التحكيم / انواع التحكيم الدولي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 26 / بانوراما: التحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات" نوفمبر 2013 - ديسمبر 2014
ان ماجيستر التحكيم والتجارة الدولية لدى جامعة "فرساي - سان کانتان" مشهور! کونی علمت قانون التحكيم، والممارسات السليمة التي ترافق ذلك، كان من المحـتم أن نعيـد إلـى التحكيم أمجاده وأن نعتبره سلطة عند اللجوء إليه. فأمام محكمة استئناف تـونس، تفخـص مستأنف لائحة المسجلين في الماجيستر البالغ عددهم 111 شخصاً معتقداً نفسه أنه كشف صلة تبعية بين اثنين منهم تبرر إيطال حكم التحكيم. بالنسبة إلى هذا الماجيستر، دخوله في الاجتهاد بهذه الطريقة، التي هي أيضاً غريبة، يشكل نوعاً من التكريس له أقل من عشر سنوات منـذ بدء تعليمه. وما هو أفضل من ذلك أيضاً هو أن واقع أن تكون محكمة تـونس ردت الطعـن على أساس أن هذه الصلة التعليمية والفكرية المحض لا يمكنها أن تعرض استقلالية المحكـم للخطر، يقترن بطريقة مثالية بما يجب أن يتمحور حوله الكشف: الصلات المالية، نعـم، أمـا الصلات الأخرى فلا. باختصار، إن المسجلين في ماجيستر التحكيم والتجارة الدولية يشكلون عائلة بالتأكيد، ولكن كل واحد منهم مستقل.
علاوة على القرارات التي لا تعد ولا تحصى الصادرة حول استقلالية المحكـم، وهـي مسألة لا تنفك تشغل المحاكم الفرنسية، يمحص البانوراما أدناه 64 قراراً أساسياً صدر خـلال السنة المنصرمة، ملاحظاً في الوقت عينه عودة دعاوى الغش أو الفساد فجأة بحدة التي يمكن أن يكون التحكيم حاضنا لها إذا لم تسهر محكمة استئناف باريس على تجنب أن مـلاذا يصبح للممارسات السيئة التي من الممكن أن تودي به.
I.التحكيم:
أ. اتفاق التحكيم:
1) إستقلالية اتفاق التحكيم:
إن مبدأ استقلالية شرط التحكيم، المثبت في العام 1963 بموجب قرار Gosset الذي هـو نفسه كان أسـاس قـانون التحكـيم الـدولي الفرنسي ( T. Clay et P. Pinsolle, French 1963-2007, 1 °International Arbitration Law Reports spéc. n)، احتاج حتى العام 2002 لتعترف به محكمة التمييـز فـي القـانـون الـداخلي (-00 °Civ. 2°, 4 avr. 2002, n Barbot, D. 2003. 1117, note L. Degos, et 2470, obs. T. Clay ,18.009)، ولو لم يشك أحد بذلك. في الحقيقة، إن فرص تأكيد ذلك نادرة، ولذلك يجـدر الإشـارة إلـى قـرارين صادرين، بفارق شهر واحد بينهما، عن الغرفة المدنية الأولى لمحكمة التمييز نصا علـى هـذا المبدأ بقوة مضاعفة عشر مرات.
في الدعوى الأولى، نقضت محكمة التمييز قراراً، بكافة جوانبه الأساسية، للتذكير بـأن استقلالية شرط التحكيم لا تتأثر بغياب دليل على وجود العقـد الأصـلي ( Civ. 1, 14 mai 2 2014, n 13-15.827, Hautbois, RTD civ. 2014. 641, obs. H. Barbier; Procédures 2014. 207, note L. Weiller; JCP 2014. 857, § 1, obs. C. Seraglini). في هذه الدعوى، اعتبرت محكمة استئناف باريس أنه لا يوجد أي بدء بينة خطيـة على العقد وأن هذا النقص لا يعوض عنه لا الادعاء بأعراف المهنة ولا وجود كثرة أعمال بـين الطرفين. إذن، لم يكن شرط التحكيم الوارد في شروط الشراء العامة صحيحاً وعليـه، توجـب إبطـال حـكـم التحكـيم ( .Paris, 4 déc. 2012, n° 11/17334, D. 2013. 2936, obs. T Clay; Rev. arb. 2013. 449, note D. Vidal; LPA 2013, n° 85, p. 12, note S. obs. D. Bensaude). صـدقت الغرفـة 2013, p. 19, janv. Pal. 6-8 Akhouad; Gaz. المدنية الأولى على هذا الاستدلال مذكرة بالمادة 1447 من قانون المرافعات المدنية التي تـنـص على أن "اتفاق التحكيم مستقل عن العقد الذي يتعلق به ولا يتأثر بما إذا كان هذا العقد غير منـتج لآثاره". وهكذا، تعطي محكمة التمييز لعبارة "غير منتج لآثاره" المعنى الذي كان يـود واضـعو المرسوم رقم 2011-48 تاريخ 13 يناير 2011، الناتجة عنه هذه العبارة، أن يعطوها إيـاه إرادياً المعنى الواسع وأخيراً القانوني بعض الشيء، ليشملوا كل الحالات. مع هذا القرار، يـدمج الاجتهاد غياب الدليل مع عدم إنتاج العقد لآثاره ويجعل مبدأ استقلالية شرط التحكيم يغلب علـى مقتضی وجود دليل.
في الدعوى الثانية، ورد شرط التحكيم في بروتوكول تنازل عن أسهم نجـم عنـه نـزاع حرصاً منهما على تجنب تحول النزاع إلى ما هو أسوأ، توصل الطرفان إلى تسوية حلت محـل بروتوكول التنازل عن الأسهم، باستثناء ما يتعلق بشرطين (شرط عدم المنافـسـة وشـرط عـدم التحريض)، من خلال إدراج شرط تحكيم جديد في التسوية. نظراً إلى أنـه مـن الواضـح أن الطرفين المتعاقدين يحبّان الخصام، تم أيضاً التنازع في تنفيذ التسوية. وعليه، باشر أحد الطرفين الإجراءات التحكيمية على أساس شرط التحكيم الأول، ذاك الوارد في بروتوكول التنـازل عـن الأسهم، صدر بموجبها حكم تحكيمي. طعن في حكم التحكيم هذا على أساس أن شرط التحكيم لا قائماً دون البروتوكول نظراً إلى أنه لم يرد في التسوية ضمن البنود التي استعيدت. رفـض الطعن وأيدت محكمة التمييز القرار المطعون فيه على أساس، من جهة، أنه بإعادة إدراج شـرط تحكيمي في التسوية، يكون الطرفان أكدا إرادتهما في إخضاع نزاعهما إلى التحكيم، ومن جهـة أخرى، أن شرط التحكيم بقي قائماً دون بروتوكول التنازل بفعل استقلاليته ( .Civ. 1, 2 avr يبقى 2014, nº 11-14.692 AJCA 2014. 177, obs. M. de Fontmichel; Rev. sociétés 2014. 584, note B. Le Bars; Procédures 2014. 175, note L. Weiller; JCP 2014. 857, § 1, obs. C. Seraglini, et 502; LPA 2014, n° 214, p. 4, obs. A. 2014 .Lapunzina-Veronelli; Dépêches J.-C1. 10 avr). بعبارات أخـرى، لا يحتـاج شرط التحكيم أن يتم النص عليه حتى يبقى قائماً دون السند الذي يرد فيه، فهو قائم بحـد ذاتـه. والأفضل هو أنه عندما يولي الأطراف صراحة إهتماماً خاصاً بعدم إدراجه ضمن البنـود التـي تمتد إلى عقد آخر، يفرض شرط التحكيم نفسه. في الحقيقة، من المستحيل التخلص مـن شـرط التحكيم وهذا أفضل لأن هدفه بالتحديد هو تسوية النزاعات الناشئة عن العقد الذي يرد فيه. أكان النزاع ناشئاً الآن أو سينشأ في المستقبل، يبقى شرط التحكيم حاضراً يختبئ في ظـل النزاعـات المحتمل نشوئها. بالنسبة إلى محكمة التمييز، يفرض مبدأ استقلالية شرط التحكــم نفـسـه مهمـا حصل. هذا الحل، الذي يجدر الموافقة عليه، يجد حدوده ربما في ذكر الأطراف، في قلب شرط التحكيم، أنهم يتنازلون عن استقلاليته، أو في الشرط اللاحق الذي بموجبه يبينون صراحة أنهـم يتخلون عن شرط التحكيم الوارد في العقد السابق. مبدئياً، لا شيء يمنع نوعـاً مـا "استقلالية الاستقلالية" هـذه ( V. D. Mouralis, favorable à la soumission de la clause compromissoire à une loi nationale, Paris Journ. Intern. Arb. 2012. 167,14 °spéc. n)، حتى لو لم يكن بعض المؤلفين القانونيين مؤيدين لها ( L. Bernheim-Van de Casteele, Les principes fondamentaux de l'arbitrage, Bruylant, 2012, spéc. 77 n2). بعبارات أخرى، إذا كان مبدأ استقلالية شرط التحكيم متيناً للغاية ويطبـق حـتـى بعـد انقضاء أجل العقد الأصلي، إلا أنه ليس من النظام العام رغم ذلك.
2) صحة اتفاق التحكيم:
كان لقانونين حديثين أثر على صحة شرط التحكيم هما القانون الشهير رقـم 2014-344 تاريخ 17 مارس 2014 المتعلق بالاستهلاك، المعروف بقانون "هامون" (Hamon)، الذي أنـشأ الـدعوى الجماعيـة ( JO 18 mars, p. 5400; D. 2014. 879, obs. C. Aubert de Vincelles et N. Sauphanor-Brouillaud, 889, obs. D. Ferrier, et 947, obs. N. (Molfessis; JCP E 2014. Etude 1144, obs. D. Mainguy et M. Depincé والقانون رقم 2014-1170 تاريخ 13 اکتوبر 2014 حول إنجاح مستقبل الزراعـة والتغذيـة والغابات ( JO 14 oct., p. 16601; RD rur. 2014. Repère 9, obs. J.-F. Barbieri, et obs. E. Mallet ,112 .2014). اعتمد هذان القانونان بفارق عدة أشهر بينهما، ومع ذلك لهمـا مقاربة معاكسة جذرياً في ما خص التحكيم تبين غياب الرؤية المتماسكة للمشرع في هذا المجال. في الواقع، يظهر الأول، أي قانون "هامون" (Hamon)، شكاً تجاه التحكيم بما أنه أدخـل مـادة جديدة هي "ل. 423-25" (25-423 .L) في قانون الاستهلاك تنص على أنه "يعتبر غير مكتوب كل شرط هدفه أو أثره منع مستهلك من المشاركة في دعوى جماعية". رغم وضوح هذا المنـع الذي يستهدف طبعاً شرط التحكيم، إلا أنه يتضمن حدين. من جهة، إنه يستهدف فقـط الـدعاوى القضائية الجماعية التي تعرقلها شروط التحكيم، ولن يمنع إذا دعاوى التحكيم الجماعية التي تنشأ تحديداً من شروط التحكيم، والتي تتبلور خارج الإطار القضائي. من جهة أخرى، هذا المنـع لا يتعلق إلا بالتحكيم الداخلي ولا يمتد إلى التحكيم الدولي، إلا لإضفاء صفة القانون الأمر على هذه المادة الجديدة، بما أنه من المعروف أن نصوص النظام العام قابلة للتحكيم، وفقاً للاجتهاد المستقرّ منذ عقود، وأن شرط التحكيم صحيح في العقد الدولي للاستهلاك (راجع، حول هـذا المـسألة: M. de Fontmichel, Arbitrage et actions de groupe les leçons nord- américaines, Rev. arb. 2008. 641; Le faible et l'arbitrage, Economica, 2013, - 584-610 °spéc. n° 212-218 et n). هذا أيضاً ما فهمته عدة شـركات إنترنـت عملاقـة كـ "إيباي" (eBay) أو "دروب بوكس" (Dropbox)، التي أدرجت شروط تحكيم فـي شـروط البيع العامة الخاصة بها ما إن دخل القانون حيز التنفيذ. إلا أنه يبقـى صـحيحاً، فـي التحك الداخلي، أن يعتبر شرط التحكيم غير مكتوب إذا منع الدعوى القضائية الجماعية. يجب المقابلـة بين هذا الجزاء والمادة "ر. 132-2، 10"" (210-132 .R)، من القانون نفسه الذي، بحـق، يدرج الشروط الخاصة بالنزاعات، إذا شروط التحكيم، على القائمة الرمادية، أي الشروط التـي تعتبر تعسفية ولكن ليس بشكل غير قابل للدحض.
يتبع قانون "هامون" (Hamon) في ما خص هذا الموضوع مقاربة معاكسة تماما لتلك التي يتبعها القانون الثاني المشار إليه هنا الذي يدرج حتى فقرة معنونة "تسوية النزاعات" في الجـزء التشريعي للقانون الزراعي والصيد البحري، بغية تشجيع اللجوء إلى التحكيم عند فشل الوساطة، سواء للعقود التي يكون موضوعها بيع منتجـات زراعيـة أو غذائيـة (المـادة "ل. 631-28" 631-28 .L) من القانون الزراعي الجديد) أو للاتفاقات المبرمة ما بين المهنيين المتعلقـة ببيـع منتجات زراعية مخصصة لإعادة البيع أو للتحويل التي حتى "ينصح" التحكيم فيهـا (المـادة "ل. 29-631" (631-29 .L) من القانون الزراعي الجديد). يبين هذا القانون أنه لم يبق تقريبـاً أي مجال غريب عن التحكيم وأن من صلب مهام هذا الأخير إختراق كل العلاقات المهنية، بما ف ذلك إذا تلك، مبدئياً، التي ستكون الأكثر صموداً أمامه، كتلك الخاصة بالقانون الزراعي.
ما هو مذهل أكثر، كتوضيح لتقدم التحكيم الذي لا يقهر، هو تكريسه في العلاقات المهنيـة بين المحامين في حين أنه، حتى عهد قريب، كانت تفرض عليهم الإجراءات الموصـوفة خطـاً بالـ "تحكيم" أمام نقيب المحامين. مع هذه الإجراءات الإلزامية، كان المحامون تقريباً المهنيـين الوحيدين الذين لا يستطيعون الوصول إلى التحكيم الخاضع للقانون العام، وهذا كان غريباً. بعـد سنوات من النهج التصوري المعتاد، أصبحت مهنة المحاماة أخيراً مرتبطة بنظام التحكيم الخاضع للقانون العام. تطلب الوصول إلى هذا التغيير نزاع نشأ بين محـام فـرنـسـي ومكتـب المحامـاة الإنكليزي الذي يعمل فيه. في حين أن المحامي رفع النزاع إلى نقيب المحامين الذي طمأنه، احتج مكتب المحاماة بشرط التحكيم الوارد في نظامه الأساسي الذي ينص على التحكيم في لندن. كـان يوجد إذا، نوعا ما، تنازع تحكيمات بين التحكيم الحقيقي الناشىء عن شرط التحكـيم والتحكـيم المزيف المفروض من نقيب المحامين. حتى لو لم يحد "المجلس الوطني لنقابات المحامين" أبـداً من جهوده في الدفاع عن الطابع الإلزامـي ( 20 ,022-2012 °CNB, comm. RU, avis n 2012 juin) والحصري (2010 CNB, comm. RU, avis n° 2010-032, 24 juin) فى الوقت نفسه لاختصاص نقيب المحامين، فإن محكمة التمييز، التي هي بوضوح دقيقة أكثر في ما خص المفاهيم، لم يكن عليها سوى أن تقضي، في قرار مؤرخ في 9 يوليو 2014، بـأن شـرط التحكيم يلزم من يوقع عليه ( ;1553 .2014 .Civ. 1'°, 9 juill. 2014, n° 13-13.598, D D. avocats 2014. 310, obs. G. Royer; Dalloz actualité, 2 sept. 2014, obs. A. Portmann; Procédures 2014. 268, note L. Weiller; JCP 2014. 1093, § 6, obs. 837 G. Pillet, et). مع هذا القرار، جعلت محكمة التمييز شرط التحكيم قابلاً للاحتجاج به ضدّ نقيب المحامين الذي أصبح في مقام قاض محترف تابع في غياب اتفاق أفضل بين الأطراف.
