الصحة والاستقلالية يتداخلان. بالنسبة لهذين القرارين، كما بالنسبة لغيرهما من القرارات السابقة، أشير بشكل واضح الى أن القانون الـوطني ليس له أي أثر على صحة اتفاق التحكيم الدولي. في القضية الثانية، كان الأمر يتعلق باستبعاد قاعدة من القانون الاداري اليوناني التي، وكما بالنسبة للقانون المدني الفرنسي في القضية الاولى، أدت الى عرقلة وتعطيل مبدأ صحة الاتفاق. والأفضل من ذلك، هي هنا المادة 2061 من القانون المدني التي يتم استبعادها على وجه التحديد متى كان التحكيم دوليا، وهو أمر ليس بالجديد، وإن كان نادراً التعبير عنه صراحة نظراً لأن هذا الحل الجيد هو مخالف للقانون. زد على ذلك، أنـه بالاستناد إلى ذات هذه القاعدة الموضوعية، اعتبرت محكمة التمييز، قبل بضعة أشهر، أن الشركة تستفيد من اتفاق التحكيم دون الحاجة الى التحقق من وجود وكالة خاصة تسمح بـاللجوء الـى التحكـيم ( .Civ. 1re, 28 janv. 2015, Pal Gaz. Industry, Leather n°13-24.626, juin 2015, p.16, obs. D. Bensaude 19-20). نـسـب الـي شـركة، كانـت تنـصرف كموجه وزعيم ائتلاف شركات، أنها لجأت الى التحكيم دون وكالة من الشركات الأخرى، وأنهـا الزمتها. وبنقلنا لاجتهاد Soerni المتعلق بصلاحيات المدراء التنفيذيين لإبـرام اتفـاق تحكـيم ، Civ. 1re, 8 juill. 2009, n°08-16.025, Bull. Civ. I, n°165; D. 2009.1957, obs. ) X. Delpech, 2384, obs. L. d'Avout, et 2959, obs. T. Clay; Rev. crit. DIP 2009. 779, note F. Jault-Seseke; Rev. arb. 2009. 259, note D. Cohen; JCP
2009. I. 462, 5, obs. J.Ortscheidt; LPA 2010, n°202, p.17, obs. P.Boivin; Cah. Arb. 2010. 97, note F.-X. Train; IL diritto maritimo 2011. 275, note A.Job et J. -G. Betto)، ردت المحكمة السبب مشيرة الى "القاعدة الموضوعية المستخلصة من مبدأ صحة اتفاق التحكيم"، وردا على سبب ثان، مردود هو الآخر، أضافت المحكمة أن نقـل رأس المال من شركة الى أخرى يؤدي الى النقل التلقائي لاتفاق التحكيم، وهو نوع من العمليات القانونية المؤلفة من ثلاثة أشخاص نادراً ما ذكر في الاجتهاد انتقال اتفاق التحكيم فيها، بـالرغم من أنه أمر مشكوك فيه الى حد ما.
في ما خص صحة اتفاق التحكيم، ردت محكمة التمييز الطعن المقدم ضد القرار الصادر عن محكمة استئناف باريس ( ;1er juill. 2014, n°13/09208, D. 2014. 2541, obs. T.Clay Rev. arb. 2015. 134, note R. Dupeyré; JCP 2014. 1018, note N. Mathey) الذي اعتبر أن النزاعات المتعلقة بفسخ العلاقات التجارية القائمة هي قابلة للجوء الى التحكيم بـشأنها وأعلنت محكمة التمييز بوضوح أن "الدعوى المرفوعة بهدف التعويض عن ضرر يزعم من فسخ العلاقات التجارية ليست من الدعاوى التي يحصر النظر فيها بمحاكم الدولـة"، خاصـة وأن الشرط التحكيمي كان بعنوان واسع بما فيه الكفاية ليدل على أن الاطراف لم تكن ترغب التوقف عند التصنيف التعاقدي أو الجرمي للـدعوى المرفوعـة" ( 2015 .Civ.1re, 21 oct أنه ناتج .(n°14-25.080, Scarmark, D. 2015. 2180; JCP 2015. 1228, note L. Weiller وبصياغة على هذا الشكل، تدل الحيثية الحاسمة على أنه بالرغم من أنه حتى ولو نصت بعـض الأحكام على اختصاصات حصرية (والحالة هذه في المادة 6-442.D من القانون التجاري في ما خص فسخ العلاقات التجارية القائمة)، فإنها لا تفرض على المحكم. إن الأمر يتعلـق، إذا صـح القول، بطريقة تنظيم تخص العدالة القضائية ولا تتعلق بالعدالة التحكيمية، حتـى فـي المـسائل الداخلية. هذا النوع من التحليل يمكن منطقيا نقله الى جميع الاختصاصات التي ليست حـصرية سوى بالاسم، محكمة البداية الكبرى في المسائل المتعلقة ببراءات الاختـراع، مجلـس التحكـيم لشؤون العمال، الخ.
2- الاحتجاج باتفاق التحكيم:
إن قوة اتفاق التحكيم تكمن في إنتاجه مفاعيل تتخطى حدوده الطبيعية. نحن نعلم أنـه وفقـاً لاجتهاد مستقر، يمتد اتفاق التحكيم بسهولة الى الذين، وإن لم يكونوا من الاطراف الموقعين عليه، إلا أنهم مشاركون في إنشائه أو في تنفيذه. ولكن أين هي إذا حدود الاحتجاج باتفاق التحكيم، وما ينتج منه أي الحكم التحكيمي؟ يمكن المقارنة بين قضيتين حديثتين اعتبرت إحداهما أن الاحتجاج جائز، في حين اعتبرت الأخرى العكس.
في الحالة الأولى، كان الموضوع يتعلق بمصف لجأ الى محاكم الدولة للحصول على تسديد مبالغ تنفيذاً لعقود تتضمن شروطاً تحكيمية. اعتبرت المحكمة التجارية نفـسـهـا غيـر مختـصة، وأيدت محكمة التمييز قرارها الذي جاء فيه أن "المصفي قد مارس خيار ملاحقة تنفيـذ العقـود بجميع الحقوق والموجبات المرتبطة بها، مما يعني ضمناً مراعاة الشرط التحكيمي الوارد فيهـا".
Civ. 1re, ler avr. 2015, n°14-14.552, a paraitre au Bull.; D. 2015. 800; ) RTD civ.2015. 614, obs. H. Barbier; Dalloz actualité, 21 avr.2015, obs. X. Delpech; JCP 2015. 691, note L.Weiller; Cah. Arb. 2015. 303, note. S. Achille; LEDEN mai 2015. 1, obs. F.-X. Lucas; Procédures 2015. 195, note L. Weiller ; JCP E 2015. 1273, obs. C. Lebet). لا يفاجيء هذا الحل، لأنه يستند هنـا أثر الشرط التحكيمي. حيث أن المصفي يسعى الى تنفيذ العقد الذي يحتوي على الشرط التحكيمي، لهذا السبب لا يجوز استبعاد الشرط على غرار كل الحقوق والموجبات المرتبطة بالعقد أيضاً إلى contra cep., Com. 17 nov. 2015, n°14-16.012, CPF, à paraitre au Bull. ; D. ) obs. A. Lienhard ,2439 .2015). بيد أنه، يسمح لنا، مع غيرنا (.F.-X. Lucas, préc)، أن نرضى جزئياً بهذا القرار المعلق عليه، إذ إن فعالية شرط التحكيم لا تتوقـف عـلـى سـعى المصفي أو عدم سعيه لتنفيذ العقد. إنه مستقل عن الدور الذي ينوي هذا الأخير إعطـاؤه للعقـد. وجب تطبيق الشرط التحكيمي على جميع النزاعات المحتمل أن تنشأ عن هـذا العقـد، دون أن يكون لطريقة تنفيذه أي أثر. نرى أن الحل المخالف سيكون مفاجئاً، لأنه يحرم من المفعـول أو يجعل الشروط التحكيمية التي أبرمتها شركة تحت التصفية، شروطاً احتمالية أي في الوقت الذي تصبح فيه هذه الشروط الأكثر فائدة.
في الحالة الثانية، كان الموضوع يتعلق بكفيل زعم أنه لا يجوز الاحتجاج بالحكم التحكيم بوجهه، كما تقدم باعتراض خارج عن الخصومة. بقدر ما كان السؤال المطروح بـسيطاً، كـان للجواب الذي أعطته محكمة التمييز مكانة كبيرة في الاعلان تحديداً في أعمدة Bulletin وحتـى في Rapport annuel، مما يجعلنا نميل إلى الاعتقاد أنه يـشكل مـن الآن فصاعداً القـانون الوضعي الجديد في ما خص هذا الموضوع ( Com. 5 mai 2015, n°14-16.644, Pierre & Vacances, à paraître au Bull. ; Rapp. C. cass. 2015, à paraître; D. 2015. obs. 1046, et 1810, obs. P. Crocq; JCP 2015. 584, obs. J.-B. Perrier, 877, 6, J. Ortscheidt, 1222, 5, obs. P. Simler, et 1304, 3, obs. R. Libchaber; JCP E 2015.1362, note J. Jourdan-Marquès; Procédures 2015. 264, note L. Weiller; Gaz. Pal. 2015, n°162, p.4, note M. Mignot; RD banc. fin. 2015. 122, obs. D. Legeais; Banque et Droit mai-juin 2015. 87, obs. N.Rontchevsky; LEDB juill. 2015. 1, obs. M. Mignot). فـي الحالـة الحاضـرة بطريقة تقليدية جداً، تمت عملية بيع أسهم مقرونة بضمان المسؤولية عن الديون، الذي يحتـوي على شرط تحكيمي. قام الدائن بتفعيل الشرط وحكمت هيئة التحكيم على المدين. حينئذ قام الدائن بمقاضاة الكفيل المتضامن. انتفض هذا الأخير وتقدم باعتراض خارج عن الخصومة ضد الحكـم التحكيمي. اعتبرت محكمة استئناف باريس أن هذا الاعتراض غير مقبول للسبب الكلاسيكي بأن الكفيل كان ممثلا في الاجراءات التحكيمية من قبل المدين، بفضل أثر التمثيـل المتبــادل بـين المدينين. بالتالي، فالكفيل ليس بشخص ثالث. إن هذا الحل، الواضح تماماً والمستقيم بشكل مثالي مع مجال قانون التأمينات، هو كاف ليشكل صدمة لمبدأ المحاكمة العادلة. كيف يمكن تبرير عدم تمكن الكفيل نهائياً من التأكيد على حقوقه، إلا في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها في قواعد التمثيل المتبادل نفسها؟ أثار إذا مسألة أولية دستورية، لكن الغرفة التجارية رفضت نقلهـا إلـى المجلس الدستوري ( .Com. 27 nov. 2014, n°14-16.644, Pierre & Vacances, Rev arb. 2015. 97, note M. Mignot). يطرح هذا الوضع إشكالاً لأنه، وكمـا سـبق وذكـره البروفسور Libchaber، وعلى عكس ما هو الحال عليه في الإجراءات القضائية أمـام مـحـاكم الدولة، لا يسمح بالكفيل في الإجراءات التحكيمية، لأنه شخص ثالث فيها. إلا أن حق اللجوء الى القاضي يفرض أن يتاح أمام الشخص الذي يحتج بوجهه بحكم محكمة إمكانية التعبير عن نفـسه. لا يمكن للشخص الواحد أن يكون في الوقت نفسه شخصاً ثالثاً في الدعوى وطرفاً فـي أيضاً، شكل مفاجأة للجميع، مع الأخذ بعين الاعتبار رفض الغرفة التجارية نقل المسألة الأوليـة الدستورية ((question prioritaire de constitutionnalité (QPC)، قيام ذات هذه الغرفـة بنقض حكم محكمة الاستئناف، مستندة الى "الحق في اللجوء الفعلي الى القاضي"، والـى المـادة 6-1 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان مقرونة بالمادة السابقة 1481 المتعلقة بـالاعتراض الخارج عن الخصومة في المواد الداخلية. دون قابليته للجدل، يجب أن يمتد هذا الحل مـن الآن فصاعداً إلى المواد الدولية، حيث، وبشكل غريب، لا يزال الاعتراض الخارج عن الخصومة غير مقبول (نقرأ بهذا المعنى، Le contrôle étatique de la sentence ،J.Jourdan-Marques .arbitrale internationale, th. 2014, a paraître, spéc. n° 223 s., et 245 s). بالفعل، سواء كان الأمر يتعلق بالتحكيم الداخلي أو الدولي، يظل الطرف الثالث من الغير.
