الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / متى يكون التحكيم دولياً / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر فكرة النظام العام على حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية / متي يكون التحكيم دولياً

  • الاسم

    عبدالرزاق هاني عبدالرزاق المحتسب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    591
  • رقم الصفحة

    123

التفاصيل طباعة نسخ

المعيار القانوني

  وفقاً لهذا المعيار يعتبر التحكيم دوليا اذا تضمن أكثر من نظام قانوني في إجراءات التحكيم، سواء في مجال عقد التحكيم او تنفيذ حكم التحكيم، مكان التحكيم، جنسية المتنازعين، او في القانون الواجب التطبيق، بمعنى اشتراك أكثر من نظام قانوني في القضية التحكيمية الواحد. ولا يعتمد هذا المعيار على ارتباط موضوع النزاع بالتجارة الدولية"، وإنما على مدى اتصال عناصر الحكم التحكيمي بالنظم القانونية المختلفة، فإذا كانت جميع عناصر التحكيم تتصل بدولة معينة كان التحكيم داخليا، أما اذا اتصلت عناصر التحكيم بأكثر من دولة كان التحكيم دولياً.

المعيار المختلط او المزدوج

    ساهم المعيار الاقتصادي والقانوني في تحديد نوعية التحكيم واعتباره داخليا أو دوليا، ونصت على هذه المعايير اتفاقيات دولية وبعض القوانين الوطنية، ولكن المتتبع للاتفاقيات الدولية يجد توجه لدى بعض هذه الاتفاقيات الى اعتماد المعيار المزدوج لاعتبار التحكيم دوليا، بمعنى ضرورة أن تتعلق القضية التحكيمية بالتجارة الدولية بالاضافة الى خضوعها لأكثر من نظام قانوني يحكم عناصر التحكيم..

   حيث أن نصوص هذه الاتفاقيات تشترط لتوافر الصفة الدولية للتحكيم شرطين: أحدهما أن يكون موضوع التحكيم متعلق في عمليات التجارة الدولية. وثانيهما: ارتباط أطراف النزاع بأكثر من دولة متعاقدة. .

   هذه المعايير الثلاثة التي يمكننا من خلالها وصف التحكيم بأنه تحكيم دولي، وهي محل إجماع عند الفقهاء والنصوص التشريعية، صحيح أن هناك  خلافات فقهية حول هذه المعايير الا ان الفقهاء لا يخرجون عن هذه المعايير لتحديد اذا كان التحكيم داخلياً أم دولياً.

موقف التشريعات المقارنة من معيار دولية التحكيم

  أعتبر التشريع الفرنسي ان معيار دوليـة التحكيم هو ارتباط العقـد بمصالح التجارة الدولية، ويقى مستقر على ذلك، حتى تعديل قانون الإجراءات المدنية في العام 1981 فقنن المشرع هذا الاتجاه حيث نصت المادة ١٤٩٢ منه على انه يعد التحكيم الذي يتصل بمصالح التجارة الدولية تحكيما دوليا" وأكد على ذلك المشرع الفرنسي في المادة 1504 من قانون الاجراءات المدنية المعدل رقم 48 بسنه ٢٠٠١ الصادر في 13 يناير ۲۰۱۱.

   ويتضح أن المشرع الفرنسي قد جعل المعيار لاعتبار التحكيم دوليا هو محل الخصومة ذاتها، أو بمعنى آخر فأن التحكيم يعتبر دولياً اذا كان النزاع المشار أمام المحكمين يتصل بمصالح التجارة الدولية، وكون هذه الاتجاه التشريعي جاء نتيجة لما استقر عليه القضاء الفرنسي، فان الاخير لم يجد صعوبة في تطبيق هذا المعيار في الحالات التي تعرض عليه.

   اما المشرع المصري فقد أورد نص المادة الثالثة من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ لتحديد المعيار المنبع لاعتبار التحكيم دولياً حيث احتوى النص على " يكون التحكيم دوليا في حكم هذا القانون إذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية وذلك في الأحوال الآتية: أولا: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال فالعبرة بالمركز الأكثر ارتباطا بموضوع اتفاق التحيكم، إذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم مركز أعمــــال فـالعبرة بمحـل إقامــه المعتـاد.

ثانياً: إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.

 ثالثا: إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة.

 رابعاً: إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولة وقت إبرام اتفاق التحكيم وكان أحد الأماكن التالية واقعاً خارج هذه الدولة.

 أ) مكان إجراء التحكيم كما عينه اتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه

ب) مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين.

ج) المكان الأكثر ارتباطا بموضوع النزاع.