لا سيما وأن شرط التحكيم، في الوقت عينه، يستمر في توسيع نطاق صحته. من الواجـب التمييز، في ما خص هذه النقطة، بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي. بالنسبة إلى الأول، وفقـاً لقاعدة أصبحت الآن مستقرة، يتمتع شرط التحكيم "بصحة وفعالية خاصتين به تقـضيان بامتـداد تطبيقه إلى الأطراف المعنيين مباشرة في تنفيذ العقد وفي النزاعات التي من الممكن أن تنشأ عن ذلك"، كما ذكرت به أيضاً محكمة إستئناف باريس في قرار مهـم أصـدرته ( .Paris, 28 oct n° 13/18811, Etat libyen ,2014). وبدقة أكثر، وفقاً للمحكمة ذاتها: "بموجب قاعدة ماديـة من قانون التحكيم الدولي، مطبقة على تحكيم مقره في فرنسا، يكون شرط التحكيم مستقلاً الناحية القانونية عن العقد الأصلي الذي يرد فيه؛ إذن، يقدر وجوده وفعاليته، مع مراعاة النظـام العام الدولي، وفقاً للإرادة المشتركة للأطراف، دون أن يكون من الضروري الإحالة إلى قـانون من قوانين الدولة. (...) إن الإحالة إلى قانون من قوانين الدولة ليس لديها تأثير على بت مـسألة وجود اتفاق التحكيم وصحته" ( Paris, 11 févr. 2014, n° 12/19130, Pezzullo Molini Mangimifici SpA, LPA 2014, n° 214, p. 7, obs. L. Zelikson)، مـع أن الحل ليس جديداً، إلا أنه سمح، في هذه الدعوى، باعتبار البريد الإلكتروني الذي يشير صـراحة من Partivici إلى العقد، الذي يحيل بدوره إلى النظام الذي يرد فيه شرط التحكيم، أنه موافقة على ذلك.
في مجال التحكيم الداخلي، تخضع صحة شرط التحكيم لشرطين، أولهمـا يتعلـق بالـشكل وثانيهما يتعلق بالموضوع. بالنسبة إلى الشكل، تقضي المادة 1443 من قانون المرافعات المدنية أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً كشرط لصحته. طبعاً، لا يتعلق الأمر بالضرورة بمحرر خاص، إذ أن تبادل مستندات خطية بسيط يمكن أن يكفي، كما تنص عليه المادة ذاتها. عندما واجهت محكمة إستئناف باريس هذا الوضع، أبطلت حكماً تحكيمياً لغياب دليل عن وجود اتفاق التحكيم الذي لـم يحرر كتابة في حين أن قيمة العقد تجاوزت الــــ 1500 يورو ( °Paris, 8 avr. 2014, n EARL des Laviers ,13/10022). في الحقيقة، خلافاً لما يمكن أن يجعلنا هذا القرار نعتقـد، إن كون اتفاق التحكيم غير مكتوب يجعله باطلاً ولا يؤثر عليه فقط في قوته الثبوتية.
أما في ما يتعلق بالموضوع، فإن المادة 2061 من القانون المدني هي التي، دائماً وحـصراً في مجال التحكيم الداخلي، تضع كشرط أن يبرم شرط التحكيم لمقتضيات مهنية. عندما أدرجـت هذه المادة في العام 2001 في القانون المذكور، أحلت التفاوت بين ما هو خاضع لمهنـة وغيـر خاضع لمهنة محل التفاوت القديم العهد بين ما هو تجاري ومدني. ميزة هذا المعيار الجديد هـي أنه أوسع من العمل التجاري ويشمل القطاع المهني المدني بأكمله (التأمين، العقـارات، المهـن الحرة، حقوق المؤلف، الزراعة، إلخ...). إلا أنه بقيت مسألة واحدة خارج هذا الإحـلال، هـي العمل التجاري غير الخاضع لمهنة. يجدر القول أن حصول ذلك نادر. إلا أنه حـصل، بفـارق سنتين، وكان يتعلق بشرط التحكيم المدرج في عقد تجاري أبرمه شخص متقاعد. فـي حـين الغرفة المدنية الأولى في محكمة التمييز اعتبرت، في قرار ذي وقع أصدرته في يوم من أيام سنة كبيسة، أن شرط التحكيم الوارد في عقد تجاري باطل إذا كان أحد الطرفان المتعاقـدان متقاعـداً # Civ. 1, 29 févr. 2012, n° 11-12.782, D. 2012. 689, obs. X. Delpech, 1312, ) note A.-C. Rouaud, et 2991, obs. T. Clay; Rev. arb. 2012. 359, note M. de Fontmichel; JCP 2012. 310, obs. J. Béguin, 405, note J. Monéger, et 843, § 1, obs. J. Ortscheidt; Procédures 2012. 117, note L. Weiller; LPA 2012, n° 102, p. 11, note V. Legrand, n° 135, p. 7, note A.-S. Courdier-Cuisinier, et n° 187-88, p. 14, note E. Faivre; Lamy actualisation Code de procédure civile commenté, n° 124, avr. 2012, note L. Bernheim-Van de Casteele ; Gaz. Pal. 13-17 juill. 2012, p. 18, obs. D. Bensaude ; Loyers et copr. 2012. obs. E. Chavance ,113)، غيرت موقفها في قرار أصدرته في 22 أكتوبر 2014 ( .Civ 1, 22 oct. 2014, n° 13-11.568, D. 2014. 2180; JCP 2014. 1138, obs. B. Le Bars). فاعتبرت أن شرط التحكيم ليس بأطلا بوضوح ما دام أن العقد الذي يرد فيه هـو عقـد تجاري (تنازل عن الإشراف)، حتى عندما يفعله محيلون متقاعدون. بغية التوصل إلى هذا الحل، بدلاً من الاستناد إلى المادة 2061 من القانون المدني، أعادت محكمة التمييز إحيـاء المـادة "ل. 3-721، 3"" (721-33° .L) من قانون التجارة، وهي نادرة التطبيق جدا. هذه المادة، وهـي ليست غير المادة 631 القديمة من قانون التجارة لعام 1807، استفادت فـي العـام 1925 مـن إضافة تعترف خاصة بصحة التحكيم في العقود التجارية. في حين أنه كان يمكننـا أن نعتقـد أن المادة 2061 من القانون المدني والمادة "ل. 721-3، 3" (°3,3-721 .L)، من قانون التجارة تبطل إحداهما مفعول الأخرى منذ صدور القرار المؤرخ 29 فبراير 2012، قامت محكمة التمييز بجمعهما، حرصاً منها على تشجيع التحكيم أكثر، بغية التوصل أخيراً إلى تعــد فـي القواعـد الخاصة بشرط التحكيم الداخلي، الذي هو صحيح لأنه يتعلق إما بعلاقات مهنية (المادة 2061 من القانون المدني) أو بعقود تجارية "ل. 721-3، 3°" (3 ,3-721 .L)، من قانون التجارة، وقلمـا تهم صفة الأطراف، أكانوا متقاعدين أو تجاراً، عند تكوين الاتفاق. ما يهم هو العقد. إن المقاربة الموضوعية تطغى على المقاربة الذاتية التي فضلها مع ذلك القرار الصادر في 29 فبرايـر .2012
كان قانون التجارة أيضاً موضوع قرار صدر في الأول مـن يوليو 2014 ( Paris, 1er juill. 2014, n° 13/09208, Scamark, JCP 2014. 1018, note N. Mathey) حـول فسخ علاقات تجارية راسخة. نعرف أن نزاعاً نشأ عن هذا الفسخ أحيل أمام المحـاكم التجاريـة وأن محكمة إستئناف باريس استندت إلـى المـادتين "ل. 442-6، 5°" (°6-442 .L)، و"د. 3-442" (442-3 .D) من قانون التجارة لإعطائها اختصاصاً حصرياً. ولكن ماذا يحصل عندما يرد شرط تحكيم في العقود غير المجددة؟ هل يمكن تطبيقه؟ السؤال مثير للاهتمام لا سيما وأن الأمر يتعلق هنا بالمسؤولية المدنية التقصيرية. في الحقيقة، لقد سبق للاجتهـاد أن رد بالإيجـاب على هذا السؤال من خلال الدفاع عن ملاحق العقد المتضمن شرط التحكيم وعن الحل التقليـدي 110 القائل بأن نصوص النظام العام لا تجعل النزاع غير قابل للتحكيم، في الوقت عينه في قرار لـه obs. X # وقع ( .Civ. 1%, 8 juill. 2010, n° 09-67.013, Doga, D. 2010. 1797, Delpech, 2884, note M. Audit et O. Cuperlier, 2540, obs. N. Dorandeu, et 2933, obs. T. Clay; Rev. crit. DIP 2010. 743, note D. Bureau et H. Muir Watt; RTD com. 2011. 667, obs. P. Delebecque, et 2012. 525, obs. E. Loquin) وفي قرار آخر حديث جـداً ( Paris, 18 mars 2014, n° 12/13601, Sept de coeur). إلا أن الطعن المقدم في هذه الدعوى ضد اختصاص هيئة التحكيم كان يستند إلى أساس متين أكثر، ألا وهو الاختصاص الحصري للمحاكم القضائية فـي مجـال الممارسـات المقيـدة للمنافسة، من بينها فسخ العلاقات التجارية الراسخة. ردت محكمة استئناف باريس الحجة علـى أساس أن الاختصاص الحصري الذي يمنحه قـانون التجـارة "هدفـه تكييـف الإختـصاصات والإجراءات القضائية على مستوى تقنية هذا القضاء، ولكن ليس تخصيصه للمحـاكم النظاميـة؛ (...) [ولا] استبعاد اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاعات الناشئة، بين الفاعلين الاقتصاديين، عـن تطبيق هذا النص". بعبارات أخرى، إن هذا الاختصاص الحصري ليس حصرياً! نجد هنا المنطق نفسه للاختصاص الحصري المزعوم لمحكمة التحكيم التي تعنى بشؤون العمال في ما خص عقد العمل الذي يمكن، في القانون الوضعي، أن يتضمن شرطاً تحكيمياً أو أن يكون موضوع مشارطة تحكيم، مما لا يترك لمحكمة التحكيم التي تعنى بشؤون العمال إلا اختصاصاً مشتركاً. كما تضيف محكمة إستئناف باريس أن "واقع أن تكون المادة "ل. 442-6" (6-442 .L) من قانون التجـارة تخول النيابة العامة ووزير الاقتصاد رفع دعوى مستقلة أمام المحاكم النظامية بغية حماية عمـل السوق والمنافسة من خلال إيقاف الممارسات غير المشروعة وتطبيق غرامات مدنيـة" لا يمنـع اللجوء إلى التحكيم، إلا أن لا النيابة العامة ولا وزير الاقتصاد يمكنه رفـع نـزاع أمـام هيئـة التحكيم. أخيراً، مستعيدة القرارين المذكورين سابقاً حول هذه النقطة، توسع المحكمة نطاق تطبيق شرط التحكيم ليشمل المسؤولية المدنية التقصيرية وتقضي بأنه "يتضح سواء من بنيـة الاتفـاق، الذي ينظم كامل العلاقات التعاقدية بين الأطراف، أو من عمومية عبارات شرط التحكيم، أن نية المتعاقدين المشتركة كانت إخضاع كل النزاعات الناشئة عن العقد، خلال تنفيذه أو بعد انتهائـه، إلى التحكيم دون التوقف عند التكييف التعاقدي أو التقصيري للدعوى المرفوعة". يتعلـق الأمـر قطعاً بقرار مهم يعزز صحة شرط التحكيم التي لا تتأثر لا بنص من نصوص النظام العـام ولا باختصاص قضائي حصري ولا بتدخل محتمل للنيابة العامة أو لوزير الاقتصاد ولا بالطبيعـة التقصيرية للدعوى التي تشكل أساساً لها. باختصار، في ما يتعلق بقانون المنافسة، لا شيء يبـدو أنه يمنع اتفاق التحكيم من إنتاج آثاره.
تخرج صحة اتفاق التحكيم معززة أكثر وأكثر، في التحكيم الداخلي كما في التحكيم الدولي، من خلال ثلاثة قرارات حديثة رفضت كل تأثير يتعلق بالتشكيل المعيب لهيئة التحكيم على صحة شرط التحكيم، لا عدم استقلالية المحكم ولا نزاع أحد الأطراف مع مركز التحكيم ولا مخالفة مبدأ المساواة بين الأطراف من شأنها أن تبطل شرط التحكيم.
إن الحكم الصادر في الدعوى الأولى مهم، مع مهم، مع أنه صادر عن محكمة أول درجـة أولـى محكمة الأمور المستعجلة، لأنه يسمح بوضع حد للالتباس الثابت الذي يهمني جداً لأنني استشرتُ في الدعوى المذكورة. في هذه الدعوى، كان طرفاً يدعي أن عدم استقلالية المحكمين تجعل شرط التحكيم باطلاً. يجيب القاضي المساند هنا بوضوح تام قائلاً: "إن عدم استقلالية و/أو عدم حيـاد المحكمين، إذا بالطبع يمكنه أن يكون أحد أسباب بطلان حكم التحكيم الذي أصدروه، ليس سـباً لبطلان شرط التحكـيـم بحـد ذاتــه" ( ,13/58916 °TGI Paris, ord., 13 févr. 2014, n Alicantes, LPA 2014, n° 214, p. 12, obs. O. Loizon et A. Meyniel). لمـا كـان بإمكاننا قول أفضل من ذلك. يجدر في الواقع التذكير بأنه لا يمكن اعتبار عدم استقلالية المحكم، إذا ما افترضنا أنها مثبتة، كخطأ في الشخص نفسه أو كخطأ منصب على الصفات الجوهرية لهذا الأخير، بمعنى عيب في الرضا يسمح يإبطال العقد لسبب بسيط هو أنه طرف ثالث بالنسبة إلـى أطراف العقد. إلا أن الخطأ المنصب على الصفات الجوهرية للشخص لا يمكنه أن يـؤدي إلـى إبطال العقد إلا إذا كان يتعلق بأحد المتعاقدين. هذا التوضيح، الذي كان يدعو إليه الفقه منـذ مـا يقارب 15 سنة (653-649 °T. Clay, L'arbitre, Dalloz, 2001, spéc. n)، لم يـذكر إلا مرة واحـدة فـي الاجتهاد ( Civ. 17°, 3 juill. 1996, n° 94-15.729, Commune de Venthon, D. 1996. 323, obs. P. Delebecque; RTD civ. 1996. 895, obs. J. Mestre)، في حين أن العديد من القرارات المتناقضة التي لا تميز اتفاق التحكيم، الذي لا يكون المحكم طرفاً فيه، من عقد المحكم، الذي يكون المحكم طرفاً فيه، يستشهد بها دائماً كأمثلـة عـن الخطأ في الشخص نفسه في آخـر طبعـات مـن "دالـوز" (Dalloz) و"لاكـسيس ناكـسيس" (LexisNexis) من القانون المدني، تحت المادة 1110 وفي الكتب الوجيزة الأساسية في قانون الموجبات ( .Com. 16 juill. 1964, Georges, Bull. civ. III, n° 375; Civ. 2°, 13 nov 1969, Ury, Bull. civ. II, n° 305; 13 avr. 1972, n° 70-12.774, Ury; 20 févr. 1974, n° 72-11.221, FACO; Paris, 9 avr. 1992, L 'Oréal, Rev. arb. 1996. 483 (2° esp.), obs. P. Fouchard, p. 325, spéc. n°° 11, 18, 28, 35, 56, 61 et 72 s.; 12 nov. 1998, Azzaro Finazza, Rev. arb. 1999. 374, note C. Jarrosson et obs. 12 M. Henry, p. 193, spéc. n°° 3 et). في الحقيقة، يوجد على الأقل حالة يمكن فيها لعدم استقلالية المحكم أن تؤثر على صحة اتفاق التحكيم: عندما يكون اختيـار المحكـم هـو أسـاس الموافقة على التحكيم. يمكن إذا لعدم لياقة المحكم أن تؤدي إلى بطلان اتفاق التحكـيم. لمعرفـة ذلك، يجدر تفسير إرادة الأطراف. إلا أن إسم المحكم الوارد في اتفاق التحكيم يمكـن أن يـشكل دليلاً قوياً بأن الأطراف لم يريدوا التحكيم إلا مع هذا المحكم بالذات. مع ذلك، إن ذكر المحكم لن يكون له القوة نفسها إذا كان الأمر يتعلق بمشارطة تحكيم (حيث غالباً ما يرد) أو بشرط تحكـيم (حيث نادراً ما يشار إليه). كان يمكننا إذا أن نعتقد، في الحالة الثانية، أن تحديد إسم المحكم يمكنه بسهولة أن يفسر كواقع أن الأطراف لم يريدوا التحكيم إلا مع هذا المحكم بالذات. مـع القـرار المعلق عليه هنا، نرى أن الأمر، حتى في هذه الفرضية، ليس تلقائياً، وأن اختيـار المحكمـين بالاستناد إلى شرط التحكيم لا يكفي لأن يؤدي إلى بطلانه عندما لا يكونون مستقلين. يجدر بكـل بساطة اختيار غيرهم، فالمحكم السييء لا يطرد التحكيم.