ت- هيئة التحكيم:
1- مبدأ الاختصاص بالاختصاص:
إن تحديد اختصاص هيئة التحكيم عملية قد تكون صعبة، لأنه، حتى ولو كان الأمر يتعلـق باختيار أو عدم اختيار التحكيم، إلا أننا ندور في حلقة غامضة. إنه من أجـل تفـادي أن تكـون هنالك تفسيرات متباينة متوازية، يطبق مبدأ الاختصاص بالاختصاص الذي يسمح لهيئة التحكـيم أن تكون القاضي الأول بالنسبة لاختصاصها دون أي منافسة ممكنة عندما تنظر في اختصاصها. ولكن ذلك لا يمنع حصول تفسيرات متباينة متعاقبة. هذا ما حصل في القرار المعلق عليه، والذي دفع بصورة التباين الى أقصى حد ( ,Civ. 1re, 18 mars n°14-13.336, Marriott 2015, à paraître au Bull.; JCP 2015. 877, 7, obs. C. Seraglini; Procédures 2015. 194, note L. Weiller; LPA 2015, n°222, p.17, obs. A. Canonica; Cah. arb. 2015. 343, note I. Fadlallah; RDC 2015. 555, obs. X. Boucobza et Y.-M. Serinet). تلك هي، في الواقع، قضية ظل يتغير فيها اختصاص هيئة التحكيم. بشكل نادر نسبياً، أعلنت هيئة التحكيم بداية نفسها غير مختصة. أبطلت محكمة الاستئناف هـذا الحكـم التحكي وأعادت الاختصاص الى هيئة التحكيم ( .Paris, 17 déc. 2013, n°12/07231; Cah. arb 2014. 579, note A. Mourre et P. Pedone; Rev. arb. 2014. 942, note D.Cohen). نقضت محكمة التمييز هذا القرار، وبالتالي عادت هيئـة التحكـيم لتكـون غيـر مختصة... نحن في انتظار قرار المحكمة التي أحيل اليها أمر بت القضية. إن موضوع النقـاش كان معرفة إن كانت دراسة الوكالة المقدمة لبدء التحكيم تتعلق بمسألة اختصاص أو مقبولية. في الحالة الأولى، نحن ندرك أن القاضي الذي يمارس رقابة يسمح لنفـسه بتقيـيـم كـل "العناصـر القانونية والواقعية التي تسمح بتقدير وجود ونطاق اتفاق التحكيم"، في حين أن الأمر يدخل فـي الحالة الثانية ضمن سلطة المحكم السيادية التي يفرض على القاضي أن يبتعد عنها تحت طائلـة التعرض للأساس. وبإعادتها التصنيف الصحيح لمسألة الوكالة التي لا تشمل اختصاص المحكـم القائم على اتفاق تحكيم مسلم به هنا، تكون محكمة التمييز قد أحسنت العمل. إلا أن هذا القـرار يدل مرة أخرى أنه غالباً ما يصعب التمييز بين الاختصاص والأساس، وأن اجتهاد Abela، الذي قام بهذا الفصل بينهما، هو بالتالي اجتهاد هجين. ربما حان الوقت للعودة إلى هذه الرقابة المعمقة لاختصاص أو لعدم اختصاص المحكم وترتيب رقابة قاضـي الإبطـال بالنسبة للاختصاص وللأساس، بحيث تصبح على خط واحد مع الرقابة التي تحترم استقلالية التحكيم. خصوصاً أن القاضي الحقيقي للتحكيم هو شخص مختلف: القاضي المساند.
2- اختصاص القاضي المساند:
لم نعد نعرف القاضي المساند، خاصة بعد أن أدرج عام 2011 في المواد، بأنه ذو اعتبار في قانون المرافعات المدنية. نحن نعلم أنه على مر السنين، ظل القاضي المساند يرى أن هنالـك ف تعزيزاً لاختصاصه، وذلك في أربعة اتجاهات مترافقة: أولا، من خلال توسيع صـلاحياته الزمن، مع الاجتهاد الشهير في قضية La Belle Creole الذي اعتبر أن القاضي المساند يمكنه التدخل حتى بعد "تشكيل"، بالمعنى الدقيق للكلمة، محكمة التحكيم؛ ثأنيـا، مـن خـلال توسـيع اختصاصاته لتطال ما هو أبعد مما نص عليه في القانون، وذلك في قـرار Civ. 1re, ) Nioc ler févr. 2005, n°01-13.742, Bull. Civ. I, n°165; D. 2005. 2727, note S. Hotte, et 3050, obs. T. Clay; Rev. crit. DIP 2006. 140, note T. Clay; RTD com. 2005. 266, obs. E. Loquin; Rev. arb. 2005. 693, note H. Muir Watt; JCP 2005. I. 134, 4, obs. J. Béguin, et II. 10101, note G. Kessler; JCP E 2005. II. 447, note G. Kessler ; Gaz. Pal. 27-28 mai 2005, p.37, note F.-X. Train, et 27-28 avr. 2005, p.3, obs. S. Lazareff; SIAR 2005, vol.2, p.217, note G. Tattevin, p. 221, et p. 230, obs. F.-X. Train; Spain Arbitration p.90, note T. Clay)؛ ثالثا، من خلال توسيع الحالات التي يسند فيها Review 2008, n°3, إليه تحديد مركز التحكيم المختار من الأطراف، وذلك مـع قـرار Civ. 1re, 20 ) UOP NV févr. 2007, n°06-14.107, Bull. Civ. I, n°53; D. 2007. 734, obs. X. Delpech; RTD civ. 2008. 151, obs. P. Théry; Rev. arb. 2007. 775, note F.-X. Train; JCP 2007. 1. 168, 15, obs. J. Béguin, IV. 1627, et 110 ; Bull. CIA de la CCI, vol. 19, n°2, p. 13, obs. B. Audit; RJDA 2007, n°5, obs. A.-F. Pascal)؛ أخيراً، رابعاً، من خلال توسيع الحالات التي يمكن فيها اللجوء اليه، والتي يمكن حتى أن تكون من الآن 2007, n° 06-12.946, Médard, D فصاعدا وقائيـة ( ,180 .2008 .Civ. 1re, 23 janv. obs. T. Clay; Rev. arb. 2007. 284, obs. E. Teynier). إن السؤال الـذي يمكـن أن نطرحه على أنفسنا هو إذا معرفة إن كان القاضي المساند قد ذهب أبعد ما يمكن في مـا خـص اختصاصه. يحضنا قرار حديث جدا صادر عن محكمة بداية باريس الكبرى لـيس فقـط علـى الايجاب بالنفي، ولكن أكثر من ذلك، على استخلاص أن هنالك مجالاً جديداً من الاختصاصات، تكاد تكون غير محدودة، تفتح أمامـه ( ,15/55644°TGI Paris, ord., 16 nov. 2015, n Garoubé). في ما يلي، في الواقع، تحكيم معيوب معلوم من قبل عدد كبير من الناشطين فـي باريس كونهم شاركوا فيه من قريب أو من بعيد، ومن بينهم، ذات مرة، كاتب هـذه البانورامـا. أثارت هذه القضية العديد من الاعتراضات، من جميع الأنـواع، وأدت الـى تبـديل متواصـل لمحكمين، إذ إن ثمانية محكمين تعاقبوا، والى عدة قرارات، من بينها قرار لمحكمـة الاستئناف أبطل الحكم التحكيمي الجزئي لوجود صلات بين محكم ومستشار ( ,2012 .Paris, 21 févr n°10/06953, Etat du Cameroun, D. 2012. 2991, obs. T.Clay; Rev. arb. 2012. 587, note C. Jarrosson; Gaz. Pal. 6-8 mai 2012, p. 14, obs. D. Bensaude; V. aussi, RTD com. 2013. 471, obs. E. Loquin) وقرار صادر عن محكمة التمييز ردت فيه الطعن بالتمييز (16.944-12°Civ. 1re, 13 mars 2013, n). هذه المرة، كان النزاع قائماً بین طرف ومركز للتحكيم نسب اليه سوء إدارة التحكيم. قام الفريق غير الراضي بتقديم مجمو بليغة من عشر طلبات رئيسية وستة طلبات استطرادية أمام القاضي المساند، يعتبر فيها أن مركز التحكيم سمح بالسير بالإجراءات التحكيمية بطريقة غير عادلة، متجاهلاً مبادئ المحاكمة العادلـة وسامحاً بالتسبب بحالة إنكار للعدالة في إجراء بدأ منذ أكثر من سبع سنوات دون أن يصدر فيـه أي حكم تحكيمي صحيح.
باختصار، الطاعن طلب من مركز التحكيم تبرير موقفه بالاستناد إلى عقد الوكالة المشترك الذي يجمعهما. دون أن يكون ممكنا هنا تفصيل مجمل هذا القرار الطويل المؤلف من سبع عشرة صفحة، يتمحور السؤال الأكثر أهمية على اختصاص القاضي المساند. في الواقع، ربـط قـانون المرافعات المدنية هذا الاختصاص بغياب مركز للتحكيم – وهذا لا يطبق هنا. إذا كيف سـتكون ردة فعل القاضي المساند؟ ميز هذا الأخير بين الانتقادات الموجهة ضد المحكمة التحكيمية وتلـك الموجهة ضد مركز التحكيم. في ما خص طلبات تعديل القرارات الصادرة عن محكمة التحك المقدمة أمامه، أجاب بحزم القاضي الباريسي أن عدم اختصاصه هو "مطلق"، لدرجة أنه يتعلـق "بغياب واضح وصريح للسلطة"، لأنه "لا يعود للقاضي المساند التدخل فـي النـشاط الاجرائـي والقضائي لمحكمة التحكيم، إذ إنه ليس المراقب ولا قاضي الاستئناف".
إنه لشيء مختلف تماماً، النهج المتبع في شأن نشاط مركز التحكيم الذي في ما هو متعلـق به، وضد كل التوقعات، القاضي المساند نفسه لم ير انه غير مختص بصورة مطلقة. فبعد أن ذكر بأن النزاع المتعلق بتنفيذ عقد الوكالة المشتركة من قبل مركز التحكيم يعـود النظـر فيـه الـى القاضي العادي، اعتبر القاضي المساند نفسه مختصاً ما ان نتج من السلوك المشكو منه، حرمان الطرف "بمعرفة وعن قصد من حقه في اللجوء الى قاض عن طريق الدوس في الوقـت عينـه لصالح الطرف الآخر، على مبدأ الحياد واحترام تكافؤ وسائل الدفاع. في هذه الحالة، "كان تدخل القاضي المساند مبرراً". إن الرسالة واضحة، كما أنها مرتبطة بقرار Nioc (السابق ذكره) عندما تمت الموافقة على قيام القاضي الباريسي المساند بإعلان اختصاصه من أجل تفادي حصول إنكار للعدالة. بعبارات أخرى، لن يسمح القاضي الفرنسي المساند بأن يرتكب علـى أرضـه انتهــاك للمحاكمة العادلة. وعليه، إن هذا البيان مغر بما يشمل من إمكانية مجابهة العادات السيئة وتدعيم فرنسا كأرض العدالة التحكيمية. ولكن بما أن نطاق الحق في المحاكمة العادلة واسع جداً، هنالك خطر من أن قيام القاضي المساند بإعلان اختصاصه على كل المسائل أو معظمها، حتـى مـع وجود مركز للتحكيم، أي حتى ولو كانت الارادة التي أعرب عنها الأطراف بوضوح تتجه نحـو استبعاد القاضي المساند.
