التحكيم / انواع التحكيم الدولي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 51-52 / بانوراما التحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات ديسمبر 2020 -ديسمبر 2021
ثلاث سنوات بالضبط! هذه هي عقوبة الحبس التي أنزلت بأحد المحكمين في دعوى Tapie بسبب الإحتيال. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إنزال عقوبة بهذه الجسامة بحق محكم وفي قضية حصلت على تغطية إعلامية واسعة لهذه الدرجة. حكم أيضاً على محامي "برنار تابي" (Bernard Tapie) بالحبس ثلاث سنوات، سنتان منها مع وقف التنفيذ، بسبب الإحتيال والإشتراك في اختلاس أموال عامة، مع المنع الفوري، بالرغم من الطعن، من ممارسة مهنة المحاماة خلال فترة خمس سنوات. وبالنسبة إلى المحكم والمحامي، عدا الحكم على كل واحد منهما بدفع غرامة قدرها 300,000 يورو ومبلغ 145,000 يورو مقابل الضرر الأدبي ومبلغ 600,000 يورو سنداً للمادة 1-475 من قانون المرافعات الجزائية (بالتضامن مع المحكوم عليهم الآخرين، هذا المبلغ فقط)، يضاف أيضاً الحكم بالتضامن بإعادة المال العام المختلس، أي 393 مليون يورو، إضافة إلى الفوائد، ومصادرة الممتلكات التي سبق الحجز عليها. المفارقة الآن هي أنه نظراً إلى أن الدعوى العمومية إنقضت بالنسبة إلى المستفيد الأساسي من حكم التحكيم هذا المنطوي على غش، لن يكون على خلفه إلا أن يرفضوا التركة حتى يتحمل المحكم والمحامي كامل الدين العام التضامني. هذه هي العبرة الوحيدة من القصة.
حكم تحكيمي تم الرجوع عنه بسبب الغش، محكم زج في السجن (حتى لو أنه سيعاد النظر في عقوبته بسبب تقدمه في السن)، محام منع من ممارسة مهنته ومستفيد مات قبل ثلاثة أيام من التاريخ المحدد أصلاً لصدور القرار، هذه هي حصيلة وخاتمة هذه الدعوى المأساوية التي لا تمت بصلة إلى التحكيم والتي مع ذلك تم دعمها، لا سيما في أوساط التحكيم خلال سنوات، بما في ذلك مع اكتشاف مجمل الأعمال الحقيرة التي كانت تحيط بها.
إذا كان هناك شخص واحد غير قادر على ارتكاب أعمال حقيرة فهو البروفسور "إيمانويال غايار" (Emmanuel Gaillard) الذي توفي في الأول من أبريل 2021 خلال جلسة تحكيم جزاء تمزق الشريان الأورطي والذي صدم غيابه مجتمع التحكيم الدولي، هو المعروف بكونه Molière التحكيم وتوفي على المسرح ذاته الذي كان يمارس عليه فنه. إن مساهمته في قانون التحكيم الدولي لا تقدر وليست على وشك أن تضمحل قريباً (راجع تكريمنا له 705 .2021 .D).
لا شك أنه كان سيجد أكثر الكلمات دقة لانتقاد إجتهاد محكمة العدل للإتحاد الأوروبي التي لا تنفك تريد القضاء على التحكيم في مسائل الإستثمار، إلا إذا كان التحكيم بكل بساطة، كما سنراه في القرارات الأولى المعلق عليها هنا. لحسن الحظ أن العديد من القرارات الأخرى الصادرة عن محكمة إستئناف باريس ومحكمة التمييز تستمر في المساهمة بوضع قانون عصري ومتين وفعال للتحكيم، وسيصار إلى ذكرها في ما يلي. كل قرارات محكمة الإستئناف صادرة عن الغرفة التجارية الدولية التي تشكلها (القسم 5، الغرفة 16)، ما لم يذكر خلاف ذلك.
لقد كانت السنة 2021 أيضاً سنة دخـول قواعد التحكيم الجديدة لغرفة التجارة الدولية حيز التنفيذ، وهي قواعد نعرف قوة جاذبيتها وتأثيرها على الممارسة التحكيمية العالمية، بما في ذلك خارج غرفة التجارة الدولية ذاتها، إلى حد أصبحت معه هذه الممارسة نموذجاً. كما يجب الترحيب بالأفكار المبتدعة كواجب التصريح عن مشاركة طرف ثالث ممؤل في الإجراءات، كإمكانية منع وصول محام جديد خلال الإجراءات إذا كان يخلق تعارض مصالح يتعذر حله، كالإلتفاف على طـرق تشكيل هيئة التحكيم التي يريدها الأطراف إذا كان اللجوء إلى هذه الطرق يؤدي إلى معاملة "غير منصفة أو غير عادلة"، كضم الدعاوى المسهل، كحظوة نزع الصفة المادية عن الإجراءات، كتوسيع نطاق التحكيم المعجل، إلخ. هذه القواعد الجديدة كانت مرفقة بمذكرة موجهة إلى المحكمين توضح هذه القواعد وتلفت إنتباههم حول صعوبات تنفيذها. هذه القواعد والمذكرة التوضيحية، التي تشكل مدونة قانونية حقيقية، تبين وجود سلطة معيارية خاصة، وهذا مثير للإهتمام أيضاً من وجهة نظر مصادر القانون.
إلا أن السلطة التنظيمية التقليدية نشطت في الفترة التي يغطيها هذا "البانوراما"، د مع نشاط ذو زخم غير اعتيادي يتعلق بالوسائل البديلة لحل النزاعات، بما في ذلك التحكيم، مع المراسيم المؤرخة في 23 ديسمبر 2020 و29 يناير 2021 و11 اكتوبر 2021، دون أن ننسى تلك التي لا تزال في مرحلة مشاريع مراسيم، التي أعلن عنها في سياق القانون الهادف إلى استعادة الثقة في مؤسسة القضاء الذي أقر بتاريخ 18 نوفمبر 2021.
لكن الموضوع الذي سنتناوله في الأسطر التي تلي هو مؤسسة التحكيم التي لا حاجة لاستعادة الثقة فيها .
1- التحكيم:
أ- تحكيمات محددة:
1- التحكيم في مسائل الإستثمار:
تتابع "محكمة العدل للإتحاد الأوروبي" عملية التدمير الممنهج للتحكيم الذي يبدو أنه يزعجها والذي تريد بكل تأكيد أن تعيده إلى الماضي، ناسية أن تاريخ التحكيم يعود إلى أكثر من أربعة آلاف سنة في حين أن تاريخ هذه المحكمة يعود فقط إلى سبعين سنة وأنه سيبقى موجوداً عندما ستضمحل هي عن الوجود، بالأخص إذا استمرت بعناد بما وصف بـ "الانتقام" (J. Jourdan-Marques، مذكور في ما يلي) أو بـ "الحرب الصليبية" على التحكيم في مسائل الإستثمار (S. Manciaux مذكور في ما يلي)، لا سيما وأن نشاطها، على الرغم من الطاقة التي تبذلها، لا يحدث التأثير المنشود بما أن هيئات التحكيم تبدي، بلا كلل، إزدراءاً علنياً للقرارات الإستبدادية المتكررة الصادرة عن قضاة أصبحت شرعيتهم محل منازعة أكثر وأكثر. دخلت هيئات التحكيم بوضوح مرحلـة المقاومة وترفض تطبيق الإجتهاد المعادي الصادر عن المجموعة الأوروبية.
في أقل من شهرين، أصدرت محاكم المجموعة الأوروبية التي لا تنفك تحاول إملاء قانونها على التحكيم ثلاثة قرارات، إثنان منها عن "محكمة العدل للإتحاد الأوروبي" وواحد عن "محكمة الإتحاد الأوروبي". البداية كانت مع الغرفة الكبرى لـ "محكمة العدل للإتحاد الأوروبي" التي، بتاريخ 2 سبتمبر 2021، قررت أن تطبق اجتهاد Achmea المشؤوم على "معاهدة ميثاق الطاقـة" CJUE, gde ch., 2 sept. 2021, aff. C-741/19, Komstroy, D. 2018. 1934, obs.) S. Bollée, et 2448, obs. T. Clay; JCP E 2021. 1473, obs. S. Manciaux ; D. actu. 17 sept. 2021, obs. J. Jourdan-Marques; JCP 2021. 1066, note M. Barba et C. Nourissat ; GAR 2 sept. 2021, obs. C. Sanderson). في حين أنه كان لا يزال لدينا أمل ضعيف أن ذلك لن يحصل، إلا أن هذا القرار طبق على المعاهدة، وهو قضى أن العرض المتعلق بالتحكيم المنصوص عليه في المادة 26 من "معاهدة ميثاق الطاقة" لا يمكن أن ينفذ في الحيز ما بين البلدان الأوروبية. هذا العار ذاته يلحق التحكيم في مسائل الطاقة ما . دام أنه يجري في أوروبا. غير أنه كان يمكن لعنصر أن يثير الشكوك بما أن الدعوى كانت تتعلق بمستثمر أجنبي من خارج الإتحاد الأوروبي وبدولة طرف ثالث. إلا أن تحديد مقر التحكيم، بالنسبة إلى المحكمة، على أراضي دولة عضو (في هذه الحالة فرنسا) يجيز لها أن تطبق قانون الإتحـاد ($ 34). إن الأخذ بمعيار الإسناد، أي مقر التحكيم، يمكنه لوحده أن يبلور إيجابيات وسلبيات الحل بمـا أنـه فـي حـال، على العكس، كان المقر موجوداً خارج أوروبا، سيكون التحكيم في مسائل الإستثمار ما بين البلدان الأوروبية غير خاضع لقانون الإتحاد، فيمـا خـلا التماس تنفيذ أحكـام التحكيم خارج حدودها. هذا حتماً سيقود المستثمرين الأوروبيين المحتملين إلى التخلي عن أمكنة التحكيم الأوروبية الكبرى كباريس. في الواقع، من المحتمل أكثر، وفقاً للمحكمة، أن تتراكم معايير تطبيق قانون المجموعة الأوروبية وأن يصار إلى منع التحكيم في مسائل الإستثمار ما بين البلدان الأوروبية، بالمعنى الواسع، أكان الأطراف أوروبيين أو أكان مقر هيئة التحكيم موجوداً في بلد عضو في الإتحاد الأوروبي. إضافة إلى التخلي عن أمكنة التحكيم الأوروبية، هناك أيضاً تراجع التحكيم في مسائل الإستثمار ما بين بلدان الإتحاد الأوروبي. حسناً فعلت محكمة اللوكسمبورغ!
ومن أجل موازنة هذا القرار، أضافت المحكمة ذاتها بعد ما يقارب الشهرين، في قرار أيضاً صادر عن الغرفة الكبرى، أنه إذا، عرضاً، كانت دولة أوروبية لا تشاطر هذه النظرة عن العالم وتريد أن تبرم إتفاق تحكيم، على الرغم من الإستبداد الأهوس من جهة "محكمة العدل للإتحاد الأوروبي"، فإن ذلك سيكون ممنوعاً عليها (-CJUE, gde ch., 26 oct. 2021, aff. C 109/20, Républ. de Pologne, D. 2021. 1964; GAR 26 oct. 2021, obs. C. Sanderson et S. Perry; D. actu. 19 nov. 2021, obs. J. Jourdan-Marques; JCPobs. L. Jandard ,7 $ ,1280 .2021). ممنوع العبث مع أوامر المحكمة العليـا فـي اللوكسمبورغ! غير أن القرار يحدد أن الأمر كان يتعلق في تلك الدعوى باتفاق تحكيم مطابق لذاك المدرج في "المعاهدة". هذا يترك أملاً ضئيلاً في حال كان اتفاق التحكيم مختلفاً. لكن قضية Komstroy جاءت لتذكرنا أن "محكمة العدل للإتحاد الأوروبي" تعتمد منطق تعذيب قاس أكثر منه منطق حرية مقيدة. فالمحكمة تستخدم نهجاً متدرجاً للوصول إلى إغلاق الأبواب التي هي بنفسها تركتها مفتوحة قليلاً. بالتالي، أصبح القاضي الوطني ملزماً بإبطال حكم تحكيمي صادر على أساس مثل هذا الإتفاق التحكيمي الذي يتجاهل المواد المذكورة آنفاً ومبادئ الثقة المتبادلة والتعاون الصادق واستقلال قانون الإتحاد الأوروبي. دفع التحكيم في مسائل الإستثمار ما بين البلدان الأوروبية إلى الخروج من أوروبا. لا يبقى لنا غير اللجوء إلى إنكلترا!
أخيراً، قبـل ذلـك بـشهر، أبطلت "محكمـة الإتحاد الأوروبي" قراراً صادراً عن "المفوضية الأوروبية" قضت بموجبه أن حكماً تحكيمياً يحدد تعرفة كهرباء يزعم أنها تفضيلية ليس معونة حكومية ( ,352/15-TUE 22 sept. 2021, aff. jtes T-639/14_RENV. et T Dimosia, D. actu. 19 nov. 2021, obs. J. Jourdan-Marques). بالنسبة إلى "محكمة الإتحاد الأوروبي"، بغية التمكن من تبديد أي شك أو إزالة أي عقبة جدية حول مسألة معرفة ما إذا كانت التعرفة التي حددتها هيئة التحكيم تتضمن مزية بمعنى قانون المعونة الحكومية (المادة 107، § 1، "المعاهدة المتعلقة عمـل الإتحاد الأوروبي")، كـان مـن المتوجب على "المفوضية الأوروبية" أن تجري رقابة وأن تفتح إجراءات النظر الرسمية المنصوص عليها في المادة 108، § 2، من "المعاهدة المتعلقة بسير عمل الإتحاد الأوروبي". بهذا الشأن، يحدد القرار أنه يمكن تشبيه هيئة تحكيمية بمحكمة نظامية عادية ( 159) وأن حكم التحكيم، بحكم طبيعته وآثاره القانونية، مشابه لأحكام محكمة نظامية، بحيث يجب وصفه بعمل من أعمال الولاية العامة بتبيان معيار إسناد حكم التحكيم إلى الدولة، وإذا رقابته من المحاكم الأوروبية. هذه كانت هي قضية Micula الشهيرة، حتى لو، في هذه الحال، قضت "محكمة الإتحاد الأوروبي" بعكس ، ) بسير يسمح الحال في ذلك TUE 18 juin 2019, aff. T-624/15, Dr. fisc. 2019. 331, obs. E. Thomas ; D. ) actu. 23 juill. 2019, obs. J. Jourdan-Marques; Europe 2019. 334, obs. L. .(Idot ; RLC 2019, n° 85, p. 4, obs. I. Baudu
لكن، في الواقع، معنى الحل لا يهم، ما يهم هو أن يعتقد القاضي في المجموعة الأوروبية أنه مخول أن يراقب أساس حكم تحكيمي وأن يعيد توصيف حكم الإدانة الصادر عن المحكمين على أنه عون حكومي على أساس أنه "عمل من أعمال الولاية العامة" (هكذا). بالتأكيد، هذه المقاربة منطقية من وجهة نظـر المجموعة الأوروبية، بالأخص بسبب تشبيه المحكم بالقاضي، ولكنها قانون التحكيم الذي تكون بالنسبة إليه أي رقابة على موضوع الحكم الصادر في التحكيم من قاض نظامي، حتى لو كان من المجموعة الأوروبية، هي نفي لاستقلالية التحكيم، بمعنى متعامدة مع استقلالية علة وجوده.