الأمر سيان في حال كان مركز التحكيم في نزاع مع أحد الأطراف، فهذا لا يؤثر في صحة اتفاق التحكيم. هذا ما قضت به، صواباً، محكمة إستئناف باريس في دعوى بأشـر فيهـا أحـد الأطراف نزاعاً ضد مركز التحكيم المكلف تنظيم الإجراءات التحكيمية، محتجاً بذلك لاحقاً ليدعي أن شرط التحكيم الذي يشير إلى هذا المركز كان بوضوح غير قابل للتطبيـق ( .Paris, 8 avr n° 12/20478, Nykcool AB ,2014). كان النهج واضحاً. يوفر القرار الإجابـة قـائلاً أنـه "نظراً إلى أن" مركز التحكيم "ليس لديه وظيفة قضائية، إن النزاعات التي يمكن أن تـضـعه فـي مواجهة أحد الأطراف لا تعيق تنظيم التحكيم طالما، كما كانت الحالة عليه في الدعوى المذكورة، أنه يمكن للقاضي المساند، عند الاقتضاء، أن يحل صعوبات تشكيل هيئة التحكيم." إذا كان الحـلّ مقنع، إلا أن التسبيب مشكوك فيه لسببين. من جهة، لأن ذلك قد يجعلنا نفكر بالعكس أن النـزاع مع المحكم، الذي يتمتع بسلطة قضائية، قد يجعل اتفاق التحكيم باطلاً. يكفـي إذا رفـع دعـوى قضائية ضد المحكم لإبطال شرط التحكيم، مما يشجع مناورات المماطلة ويـضعف كـل البنيـة التحكيمية. من جهة أخرى، لأنه يتوجب على مركز التحكيم أن يعرف كيف يواجه وضعه موضع المساءلة دون الاحتماء وراء القاضي المساند الذي اختصاصه هو بالضبط فرعـي لاختـصاص مركز التحكيم (مراجعة، فـي هـذا المعنى، ,TGI Paris, ord., 23 oct. 2013, Dassier infra). بعبارات أخرى، إن النزاعات الناشئة بين العاملين في مجال التحكيم لا يجب أن تـؤثر في اتفاق التحكيم.
الأمر سيان في ما يتعلق بطرق تشكيل هيئة التحكيم التي، حتى إذا كانت لا تحتـرم مبـدأ المساواة بين الطرفين المكرس، لا تؤدي إلى بطلان شرط التحكيم. هذا ما بينته محكمة التمييـز في قرار سبق ذكره: "إن المخالفات المزعومة التي طالت طرق تعيين المحكم لا تؤثر على صحة شرط التحكيم بحد ذاته" (.Civ. 1, 9 juill. 2014, n° 13-13.598, préc). نقرأ أيضاً هـذا الحل ما بين سطور قرار Alicantes الآنف الذكر.
إن الحلول الثلاثة التي علق عليها تقدم توضيحاً مرحباً به بين ما يتعلق باتفاق التحكيم مـن جهة، وما يتعلق بالمحكم أو بالإجراءات من جهة أخرى. يجب الموافقة على المفارقات المؤيـدة هنا لا سيما وأنها توافق حالات فتح باب الطعن المختلفة عن الطعن بالإبطـال المتعلـق بحكـم التحكيم بما أن النزاعات الناشئة عن اتفاق التحكيم أو عن تشكيل هيئة التحكيم أو عن الإجراءات لا ترتكز على وجه الطعن نفسه. أحياناً، ترفع الدعوى أمام محكمة القانون العام عنـدما يتعلّـق الأمر بنزاع مباشر مع المحكم أو مع مركز التحكيم.
يبقى أنه إذا كانت صحة اتفاق التحكيم مدعمة بشكل غير متنازع فيه خلال الفترة الزمنيـة المغطاة في هذا "البانوراما"، فإن قابلية تطبيق هذا الاتفاق درست بشكل دقيق أكثر من قبل، حتى لو منحت الفرصة مرتين لمحكمة التمييز کي تعتبر شروط التحكيم التي لا تعني كـل النزاعـات كي التي من شأنها أن تنشأ عن العقد الذي ترد فيه على أنها باطلة أو غير قابلـة للتطبيـق بـشكل واضح. هذه ليست بالتحديد حالة شرط التحكيم الذي لا يعني إلا تفسير العقـد وتنفيـذه، وليس البطلان الملتمس مع ذلك، الذي، إضافة إلى ذلك، فعله المصفي الذي ليس طرفاً في العقـد فـ حين أن هذا الأخير حل محل الطرف المـدين ( 29.104-12 °Civ. 1re, 29 janv. 2014, n Consorts Rocca, Procédures 2014. 145, note L. Weiller; Gaz. Pal. 27-28 juin p. 19, obs. D. Bensaude ,2014)، ولا أيضاً حالة شرط التحكيم الذي يعني فقط النزاعـات بتفسير العقد، حتى لو ادعى أحد الأطراف أن النزاع يتعلق بمسألة أخـرى ( ,1 .Civ 29 janv. 2014, n° 12-29.086, de Clarens, Procédures 2014. 146, note L. (Weiller; Gaz. Pal. 27-28 juin 2014, p. 20, obs. D. Bensaude الحل تقليدي.
بالمقابل، في حين أن، حتى الآن، فقط ستة قرارات صادرة عن محكمة التمييـز اعتبـرت، على حد علمنا، أن اتفاق التحكيم كان بوضوح غير قابل للتطبيق، صدر مؤخراً بين نوفمبر العام 2013 ويوليو العام 2014 ثلاثة قرارات جديدة بهذا المعنى. الأسباب مختلفة بما أنها إما تتعلـق بشكل اتفاق التحكيم أو بأساسه. في الدعوى الأولى، إن إثبات وجود اتفاق التحكيم هو الذي كـان يشكل مشكلة، إذ أنه كان يرد في شروط البيع العامة التي تم التذكير بها على ظهر سند الـشحن، وأن وحدها نسخة مصورة عن وجه الصفحة هي التي أبرزت. اعتبرت محكمة الاستئناف أنـه حتى لو كان "من المستحيل، بعد الاطلاع فقط على المستندات المبرزة في الدعوى، التأكـد مـن وجود ومحتوى شرط التحكيم المطلوب الاحتجاج به"، لم يكن شرط التحكيم غير قابـل للتطبيـق بشكل واضح. نقضت الغرفة المدنية الأولى القرار على أساس أن "وجود شرط التحكيم المطالب بتطبيقه ليس مثبتـاً فـي المـستندات المبـرزة ( ,18.709-11 °Civ. 1°, 6 nov. 2013, n Logistique Fret, RTD civ. 2014. 113, obs. H. Barbier; Dalloz actualité, 18 nov. 2013, obs. X. Delpech; JCP 2013. 1391, $ 3, obs. C. Seraglini; Procédures 2014. 10, note L. Weiller; LPA 2014, n° 214, p. 10, obs. M. de Fontmichel, et n° 37, p. 8, note A.-S. Courdier-Cuisinier; Gaz. Pal. 27-28 juin 2014, p. 14, obs. D. Bensaude). إن هذا الحل مفاجيء نوعاً ما إذ أن المادة 1507 من قانون المرافعات المدنية تنص على أنه في التحكيم الدولي "لا يخضع اتفاق التحكيم لأي شرط شكلي". إلا أن الأمر كان بالضبط يتعلق، في الدعوى المذكورة، بتحكيم دولي، بالإضافة إلى ذلك، في ما خص عقد النقل البحري الدولي، قضت محكمة التمييز بأن شرط التحكـيـم هـو "عـادي" لدرجة أنه يمكن الاحتجاج به ضد، مثلاً، المؤمنين الذين حلوا محل المرسل إليه ( 22 ,17 .Civ Te nov. 2005, n° 03-10.087, Axa, D. 2005. 3031, 2006. 3026, obs. T. Clay, et 2007. 111, obs. H. Kenfack; Rev. crit. DIP 2006. 606, note F. Jault-Seseke; RTD com. 2006. 251, obs. P. Delebecque, et 764, obs. E. Loquin). يبدو الأمر، في القرار المعلق عليه، وكأن شرطاً شكلياً أضيف فجأة في مجال فيه شروط أقـل مـن غيـر مجالات. إذا استطعنا، عند الاقتضاء، أن نفهم ذلك في مرحلة تفحص صحة حكم التحكيم، يبـدو هذا الحل مخالفاً للنصوص في مرحلة الاختصاص بالاختصاص وعدم إمكانيـة تطبيـق اتفـاق التحكيم بشكل واضح. في غياب شرط شكلي، لا يمكن أن يكون هناك عدم قابلية تطبيـق مبنيـة على الشكل الذي يتعلق بالرقابة الواضحة.
بالمقابل، لا يمكن، حول الأساس، إلا الاعتراف بأن من الممكن أن يحدث ذلـك. هـذا مـا قررته محكمة التمييز في قرارين حديثين من خلال اعتبارها أن شرط التحكيم كان غيـر قـابـل للتطبيق بشكل واضح، من جهة، على أحد العقود التي تشكل مجموعة تعاقدية، حيث أن هـذه الأخيرة كانت تحتوي شرط اتفاق على قبول اختصاص محكمـة معينـة ( .Civ. 1, 12 févr 2014, n° 13-18.059, Kering, JCP 2014. 857, § 3, obs. C. Seraglini; Gaz. Pal. juin 2014, p. 20, obs. D. Bensaude 27-28)، ومن جهة أخرى، على الدعوى المدنيـة التقصيرية المرفوعة ضد طرف ثالث بالنسبة إلى أطراف العقد الذي يحتوي على شرط التحكيم، التي يلام فيها على مساهمته في عدم تنفيذ العقد من جهة المتعاقـد ( ,2014 .Civ. 1, 9 juill n 13-17.495, Bayer, D. 2014. 2092, note V. Mazeaud; AJCA 2014. 329, obs. J. Dubarry; Dalloz actualité, 8 sept. 2014, obs. X. Delpech; JCP 2014. RGDA 2014. 543, note crit. V. Heuzé ;889). إضافة إلى ذلك، نلاحظ في هذه الدعوى الثانية، التي تتعلق بالانفجار الخطير الذي وقع في العام 2001 في مصنع AZF فـي "تولـوز" (Toulouse)، وجود مجموعة تعاقدية مشكلة من عقدي تأمين وإعادة تأمين (يرد في كل واحـد منهما شرط تحكيم) واتفاق صلح مبرم بين المؤمن عليه والمؤمن الأول (لا يرد فيه شرط تحكيم). ولكن، إذا قررت المحكمة، في ما خص الدعوى التقصيرية الموجهة ضد الطرف الثالث بالنـسبة إلى أطراف اتفاق الصلح، أن شرط التحكيم غير قابل للتطبيق بشكل واضح، إلا أنها تعتبر أنـه قابل للتطبيق على الدعوى المتعلقة باتفاق الصلح المبرم بين الطرفين الموقعين عليه لأنه يـشكل مجموعة تعاقدية مع عقد التأمين الأول المبرم بين نفس الطرفين التي كان من المتوجب أن تحـلّ النزاع بينهما. يبدو هذا التمييز بيزنطي جداً. لا شك أن القوة الجاذبة للمجموعة التعاقديـة كـان بإمكانها أن تجذب كامل النزاع بين هؤلاء الأطراف الثلاثة نحو التحكيم، حتى المسائل المتعلقـة بالمسؤولية التقصيرية. في الواقع، كما رأيناه أعلاه، يعتبر الاجتهاد أنه بغية تحديد نطاق تطبيـق اتفاق التحكيم، لا يجب "التوقف عند التكييـف التعاقـدي أو التقصيري للـدعوى المرفوعـة (.Scamark, préc)، لا سيما وأن امتداد آثار اتفاق التحكيم إلى الأطراف الثالثين المعنيين هـو اعتيادي.
3) امتداد اتفاق التحكيم:
مستعيدة عبارتها التقليدية، ذكرت محكمة إستئناف باريس مـؤخراً أن "الـشرط التحكيمـي المدرج في عقد دولي يتمتع بصحة وفعالية خاصتين به تقضیان بامتداد تطبيقه إلـى الأطـراف المعنيين مباشرة بتنفيذ العقد وبالنزاعات التي من الممكن أن تنشأ عن ذلك"، حتى لو، في الدعوى المذكورة، كان الأمر يتعلق بطرف ثالث أدخل جبراً في الإجراءات التحكيمية، رفضت المحكمـة التحكيمية إعطاءه صفة الطرف وبالتالي لم يمتد اتفاق التحكيم إليه (.Etat libyen, préc). كمـا قضت محكمة التمييز بأن شرط التحكيم الوارد في عقد امتياز لا يمتد إلى النزاعات الناشئة بـين شركاء الشركة التي أبرمت العقـد ( .Civ. 1, 14 mai 2014, n° 13-19.329, RTD civ obs. H. Barbier; Procédures 2014. 206, note L. Weiller ,650 .2014). فـي الدعوى المذكورة، اعتبرت محكمة الإستئناف أنه يوجد "رابط أكيد" بين فسخ عقد الإطار وتقيـيم حصص الشريك في الشركة إذ أن سداد قيمتها ينتج مباشرة عن فسخ هذا العقد. ولكـن القـرار نقض لأن شرط التحكيم، وفقاً للغرفة المدنية الأولى، كان يرد حصراً في عقد الامتياز المبرم بين المستفيد من الامتياز وصاحب الامتياز ولا يغطي النزاعات الناشـئـة بـيـن الـشركة والـشركاء القدماء. صحيح أن وجود رابط أكيد بين عقدين لا يكفي لكي يؤدي مباشرة فسخ أحدهما إلى سداد بسبب الآخر، وإذا إلى امتداد لآثار اتفاق التحكيم.
ب. هيئة التحكيم:
1) تشكيل هيئة التحكيم:
بتكريس القاضي المساند في قانون المرافعات المدنية في العام 2011، غالباً ما يطلب منـه مواكبة التحكيم أكثر فأكثر، مما يسمح للاجتهاد بتمحيص اختصاصاته وبتحديد سلطاته.
في ما يتعلق باختصاصاته، ثلاثة قرارات صادرة عن ثلاث محاكم مختلفة جاءت بتفاصــل حول هذا الموضوع. إن القرار الأول، الصادر في جو متوتر للغاية سببه الشك المطلق في تحكيم مؤسساتي وصل إلى حد الشك في مركز التحكيم، يسمح للقاضي المساند أن يذكر أن اختصاصه فرعي لاختصاص مركز التحكيم الموكل حل المصاعب المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم، حتـى إذا كان معرضاً للـرد (TGI Paris, ord., 23 oct. 2013, n° 13/57483, Dassier. هـذا الحل يتعارض مع قرار Nykcool AB المذكور أعلاه. زد على ذلك أن قـراراً صـادراً عـن محكمة التمييز في الدعوى نفسها Nykcool AB هو الذي قدم استثناءا لهذا الاختصاص الفرعي للقاضي المساند الذي تم لومه على تجاوزه حدود سلطته بإصداره حكمه، في حين أن الأطـراف سبقوا وعينوا مركز تحكـيم ( °Civ. 1, 25 juin 2014, n° 12-20.546, LPA 2014, n 215, p. 11, obs. L. Weiller; Procédures 2014. 236, note L. Weiller; JCP obs. J. Ortscheidt ,5 § ,857 .2014)، بما أن هذا الأخير إنسحب نوعاً ما لصالح القاضـي المساند، قبل تدخله ورد الدفع بتجاوز حدود السلطة. وهكذا، قبل هذا القـرار التدخل الفرعـي للقاضي المساند، بدل تدخل مركز التحكيم، بما أن هذا الأخير ممنوع أو أنه يقبل أن يناب عنـه هذا الحل ليس مرض لأنه، كما بيناه أعلاه، إذا اختار الأطراف التحكيم المؤسساتي، فهو بالضبط لتفادي اللجوء إلى المحاكم القضائية، بما في ذلك القاضي المساند، وليس ليجرد مركز التحكيم من اختصاصاته، حتى في حال وجود نزاع معه.
