ولكن لكي يحقق نظام التحكيم الهدف المنشود منه لابد أولا أن يتم إزالة ما به من أتربة مع طول الزمن وذلك بإعادة تنظيمه وتاسيسه من جديد وتوجية بصره نحو التجارة بصفة عامة و التجارة الدولية بصفة خاصة، وذلك عن طريق ابرام الاتفاقيات ووضع القوانين والقواعد الدولية التي تعد النواة الأساسية في بناء هذا النظام، ويكون نبراسا تهتدي به التشريعات الوطنية حال الخاصة بشئون التحكيم.
واستجابة لذلك فقد تم إبرام اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية عام ۱۹۰۸، وأيضا تم إصدار القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر عن لجنة الأمم المتحدة في يونيو ۱۹۸۰، والذي أخذت به العديد من القوانين الوطنية مثل قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹ .وهذا الأتجاة من جانب المشرع المصري جاء متوافقا مع السياسة التشريعية التي إتبعتها العديد من الدول والتي استرشدت بقواعد اليونسيترال في اصدار تشريعاتها الوطنية الخاصة بالتحكيم مما يؤدي في النهاية إلى إيجاد حالة من التوافق والتناسق في قواعد التحكيم علي المستوي الدولي").
وهكذا فقد أصبح نجم نظام التحكيم يسطع من جديد بعد هذه الفترة الزمنية الطويلة في سماء المجال التجاري وخاصة التجارة الدولية، كأحد أهم وسائل حسم المنازعات البديلة لهذه التجارة Alternative Dispute Resolution والتي يرمز لها اختصارا A.D.R.
ماهية التحكيم الإلكتروني :
بالرغم من أنه يبدو لنا من الوهلة الأولى أن التحكيم الإلكتروني قد ظهر حديثة ككيان قائم بذاته دون أية مقدمات وأنه يقف جنبا إلى جنب مع التحكيم التقليدي، إلا أنه بإمعان النظر في هذا النظام نجد أن نظام التحكيم الإلكتروني هو التطور الطبيعي لنظام التحكيم التقليدي، حيث أنه مع ظهور وسائل الاتصال الحديثة وتحول كافة المجالات التي تتم بالطرق التقليدية إلى استخدام وسائل الاتصال الحديثة خلال تعاملاتها فقد كان يتعين على التحكيم التقليدي الذي يتولى حسم منازعات هذه المجالات ألا يقف مكتوف الأيدي أمام هذا التطور وينظر إليه من بعيد، لهذا فقد سار على ذات النهج باستخدامه لهذه الوسائل الحديثة في حسم المنازعات، وبذلك ظهر في صورته الحديثة التي تتجسد في نظام التحكيم الإلكتروني، ويرجع هذا التطور إلى أن نظام التحكيم لا يستطيع أن يقوم بحسم منازعات وهو لا يعلم عنها ثمة أمر، لذلك كان يجب عليه أن يخترق هذا المجال وبسرعة حتى يستطيع أن يكون كفئا لمواجهة أية منازعات في هذا المجال.
التحكيم بصفة عامة سواء كان تقليدية أو إلكترونية هو عبارة عن وسيلة يلجأ إليها الأطراف لحسم المنازعات القائمة بينهم أو التي سوف تنشأ بينهم مستقبلا بعيدا عن ساحات القضاء.