سنتأكد سريعاً من مدى هذا المس الجديد بمبادئ التحكيم الجوهرية لأن "محكمة العدل للإتحاد الأوروبي" ستصدر قرارها قريباً حول إعادة توصيف حكم الإدانة الصادر عن المحكمين على أنه عون حكومي بما أنه رفع أمامها طعن ضد قرار Micula وأنه سبق أن أذيع أن قرارها المرتقب سيكون مكسواً بمظاهر القرار المبدئي. نظراً إلى أن المحامي العام Maciej Szpunar طلب الحكم بإعادة التوصيف هذه، من المستبعد أن نتفاجأ من القرار، وهذا في النهاية ما يحزن أكثر شيء. من المؤسف أن المحكمة حادث عن الطريق الذي رسمه في الأصل المحامي العام السابق Marco Damon، الذي نسب إليـه أنـه قـال، قبل 30 عاماً، بمناسبة قضية Marc Rich الذي كان المحامي العام فيها، أنه يجب "زعزعة عالم التحكيم أقل ما يمكن".
2- التحكيم في القانون العام:
نعرف أن التحكيم في القانون العام هو مسألة حساسة. كما بالنسبة إلى التحكيم ما بين بلدان الإتحاد الأوروبي، هناك منطقان يتجابهان. زد على ذلك أن هذا التناقض لا يختلف كثيراً عن ذاك الذي سبقه بما أن الأمر يتعلق، بالنسبة إلى القضاء الإداري، بوضع أي قرار يتعلق من قريب أو من بعيد بالقانون الإداري تحت جناحيه في حين، هنا أيضاً، أن التحكيم يصر على أن يبقى خارج الرقابة في الموضوع التي يمارسها قاض وطني استبعده الأطراف عمداً. إن محكمة حل النزاعات، في قرارها الشهير T. confl., 17 mai 2010, n° 3754, D. 2010. 1359, obs. ) Inserm X. Delpech, 2633, note S. Lemaire, 2323, obs. S. Bollée, 2933, obs. T. Clay, et 2011. 2552, chron. Y. Gaudemet, C. Lapp et A. Steimer; AJDA 2010. 1047, 1564 et 2337, étude et tribune P. Cassia; RDI 2010. 551, obs. S. Braconnier; RFDA 2010. 959, concl. M. Guyomar, et 971, note P. Delvolvé; Rev. crit. DIP 2010. 653, étude M. Laazouzi; RTD com. 2010. 525, obs. E. Loquin)، رسمت خطاً فاصلاً يمنح الإختصاص المبدئي للمحاكم القضائية ويمنح اختصاصاً إستثنائياً للمحاكم الإدارية. نظراً إلى أن هذا الإستثناء فسر من المحاكم الإدارية، إستحوذت هذه الأخيرة تدريجياً على حصة الأسد تاركة للقضاة القضائيين حصة ضئيلة لدرجة أن لا أحد حتى الآن لاحظها .
إحدى مراحل عكس المبدأ والإستثناء هذا كانت قرار Fosmax الصادر عن مجلس شورى الدولة بتاريخ 9 نوفمبر 2016 (-.CE 9 nov. 2016, n° 388806, D. 2016. 2343, obs. JM. Pastor, 2589, obs. T. Clay, et 2017. 2054, obs. S. Bollée; AJDA 2016. 2133, et 2368, chron. L. Dutheillet de Lamothe et G. Odinet; RFDA 2016. 1154, concl. G. Pellissier, et 2017. 111, note B. Delaunay; RTD com. 2017. obs. F. Lombard ,54)، الذي بموجبه أبطل حكم تحكيم دولي صادر عن غرفة التجارة الدولية بشكل جزئي لغلط في القانون بالنسبة إلى ما كان يعتبره القضاء الإداري قاعدة أمرة من قانون الطلبيات العمومية. لقد كتبنا بهذا الشأن، في هذا "البانوراما"، أن الرقابة في الموضـوع تخالف الإتفاقيات الدولية المطبقة وبالأخص "إتفاقية نيويورك". هذه الأخيرة هي المعنية في بداية القرار الجديد حول الموضوع، وهذا حدث غير مسبوق للمحكمة الإدارية العليا ( 2021 .CE 20 juilln° 443342, AJDA 2021. 1540; JCP A 2021. Actu. 509, obs. L. Erstein, et 2267, obs. J. Martin, G. Pellissier et N. Gabayet; D. actu. 17 sept. 2021, obs. J. Jourdan-Marques; Rev. CMP 2021. 325, obs. M. Ubaud-Bergeron ; Dr. adm. 2021. Alerte 142, obs. A. Courrèges; Gaz. Pal. 28 sept. 2021, p. 36, obs. N. Finck et S. Seroc; JCP 2021. 1280, § 6, obs. C. Seraglini; GARaoût 2021, obs. S. Perry 24). سنرى في هذا القرار أول تطبيق لاجتهاد Fosmax، ولكن، هذه المرة، لرد الطعن.
يذكر القرار بالوسائل التي يستخدمها مجلس شورى الدولة للرقابة على حكم تحكيم دولي صادر بمناسبة نزاع ناشئ عن تنفيذ عقد خاضع لنظام إداري من النظام العام. يتعلق الأمر بمخالفة النظام العام، بعدم قانونية العقد، بوجود عيب بالغ الجسامة يؤثر على الرضا أو بتجاهل القواعد التي لا يمكن للأشخاص العامين الخروج عنها، كمنع الهبات الإدارية بالأخص، بالتصرف في الأملاك العامة أو بالتخلي عن صلاحيات تعاقدية خاصة بالقانون العام، وأخيراً، بتجاهل قواعد النظام العام لقانون الإتحاد الأوروبي.
لكن فائدة القرار تكمن في أنه يرفض أن يدخل ضمن رقابته تجاهل الأمر المقضي فيه بموجب حكم تحكيم سابق، من جهة، وبالأخص، سوء تطبيق القانون الإداري في الموضوع، من جهة أخرى. وعليه، إن النظام العام الدولي (الإداري) الفرنسي لا يذهب إلى حد تغطية التطبيق الصحيح للقانون الإداري. بعبارات أخرى، بدأ القاضي الإداري، بخطوات صغيرة، يقر مبدأ "عدم إعادة النظر في الموضوع" ما دام أن المسألة لا تتعلق بالنواة الأساسية للنظام العام الإداري. هذه المرة الأولى، على حد علمنا، التي يحكم فيها القاضي الإداري بهذا الشكل.
هذه أيضاً المرة الأولى، برأينا، التي يحدد فيها مجلس شورى الدولة، خروجاً عن المادة "ل. 311-1" (1-311 .L) من قانون القضاء الإداري، أن رد الطعن يمنح الصيغة التنفيذية لحكـم التحكيم. هنا يغوص مجلس شورى الدولة في الإمكانية التي فتحتها محكمة حل النزاعات في قرار Ryanair التي أقرت، على سبيل الإستثناء، أنه "في الحالة التي يكون فيها العقد الناشئ عنه النزاع الذي حكم فيه المحكم خاضعاً لقواعد القانون العام الفرنسي الآمرة المتعلقة بالإستيلاء على الأملاك العامة أو للقواعد التي ترعى الطلبيات العمومية، يخضع الطعن ضد حكم التحكيم الصادر في فرنسا وطلب الحصول على الصيغة التنفيذية لإختصاص القضاء الإداري" ( ,2017 .T. confl., 24 avr n° 4075, D. 2017. 2054, obs. S. Bollée, et 2559, obs. T. Clay; AJDA 2017. (839, et 981, chron. G. Odinet et S. Roussel; AJCT 2017. 402, obs. S. Hul نشهد إذاً بداية بدء تقارب النظم القانونية ومواءمة الحلول، وهو ما يدعو إلى السرور، حتى لو أن أفضل حل يبقى تركيز الولاية القضائية اللاحقة للتحكيم أمام قاض واحـد ووحيد هو القاضي القضائي.
ب - إتفاق التحكيم:
العدالة الوطنية هي التحكيم، كما نعلم، لا يتواجه فيه دائماً خصمان متساويان في القوة. حتى أنه من الممكن أن يوجد إختلال توازن هائل بينهما. إلا أن التحكيم لا يمكن أن يكون أداة لإخضاع الخصم الضعيف. على العكس، وبتحريف قول Lacordaire الشهير، يمكننا حتى القول، بين القوي والضعيف، أن التي تظلم والتحكيم هو الذي يحرر. ولكن، بغية تحقيق ذلك، يجب أيضاً أن تسمح شروط تفعيل التحكيم بتصحيح إختلال توازن محتمل. كذلك، مثلاً، بالنسبة إلى الأجير الذي يمكنه أن يعترض على تفعيل إتفاق التحكيم، في حين أن رب العمل لا يمكنه ذلك، أو حتى بالنسبة إلى المستهلك الذي يستفيد من الخيار ذاته، على عكس المحترف. هذا ما ذكرت به "لجنة البنود التعسفية" في توصيتها رقم 20-01 المتعلقة بعقود تأجير وسائل النقل الفردية القائمة على الخدمة الذاتية المؤرخة في 28 سبتمبر 2020 التي، عوض أن ترفض شرط التحكيم من حيث المبدأ، كما كانت لا تزال تفعل منذ وقت قصير، إلتزمت،على العكس، بالصيغة الجديدة للفقرة 2 من المادة 2061 من القانون المدني، معتبرة أنها تُطبق ما دام أن المستهلك كرر موافقته على التحكيم بعد نشوء النزاع، وهو ما يسمح له بأن يتنازل عنه.
التوازن هذا مهم لا سيما وأن موضوع القابلية للتحكيم، كما نعلم، يكتسب زخماً بالأخص منذ تعديل المادة 2061 من القانون المدني بموجب قانون تحديث العدالة في القرن 21 المؤرخ في 18 نوفمبر 2016. هذا القانون سمح بإدراج شرط التحكيم في كل العقود التي يكون فيها للأطراف حرية التصرف بالحقوق، وهذا يغطي بالأخص حق العائلة المالي. وفي هذا الإطار، من المثير للإهتمام ملاحظة أنه لا يبدو أن القانون، بالإلتفاف على قرار صادر عن محكمة التمييز، يعتبر أن المسألة المتعلقة بالميراث هي غير قابلة للتحكيم في حد ذاتها ويفرض على القاضي النظامي أن يحيل النزاع أمام المحكمين ( 2021 .Civ. 1, 17 mars 2021, n° 20-14.360, Rev. arb n° 3, obs. C. Pauly et A. Doruk; AJ fam. 2021. 315, obs. G. Kessler; Gaz. Pal. 13 avr. 2021, obs. C. Berlaud; D. actu. 30 avr. 2021, obs. J. Jourdan Marques; JCP E 2021. 1349, note P. Casson; Procédures 2021. 137, note.(L. Weiller
مع تعميم التحكيم فـي مجـالات لـم تـكـن مألوفة لديه، ستطرح بشكل متزايـد مسألة تكلفة الإجراءات ومعها مسألة الإعسار. أربعة قرارات صادرة، بفارق بضعة أشهر بينها، عن غرفتين مختلفتين لمحكمة إستئناف باريس جاءت تقدم تفاصيلاً بشأن هذه المسألة الدقيقة. أول قضيتان تتعلقان بصاحب الإمتياز نفسه الذي كان في مواجهة مستفيدين من الإمتياز يتذرعون بواقع أن ليس لديهم الإمكانيات للجوء إلى التحكيم للمطالبة بحقوقهم وإذا إن هيئة التحكيم كانت غير مختصة Paris, 30 juin 2021, n° 21/02568, JCP 2021. 1280, § 2, obs. P. Giraud; D.) n° 21/06054, actu. 17 sept. 2021, obs. J. Jourdan-Marques; 20 oct. 2021, D. actu. 19 nov. 2021, obs. J. Jourdan-Marques). القراران الصادران عن الغرفة 4، القسم 5، يقدمان أجوبة تكاد تكون متطابقة ومثيرة للإهتمام.
رأى الطاعنون، أولاً، أن شرط التحكيم كان بوضوح غير قابل للتطبيق لأن بعض العقود في مجموعة العقود كانت خالية من ذلك الشرط. ردت المحكمة الحجة معطية هذا التعريف لعدم قابلية التطبيق الواضحة وهي، وفقاً للقرار الثاني، "التي تفرض نفسها بقوة الدليل، دون أن يكون القاضي بحاجة إلى أن ينظر في الوقائع إلا بشكل سطحي". تؤكد المحكمة في هذين القرارين أن وجود مجموعة عقود لا يشكل عائقاً أمام تطبيق شرط تحكيمي، مدرج في أحد عقود المجموعة، على عقد آخر لا يحتوي على شرط تحكيمي ولكنه يتعلق بالمجموعة ذاتها؛ هيئة التحكيم إذا مختصة بالأولوية بالبت باختصاصها.
ثم بين الطاعنون إعسارهم للإفلات من التحكيم وتذرعوا بالأخص بحق اللجوء إلى القاضي الذي تضمنه المادة 6، $ 1، من "الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان" وخطر الإستنكاف عن إحقاق الحق. هنا أيضاً، تبدأ المحكمة بالتذكير، في قرارها الأول، بأن الإعسار لا يتعلق بعدم قابلية التطبيق بشكل واضح وليس من شأنه "أن يفشل تطبيق مبدأ الإختصاص بالإختصاص". لكن المحكمة ذهبت أبعد من ذلك معتبرة، في قراريها، من جهة، أن الطرفين سلكا طوعاً طريق التحكيم وهما يعرفان أنه غير مجاني، ومن جهة أخرى، أنه "يعود إلى الجهات الفاعلة في مجال التحكيم أن تستبعد أي خطر إستنكاف عن إحقاق الحق إزاء مترافع إمكانياته المالية محدودة". بذلك تكـون المحكمة قد نقلت إلى "الجهات الفاعلة في مجال التحكيم"، أي كل أنصار التحكيم، وليس فقط إلى المحكمين، مسؤولية السماح باللجوء إلى التحكيم لا سيما، تضيف المحكمة في قرارها الثاني، وأن "تشكيل هيئة التحكيم لا يجعل من دفع أتعاب المحكمين شرطاً لتفعيل التحكيم. إذن، إن السبب المبني على مخالفة المادة 6، $ 1، من "الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان" مردود". بعبارات أخرى، شرط التحكيم صحيح وعلى كل طرف أن يبذل جهوداً للتمكن من تفعيله. من جهة، نحن مسرورون بالجزء الأول من الحل الذي يؤيد إجتهاد Lola Fleurs الذي لا يجعل إتفاق التحكيم ساقطاً لمجرد إعسار أحد الأطراف. لكن، من جهة أخرى، نحن قلقون من تفعيله الذي من الممكن أن يحث أطرافاً على التذرع بإعسارهم لإجبار محاميهم أو محكميهم أو مركز التحكيم على تخفيض التكاليف الخاصة بهم، حتى إلى العمل بشكل مجاني. يتحول إذا خطر الإستنكاف عن إحقاق الحق إلى وسيلة ضغط مالي على "الجهات الفاعلة في مجال التحكيم" من قبل الطرف المعسر، وهذا بالطبع ليس الغرض الرئيسي منه.