هذا أيضاً امتداد مفرط لاختصاصه الخاص من جهة القاضي النظامي الذي كان على المحك في قرار صدر هذه المرة عن محكمة التميـز (10.346-13 °Civ. 1, 12 févr. 2014, n Maquinarias Tecnifar, D. 2014. 490; Dalloz actualité, 19 févr. 2014, obs. X. Delpech; JCP 2014. 474, avis P. Chevalier, 226 et 475, obs. et note D. Mouralis, 857, § 3, obs. C. Seraglini, et 296; Procédures 2014. 107, note L. Weiller ; LPA 2014, n° 214, p. 16, obs. R. Descours-Karmitz). فـي الـدعوى المذكورة، تعرض قاض يطبق القانون العام، فـي الفقـرة الحكميـة لقـراراه المتعلـق بعـدم الاختصاص، لعناصر النزاع بتكييفه العلاقة التعاقدية بين الطرفين. نقض القرار المؤيد صـواباً، لأن القرار المتعلق بعدم الاختصاص الصادر عن القاضي النظامي يجب أن يترك كامـل وكـل الاختصاص للمحكم الذي سيفصل أولا في مسألة اختصاصه وثم في الأساس.
لا سيما وأنه في الوقت عينه، يرى القاضي المساند قراراته تنتج أثراً مهيباً، كما سبق وتـم تبيانه في هذه الدراسة (2936 .2013 .D). لمرتين خلال العام 2014، أكدت محكمة إسـتئناف باريس على اجتهادها الذي يرفض طلب إبطال حكم تحكيمي مبني على عدم استقلالية المحكـم لوقائع سبق أن نظر فيها القاضي المساند (.Paris, 8 avr. 2014, Nykcool AB, préc)، حتى لو لم يقم هذا الأخير إلا بإصدار قراره في طلب متأخر لرد المحكم وإذا، غير المقبول ( ,Paris oct. 2014, n° 13/14076, Fidelidade 14). هذا الحل ينطوي على سيئة أنه، أحبانـاً لن يتم النظر أبداً في عدم الاستقلالية، في حين أن الادعاءات في هذا المعنى تتضاعف. فلـنحكم هي على ذلك.
2) إستقلالية المحكم:
إن مسألة إستقلالية المحكم هي وليدة القضاء الذي هو قدوة لقانون التحكيم منذ عدة سنوات. الفترة الزمنية المغطاة في هذا "البانوراما" تبين ذلك مجدداً وتشدد، أكثر من أي وقت مضى، على أن المقاربة أصبحت تتمحور تماماً حول الإفصاح أكثر منها حول الإستقلالية الحقيقية. حتى لو أنه من الثابت أن محكمة التمييز قضت منذ عدة سنوات، في القرار الذي أصدرته فـي دعـوى Tesco، أنه عندما تكون الوقائع المعروضة تافهة، فإنه من الواجب تبيـان كيـف أنـهـا تمـس باستقلالية المحكـم ( .Civ. 1, 10 oct. 2012, n° 11-20.299, D. 2012. 2458, obs. X Delpech, et 2991, obs. T. Clay; Rev. crit. DIP 2013. 678, note C. Chalas; RTD com. 2013. 481, obs. E. Loquin; JCP 2012. 1127, obs. M. Henry, 1268, note B. Le Bars, et 1354, $ 1, obs. C. Seraglini; Procédures 2012. 354, note L. Weiller; Rev. arb. 2013. 129, note C. Jarrosson; RCDIP 2013. 678, note C. Chalas; Gaz. Pal. 6-8 janv. 2013, p. 20, obs. D. Bensaude; LPA nº 85, p. 14, note S. Jarvin; RJ com. 2013. 32, obs. B. Moreau ,2013)، وهو ما التزمت به على حد سواء محكمة الإستئناف المحالة إليها القضية من محكمة التمييـز فـي هـذه الدعوى (Lyon, 11 mars 2014, n° 13/00447, Tesco) والقاضي المساند الباريسي فـي دعوى أخرى (n° 14/5360, Boutonnet ,2014 ,14/5360 °TGI Paris, ord. réf., 6 mai 2014, n). بيد أن مسألة الاستقلالية غالباً ما تنظر فقط من خلال واجب الإفصاح الذي عززته أكثر فأكثر "النقابـة الدولية للمحامين" في "المبادىء التوجيهية" الجديدة التي اعتمدتها في طوكيـو فـي 19 أكتـوبر 2014. السؤال المطروح سهل: هل أن الطرف المنسوب إليه إخفاء الوقائع التي يستند إليها الردّ أو الطعن بالإبطال أفصح أو لم يفصح عنها؟ عدة قرارات مهمة صدرت مؤخراً تعنى بكل أوجه واجب الإفصاح هذا: الشكل والإجراءات والمضمون.
السؤال الأول يتعلق بالشكل الذي يجب أن يتخذه الإفصاح. يؤكد قرار صادر عن محكمـة إستئناف باريس عدم وجود أي شكل معين للإفصاح وإذا أن الإفصاح عن الاستقلالية يكون قـد حصل على نحو صحيح عندما تحدد مراسلة موجهة من المحكم، مرفـق بـهـا سـيرته الذاتيـة (curriculum vitae)، النقاط التي من الممكن أن تعرض استقلاليته للخطـر ( Paris, 6 mai .n° 12/21230, F. Bouet, es qual ,2014). نؤيد هذا القرار لأنه، بقدر ما هو ضروري أن يحصل الإفصاح، بقدر ما يجب ألا يتخذ أي شكل معين.
المجموعة الثانية من الأسئلة تتعلق بالإجراءات المطلوبة للاعتراض على عـدم استقلالية المحكم، سواء رفعت المسألة أمام مركز التحكيم أو أمام القاضي المساند، فهـي تبقـى محـدودة ببعض المهل بغية إجبار الطرف الذي يعترض على المحكم على التصرف بأسرع مـا يمكـن. مؤخراً، صدر عن اجتهاد المحاكم قرارين يتعلقان بالإجراءات أمام القاضي المـساند وقـرارين يتعلقان بالإجراءات أمام مركز التحكيم.
وضح رئيس محكمة بداية باريس الكبرى، أمام القاضي المساند، أن المحكم ليس طرفاً فـي دعوى الرد المقدمة ضده وأنه حتى لا يوجد أي سبب لضمه إلى الدعوى (.Boutonnet, préc). يمكننا أن نفهمه، من جهة لأن النزاع حول الرد قائم فقط بين طرفي التحكيم، ومن جهة أخـرى لأن المحكم سيجد نفسه في موقف صعب تجاه الطرف الذي يطلب رده لا سيما وأنه يبت النزاع الذي يخصه. القرار الثاني الصادر عن اجتهاد المحاكم هو قرار لرئيس المحكمة التجارية اعتبر فيه أنه حتى عندما يتم اختياره كقاض مساند، فهو يكون غير مختص بالفصل في طلـب الـرد : T. com. Paris, ord., 25 sept. 2013, n° 2013/043196, Guardian Life ) Insurance company of America). في الواقع، مع المادة 1459 من قـانون المرافعـات المدنية، قلص المرسوم رقم 2011-48 تاريخ 13 يناير 2011 جدا نطاق اختصاص القاضـ المساند عندما يتعلق الأمر برئيس المحكمة التجارية بحصره فقط بتسمية المحكمين.
أما في ما يتعلق بالإجراءات أمام مركز التحكيم، فتم أيضاً طرح سؤالين تتفاوت أهميتهمـا. في الدعوى الأولى، الناشئة عن طلب غريب بعض الشيء، ادعى أحـد الـطـرفين أن المحكـم المسمى من غرفة التجارة والصناعة لا يتمتع باستقلالية لأن فريق أمانة سـر المحكمـة، الـذي اقترح اسمه على محكمة التحكيم، كان يديره معاون سابق في مكتب المحاماة الذي يمثل خصمه. لم ترد محكمة استئناف باريس على الأساس، حتى ولو كانت الحجة تبدو غير جدية، مستندة إلى نظام تحكيم غرفة التجارة والصناعة الذي يفرض على هذا الطرف رد المحكم أمام هيئة التحكيم المنبثقة عن غرفة التجارة والصناعة خلال مهلة شهر. نظراً إلى أن الطرف لم يفعل ذلك، خسر حقه في التمسك بالحجة أمام محكمة الإستئناف ) ,12/20550 °Paris, 28 janv. 2014, n .(GEMS
هذا بالضبط القرار نفسه الذي أصدرته محكمة التمييز في الدعوى الشهيرة Tecnimont في الجزء الرابع من هذه الملحمة التي علق عليها كثيرون، بمن فيهم أنـا ( Civ. 1r, 25 juin re 2014, n° 11-26.529, D. 2014. 1985, 1967, obs. S. Bollée, 1981, avis P. Chevalier, et 1986, note B. Le Bars; Paris Journ. Intern. Arb. 2014. 547, note T. Clay; JCP 2014. 742, obs. T. Clay, 857 § 4, obs. C. Seraglini, et 977, § 9, obs. C. Nourissat; Procédures 2014. 269, note L. Weiller; LPA 2014, n 215, p. 5, obs. M. Henry ; Rev. Arbitragem e Mediação 2014, n 42, p. 333, note A. G. Fabri; Global Arbitration Review 25 juin 2014, O obs. A. Ross). نقول بكل بساطة هنا، أنه في ما خص المسألتين المرفوعتين إليها، أولهمـا مـسألة نطاق الإفصاح الخاص بمحكم تدخل مكتب المحاماة الذي كان يعمل فيه ولكـن دون أن يكـون شريكاً فيه، حتى ولو بشكل بعيد، لصالح أحد أطراف التحكيم، وثانيهما مسألة إنقـضاء المهلـة المنصوص عليها في نظام التحكيم المطبق لرد المحكم أمام مركز التحكيم التابع لغرفة التجـارة الدولية، لم ترد محكمة التمييز إلا على المسألة الثانية. وهكذا، لم تنقض فقط القرار الإستئنافي الذي انتقد على هذه النقطة (3028 .2011 .D)، بل كرست بـالأخص واجبـاً حقيقياً باتخـاذ الإجراءات اللازمة بالوقت الملائم على عاتق الطرف الذي يريد الطعن في استقلالية المحكـم. أكان التحكيم مؤسساتي أو خاص، المدة محددة بثلاثين يوماً والقاعدة بسيطة: لا يجب الإنتظار.
إلا أنه يبدو في بعض الأحيان أن محكمة استئناف باريس تذهب إلى أبعد من ذلك في مـدى هذا الواجب باتخاذ الإجراءات اللازمة بالوقت الملائم. ففي دعوى حديثة جداً، مـع أن الطـرف اتخذ الإجراءات اللازمة بالوقت الملائم أمام مركز التحكيم خلال مهلة 30 يوماً من إعلان المحكم أنه خضم مفاوضات لانضمام محتمل إلى مكتب المحاماة الذي يمثل أحد الأطراف، رد طلب الإبطال الذي تقدم به على أساس أنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة بالوقت الملائم مرة ثانية وذلـك في عندما بلغه مركز التحكيم أن حكم التحكيم، وفقاً لنظام تحكيم المركز، سيصدر عن محكمين، حين أن مشروع حكم التحكـيم وضـع مـن المحكمـين الثلاثـة ( °Paris, 2 déc. 2014, n Fibre Excellence ,13/17555). مع قرار مماثل، لا نتوقـع مـن الأطـراف أن يتخـدوا الإجراءات اللازمة بل أن "يفرطوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة"، في اللحظة التي ينازع فيها أحد الأطراف في تشكيل هيئة التحكيم، لا يمكننا لومه على عدم القيام بذلك.
كما أنه لا يجب الاعتقاد أن هذا الواجب باتخاذ الإجراءات اللازمة بالوقت الملائـم يعكـس العبء الخاص بواجب الشفافية وسيجعله على عاتق الأطراف وليس علـى عـاتق المحكـم. إذا استطاع قرار واحد أن يجعلنا نفكر، خطأ، أن هذا هو الحال عليه في التحكيم النقابي ( 17 ,Paris déc.2013, n° 12/13053, Oursel)، وضعت محكمة استئناف باريس بوضوح، في قـرار طال انتظاره، القاعدة المعاكسة بهذه العبارات بشأن صلة غير مفصح عنها وموصوفة على أنهـا مشهورة: "منطقياً، لا يمكن مطالبة الأطراف لا بأن ينكبوا على تفحص منهجي للمراجع المحتمل أن تذكر إسم المحكم وأسماء الأشخاص الذين تربطهم صلة به، ولا بأن يتابعوا البحث بعد بـدء الإجراءات التحكيميـة ( ,1272 .2014 Paris, 14 oct. 2014, n° 13/13459, AGI, JCP .(note H. Guyader; Newsletter du CMAP, nov. 2014, p. 10, obs. L. Jandard في الدعوى المذكورة، عمل شركاء المحكم لشركة أم يتبع لها أحد الأطراف، وهذا ما كان يجهله المحكم، على عمل بسيط مقارنة بالأرباح التي يحققها مكتب المحاماة، ولا يمت بصلة بـالنزاع، ولكن التي بينت المحكمة أن مكتب المحاماة هو نفسه الذي أصر على جعله "مسألة إفصاح". كنـا إذا في وضع شبيه بوضع الدعوى Tecnimont، أي مسألة الإفصاح عن وقائع يجهلها المحكم، ولكن التي كان من المفروض أن يكون على علم بها، تتعلق بمكتب المحاماة الذي يعمل فيه (في هذه الدعوى كشريك، في حين أنه لم يكن إلا محام يعمل في مكتب المحاماة ولكن دون أن يكون شريكاً فيه في دعوى Tecnimont).
إن حكم التحكيم الذي حصل على الصيغة التنفيذية من محكمة الدرجة الأولى، قـدم أمـام محكمة إستئناف باريس خلال جلسة سادها جو متوتر للغاية. بتطبـيقهم اجتهـاد Tecnimont يكون القضاة إذا قد أبطلوا أمر التنفيذ. نظراً للصلة الدقيقة الملام عليها المحكم، يبين هذا القـرار إعادة التأكيد على مفهوم دقيق لاستقلالية المحكم ولما يتوجب أن يحتوي عليه إعلان الاستقلالية. نرحب بهذا القرار من هذه الناحية. مع ذلك، هناك تحفظ صغير حول المبلغ المحكوم به استناداً إلى المادة 700 من قانون المرافعات المدنية، أي مبلغ 200000 يورو. طبعـاً، كانـت أتعـاب محامي المدعي بلا شك تتجاوز هذا المبلغ الذي، يبدو، جاء ليعاقب المدعى عليه لأنه دافع عـن نفسه، وهذا حقاً يشكل تناقضاً، أولا لأنه ربح الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى، ثم لأن الحل لم يكن واضحاً من الناحية القانونية، وأخيراً لأنه لم يكن لديه خيار إلا الدفاع عن نفسه. مع أن الأمر لا يتعلق هنا بحكم مبني على التعسف في استعمال حق التقاضي، يمكننا فرض وجوب أن تكـون المصاريف التي تزاد بانتظام والتي تحكم بها هذه الغرفة على الطرف الـذي يـخـسـر الـدعوى، موضوع تطبيق يفرق بين المدعي الذي ردت دعواه أو المدعى عليه الذي لا يقوم إلا بالدفاع عن نفسه. نشير، أخيراً، في هذه الدعوى وفي المجال المدني وليس الجنائي، أن العقوبة المترتبة على إعلان استقلالية غير مكتمل أنزلت صواباً بما أننا نعلم أن شكوى تتعلق بـالتزوير وباستعمال المزور قدمت ضد المحكم المنسوب إليه إعلان استقلالية غير مكتمل. بصدور قرار قضى بعـدم وجود وجه لإقامة الدعوى، كانت هذه الشكوى بالواقع غير ملائمة وبلا أساس. إذا كان بالتأكيـد ممكناً للجزاء أن يكون مفيداً في بعض الدعاوى من خلال المساعدة على إظهار الحقيقة والتصدي لمخططات احتيالية، لا يجب تحريفه في الحالات التي من الواضح أن لا مكان له فيها.
مع هذه الدعوى، نكون دخلنا في المجموعة الثالثة من الأسئلة المتعلقة بواجب الإفصاح التي توضح أكثر من غيرها الصعوبات: محتواه. بعد فترة طويلة من التهاون النـسبي بالنـسبة إلـى مقتضى الإفصاح، نعرف أن الاجتهاد، منذ بداية العام 2000، أصبح صارماً أكثر، إلا ربما التحكيم النقابي (.Oursel, préc). نتيجة لذلك، نشهد تقريباً على شكل من المزايدة من الأطراف الخاسرين الذين يتذرعون بأي حجة كانت لمحاولة الحصول على إبطال حكم التحكـيم الـذي لا يناسبهم.