متى ما اعتبر مختصاً، قام القاضي المساند في القضية الحاضرة بدراسـة أوجـه الطعـن المقدمة ضد مركز التحكيم دون أن يبدي أي مرونة تجاه الطاعن الذي اعتبر القرار "أنه يتحمـل مسؤولية كبرى" في ارتفاع تكلفة الاجراءات والاشكاليات المثارة. ولكن، بمـا أن هـذا الاخيـر يعرف عنه بوصفه معسراً، حتى ولو كان ذلك متنازع عليه، إلا أنه لم يعد بإمكانه دفـع الـسلفة الاضافية من الرسوم التي طالبه بها المركز، مما أدى إلى سحب دراسة طلباته، وبالتالي سـحب تلك العائدة لخصمه المدعى عليه. إن السبب الذي قدمه المركز يكمن في تأمين تسديد أتعـاب المحكمين، وهو أمر سخر منه القاضي، معتبراً أنه مع مثل هذه المبالغ التي سبق ودفعت (حوالي 000 300 دولار من قبل كل طرف)، كان بإمكان مركز التحكـيم "أن يـتفحص بـبعض مـن الرصانة عبء وجوب التسديد للمحكمين بشكل صحيح".
إن هذه هي الحالة التي تبرر، بحسب القرار، اختصاص القاضي المساند، الذي يتوجب عليه التدخل "بالنيابة عن مركز التحكيم" لضمان "اللجوء الى القاضي الذي حرمه منه مدير التحكـيم". بالتالي، ألزم القاضي المساند مركز التحكيم إعادة تقديم الطلبات التي اعتبرت مسحوبة ودعـوة محكمة التحكيم بوضع حد لتعليق نشاطاته من أجل إصدار الأحكام التحكيمية العائـدة للمرحلـة الأولى، والتي بعد مرور سبع سنوات من الاجراءات، ما زالت منتظرة.
إنها المرة الأولى، بحسب علمنا، التي يوجه فيها قاض مساند هكذا أوامر الى مركز للتحكيم، مما يدل على الدور الذي ينوي لعبه من أجل ضمان احترام المحاكمة العادلة. هنا، يقوم القاضي المساند بتكريس الحلول التي طرحـت مـن قبـل Le faible et ) Maxim de Fontmichel Economica, 2013, spec. n°401-402). بالتأكيد، سوف يظـن الـبعض أن l'arbitrage, القاضي يتعدى فوق الحد على صلاحيات مركز التحكيم، ويسمح لنفسه باستبعاد حكم مـن نـظـام التحكيم المطبق. ولكن، في الحقيقة، يدخل القرار المعلق عليه في منطق اجتهـاد Pirelli الـذي يسمح بإعادة تقديم الطلبات غير الممولة إذا كانت غير منفصلة عن الطلبات الرئيسية ( ,Civ. 1re 28 mars 2013, n°11-27.770, D.2013. 929, et 2936, obs. T. Clay; Rev. arb. 2013. 746, note F.-X. Train; JCP 2013. 408, obs. J. Béguin, 559, note J.Béguin et H. Wang, et 784, 4, obs. C. Seraglini; Cah. Arb. 2013. 479, note A. Pinna, et 585, note d'audience av. gén. P. Chevalier; Procédures 2013.189, note L. Weiller; LPA 2014, n°19, p.9, obs. M. de Fontmichel; Gaz. Pal. 30 juin-22013, p. 16, obs. D. Bensaude). إن نظام التحكيم مقدس. juill. ولكن الحق في اللجوء الى القاضي مقدس أكثر منه.
إن كان من الاكيد أن الحد الفاصل بين القاضي المساند ومركز التحكيم هو الأكثر صـلابة ممكنة، فمن المؤكد أيضاً أن حق اللجوء الى القاضي هو مبدأ جوهري، لـيس بذريعـة ولـيس بضال، ينبغي احترامه في جميع الظروف.
3- صفات المحكم:
بالنسبة إلى وظيفة بهذه الأهمية، من المفاجئ أن تكون المهارات المطلوبة متدنية الى هـذا الحد. في المجال الدولي، ليس هنالك ولا حتى سابقة واحدة؛ في المجال الداخلي، نتوقع ببساطة من المحكم أن يكون شخصاً طبيعياً متمتعاً بكامل حقوقه، وهو أمر بمتناول الجميع، أو ما يقارب ذلك .
مع ذلك، استثنائياً، تكون أحياناً هذه الصفات، مهما كانت ضئيلة، موضع خلاف. هـذا مـا حصل في قضية داخلية، حيث زعم فريق أن من فصل في النزاع لم يكن شخصاً طبيعياً، إنمـا شخص معنوي. لا بد من الاشارة الى أن المحكم المشار اليه فعل كل شيء للحفاظ على الالتباس. أولاً، ورد في وثيقة المهمة اسم شركة المحكم المؤلفة من أحرفها الاولى تليها "AM" للدلالة على "التحكيم الوساطة" "Arbitrage Médiation"؛ كما أن هذا المحكم قد أصدر الحكـم التحكيمـي على ورق يحمل ترويسة شركته، وهو حكم ذكر أنه صادر في مقر الشركة وليس في مدينـة – وهو في الواقع، أمر غريب -؛ أخيراً، أصدرت أيضاً الشركة الفواتير بالأتعاب. بناء عليه، اعتبر المدعي الخبيث أن هنالك تشكيلاً غير صحيح لمحكمة التحكيم، لأن الحكم التحكيمي لم يصدر عن شخص طبيعي. ردت هذه المراجعة، لأن واضع الحكم التحكيمي وكاتبه هـو بالفعـل شـخص طبيعي. بشكل خاص، تقول المحكمة، "أنه لا يمكن لطريقة إعداد الفواتير أن تشكل إثباتـاً علـى تنفيذ الشركة، من خلال ممثليها وتدخلهم، للمهمة الموكولة بصفة شخصية الـى هـذا المحكـم". Paris, 27 janv. 2015, n°13/18116, AECD, Gaz. Pal. 13-14 mars 2015, p. 12 ) obs. D. Bensaude). يمكن الموافقة على هذا الحل، ولكن هذه القضية تسمح بالتــذكير بـأن مهمة المحكم هي شخصية، بل شخصانية، وأنها لا تفوض الى سكرتير في الدعوى التحكيميـة، ولا الى شخص معنوي.
حتى أن قانون المرافعات المدنية قد نص على عكس ذلك: عند تعيين شخص معنـوي فـي اتفاق التحكيم، لا يكون لهذا الأخير سوى سلطة تنظيم التحكيم (المادة 1450، فقرة 2 من قـانون المرافعات المدنية). إلا أن هذه كانت بالضبط المشكلة التي طرحت في تحكيم نمـوذجي، حيـث سمي مكتب قبطان المرفأ ليكون محكماً. في ما يتعلق بالتحكيم الدولي، لا تطبـق المـادة 1450 وفقرة 2، ولكن وجب على الرغم من ذلك، تحديد هوية الشخص الطبيعي الذي هـو وراء ذلـك الشخص المعنوي. اتضح بسرعة أن ذلك يتحقق في شخص قبطان المرفأ المعنـي. إلا أن هـذا الأخير أوحى برفضه المهمة. إذا كان السؤال معرفة إن كان الشرط التحكيمي باطلاً أو أنه يظلّ صحيحاً، فارضاً إيجاد محكم آخر. اختارت محكمة التمييز هذه الفرضية الثانية، مشيرة الـى أن "رفض المحكمين المعينين لمهمتهم لا تجعل الشرط غير مطبق بشكل فاضح، ما يهم فقـط هـي ارادة الاطراف في اللجوء الى التحكيم" (-Civ. 1re, 21 oct. 2015, n°14-17.056, Jean .Claude S). ينبغي الموافقة على هذا الحل، لأنه بإمكاننا استنتاج من ذكر الـشخص المعنــوي أن الخيار الشخصي لممثله ليس حاسماً بالنسبة لإرادة اللجوء الى التحكيم. إلا أنـه لـيـس أكيـداً أن الحل كان ليكون نفسه، لو عوضاً عن مكتب قبطان المرفأ، سمي القبطان بشخصه. في مثـل هذه الحالة، كان في استطاعتنا أن نرى التعبير عن إرادة الاطراف بعدم اللجوء الى التحكيم، إلا إذا تم اللجوء الى هذا القبطان، دون غيره. يدخل إذا خيار المحكم بـشكل متـرابط مـع خيـار التحكيم.
4- استقلالية المحكم:
يتمحور الاجتهاد المتعلق باستقلالية المحكم في الفترة التي نستعرضها، بشكل أساسي، ومرة أخرى، على مسألة الافصاح. تبدو القرارات المعلق عليها كأنها تدخل في اتجاه اتسم بالمزيد من التساهل، بشكل مؤسس تقريباً. إذا كان من المؤكد أن محكمة التمييز لم يكن أمامها خيار سـوى رد الطعن المقدم ضد قرار محكمة استئناف بـاريس ( .janv. 2014, n°12/15140, D 14 obs. T. Clay ,2014.2541)، الذي رفض بحق إبطال حكم تحكيمي بسبب قيام أحد المحكمين منذ عشرين عاماً بمهمة معاون لأحد المستشارين، وأنهما ينتميان إلى الجمعيات العلميـة نفـسـها (Civ. 1re, 28 mai 2015, n°14-14.421, Vinci Ebergies GSS)، كنا نأمـل لـو لـم تتلطى المحكمة وراء معيار العلانية (المعتمد أيضاً في قضية أخرى حديثـة .Paris, 15 sept n°15/04996, Monte Carlo Aviation Corporation ,2015) هذه الانتماءات الـشائعة، لأنها ذاتية ونسبية.
في المقابل، يبدو مسموحا، بشكل خاص، عدم التصديق على الحكم التحكيمي الـصـادر عـن مـذاك محكم نسي أن يحدد سبق له أن سمي ثلاث مرات في نزاعات تخص الطرف نفسه – بما فـي ذلك مرة من قبل خصمه – خلال الثلاث سنوات التي سبقت تسميته، وحتى خمس مرات إحداها أثناء السير بالاجراءات- على أساس أن "هذه المعلومات ليست قابلة، لأن تشكل عنصر معلومات هامة كانت لتسمح بالتشكيك عن حق باعتقاد الطرف الآخر أن المحكم المعين هو مستقل تماماً (...) وأنه من غير الثابت أن المحكم، من خلال التسميات المتكررة والمكثفة، أصـبح تابعـاً اقتصادياً ومالياً للفريق الآخر" (Besançon, 13 oct. 2015, n°14/01431, CDRI). يبدو مثل هذا القرار متعارضاً مع ما يشكل حالياً الاجتهاد المتعلق بالإفصاح. ولكن من الصحيح أنه أصـبح هنالك قدر أكبر من التسامح منذ تسمية المحكمين استناداً الى لوائح واردة في الشروط التحكيمية في العقود التقنية النموذجية، كما في مجال البناء، وهي كانت الحال في القضية الحاضرة.