هذا القلق سيخففه القرار الثالث المعلق عليه هنا الذي يعود تاريخه تحديداً إلى اليوم السابق للقرار الذي بالكاد ذكر، ولكن الذي صدر عن الغرفة المتخصصة بمسائل التحكيم ( 19 ,Paris (oct. 2021, n° 18/01254, D. actu. 19 nov. 2021, obs. J. Jourdan-Marques بحسب هذه الغرفة، "يوافق الأطراف"، بموجب إتفاق التحكيم، "على عرض نزاعهم على محكم مما] يؤدي بالضرورة إلى التنازل عن اللجوء إلى القضاء النظامي وفي فرنسا، عن مجانية المرفق العام الخاص بالقضاء. لا يمكن لشرط التحكيم بحد ذاته أن يمس بحق اللجوء إلى القضاء. وحدها هي أحكامه التي يجب أن ينظر فيها بغية التحقق من أنها لا تحرم، عند تنفيذها، أحد الأطراف من اللجوء إلى القضاء وإذن، أنها لا تمس فعلياً بالحق الجوهري باللجوء إلى القضاء" ( ,en ce sens V. la thèse de M. de Fontmichel, Le faible et l'arbitrage, préf. de T. Clay, Economica, 2013, spéc. n° 387 s. ; et, L'équilibre contractuel des clauses Paris, 23 583 .2019 relatives aux litiges, JCP). زذ على ذلك أن هذا السبب البيداغوجي كرر بهذه العبارات ذاتها بعد شهر في قرار صادر عن الغرفة ذاتها ( 2021 .nov 19/15670 °n). إذن، على غرار المشكلة التي تكمن في التفاصيل، ليس اتفاق التحكيم هو الذي يشكل مشكلة، بل تفاصيل تفعيله التي من الممكن أن تمنع حق اللجوء الفعلي إلى القضاء وتولد إستنكافاً عن إحقاق الحق. بعبارات أخرى، إن التفعيل الباهظ الثمن جداً لشرط التحكيم يجعل التحكيم مستحيلاً دون أن ينقل الإختصاص إلى المحاكم القضائية. لم يعد هناك إذا جهة قضائية. وفي الدعوى الحالية، نظرت المحكمة في تكاليف التحكيم فرأت أنها كانت معقولة وأن تخصيص مبلغ لأتعاب المحامين في حكم التحكيم كان متوقعاً وكان قد قبل. التحكيم هو خدمة قضائية غير مجانية. الجميع يعلم ذلك. من غير المفيد إذا التظاهر باكتشاف ذلك عندما ينشأ النزاع.
ج- هيئة التحكيم:
1- التشكيل:
أحد أهم القرارات الصادرة في الفترة التي يغطيها "البانوراما" يتعلق بمبدأ المساواة بين الأطراف في تشكيل هيئة التحكيم. بما أنه لا يمكن تجنب هذا القرار وبما أنه من غير الممكن عدم إحاطة قراء هذا "البانوراما" علماً به، لا يمكننا أن نعرض عن القيام بتعليق موجز، خارجين إذا عن العرف الذي يقضي بعدم التعليق على القضايا التي شاركنا فيها – وهذه هي الحال في الدعوى الحالية، كمستشارين. سيصار إذا إلى التعليق على قرار Vidatel هذا، على الرغم من وجود طعن قيد النظر أمام المحاكم، من منظور شخصي جداً لا سيما وأنه، برأينا، يقوم بتفسير مبدأ المساواة بين الأطراف في تشكيل هيئة التحكيم تفسيراً خاطئاً ( 19/10666 °Paris, 26 janv. 2021, n - JCP 2021. 696, § 3, obs. P. Giraud, et § 4, obs. L. Jandard; D. actu. 22 févr. .(2021, obs. J. Jourdan-Marques ; GAR 27 janv. 2021, obs. C. Sanderson
أبرمت أربع شركات إتفاق مساهمين كان ينص شرط التحكيم المدرج فيه على أن كل طرف يختار محكماً وأن المحكمين المعينين من الأطراف سيسمون رئيس هيئة التحكيم. عندما نشأ النزاع، إقترح أحد المساهمين الذي كان في مواجهة المساهمين الثلاثة الآخرين أن يسمي ثلاثة محكمين فقط، واحد عنه وواحد عن خصومه الثلاثة ورئيس هيئة التحكيم. رفض المدعى عليهم وسمى كل طرف إذاً محكماً. قبل المحكمون الأربعة تعيينهم وكانوا يستعدون لانضمام رئيس إليهم عندما قرر مركز التحكيم أن يستبعدهم جميعاً وأن يسمي بنفسه خمسة محكمين وأن يختار الرئيس. صدر حكم تحكيم عن هيئة التحكيم المشكلة بهذه الطريقة المنتقدة وطعن فيه أمام محكمة إستئناف باريس على أساس أنه لم يتم إحترام مبدأ المساواة بين الأطراف في تشكيل هيئة التحكيم. في الواقع، هذا المبدأ، الذي أرساه قرار Dutco الشهير، كان هدفه بالتحديد تفادي إلزام أطراف الجهة الواحدة بتسمية المحكم ذاته في حين أن مصالحهم ليست بالضرورة متلافية، وهو ما استبقه الأطراف هنا في اتفاق التحكيم الذي أبرموه.
إلا أن محكمة الإستئناف وافقت على تشكيل هيئة التحكيم الذي فرضه مركز التحكيم، معتبرةً بالأخص أن مبدأ المساواة لا يحلل بطريقة متطابقة في الفترة التي أبرم فيها إتفاق التحكيم وتلك التي نشأ فيها النزاع. وتحدد المحكمة أنه "كان يتحتم على غرفة التجارة الدولية، بصفتها مركزاً مكلفاً بتنظيم التحكيم، أخذة بالإعتبار إعتراض الأطراف، أن تنظم طرق تعيين المحكمين وفقاً لقواعد التحكيم الخاصة بها، وذلك فـي شـروط تسمح باحترام مبدأ النظام العام الخاص بالمساواة بين الأطراف في تعيين المحكمين، الذي يفترض إمكانية أن يكون كل طرف قادراً على المشاركة بشكل متساو في تشكيل هيئة التحكيم" قبل أن تضيف أنه "في ظل سياق الدعوى الحالية، الذي بموجبه يضع النزاع أحد المساهمين في مواجهة المساهمين الثلاثة الآخرين، نظراً إلى أن الأول وضع بخطر الدعوى المشتركة لهؤلاء الثلاثة في نزع يده وعدم احترام إتفاق المساهمين المذكور، إن احترام مبدأ المساواة بين الأطراف في تعيين المحكمين يبرر، في غياب اتفاق أفضل بين الأطراف، التحقق من طريقة تعيين تتوافق مع احترام المبدأ المذكور الذي يفرض على الأطراف بغض النظر عن أحكام إتفاق التحكيم."
برأينا، هذا الحل يطرح ثلاثة مشاكل: أولاً، لم يتم إحترام إتفاق التحكيم الذي أراده الأطراف؛ ثانياً، مصالح المدعى عليهم لم تكن متلافية على الإطلاق، والوقائع بينت ذلك، مما شكل حكماً مسبقاً من جهة غرفة التجارة الدولية؛ ثالثاً وبالأخص، قواعد التحكيم لم تسمح لمركز التحكيم أن يعين كل المحكمين، لا سيما وأن الأطراف كانوا حددوا طرق إختيارهم وحتى أن كل واحد منهم سبق أن اختار محكماً، كما لم تسمح له أن يحكم بالنيابة عن هيئات تحكيمية مشكلة . أكثر من من ثلاثة محكمين كما تنص عليه قواعد التحكيم الخاصة به (المادة 12، 6، من قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية)، في حين أنه في هذه الحالة كان عدد المحكمين خمسة. أمام هذه الإعتراضات، ردت محكمة الإستئناف بالقول أن المادة 41 من قواعد التحكيم تسمح بتخطي حرفيـة المـواد المذكورة وبتفسير القواعد بصورة ملائمة بغية تذليل عقبة التشكيل. على أي حال، نلاحظ أن النسخة الجديدة من قواعد تحكيم غرفة التجارة الدولية، المطبقة منذ يناير 2021، عدلت بالضبط هذه النقطة لتسمح لمركز التحكيم بالتدخل في ظروف مماثلة لهذه، كأن لم يكن بإمكانه ذلك من قبل (المادة 12 الجديدة، $ 9). للمتابعة.
2- الإختصاص:
على الرغم من كونه كلاسيكياً، أصبح الإعتراض على اختصاص هيئة التحكيم العلاج الشامل لكل طعن موجه ضد حكم صادر في تحكيم في مسائل الإستثمار، لدرجة يكاد يصبح الأمر مملاً. لا يوجـد طـعـن لـم يتكرر فيـه عـدم الإختصاص الموضوعي (ratione materiae) وعـدم الإختصاص الشخصي (ratione personae) وعدم الإختصاص من حيث الزمن (ratione temporis) إهتداءاً بقدر لا يستهان بـه مـن المبادئ الجوهريـة وعـن طـريـق تفسير معاهدات الإستثمار الثنائية. يحافظ القضاة على رباطة جأشهم وهدوئهم على الرغم من دعوى قضائية تتكرر بشكل مفرط وتدور حول بضعة مسائل هي ذاتها دائماً.
على هذا النحو، رازحة تحت هذا النوع من الطعون، إستفادت محكمة إستئناف باريس من هذا الوضع لتوجه بعض الرسائل إلى الطاعنين المعتادين على الطعن: إما للتذكير بما هو بديهي، كواقع أن الفساد المزعوم لا يمكن النظر فيه في مرحلة الإعتراض على الإختصاص ( .Paris, 28 sept n° 19/19834, D. actu. 19 nov. 2021, obs. J. Jourdan-Marques ,2021)، أو للقضاء بدفع تكاليف عالية، كمبلغ 250,000 يورو سنداً للمادة 700 من قانون المرافعات المدنية Paris, 25 mai 2021, n° 18/27648, Rev. Int. Compliance Eth. Aff. 2021. 65, ) obs. F. Poloni et T. Roujou de Boubée; D. actu. 18 juin 2021, obs. J. Jourdan-Marques; Gaz. Pal. 13 juill. 2021, p. 23, obs. D. Bensaude). كما استطاعت المحكمة أن تقبل جنسية المستدعي المزدوجة على أساس معاهدة الإستثمار الثنائية المبرمة بين فرنسا والسنغال، باعتمادها صيغة هيئة التحكيم التي أخذت بالحسبان "التاريخ المشترك بين جمهورية السنغال وفرنسا" ( .Paris, 12 oct. 2021, n° 19/21625, D. actu. 19 nov obs. J. Jourdan-Marques ,2021). كما أن محكمة التمييز، في قضية Serafin Garcia c/ Venezuela الشهيرة، قبلت إمكانية جنسية مزدوجة دون أن تأخذ بالإعتبار تاريخ الإستثمار ما دام أن المعاهدة لا تمنع ذلك (هنا معاهدة الإستثمار الثنائية بين إسبانيا وفنزويلا) ( 1 ,1 .Civ (déc. 2021, n° 20-16.714, GAR 1er déc. 2021
إن المسألة التي طرحتها قضية Rusoro أمام محكمة التمييز بشأن مهلة إقامة دعوى كانت أيضاً مسألة دقيقة. فمعاهدة الإستثمار الثنائية نصت على أنه يمكن للمستثمر أن يقيم دعوى فقط خلال مهلة ثلاث سنوات كحد أقصى. نظرت محكمة الإستئناف في المسألة على أنها مسألة إختصاص من حيث الزمن (Paris, 29 janv. 2019, n° 16/20822, ) (ratione temporis D. 2019. 2435, obs. T. Clay; D. actu. 6 mars 2019, obs. J. Jourdan-Marques; Gaz. Pal. 2 juill. 2019. 21, obs. D. Bensaude; Rev. arb. 2019. 250, note M. Audit et 584, obs. M. Laazouzi; Cah. arb. 2019. 87, obs. T. Portwood et R. Dethomas; JDI 2020. 199, note H. Ascensio)، في حين أنها كانت مسألة قبول الدعوى كما تذكر به محكمة التمييز ( ;704 .2021 .Civ. 1, 31 mars 2021, n° 19-11.551, D D. actu. 30 avr. 2021, obs. J. Jourdan-Marques; Rev. arb. 2021. 705, note M. Audit; Gaz. Pal. 13 juill. 2021, p. 23, obs. D. Bensaude; Procédures obs. L. Weiller; JCP 2021. 696, $ 2, obs. P. Giraud ,196 .2021). بالنسبة إلى محكمة التمييز، خالف القضاة في باريس المادة 1520، 1° من قانون المرافعات المدنية، المشار إليها في مستهل القرار، حيث أن المهلة المحددة في المادة XII، § 3، د)، من معاهدة الإستثمار الثنائية تفسر على أنها شرط لقبول الطلب وليس شرطاً لإختصاص هيئة التحكيم، مهما كانت "التسميات التي أخذ بها المحكمون أو التي اقترحها الأطراف". لم يتمكن قاضي الإبطال إذا من ممارسة الرقابة الكاملة التي يسمح لنفسه بممارستها عند النظر في الإختصاص.
نجد مثالاً جيداً على هذه الرقابة في قرار صدر حديثاً عن محكمة إستئناف باريس تصف فيه دورها بنفسها كالتالي: "وعليه، إن تقدير مدى اتفاق التحكيم يمكن أن يقود المحكمة إلى وجوب تفخص إمكانية تطبيقه أو صحته أو قابلية الإحتجاج به بوجه أطراف النزاع وإذا إلى وجوب تقدير ظروف النزاع من حيث الواقع ومن حيث القانون في إطار الطعن بالإبطال، دون أن يكون ممكناً لهذا النظر، خارج الأسباب المنصوص عليها في النصوص، أن يكون السبب المنشئ لعدم قبول" (20/05583 °Paris, 9 nov. 2021, n). متسلحة بهذه السلطة الواسعة جداً التي منحتها لنفسها بنفسها، لم تتردد المحكمة في إعادة النظر في العديد من المسائل، بعضها متصل حتماً بالموضوع، لتقضي بأنه فعلاً جرى نقل شرط التحكيم في الدعوى الحالية إلى أطراف غير موقعين عليه، كونه "من ملحقات حق التداعي الذي هو بدوره يتبع الحق الموضوعي المنقول". كل شيء مرتبط إذاً إرتباطاً وثيقاً...