يمكن تصنيف الصلات التي تطرقنا إليها في الفترة الزمنية المغطاة في هذا "البانوراما" فـي فئتين. فهناك العلاقات ذات الطابع المالي وتلك ذات الطابع العلمي أو المقالي أو الإجتماعي. إذا كان يجدر، في الفئة الأولى، وجود مفهوم واسع لما يجب الإفصاح عنه، الذي منطقيا يجـب أن يغطي العلاقات ليس فقط بين المحكم والطرف، بل أيضاً بـين المحكـم والمستشار ( ,depuis Paris, 12 janv. 1999, Milan Presse, Rev. arb. 1999. 381, obs. M. Henry) كمـا وبين المحكمين أنفسهم، إلا أنه لا يجب تشويه هذا الواجب بمقتضيات يستحيل الوفاء بهـا. هـذا معنى العديد من القرارات الصادرة مؤخراً حول العلاقات بين المحكم والمستشار (حول المسألة، راجـع F.-X. Train, Mode d'exercice de l'activité d'arbitre et conflits 724 .2012 .d'intérêts, Rev. arb). من المفرط، في الواقع، الإدعاء بالرغبة بإبطال حكـم تحكيمي لعدم استقلالية محكم كان، قبل عشرين سنة، مساعد محامي أحد الأطراف الـذي كـان عندها شريكا في مكتب المحامـاة الـذي كـان يعمـل فيـه ( °Paris, 14 janv. 2014, n .(12/15140, Cegelec
حتى إذا كان الحل أقل وضوحاً، تقول محكمة استئناف "ليـون" (Lyon) أن الأمـر سـيان بالنسبة إلى أستاذ القانون الذي كان يعمل في مكتب المحاماة الذي يمثل أحد الأطراف ولكن دون أن يكون شريكاً فيه، بما أنه تركه قبل تسع سنوات من بدء التحكيم، ومنذ ذلك الوقت لـم يطلبـه مكتب المحاماة هذا إلا "لاستشارتين أو ثلاث"، وفي حين أن المحامي الذي يعمل على القضية لم ينضم إلى هذا المكتب إلا بعد ترك أستاذ القانون له وإضافة إلى ذلك، تدخل في الدعوى في ملف شخصي (.Tecso, préc.
وما يبدو أكثر محل منازعة هو القرار الصادر عن القاضي المساند الذي يـرفض فيـه ردّ محكم لم يفصح أنه كان يعمل قبل سنتين في مكتب المحاماة الذي يمثل أحد الأطراف في مهمـة تطوير وتواصل. في هذه الدعوى، اعتبر القاضي المساند أن "العلاقات القائمة على مصالح مـع مكتب المحاماة تعود إلى زمن بعيد (كذا) بما أنها انتهت في أوائل العام 2012 ولم تدم إلا أكثـر من عام بقليل" (.Boutonnet, préc). بالنسبة إلى تحكيم بدأ في أوائل العام 2013، أي بعد عام من عمله مكتب المحاماة هذا، كان من المتوجب على المحكم أن يذكر بمهمته السابقة إذا كانت مع شركاء آخرين في المكتب. يميز القرار بين مختلف المحامين الشركاء في مكتـب المحامـاة ومكتب المحاماة بحد ذاته، كما لو أن من يهم في مجال الذمة المالية هم الأفراد وليس المنـشآت. باختصار، يبدو أن هذا القرار يجري عكس التيار الهادف إلى إدراج الإفصاح عن الصلات بـين المحكم والمستشار، وهو ما يذكر به على كل حال القرار المذكور.
إضافة إلى ذلك، صدر مؤخراً عن محكمة التمييز قرار في الـدعوى المتشعبة Groupe Antoine Tabet ردت فيه طعنا رفض بدوره طلب إبطال حكم تحكيمي لعدم استقلالية رئـيس هيئة التحكيم الذي تم لومه لصلته، ليس بمستشار هذه المرة، بل بشركة لها مصلحة في النـزاع، رغم كونها طرف ثالث بالنسبة إلى أطراف التحكيم، لأنها هي من سيسدد الدين الذي حكمت بـه هيئة التحكيم. بالنسبة إلى محكمة التمييز، لم يكن من الضروري الإفصاح عن هـذا الأمـر لأن "الآلية محايدة" بالنسبة إلى الشركة المحكوم عليها التي يتوجب عليها في كل حال أن تسدد الدين، فوحده المستفيد من المبلغ هو الذي يتغير. بالتالي، إن "نتيجة الإجراءات التحكيمية لن يكون لهـا أي تأثير على الوضع المالي للشركة المعنية التي، زد على ذلك، ليست طرفاً في الإجراءات، مما يستبعد وجود تعارض مصالح محتمل من شأنه أن يخلق خطر عدم استقلالية المحكم وعدم حياده" Civ. 1, 25 juin 2014, n° 11-16.444, D. 2014. 1985, et 1986, note B. Le ) 839 .2014 Bars; Procédures 2014. 299, note L. Weiller; JCP). بعبارات أخـرى، هذا القرار قضى بأن واقع أن يكون الحل الذي توصل إليه حكم التحكيم دون عواقب على الشركة المدعى بأن لها صلة بالمحكم المطلوب رده، إذ أنه سيحدد فقط الدائن وليس الدين، يمنع اعتبـار أن علاقات العمل التي تربط هذا المحكم بالطرف الثالث المعني يمكنهـا أن تـؤثر علـى حـكـم المحكم، أو أن تخلق شكاً معقولاً حول استقلاليته وحياده. إنها طريقة غريبـة لتقييم استقلالية المحكم، أي تبعاً لنتائج القرار الذي يصدره. بإصدارها هذا القرار، صـوبت محكمـة التمييـز الإفصاح نحو تعارض المصالح، الذي هو مبسط أكثر، ذاهبة إذا عكس تطورهـا الـذاتي منـذ سنوات. من المؤسف أن الغرفة المدنية الأولى في هذه الدعوى لم تنتهز الفرصة لتحديد نطـاق واجب الإفصاح الوارد في رأي المحامي العام "بيار شوفالييه" (Pierre Chevalier المقدم إليها الذي ميز تمييزا دقيقا وفعالا بين تعارض المصالح المباشر وغير المباشر. لو فعلت ذلك، لكانت قضت بشكل مغاير.
المسألة التي تبقى غامضة هي الحياد الحقيقي للمحكم. إذا كان لديه مصلحة، حتى لو غيـر مباشرة، في حل النزاع، لا يعود حيادياً. الأمر سيان إذا كان لديه رأي مسبق. يمكـن لـذلك أن يحصل في حالة تحكيمين متوازيين مرتبطين يترأسهما المحكم نفسه. في دعوى مرفوعـة أمـام محكمة إستئناف باريس، بتت هيئتان تحكيميتان يترأسهما الشخص نفسه طلبين مـرتبطين. كـان الطلب الأول يتمحور حول صحة فسخ عقد خاص بقرض والثاني حول انتظام الكفالـة وواجـب الكفيل في العقد نفسه. إلا أنه في الدعوى الأولى، تخلف شاهد تم استدعاؤه عن الحضور متذرعاً بكسر في الخنصر منعه من الصعود إلى الطائرة... نتيجة لذلك، نتيجة لذلك، في الـدعوى الثانيـة، رفـض الرئيس إستدعاء هذا الشاهد بالذات. اعتبر أحد الأطراف ذلك أنه رأي مسبق وطلب إبطال حكـم التحكيم الثاني. ردت المحكمة الطعن بهذا الشكل: "إن واقع أن يكون محكماً، وحتى رئيس هيئـة التحكيم، يترأس دعويين تحكيميتين متوازيتين ليس من شأنه، بحد ذاته، أن يخلق شـكاً معقـولاً حول استقلاليته وحياده، إلا إذا كان القرار الصادر في إحدى الدعويين يشكل رأياً مسبقاً لا يدخل مصلحة أحد الأطراف في الدعوى الثانية؛ (...) إلا أن ذلك لا ينطبـق إلا إذا كـان تقـدير المحكم في الدعوى الأولى لمجموعة لا يمكن فصلها من الواقع والقانون يؤدي منطقياً إلى بعض العواقب على المسائل التـي يتوجـب بتهـا" ( 41 ,13/01333 °Paris, 9 sept. 2014, n
Gobain). من المسموح ألا نكون مقتنعين بهذا التسبيب الذي يترك حرية واسعة في تقدير طابع الملفات الغير قابل للفصل. ولكن صحيح أن محكمة الإستئناف، تقليدياً، متحفظة جداً فـي إيجـاد عناصر تثبت عدم الحياد في أحكام التحكيم، هذا يجبرها، حتى عن بعد، على مراقبة أساس القرار الصادر، وهذا ليس ممكناً. لهذا السبب قضت محكمة إستئناف باريس، في أحد القرارات الصادرة في دعوى "أبيلا" (Abela)، أن أخطاءا بسيطة في حكم التحكيم وعدم قابلية رد الفعل من جهـة المحكمين لا تكفي لتؤثر في حيادهم (12/15582 °Paris, 6 mai 2014, n). على كل حـال تفضل المحكمة أن تركز رقابتها على مدى الإفصاح.
بالإضافة إلى العلاقات ذات الطابع المالي، يمكن للعاملين في التحكيم أن يكون لهم علاقات ذات طابع علمي أو مقالي أو إجتماعي. بازدياد الاعتراضات على الاستقلالية والحجـج المبنيـة على أي صلة سابقة مهما كانت لمحاولة رد المحكم، سبق للاجتهاد، لحسن الحظ، أن بين أنه من غير المتوجب الإفصاح عن المشاركة فـي النـدوة ذاتهـا (-11 °Civ. 1%, 4 juill. 2012, n 19.624, CSF, D. 2012. 1898, obs. X. Delpech, 2425, note B. Le Bars, et 2991, obs. T. Clay; Procédures 2012. 284, note L. Weiller; Gaz. Pal. 30 sept.-2 oct. 2012, p. 16, obs. D. Bensaude; RLDC oct. 2012, p. 3, obs. J. Mestre; JCP 2012. 1354, $ 1, obs. C. Seraglini) أو في المجلة ذاتهـا ( 1 ,Paris er juill. 2011, n 10/10402, Sobrior, et n 10/10406, Emivir, D. 2011. 3023, obs. T. Clay ; RTD com. 2012. 518, obs. E. Loquin ; LPA 2011, n° 225-226, p. 14, note P. Pinsolle ; Rev. arb. 2011. 761, obs. D. Cohen). حـددت ثلاثـة قرارات صادرة عن محاكم إستئناف، أول اثنين منهما عن محكمة إستئناف باريس والثالث عـن محكمة إستئناف تونس، ما هو الوضع بالنسبة إلى كل ما يتعلق بالعلاقات الإجتماعية والتعليمية.
في القرار الأول، رفضت محكمة استئناف باريس إبطال حكـم تـحـكـيـم بـسبب العلاقـات الإجتماعية التي تربط المحكم بمحامي أحد الأطراف، لأن "واقع أن يكون لهما علاقات ضمن عدة جمعيات هي عناصر معلومة لدى الجميع" (.Cegelec, préc). بعد مرور عشرة أشهر، أضافت المحكمة ذاتها أن الأمر سيان بالنسبة إلى محكمين نسب إليهما إنتمائهما إلى "نادي رجال القانون" ومشاركتهما عشية جلسة المرافعة في عشاء مناقشة كان مدعوا إليه محامي أحد الأطراف. ردت المحكمة قائلة أن "انتساب محكمين معاً إلى ناد يضم رجال قانون بارزين يأتون من كل أقطـاب العالم (...) ليس من شأنه أن يخلق شكا معقولاً لدى الأطراف حـول حيـاد هـذين المحكمـين واستقلاليتهما بما أنه يشهد فقط على اختصاصهما المعتـرف بـه (.Fidelidade, préc). هـذا التسبيب الثاني يعزز القناعة أكثر مما يعززها التسبيب الأول، المبني على الشهرة والذي سبق أن تم تبيان طابعه الذاتي والاحتمالي، كما يبينه القرار الصادر في اليوم نفسه فـي دعـوى AGI. بالمقابل، إن عدم فرض الإفصاح عن العلاقات الإجتماعية هو ضروري، تحت طائلة منع إقامـة هذه العلاقات، مما سيكون مؤسفاً مع ذلك.
إن القرار الثالث الصادر عن محكمـة إسـتئناف تـونس ( °Tunis, 10 déc. 2013, n CTKD c/ THR ,40438) يرمز إلى الخط الفاصل بين ما يجب الإفصاح عنه وما لا حاجـة للإفصاح عنه، بما أنه نسب إلى اثنين من المحكمين، إضافة إلى خبير، مشاركتهم في نشاطات تعليمية سواء في "أكاديمية التحكيم" في باريس أو في ماجيستر التحكيم والتجارة الدولية في جامعة "فرساي - سان كانتان" (Saint-Quentin Versailles)، حيث أن مكتب المحاماة الذي يمثل أحد الأطراف يمول "أكاديمية التحكيم". القرار مثير للاهتمام خصوصاً وأنه يبين بوضوح، أولا، أنه من غير الضروري الإفصاح عن المشاركة في نشاطات تعليمية وأن ذلـك لا يـشكل ســبباً لإبطال حكم التحكيم. هذا المبدأ رصين وبالطبع يجب الترحيب به. ولكن محكمة استئناف تـونس بعد ذلك رتبت عقوبات على واقع عدم الإفصاح عن كون "أكاديمية التحكيم" ممولـة مـن أحـد المحامين. في الواقع، تقول محكمة إستئناف تونس أن "هذه العلاقة يمكنها أن تثير شكوكاً لـدى الطرف المدعي حول استقلالية هيئة التحكيم وحيادها تجاه الطرف المدعي". بعبارات أخرى، في هذا القرار الذي أثار ضجة كبيرة، في الوقت نفسه بسبب الشخصيات المعنية ولواقع أن هذه هي المرة الأولى الذي يبطل فيها حكم تحكيمي صادر عن غرفة التجارة الدولية في تونس، لم يكـن من الواجب الإفصاح عن العلاقة التعليمية التي كانت تشكل مشكلة، بل عن العلاقة المالية. طبعاً، في هذه الحالة، كانت الأموال التي يقدمها مكتب المحاماة هذا تهدف إلى تمويل نـشاط تعليمـي ولكننا نعرف أيضاً أن هذا النوع من الرعاية (sponsor) لا يكون أبدأ عمل إحسان حصراً وأنه غالباً ما يكون هناك عائد منتظر على الاستثمار. غير أنه لا يمكن إلا ملاحظة أن العلاقة المالية لم تكن قائمة مباشرة مع المحكمين بل مع "أكاديمية التحكيم"، وأن القرار يذهب بعيداً إلا إذا أردنا منع كل تمويل خاص لنشاط تعليمي.
3) مسؤولية المحكم:
إن التعديل الذي أدخل في العام 2011 على النصوص المتعلقة بالتحكيم عزز وضع العلاقة بين المحكمين والأطراف ضمن إطار عقد، إضافة إلى عقد المحكم الذي يربطهم، لا سيما بتحديد التزاماتهم المتبادلة بـشكل أفـضل ( J.-B. Racine, Le nouvel arbitre, in Le nouveau .droit français de l'arbitrage, Lextenso, 2011, spéc. n°° 30 s). من المثير للاهتمام أيضاً تبيان أن المحكمة الفدرالية السويسرية كرست مؤخراً التسمية "عقد المحكم" لهذا العقد فـي دعـوى كـان فيهـا المحكـم مـهمـلاً للغايـة ( "Trib. féd. Suisse, 28 janv. 2014, n 4A_490/2013, X c/ Y). نظراً إلى أنه كان يتوجب على المحكم إصدار حكمه في ابريل العام 2011، وبعد العديد من التأجيلات التي لم يلتزم بها كلها، وعد، بعد إصـرار الأطـراف، أنـه سيستقيل إذا لم يصدر الحكم قبل 30 يونيو 2013، وهو ما قبلـه الأطـراف. إلا أنـه فـي 27 أغسطس 2013 كان الحكم لا يزال غير صادر، فمنح الأطراف المحكم مهلـة أخيـرة حـتـى 2 سبتمبر 2013 لاصداره وعند انقضائها ستعتبر استقالته نهائية. أرسل المحكم حكم التحكيم إلـى أحد الطرفين في 3 سبتمبر وإلى الطرف الآخر في 4 سبتمبر. بعد أن ذكرت بالتزامات المحكم، أبطلت المحكمة الفدرالية حكم التحكيم لصدوره بعد انقضاء المهلة المحددة، من المحتمل أنه لـو رفعت دعوى حول المسؤولية المدنية ضد هذا المحكم، لكانت كللت بالنجاح.