بالنسبة الى هذا الموضوع، وفي قرار مهم جداً، كان موضع تعليقات غنية ( 18 ,Civ. 1re déc. 2014, n°14-11.085, Dukan de Nitya, à paraître au Bull.; D. 2015. 86; RTD com. 2015. 53, obs. E. Loquin; Cah. Arb. 2015. 95, note M. Danis; (LEDC mars 2015, obs. S. Pellet; Procédures 2015. 84, note L. Weiller D 29 أيدت محكمة التمييز قرار محكمة استئناف باريس ( .2013 .oct. 2013, n°12/19025, obs. T. Clay; Gaz. Pal. 7-8 mars 2014, p. 21, obs. D. Bensaude ,2936)، الـذي اعتبرت فيه أن قائمة مغلقة بأربعة أسماء محكمين واردة في الشرط التحكيمي، كانت غير كافيـة لتترك خياراً حقيقياً. خصوصاً أنه في هذه الحالة، رأت المحكمة أنه كانت للمحكم صلات مهنيـة مع محامي الفريق الآخر، وهو أمر كان قد أخفاه، في إعلان لاستقلاليته هو "ذات طابع نـاقص عمداً وتبسيطي". وبالتالي، أضافت المحكمة أنه "ليس هنالك من ظرف خـاص يبـرر التـشكيك بصدق الاعلان في أنفس الأطراف"، مذكرة بشكل عابر، وبحق، أنه لا يعود للأطـراف القيـام "بتحقيقات خاصة". من المؤكد أن عبء الحصول على المعلومات يقع على المحكمين، وليس على الأطراف.
إن السؤال الذي يطرح هو معرفة تحت أي شكل يمكن، أو يجب تقديم هذا الاعـلان. وقـد طرحت حديثاً هذه المشكلة أمام محكمة استئناف باريس من خلال أربع قـضـايا. قـررت هـذه الاخيرة أنه يكفي من أجل إثبات الاعلان، ذكر في السيرة الذاتية للمحكم انتماءه في ما مضى الى مكتب محاماة يتبين أنه كان أيضاً مكتب مالك ومدير أحد الأطراف ( Monte Carlo Aviation Corporation)، وهو أمر يسمح بقبوله. كذلك الأمر، اعتبرت المحكمة أنه لا يجوز الاحتجاج، سنداً لطلب إبطال، برسالة الكترونية سابقة لوثيقة المهمة، والتي كشفت بالفعل عـن أن المحكـم سمي عشر مرات من قبل أحد الاطراف خلال العشر سنوات الأخيرة، بالإضـافة الـى ثـلاث تسميات في الخمس سنوات السابقة (أي ما يعادل ثلاث عشرة تسمية في الخمس عشرة سنة)، لأن ذلك قد أعلن عنه وقبل (Paris, 19 mai 2015, n°14/05854, C. Benoist)، وهو أمر يبدو أيضاً طبيعياً. نتبع أيضاً محكمة استئناف باريس عندما تقضي بأنه، حتى ولو اعتبر الطرفـان أن المحكم لم يتمم إعلان استقلاليته، إلا أن هذا الاعلان قد وجه اليهما بالفعل، وحتـى أنـه جـرى استكماله برسالة لاحقة، لم تثر رد المحكم، مما يستتبع معه تنازل عـن إثـارة هـذه المخالفـة المزعومة (Paris, 10 Fruitière France) Compagnie n°13/18818, mars 2015,
قد يبدو القرار الأخير الصادر عن محكمة استئناف باريس حول هذه المسألة قابلاً أكثر من غيـره للانتقـاد ( Paris, 22 sept. 2015, n°14/17200, République de Guinée équatoriale). في هذه القضية، لم يفصح رئيس محكمة التحكيم، المسمى مـن قبـل مـركـز التحكيم، عن قيامه، منذ ثلاث سنوات، بالجلوس ضمن أعضاء محكمة تحكـيـم أخـرى، أيـضاً بصفته رئيساً لهذه المحكمة، مع الطرف نفسه، وفي ما خص تفسير البند التعاقدي نفـسه. بعـد اكتشاف ذلك أثناء السير بالإجراءات، قام الفريق الخصم بتقديم طلب رد المحكـم أمـام مـركـز التحكيم، الذي رفض الطلب، ثم قدم طلباً بإبطال الحكم التحكيمي. ردت المحكمة طلبه، معتبرة أن هذا الطرف قد جرى إعلامه بواسطة رسالة من خصمه في بداية الدعوى التحكيمية، وأن هـذه المعلومة كان من شأنها أن تجعله أكثر فضولاً، خصوصاً أن مقالات صحافية في البلـد، حيـث جرى التحكيم السابق، قد كشفت عن اسم المحكم، نظراً للجو المتوتر للغاية فـي هـذه القـضية السابقة. بعبارات أخرى، إن رسالة أحد الأطراف تكفي للوفاء بموجب الافصاح الملقى على عاتق المحكم.
إن مقابلة هذه القرارات الأربعة تسمح بإظهار بعض التسامح بالنسبة للشكل الذي يمكـن أن تتخذه طريقة إعلام الأطراف المعلومات المتنازع فيها. ولكن، بقدر ما نفهم أن السيرة الذاتيـة أو الرسالة الالكترونية كافيتين، ويقدر ما نقبل بأن الأطراف المتعارضة، حتى ولو كانت اسـتثنائياً متفقة على الاعتراض على وجود إعلان الاستقلالية، إلا أنها لا تستطيع اعتبار هذا الاعلان غير موجود، لأنه لم يلق أي ردة فعل من جهتها، كونها ليست من يقرر في مسألة وجود هذا الاعلان، بقدر ما سنكون أكثر حذراً حول الرسالة التي بعث بها طرف ما على أنها طريقة لتنفيذ إعـلان استقلالية المحكم. إن الفرق بين هذه الحالات يكمن في أنه في الحالات الأولى، تأتي المعلومـات من المحكم، في حين أنه في الحالة الثانية، مصدرها هو أحد الأطراف. إذا يقوم هـذا الطـرف بالتعويض عن تقاعس المحكم في ما يتعلق بموجب الافصاح الخاص به. إلا أن هذا الموجب هو شخصي بالنسبة إليه، ولا يمكن أن ينتظر من طرف ما تنفيذه بدلا منه؛ ذلـك سـيكون بمثابـة انعكاس للأمور. يجب ألا يكون لدى الاطراف موجب للإفصاح، وأكثر من ذلك، لا يقـع علـى عاتقهم موجب الاستعلام. لكل دوره. هنا، عجز المحكم عن الوفاء بالتزاماته. وقد عـوض عـن ذلك الفريق الذي، في نهاية المطاف، كان المستفيد من الحكم التحكيمي، كما هي الحال في القضية السابقة التي لم يتم الكشف عنها. بالتأكيد، يمكننا أن نعتبر أن المعلومات قد تـم بالفعـل إعـلام الطرف الآخر بها، وأنه ليس هنالك من ضرر. ولكن ذلك يدل بشكل خاص إلى أنه يجب إبلاغها فعلياً. في النهاية، تطرح هذه القضية سؤالاً جديداً عن هذا الموضوع المتمثل في التساؤل عما اذا كان ما يهم هو إعلام الطرف أو تنفيذ موجب الافصاح من المدين بهذا الالتزام أي المحكم. هـذا هو ما يمكن أن يؤجج النقاش والدعاوى.
5- عقد المحكم:
بعد أن دخل بشكل قطعي في المشهد القانوني للتحكيم، أصبح الآن عقـد المحكـم خـاضـعاً لتقلبات المؤسسات المختصة. في الفترة الخاضعة للبحث هنا، خصت ثلاثة قرارات مهمـة عقـد المحكم، بشكل مباشر أو غير مباشر، تعلق أحدها بإنشائه، والقرارين الآخرين بتنفيذ هذا العقد أو بالأحرى بعدم تنفيذه مع إقامة دعوى مسؤولية ضد المحكم، وأخرى لتحصيل الاتعاب ترفع ضـدّ الأطراف.
يعد القرار الأول من ضمن نتائج قضية Elf Nefiegaz التي بعد أن أثيرت مراراً، اعتبـر فيها القاضي العادي نفسه مختصاً للفصل في مسألة إنشاء عقد المحكـم ( Civ. 1re, 28 mars 2013, n°11-11.320, Bull. Civ. I, n°58; D. 2013. 929, 2293, obs. S. Bollée, et 2936, obs. T. Clay; Dalloz actualité, 9 avr. 2013, obs. X. Delpech; Rev. arb. 2013. 1003, note M. Audit; JCP 2013. 558, note M. de Fontmichel, et 784, 5, obs. J. Ortscheidt; Procédures 2013. 186, note L. Weiller; Cah. Arb. 2013. 1049, note A. Mourre et P. Pinsolle, et avis av. gén. P.Chevalier; RJDA 2013. 723, note G. Pluyette; RDC 2013. 1464, obs. C. Pelletier; LPA 2014, n°19, p.5, obs. L. Kanté; Gaz. Pal. 30 juin – 2 juill. 2013, p. 14, obs. D. Bensaude). متى ما وجد الحل، تمت العودة إذا أمام هذا القاضي الناظر في الدرجة الأولـى. ولكن في غضون ذلك، استقال المحكم المعني، وبالتالي قد يبدو الطلب المقدم مـن خـصمه دون موضوع. لكن ذلك ليس الحل المعتمد من قبل محكمة البداية الكبرى التـي قـضت أولا بقبـول الدعوى، واعتبرت لاحقاً أن قيام الفريق الذي اختار المحكم بالعدول الرجعي عن قرار التعيـين يؤدي الى "إيطال كل قرار جاء بعد أو كان ناتجاً من القرار الذي عدل عنه أو إبطال أي قـرار مرتبط به ارتباطاً ضرورياً" (TGI Paris, 4 mars 2015, n°13/07935, Elf Neftegaz. إذاً، كل ما قام به هذا المحكم، من وقت ما ادعى بأنه محكم، هو باطل. وهو أمر لا يمكن تجنبه.
أما في ما يتعلق بتنفيذ عقد المحكم، وبشكل خاص في ما خص العقد المتبــادل، يمكـن أن أما في تكون هنالك إخلالات من قبل الطرفين. إذا كانت دعاوى المسؤولية المدنية المقامة ضد المحكم هي حالياً الأكثر شيوعاً، تعتبر تلك المقامة ضد المتقاضين لتحصيل الأتعاب نادرة للغاية ( TGI Paris, 25 nov. 1999, D. 2003. 2475, obs. T. Clay; TGI Sens, 28 avr. 2000; et sur appel, Paris, 13 déc.2001, D. 2003. 2475, obs. T.Clay; RTD com. 2002. .(282, obs. E. Loquin
ومع ذلك، أقام أخيراً ثلاثة محكمين محتكين مثل هذه الدعوى. تكمن خصوصية هذه القضية في قيام هؤلاء المحكمين بإثارتها بعد إصدار الحكم التحكيمي ورفعها بوجه الفريق الذي صـدر لمصلحته هذا الحكم، وهو الذي سبق له أن سدد، فضلاً عن ذلك حصته من المصاريف. بالتالي، طلب المحكمون تسديد حصة الفريق الآخر، وهو كناية عن، أي دولة، إذ إنهم يعتبرون، سـواء كانوا مخطئين أو على صواب، أنهم لا يملكون، من المرجح، سوى فرص ضئيلة للحكم عليهـا بأن تدفع لهم ما هو مستحق لهم، مع العلم أن الحكم التحكيمي قد دان الدولة وحكم عليها بتسديد ما يقارب 40 مليون يورو لصالح خصمها. غني بملايينه، رأى هذا الفريق نفسه في خضم دعـوى يطلب فيها منه، تسديد الاتعاب المستحقة من قبل الفريق الآخر أولاً أمام قاضي الامور المستعجلة الذي اعتبر أن هذه المبالغ لم تكن غير قابلة للمنازعة جدياً، ثم أمام محكمـة اســتئناف بـأريس (.Paris, 30 juin 2015, n°15/04910, F). إن السؤال الاول الذي طرح هو معرفة إمكان مطالبة هذا الفريق بتسديد مبالغ مستحقة من قبل خصمه في التحكيم. بعبارة أخرى، يتعلق النقاش بمسألة تضامن المتقاضين وبشكل أكثر دقة، بمعرفة إن كان هذا التضامن قابلاً أو غيـر قابـل للمنازعة فيه جدياً لدرجة تبرير دفعة مؤقتة. ردت محكمة الاستئناف بالإيجاب موثقة التضامن بالنظام القانوني لعقد المحكم: "ينتج من عقد المحكم المبرم مقابل بدل موجـب متـضامن بـدفع المصاريف ورسوم المحكمين الذين نفذوا مهمتهم في سبيل الصالح العام للمتقاضين"، مـستعيدة بذلك اقتراحات قدمت في الفقه منذ فترة طويلة ( .T. Clay, n°888-890). تضيف المحكمة أن هذا التضامن له مصدر آخر هو "العرف في التحكيم التجاري الدولي، ويكمن في القضية الحاضرة، معززاً في أحكام نظام التحكيم OHADA المطبق". إذاً، لم تعد مسألة التضامن بين المتقاضين مشكوكاً فيها، على الرغم من أنها المرة الثالثة فقط، على حدّ علمنا، التي يقوم فيها الاجتهاد بإقرارها، بما في ذلك، اجتهاد قديم جدا ( ,1851 Paris, 28 juin spec Dalloz, 2011, L'arbitre, .(D. 1853. II. 78; 13 déc.2001, préc.