التمييز بين الإختصاص والقبول ليس سهلاً دائماً، ونستنتج ذلك أيضاً بالنسبة إلى شرط تسوية النزاع ودياً الذي يخضع عدم احترامه للنظر في قبول الطلب ولا يدخل إذا ضمن الرقابة المعمقة التي يمارسها قاضي الطعن، كما ذكرت به محكمة إستئناف باريس في دعويين تفصل بينهما ستة أشهر. في الدعوى الأولى، ردت المحكمة الطعن بالإبطال حول هذه المسألة على أساس أن هيئة التحكيم كانت وحدها مختصة بالبت في احترام أو في عدم احترام إجراءات التسوية الودية المسبقة وأن قرارها حول هذه النقطة لا يدخل في إطار سلطات قاضي الإبطال ( ,2020 .Paris, 1er déc n° 19/08691, D. actu. 24 déc. 2020, obs. J. Jourdan-Marques; Gaz. Pal. 13 juill. 2021, p. 19, obs. D. Bensaude). في الدعوى الثانية، كانت الصياغة واضحة أكثر بعد: "من المستقر أن السبب المبني على عدم احترام شرط توفيق مسبق يشكل مسألة متعلقة بقبول الطلبات لا تدخل ضمن الحالات التي يتاح فيها الطعن بالإبطال المعددة في المادة 1520 من قانون المرافعات المدنية" ( .Paris, 29 juin 2021, n° 20/01304, D. actu. 17 sept (2021, obs. J. Jourdan-Marques; JCP 2021. Doctr. 1280, § 3, obs. P. Giraud حسم الأمر إذاً.
بوجود مثل هذه الرسالة، يصعب علينا فهم القرار المعاكس الصادر عن محكمة إستئناف باريس التي قضت بأنه، على الرغم، بشكل عام، من أنه "نظراً إلى أن الشرط المدرج في عقد الذي يحدد إجراءات وساطة ملزمة ومسبقة يشكل دفعاً بعدم قبول الدعوى، يبقى أنه في الدعوى الحالية، قضت هيئة التحكيم بأنها مختصة في حين، مع ذلك، أن المدعين في الطعن بالإبطال تمسكوا أمامها بأن الوساطة المسبقة والملزمة مفروضة بموجب المادة 12 من البروتوكول". صحيح أن خاصية الدعوى كانت تتعلق بشكل جوهري بواقع أن هيئة التحكيم إستنتجت قابلية التطبيـق الموضوعي لشرط الوساطة على النزاع ودعت بنفسها الأطراف إلى اللجوء إلى هذه الوسيلة المسبقة لتسوية النزاع ودياً بالتوازي مع التحكيم، إلا أن اعتبار الهيئة المذكورة نفسها مختصة كان في النهاية مفاجئاً .Paris, 23 nov. 2021, n° 18/2209911 esp). إن إبطال حكم التحكيم الجزئي الذي بت في مسألة الإختصاص يفسر، عدا عن ذلك، واقع أن تكون هيئة التحكيم قد جردت لاحقاً من "أي سلطة للبت في الموضوع" (.Paris, 23 nov. 2021, n° 18/22099, 2° ESP).
3- الإستقلالية:
يجب الكشف تدريجياً، بخطوات متمهلة، في خبايا القرارات التي لا تحصى الصادرة عن محكمـة إستئناف باريس التي يرفع إليهـا بـلا كلل إعتراضات على استقلالية المحكمين، عـن الطريقة التي تتدرج فيها رتبة النظام، دون أن يكون هذا الأخير بعد مترسخاً بشكل كامل. إن قرار Alto Gardanne المنتظر صدوره بتاريخ 11 يناير 2022 يجب أن يساهم بقوة في إكمال التحفة القضائية.
بالإنتظار، وتيسيراً لفهم هذا القرار، سنحاول إيجاز القانون الوضعي بثمانية إقتراحات: 1) الإستقلالية والحياد هما جزءان متأصلان من مهمة المحكم؛
2) على المحكم أن يفصح عن كل ما يمكن أن يثير الشك حولهما، سواء في بداية الدعوى أو خلالها في حال نشوء واقعة جديدة؛ ؛
3) هذان العنصران يمكنهما أن يتعلقا بصلات المحكمين مع الأطراف أو مع المحامين أو حتى مع المحكمين الآخرين
4) هذان العنصران لهمـا طبيعـة إقتصادية ولا يتعلقـان بـالآراء ولا بالعلاقات العلميـة ولا بالصلات الأكاديمية؛
5) لا حاجة لأن يصار إلى الإفصاح عن العناصر المعلومة لدى الجميع، "المعروفة بكونها تشمل المعلومات العلنية التي يمكن الولوج إليها بسهولة، التي لا محال ألا يكون الأطراف قد اطلعوا عليها قبل بداية التحكيم" (إجتهاد Dommo)، في بداية الدعوى وذلك بسبب موجب الفضول الذي يقع على عاتق الأطراف عند تشكيل هيئة التحكيم، وهو موجب يزول بعد ذلك؛
6) الإعتراض على العنصر المتنازع فيه يجب أن يكون فورياً وإلا سيخسر الأطراف حق
التمسك به؛
7) إن واقعة غير مفصح عنها لا تكفي بحد ذاتها لإبطال حكم التحكيم لأنه يجب أن يكون من شأنها أيضاً أن تثير "شكاً معقولاً" لدى الأطراف؛
8) هذه ليست حال واقعة "لم تؤد إلى تزايد ملحوظ للشكوك حول استقلالية المحكم"، على الرغم من أنه لم يتم الإفصاح عنها (إجتهاد Tecnimont، 2016).
بغية تأطير نطاق الإفصاح، بعض الهيئات، كـ "نقابة المحامين الدولية" (IBA) أو غرفة التجارة الدولية، توقر أدلاء. دليل "نقابة المحامين الدولية" لعام 2003 معروف جداً بلائحته الثلاثية الألوان (التي، في الواقع، هي رباعية الألوان لأنه يوجد لون أحمر داكن ولون أحمر فاتح)، وفي الآونة الأخيرة، نشرت غرفة التجارة الدولية (آخر نسخة في الأول من يناير 2021) مذكرة تدعو فيها إلى إفصاح واسع النطاق. يتم ذكر هذه المذكرة الآن حتى في قرارات محكمة إستئناف باريس، كما في قرار Vidatel الذي سبق ذكره، الذي لا يتردد في تمحيص الوقائع المتنازع فيها بقسوة بناءً على هذه المذكرة (.Paris, 26 janv. 2021, n° 19/10666, préc)، أو في قرار Fiorilla بالنسبة إلى التوصيات وإلى الإستبيان الذي قدمته "هيئة تنظيم القطاع المالي" ( Autorité de (régulation du secteur financier (FINRA) التي كانت تنظم التحكيم ( .Paris, 12 juill n° 19/11413 , D. actu. 17 sept. 2021, obs. J. Jourdan-Marques ,2021). نلاحظ عدا عن ذلك أن غرفة التجارة الدولية تذهب أبعد من الإجتهاد بما أنها لا تعفي الوقائع المعلومة لدى الجميع من الإفصاح، وهي ، محقة برأينا.
في قرار Vidatel المؤرخ في 26 يناير 2021، إعتبرت المحكمة فضلاً ذلك أنه كان يتوجب على الطاعنة أن تطلب توضيحات من المحكمين المعترض عليهم الذين أفصحوا عن وقائع جديدة خلال الدعوى، معيدين بذلك تفعيل موجب الفضول الذي يقع على عاتق الأطراف الذي فهمنا مع ذلك أنه يزول ما إن ينتهي تشكيل هيئة التحكيم. كما لو أن الإفصاح الإضافي من جهة محكم يجب من جديد أن يسترعي انتباه الأطراف، دون أن يكون هذا المحكم مجبراً على الإفصاح عن العنصر الجديد بشكل كامل. هذه المسألة الحقيقية التي طرحتها هذه القضية: نظراً إلى أن موجب الفضول يزول بعد تشكيل هيئة التحكيم، هل يمكن إعادة تفعيله عند كل إفصاح إضافي خلال التحكيم، معفياً بذلك المحكم من إفصاح كامل؟ إن قرار محكمة التمييز في هذه القضية عن هي سيجيب عن هذا السؤال.
يمكن شرح قرار Vidatel بالتوازي مع قرار صادر عن المحكمة الفدرالية السويسرية التي، في ملف إعلامي، إعتمدت الموقف الآتي: "لا يمكن مطالبة طرف بمتابعة أبحاثه على الإنترنت طيلة فترة إجراءات التحكيم، ولا، من باب أولى، بتفحص الرسائل التي ينشرها المحكمون على مواقع التواصل الإجتماعي خلال الدعوى التحكيمية" (-4 °TF suisse, 22 déc. 2020, n 318/2020, Kluwer arbitration blog, 27 févr. 2021, obs. P. Kyriakou et C. (Thommen
في هذه القضية Sun Yang، التي ذكرت على غلاف الجريدة اليومية L'Équipe (25 ديسمبر 2020، ص. 22)، قضى حكم تحكيم صادر برعاية محكمة التحكيم الرياضي في "لوزان" (Lausanne) بتعليق نشاطات السيد Sun Yang الرياضية لمدة ثماني سنوات بسبب تعاطيه المنشطات، وهو صيني حائز ثلاث مرات على بطولة السباحة في الألعاب الأولمبية ونجم محبوب في بلده. أبطلت المحكمة الفدرالية حكم التحكيم لغياب حياد رئيس هيئة التحكيم الذي تلفظ في "تغريداته" على Twitter] بعبارات عدائية تجاه الصينيين بشكل عام. ما هو مثير للإهتمام في هذا القرار هو أن المحكمة الفدرالية إعترفت أنه حتى لو كان من الممكن مبدئياً الولوج إلى "التغريدات" المتنازع فيها خلال الإجراءات التحكيمية، فمن غير الثابت أن استخدام شهرة المحكم وإسمه في محرك البحث "غوغل" (Google) كان ليسمح بإظهار "التغريدات" المذكورة. طبعاً، إن الطرف ملزم، وفقاً لموجب الفضول الذي يقع على عاتقه، بالتحقق من مواقع التواصل الإجتماعي إلى حد ما، ولكن هذا الموجب يجب أن يكون محدوداً في الزمان ولا يمكن تحويله إلى "التزام إجراء تحقيقات واسعة جداً، إن لم تكد تكون غير محدودة، تستلزم وقتاً طويلاً". هذا صحيح لا سيما في عصر يستعمل البعض فيه حسابهم على "تويتر" (Twitter) ويستغلونه لنشر رسائل لا تُحصى وغير مثيرة للإهتمام أبداً. حسم الأمر إذا ولا يمكن أن تكون الأمور واضحة أكثر من ذلك: الأطراف غير ملزمين بتفحص مواقع التواصل الإجتماعي العائدة للمحكمين بشكل مفصل، نظراً إلى أن إجراء بحـث أولـي علـى محركات البحـث الأساسية أو على المواقع المتخصصة يفـي بـالمطلوب، وموجب الفضول هذا يتوقف خلال الإجراءات التحكيمية. هذه هي أيضاً حالة القانون الوضعي الفرنسي.
هناك قضية أخرى تخص محكمة التحكيم الرياضية جديرة بأن تذكر هنا، تتعلق بالظهير الأيمن السابق الذي لا يكل لفريق Paris-Saint-Germain لكرة قدم، السيد Serge Aurier Paris, 8 juin 2021, n° 19/02245, D. actu. 17 sept. 2021, obs. J. Jourdan-) Marques). بمناسبة إنتقاله في العام 2017 إلى نادي Tottenham الإنكليزي، نشأ نزاع بشأن العمولة التي يطالب بها وكيله. بعد أن رفضت التكييف الدولي للتحكيم، على الرغم من كـون اللاعب يحمل جنسية ساحل العاج ومن كون محل إقامته يقع في إنكلترا ومن كون الوكيل يحمل الجنسية السويسرية، على أساس أن العقد كان ينص على تمثيل اللاعب فقط في فرنسا ولم يكن يتضمن أي نقل لممتلكات أو لأشخاص أو لتدفقات مالية عابرة للحدود، إنتهت المحكمة إلى النظر في مسألة إستقلالية أحد المحكمين. تم التذرع، بكل جرأة، بأن محامي اللاعب كان فضلاً. عن ذلك مدرج على لائحة محكمي محكمة التحكيم الرياضية، مما كان يخلق صلة مع محكمي محكمة التحكيم الرياضي الذين أوكلوا بت هذا النزاع. إستبعدت الحجة على أساس أن إدراج محكم ما على لائحة المحكمين ذاتها غير كاف لـ "أن يؤدي إلى أحكام مسبقة أو رأي مسبق قد يؤثر في حكم المحكمين" وأنه يجب المحافظة على "حق طرف ما باختيار محاميه". إلا أنه يجب الإشارة إلى أنه منذ تشكيل هيئة التحكيم في هذه الدعوى، تغيرت القاعدة في محكمة التحكيم الرياضية بما أنه أصبح يوجد الآن تعارض بين مهام المحكم والمحامين أمام محكمة التحكيم الرياضية، وهو ما يشير إلى أنه كان يوجد مع ذلك صعوبة هنا، أقله ظاهرة.
بشكل عام، نرى أن أساس الطعون المبنية على غياب إستقلالية المحكمين يتمحور حول مدى الإفصاح. نشعر أحياناً أنه أصبح الطعن الشامل للمتقاضي الذي يصدر حكم التحكيم ضده. فضلاً عن ذلك، أثبتت محكمة الإستئناف أنها مؤيدة بشكل خاص لهذه الطعون، إذ أنها قبلت أن تكون أيضاً مبنية على مخالفة النظام العام الإجرائي، المادة 1520، 5° من قانون المرافعات المدنية وليس فقط على الفقرة 2° من المادة 1520 من قانون المرافعات المدنية الذي هو تحديداً موضوعها Paris, 15 juin 2021, n° 20/07999, D. actu. 17 sept. 2021, obs. J. Jourdan-) .Marques, Paris, 12 juill. 2021, n° 19/11413, préc). هي تستعيد هنا فقهاً قديماً M. Henry, Le devoir d'indépendance de l'arbitre, préf. P. Mayer, LGDJ, ) مع 431 °spéc. n ,2001)، في حين أن الإجتهاد تخلى في نهاية المطاف عن هذه الفكرة الغريبة نظراً إلى الإلتباس الناجم عن هذا التكرار للمعلومات وواقع أنه لا داعي لأن تمر الحجة على كل الفقرات الفرعية للمادة 1520 من قانون المرافعات المدنية، حيث أن هذه المادة وضعت بطريقة تكون فيها متكيفة بدقة . تسلسل أحداث تحكيم ما، وإلا قد يكون من الممكن التمسك بكل الأسباب الواردة فيها، أو تقريباً كلها، في إطار النظام العام. يجب إذا العودة إلى توزيع منطقي ومنظم لأسباب الإعتراض على حكم تحكيمي.
حتى أنه في بعض الأحيان، يقوم المتقاضي الذي خاب أمله، والذي لم يكن مسروراً برؤية الطعن بالإبطال الذي قدمه مردوداً، برفع النزاع أمام "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان". هذا ما حصل في قضية Enel، التي لم يفصح فيها المحكم أنه كان عضواً في مجلس إدارة Enel (التي كانت إحدى الشركات التابعة لها طرفاً في التحكيم) وأنه كان فضلاً ذلك عن يتصرف في آن واحد كمحامي Enel في نزاعات لا صلة لها بالتحكيم. نظراً إلى أن المحاكم الإيطالية ردت الطعن ضد حكم التحكيم، رفع طعن أمام "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان". فاعتبرت هذه الأخيرة أن الحق في الحصول على محاكمة عادلة خولف بسبب إخفاء المحكم صلاته ، مع أحد الأطراف ( CEDH 20 mai 2021, n° 5312/11, D. actu. 18 juin 2021, obs. J. Jourdan-Marques; مستقلاً. GAR 21 mai 2021, obs. S. Perry). القرار مثير للإهتمام من حيث أنه يناقض القرارات القضائية الوطنية التي اعتبرت أن المحكم، على الرغم من غياب الإفصاح هذا، كان . والتي رفضت إبطال حكم التحكيم، خالقة بالتالي درجة تقاض جديدة نوعاً ما لا تظهر ملاءمتها مع قوة الدليل. هذا هو على الأرجح ، سبب رفض القضاة في "ستراسبورغ" (Strasbourg) الحكم على إيطاليا بدفع التعويض البالغ 1,2 مليار يورو المطالب به بسبب الضرر الذي يزعم أن حكم التحكيم تسبب به والحكم فقط بضرر معنوي وبتسديد مصاريف التحكيم.