هذا على الأقل ما يمكننا استنتاجه من قرار Azran المهم الصادر عن محكمة التمييز التـي ذكرت، في الوقت عينه، بمبدأ حصانة المحكم بالنسبة إلى القرار الذي أصـدره فـي الأسـاس وبمسؤوليته إذا تبين أنه مذنب باقترافه "خطأ شخصي مواز للتدليس أو منشيء لغـش أو لخطـأ لإستنكاف عـن إحقاق الحـق" ( .Civ. 1°, 15 janv. 2014, n° 11-17.196, D جسیم 2014. 219, obs. X. Delpech; AJCA 2014. 35, obs. M. de Fontmichel; RTD com. 2014. 315, obs. E. Loquin; Rapp. C. cass. 2014, à paraître; Procédures 2014. 72, note L. Weiller; JCP 2014. 255, note E. Loquin, 231, avis av. gén. P. Chevalier, 89, obs. B. Le Bars, 857, § 2, obs. J. Ortscheidt, et 160; Paris Journ. Intern. Arb. 2014. 299, note L. Aynès; LPA 2014, n° 215, p. 14, obs. L. Degos; Gaz. Pal. 27-28 juin 2014, p. 18, obs. D. Bensaude). إن نشر قـرار محكمة التمييز في الـ Bulletin وفي الـ Rapport annuel يبين الأهمية التي تعلقهـا هـذه المحكمة على قرار الرد هـذا (3023 .2011 .Paris, 1 mars 2011, n° 09/22701, D obs. T. Clay; Gaz. Pal. 24-26 juill. 2011, p. 18, obs. D. Bensaude). ويجـب القول أن عرض شروط ترتيب مسؤولية المحكم واضح للغاية، ومع ذلك، ليس بجديد. فهو، أولا، يستعيد بشكل من الأشكال الحل المطبق على القاضي النظامي الذي يستفيد من الحـصانة ذاتهـا ومن الحدود ذاتها على مسؤوليته (المادة "ل. 141-3" (3-141 .L) من قانون التنظيم القضائي)، ثم لأن هذا ما كان عليه وضع القانون الوضعي منذ دعوى TGI Paris, 13 juin ) Bompard OS 1990, Rev. arb. 1996. 476 (1° esp.), obs. P. Fouchard, p. 325, spéc. n°° 67 s. et 78 s.; sur appel, Paris, 22 mai 1991, Rev. arb. 1996. 476 (2° esp.), obs. P. .Fouchard, p. 325, spéc. n°s 67 s. et 78 s). في هذه الدعوى، في حين أن محكمة بداية باريس الكبرى قضت بأن القاضي لا يقدر "ما إذا كان أو لم يكن قرار المحكمين مطابقاً للقانون" وبأن هذا "لا يمكن أن يرتب عليه مسؤولية مدنية تعاقدية إلا في حالة الغش أو التدليس أو الخطأ الجسيم"، أضافت محكمة الإستئناف أن وضع المحكم "يفرض عليه واجبات القاضي التي إذا لـم يلتزم بها ترتب على المحكم مسؤولية مدنية في حال الخطأ الشخصي، أي فـي حـال تقـصير يتعارض مع الوظيفة القضائية". كل شيء قيل إذا. ولكن هذه هي المرة الأولى التي تعبـر فيهـا محكمة التمييز عن ذلك بوضوح تام من خلال ردها للطعن الذي بموجبه نسب إلـى المحكمـين مخالفتهم لقوة القضية المقضية لقرارات صدرت قبل إصدارهم لحكمهم التحكيمي. مستوحية مـن رأي المحامي العام "بيار شوفالييه" (Pierre Chevalier) الذي بموجبه "يكون أولا المحكم، الذي وكله الأطراف بموجب عقد بت النزاع الناشيء بينهم، مديناً تجاه الأطراف بالتزام حـسـن تنفيـذ عقد المحكم"، حتى إذا "كان من غير الممكن للتقصير المرتبط جوهرياً بممارسة وظيفة قـضائية أن ينحل في مفهوم الخطأ البسيط" (.préc)، تكتفي محكمة التمييز باستعادة هذا التأرجح المتوازن بين الحصانة مما تم القضاء به والمسؤولية، ذات الشروط المعززة، عن الطريقة التي تم القضاء بها. "قرار مهم"، هذا ما كتبه préc.) Xavier Delpech). بالتأكيد إنه قرار مهم.
الدليل هو بعد أقل من شهرين، استعادت محكمة بداية باريس الكبرى تقريباً الحل ذاتـه "إن المحكم، الموكل في الوقت نفسه بمهمة تعاقدية وقضائية يجـب أن ينفـذها بكـل ضـمير استقلالية وحياد والذي يستفيد من الحصانة القضائية بصفته قاض، ليس مسؤولاً إلا عن خطئـه الشخصي؛ (...) هذا الخطأ، الذي يتميز عن الخطأ البسيط، يجب أن يكون موازيـا للتـدليس أو منشئاً لغش أو لخطأ جسيم أو لإستنكاف عن إحقاق الحق حتى يرتب مسؤولية علـى المحكـم" (TGI Paris, 5 mars 2014, n° 11/18017, Delubac). بالنظر إلى ذلك، كانت مسؤولية المحكمين المدنية خاضعة للنظر لأن حكم التحكيم الذي أصدروه تم إبطاله لتجاوز المهلة المحددة. إذا كان أكيداً أنه لا يمكن إقامة مسؤولية المحكم فقط لسبب إبطال حكم التحكيم، إذ أنـه يتوجـب أيضاً أن تكون هذه المسؤولية ناشئة عن خطأ جسيم من جهته، وإذا كان أيضاً من غير المتنازع فيه أنه لا يقع على عاتق المحكم الا التزام ببذل عناية باحترام المهل المحددة، حتى لو وقع عليه التزام بتحقيق غاية بالتماس تمديد هذه المهـل ( .Civ. 1°, 6 déc. 2005, n° 03-13.116, D 2006. 274, note P.-Y. Gautier, et 3026, obs. T. Clay; RTD civ. 2006. 144, obs. P. Théry; RTD com. 2006. 299, obs. E. Loquin; JCP 2006. II. 10066, note T. Clay; JCP E 2006. 1284, note G. Chabot, et 1395, obs. J. Paillusseau; Rev. arb. 2006. 126, note C. Jarrosson; RLDC avr. 2006, p. 14, note F.-X. Train; RDC 2006. 812, obs. G. Viney ; SIAR 2006, n° 1, p. 149, note L. Degos)، إلا أنه من الجديد بالمقابل ألا تؤخذ مسؤولية المحكم المدنية بالاعتبـار لأن محكمة البداية الكبرى اعتبرت أنه لم يتم تجاوز المهلة المحددة في حين أن محكمـة الإسـتئناف سبق أن أبطلت حكم التحكيم لتجـاوز هـذه المهلة ( ,08/22792 °Paris 19 nov. 2009, n Delubac, Rev. arb. 2011. 152 (1 esp.), note J.-G. Betto et A. Reynaud)، وهو قرار أيدته محكمة التمييـز ( ,2234 .2010 .Civ. 19, 22 sept. 2010, n° 09-17.410, D obs. X. Delpech, et 2933, obs. T. Clay; Rev. arb. 2011. 152 (2° esp.), note J.- G. Betto et A. Reynaud; Cah. Arb., Paris Journ. Intern. Arb. 2011. 453, note L. Jaeger; JCP 2010. 865, obs. J. Béguin; LPA 2011, n° 37, p. 8, obs. D. Mouralis). لدينا فضول بأن نعرف كيف ستتلقى محكمة استئناف باريس هذا الحكـم فـي حال طعن فيه أمامها.
ج. مهمة المحكم:
إن احترام المهلة المحددة للمهمة هو بالفعل الشغل الشاغل لهيئات التحكـيم. إلا أنـه مـن الصعب عملياً، كما تبينه دعوى Delubac، احتساب المهل لا سيما من ناحية تحديد نقطة البداية أو حقيقة التمديد الضمني. وهكذا ذكرت محكمة إستئناف باريس أنه إذا أراد الأطـراف إرجـاء التاريخ الذي يتوجب فيه صدور حكم التحكيم، فلا يمكنهم بالمقابل أن يتركوا لهيئة التحكيم خيـار تمديد مهلة التحكيم من جانب واحد، إلا ضـمن بعـض الحـدود ( °Paris, 4 nov. 2014, n Farmex ,13/22288). ويضيف هذا القرار أنه لا يجب تفسير السؤال الـذي يطرحـه أحـد الأطراف على هيئة التحكيم حول ما إذا ستحترم المهلة المحددة على أنه اتفـاق ضـمنـي علـى التمديد. بالنظر إلى ذلك، أبطل حكم التحكيم لأنه صدر بعد 15 يوماً من انقضاء المهلة المحددة.
مع ذلك، نجد في التحكيم الداخلي استئناءاً لمنع تمديد مهلة التحكيم من جهة المحكم نفـسه: عندما يتم إيقاف الدعوى إما بموجب قرار صادر عن هيئة التحكـيم أو نـسبب الزامـي عنـد استئناف سير الدعوى، يمكن لهيئة التحكيم تمديد مهمتها لستة أشهر، بشكل تلقائي، بموجب المادة 1475 من قانون المرافعات المدنية، كما ذكرت به مؤخراً محكمة إستئناف بـأريس ( .avr 8 .(2014, Nykcool AB, préc.
د.الإجراءات التحكيمية:
1) مبدأ الوجاهية:
نجد أيضاً مسألة المهل في الإجراءات، ولكن هذه المرة بالنسبة إلى مبدأ الوجاهية. إن المهلة القصيرة جدا أو غير المحترمة تضعف وجاهية المحاكمة. نعرف أن بعض القرارات الصادرة في الماضي أبطلت أحكاماً تحكيمية بسبب تفاوت كبير جدا في مدد المهل الممنوحة للأطراف لإيداع لوائحهم. كما يمكن لهيئة التحكيم، أخذا بمبدأ الوجاهية، أن ترفض مستندات وشهادات مقدمة فـي وقت متأخر بالنسبة إلى جدول المواعيد الإجرائية المنصوص عليه. وهكـذا، قـضت محكمـة إستئناف باريس بعدم وجود مخالفة لمبدأ الوجاهية وبعدم مخالفة هيئة التحكـيم لواجـب الأمانـة وبعدم وجود صرامة مفرطة من جهة الهيئة بردها أربع شهادات مكتوبة مقدمة بعد أربعة أيام من انقضاء المهلة المنصوص عليها في جدول المواعيد الإجرائية (.GEMS, préc). الحل منطقي، وإلا ما الجدوى من هذه الجداول؟
في ما يتعلق بتطبيق مبدأ الوجاهية، يمكننا أن نذكر قراراً آخراً صادراً عن محكمة إستئناف باريس لم يبين المخالفة في قرار تحكيمي أخذ بالاعتبار مبدأ التضامن فـي المجـال التجـاري والتطبيق الفرعي لمعدل الفائدة القانوني، دون أن تكون أياً من هـاتين النقطتـين نوقـشـت بـين الأطراف، على أساس أن التضامن التجاري مفترض دائماً وأن تطبيق معدل الفائدة القانوني، بدل معدل الفائدة الاتفاقي، هو بقوة القانون ( Paris, 18 févr. 2014, n° 12/11849, Dounia Gaz. Pal. 27-28 juin 2014, p. 15, obs. D. Bensaude). هذا يعني أنه عندما تطبق القاعدة بقوة القانون، لا يجب مناقشتها، وهو ما يختلف عن الاجتهاد الـسابق الـذي كـان بالأحرى يطبق مفهوماً صارماً لمبدأ الوجاهية (2941 .2010 .D). بشكل عام أكثـر، ذكـرت محكمة التمييز مؤخراً بشكل حازم، بموجب المادة 1520-4" من قانون المرافعات المدنية والمادة 1315 من القانون المدني، أنه يتوجب على الطرف الذي يتذرع بمخالفة المحكم لمبـدأ وجاهيـة المحاكمة أن يقدم الدليل على ذلك، لا سيما في ما يتعلق بعدم تلقي مستند مرسـل مـن المحـكـم Hotels, Civ. 1, 5 nov. 2014, n° 13-11.745, Yukos Capital, D. 2014. 2308; Global ) (Arbitration Review, 1er déc. 2014, obs. S. Perry
2)مسائل أولية:
إزاء تعقيد القانون، المحكم وحيد. طبعاً، من الممكـن مـساعدته أو معاونتـه أو إعطائـه استشارات أو دعمه ولكن من غير المسموح له التماس مساعدة السلطات المختصة لتفسير القاعدة القانونية إذا كان لديه شك حول معناها أو مداها. بالفعل، نعرف أن الاجتهاد منعه بالتتـابـع مـن مسألة أوليـة أمـام المحكمـة الأوروبيـة ( ,102/81-CJCE 23 mars 1982, aff. C 1095-Nordsee, Rec. CJCE I) ومن طلب تفسير الحكومة للمعاهدات الدوليـة ( 1 .Civ nov. 1986, n° 85-10.912, SEEE 18) ومن طرح مسألة أساسية حول الدستورية ( .Com re 3 28 juin 2011, n° 11-40.030, D. 2011. 1754, obs. A. Lienhard, 3023, obs. T. Clay, et 2012. 159, point de vue A. Bénabent; RTD civ. 2011. 557, obs. P.- Y. Gautier; RTD com. 2011. 628, obs. B. Bouloc; LPA 2011, n° 225-226, p. .(18, note L. Bernheim-Van de Casteele
ولكن، في ما يتعلق بالمسألة الأولية، يزال المنع عندما يتعلق الأمر بهيئة تحكيميـة مـشكلة بموجب القانون. هذا ما قضت به محكمة العدل التابعة للإتحاد الأوروبي في ما خص هيئة تحكيم لها اختصاص إلزامي على البراءات بمفهوم القـانون البرتغالي ( .CJUE, ord., 13 févr 2014, aff. C-555/13, Merck Canada, RTD civ. 2014. 434, obs. P. Thery; Gaz. Pal. 27-28 juin 2014, p. 13, obs. D. Bensaude). الحل غير مفاجيء لأن هيئـة التحكيم الإلزامي ليست في الحقيقة هيئة تحكيم ونظامها يشبه بالأحرى نظام محكمة نظامية. فـي المشهد القضائي الفرنسي، يمكننا تصور أن الحل نفسه يطبق على "تحكيم" النقيب أو على لجنـة الصحافيين "التحكيمية".
بالمقابل، لا شيء يمنع محكمة قضائية رفع أمامها طعن بإبطال حكم تحكيمي مـن إحالـة مسألة أولية أمام محكمة العدل التابعة للإتحاد الأوروبي. فهذا الحل اعتمد فـي دعـوى فريـدة Paris, 23 sept. 2014, n° 12/21810, Genentech Inc., Global Arbitration ) Review 6 oct. 2014, obs. L. Yong). في هذه الدعوى، كانت المسألة تتعلـق بالإتـاوات المدفوعة إلى شخص مأذون له لإستخدام اختراع لم يتم استصدار براءة به. قضى حكم التحكـيم على هذا الشخص المأذون له بأن يدفع الإتاوات دون التحقق من تقليد هذه البراءة، وهو ما كـان منازع فيه في إطار الطعن بالإبطال على أساس أن قانون المجموعة الأوروبية للمنافسة يمنع دفع إتاوات مقابل استخدام اختراع لا يشكل تقليداً للبراءة. كان من المتوجب إذا على هيئة التحكيم أن تتحقق من ذلك قبل القضاء بدفع الإتاوات، وهذا ما لم تفعله. إلا أن محكمة الإستئناف، بدلاً مـن أن تقضي كما تفعل دائماً، امتنعت عن القضاء طالما أنها لا تعرف ما إذا تـم مخالفـة قــانون المجموعة الأوروبية للمنافسة أو لا. وعليه، تبعاً لمسعى الطاعنة الجريء، أحالت مسألة أوليـة أمام محكمة العدل التابعة للإتحاد الأوروبي. بالتأكيد، هذا الحل يشكل على كل حال مفاجأة إذ أنه يتميز بوضوح عن الحل الاعتيادي للقاضي الناظر بالطعن الذي لا يرحب بالمسائل الأولية طالما أن أحكام التحكيم لا تخالف النظام العام الدولي. ما هو أفضل من ذلك، حتى مـؤخراً، هـو أن محكمة إستئناف باريس رفضت حتى أن تجرد أحكاماً تحكيمية من أي أثر، على الرغم من كونها مخالفة للنظام العام الدولي، نظراً إلى أنه لم يطعن فيها على هذا الأساس أمـام هيئـة التحكـيم، رافضة التدخل إلا في حال مخالفة هذا النظام العام الدولي بشكل "فاضح وفعلي وملموس". حتـى لو كان من الممكن إدراك تغير صارم أكثر في اجتهاد محكمة باريس منذ يناير العام 2012 (آخر اجتهاد هو اجتهاد محكمة Paris, 9 sept. 2014, n° 13/02594, Spezia، التـي، بـدورها، تتخلى عن شرط أن تكون المخالفة بشكل "فاضح")، إلا أنه يوجد هوة بينه وبين المقاربة المعتمدة في القرار المعلق عليه. فالمحكمة هنا تدخل في تفاصيل السبب المثار لتستنتج عدم قدرتها علـى حل الصعوبة دون الحصول على رأي محكمة العدل التابعة للإتحـاد الأوروبـي مـن المثيـر للاهتمام معرفة ما رأي محكمة التمييز، التي سبق أن رفع إليها طعن، بهـذا الموقـف الجديـد لمحكمة الإستئناف، لأن محكمة التمييز لا تزال حتى يومنا هذا مؤيدة لرقابة محدودة للنظام العام الدولي، وهو ما ينازع فيه هذا القرار بما أنه يحيل هذه الرقابة إلى محكمة العدل التابعة للإتحـاد الأوروبي. بشكل عام أكثر، وحتى لو كان الأمر هنا يتعلق بمحكمة الإستئناف وليس بهيئـة التحكيم، سنبين أنه ليس من الجيد أبداً بالنسبة إلى التحكيم المــرور بقـاض نظـامي أو بقـاض ، نظامي اختصاصه عابر للدول لمعرفة ما يجب عليه القضاء به. هذا يعرض استقلالية التحكـيم للخطر.