يساهم هذا القرار المعلق عليه أيضاً بتفصيل النظام القانوني لهذا التضامن منشئاً الفرق بين، "الطبيعة المتضامنة لموجب الأطراف تجاه المحكمين، والذي ينتج من عقد المحكم ولـيس مـن الحكم التحكيمي"، وبين "شروط المساهمة في الدين" المحددة في الحكم التحكيمي. بعبارة أخـرى، تطبق محكمة الاستئناف هنا باستقامة تامة الفرق بين، من جهة، أصل الدين الذي يتعلـق بعقـد المحكم، والذي يجري الاتفاق على مقداره بين المحكم والمتقاضين، ومن جهة أخـرى، توزيـع العبء الذي يشكل إحدى سمات الاختصاص القضائي للمحكم، كما هي واردة في الحكم التحكيمي (أنظر بهذا المعنى .Paris, 19 déc. 1996, Qualiconsult, RTD com. 1998. 577, obs .(J.-C. Dubarry et E. Loquin; Rev. arb. 1998. 121 note C. Jarrosson
لكن خصائص القضية سمحت لقضاة محكمة الإستئناف بأن يذهبوا أبعد من ذلك مـن خـلال السماح للمحكمين، من الآن فصاعداً، بأن يطلبوا كامل المبالغ المستحقة، المصاريف والأتعاب على حد سواء، كما هو محتد، من أي من الأطراف المتنازعين. بالتأكيد، كانت الـدعوى هنـا لاحقـة للحكم التحكيمي وتتعلق بالطرف الذي سبق ودفع حصته، لكن القاعدة مذكورة على نطـاق واسـع بما فيه الكفاية للسماح من الآن فصاعداً بمطالبة طرف واحد بكامل المبالغ في مستهل الـدعوى التحكيمية. ولا شيء يمنع أن يكون هذا الطرف هو المدعى عليه، الأمر الذي من الممكن أن يكون مستغرباً في الممارسة العملية، ولكن غير القابل للجدل في القانون. يمثل هذا الحل ميزة لإمكانيـة حل كافة الأوضاع التي يمتنع فيها طرف من الأطراف عن دفع السلفة المطلوبة أو يرفض دفعهـا. إلا أنه لا ينبغي أن يرى الأطراف المتمتعون عن الدفع في هذا الأمر دافعاً لعدم دفع مـا يتوجـب عليهم، مطمئنين الى أن الطرف الآخر سيقوم بتسديد ما يتوجب. سيشكل هذا الأمر بالتأكيد شـذوذاً عن التضامن الذي يجب أن لا يلقى النجاح، والذي يجب أن يعاقـب عليـه. إن التـضامن بـين المتنازعين يسمح للمحكمين التأكد من تحصيل كامل دينهم وليس توفير منفذ لطرف ممانع.
لكن الإلتزام المالي الذي يقع على الأطراف المتنازعين يقابله الحكم التحكيمي الذي التـزم المحكمون إصداره لهم. عندما يتخلف المحكمون عن أداء التزاماتهم، من الممكـن أن يعتبـروا مسؤولين مدنياً. منذ صدور القرار Azran، نعلم أن هذا هو الحال عليه إذا ما ارتكب المحكمون "خطأ شخصياً موازياً للغش أو خطأ منشئاً لإحتيال، أو خطأ فادحاً أو استنكافاً عن إحقاق الحـق Civ. 1°, 15 janv. 2014, n° 11-17.196, Bull. Civ. I, n° 1; Rapp. C. cass. 2014, a paraitre; D. 2014.219, obs. X. Delpech, et 2541, obs. T. Clay; AJCA 2014.35, obs. M. de Fontmichel; RTD com. 2014.315, obs. E. Loquin; JCP 2014.89, obs. B. Le Bars 231, avis av. gén. P. chevalier, 255, note E. Lequin, et 857, §2, obs. J. Ortscheidt; Cah. Arb. 2014. 299, note L. Aynès; Procédures 2014.72, note L. Weiller; LPA 2014, nº 215, p. 14, obs. L. Degos; RLDC juin 2014. 23, obs. H. Slim; Gaz. Pal. 27-28 juin 2014, p. obs. D. Bensaude ,18). إن السؤال الذي من الممكن أن يطرح يكمن في معرفة ما إذا كـان بالإمكان اعتبارهم مسؤولين بما أنه تم إيطال الحكم التحكيمي الذي أصدروه. إن الجواب بالمبـدأ هو سلبي، لأن الإبطال بحد ذاته لا يكفي ليشكل مثل هذا الخطأ. لكن هذا الإبطال يمكن أن يشكل أيضاً مؤشراً على ارتكاب مثل هذا الخطأ. يتوقف كل ذلك إذا على شرط الإبطال. غير أنه توجد حول هذه النقطة قضية تحظى باهتمام خاص وتستوجب إعـلام قـراء هـذه البانورامـا بهـا في الواقع، هو حكم تحكيمي أبطلته محكمة استئناف باريس بسبب عدم احترام المهلة الإلزاميـة 19 nov. 2009, n° 08/22792, Delubac, Rev. arb. 2011. 152 (1° esp.), note J.-) G. Betto et A. Reynaud)، الأمر الذي صدقت عليه محكمة التمييـز ( .Civ. 1, 22 sept 2010, n° 09-17.410, Bull. Civ. I, no 176; D. 2010. 2234, obs. X Delpech, et 2933, obs. T. Clay; Rev. arb. 2011. 152 (2° esp.), note J.-G. Betto et A, Reynaud; Cah. Arb. 2011. 453, note L. Jaeger; JCP 2010. 865, obs. J. Béguin; LPA 2011, no 37, p. 8, obs. D. Mouralis)، بفعل هذا البطلان، أثار الطرف المستفيد من الحكم التحكيمي المسؤولية المدنية للمحكمين، معتبراً أن عدم احترام المهلة ينـدرج ضمن الخطأ الجسيم غير الخاضع للحصانة. ردت محكمة بداية باريس الكبرى الـدعوى لـسبب يترك مجالاً للإستغراب، بما أن المحكمة لم تأخذ في الإعتبار غياب الخطأ الجسيم، ولكن تجاوز المهلـة (mars 2014, n° 11/18017, D. 2014, obs. T. Clay 5). ذهبـت المحكمـة إذاً عكس محكمة الإستئناف معرضة نفسها لخطر فسخ قرارها في حال إستئنافه. في سياق تعليقنـا على هذا القرار السنة الماضية ضمن الدراسة نفسها، كتبنا: "لدينا فضول لمعرفة الترحيب الـذي سيلقاه هذا القرار من قبل محكمة الإستئناف إذا ما تم استئنافه..." (مذكور). أقل ما يمكننا قولـه هو أن محكمة الإستئناف لم تخيب ظننا من خلال فسخ القرار الخارج عـن المـألوف. قـضت محكمة الإستئناف بمسؤولية المحكمين المدنية على أساس عدم تنفيذ عقد المحكـم ( 31 ,Paris mars 2015, nº 14/05436, RTD civ. 2015. 612, obs. H. Barbier; Cah. Arb. 2015. 313, note M. Henry; Gaz. Pal. 19-20 juin 2015, p. 20, obs. D. Bensaude). إن الكلمات المستخدمة هي كلمات قاسية بالنسبة للمحكمين الذين تم تذكيرهم بشكل ملائم بأنهم "ملزمون الحفاظ على الإجراءات التحكيمية من خلال الحرص على عدم انتهاء مهلـة إصدار الحكم"، "أنه يعود لهم اتخاذ كافة المبادرات المفيدة في هذا الصدد للحصول على تمديدها اتفاقياً عند الإقتضاء، الأمر الذي لم يحصل"، "أنه لا يمكنهم التمسك بالحصانة من حيث المبـدأ، لأن مهمتهم تتعلق بتنفيذ عقد المحكم وليس بممارسة مهمـتهم القـضائية"، إلـخ. بالتـالي، هـم مسؤولون عن هذا التجاوز للمهل.
يكمن السؤال إذا في معرفة مدى تقدير هذه المسؤولية. يجب إذا تحديد حجم الضرر. قدرته المدعية بمقدار المبلغ المحكوم به في الحكم التحكيمي الذي أبطل فـي النهايـة، أي بمبلـغ 167 مليون يورو... بنت طلبها أيضاً على خسارة فرصة الحصول على هذا المبلغ، وهـي خـسارة فرصة أكيدة، خصوصاً أن خصمها كان قد بدأ تنفيذ الحكم التحكيمي قبل إبطاله. من غير المفيـد الإشارة إلى حجم المخاطر المرتفعة بالنسبة للمحكمين، خصوصاً أن بوالص التأمين تضع بشكل عام سقفاً للخسائر المؤمن عليها بمبلغ أقل من ذلك بكثير. أخيراً، اعتبرت محكمة الإستئناف أنّ خسارة فرصة الحصول على هذا المبلغ كانت منعدمة، لأن الأطراف أجروا مصالحة بعد إبطال الحكم التحكيمي. لم تحكم إذا سوى برد الأتعاب التي تبلغ رغم ذلك 1.2 مليون يورو، و وأضـاف القرار أن المحكمين ملزمين بالتضامن، لأن عقود المحكم، على الرغم من تمايزها، تشكل مـن خلال مساهمتها في تشكيل هيئة جماعية، مجموعة تعاقدية غير قابلة للتجزئـة"، أيـضاً، التضامن بين الأطراف المتنازعين، نرى ذلك يتأكد بين المحكمين (أنظر سابقاً). إن هذا التضامن هو منطقي، وحتى لو كان المحكمون مستقلين بعضهم عن بعض، فهم مسؤولون بشكل فردي عن الإجراءات التحكيمية، وعن حكمهم التحكيمي. فليعلم المحكمون غير المشاركين فـي زملائهم المحكمين أنه من الممكن اعتبارهم من الآن فصاعداً مسؤولين بالتضامن بالنسبة لمـا بعـد أخطـاء يقضى به.
يبقى أن العقوبة يمكن أن تكون خفيفة بما أن المحكمين الذين أخطأوا لم يخسروا في النهاية سوى ما ربحوه حتى لو كان المبلغ مرتفعاً. صحيح أنه في القضية الراهنة، كان خطأ المحكمـين عرضياً بما أن تجاوز المهلة كان مصدره تفسيراً دقيقاً لحدث يمكن أن يشكل نقطة انطلاق هـذه المهلة. لا يمنع ذلك أن المحكمة التحكيمية كان وشيكاً الحكم عليها بالمبلغ الـوارد فـي الـحـكـم التحكيمي الذي أبطل، الأمر الذي كان من الممكن أن يشكل سـابقة. لـم يـتم ذلـك إلا ب سبب المصالحة بين الأطراف؛ ليس ذلك أقل مفارقات هذه القصة.