دون أن يكون من الممكـن هنـا ذكـر كـل القرارات الصادرة خلال الفترة قيـد الـدرس حـول الإستقلالية بشكل مفصل، وذلك لفرط كثرتها، نستنتج وجود إسقاط للشك المعقول الذي قد ينشأ عن إفصاح غير كامل ( 2021 .Paris, 16 févr. 2021, n° 18/16695, D. actu. 30 avr obs. J. Jourdan-Marques; JCP 2021. 696, § 6, obs. L. Jandard; pôle 3, ch. 5, 2 mars 2021, n° 18/16891; 18 mai 2021, n° 18/28526, D. actu. 18 juin obs. J. Jourdan-Marques ,2021). القرار الأخير المذكور يوضح ذلك بهذه العبارات: "إن تقدير انعدام إستقلالية محكم ينشأ من مقاربة موضوعية تقوم على تمييز عوامل دقيقة وممكن التحقق منها غير متعلقة بالمحكم نفسه قد تؤثر على حريته في اختيار القرار المناسب، كالصلات الشخصية أو المهنية أو الإقتصادية مع أحد الأطراف"، وهذه ليست هي الحال في الدعوى الحالية. نجد مثالاً جيداً على هذا الإسقاط في قرار آخر، بيداغوجي بالأخص، حول صلة غير مفصح عنها مع طرف ثالث بالنسبة إلى أطراف التحكيم. أولا، حاولت المحكمة تحديد ما إذا يمكن إعتبار هذا الطرف الثالث كطرف معني بالإجراءات التحكيمية لكي تبحث، بعد ذلك، وحصراً إذا كان هذا هو الحال، ما إذا كان يتوجب على المحكم أن يعلن عن صلة القرابة التي تربطه بهذا الطرف الثالث. في هذه القضية، إعتبرت المحكمة أن الطرف الثالث "لم يكن له مصلحة، مباشرة أو غير مباشرة، في حل النزاع التحكيمي، بحيث أنه لم يكن يتوجب على المحكم أن يفصح عن صلات القرابة والصداقة المفترضة الأطراف الثالثين بالنسبة إلى أطراف التحكيم لتنظيم رحلة شخصية خاصة" مع Paris, 12 janv. 2021, n° 17/07290, D. actu. 12 févr. 2021, obs. J. Jourdan-) (Marques; Gaz. Pal. 13 juill. 2021, p. 20, obs. D. Bensaude
في ما خص الإفصاح، هناك مسألة محددة يمكن أيضاً أن تطرح عندما يظهر عنصر إضافي لم يكشف عنه المحكم. يجدر إذا التساؤل ما إذا كان هذا العنصر من شأنه وحده أن يثير شكاً معقولاً لدى الأطراف أو، على العكس، إذا كان ثانوياً ومشمولاً بما سبق أن تم الإفصاح عنه. إذاً، على سبيل المثال، إذا أعلن المحكم أنه سبق أن تم تسميته عشرة مرات من طرف ما، ونسي التسمية الحادية عشرة، فهذا ليس مماثلاً لحالة المحكم الذي يفصح أنه سبق أن تمت تسميته مرة واحدة في حين أنه تمت تسميته عشرة مرات. في الفرضية الأولى، النسيان لن يبدو وكأنه يفاقم بشكل ملحوظ غياب استقلاليته، في حين أنه في الفرضية الثانية، سيكون هذا هو الحال. طرحت هذه المسألة مؤخراً مرتين على الأقل أمام محكمة إستئناف باريس.
القرار الأول، LERCO، هو من أهم القرارات التي صدرت خلال الفترة ( .Paris, 23 févr 2021, n° 18/03068, JCP 2021. 696, § 4, obs. P. Giraud; D. actu. 30 avr. 2021, obs. J. Jourdan-Marques ; Gaz. Pal. 13 juill. 2021, p. 20, obs. D. Bensaude). في هذه القضية، عين مكتب محاماة أحد أطراف التحكيم محكماً أفصح أنه سبق وأن تم تعيينه ست مرات من المكتب المذكور. إلا أن الطرف الخصم، الذي لم يقدم إعتراضات على هذا التعيين، قدم طعناً بالإبطال عندما علم، بعد صدور حكم التحكيم، أن المحكم كان قد عين من المكتب ذاته في ملف آخر مهم مرتبط بالبترول، وأنه إذا خالف موجب الإفصاح المترتب عليه. ولكن، بالنسبة إلى محكمة الإستئناف، إن تسمية المحكم في ملف آخر لم يؤثر في صحة تشكيل هيئة التحكيم حيث أن المحكم أفصح عن عدد معين من التسميات عند تقديمه تصريحه بالإستقلالية وأن هذا التعيين في ملف آخر حساس مرتبط بالبترول، حتى لو كان من المفترض أن يتم الإفصاح عنه، حصل بعد تقديم مشروع حكم التحكيم إلى غرفة التجارة الدولية وأن وحده الطابع المنهجي لتعيين من الطرف أو من محاميه إضافة إلى وتيرته وانتظامه على فترة طويلة في عقود مشابهة من شأنه أن يخلق شكاً معقولاً لدى الأطراف، وهذه ليست هي . حال محكم عينه مكتب المحاماة هذا تسع مرات على فترة تمتد 21 عاماً. بعبارات أخرى، يجدر التمييز، من ضمن العناصر التي لم يتم الإفصاح عنها، بين ما هو عرضي وما هو قاتل. هنا، كانت التسمية عرضية لا سيما وأنها حصلت بعد تقديم مشروع حكم التحكيم، أي في وقت أصبح فيه غير قابل للتعديل إلا هامشياً.
في القضية الثانية، ليس الملحق الذي أضافه المحكم خلال الإجراءات هو الذي حث الجهة الطاعنة على طلب توضیحات، بل معلومات نشرتها مجلة Global Arbitration Review (GAR) - ما يلمح إلى وجوب أن يكون كل شخص مطلعاً على الـ GAR... - والتي، في كل الأحوال، لم تفاقم بشكل ملحوظ ما أفصح . عنه المحكم ( 18/10511 °Paris, 18 mai 2021, n (D. actu. 18 juin 2021, obs. J. Jourdan-Marques
ولكن في بعض الأحيان لا يمكن إسناد سبب غياب الإستقلالية على شيء وبالتالي، يتجه الأطراف نحو الإعتراض على الحياد، الذي قد يكون غير موجود، وهـو مـا سـوف يظهر من الإجراءات، بل من حكم التحكيم ذاته. صحيح أن قرار Aurier، الذي سبق ذكره، يعطي تعريفاً واسعاً عن الحياد على أنه "يفترض غياب أحكام مسبقة أو آراء مسبقة قد تؤثر في حكم المحكم، من الممكن أن تنجم عن عوامل مختلفة كجنسية المحكم وبيئته الإجتماعية أو الثقافية أو القانونية" (.Paris, 8 juin 2021, n° 19/02245, préc) وأن المحكمة تعتبر أنه "من الممكن أن ينجم عن حكم التحكيم ذاته شك حول حياد هيئة التحكيم" ( 2021 Paris, pole 3, ch. 5, 2 mars .n° 18/16891, préc). بيد أن محكمة إستئناف باريس ردت السبب، أقله أربع مرات هذه السنة، إما لتؤكد أنه "لا يمكن الخلط بين هذا الشك وأسباب حكم التحكيم التي من خلالها يتخذ المحكم الموقف نفسه الذي اتخذه أحد أطراف النزاع، أكان من خلال إعادة ذكر بعض المقاطع من لوائحه أو من خلال اعتماد إستنتاجات أو نتائج تقرير خبير قدمه وتمت مناقشته وجاهياً خلال التحكيم، حتى إن انتهى إلى قبول مجمل طلبات هذا الطرف" (القرار ذاته)، أو لتستنتج أنها لم تأخذ بـ "أي معاملة تمييزية لصالح أحد الأطراف في جلسات المحاكمة" (,2021 .oct .n° 19/21625, préc)، أو حتى لتذكر أن الشك يجب أن يكون "مبنيا على عناصر دقيقة في ما خص بنية حكم التحكيم أو تعابيره بحد ذاتها، قد تدعو إلى الإعتقاد أن سلوك المحكم كان غير حيادي أو على أقل تقدير قد يكون من شأنها أن تعطي الإنطباع بذلك" .Paris, 16 févr .n° 18/16695, préc ,2021)، أو، أخيراً، لتذكر أن "تقدير عدم الحياد هذا يجب إذا أن ينشأ من مقاربة موضوعية" (.Paris, 18 mai 2021, n° 18/28526, préc). على عكس الرقابة على الإستقلالية التي هي موضوعية، تتعلق الرقابة على الحياد بالنظر بدقة في أسباب القرار. نقترب إذا بشكل خطير من الرقابة على الأساس. لهذا السبب لا يجب القيام بالرقابة على الحياد إلا بيد مرتجفة، وربما على الأرجح التخلي عنها.
4- المسؤولية:
من المرضي دائماً أن يكون قرار ما متطابق إلى هذه الدرجة مع مؤلفات كاتب، حتى عندما تكون هذه المؤلفات قد نشرت منذ أكثر من عشرين عاماً. هذا ما حدث بتاريخ 22 يونيو 2021 عندما أخذت محكمة إستئناف باريس بالمقترحات المقدمة من كاتب هذه السطور في أطروحته التي نشرت منذ عشرين عاماً وأدخلتها في النظام القانوني لعقد المحكم الدولي ( ,T. Clay, L'arbitre 2001 ,préf. de P. Fouchard, Dalloz, coll. Nouv. bibl. Theses). في هذه الدعوى، كان يتم البحث عن المسؤولية المدنية لمحكم ألماني على هامش قضية Volkswagen، لغياب الإستقلالية التي أدت إلى إبطال حكم التحكيم.
السؤال البسيط الذي كان مطروحاً كان معرفة أي محكمة هي المختصة للبت في مسألة متعلقة بعقد المحكم. بغية الرد على هذا السؤال، كان يجدر أولاً تحديد ما إذا كانت "لائحـة بروكسل I مكرر" (règlement de Bruxelles I bis) مطبقة على عقد المحكم بما أننا نعرف أن المادة 1، § 2، د)، من اللائحة تستبعد التحكيم، مما قد يؤدي أو لا يؤدي إلى استبعاد عقد المحكم.
في قرار ملفت للنظر لا سيما وأنه كان موضوع بيان صحافي – وهذا غير مألوف بقدر ما هو نادر في مسائل التحكيم -، إعتبرت محكمة باريس القضائية أن عقد المحكم كان خاضعاً بالفعل لـ "لائحة بروكسل I مكرر" ( ,1832 .2021 .TJ Paris, 31 mars 2021, n° 19/00795 , D obs. L. d'Avout; D. actu. 17 mai 2021, obs. P. Capelle, et 30 avr. 2021, obs. J. Jourdan-Marques; JCP 2021. 516, note I. Fadlallah, et 696, § 5, obs. L. Jandard; LEDICO juin 2021, p. 7, obs. H. Meurs; GAR 31 mars 2021, obs. S. Perry). هذا الحكم أثار حماس، إن لم يكن غبطة بعض المعلقين الأوائل. وهكذا كتب زميلنا Louis d'Avout أن "الحل صحيح، في أوانه ومطابق تماماً للإجتهاد"، حتى أنه رأى فيه إنكاراً لأولئك الذين يتمتعون بـ "آراء مرتبطة بالإستقلال الذاتي" في ما خص التحكيم الدولي، يصل إلى حد إيجاد "من الممتع رؤية بعض مناصري التحكيم غير المرتبط بمكان يعيدون استكشاف المزايا الخفية للإسناد بموجب المقر، وذلك دون خشية المعارضة".
يبدو أن الدخول في هذه المعارضة لم يرعب محكمة الإستئناف التي، بعد مرور ثلاثة أشهر تقريباً، ألغت هذا الحكم بكل نصوصه ( Paris, 22 juin 2021, n° 21/07623, JCPE 2021. 1450, note D. Mainguy; Cah. arb. 2021, n° 4, note S. Akhouad Barriga, à paraître; D. actu. 17 sept. 2021, obs. J. Jourdan-Marques; JCP 2021. 1280, § 4, obs. L. Jandard; IPRax 2021, p. 585, note O. Remien; GAR 24 juin 2021, obs. C. Sanderson)، متلاقية بذلك مع معلقين آخرين سبق أن كانوا مشككين حيال حكم محكمة الدرجة الأولى ( .J. Jourdan-Marques, L. Jandard et P .(Capelle
في الواقع، كما بينه زميلنا Daniel Mainguy في تعليقه على قرار محكمة الإستئناف، الذي أشار إلى "جدل شكلي معكوس" من جهة المحكمة القضائية: "ينقص عنصراً في تعليلها أدركت معناه محكمة الإستئناف على العكس بشكل تام: طبيعة عقد المحكم ونتائجه". في الواقع، بغية معرفة ما إذا كان استبعاد التحكيم في "لائحة بروكسل I مكرر" يؤدي إلى استبعاد عقد المحكم، يجدر فهم ماهية عقد المحكم وصلته باتفاق التحكيم فهماً جيداً. إزاء هذا العقـد مـن نـوع خـاص والغريب الخاص بتقديم خدمات قضائية، إن تكييف العلاقة مع إتفاق التحكيم ليس كأي شيء معروف وهو بحد ذاته من نوع خاص. لهذا السبب كنا اعتبرنا أن عقد المحكم مختلط - مثله مثل التحكيم، فمصدره تعاقدي ولكن موضوعه قضائي –، و"متحدر" من إتفاق التحكيم. "عقد المحكم يتحدر من إتفاق أساسي ينبع منه. كونه أكثر من عقد "تابع" أو "متصل" يمكن أن يكونه أي عقد مبرم جراء العقد الأساسي، إن عقد المحكم هو امتداد لاتفاق التحكيم وفي الوقت عينه يضمن تنفيذه. إنه المكمل المحتوم له" (680 °L'arbitre, préc., spéc. n). هذا بالضبط ما كرسته محكمة الإستئناف في المقطع 31 من قرارها: "في الواقع، إن عقد المحكـم هـو مـن نـوع طبيعة التحكيم المختلطة، تعاقدية من حيث مصدرها وقضائية من حيث موضوعها، ويتحدر من إتفاق التحكيم المرتبط به إرتباطاً وثيقاً".
