لم يعرف الرومان نظام التحكيم الدولي كما كان الأمر عند اليونان القديم، فقد كانت روما من البلاد التي تسعى نحو تكوين إمبراطورية كبيرة، لذلك فإن أمر خضوعها للتحكيم غير مقبول في ثقافة الرومان أنفسهم، وإن كانت روما تقبل في أواخر تاریخها أن تلجأ في بعض الأحيان إلى إحالة ما قد ينشأ من نزاع بينها وبين مدينة أو بلد آخر إلى طرف ثالث، وهذا الأخير قد يكون لجنة خاصة شكلت لهذا الغرض أو مدينة ثالثة ومحايدة، لكن يمكن القول في النهاية إنه كان أمرا نادر الحدوث.
هذه نبذة بسيطة عن تاريخ التحكيم في الحضارات القديمة، تظهر لنا أن التحكيم كان نظاماً قديماً، بل إنه كان معروفاً لدى الجماعات قبل نشأة نظام المدينة أو الدولة، لكنه من الأنظمة القانونية والقضائية المتطورة التي تتطور مع الوقت لتحقيق مصالح معينة، فكان في البداية يتم في المنازعات التي كانت تنشأ بين الأفراد، ثم بين الشركات وبعضها البعض، ثم أصبح يمتد التحكيم إلى العقود الإدارية وغيرها التي تكون الدولة أو أحد الأشخاص العامة طرفا فيها.
