الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الدولي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد18 / مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية والتحكيم عبر الدولي (transnational): إمتداد مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية الى التحكيمات القائمة بين دول أو منظمات دولية وأشخاص من القانون الخاص

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد18
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    27

التفاصيل طباعة نسخ

ملخص:

    تشهد مبادئ المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص اليونيدروا، المعدة أساساً لعقود التجارة الدولية، اليوم امتداداً ملحوظاً الى العلاقات عبر الدولية. نظراً الى حياد وعالمية وجودة هذه المبادئ، فقد لقيت ترحيبا من قبل المحكمين والأطراف في التحكيمات القائمة بين أشخاص من القانون الخاص من جهة ودول أو منظمات دولية من جهة أخرى. يحدد الكاتب في هذا المقال الإشارات الواردة في الإجتهاد التحكيمي عبر الدولي الى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية ويحلل أسس تطبيقها. ويدرس التحكيم عبر الدولي التقليدي المبني على بنود تحكيمية كلاسيكية والتحكيم عبر الدولي المعروض من جهة واحدة والناتج عن قبول الشخص التابع للقانون الخاص العرض تحكيم صادر عن دولة أو عن منظمة دولية.

1- يمكن أن نعرف التحكيم عبر الدولي أو التحكيم المختلط كأي تحكيم قائم بين أشخاص من القانون العام وأشخاص أجانب من القانون الخاصة. يكون الطرف التابع للقانون العام غالباً دولة (أو كيان تابع للدولة: اقليم أو شركة تابعة للدولة) لكن يمكن أن تكون أيضاً منظمة دولية. اما الأطراف التابعين للقانون الخاص هم في أغلب الأحيان مؤسسات ولكن يمكن ان يكونوا أشخاصاً طبيعيين عاديين.

2-كان ذلك التحكيم حتى بداية التسعينيات تحكيماً تعاقدياً بحثاً، أي خاضعاً لوجود بند تحكيمي غالباً ما يكون موجوداً في عقد دولة مبرم بين الشخص التابع للقانون العام والشخص التابع للقانون الخاص (بند تحكيمي ونادراً اتفاق تحكيم). ولكن بتاريخ 27 يونيو 1990، في قضية APPL ضد سريلانكا، أقرت محكمة تحكيمية للمرة الأولى بأنه من الممكن أن يستند شخص من أشخاص القانون الخاص الى معاهدة دولية تتعلق بحماية الإستثمارات للقيام بدعوى تحكيمية ضد دولة ما في ظل غياب بند أو اتفاق تحكيمي .

    قبل عامين من صدور القرار التحكيمي التاريخي في قضية AAPL، أي بتاريخ 14 أبريل 1988 في قضية SPP ضد مصر، اعتبرت محكمة تحكيمية أخرى نفسها مختصة للفصل في النزاع القائم بين شركة SPP ومصر على أساس القانون المصري المتعلق بالإستثمارات فقط والذي يحيل الى التحكيم". 

    أقرت هاتين المحكمتين أيضاً بأن الرضا على التحكيم القائم بين دول وأشخاص تابعين للقانون الخاص من الممكن أن يكون مفككاً. تعرب الدولة عن موافقتها النظرية على التحكيم بموجب نص قانوني داخلي (قانون داخلي) أو دولي (معاهدة دولية) ويقبل الشخص التابع للقانون الخاص هذا "العرض العام باللجوء الى التحكيم" عند تقديم طلبه التحكيمي. إن نشوء هذا النوع من التحكيم الذي تمت الموافقة عليه من جانب الدولة فقط هو أهم ابتكار عرفه قانون التحكيم في نهاية القرن الماضي. لقد بات من الممكن المباشرة بإجراءات تحكيمية في ظل غياب بند تحكيمي بين الأطراف وذلك على أساس معاهدة دولية أو قانون وطني حول الإستثمار. تطور هذا النوع من التحكيم بشكل سريع. وتصنف هذه الظاهرة بـ "التحكيم عبر الدولي المعروض من جهة واحدة" لأن الإجراءات التحكيمية لا يمكن المباشرة بها إلا من قبل الشخص التابع للقانون الخاص، دون الشخص التابع للقانون العام". 