إذن، ومهما تمكن جزء من الفقه من القول ( P. Hollander, Aspects de droit et du contrat contrat d'arbitre international privé (européen) du d'organisation de l'arbitrage, B-Arbitra 2013-2, p. 405, spéc. n° 18; J.-F. Poudret et S. Besson, Comparative Law of International Arbitration, Sweet 441 °Maxwell, 2 ed., 2007, spéc. n &)، إن عقد المحكم يلحق إتفاق التحكيم ولا يمكن إخضاعه لـ "لائحة بروكسل I مكرر" (بالمعنى ذاته: C. Seraglini, Le juge du contrat d'arbitre: aspects de droit international privé, in Mélanges en l'honneur du professeur Eric Loquin, Droits sans frontières, LexisNexis, 2018, p. 323,
.(spéc. p. 330
يبقى إذا تحديد المحكمة المختصة. إعتبر المحكم المخطئ في الدعوى الحالية أن الأمر يتعلق بالمكان الذي عمل فيه بالأساس، أي ألمانيا، وهو ما قبلته المحكمة القضائية. ولكن، هنا أيضاً، ألغي القرار في أوانه، باستعادة معيار غالباً ما يتم الدفاع عنه، بما في ذلك من قبلنا أو من قبل زميلنا Christophe Seraglini (راجع سابقاً)، هو "مكان تنفيذ الخدمات المقدمة"، أي مكان مقرّ هيئة التحكيم. بالإضافة إلى أن ذلك يسمح بتركيز محتمل للولاية القضائية عندما يكون المحكمون الثلاثة هم من أطراف الجهة الواحدة في الدعوى القضائية ذاتها، إن فائدة مقر هيئة التحكيم، مع أنه الممكن أن يكون خيالياً، تكمن في قابلية التوقع في ما خص الدعاوى الموازية لدعوى التحكيم أو الدعاوى التي تدور حول التحكيم أو الدعاوى اللاحقة للتحكيم، وهذا ليس متناقضاً. مع مفهوم غير المرتبط بمكان، كما سبق لنا وأن دافعنا عنه منذ زمن طويل ومراراً ( T. Clay, Le siege de التحكيم l'arbitrage international, entre << Ordem >> et << Progresso », Cah. arb. 2008, 20 .n° 2-1, p). وحتى أن ذلك أصبح الفائدة الأساسية، إن لم تكن الأخيرة، لمقر هيئة التحكيم. ولكن المفهوم الذي نكونه عن التحكيم الدولي لا يمكنه أن يتوقف على الطعون التي من الممكن أن يكون موضوعها: سيكون الأمر بمثابة تبني رؤية معتلة عن التحكيم، وحتى عن القانون.
مع هذا القرار، تدرج النظام القانوني لعقد المحكم أكثر بقليل ولسنا إذا مندهشين لرؤيته يتطور عملياً، مستخدماً أكثر فأكثر النماذج الموجودة ( ,.ex. Le contrat d'arbitre, J.-Cl. Pr. civ.(formulaires, 2012
د- الإجراءات القضائية:
1- قاضي الأمور المستعجلة:
إن تداخل إجراءات تحكيمية مع إجراءات تحقيق في المستقبل ليس كثير الوقوع لدرجة تسمح لنا بأن تعرض عن القرار الذي أصدرته مؤخراً محكمة التمييز ( 2021 Civ. 1, 23 juin n° 19-13.350, D. 2021. 1244; Rev. arb. 2021. 694, note J. Barbet; Procédures 2021. 259, note L. Weiller; JCP E 2021. 1426, note P. Casson; JCP 2021. 1280, $ 1, obs. L. Jandard; D. actu. 17 sept. 2021, obs. J. Jourdan-Marques ; Gaz. Pal. 20 juill. 2021, p. 30, obs. C. Berlaud). كما نعرف، تنص المادة 1449 من قانون المرافعات المدنية على أنه من الممكن الأمر باتخاذ إجراءات التحقيق شرط ألا تكون هيئة التحكيم قد تشكلت بعد. على الرغم من أن هذه المادة تضيف، في الفقرة 2 منها، أن القاضي المختص هو رئيس المحكمة القضائية أو رئيس المحكمة التجارية، إلا أن لا شيء حدد في ما خص الإختصاص المكاني، وهو ما كان مصدر إرتياب. جاء القرار المؤرخ في 23 يونيو 2021 ليوضح هذه النقطة بشكل مفيد بقضائه أن القاضي المختص هو "رئيس المحكمة التي قد تكون مختصة بالنظر في موضوع الدعوى أو رئيس المحكمة التي يجب تنفيذ إجراءات التحقيق الملتمسة ضمن نطاق ولايتها، حتى لو جزئياً، دون أن تتمكن الجهة المستدعية مـن الإحتجاج بشرط تحكيمي". ذكرت محكمة التمييز، بهذا الصدد، أن "المحكمة النظامية التي قد تكون مختصة بالنظر في موضوع الدعوى هي المحكمة التي سيصار إلى رفع النزاع أمامها إذا لم يحتج الأطراف، كما هو حق لهم، باتفاق التحكيم". إذا، علاوة على قاضي مكان تنفيذ إجراءات التحقيق، يمكن للمدعي أن يرفع نزاعه أمام قاضي موطن المدعى عليه، أو حتى، في المسائل التعاقدية، أمام قاضي مكان التسليم الفعلي للشيء أو مكان تنفيذ تقديم الخدمات. بما أن موطن الشركات المدعى عليها كان، في هذه الدعوى، يقع في "كالفادوس" (Calvados)، لم يكن للمحكمة التجارية في باريس، التي كان يتوجب أن يكون مقر هيئة التحكيم بالتأكيد ضمن نطاق ولايتها، ولكن حيث في الواقع لم يكن يتوجب القيام بأي إجراء تحقيق، أي صلة ، مع الخيار المطروح في النصوص. يمكن القول أن الحجج التي من شأنها تأييد وجهة نظر المدعيات في الطعن كانت غير متماسكة حيث أنها كانت تهدف إلى الخلط بين قاضي الموضوع وقاضي المقر والقاضي المساند. قلما أن يكون مقر هيئة التحكيم في باريس عندما يتعلق الأمر بتحديد القاضي المختص بالفصل في الموضوع؛ وقلما يهم أيضاً واقع أن يكون رئيس محكمة باريس التجارية هو القاضي المساند. وحده يهم خيار الإختصاص المطروح في المادة 46 من قانون المرافعات المدنية: موطن المدعى عليه، مكان تسليم الشيء أو مكان تقديم الخدمات. هذا أكثر من كاف.
2- القاضي المساند:
منذ قرار La Belle Creole الصادر في العام 1989، لم يتوقف الإجتهاد عن توسيع، صواباً، نطاق تدخل القاضي المساند. إلا أن هذا التوسيع ليس بلا حدود. رأينا ذلك منذ عهد قريب في قضية Garoubé – التي لم تكن في مأمن من الإنتقاد ونراه مجدداً في قضيتين حديثتين. في القضية الأولى، إعتبر القاضي المساند أن ليس من واجبه أن يراقب قرارات مركز التحكيم ( TJ 6 Paris, 16 avr. 2021, n° 50115, D. actu. 18 juin 2021, obs. J. Jourdan القاضي Marques; Rev. arb. 2021. 800, note V. Chantebout). في القضية الثانية، قبل المساند أن يبدي رأيه حول طلب تدخل إجباري لطرف ثالث. في حين أن الإستئناف غير متاح مبدئياً، فيما خلا الأحوال الإستثنائية، ضد قرارات القضاة المساندين، تقدم مراجعة الإبطال (appel-nullité)، وفقاً للإجتهاد الذي يقبلها، ما دام أنه يوجد تجاوز سلطة، بما في ذلك سلبي. هذه كانت هي الحال في الدعوى الحالية نظراً لخطر الإستنكاف عن إحقاق الحق المتذرع به، مما يسمح بقبول الطعن. ولكن المحكمة ردت مراجعة الإبطال وقضت، صواباً، بأن قبول طرف ثالث في الدعوى التحكيمية يخضع لاختصاص هيئة التحكيم، وليس لتشكيلها الذي يكون القاضي المساند مختصاً بشأنه، حتى مع تفسير واسع لعبارة "تشكيل" ( ,20/13048 °Paris, 6 avr. 2021, n D. actu. 30 avr. 2021, obs. J. Jourdan-Marques). الحل يستحق الموافقة عليه، حتى لو كنا نعرف أنه بمجرد ما يتم تشكيل هيئة التحكيم، لن يعود بمقدورها قبول تدخل إجباري، تحت طائلة مخالفة مبدأ المساواة بين الأطراف في تشكيل هيئة التحكيم. إلا أنه بالتأكيد لا يمكنها قبوله قبل تشكيلها نظراً إلى أنها لم تخول بعد السلطة لذلك. هناك إذاً حقاً خطر إستنكاف عن إحقاق الحق، ويعود إلى الأطراف أن يكونوا يقظين في مرحلة تشكيل هيئة التحكيم لكي يقاضوا كل الذين لديهم إعتراضات ضدهم.
هـ - حكم التحكيم:
1- التعريف:
في أغلب الأحيان، من الناحية العملية، يتساءل المحكمون بشأن معرفة ما إذا يجب أن يكتسي القرار الذي يستعدون لإصداره شكل حكم تحكيمي أو يمكن الإكتفاء بشكل أمر، كما لو كان ممكناً لأحدهم أن يحل محل الآخر. الرهان مهم لأن النظام القانوني ليس ذاته من ناحيتين: من جهة، يجب أن يشرف مركز التحكيم بالضرورة على حكم التحكيم، في حين أن هذه ليست هي الحال بالنسبة إلى الأمر، حتى لو كان ذلك يعني فقط التحكيم المؤسسي؛ ومن ثم يمكن لحكم التحكيم أن يكون موضوع طعن مباشر ولكن هذا غير ممكن بالنسبة إلى الأمر.
لكن، عند تحليل ذلك، يتبين أن الأمر يتعلق بمشكلة غير حقيقية لأن تكييف العمل القانوني لا يخضع لسلطة المحكمين. وهذا من حسن الحظ، لأنه كان يكفي أن يتم تسمية حكم تحكيمي بالأمر حتى يتفادى أن يكون عرضة للطعن، الأمر بهذه البساطة. هذا ما ذكر به تحديداً قرار صدر عن قاضي الإجراءات التمهيدية في محكمة إستئناف باريس ( 2021 .Paris, ord., 12 janv n° 19/12417, Rev. arb. 2021. 857, note C. Greenberg; D. actu. 22 févr. obs. J. Jourdan-Marques ,2021). يذكر القاضي أولا بتعريف حكم التحكيم: "وحدها يمكن أن تكون موضـوع طعن بالإبطال أحكام التحكيم الحقيقية، الصادرة عن المحكمين الذين يبثون بصورة قطعية النزاع المرفوع أمامهم، بشكل جزئي أو بشكل كامل، أكان من حيث الموضوع أو من حيث الإختصاص أو من حيث سبب إجرائي يقودهم إلى وضع حد للدعوى" ( V. pour la meme définition: Paris, 25 mars 1994, Rev. arb. 1994. 391, note C. Jarrosson; 2 juill. 2013, n° 12/16361, D. 2013. 2936, obs. T. Clay; ord., 30 juin 2020, n° 19/12440, D. 2020. 2484, obs. T. Clay). ثم يحدد قاضي الإجراءات التمهيدية ما ينبغي أن يفهم بعبارة أمر إجرائي متمحور حول "تنظيم الإجراءات التحكيمية أو التحقيق فيها أو سيرها". إلا أنه لم يكن ممكناً، في هذه الدعوى، حصر الأمر المعني بـ "مجرد أمر" لأنه سمح باستبعاد بعض الأطراف من الإجراءات التحكيمية. أصبح إذا ممكناً قبول تكييف حكم التحكيم، بما أن هذا "الأمر" وضع بالضبط حداً للدعوى التحكيمية بالنسبة إليهم بصورة قاطعة، وذلك حتى لو لم يبت بالنزاع إلا جزئياً. إن نتيجة مثل هذا التكييف هي أن الأطراف الذين استبعدوا من الإجراءات التحكيمية بموجب حكم التحكيم الذي أعيد تكييفه هكذا يمكنهم أن يقدموا طعناً ضده.
2- الطعن:
على الرغم من عددها القليل، تخضع طرق الطعن ضد أحكام التحكيم لإجراءات معقدة، وذلك بشكل متزايد. قدم الإجتهاد الحديث ثلاثة إيضاحات تولد، بشكل متناقض، إلتباساً.
أولاً، في حين أننا نعرف أن المرسوم رقم 2019–1333 المؤرخ في 11 ديسمبر 2019 كان نقل بلا قصد إلى قاضي الإجراءات التمهيدية، الذي عهد إليه الطعن بالإبطال، النظر في مجمل الدفوع بعدم قبول الدعوى اعتباراً من الأول من يناير 2020، أصدرت الغرفة المدنية الثانية للتو رأياً لتحدد أن ذلك لن يطبق في النهاية إلا اعتباراً من الأول من يناير 2021 ( 3 ,Civ. 2, avis juin 2021, n° 21-70.006, D. 2021. 1139; D. actu. 18 juin 2021, obs. J. Jourdan-Marques). علماً أنه ليس من السهل رسم الخط الفاصل بين ما يتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى وبموضوع الطعن بالإبطال ( .2020 .V. ces colonnes l'année dernière, D 2495 .spéc ,2484)، إزداد الوضع تعقيداً قليلاً أيضاً مع سنة 2020 هذه وأصبح هذا الوضع منطقة محرمة غريبة يمكن أن ينشأ عنها طعون مثيرة للإهتمام (V. les cinq hypotheses .inextricables élaborées par J. Jourdan-Marques, préc). ويذكر رأي محكمة التمييز أيضاً أنه لا يمكن لقاضي الإجراءات التمهيدية أن يبدي رأيه حول مسائل بثت أمام محكمة الدرجة الأولى. بالطبع، من غير الممكن نقل القاعدة تماماً إلى التحكيم بما أن محكمة الإستئناف، على الرغم من إسمها، لا تتدخل في دعوى الإستئناف (باستثناء بعض الأحيان في المسائل الداخلية إذا أراد ذلك الأطراف بشكل صريح). لكن يمكن لهذا الرأي مع ذلك أن يثير صعوبات في ما خص الطعن بالإبطال المقدم ضد حكم تحكيمي لأن هيئة التحكيم هي، على كل حال، محكمة درجة أولى، حتى لو كانت أيضاً محكمة درجة أخيرة. يتوجب إذا توضيح مسألة معرفة ما إذا كان يمكن لقاضي الإجراءات التمهيدية الذي رفع أمامه طعن بالإبطال أن يبت دفوعاً بعدم قبول الدعوى أثيرت أمام هيئة التحكيم. في الواقع، هذه الحالة المفترضة ستكون نادرة لأن النظر في الدفوع بعدم قبول الدعوى لا يدخل ضمن سلطات الرقابة العائدة لقاضي الإبطال، ولكن ذلك لا يمنع الأطراف من إثارة مثل هذه الدفوع ومن وجوب رد القضاة عليها.