هـ. حكم التحكيم:
1) الطعن ضد حكم التحكيم:
إن نظام الطعون الموجهة ضد أحكام التحكيم كان أكثر من طاله تعديلات بموجب المرسوم رقم 2011-48 تاريخ 13 يناير 2011، متطلباً توضيحات مرحب بها من جهة الاجتهاد. فصدر عن هذا الأخير مجموعة من القرارات أو الأوامر التي تتعلق بمهل الطعون وبتكييفهـا وبقبولهـا وبتسويتها كما وبشكل التنازل الذي يمكن أن تكون موضوعاً له.
في ما خص المهلة المحددة لتقديم طعن، نعرف أن المـادتين 1484 و1519 مـن قـانـون المرافعات المدنية تنصان على أنه يمكن بكل بساطة إعلان حكم التحكيم، الداخلي والدولي علـى حد سواء، ولا ضرورة لتبليغه بعد الآن، وهذا بالطبع تقدم. إن مهلة تقديم الطعن تبدأ بالسريان إذا، من حيث المبدأ، من تاريخ التبليغ، ولكن شرط أن يحتوي محرر الإعلان علـى التعليمـات المنصوص عليها في المادة 680 من قانون المرافعات المدنية الخاصة بوجـود طـرق الطعـن المتاحة وبشروط تقديم الطعون. هذا ما حددته محكمة استئناف باريس في أمر أصدرته مـؤخراً Paris, ord., 6 mars 2014, n° 13/16113, Agora Technique, Rev. arb. 2014.) note J. Pellerin ,654). هذا طبيعي جدا، لأنه يجب التأكد من أن الطرف المرسل إليه القرار تم إعلامه حسب الأصول، ولو بموجب إعلان بسيط، بالطعون المحتملة التي بإمكانـه تقــديمها. نؤيد إذا الأمر المعلق عليه حول هذه النقطة. ولكن بالنسبة إلى جزء آخر مـن القـرار نفـسه سنكون مشككين أكثر. في الواقع، يبدو أنه يشير إلى أن اختيار نظام تحكيم ينص على الإعـلان من جهة مركز التحكيم لا يؤدي بالضرورة إلى التنازل عن التبليغ. يقول القاضي أن هذا الخيار يجب أن يكون غير مبهم وأن يكون معبر عنه قبل دخول المرسوم تاريخ 13 يناير 2011 حيـز التنفيذ، كما سبق أن وضـحـه قـرار سـابق ( ,12/02299 °Paris, ord., 8 mars 2012, n Pierre Cardin, D. 2012. 2991, obs. T. Clay; RTD com. 2013. 471, obs. E. Loquin; Rev. arb. 2012. 393, note C. Jarrosson et J. Pellerin)، وهذا طبعاً لا يقبل المنازعة. غير أن الأمر المعلق عليه يحتوي على غموض في قوله أن "مثل هذه الإرادة لا تنتج عن التقيد بالنصوص العامة لنظام تحكيمي، هو لنظام تحكيمي، هو فضلاً عن ذلك سابق للمرسوم تاريخ 13 ينـاير 2011 وليس له هدف إلا تحديد الشروط التي تتحرر من خلالها غرفة التجـارة الدوليـة مـن التزامها بتسليم حكم التحكيم بعد دفع المصاريف". هل يتوجب علينا أن نستنتج من عبارة "فـضـلاً عن ذلك" أن التقيد بنظام التحكيم لا يكفي (بهذا المعنى، .J. Pellerin, préc) أو، على س، أن شرط التحكيم في الدعوى المذكورة ليس ثابتاً وأكيداً بشكل كاف لأنه في الأساس أبـرم قبـل وجود إمكانية التنازل عن التبليغ، من خلال الإشارة إلى نظام هو أيضاً سابق؟ مرتكـزين علـى الأمر المؤرخ 8 مارس 2012 الأنف الذكر، ونظراً إلى أنه يبدو منطقياً تفعيل إرادة الأطـراف بإدراج نظام تحكيم في عقدهم، طبعاً تحت طائلة مخالفة قواعد النظام العام، نحن نؤيـد التفسير الثاني. إذا كان نظام التحكيم ينص على الإعلان الإتفاقي، الذي يحترم أحكام المـادة 680 مـن قانون المرافعات المدنية والذي استند إليه الأطراف بعد الأول من مايو 2011، فلا سبب يـدعو إلى عدم تطبيقه. بالطبع، الرهان مهم جدا من الناحية العملية بالنسبة إلى كل أحكام التحكيم التـ ترسلها مراكز التحكيم التي يمكن، في الواقع، أن تعتبر بمثابة إعلان وأن تجعـل مـهـل الطعـن المشار إليها تحديداً في محرر الإعلان تسري.
حول تكييف الطعن وفق ما إذا كان الأمر يتعلق بحكم تحكيمي داخلـي أو دولـي، ذكـرت محكمة استئناف باريس أن هذا التكييف "يحدد وفقا لطبيعة العلاقات الإقتصادية التي هي أسـاس النزاع" دون الأخذ بالاعتبار العناصر الخاصة بالصفة الأجنبية، التي أضافت عليها صراحة لأول مرة المقر" كعنصر غير مهـم ( Paris, 7 oct. 2014, n° 13/05894 et n° 13/09282, Di Sabatino). إذا كان يوجد خطأ في التكييف، فهذا لا يغير مهلـة الطعـن ( 10 ,.Paris, ord avr. 2014, n° 13/13075, CDR, Europ. Intern. Arb. Rev. 2014. 245, note T. Voisin) ولا يؤدي إلى عدم قبوله (.Di Sabatino, préc).
ولكن هذه ليست حال استئناف رفع بدلا من طعن بالإبطال إذا كان الأطراف قد تنازلوا عن الإستئناف، لا وجود لتنظيم محتمل، حتى لو كانت المواد المشار إليها خاصة بالطعن بالإبطـال، لأن "أثر" ذلك "ليس تغيير تكييف طريق الطعن الناجم عن المحرر الـذي رفـع إلـى محكمـة الإستئناف" (Paris, 28 oct. 2014, n° 13/16871, Système U).
أيضاً، في مجموعة الطعون التي يمكن تقديمها، يجدر الانتباه إلى الترتيب الـذي بموجبـه يجب تقديمها بما أن البعض منها لا يكون مقبولاً إلا إذا كان البعض الآخر غير مقبول. هذه هي حالة التماس إعادة النظـر (Paris, 27 mai 2014, n° 12/05975, Vasarely ومراجعـة الإبطال (.Système U, préc) اللذين هما فرعيان بالنسبة إلى الطعن بالإبطال، المقدم أو الـذي انقضى بمرور الزمن.
لا يكون الطعن بالإبطال بحد ذاته مقبولاً إلا شرط ألا يكون حكم التحكيم موضوع موافقـة مسبقة، وهذه هي الحالة عندما يكون الطرف الذي يقدمه قد طلب أولاً الحصول علـى الـصيغة التنفيذية لحكم التحكيم ثم بلغ حكم التحكيم الحاصل على الصيغة التنفيذية مع أمر بالدفع. تقـضي محكمة الإستئناف بأن "هذا التصرف يظهر إرادة لا لبس فيها بالموافقة على حكم التحكيم ويجعل الطعن بالإبطال غير مقبـول" (Paris, 28 oct. 2014, n° 13/14346, Samzun). كمـا لا يمكن التمتع بشيء وبالمال الناجم عن بيعه في الوقت عينه، لا يمكن الإدعاء بتنفيذ الحكم وبطلب إبطاله في الوقت عينه.
كما لا يكون الطعن بالإبطال مقبولا إذا تنازل عنه الأطراف، كما تجيزه المادة 1522 مـن قانون المرافعات المدنية شرط أن يكون هذا التنازل وارداً في "اتفاق خاص". يبقى معرفة الشكل الذي يجب أن يتخذه هذا الاتفاق. التوضيحات وفرها أمر أصدرته محكمة إستئناف باريس مؤخراً قضت فيه بأن التنازل يجب أن يستهدف صراحة الطعن بالإبطال ولا يجب أن ينتج عن شـرط عام، بالأخص إذا كان هذا الأخير يتيح الطعن في بعض الحالات الخطيرة. إذاً، إن اتفاق التحكيم الذي يذكر أن "حكم التحكيم سيكون نهائياً وملزماً ونافذاً تماماً وفوراً بين الأطراف وأنه لا يمكن للأطراف أن يقدموا أي استئناف كان و/أو أن يعترضوا على حكم التحكيم أمام أي سلطة قضائية أو محكمة أو هيئة تحكيمية كانت (إلا إذا تم إثبات وجود تداخلات جنائية أو تداخلات أخـرى مشابهة تتعلق بالإجراءات)" لا يشكل تنازلاً عن الطعن بالإبطال ( ,2014 .Paris, ord., 3 avr Farmex, LPA 2014, n° 215, p. 19, obs. I. Léger). يجـب الموافقـة n° 13/22288, على هذا الحل لأنه بقدر ما هو غير مهم أن يكون التنازل عن الطعن بالإبطال قد حـصل فـى محرر مستقل، بقدر ما هو مهم إلا إذا كان وارداً في اتفاق التحكيم أو في وثيقة المهمة، فيجـب عندها أن يكون وارداً بالأحرف الكاملة، بشكل منفصل وواضح عن شروط العقد الأخرى أو عن بنود شرط التحكيم الأخرى. هذا يعني أن يرصد له إشارة خاصة بما أن الأمر يتعلق بـ "عقد خاص".
2) الرقابة على حكم التحكيم:
حالما يقدم الطعن، نعرف أن حدة رقابة القاضي ستختلف باختلاف الاعتـراض المقـدم. تتراوح الرقابة من الأشد قساوة، حول اختصاص المحكمين، إلى الأخف قساوة، حـول مخالفـة النظام العام الدولي. حول اختصاص المحكمين، استعادت محكمة إستئناف باريس، لثلاث مـرات في العام 2014، ما قضت به في قرار Abela بأن القاضي "يبحث عن كافة عناصـر القـانون الواقع التي تستنتج من الملف والتي تسمح بتقدير نطاق اتفاق التحكيم واستخلاص النتائج حـول احترام المهمة الموكلة إلـى المحكمـين" ( ,Scamark, préc.; Abela préc.; Etat libyen .préc). في هذه الدعوى الأخيرة، تم تبيان أن اختصاص المحكمين كان مبنيـا علـى الاتفاقيـة الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية لعام 1980، وهذا أنـشأ أول حكـم تحكيم صادر تطبيقاً لهذه الاتفاقية.,
حول النظام العام، صدرت مجموعة من القرارات في العام 2014 تتعلق بحـالات مخالفـة جسيمة للغاية، أي الفساد، وبشكل عام أكثر، الغش. في حين أن القرار الأول تحصن وراء تقدير المحكمين ليقضي بأنه نظراً إلى أن هيئة التحكيم لم تتحقق من الغش، فهذا لأنه لم يكن هناك غش - وهذا من الممكن أن يتركنا متحفظين (.Paris, 8 avr. 2014, Nykcool AB, ثلاثة قرارات أخرى صادرة عن المحكمة ذاتها مقاربة مختلفة تعزز حدة الرقابة في حال الادعاء بالفساد ( .Paris, 4 mars 2014, n° 12/17681, Gulf Leader, obs D. 2014. 1967, préc - اتبع S. Bollée; Gaz. Pal. 27-28 juin 2014, p. 16, obs. D. Bensaude; 14 oct. 2014, n° 13/03410, Répub. du Congo; 4 nov. 2014, n° 13/10256, Man Diesel, - Review 27 nov. 2014, obs. A. Ross). لثلاث مـرات، ذكـرت Arbitration Global محكمة إستئناف باريس العبارة نفسها بقضائها، في مجال الفساد، أنه "يعود لقاضي الإبطـال أن يبحث عن كافة عناصر القانون والواقع التي تسمح له باتخاذ قرار حول عدم مشروعية الاتفـاق المزعومة وبتقدير ما إذا كان الاعتراف بحكم التحكيم أو تنفيذه يخالف النظام العام الدولي بـشكل فاضح وفعلي وملموس". حتى لو، عند نهاية تحليلها المعمق جدا في الدعاوى الثلاث، اعتبـرت المحكمة أنه لم يتم إثبات الفساد، يبقى أن الرقابة التي تنوي القيام بها عند الشك بوجـود فـسـاد شبيهة بالرقابة التي تقوم بها لدى التحقق من الاختصاص – العبارة المستخدمة هي فـضلاً – فضلاً عن ذلك ذاتها – أكثر منها بالرقابة الخاصة بالنظام العام، التي هي تقليدية أكثر. في الواقع، نجد هنا العبارة الدقيقة الواردة في قرار Westman حول الغش الذي بموجبه يجـب علـى الرقابـة أن "تتمحور في القانون وفي الواقع حول كافة العناصر التي تسمح خصوصاً بتبرير تطبيق قاعدة من قواعد النظام العام الدولي أو عدم تطبيقهـا" ( .Paris, 30 sept. 1993, n° 92/13558, arb. 1994. 359, note D. Bureau). بعبارات أخرى، هذا الاجتهاد حـول الفـسـاد مـساو للاجتهاد حول الغش في ما يتعلق بحدة رقابة القاضي الناظر بالطعن. هذا التساوي مبرر تمامـاً Rev من خلال جسامة العيب الذي يشوب حكم التحكيم.
لهذا السبب لن نفهم كثيراً القرار الذي أصدرته محكمة التمييز في 12 فبراير الذي، بدوره، يحتمي وراء تقدير محكمة الإستئناف المطلق لغياب الفساد لرفض مد رقابتها إلى ما وراء الطابع "الفاضح والفعلي والملموس" للمخالفة التي طالت النظام العـام الـدولي ( .Civ. 1, 12 févr - 2014, n 10-17.076, M. Schneider, D. 2014. 490, et 1967, obs. S. Bollée; Dalloz actualité, 19 févr. 2014, obs. X. Delpech; JCP 2014. 474, avis av. gén. P. Chevalier, 475, note D. Mouralis, et 296; Paris Journ. Intern. Arb. 2014. 585, note L.-C. Delannoy; Rev. arb. 2014. 389, note D. Vidal; Procédures 2014. 107, note L. Weiller; Gaz. Pal. 27-28 juin 2014, p. 15, obs. D. Bensaude). في حين أن هذه الدعوى وفرت فرصة مثالية لمحكمة التمييز لكي تعكس اجتهادها، إلا أن الغرفة المدنية الأولى لم تنتهزها، مفضلة التذكير بأن "قاضي الإبطال هو قاضي حكم التحكيم ليقبل أو يرفض إدخاله في النظام القانوني الفرنسي وليس قاضي الدعوى التي أبرم بشأنها الأطراف اتفاق تحكيم". هذا الموقف، إذا كان مفهوماً لدى صدور قرار Thales منذ عشر سنوات بالضبط، لم يعد كذلك في الوقت الحاضر، ناهيك عندما يتعلق الأمر بغش أو بفـساد. إن السبب القاطع الذي يشفع لتغيير يتمثل في ازدياد حالات الغش والفساد التي تظهـر أن التحكـيم استطاع أن يبدو للبعض على أنه مكان ازدهار مثالي لهذا النوع من الممارسات. حتى لو كان من المتوجب تفادي التذرع بالفساد فقط لإجبار القاضي على توسيع رقابته، وهو سلوك يجب معاقبته، هناك طابع ملح لإرسال إشارة حتى لا يصبح، كما كتبه Louis-Christophe Delanoy في ما خص هذا القرار، "ضوءاً أخضراً للفساد" (.préc).