3- بالاضافة الى التحكيم بين الدول واشخاص القانون الخاص نلمح تطوراً للتحكيم بين الأشخاص التابعين للقانون الخاص والمنظمات الدولية. يعود ذلك لأن للأشخاص التابعين للقانون الخاص الكثير من العلاقات مع المنظمات الدولية التي من شأنها أن تؤدي الى نشوء نزاع تحكيمي. في أغلب الأوقات يتمحور النزاع حول العقود. لهذا السبب، تتضمن العديد من العقود المبرمة بين المنظمات الدولية والأشخاص التابعين للقانون الخاص بنوداً تحكيمية. غير أن موضوع النزاع المذكور يمكن أن يتعلق أحياناً بمشكلة حول المسؤولية التقصيرية في هذا السياق. ما من شيء يمنع المنظمة الدولية وشريكها التابع للقانون الخاص من توقيع اتفاق تحكيم لحل نزاعات غير تعاقدية". نلاحظ كذلك بأن بعض إتفاقات المقر، وهي معاهدات مبرمة بين منظمة دولية والدولة التي تستضيف المقر الرئيسي لتلك المنظمة، تتناول أحياناً حل النزاعات عبر الدولية وتفرض إدراج بند تحكيمي في عقود القانون الخاص، المبرمة بين المنظمة الدولية والطرف التابع للقانون الخاص. وعليه، تنص المادة 24 من اتفاق المقر المبرم بين منظمة الكاكاو الدولية (IOC) والمملكة المتحدة على أنه "عندما تبرم المنظمة عقوداً (غير تلك المبرمة طبقا لأحكام النظام الأساسي للموظفين) مع “ شخص مقيم في المملكة المتحدة أو شركة مؤسسة أو مركزها الرئيسي في المملكة المتحدة،يتم إدراج بند تحكيمي في العقد يمكن بموجبه إخضاع أي خلاف قد ينشأ عن تفسير أو تنفيذ ذلك العقد الى التحكيم الخاص وذلك عند طلب أي من الفريقين". نجد أيضاً أحكاماً مماثلة في الإتفاق المعقود بين فرنسا ووكالة التعاون الثقافي والتقني (ACCT) الخاص بالمركز الرئيسي للوكالة وبامتيازاتها وحصاناتها على الأراضي الفرنسية وفي الإتفاق المعقود بين فرنسا والمنظمة الدولية للطيران المدني (OACI).

 ونشير أيضاً بأن بعض معاهدات المقر، كالمعاهدات والقوانين الوطنية المتعلقة بالإستثمار، تتيح أحياناً للأطراف التابعين للقانون الخاص إمكانية المباشرة بتحكيم خارج نطاق بند تحكيمي واتفاق تحكيمي مكرسة بذلك نوع من التحكيم المعروض عن جهة واحدة في العلاقات بين المنظمة الدولية والشخص التابع للقانون الخاص. وعليه، في معاهدة المقر الثنائية المبرمة بين الولايات المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية (OAS)، تتضمن في المادة VIII موافقة الـ OAS على تسوية المطالبات المقدمة من الأفراد من قبل محكمة تحكيمية، والتي تنشأ عن نزاعات تعاقدية أو غير تعاقدية وتظهر ترابطاً جغرافياً وثيقاً مع دولة المقر وتكون مشمولة بالحصانة القضائية بموجب القانون الأمريكي 12. تميز المادة VII، اساساً بحسب قيمة النزاع، بين المطالبات الصغيرة وغيرها من المطالبات. إن المطالبات الصغيرة ( small claims)، التي تقل قيمتها عن ألفي دولار أمريكي يتم إخضاعها للإجراءات المذكورة في الملحق C من هذه المعاهدة وذلك عند غياب أي إتفاق بين الأطراف. هذه الإجراءات هي مبتكرة. اذ يتم فصل النزاع من قبل محكم وحيد تختاره الجهة المدعية من بين قائمة محددة سلفاً من قبل المنظمة. وتشمل الاجراءات مرحلة شفهية مبسطة، يجب ان يصدر المحكم قراره في خلال العشرة أيام التي تلي الجلسة. بالنسبة للمطالبات الأخرى، عند عدم وجود أي إتفاق بين فرقاء النزاع حول وسيلة حل مناسبة، يتم الفصل بها وفق خيار منظمة OAS، إما بموجب قواعد الإجراءات التابعة لمؤسسة التحكيم الأمريكية (AAA) أو اللجنة الإنتر-أميركية للتحكيم التجاري