د- الإجراءات التحكيمية:
نعلم أن قانون التحكيم وقانون الإتحاد من الممكن أن تواجههما بعض الصعوبات في التوافق في ما بينهما، وأن الأفضل يكمن في ابتعادهما بعضهما عن بعض، الأمر الذي جرى النص عليه 1215/2012/UE, مع تعديل قانون بروكسل I عام 2012 (2012 .Regl. n° 12 déc). مـع ذلك، يحيل كل قانون منهما إلى القانون الآخر باستمرار عندما يحاول الأطراف إيرادهما معـاً. صدر أخيراً قراران من طبيعة مختلفة. إنهما أولاً قرار محكمة التمييـز ( .Civ. 1, 18 nov عدم قبول طعـن التي مقدم من طرف أراد المنازعة في قرار محكمة الإستئناف ( 12/21810 °sept. 2014, n 23 (2015, nº 14-26.482, Genentech Inc., D. 2015. 2450 أعلنت D. 2014. 2541, obs. T. Clay; Global Arbitration Review 6 oct. 2014, obs. L. Yong) لإحالة مسألة أولية إلى محكمة العدل التابعة للإتحاد الأوروبــي (CJUE) بخـصوص مسألة تتعلق بقانون المنافسة.
ثم إن القرار الآخر المشار إليه صدر فقط بخصوص مسألة أولية طرحتها محكمة عليا فـي بلد آخر، عن محكمة العدل نفسها التابعة للإتحاد الأوروبي CJUE. أقل ما يمكننا قوله هـو أن هذا القرار لم يمر مرور الكرام ( .CJUE 13 mai 2015, aff. C-536/13, Gazprom, D 2015. 1106, et 2013, obs. S. Bollée; AJDA 2015. 1585, chron. E. Broussy, H. Cassagnabère et C. Gänser; Rev. Arb. 2015. 871, note S. Bollée; JCP 2015. 804, note C. Nourissat, et 1370, § 6, obs. C. Seraglini; Europe 2015. 286, obs. L. Idot; LPA 2015, n° 222, p. 8, note L. Jaeger; Procédures 2015. note C. Nourissat ,226)، حتى أنه استفاد من نوع مـن الغمـوض التشويقي مـع نـشـر استنتاجات المحامي العام Melchior Wathelet التي تم التعليق عليها ( 8 ,236 .2015 JCP obs. M. Menjucq; Procédures 2015. Repère, 3, obs. C. Nourissat ,9). في هـذه القضية، لا يتعلق الأمر بإحدى أوامر الكف عن متابعة الدعوى القضائية الموجهـة مـن قـاض نظامي إلى محكمة التحكيم التي تشل التحكيم الدولي، ولكن، كجواب واف، يتعلق بإحدى أوامـر الكف عن متابعة الدعوى القضائية الموجهة من محكمة تحكيم إلى طرف، علـى شـكل حكـم تحكيمي، لكي يسحب طلباً مقدماً أمام محكمة في ليتوانيا، تراه المحكمة مخالفاً لـشرط التحكـيم المطبق. إن المسألة المطروحة من قبل هذه المحكمة النظامية، التي لا شك فاجأها أمر جـريء جدا، تكمن في معرفة ما إذا كانت ملزمة احترام قانون بروكسل I. ردت محكمة العدل التابعـة للإتحاد الأوروبي بالنفي قائلة إن "إجراءات الإعتراف بحكم تحكيمي وتنفيذه (...) تتعلق بالقانون الوطني وبالقانون الدولي المطبقين في الدولة العضو، حيث تجري إجراءات الإعتراف والتنفيـذ، وليس بالقانون رقم 2001/44". بالتالي، فصلت قليلاً بين قانون التحكيم وقانون مجموعة الـدول الأوروبية، وسمحت لكل قاض وطني أن يطبق قانون التحكيم الدولي الخاص به، الأمـر الـذي يشكل بالنسبة لفرنسا ورقة رابحة بالتأكيد.
هـ- الحكم التحكيمي:
1- الشكل:
أخضع شكل حكم التحكيم أخيراً لسؤالين: الأول يتعلق باللغة المستخدمة والثاني بالتوقيع.
إن لغة التحكيم هي في سبيل أن تصبح إحدى نقاط التوتر الأقوى، ونرى نزاعاً متنامياً يبرز في ما خص احترام الإختيار اللغوي للأطراف في الإجراءات. صحيح أن غالباً ما يشكل ذلـك سلاحاً قاطعاً للقناعة. ثلاث قضايا حديثة تثبت ذلك. في القضية الأولى، صدقت محكمة التمييز ما قضت به محكمة استئناف باريس ( .avr. 2013, n° 11/18244, D. 2013. 2936, obs. T 2 Clay; Rev. arb. 2014. 106, note L. Jaeger; JCP 2013. 800, note C. Duclercq; juill. 2013, p. 18, obs. D. Bensaude) بعد أن أبطلـت أن أبطلـت جزئيـاً 30 juin-2 Gaz. Pal. الحكم التحكيمي لمخالفة مبدأ الوجاهية، لأن محكمة التحكيم استندت إلى مستندات مقدمـة باللغـة الألمانية، في حين أن لغة الإجراءات كانت اللغة الفرنسية، وأن بعض هذه المستندات ترجمهـا رئيس المحكمة وحده، دون تحديد أي معيار لطريقة اختيارها، مما حرم طرفاً حقه فـي جـدوى مناقشة كامل المستندات التي قدمت واطلعت عليها المحكمة والطـرف الآخـر ( 18 ,1 .Civ Pack, JCP 2015. 582, note C. Duclercq). في 2015, n° 13-22.391, Blow mars القضية الثانية، رفضت محكمة استئناف باريس هذه المرة إبطال القرار التحكيمي بناء على طلب طرف فرنسي، الذي اعتبر أنه لم يكن باستطاعته متابعة سير الإجراءات باللغة الإنكليزية، الأمر الذي منعه من عرض حججه، والذي شكل هنا أيضاً مخالفة لمبدأ الوجاهية. لكـن مـن خـلال التذكير بأن مشارطة التحكيم كانت تنص على استخدام اللغة الإنكليزية، وأن رسائل، وحتـى أن لائحة مقدمة من محاميه كانت مصاغة باللغة الإنكليزية، صدر القرار بعدم وجود أية مخالفة لمبدأ الوجاهية (1 ,Fiquet, préc., V. supra, I, B). في الحالتين إذا، إن احترام اللغة التي اختارها الأطراف هو ما يوجه النتيجة. ما أن يتم التوافق على لغة ما، يجب على المحكمين والأطـراف احترامها. هذا أمر بديهي.
قضية ثالثة تطرح مسألة من نوع مختلف من حيث أنها تتعلق هذه المرة مباشـرة بـالحكم التحكيمي المراد تذييله بالصيغة التنفيذية. في الواقع، كان هناك فـارق بـين النسخة الأصـلية الروسية والترجمة الفرنسية في ما يتعلق بمسألة مهمة، هـي معـدل الفائـدة المطبـق. بكثيـر من المنطق هنا أيضاً، صدر القرار بأن اللغة الأصلية هي التي يجب اعتمادها، وليس الترجمـة Civ. 1, 14 janv. 2015, n° 13-20.350, Federal State Unitary Entreprise) Russian Satellit, à paraître au Bull.; D. 2015.212; Gaz. Pal. 19-20 juin 2015, .(p. 20, obs. D. Bensaude
تكون حيدة القرار التحكيمي أيضاً محل تساؤل عندما يكون نطاق التوقيع منازعاً فيه، وهذا ما كان عليه الحال في قضية أخرى أخضعت من جديد لمحكمة التمييز ( .Civ. 1re, ler avr 2015, no 14-13.202, Teman, à paraitre au Bull.; D. 2015. 811; Procédures 2015. 196, note L. Weiller; JCP 2015. 466, obs. B. Le Bars, et 877, $ 2, obs. Pal. 19-20 juin D. Bensaude). ردت obs. 23, 2015, p. J. Ortscheidt ; Gaz. المحكمة العليا الطعن ضد قرار صادر عن محكمـة استئناف بـاريس ( °oct. 2013, n 29 et n° 12/05855, D. 2013. 2936, obs. T. Clay 12/05854)، وقـررت أن توقيـع المحكمين الثلاثة الحكم يفترض أنه صدر بإجماع الأصوات، دون الحاجة الى تحديد ذلـك فـي صلب الحكم التحكيمي، كما يدعي بسوء المدعي.
2- طرق الطعن:
إن الطرف غير الراضي عن حكم تحكيمي يتوسل طريقتين، على الأقل، من أجـل جعلـه لاغ: الطعن بالإبطال أو التماس إعادة النظر إذا أصبح الطريق الأول غير ممكن وتـم ارتكـاب غش.
في ما يتعلق بالطعن بطريق الإبطال، ذكرت محكمة التمييز، أنه لا يكون مقبولاً، إلا إذا لم يكن السبب، الذي بني عليه، موضوع تنازل سابق. إن هذه النتيجة ليست جديدة حتـى أنـه تـم تكريسها في العام 2011 في المادة 1466 من قانون المرافعات المدنية. لكن الجديد يكمـن فـي نطاق هذه المادة التي تعتبر محكمة التمييز أنه يمكن أن تطبق على حالات سابقة للعـام 2011. هذا ما قررته محكمة التمييز في قرار بالغ الأهمية ( ,10.567-13 °Civ. 1, 3 déc. 2014, n Sogecore, à paraître au Bull.; D. 2014. 2531; Rev. societies 2015. 252, note B. Le Bars; Procédures 2015. 45. Note L. Weiller; JCP 2015. 877, § 1, obs. C. Seraglini) التي صدقت القرار المطعون فيه حول هـذه النقطـة (-Saint-Denis-de-la 10/02177, D. 2012. 2991, obs. T. Clay)، صحيح المواد الجديدة المتعلقة بطرق الطعن تطبق يوم مراجعة المحاكم. لكن ماذا بشأن المادة التي تتعلق Réunion, 12 nov. 2012, n° أن بالتنازل عن هذه الطعون؟ من جهة، من الصعب تطبيق النظام الجديد الذي يرعى الطعون فقط، دون ما هو مرتبط بها ضرورياً، أي قواعد التنازل. لكن من جهة أخرى، تحدد المـادة 3 مـن المرسوم رقم 2011-48 تاريخ 13 يناير 2011، في ما يتعلق بالدعوى (التي تخـضـع للمـادة 1466 من قانون المرافعات المدنية)، أن النص الجديد لا يطبق إلا على الدعاوى المقامـة بعـد دخوله حيز التنفيذ. وهذا أمر منطقي، إذ كيف يمكن إعطاء أثر لتنازل يستند إلى نـص لاحـق للتاريخ الذي حصل فيه؟ مع ذلك، إنه الطريق الذي اختارته هنا محكمة التمييـز التـى طبقت بمفعول رجعي المادة 1466 من قانون المرافعات المدنية. في الواقع، إن الصعوبة هي نظريـة بالكامل، لأن النص الجديد لم يكرس إلا الإجتهاد السابق. لكن فقط لأن النتيجة هي نظرية، يجب ألا تشوبها شائبة. ليس هذا هو الحال عليه في القضية الحاضرة.