هناك صعوبة ثانيـة برزت: عندما تتدخل محكمـة الإستئناف، ليس بالنسبة إلـى طـعـن بالإبطال، بل في استئناف قرار قضى بمنح الصيغة التنفيذية، قد يجـد قاضـي الإجـراءات التمهيدية إذا نفسه هذه المرة مقيداً بما لم يتم بته أمام محكمة الدرجة الأولى. إذاً، سوف يكون هناك نظـام إجرائي مختلف لقاضي الإجراءات التمهيدية حسبما يكـون قـد فـصل في استئناف قرار قضى بمنح الصيغة التنفيذية أو في إطار طعن بالإبطال. هذا الوضع الغير منطقي المتعلق بالنظر في الإعتراضات ذاتها سيتعارض، فضلاً عن ذلك، مع وحدة الأنظمة المرادة منذ العام .1980
إن السمة المميزة لقاضي الإجراءات التمهيدية تفسر في الأساس لم لا يمكن للقرار الذي يصدره، عندما يفصل في طلب بمنح الصيغة التنفيذية كونه طارئ من طوارئ المحاكمة في الطعن بالإبطال بمعنى المادة 50 من قانون المرافعات المدنية، أن يكون موضوع طعن إلا في الوقت ذاته مع القرار حول الطعن بالإبطال بما أنه في هذه الحالة المحددة، أكان أمراً بإعطاء الصيغة التنفيذية أو رد هذه الأخيرة، سيصار إلى متابعة إجراءات الإبطال أمام محكمة الإستئناف. أي إحالة لقرار قاضي الإجراءات التمهيدية، على أساس المادة 916 من قانون المرافعات المدنية، هي إذا غير مقبولة، في هذا السياق بالتحديد، كما أوضحته منذ وقت قريب جداً محكمـة إستئناف باريس .(Paris, 23 nov. 2021, n° 21/03754)
آخر التعقيدات: تختلف المعايير، في ما خص الصيغة التنفيذية، في الدرجة الأولى (يمنح حكم التحكيم الصيغة التنفيذية إلا إذا كان "مخالفاً للنظام العام بشكل واضح") وفي الإستئناف (رفض منح الصيغة التنفيذية في كل الحالات المنصوص عليها في المادة 1492 أو في المادة 1520). كيف يمكن، في ظل هذه الظروف، أن يشعر الطرف أنه ملزم بالحكم الصادر عن محكمة الدرجة الأولى؟ لم نفقه شيئاً من الأمر.
ثانياً، لقد أتيح المجال أمام محكمة إستئناف باريس أن توضح أنه عندما يتضمن حكم التحكيم ملحقاً، وهذا يعني تكملة له توضع بناء على طلب الأطراف بعد صدور حكم التحكيم (وهو شيء يزداد شيوعاً)، يجب أن يشير بيان الإستئناف أيضاً إلى هذا الملحق بموجب المادة 901 من قانون المرافعات المدنية ( .Paris, 11 mai 2021, n° 18/06076, D. actu. 18 juin 2021, obs J. Jourdan-Marques; Gaz. Pal. 13 juill. 2021, p. 23, obs. D. Bensaude). في حال عدم تحقق ذلك، يكون الطعن بالإبطال الموجه ضد هذا الملحق غير مقبول. حل غريب يبقي على حكم التحكيم التفسيري سليماً مهما كان مصير حكم التحكيم المفسر.
ثالثاً وأخيراً، أصدرت محكمة التمييز قرار Schooner المهم في أواخر العام 2020 المتعلق بالأسباب التي قد ثثار للإعتراض على اختصاص هيئة التحكيم في طعن بالإبطال ( 2 ,1 .Civ déc. 2020, n° 19-15.396, D. 2020. 2456, et 2021. 1832, obs. L. d'Avout; Rev. arb. 2021. 419, note P. Duprey et M. Le Duc; JDI 2021. 1394, note M. de Fontmichel; Procédures 2021. 40, obs. L. Weiller; JCP 2021. 696, § 8, obs. L. Jandard; D. actu. 24 déc. 2020, obs. J. Jourdan-Marques; Gaz. Pal. 5 janv. 2021, p. 35, obs. C. Berlaud, et 9 mars. 2021, p. 34, obs. D. Bensaude). تبعاً لاستثمارات في ثلاث شركات بولونية، إعترض مشغلون أميركيون على التقويم الضريبي الذي أدى إلى إفلاس إحدى الشركات ورفعوا دعوى تحكيمية على أساس معاهدة إستثمار ثنائية موقعة بين الولايات المتحدة وبولونيا في العام 1990. إستبعدت هيئة التحكيم إختصاصها في ما خص جزء من المطالبات على أساس أنها تخضع للمسائل الضريبية الغير مشمولة بمعاهدة الإستثمار الثنائية. أيدت محكمة إستئناف باريس ( .Paris, 2 avr. 2019, n° 16/24358, D actu. 17 avr. 2019, obs. J. Jourdan-Marques) حكم التحكيم حول مسائل الإختصاص في الشؤون الضريبية ورفضت النظر في بعض الإعتراضات، المتعلقة بالإختصاص، التي لم تثر أمام هيئة التحكيم. بغية إبطال قرار محكمة الإستئناف، ذكرت محكمة التمييز بمقتضى المادتين 1520، °1، و1466 من قانون المرافعات المدنية أنه عندما يكون قد تم مناقشة الإختصاص أمام المحكمين، لا يحرم الأطراف من حق التذرع بأسباب وحجج جديدة أمام قاضي الإبطال وحتى التمسك، لهذه الغاية، بأدلة إثبات جديدة. بعبارات أخرى، يمكن إثارة كل الأسباب المرتبطة بعدم إختصاص المحكمين أمام قاضي الطعن ما دام أنه تم الإعتراض على هذا الإختصاص أمام هيئة التحكيم، حتى ولو بصورة موجزة. أكثر من أي وقت مضى، يمارس قاضي الطعن رقابة مطلقة على اختصاص المحكمين، دون الأخذ بالحسبان ما تم إثارته أمام المحكمين، لأنه يريد أن يكون له وحده السيطرة الكاملة على كل ما يتعلق بالتحكيم. سنتفاجأ من هذه الإستبدادية، ليس فقط لأنها قد تتعدى أيضاً أكثر على منع إعادة النظر في الموضوع لكثرة ما تكون المسائل في أغلب الأحيان معقدة، وليس فقط، وأيضاً، لأنها تخلق خللاً في التوازن مع الإعتراضات الأخرى التي يمكن إثارتها ضد حكم التحكيم والتي لا تخضع لمثل هذه المراقبة الشاملة، بل لأن ذلك يفتح مجالاً واسعاً أمام الطعون يمكنه أن يغذي منازعة قضائية مشبعة وتسويفية.
إلا أن هذا بالفعل هو القانون الوضعي الجديد ومحكمة إستئناف باريس لم تتأخر بالتقيد به من خلال ثلاثة قرارات طبقت فيها إجتهاد Paris, 9 mars 2021, n° 19/04410, ) Schooner D. actu. 30 avr. 2021, obs. J. Jourdan-Marques; JCP 2021. 696, obs. L. Jandard; 30 mars 2021, n° 19/04161, D. actu. 30 avr. 2021, obs. J. Jourdan Marques)، بما في ذلك في مسائل الإعتراض على استقلالية المحكم، وهو قانون لقاضي الطعن كل سلطة لتطبيقه. ولكن حذار أن يتحول قاضي الإبطال تدريجياً إلى قاضي استئناف. يجـدر التذكير أن الأول يحكم في حكم التحكيم في حين أن الثاني يحكم في القضية. إن إبراز أدلة إثبات جديدة، لم تقدم أمام المحكمين، يحول أكثر فأكثر الأول إلى الثاني.
أخيراً، في . مسائل الطعون، سنتطرق إلى قرار "مصرف ليبيا المركزي" ( Central Bank of Libya)، الذي لا يمكننا التوسع في التعليق عليه بسبب إلتزام مهني في القضية، للإشارة فقط إلى أن محكمة التمييز قبلت إعتراض الغير ضد قرار محكمة الإستئناف الذي منح الصيغة التنفيذية لحكم تحكيمي صادر في القاهرة، هذا الإعتراض الذي قدم من المصرف المركزي لدولة هي طرف في التحكيم وطرف في الدعوى أمام محكمة الإستئناف (-19 °Civ. 1, 2 mai 2021, n 23.996, D. 2021. 1034; D. actu. 18 juin 2021, obs. J. Jourdan-Marques; Procédures 2021. 225, note L. Weiller; Rev. arb. 2021. 476, note S. Akhouad-Barriga; JCP 2021. 1280, § 5, obs. C. Seraglini; Gaz. Pal. 22 juin 2021, p. 30, obs. C. Berlaud; RDC 2021, n° 3, p. 52, obs. Y.-M. Serinet et X. Boucobza; Gaz. Pal. 31 août 2021, p. 25, obs. P. Casson). إن قبول إعتراض الغير من حيث المبدأ، المبني قبل كل شيء على القانون العام، لا يعني، بالطبع، أن محكمة الإستئناف ستقبله لأن المصرف المركزي يجب أن يبرهن، أولاً، أنه لم يكن موجوداً ولم يكن ممثلاً في الدعوى وثم، أن لديه حقاً مصلحة شخصية بإقامة دعوى أمام محكمة الإستئناف، بمعنى أن القرار يسبب له فعلاً ضرراً منفصلاً عن الضرر الذي سببه حكم التحكيم الممنوح الصيغة التنفيذية. هذا يعني أن الطريق ضيق جداً.
نعرف أن اعتراض الغير يكون متاحاً ضد حكم التحكيم الداخلي (قانون المرافعات المدنية، المادة 1501) ولكن ليس، مهما كان اعتقادنا، ضد حكم التحكيم الدولي (غياب إحالة إلى المادة 1501 في المادة 1506 من قانون المرافعات المدنية). بموجب هذا القرار. ، سمحت محكمة التمييز لطرف ثالث بالنسبة إلى أطراف حكم التحكيم الدولي أن يقدم هذا الطعن، طبعاً ليس ضد حكـم التحكيم بحد ذاته بل ضد القرار الذي منحه الصيغة التنفيذية، وهو ما يرقى إلى نوع من الإحتيال على القاعدة. غير أنه من الصحيح أن هذا الحل يجد سنداً له في المادة 585 من قانون المرافعات المدنية التي تسمح للطرف الثالث أن يقدم إعتراض الغير ضد أي حكم في حال لم ينص القانون على خلاف ذلك، وهو مفسر هنا بشكل واسع جداً.
3- الرقابة:
غالباً ما تتذرع الدول بالفساد، وهو حل معجزة حقيقي، لمحاولة الهروب من حكم تحكيمي صادر ضدها. ولكن محكمة إستئناف باريس حريصة على تفادي أن تصبح محكمة المعجزات. وهكذا ردت إدعاء الفساد لأنه كان ينقص دلائل خطيرة ودقيقة ومتطابقة ( 2021 Paris, 25 mai .n° 18/27648, préc)، أو لأن الدلائل فرادى وجملة لم تسمح بتكييفه وأن وجود مناخ عام يسوده الفساد لم يكن كافياً ( 2021 .Paris, 7 sept. 2021, n° 19/17531, D. actu. 19 nov obs. J. Jourdan-Marques) أو حتى لأن الدلائل، التي هي أصلاً غير كافية، لم تأخذ بها لا هيئة التحكيم ولا القاضي الجنائي الفرنسي ولا القاضي الجنائي المحلي كمكونة لعنصر قد يخالف النظام العام الدولي الفرنسي (.Paris, 12 oct. 2021, n° 19/21625, préc).
أحياناً، بالطبع، يبطل حكم التحكيم بسبب الفساد كما في هذه الدعوى المثيرة للإنتباه حيث قدمت رحلة شهر عسل باذخة كهدية لعمدة Libreville ورئيس وزراء سابق عند إسناد العقد المتنازع فيه. إن واقع أن تكون هذه الهدية علنية لم يغير شيئاً. علاوة على ذلك، "يجدر التذكير أنه لا يقع ضمن مهمة المحكمة أن تبحث ما إذا كانت وقائع الفساد مثبتة و/أو أن تقرر أن هذا أو ذاك الشخص مذنب بارتكاب هذه الجريمة عملاً بالنصوص الجنائية لنظام قانوني وطني، بل فقط أن تبحث ما إذا كان الإعتراف بحكم التحكيم أو تنفيذه يتجاهل هدف مكافحة الفساد حيث أن المبلغ الذي قضى به حكم التحكيم هذا من شأنه أن يمول أو أن يكافئ نشاطاً ينطوي على فساد" ( ,Paris 25 mai 2021, n° 18/18708, Rev. arb. 2021. 748, note P. Mayer; D. actu. 18 juin 2021, obs. J. Jourdan-Marques; GAR 26 mai 2021, obs. S. Perry; Rev. Int. Compliance Eth. Aff. 2021. 65, obs. F. Poloni et T. Roujou de Boubée; (Gaz. Pal. 13 juill. 2021, p. 24, obs. D. Bensaude
وأحياناً، أخيراً، يعتبر حكم التحكيم أنه مشوب بالفساد من محكمة الإستئناف التي ترفض منحه الصيغة التنفيذية، ولكن قرارها هذا ينتهي بأن يرد من محكمة التمييز. هذا ما حصل في قضية Alstom الشهيرة ( 2021 .Civ. 1, 29 sept. 2021, n° 19-19.769, D. actu. 19 nov obs. J. Jourdan-Marques; Rev. arb. 2021. 687, note C. Jarrosson; GAR 13 oct. 2021, obs. S. Perry). هذا لا يعني أن قضاة محكمة التمييز متساهلين مع الفساد، ولكنهم لاحظوا أن محكمة الإستئناف حرفت محضر الجلسة التحكيمية بأخذها، بغية تبرير قرارها، بظروف مختلفة عن تلك الناجمة عن الشهادات المقدمة لهيئة التحكيم. نقض القرار إذاً على أساس "إلتزام القاضي بعدم تحريف المحرر المقدم إليه". التحذير الموجه إلى قضاة الموضوع واضح: إذا أردتم إجراء رقابة معمقة على أحكام التحكيم، يرجى منكم ألا تخطئوا في المستندات...
مع ذلك، لا يسعنا إلا أن نقابـل قـرار Alstom المهم هذا بقرار Schooner المذكور آنفاً الصادر عن الغرفة ذاتها من محكمة التمييز ولكن الذي يسبقه بعشرة أشهر. في هذا القرار، تم ردّ العناصر الجديدة المقدمة تأييداً لادعاء مخالفة النظام العام الدولي، طبعاً على أساس إعتراض مبني على التحريف، في حين أنه في قرار Schooner قبلت تلك العناصر للإعتراض على اختصاص المحكم. هناك إزدواجية في المعايير، كما لو أن احترام الإختصاص أهم من إحترام النظام العام الدولي، في حين، في ما خلا التدرج، أنه كنا على الأرجح فضلنا العكس.
