ويقصد بالنطاق المكاني لاختصاص المحكم: الرقعة من الأرض التي يتولى فيها شخص مهمة التحكيم.
وكان المحكم على الدوام أحد أفراد القبيلة أو العشيرة، وكان لكل قبيلة عند العرب قبل الإسلام محكما يتم التحاكم إليه ليقوم بالفصل في الخصومات التي قد تحدث في القبيلة ، و لم يمنع ذلك من أن يتم اللجوء إلي حكم من قبيلة أخرى ممن اشتهروا بين القبائل بصفات وخصال حميدة، كالذكاء والدهاء وسرعة البديهة والشرف والصدق والأمانة، ولديه المعرفة الكاملة بأنساب القبائل وأعرافهم وتقاليدهم وعاداتهم وأحلافهم، وتواريخ خصوماتهم فتلك الصفات تؤهله تولي منصب المحكم، وإذا كان الخصمان من قبيلتين مختلفتين فقد جرت العادة على اختيار حكم من قبيلة ثالثة، ليقوم بالفصل في الخصومة، ويجوز أن يكون محل إقامة ذلك المحكم تبعد مسافات كبيرة عن قبيلتي الخصمين اللذين اختاراه ليقوم بالفصل في خصومتهما، ومن الروايات الدالة على تلك الحالات: ماروي من أن عبد المطلب بن هاشم، وهو من أهل مكة، كان له ماء بالطائف وكان في أيدي ثقيف بالطائف لفترة من الزمن، ثم طلبه منهم فأبوا عليه، فتنافر هو وسيد قبيلة ثقيف الذي يسكن بالطائف إلي كاهن يقطن بقبيلة عذرة ببلاد الشام، وقد قيل عن أكثم بن صيفي أنه كان قاضي العرب يومئذ، كذلك قيل عن الأفعى الجر همي الذي يعتبر من أشهر الحكام عند العرب قبل الإسلام، ويتم اللجوء إليه من المتخاصمين من كل القبائل العربية المختلفة، والبعيدة عن مكان إقامته بنجران، وكذلك قيل عن عامر بن الظرب العدواني أنه كان من حكماء العرب، لا تعدل بفهمه فهما ولا بحكمه حكما.