  4.  السؤال الذي يطرح هنا يكمن في معرفة ما إذا كان في هذه التحكيمات عبر الدولية التي تضم دولاً أو منظمات دولية مكاناً لتطبيق القانون التعاقدي الموحد. إلى أي حد يمكن للأطراف في هذه التحكيمات اختيار مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية؟

هل يجوز للمحكم الذي يفصل في نزاع قائم بين دولة أو منظمة دولية وشخص تابع للقانون الخاص الرجوع الى هذه المبادئ الموحدة؟ 

5-  تذكر هنا بأن مبادئ اليونيدروا المتعلقة بعقود التجارة الدولية تم إعدادها من قبل المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص. والمعهد الدولي عبارة عن منظمة دولية حكومية أنشئت عام 1926 كعضو مساعد لعصبة الأمم (SDN). وقد أعيد فيما بعد تشكيل المعهد بموجب إتفاق متعدد الأطراف بعد حل عصبة الأمم. يقع مركز المنظمة الرئيسي في روما وتعمل لتوحيد القانون الخاص للدول عبر تسهيل اعتماد القواعد الموحدة. تهدف مبادئ اليونيدروا لتنظيم عقود التجارة الدولية. خلافا للنصوص الأخرى الذي أعدها المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص ولا تشكل هذه المبادئ معاهدة يتم اقتراحها على الدول لكي تصدق عليها. بل يتعلق الأمر بتقنين فقهي، كمبادئ القانون الأوروبي للعقود .

6. إن تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية شائع في التحكيمات القائمة بين الأشخاص التابعين للقانون الخاص . لكن هذه المبادئ تطبق أيضاً في النزاعات   التحكيمية عبر الدولية.

لم يتوقع محررو النسخة الأولى لهذه المبادئ عام 1994 حصول هذا التطبيق. لكن التطبيق المذكور يستند الآن الى النطاق الواسع الذي خصص للمبادئ منذ تنقيحها عام 2004. ذلك أنه عندما حصلت عملية التنقيح، أضيف الى التعليق تحديداً يتم بموجبه فهم "مفهوم عقد التجارة" بمعناه الأشمل ليضم ليس فقط العمليات التجارية للتزود بالحاجيات أو تبادل السلع أو الخدمات، ولكن أيضاً أنواع أخرى من العمليات الإقتصادية كعقود الإستثمار و/أو الإمتياز، عقود الخدمات المهنية، إلخ." إن عقود الإستثمار و/أو الإمتياز هذه غالباً ما يتم إبرامها بين أشخاص تابعين للقانون الخاص وأشخاص من القانون العام. وتم الإبقاء على هذا التحديد في النسخة الجديدة لعام 2010 .

7- لمعرفة أهمية هذه المبادئ في النزاعات التحكيمية عبر الدولية، نميز بين التحكيم عبر الدولي التقليدي المبني على بنود تحكيمية كلاسيكية والتحكيم عبر الدولي المعروض من جهة واحدة، الناتج عن قبول الشخص التابع للقانون الخاص لعرض

تحكيم صادر عن القطاع العام .

 

1- التحكيم عبر الدولي التقليدي:

   8- أثيرت مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية في تحكيمات تقليدية تتعلق بالدول (A) كما وفي تحكيمات تتعلق بمنظمات دولية (B). 

A- التحكيمات التي تتعلق بالدول:

   9- في عقود الدولة (State Contract)، نادراً ما يتم اختيار مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية بشكل صريح من قبل الفرقاء. في أغلب الأوقات يقرر المحكمون تطبيق المبادئ المذكورة، سواء عندما يحدد الفرقاء قانوناً واجب التطبيق مستندين الى صياغات عامة ، وأحياناً عندما يختار الفرقاء قانوناً واجب التطبيق ، وأخيراً حال عدم وجود أي خيار من قبل الأطراف . 

1- تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية عند اختيار صياغات عامة:

 10- إن التجسيد الأكثر دلالة لتطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية على عقود الدولة هو القرار الجزئي الصادر عن محكمة التجارة الدولية ICC في القضية رقم 7110 عام 1995، القائمة بين وزارة الدفاع الإيرانية والشركة البريطانية BAE. يتعلق موضوع القضية بعقود ذات صلة بتزويد وتعديل وصيانة أنظمة مضادة للصواريخ تم إلغاؤها من جهة إيران بعد الثورة. تتضمن بعض هذه العقود بنود اختيار القانون الواجب التطبيق بالرجوع الى "العدالة الطبيعية" "natural justice"، "قوانین العدالة الطبيعية" "Laws of natural justice" أو "قواعد العدالة الطبيعية" " rules of ."natural justice 

صنفت المحكمة التحكيمية تلك العقود كعقود دولة مفسرة ما المقصود بذلك. بالنسبة لها، يتعلق الأمر بنوع من العقود ذات صفات معينة من بينها: "(i) لا ينبغي أن يسمح للدولة الطرف في العقد أن تستخدم سلطاتها التشريعية خارج إطار المصلحة العامة من أجل تحسين وضعها القانوني أو التملص من مسؤوليتها التعاقدية (...) (ii) يجوز للفرقاء صراحة أو ضمناً استبعاد تطبيق القانون الوطني على عقود الدولة بهدف عدم إخضاعها للأنظمة القانونية الوطنية وإخضاعها لقواعد قانونية عبر دولية (...) (iii) يجب أن يحترم القانون الواجب التطبيق "التوازن العقدي" الملموس بين الفرقاء على النحو المتفق عليه وقت إبرام العقد(...) (iv) عدم ارتباط العملية التحكيمية وقانون المحكمة التحكيمية بشكل عام (...) بقانون مكان التحكيم (...) (v) اختيار التحكيم التجاري الدولي بالنسبة لعقود الدولة له تأثير على القانون الوضعي المطبق على موضوع النزاع".

أكدت المحكمة، بأغلبية أعضائها، بأن الفرقاء والمحكمين كان لديهم حرية واسعة لاستبعاد تطبيق القانون الوطني في هذا النوع من العقود والبحث عن قانون مطبق يكون حيادياً. ولاحظت المحكمة بأن تاريخ المفاوضات التعاقدية يظهر بأن كل طرف لم يقبل بقانون الفريق الآخر، ولا بقانون دولة ثالثة وإصرارهما على أن حياد القانون المطبق هي "عنصر أساسي" في عقود الدولة، اعتماداً على هذه الاستنتاجات، قررت المحكمة التحكيمية بأن الصياغات المتعلقة بالخيار المنصوص عنها في هذه العقود يجب أن يؤدي الى تطبيق "قواعد أو مبادئ لا تنتمي حصريا الى نظام قانوني وطني معين" بل، وفق المحكمة ذاتها، إلى "قواعد ومبادئ عامة من القانون فيما يتعلق بالموجبات التعاقدية الدولية التي تتمتع بإجماع دولي كبير" .

اعتبر القرار التحكيمي بأن هذه القواعد والمبادئ هي في الأساس انعكاس لمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. يفسر هذا الموقف بأسباب عديدة، نذكر من بينها، وفق المحكمين، أن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية هي إعادة صياغة لمبادئ قانونية دولية مطبقة على عقود التجارة الدولية قام بها مجموعة من خبراء عالميين متميزين ومنحدرين من كافة الأنظمة القانونية المهيمنة في العالم، دون تدخل الدول أو الحكومات، مما يؤدي الى جودة عالية لهذا النتاج وإلى حياده وإلى قدرته على ترجمة إجماع معين. استنتجت المحكمة التحكيمية أيضاً بأن هذه المبادئ هي مستوحاة من إتفاقية فيينا حول البيع الدولي، وهي نص لقانون موحد يحظى باعتراف واسع النطاق. ولاحظت المحكمة أخيراً بأن هذه المبادئ تشكل "قانوناً أفضل"، "بدلاً من كونها مبادئ مبهمة أو قواعد عامة، إن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية هي بالنسبة للبعض مؤلفة من قواعد معلنة بوضوح ومحددة، منظمة بطريقة متماسكة 23 وبشكل منهجي".