    ويتضح من هذا النص أن المشرع الصري قد أخذ بالمعيار المزدوج لاعتبار التحكيم دولياً حيث أنه جمع بين المعيار الاقتصادي الوارد في متن المادة، ثم أنه اشترط حالات معينة لاعتبار التحكيم دولياً وهذا يمثل المعيار القانوني، بحيث لا يكفى أحدهما دون الآخر للقول بدولية التحكيم .

  اما بالنسبة للمشرع الإردني فلم يتضمن قانون التحكيم الأردني رقم (31) لسنة ٢٠٠١ اي مادة تشير الى تعريق المشرع بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، وأنما أشار في المادة الثالثة من القانون على سريان قانون التحكيم الأردني على أي اتفاق تحكيمي بحرى في الاردن او على اي تحكيم يتم الاتفاق على إخضاعة للقانون الأردني حيث نصت المادة (3) منه على " أ. مع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية النافذة في المملكة تسري احكام هذا القانون على كل تحكيم اتفاقي، يكون مقره في المملكة وعلى كل تحكيم يتم الاتفاق على اخضاعه لهذا القانون، سواء تعلق بنزاع مدني او تجاري بين أطراف أشخاص القانون العام أو القانون الخاص وأيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، عقدية أو غير عقديه. ب. يراعي في تفسير احكام هذا القانون القواعد والمبادئ القانونية المطبقة في التحكيم الدولي ويعقد في الأحوال جميعها بالأعراف التجارية الدولية

    ويلاحظ ان المشرع الأردني لم يتطرق للتفرقة بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي مكتفياً بالاحالة الى الأعراف التجارية الدولية والمبادئ العامة في التحكيم الدولي لغايات تفسير هذا القانون حيث أورد في الفقرة (ب) من المادة (3) " تراعي في تفسير أحكام هذا القانون القواعد والمبادئ القانونية المطبقة في التحكيم الدولي ويعنـد فـي الأحوال جميعها بالأعراف التجارية الدولية " وبالتالي ترك المشرع الاردني أمر تحديد التحكيم اذا كان داخليا أو دوليا للرأي الراجح في هذا المجال اعتماد على الأعراف الدولية والميادي القانونية المطبقة في التحكيم الدولي.

   الا أن المشرع الأردني قد حدد سريان أحكام القانون بحيث تسري أحكام هذا القانون على أي تحكيم يجرى في المملكة الاردنية الهاشمية أو يتفق الاطراف على تطبيق قانون التحكيم الأردني على النزاع القائم، مما يعني ان المشرع قد أخذ بالمعيار المكاني ومعيار القانون الواجب التطبيق لاعتبار التحكيم داخليا أو اجنبيا، وعليه يكون التحكيم أجنبياً اذا تم خارج الاردن ولم يتفق الاطراف على إخضاعة للقانون الاردني، كما أن المشرع الاردني لم يفرق بين القضايا التجارية والقضايا المدنية في اعتبار التحكيم داخلياً أو أجنبياً، كما فعل المشرع المصري الذي اشترط ان يكون التحكيم الذي يجرى خارج مصر تحكيما تجاريا دوليا.

وعليه يكون التحكيم وطنيا أو دوليا اعتماداً على مكان حدوث اجراءات التحكيم وصدور الحكم فيه، وفي حال حدوث التحكيم في الاردن يكون التحكيم أما داخلياً أو دولياً بناءاً على المعيار المرجح للتفرقة بينهما، وإذا حدث التحكيم خارج الاردن ولم يتفق اطرافه على اخضاعة للقانون الاردني وصف التحكيم بأنه أجنبي، ويتم تطبيق القانون رقم 8 لسنة ١٩٥٢ والخاص بتنفيذ الأحكام الاجنبية الذي عاملت المادة الثانية منه ان احكام التحكيم الأجنبية معاملة أحكام القضاء لغايات تنفيذها في الاردن، شريطة عدم الاخلال بالاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الاردن وفي مقدمتها اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية للعام 1958.

    ولا بد من الإشارة هنا إلى أهمية التفرقة بين التحكيم الدولي والتحكيم الداخلي في الأردن، حيث ان تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية تخضع لـذات القواعد التي تخضع لها أحكام المحكمين اما تنفيذ الاحكام الأجنبية فتخضع لقواعد تنفيذ الحكم الأجنبي، وكذلك من ناحية النظام العام حيث انه في التحكيم الداخلي تتقيد هيئة التحكيم بالنظام العام الداخلي، اما في التحكيم الدولي لا تتقيد هيئة التحكيم الا بالقواعد المتفق عليها دوليا.