إذا شغلت قضية Tapie مركز الصدارة في مجال الغش في التحكيم، معطية بريقاً استثنائياً ومرحبا به لمراجعة إعادة النظر ( ,1253 .2015 .Paris, 17 févr. 2015, n° 13/13278, D note D. Mouralis, 425, édito. T. Clay, et 2031, obs. L. d'Avout; Dalloz actualité, 20 févr. 2015, obs. X. Delpech; JCP 2015. 289, note S. Bollée ; Rev. Arb. 2015. 832, note P. Mayer ; LPA 2015, no 221, p. 8, note M. Henry; Gaz. Pal. 3-4 avr. 2015, p. 17, obs. M. Boissavy; Cah. Arb. 2015. 281, note A. de Fontmichel; Procédures 2015. Étude 4, obs. L. Weiller; B- Arbitra 2015-2, obs. M. Nioche; Économie matin, 9 mars 2015, obs. D. Mouralis)، فيجب ألا تطغى على القرارات الأخرى الصادرة في نضال مع الغش، وبالأخص قضية Vasarely التي، أيدت إبطال محكمة استئناف باريس كما هو معروف ( ,2014 mai 27 n° 12/18165, D. 2014. 2541, obs. T. Clay; Gaz. Pal. 21-22 nov. 2014, p. 21, obs. D. Bensaude) لحكم تحكيمي صادر قبل سنوات عقب "إجراءات صورية بوشرت مـن قبل ورثة الفنان لتفضيل مصالحهم". استنتجت محكمة الإستئناف التي قدمت إليها مراجعة الإبطال وجود "غش في التحكيم مخالف للنظام العام" يبرر إبطال الحكم، الأمر الذي أيدته محكمة التمييز Civ. 1re, 4 nov. 2015, no 14-22.630, a paraître au Bull.; D. 2015. 2326, ) obs. P. Noual; Dalloz actualité, 16 nov. 2015, obs. X. Delpech; JCP 2015. obs. J. Ortscheidt ,1 ,1370). في الواقع، إن التحكيم ليس ويجـب أن لا يكـون مـلاذاً للممارسات السيئة، وأرضاً مفضلة للتركيبات، ومكاناً لإنماء المؤامرات من أي نوع كانت. هـذا هو المقصود من هذا الإجتهاد، مهما كلف الأمر مرتكبي هذه المناورات.
3- التنفيذ:
إن تنفيذ الأحكام التحكيمية أدت إلى صدور قرارات مهمة تدور كلها حول مسألة كيفية منع هذا التنفيذ عندما يكون شخص من أشخاص القانون العام معني بالأمر. يجوز للشخص العـام أن يتعاقد كأي شخص يقوم بعملية في مجال التجارة الدولية، الذي من وقت ما تتم إدانتـه، يـسعى لإعمال إمتيازات تبدو أكثر فأكثر قديمة أو مبطلة، فإما أن يقبل التحكيم، وبالتالي إمكانية صدور قرار في غير صالحه، أو يبقى حيث هو وينسى التوسع الإقتصادي الذي من الممكن أن يستفيد منه.
في ما يتعلق بمسألة تحديد القضاء المختص، أصدرت محكمة التمييز قراراً طالمـا أعـاد تفعيل النقاش وسلّح حماة الجمود، الذين يستندون إلى الدفاع عن الأرض ويحتمـون وراء "خـط ماجينو" "ligne Maginot“ قضائي سينتهي بدوره عاجلا أم آجلاً ويصبح جزءاً من التـاريخ. إن هذه المقاومة، مهما كانت بطولية، هي دون جدوى. إن الإزدواج القـضائي علـى الطريقـة الفرنسية لا يستطيع شيئا في مواجهة العولمة.
منذ التقرير الكارثي Labetoulle والقضية الـشهيرة T. Confl., 17 mai ) Inserm 0 2010, n° 3754, D. 2010. 1359, obs. X. Delpech, 2633, note S. Lemaire, 2323, obs. S. Bollée, 2933, obs. T. Clay, et 2011. 2552, chron. Y. Gaudemet, C. Lapp et A. Steimer; AJDA 2010. 1047, 1564, étude P. Cassia, et 2337, tribune P. Cassia; RDI 2010. 551, obs. S. Braconnier; RFDA 2010. 959, concl. M. Guyomar, et 971, note P. Delvolvé ; Rev. Crit. DIP 2010. 653, étude M. Laazouzi ; RTD com. 2010. 525, obs. E. Loquin ; Rev. Arb. 2010. 253, obs. M. Audit, et 275, concl. M. Guyomar; Cah. Arb. 2010. 489, concl. M. Guyomar, 639, obs. S. Lazareff, 717, note D. Foussard, 877, note J. Ortscheidt, et 1017, § 27, obs. D. Hascher et B. Castellane; Gaz. Pal. 23-27 mai 2010, p. 27, note M. Guyomar; JCP 2010. 552, note T. Clay, publié aussi in Rev. Libanaise de l'arbitrage 2010, no 54, p. 102, 557, obs. E. Gaillard, I. 644, § 5, obs. J. Ortscheidt, I. 886, $ 9, obs. C. Nourissat, I. 1101, § 7, obs. B. Plessix, et I. 1191, § 6, obs. T. Clay; JDI 2011. 841, note E. Loquin; Procédures 2010. 274, obs. C. Nourissat, et 299, obs S. Deygas; LPA 2011, nº 38, p. 13, obs. M. Raux ; RJEP 2010. 40, note E. Paris; Annonces 2010, no 63, p. 7, obs. A. Job)، السؤال مـا زال de la Seine نفسه: ما هو القضاء المختص لفصل حكم تحكيمي دولي يدور موضوعه حول عقد إداري؟ فـي العام 2010 فصلت محكمة الخلافات هذه المشكلة، وقررت أنه نظراً إلى أن القاضي العدلي هو القاضي الطبيعي في التحكيم الدولي، فإن الإختصاص يكون له، إلا إذا كان العقد المعني يخـضع لنظام إداري من النظام العام. ناسب هذا الحل الوسطي الجميع، إلى حين قيام مجلـس شـوری الدولة بقراءة توسعية في قرار صادر في العام 2013 في القضية المعلق عليها ( ,2013 .avr 19 n° 352750 et nº 362020, D. 2013. 1069, obs. M.-C. de Montecler, 1455, note P. Cassia, 2293, obs. L. d'Avout, et 2936, obs. T. Clay; AJDA 2013. 822, et 1271, chron. X. Domino et A. Bretonneau; RDI 2013. 362, obs. S. Braconnier; AJCT 2013. 427, obs. S. Hul; RTD com. 2014. 326, obs. E. Loquin; RJEP 2013. 47, concl. rapp. Pub. G. Pelissier; Gaz. Pal. 30 mai 2013, n° 150, p. 18, note M. Guyomar, 18 juin 2013, n° 169, p. 10, obs. B. Seiller, et 30 juin-2 juill. 2013, p. 17, obs. D. Bensaude; JCP 2013. 748, note S. Lemaire, 784, obs. J. Ortscheidt, et 1117, note G. Eveillard; JCP A 2013. 388, obs. L. Erstein, 2245, note H. Muscat, et 2330, note C. Blanchon; Cah. arb. 2013. 1083, obs. L. Jaeger et N. Chahid Nourai; LPA 2014, no 20, p. 14, obs. A. Lapunzina-Veronelli; Rev. arb. 2013. 761, note M. Laazouzi; Dr. Adm. 2013. 49, note F. Brenet; Contrats Marchés publ. note P. Devillers ,174 .2013). من بين الملاحظات التي أبداها مجلـس الـشـورى أثنـاء النقاش والتي لم تكن منتظرة، أعلن أنه سيكون من اختصاصه فصل طلبات منح الصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية الصادرة في الخارج والمتعلقة بصفقة عامة. لم يكن يلزم أكثر من ذلك لإعادة إحياء الجدل، حتى لو تبعته محكمة استئناف باريس التي أيدته مرة واحدة، الأمـر الـذي كـان مستغرباً ( .sept. 2013, n° 12/11596, D. 2013. 2936, obs. T. Clay; Rev. arb 10 note M. Laazouzi ,153 .2014). هذا هو الحكم الذي تم فسخه في الوقت المناسب بموجب قرار منحته المحكمة العليا نفسها كافة مظاهر القرار المهم، الذي نشر في Bulletin وفـي Civ. 1, 8 juill. 2015, n° 13-25.846, à paraître au Bull.;) Rapport annuel Rapp. C. cass. 2015, a paraitre; D. 2015. 1547, et 2031, obs. L. d'Avout; AJDA 2015. 1396 ; LPA 2015, n° 222, p. 13, obs. I. Michou; Procédures 2015. Étude 9, obs. L. Weiller; JCP 2015. 1004, $ 9, obs. C. Nourissat, 1164, note T. A. Brabant et M. Desplats, et 1370, § 5, obs. C. Seraglini; V. aussi, D. 2015. 2241, édito P. Cassia). استند القرار إلى قاعدة قانونية استثنائية بما أنه يذكر في الوقت عينه اتفاقية نيويورك لعام 1958، والمادة 1516 من قانون المرافعات المدنيـة، ويسمح للنص التذكير بالتزامات فرنسا الدولية في مجال تنفيذ الأحكام التحكيمية الصادرة فـي الخارج...، ملحقاً به مقدمة حكم، مأخوذة من القرار الشهير Civ. 1re, 29 juin ) Putrabali 2007, n° 05-18.053, Bull. Civ. I, n° 250, et n° 06-13.293, Bull. Civ. I, n° 251; D. 2007. 1969, obs. X. Delpech, 2008. 180, obs. T. Clay, et 1492, chron. L. Degos; Rev. crit. DIP 2008. 109, note S. Bollée; RTD com. 2007. 682, obs. E. Loquin; Rev. arb. 2007. 507, note E. Gaillard; JDI 2007. 1236, note T. Clay; Gaz. Pal., cah. arb., 21-22 nov. 2007, p. 2, note P. Pinsolle, 21-22 mars 2008 p. 23, note C. Debourg, et 21-22 nov. 2007, p. 3, obs. S. Lazareff; LPA 2007, nº 192, p. 20, note M. de Boisséson; JCP 2006. I. 216, § 7, obs. C. Seraglini; RJDA 2007. 883, obs. J.-P. Ancel; Arbitration international 2007. 277, note P. Pinsolle; Bull. ASA 2007. 217, note P.-Y. Gunter; American Review of Intern. Arb. 2007. 