هذا أيضاً ما عللته بوضوح تام محكمة استئناف باريس التي، في الوقت عينه، لا تتردد في إبطال أحكام التحكيم المضبوطة بغش (Paris, 27 mai 2014, n° 12/18165, Vasarely في هذه الدعوى الشهيرة المتعلقة بـ Fondation Vasarely، أبطلت محكمة الإستئناف، مـن خلال تطبيقها لأحكام قانون المرافعات المدنية السابقة للتعديلات التي أدخلت فـي الـعـام 2011، حكماً تحكيمياً صادراً قبل عدة سنوات بسبب الغش، كاشفة عن "صورة غير حقيقية عن التحكيم" بسبب عدم حياد هيئة التحكيم التي اشترك المحكم فيها في "التواطؤ على الغش" في حين أن تحقيقاً جزائياً كان جارياً. في الواقع، حرر هذا القرار بالعناية التي تولى للقرارات المقرة لمبادىء يؤمل أن تشكل سوابق قضائية.
3) تنفيذ حكم التحكيم:
إن أحد أكبر التعديلات المستحدثة التي أدخلت على المرسوم تاريخ 13 يناير 2011 هـو جعل الطعون ضد أحكام التحكيم الدولية غير معلقة للتنفيذ. هذا الإجراء حـسـن كثيـراً فعاليـة التحكيم، ولكن من الواجب أيضاً الاحتياط من خلال وضع حاجز في بعض الظروف حتى يصبح من الممكن عكس تنفيذ حكم التحكيم الذي سيصبح بعد ذلك مجرداً من أي أثر. هـذا موضـوع المادة 1526، الفقرة 2 من قانون المرافعات المدنية التي تجيز طلب وقف التنفيذ متى كان "مـن شأن هذا التنفيذ أن يلحق أضراراً جسيمة بحقوق أحد الأطراف". يبقى معرفة متى يوجـد هـذا الخطر. إلا أنه في بادىء الأمر، كان الاجتهاد يبدو جد متحفظ في الاعتراف به، على الأكثـر، قبل الاجتهاد أن ينظم التنفيذ، بدلاً من أن يوقفه، لا سيما من خلال الإجراءات الخاصة بالحراسة Paris, ord., 23 avr. 2013, n° 13/02612, Spie Batignolles Nord; 3 oct. 2013, n° 13/07263, CMN, LPA 2014, n° 215, p. 19, obs. I. Léger; 27 mars 2014, .(n° 13/24165, Fairtrade
إلا أن محكمة الإستئناف ذهبت أبعد من ذلك بما أنها، في العام 2014، أوقفت مرتين تنفيـذ أحكام تحكيمية، المـرة الأولـى فـي بـاريس ( 13/22288 °Paris, ord., 3 avr. 2014, n .Farmex, préc) والمرة الثانية في "ريغا" (Riga) في "ليتوني" (Paris, ord., ) (Lettonie 4 juill. 2014, n° 14/12102, Assurances Pilliot, LPA 2014, n° 215, p. 19, obs. هذه هي I. Léger). إن المعايير الكامنة وراء القضاء بهذا الوقف هي اقتصادية محض. كما تم تبيانه في أمر مذكور آنفاً (Fairtrade)، لا وجود لرابط بين التعلق المزعوم لأسباب إبطال حكم التحكـيم بالموضوع والشروط الواردة في القرار الخاصة بالتنفيذ المؤقت. بالمقابل، إذا صح ذلك، يكـون من شأن خطر التوقف عن الدفع في حال تنفيذ حكم التحكيم أن يبرر القرار أو تنظيم هذا التنفيذ. هذه هي الحالة عندما يعتبر مأمورو حسابات المدين أن "الشركة لا يمكن أن تتحمل أثـر حـكـم التحكيم الحاسم الذي من شأنه أن يعرض استمرارية استثمار الشركة للخطر" (.Farmex,préc). الحالة أيضاً عندما يكون "من شأن تنفيذ حكم التحكيم، بالنسبة إلى المبلغ المحكوم به، أن يعرض استمرارية الشركة للخطر وذلـك لـدى الاطلاع علـى الأدلـة الحـسابية المقدمـة (.Assurances Pilliot, préc). قلما تهم إذا فرص نجاح الطعـن أو حتـ طـابع التحكـيم المنطوي على الغش، وهذه كانت حال الدعوى الثانية، فوحدها اللامعكوسية الاقتصادية للتنفيـذ مأخوذة بالاعتبار، وهو ما يجب أن يكون مثبتاً في الأدلة الحسابية.
جاءت محكمة إستئناف باريس بتفاصيل تتعلق بالإجراءات الواجب اتباعها لتقديم هذا الطلب: تقام هذه الإجراءات أمام المستشار المكلف بتحضير الدعوى ما إن يتم تعيينه، وليس أمام الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف. في الواقع، إن اختصاصيهما يتعاقبان ولا يلتقيان، وبمجـرد أن يوكـل بهذه المهمة، يكون للمستشار المكلف بتحضير الدعوى اختصاص حصري. بعد تعيينه، يـصبح الرئيس الأول إذا غير مختص، كما ذكر به بنفسه مرتين ( °Paris, ord., 26 sept. 2013, n Man Diesel; 11 juill. 2014, n° 14/08157, CNAN Group ,13/10397). إذا كـان من غير الممكن المنازعة في الحل من الناحية الإجرائية، إلا أن هذا الحل ليس أقـل صـرامة، بالأخص للأطراف الأجانب الذين يمكن أن يفكروا بسذاجة أنه عندما تذكر المادة 1526 الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف، فإن الأمر يتعلق به دائماً. وهذا سيكون إذا خطأ.
II.الوسائل البديلة لحل النزاعات:
إن القانونين اللذين سبق ذكرهما، أي القانون رقم 2014-344 تــاريخ 17 مـارس 2014 المتعلق بالاستهلاك، المعروف بقانون "هامون" (Hamon)، والقانون رقم 2014-1170 تـاريخ 13 اکتوبر 2014 حول إنجاح مستقبل الزراعة والتغذية والغابات، لديهما شـيء مـشترك هـو إيجادهما نظام وساطة محدد. القانون الأول أدرج المادة "ل. 423-15" (15-423 .L) والمـادة "ل. 423–16" (16-423 .L) في القانون المتعلق بالاستهلاك ليحدد أن وحدها الشركة المعنيـة بالدعوى الجماعية يمكنها أن تشترك في الوساطة القضائية الناجمة عن هذه الدعوى الجماعيـة، هذه الوساطة التي تجري في الشروط المنصوص عليها في القانون رقـم 95-125 تـاريخ 8 فبراير 1995 والتي من الإلزامي أن يصدق على نتيجتها القاضي الذي يتحقق ممـا إذا كانـت الوساطة مطابقة لمصالح المشاركين في هذه الدعوى ( C. Boillot, La médiation au sein 7 .de l'action de groupe, LPA 2014, n° 219, p)، هذا الإجراء أساسي لأنه قابـل لأن يطبق غالباً جداً، أي في كل مرة يفضل فيها المهني التسوية على الدعوى، أو بدقة أكثر، علـى عدة دعاوى مجموعة في دعوى واحدة. من جهة أخرى، إن التعميم تاريخ 26 سبتمبر 2014 ( CIRC NOR: JUSC1421594, CIV14/14, BOMH n° 2014-10, 31 oct. 2014, ) 20 .spéc. p) يجيز الوساطة، وهي وساطة إتفاقية هنا، قبل رفع الدعوى الجماعية أمام القاضي JCP 2014. 1030, obs. S. Amrani-Mekki, spéc. in fine. Contra P. Neau-) 31 .Leduc, Banque et Droit, hors série, nov. 2014, p. 30, spéc. p). إن احتمـال حصول وساطة يتخذ إذا طابعاً رادعاً للدعوى الجماعية.
القانون الثاني نصب "وسيطاً للعلاقات التجارية الزراعية"، يعين بموجب مرسـوم، يكـون مختصاً بنظر كل النزاعات المنصوص عليها فـي المـادة "ل. 631-27" (27-631 .L مـن القانون الزراعي والصيد البحري. بإمكان هذا الوسيط أن يسهل حل النزاعات وديـاً وأن يقـوم بتوصيات إلى الوزراء المعنيين وأن يبدي آراءاً حول كل مسألة تدخل ضمن نطاق اختصاصه وحتى أن يعرض النزاع على لجنة فحص الممارسات التجارية. باختصار، لديه نطـاق تـدخل واسع جدا.
إن خيار تفضيل الوساطة في هذين القانونين لا يجب أن يخفي واقـع أن قـانون "هـامـون" (Hamon) يبدو أنه يأخذ حذره من المصالحة. كما سبق أن بيناه أعلاه في مـا خـص شـرط التحكيم، يمكن للمادة الجديدة "ل. 423-25" (25-423 .L) من القانون المتعلق بالاستهلاك أن تجعلنا نعتقد أن بند المصالحة السابقة الإلزامية يعتبر غير مكتوب في حال الدعوى الجماعية. هذا هو الرأي الذي أبدته مؤخراً زميلتنا "ثريـا عمرانـي مكـي ( Le contrat et l'action de groupe, colloque, 13 nov. 2014, RDC, à paraître). ولكن وضع المصالحة جانبا غير مقنع لأن موضوع بند المصالحة وأثره ليسا "منع المشاركة في دعوى جماعية"، كما تبينه المـادة "ل. 423-25" (25-423 .L)، بل تأجيل الدعوى وأيضاً فقط في حال الفشل، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لأن المصالحة يجب أن تكون ممكنة دائماً فضلاً وهي ذلك تشجع في كل مكان. بالإضافة إلى ذلك، يكرس الاجتهاد منذ زمن بعيد عدم قبول الدعوى المقدمـة بالمخالفـة لبنـد مصالحة. وإذا بدا أن تغييراً شاملاً ارتسم في قرار تافه صادر عن المحكمة التجارية التي كانـت تطالب ببند مفصل لتفعيل أثـره ( .Com. 29 avr. 2014, n° 12-27.004, عن ه D Medissimo, 2014. 1044; AJCA 2014. 176, obs. N. Fricero; RTD civ. 2014. 655, obs. H. Barbier; JCP E 2014. 1290, obs. N. Dissaux, JCP 2014. 607, obs. H. Croze, et 711, note O. Sabard; Gaz. Pal. 5 juin 2014, p. 21; LPA 2014, n° 180-181, p. الأولى الأمور إلى نصابها من خلال التذكير بأن "البند الوارد في العقد الذي ينـشىء إجـراءات مصالحة سابقة لأي دعوى قضائية يفرض نفسه على القاضي، مهما كانت طبيعة هـذا البنـد"، وحتى على قاضي التنفيذ في ما خص الإجراءات الخاصة بالحجز العقاري ( .Civ. 1", 1" oct 15, note J.-P. Tricoit, et n° 199, p. 5, note A. Albarian)، أعادت الغرفة المدنيـة 2014, n° 13-17.920, D. 2014. 2004; Dalloz actualités, 14 oct. 2014, obs. X. .(Delpech
أقل ما يقال هو أنه سيكون إذا من المناقض لرأي الكافة أن يختار القانون الفرنسي المتعلـق بالاستهلاك طريقاً معاكساً لهذا التفضيل المعتم للمصالحة. هذا هو أيضاً رأي البروفسور "لوران أيناس" (Laurent Aynes) الذي يعتبر أنه غير مشار إليه في المادة "ل. 423-25" (-423 .L 25) (méme colloque, synthèse). يجدر بكل بساطة التأكد من أن مهلة المصالحة لا تمنـع من قيام الدعوى الجماعية بما أننا نعرف أن هذه الأخيرة محصورة ضمن مهل إجرائية صارمة، ولكن يمكن أن تمتد حتى ستة أشهر. إلا أن مدة الستة أشهر هى أصلاً مدة طويلة جداً للمصالحة، وطويلة أكثر حتى لا يتم التوصل إلى هذه المصالحة.
Bibliographie : Ouvrages généraux: S. Amrani-Mekki et Y. Strickler, Procédure civile, PUF, coll. Thémis droit, 2014; B. Audit et L. d'Avout, Droit international privé, Economica, coll. Corpus droit privé, 7° éd. 2013; M. Audit, S. Bollée et P. Callé, Droit du commerce international et des investissements étrangers, LGDJ, coll. Domat-droit privé, 1¹e éd., 2014; S. Bostanji, F. Horchani et S. Manciaux (dir.), Le juge et l'arbitrage, Pedone, 2014; T. Clay (dir.), L'arbitrage principes et pratiques, Cah. du CNB, 2° éd., 2014; T. Clay et P. Pinsolle, French International Arbitration Law Reports 1963-2007, coord. T. Voisin, JurisNet, 2014; U. Draetta, Counsel as Client's First Enemy in Arbitration?, JurisNet, 2014; W. Dross et B. Mallet-Bricout (dir.), La transaction. Propositions en vue de la réforme du titre XV, livre troisième du code civil «< Des transactions », Doc. fr., coll. Perspectives sur la justice, 2014; N. Fricero et P. Julien, Procédure civile, LGDJ, coll. Manuels, 5e éd., 2014; N. Fricero et alli, Le Guide des modes amiables de résolution des différends (MARD), Dalloz, coll. Guides Dalloz, 2014; S. Guinchard, C. Chainais et F. Ferrand, Procédure civile. Droit interne et droit de l'Union européenne, Dalloz, coll. Précis-droit privé, 32° éd., 2014; B. Le Bars, International Arbitration and Corporate Law: An OHADA Practice. Eleven International Publishing, 2013; E. Loquin et S. Manciaux (dir.), L'ordre public et l'arbitrage, LexisNexis, coll. CREDIMI, 2014; P. Malaurie, L. Aynès et P.-Y. Gautier, Droit civil. Les contrats spéciaux, Defrénois, 7° éd., 2014; P. Mayer et V. Heuzé, Droit international privé, Montchrestien, coll. Domat-droit privé, 11° éd., 2014; M. Rubino- Sammartano, International Arbitration. Law and Practice, préf. P. Mayer, JurisNet, 3 éd., 2014; J. Paulsson, The Idea of Arbitration, Oxford University Press, 2014; B. Pons, Contrat de transaction. Conciliation. Médiation. Procédure participative, Dalloz, coll. Dalloz Référence, 1re éd., 2014; T. H. Webster et M. W. Bühler, Handbook of ICC Arbitration. Commentary, Precedents, Materials. Sweet & Maxwell, 3e éd., 2014; Varii autoris: L'arbitre international et l'urgence, préf. G. Keutgen, Bruylant, coll. Francarbi, 2014; Varii autoris: Financement du procès par les tiers, Rapp. du Club des juristes, 2014. Mélanges: Les relations privées internationales. Mélanges en l'honneur du professeur B. Audit, LGDJ, Lextenso, 2014; Arbitraje internacional: pasado, presente y futuro. Libro homenaje a Bernardo Cremades y Yves Derains. Instituto Peruano de Arbitraje éd., 2 vol., 2013; L'arbitre et le juge étatique. Études de droit comparé à la mémoire de G. Tarzia, Bruylant, 2014. Thèses: P. Boisliveau, L'arbitrage en droit administratif, th. Nantes, ss la dir. d'Y. Desdevise, dact., soutenue le 11 févr. 2014; W. Bouleghlimat, Le droit de l'arbitrage dans les pays arabes et les Principes Unidroit, th. Paris II, ss la dir. de B. Fauvarque- Cosson, dact., soutenue le 19 mai 2014; P. Giraud, La conformité de l'arbitre à sa mission, th. Paris II, ss. la dir. de C. Jarrosson, dact., soutenue le 4 déc. 2014; J. Jourdan-Marques, Le contrôle étatique des sentences arbitrales internationales, th. Versailles-Saint-Quentin, ss la dir. de T. Clay, dact., soutenue le 9 déc. 2014; S. Karaa, Les juges de l'activité professionnelle sportive. Contribution à l'étude des relations entre pluralisme juridique et pluralisme de justice, th. Limoges, ss. la dir. de J.-P. Karaquillo, dact., soutenue le 1er déc. 2014; J.-B. Perrier, La transaction en matière pénale, préf. S. Cimamonti, LGDJ, coll. Bibliothèque de sciences criminelles, 2014, t. 61; A. Signorille, La sentence arbitrale en droit commercial international, L'Harmattan, coll. Le droit aujourd'hui, 2013.