 في الأصل، استندت المحكمة التحكيمية إلى المادة (3)7.4.3 لكي تبرر سلطتها التقديرية فيما يتعلق بتقييم الضرر. في قرار تحكيمي جزئي صادر في إطار هذه القضية، نظرت المحكمة فيما إذا كانت إحدى مطالبات الوزارة الإيرانية يجب أن تردّ بسبب مرور الزمن. أشارت إلى أن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لعام 1994 لم تتناول مسألة مرور الزمن. مستندة إلى مبدأ حسن النية الوارد في المادة 1.7، سلمت المحكمة بوجود مبدأ عام في القانون حول مرور الزمن بالنسبة للمطالبات المقدمة بعد مرور مهلة غير معقولة. إلا أن المحكمة التحكيمية قررت بأن مرور إحد عشر عاماً في الحالة هذه، لم يكن غير معقول. 

أعرب المحكم المعارض عن عدم موافقته مشيراً إلى أنه لم يكن بإمكان الفرقاء التطلع إلى تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. اذ لم تكن هذه المبادئ موجودة

وقت إبرام هذه العقود. 

لم ترض شركة BAE عن هذا القرار، وتقدمت بطعن بالإبطال أمام المحاكم في لاهاي، محاكم مكان التحكيم. اعتبرت الشركة أنه بإثارة المادة 7.4.3، تجاوزت المحكمة التحكيمية حدود مهمتها. وأضافت بأن المادة 10.2 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لعام 2004 تحدد مدة مرور الزمن بعشر سنوات. ردت محكمة Rechtbank's-Gravenhage في لاهاي هذه الأسباب وصدقت القرارات.

 11- في قضية أخرى، قضية cubic، القائمة بين وزارة الدفاع الإيرانيـة والشركة الأميركية Cubic Defense System Inc، لم تتردد محكمة تحكيمية أخرى لـدى غرفة التجارة الدولية في تفسير صيغة اختيار عامة على أنها تشير إلـى مـبـادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. يتمحور النزاع حول عقدي بيع وتركيـب مـعـذات عسكرية متطورة لصالح الجيش الإيراني. تم تنفيذ هذه العقـود حتـى قـيـام الـثـور الإسلامية وقد نشأ نزاع بين الطرفين. كان العقدين المذكورين خاضعين للقـانون الإيراني ولكن الفرقاء قرروا استكمال هذا القانون عبر تطبيق "مبادئ عامة من القانون الدولي وأعراف التجـارة" ( general principles of international law and“.(trade usages' 

في قرار صادر بتاريخ 15 مايو 1997، يتعلق بالقانون المطبق على اصل النزاع،اعتبر المحكمون أنه من أجل تحديد هذه "المبادئ العامة للقانون الدولي"، بإمكانهم أن يهتدوا بمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. وعليه، فقد أكدوا ما يلي بما أن في الطرفين قد اتفقا في نهاية الأمر حول التطبيق المكمل والإضافي للمبادئ العامة للقانون الدولي وأعراف التجارة، وسنداً للمادة (5)13 من قواعد غرفة التجارة الدولية ICC، يجب على المحكمة التحكيمية أيضاً، وبالقدر اللازم، أن تأخذ بعين الإعتبار مثل هذه المبادئ والأعراف. أما فيما يتعلق بمحتوى مثل هذه القواعد، فيجب على المحكمة التحكيمية أن تهتدي بمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، المنشورة عام 1994 من قبل المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص في روما".  

في الأصل، مستندة إلى المادة (4)6.2.3 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية المتعلقة بحالة العسر hardship، استنتجت المحكمة التحكيمية أنه تبعاً للأحداث الفوضوية التي سبقت وتلت الثورة الإيرانية، كان لكل فريق الحق في الطلب بشكل انفرادي فسخ العقد أو تعديله. اعتبرت المحكمة، إن مبدأ تعديل العقد وفق تغير الظروف، يشكل مبدأ عاماً من مبادئ القانون من الواجب تطبيقه حتى لو لم يكن معترفاً به في القانون الإيراني. من ناحية أخرى، طبقت المحكمة التحكيمية المواد 5.1 و5.2 حول الموجبات الضمنية، المادة 7.3.6 عقد تحديد التعويضات اللاحقة للثورة والمادة 7.4.9 حول تاریخ احتساب الفوائد. 