309, note H. Smit; Revista brasileira de arbitragem 2008, n° 18, p. 114, note L. Weiller)، ومنتهياً بحيثيـة بارزة ترضي مؤيدي النظام القانوني التحكيمي، غير المرتبط بكل ما من شأنه أن يجعله مرتبطاً بمكان، كالأخذ بعين الإعتبار ازدواجية النظم القانونية، وكل محاولة مراقبة من حيـث الأسـاس للأحكام التحكيمية: "تمنع اتفاقية نيويورك تاريخ 10 يونيو 1958، المطبقة على مـنـح الـصيغة التنفيذية في فرنسا لحكم تحكيمي صادر في لندن، أي تمييز بين الأحكـام الأجنبيـة والأحكـام الوطنية، كما وأية مراجعة في الأساس، وتكون محكمة الإستئناف خالفت النصوص المذكورة التي تشكل النظام التحكيمي الدولي"، بعبارة أخرى، يكرس هذا القرار اختصاص المحـاكم القـضائية وليس الإدارية بالنسبة لأحكام التحكيم الإدارية الصادرة في الخارج، ويـولي القاضـي الـعـدلي كقاض حصري لمنحها الصيغة التنفيذية واضعاً بذلك حدا للشكوك، بالأخص بالنسبة للأشخاص الأجانب المعنيين، ويسهل ويركز نظام منح الصيغة التنفيذية للأحكام الصادرة في الخـارج فـي قانون المرافعات المدنية، من خلال إعادة التأكيد على الطابع المستقل للحكم التحكيمـي الـدولي، ومن خلال تعزيز المفهوم الفرنسي المتمثل بعدم ارتباط التحكيم الدولي بمكان التحكيم الذي هـو أساس هذا "النظام التحكيمي الدولي" الذي أضحى مكرساً من الآن فصاعداً. وضع قانون التحكيم الدولي كله هنا، وفي الحال، على أنه درس في القانون لأولئك الذين يجهدون لتجاهله. هنا أيضاً السلطة العامة التي تحاول التهرب من مسؤولياتها عنـدمـا تحـاول التمـسك بحصانتها. إذا لم يرد متعاقد المخاطرة بأن يواجه بالحصانة التي يتمتع بها شريكه مـن الدولـة يكون لهذا الأخير إمكانية التنازل عن ذلك. عندما يتعلق التنازل بحصانة التنفيذ ويتمحور علـى هي ✔ جوهر المهام السيادية للدولة في الخارج، أي مكان تنفيذ المهام الدبلوماسية والقنصلية، يجـب يكون التنــازل صريحاً وخاصـاً ( P. Leboulanger, La renunciation à l'immunité d'exécution: désordreou pragmatism?, in Mélanges en l'honneur du 455 .Professeur P. Mayer, op. cit., spec. p). مكنة كل احترام لهذا القانون الوضعي ،استبعدت محكمة استئناف فرساي التنازل الحاصل من قبل دولة إفريقية لم يكن تنــازلاً صـريحاً وخاصتاً. إعمالاً لتحول كامل في الإجتهاد، تم نقض القرار بصورة رسمية بالإستناد إلى "قواعـد القانون الدولي العرفي المتعلق بحصانة الدول"، وحيث أُضيف في مكان آخر علـى القـرار، "لا يقتضي أن يكون التنازل إلا تنازلاً صريحاً عن حصانة التنفيـذ" ( ,2015 Civ. 1re, 13 mai no 13-17.751, Commisimpex, à paraître au Bull.; Rapp. C. cass. 2015. 1108, obs. I. Gallmeister, 1936, note S. Bollée, et 2031, obs. L. d'Avout; Rev. Crit. DIP 2015. 652, note H. Muir Watt; JCP 2015. 759, note M. Laazouzi, et 2015. I. 1004, $ 8, obs. C. Nourissat ; Gaz. Pal. 2015, n° 248, p. 11, obs. C. Bremer; LPA 2015, n° 222, p. 20, obs. F. Jault-Seseke). ما يبدو أنـه يتعلـق بالمفهوم أو بالممارسة الأكاديمية لحقوقيين يسيئون استعمال مؤهلاتهم من المحتمل أن يؤدي على العكس إلى نتائج مهمة بما أن اتفاق التحكيم يكون مبرماً من قبل الدولة (حول هـذا الموضـوع أخيرا، ,tional D. Cohen, Immunités d'exécution des États et arbitrage international, 159 .in Melanges en l'honneur du Professeur P. Mayer, op. cit., spéc. p). لأنه في ما يتعلق بالتنازل عن حصانة التنفيذ، إذا كان اتفاق التحكيم يشكل تماماً فعلاً صريحاً، فلا يمكن اعتباره بحد ذاته على أنه خاص. من خلال استبعاد الحالة الثانية هذه، يجوز عندها للقرار يمنح اتفاقات التحكيم المبرمة بين الدول قوة معززة تجيز التنفيذ على الأمـوال الـضرورية لإتمام المهام السيادية. لكن لا يكون الأمر على هذا الحال، إلا إذا اعتبرنـا أن اتفـاق التحكـيم ينطوي في جوهره وبشكل غير مباشر (بالإحالة إلى قواعد تحكيم)، على تعهـد بتنفيـذ الحكـم التحكيمي المستقبلي، مما يعني بحكم الواقع التنازل عما من شأنه عرقلة هذا التنفيذ، وفقاً للمنطق أن المعتمد في قرار Civ. 1°, 6 juill. 2000, no 98-19.068, Bull. Civ. I, n° ) Creighton 207; Rapp. C. cass. 2000; BICC 2000. 1187; D. 2000. 209, et 2001. 2139, chron. J. Moury; RTD com. 2001. 409, obs. E. Loquin; Bull. ASA 2000. 605, et obs. E. Gaillard p. 472; Gaz. Pal. 10-12 juin 2001, p. 18, obs. P. Théry; JDI 2000. 1054, note I. Pingel-Lenuzza; Rev. arb. 2001. 114 (1⁰e esp.), note P. Leboulanger; JCP E 2000. 223, note C. Kaplan et G. re Cuniberti). إن هذه "الجرأة التفسيرية" كما صنفها البروفسور Sylvain Bollée (مذكور سابقاً خاصة رقم 8)، تستحق أن توضع موضع بحث.
أيضاً، تحاول دولة هنا التهرب من حكم تحكيمي أشير إليه في القرار الأخير المعلق عليـه هنا. من خلال تمسكها بأن تنفيذ الحكم الذي أدينت بموجبه من شأنه أن يـضر بحقوقهـا بـشكل لجأت الدولة إلى القاضي المسؤول عن تحضير الدعوى لدى محكمة استئناف بـاريس لمحاولة توقيف هذا التنفيذ، من خلال إثارتها حصانتها القضائية ومخالفة مبدأ المساواة ومخالفـة المحكمين لمهمتهم ومخالفة النظام العام الدولي ومعاهدة استثمار ثنائية بطريقـة تخلـط الحـابـل بالنابل، لجأت الدولة إلى كافة الوسائل التي تملكها، اعتبر القاضي أن ذلك غير ضـروري، لأن "المبلغ المحكوم به الذي هو مبلغ مرتفع بالتأكيد (736 مليون دولار)، يجب أن يقدر على مستوى الدولة؛ إن وجود خطر يتعلق بعدم وجود تناسب بين التنفيذ الفوري للحكم والنتيجة المرجوة مـن الطعن هو أمر غير ثابت" ( Paris, ord., 29 janv. 2015, no 14/21103, République du Venezuela; Cah. arb. 2015. 293, note I. Léger; Global Arbitrage Review, févr. 2015, obs. D. Thomson 3). يؤكد هذا الحكم إذا المقاربة المحض إقتصادية المتبعـة للحصول على قرار التنفيذ، القائم بشكل أساسي على الطابع العكسي لها، ودون أي اعتبار لعلاقة الحجج القانونية بالموضوع. بعبارة أخرى، كلّما كنا مقتدرين ومليئين، يمكننا استعمال الخيــار المطروح في المادة 1526 بشكل أقل. إن هذا النص غير مخصص للأثرياء.
II - الطرق البديلة لحل النزاعات:
إن الطرق البديلة لحل النزاعات هي في تغير كامل. إذا ما عدنا إلى الماضي القريب، نجـد قانوناً ومرسومين وقراراً قلبوا الوضع بشكل ملحوظ. وإذا ما نظرنا إلى المستقبل القريب، نـرى مشروع قانون ومشروع قرار سیدخلان بدورهما تغييرات مهمة.
إن القانون المذكور هو القانون الشهير قـانون Macron رقـم 2015-990 تـاريخ 6 أغسطس 2015 ( .JO 7 août, p. 13537; Procédures 2015. Alerte 49, obs. A Bugada) التي أدخلت المادة 258 منه على الدعاوى أمام مجلس العمل التحكيمي، إمكانية إجراء اتفاق على إجراءات مشتركة من خلال تعديل المادتين 2064 و2066 من القانون المدني، كمـا إمكانية إجراء الوساطة الإتفاقية من خلال إلغاء المادة 24 من القانون رقـم 95-125 تـاريخ 8 فبراير 1995. امتداداً لهذا التعديل، ينص مشروع مرسوم بالفعل على أن كافة النزاعـات أمـام مجلس العمل التحكيمي سوف توجه من الآن فصاعداً إلى حل ودي للنزاع بعيداً عن القاضي.
من بين المراسيم التي صدرت، نذكر بالتأكيد أولا المرسوم تاريخ 11 مارس 2015 المتعلق بتبسيط الإجراءات المدنية وبالتبادل الإلكتروني وبالحل الـودي للنزاعـات (-2015 °Décr. n 282, 11 mars 2015, JO 14 mars, p. 4851; JCP 2015. 356, obs. H. Croze, et 464, obs. D. Landry; Procédures 2015. Étude 6, obs. Y. Strickler; RTD 2015, n° 129, p. 5, obs. E. Marti- com. 2015. 231, obs. J. Monéger: LPA Hocquenghem et D. Lods) الذي يفرض التزاماً يتمثل بالإشارة، في كل استدعاء أو طلب، إلى الإجراءات المتبعة "للتوصل إلى حل ودي للنزاع". يدل ذلك بالتأكيد على أن هذه الإجراءات تمت مسبقاً، الأمر الذي يدل على الأولوية التي أصبحت تعطى للطرق البديلة لحل النزاعات. لكن هذا الإلتزام الجديد هو إلتزام هش، لأنه لا يحدد أولاً الطبيعة التي يجـب أن تتـسـم بهـا هـذه الإجراءات، ثم لأنه مرتبط باستثناءات مهمة، وأخيراً وبالأخص، لأنه لا ينص على عقوبات.
يبقى أن الحل الودي يسبق بالضرورة المنازعة. والأفضل من ذلك: يتم إخضاع المنازعـة إلى محاولات الحل الودي لكي تنطلق. إنها بالفعل فلسفة جديدة لمسار الـدعوى يـتم إرسـاءها تدريجياً. نرى أيضاً الحل الودي مع مصدر القانون الثالث الذي تم إرساؤه أخيـراً، أي القـرار تاريخ 20 أغسطس 2015 الذي ترجم التوجيه رقـم UE/2013/11 تـاريخ 21 مايو 2013 المتعلق بالنظام غير القضائي للنزاعات الخاصة بالإستهلاك ( Ord. nº 2015-1033, 20 août 2015, JO 21 août, p. 14721; JCP E 2015. 680, obs. J.-B. Gouache; CCC Étude 11, obs. S. Bernheim-Desvaux .2015). هنا أيضاً، يكمن هدف هذا النص فـي تسهيل اللجوء إلى طرق حل ودية، ولكن للمستهلكين هذه المرة عندما يكونون في مواجهـة مـع مهنيين. بالتالي، تم تعميم الوساطة في مجال الإستهلاك، مع وسطاء تلتقي فيهم معـايير الجـودة والإستقلالية وتتم مراقبتهم وتقييم عملهم. تم تثبيت هذا القرار بموجب مرسوم تاريخ 30 أكتـوبر 2015، صدر إعمالا للمواد من واحد إلى أربعة من القرار لوضع الفصل V من الكتاب I مـن القانون المتعلق بالإستهلاك المعنون "الوساطة في النزاعات الخاصـة الإستهلاك" ( °Décr. n .(2015-1382, 30 oct. 2015, JO 31 oct., p. 20408
أما بالنسبة للمشاريع الوشيكة الحدوث، إلى جانب تعديل القانون الذي يرعى العقود المـشار إليه أعلاه، والتي يجب أن تطبق المادة 1230 منه المرتقبة على كافة شروط النزاع، أي علـى شروط الحل الودي أيضاً، تنهي هذه البانوراما، بالعودة إلى نقطة الإنطلاق، من حيث بـدأنا، أي مع مشروع القانون حول عدالة القرن الحادي والعشرين الذي لا يكتفي باقتراح وضع اللمـسات الأخيرة على المواد المتعلقة بالتحكيم، ولكن أيضاً على تلك المتعلقة بالصلح الدراسة شاملة، .W Dross et B. Mallet-Bricout (dir.), La transaction. Propositions en vue de la réforme du titre XV, livre troisième du code civil « Des transactions », Doc. 2014 ,.Fr)، هذان هما النصتان الأكثر رمزية اللذان يمكن في بادئ الأمر حذف الأجزاء الرديئة وغير المفيدة منهما، واللذان يعودان للعام 1804: المادة 2044 من القانون المدني، أخيراً ليضاف شرط "التنازلات المتبادلة" على تعريف الصلح، والمادة 2052 من القانون نفسه لتكريس دفع بعدم القبول مستقل بالنسبة إلى النزاع الذي تم الصلح عليه بدلا من قوة قضية مقضية غيـر ملائمـة. تنتج من الصلح آثار إجرائية دون أن تكون مع ذلك حكماً. يجب أن تتم المحافظة على خصوصية الصلح وإلقاء الضوء عليه بشكل أفضل تماماً كالتحكيم.