4- الصيغة التنفيذية:
هي أيضاً الغرفة المدنية الأولى التي اشتهرت في القضية الآتية التي تعرفها جيداً نظراً إلى أن النزاع فيها رفع أمامها للمرة الثالثة بعد إحالة القضية مرتين من محكمة التمييز. سنلخص المشكلة بعناوينها العريضة: في العام 2009 في القاهرة، صدر حكم تحكيم داخلي بين شركتين مصريتين أبطلته المحاكم المحلية لتعارضه مع قواعد النظام العام في القانون المصري (في هذه الحال، كان ينقص إذن الوزارة لإبرام إتفاق التحكيم). نظراً إلى أنه طلب الحصول على الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم في فرنسا، منح قاضي المحكمة الإبتدائية هذه الصيغة التنفيذية بموجب حكم أيدته محكمة الإستئناف قبل أن تنقض محكمة التمييز قرار هذه الأخيرة وقبل أن تتصدى محكمة إستئناف ثانية وتمنح هذه الصيغة التنفيذية بموجب قرار نقض هو أيضاً، علماً أن القضية أحيلت إلى محكمة إستئناف ثالثة أيدت من جديد الحكم الذي منح الصيغة التنفيذية ( 2019 Paris, 21 mai n° 17/19850, D. 2019. 2435, obs. T. Clay; Rev. arb. 2019. 627, et 1151, note E. Gaillard; JDI 2019. 5, note D. Mouralis; D. actu. 7 juin 2019, obs. J. Jourdan-Marques, et 28 juin 2019, obs. L. Weiller; Cah. arb. 2019. 326, obs. P. Pedone). إن هذا القرار الثالث هو الذي يشكل موضوع الطعن الذي تنظر فيه هنا محكمة التمييز ( .Civ. 1, 13 janv. 2021, n° 19-22.932, D. 2021. 86, et 1832, obs. L d'Avout; RTD com. 2021. 556, obs. E. Loquin; Rev. arb. 2021. 719, note H. Slim; Procédures 2021. 71, note L. Weiller; JCP E 2021. 1373, note P. Casson; Gaz. Pal. 2 févr. 2021, p. 31, obs. C. Berlaud; Dépêche LexisNexis janv. 2021, obs. T. Ducrocq; GAR 26 janv. 2021, obs. S. Perry 26). على ما يبدو، إن تصدي محاكم الإستئناف أتى بثماره إذ أن الطعن هذه المرة رد أخيراً وأصبح حكم التحكيم نافذاً . في فرنسا بشكل قطعي. بذلك تكون الغرفة المدنية الأولى أوضحت الحل بطريقة كلاسيكية: "إن نصوص المواد 1514 وما يليها من قانون المرافعات المدنية حول الإعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها تطبق في الوقت عينه على أحكام التحكيم الدولية وعلى أحكام التحكيم الصادرة في الخارج، مهما كان طابع هذه الأخيرة الداخلي أو الدولي". تذكر محكمة التمييز إذا أنه بالنسبة إلى الصيغة التنفيذية، إن الطابع الداخلي أو الدولي لحكم التحكيم حسب القانون المحلي لا يهم. كما يذكر القرار أيضاً صـواب منع دولـة مـا مـن التمسك بقانونها الداخلي لاستبعاد تطبيـق شـرط تحكيمي. تؤكد المحكمة إذا أن ما يهم هو أن يكون حكم التحكيم صادراً "في الخارج"، وأن أحكام التحكيم، في القانون الفرنسي، ليس لها جنسية. ما دام أن المكان وحده هو الذي يجب أن يؤخذ بالإعتبار، لا سيما لتنظيم الطعون، قلما تهم الطبيعة الداخلية أو الدولية لحكم التحكيم. هذا الحل، الذي هو امتداد لاجتهاد Hilmarton الذي اعتقدنا أنه لا يطبق إلا على أحكام التحكيم الدولية الغير مدمجة في دولتها المنشأ (.V. E. Loquin, préc)، هو في الواقع مطابق في الوقت عينه لاتفاقية نيويورك التي تعتبر أن كل حكم تحكيم صادر في الخارج هو دولي (.V. D. Mouralis, préc) وللمفهوم الفرنسي لقانون التحكيم الدولي. إذاً، هي توضح مجدداً قوة تفضيلها للتحكيم.
الأمر سيان بالنسبة إلى القرار التالي المعلق عليه الذي، مطبقاً بدوره إجتهاد Hilmarton الذي لا يزول، سمح بتنفيذ حكم تحكيم في فرنسا تم إبطاله في مقر التحكيم والذي يضيف أن "وحده الإعتراف أو تنفيذ حكم تحكيمي غير متوافق مع قرار قضائي داخلي أو صادر في الخارج منح سابقاً الصيغة التنفيذية في فرنسا قد يخالف بشكل واضح وفعلي وملموس النظام العام الدولي، علماً أنها تكون غير متوافقة القرارات القضائية التي تسفر عن نتائج قانونية تستبعد كل منها الأخرى" (.Paris, 12 juill. 2021, n° 19/11413 , préc). في الدعوى الحالية، إعتبرت المحكمة أنه قلما يهم أن يكون حكم التحكيم قد أبطل في بلد المنشأ، بما أن أياً من القرارات القضائية الصادرة في الخارج التي استنتجت وجود صلح بين الأطراف منح الصيغة التنفيذية في ما بعد في فرنسا، لا سيما وأنه تم الإعتراض على وجود إتفاق الصلح ذاته أمام المحكمين الذين اعتبروا أنه لم يتم إقامة الدليل على وجود مثل هذا الإتفاق. بعبارات أخرى، إن إغفال قوة القضية المقضية الملازمة لاتفاق صلح في حكم تحكيمي لا يخالف النظام العام الدولي الفرنسي. إن تفضيل التحكيم واضح مجدداً.
II- الوسائل البديلة لحل النزاعات :
يوجد عالم شبه متواز نجد فيه نشاطاً تنظيمياً مستمراً: إنه عالم الوسائل البديلة لحل النزاعات. لكل "بانوراما" مجموعة من نصوص جديدة غالباً ما تعدل في حين أن حبر طباعتها لا يزال لم يجف تماماً بعد.
أكبر قضية خلال الفترة الأخيرة تتعلق بالهيئات التي تصدر الشهادات لخدمات حل النزاعات بالإتصال الحاسوبي المباشر. فقد مدد مرسوم صادر بتاريخ 23 ديسمبر 2020، مرفقاً بقرار صادر في اليوم ذاته، مفعول مرسوم سابق صادر بتاريخ 25 اكتوبر 2019 لتحديد نظام مراجع مزدوج، أولاً ذاك الخاص باعتماد الهيئات المصدقة وثم ذاك الخاص بالمصادقة علـى خـدمات التوفيق والوساطة والتحكيم بالإتصال الحاسوبي المباشر ( 2020 .Décr. n° 2020-1682 du 23 déc relatif à la procédure d'accréditation des organismes certificateurs en ligne fournissant des délivrant la certification des services prestations de conciliation, de médiation et d'arbitrage, JO 26 déc., texte n° 62; D. actu. 13 janv. 2021, obs. C. Blery). إنه نوع من الإعتماد من مستويين تم اقتراحه، ولم يتم فرضه - لحسن الحظ ، ويشبه أكثر وأكثر مصنع غاز، لا سيما وأن إجراءات الإعتماد المفصلة. هي جد كلاسيكية. في نهاية الأمر، إن ظهور طريقة آمنة في نظامنا القانوني لحل النزاعات بالإتصال الحاسوبي المباشر هو الجاري إرساؤه، عملاً بالقانون تاريخ 23 مارس 2019
بعد مرور شهر، عدل مرسوم جديد المرسوم المؤرخ في 25 اكتوبر 2019 بتغييره القواعد المرتبطة بعلانية المصادقة وبنصه بالأخص على إجراء متابعة مراجعة الهيئة المصدرة للشهادات عن بعد والإجراءات الخاصة بتحويل الشهادة ( 2021 .Décr. n° 2021-95 du 29 janv portant modification des décrets n° 2017-1457 du 9 octobre 2017 relatif à la liste des médiateurs auprès de la cour d'appel et n° 2019-1089 du 25 octobre 2019 relatif à la certification des services en ligne de conciliation, de médiation et d'arbitrage, JO 31 janv.; D. actu., 10 févr. 2021, obs. C. Bléry et T. Douville; Rev. arb. 2021. 258, obs. J.-P. Tricoit; JCP 2021. 143, et 591, obs. L. Mayer). هذا النص خصص أيضاً باباً للخدمات بالإتصال الحاسوبي المباشر وعدل طرق تشكيل لوائح الوسطاء لدى محاكم الإستئناف، مما لا ينفك يخلق صعوبات، وهذا يتبدى من ثلاثة قرارات صادرة في اليوم ذاته عن محكمة التمييز تؤيد رفض قضاة الموضوع قيد أشخاص على لائحة الوسطاء نظراً لمؤهلات المرشحين التي كانت تبدو، مع ذلك، كافية تماماً (60.053-21 °Civ. 2, 17 juin 2021, n).
المفيد أكثر هو المرسوم رقم 2021-1322 تاريخ 11 اکتوبر 2021 المتعلق بالإجراءات الخاصة بالأمر بالدفع وبالقرارات الصادرة في مسائل الإعتراض على أتعاب المحامين والمعدل لنصوص مختلفة من قانون المرافعات المدنية (51 °JO 13 oct., texte n). فهذا المرسوم يضيف تحديداً مهماً على المادة 820 من قانون المرافعات المدنية هو: "يمكن رفع دعوى لغايات محاولة توفيق مسبقة تقع خارج الحالات التي تطبق فيها الفقرة الأولى من المادة 750-1" (المادة °2-2). مع هذه الإضافة، لن يكون ممكناً بعد الآن للأطراف أن يستندوا إلى المادة 820 من قانون المرافعات المدنية للإلتفاف حـول واجبهم بمحاولة حل نزاعاتهم ودياً قبل اللجوء إلى المحكمة القضائية المنصوص عليها في المادة 750-1 من قانون المرافعات المدنية.
وهذا ليس كل شيء لأنه مع إقرار القانون حول الثقة في المؤسسة القضائية بتاريخ 18 نوفمبر 2021، نجد أن الوسائل الودية لحل النزاعات مدفوعة من جديد نحو النجاح، بالأخص إذا ما نظرنا إلى المسائل الـ 14 التي كانت موضع استجواب في البرلمان والتي طرحت على وزير العدل بين 26 يناير 2021 و22 أبريل 2021، على حد سواء في الجمعية الوطنية وفي مجلس الشيوخ، والتي لم تلق ولا واحدة منها حتى الآن أي إجابة من قبله...
غير أن مسودة مشروع المرسوم بشأن تطبيق القانون الجديد تتضمن إجراءات مختلفة تهدف إلى تسهيل اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات (أمر بالإلتقاء بوسيط ( .C. pr. civ., nouv 131-1 .art)، دفع السلفة مباشرة إلى الوسيط، تصحيح للتذكير بأنه لا يعود إلى الوسيط أن يصيغ الإتفاق – لا نعرف لماذا... -، الإمكانية الممنوحة لمحكمة التمييز أن تأمر بالوساطة، إلخ.) وإلى وضع الصيغة التنفيذية، من قلم المحكمة، على عقد المحكم الذي يثبت إتفاقاً ناجماً عن وسيلة بديلة لحل النزاعات . كل هذا واعد ومن المثير للإهتمام مراقبة ما سيجري في المستقبل .
(1) Bibliographie: Général: St. Balthasar, International Commercial Arbitration. International Conventions, Country Reports and Comparative Analysis. A Handbook, Beck Hart Nomos, 2° éd., 2021; M. V. Benedettelli, International Arbitration in Italy, Wolters Kluwer, 2021; S. Bollée, Les pouvoirs inhérents des arbitres internationaux, Rec. des cours de La Haye, t. 418, 2021; G. B. Born, International Arbitration and Forum Selection Agreements, Drafting and Enforcing, Kluwer Law International, 6 éd., 2021; L. Chedli, L'efficacité de l'arbitrage commercial international, Recueil des cours de l'Académie de droit international de La Haye, vol. 400, 2019; T. Clay, Code de l'arbitrage commenté. Préface de L. Cadiet, LexisNexis, 2° éd. avec M. de Fontmichel, 2021; J. El-Ahdab et D. Mainguy, Droit de l'arbitrage. Théorie et pratique, LexisNexis, coll. Manuels, 2021; F. Ferrari et F. Rosenfeld (dir.), Autonomous Versus Domestic Concepts under NY Convention, Wolters Kluwer, 2021; F. Ferrari et F. Rosenfeld, International Commercial Arbitration. A Comparative Introduction, with J. Fellas. Edward Elgar, 2021; S. Guinchard (dir.), Droit et pratique de la procédure civile. Droit interne et européen, Dalloz, coll. Dalloz Action, 10 éd., 2021; C. Imhoos, E. Schäfer et H. Verbist, L'arbitrage de la CCI en pratique, Bruylant, 2021; G. Kenfack Douajni (dir.), L'État africain dans l'arbitrage international, Puppa éd., coll. Droit OHADA et droits communautaires africains, 2020; M. Poyet, Procédure administrative et modes amiables de résolution des différends, LGDJ, coll. CRFPA, 2021; J.-P. Tricoit, Le guide pratique du règlement amiable conventionnel. Panorama des modes amiables de règlement des différends, Gualino, coll. Guides Pro, 1re éd., 2020; M. J. Vital Kodo, Arbitration in Africa under OHADA Rules. Wolters Kluwer, 1 éd., 2020. Mélanges: Arbitrato, Contratti e diritto del commercio internazionale. Arbitration, Contracts and International Trade Law. Studi in onore di Giorgio Bernini, Giuffrè, 2021. Thèses: P. Capelle, L'arbitrage collectif, th. de l'Université Paris-Saclay, ss la dir. de T. Clay, dactyl., soutenue le 8 janv. 2021; P. Coleman, Contrats publics et arbitrage d'investissements, préf. de R. Noguellou, LGDJ, coll. Bibl. dr. public, t. 321, 2021; O. Gb. C. Dagbedji, Arbitrage OHADA et prérogatives de puissance publique nationales, préf. de E. Treppoz, Éditions de l'Institut francophone pour la Justice et la Démocratie, t. 188, 2021; T. Ezzat, De l'arbitrage dans les contrats maritimes, étude comparée entre la France, l'Égypte et l'Angleterre, th. de l'Université Paris I, ss la dir. de P. Delebecque, dactyl., soutenue le 1er déc. 2021; L. Jandard, La relation entre l'arbitre et les parties. Critique du contrat d'arbitre, préf. de F.-X. Train, LGDJ, coll. Bibl. dr. privé, t. 612, 2021; C. Legendre, La coordination du mouvement sportif international et des ordres juridiques étatiques et supra-étatiques, préf. de S. Bollée, LGDJ, coll. Bibl. dr. privé, t. 608, 2021; M. Moreau-Cucchi, La responsabilité civile de l'arbitre, th. de l'Université Paris-Saclay, ss la dir. de C. Seraglini, dactyl., soutenue le 30 nov. 2021; S. Partida, La convention d'arbitrage dans le droit des nouvelles puissances économiques, préf. de C. Jarrosson, avant-propos d'E. Gaillard, Bruylant, coll. Arbitrage, 2021; H. Ranjbari, L'intervention du juge étatique dans l'arbitrage; une approche de droit comparé, th. de l'Université de Paris, ss la dir. de O. Boskovic, dacylt., soutenue le 13 déc. 2021; A. Senegacnik, La critique de l'interprétation des traités de protection des investissements étrangers: la volte-face de l'Arlequin, th. SciencesPo Paris, ss la dir. de D. Fernández-Arroyo et E. Gaillard, dactyl., soutenue le 9 déc. 2019.