أيد القضاء الاميركي تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية عندما عارضت شركة Cubic تنفيذ القرار في الولايات المتحدة الأميركية. ادعت هذه الشركة، من بين جملة أمور، أنه عبر تطبيق هذه المبادئ، تجاوزت المحكمة التحكيمية أحكام البند التحكيمي، مما شكل حالة من رفض التنفيذ بمعنى المادة V (1)6 من اتفاقية نيويورك حول الإعتراف وتنفيذ القرارات التحكيمية. اعتبرت محكمة ولاية كاليفورنيا أن الرجوع إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لا يمكن أن تلام عليه المحكمة التحكيمية وأكدت المحكمة المذكورة أن "استناد المحكمة التحكيمية وتطبيقها لمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية إضافة إلى مبادئ حسن النية والتعامل العادل لا يخالف المادة V(1)6".

12- في القرار التحكيمي الصادر في القضية رقم 9474 في فبراير من العام 1999، طلبت الجهة المدعية وهي مصرف تابع للدولة، من المدعى عليه وهو صانع أوراق مالية، بعض الكميات من الأوراق النقدية. حصل تأخر في تسليم هذه الأوراق إضافة إلى أن بعض القطع لم تكن تستوفي متطلبات السلامة والجودة. تم عقد إتفاق بين الطرفين في العام 1993، تعهد بموجبه الصانع تقديم أوراق جيدة. يخضع هذا الإتفاق إلى "المعايير والقواعد العامة في العقود الدولية". ردت المحكمة التحكيمية تطبيق القانون الوطني لأحد الطرفين. وأكدت أنه "في النزاع الحاضر، لا يوفر قانون دولة المدعى عليه ولا قانون دولة الجهة المدعية قواعد وثيقة الصلة بالموضوع وواجبة التطبيق. ويؤكد ذلك مرة أخرى من واقع أن الأطراف لم يشيروا صراحة إلى أي من قوانينهم الداخلية". وقررت بأن "هناك وثائق أخرى حديثة تعبر عن المعايير والقواعد العامة للقانون التجاري، وبالأخص مبادئ قانون العقد الأوروبي ومبادئ اليونيدروا للعقود التجارية. على هذا الاساس استندت المحكمة التحكيمية إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لتقرر ما إذا كان الإتفاق صحيحاً وما إذا تم تبليغ حله .

13- كذلك الأمر في قرار تحكيمي صادر عام 1995 عن غرفة محكمة التحكيم الدولي في لندن (LCIA)، في تحكيم قائم بين كيان حكومي من الشرق الأوسط وشركة أميركية بخصوص عقد يتضمن بنداً ينص على تسوية أي خلاف من خلال تطبيق "مبادئ القانون الأنكلوساكسوني"، اذ استندت المحكمة التحكيمية إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية وبشكل خاص إلى قواعد تفسير العقود التي تتضمنها هذه المبادئ .

14- يمكننا أن نستنتج إذا بأن عبارتا كـ "العدالة الطبيعية"، "قوانين العدالة الطبيعية" أو قواعد العدالة الطبيعية"، "المعايير والقواعد العامة في العقود الدولية" و "مبادئ القانون الأنكلوساكسوني"، كلها تحيل، وفق بعض المحاكم التحكيمية على الأقل، إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. ولوحظ في هذا السياق بأن مثل تلك العبارات، التي تتكرر في عقود الامتياز الممنوح لاستغلال الموارد الطبيعية أو في اتفاقات أخرى تتعلق بالتنمية الإقتصادية المبرمة بين دول وشركات أجنبية تابعة للقانون الخاص، تترجم ارادة الاطراف لتطبيق قواعد قانونية غير وطنية على العقد.

 

2- تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية عند اختيار قانون واجب التطبيق:

15- تقرر في بعض الأحيان تطبيق مبادئ اليونيدروا حتى عند اختيار قانون واجب التطبيق. يمكن أن تقوم هذه المبادئ في هذه الحالة إما بإكمال أو بتأكيد هذا المصدر. تجد قرارين تحكيمين يوضحان هذين الدورين.

 16- في قرار تحكيمي سري يتناول عقد مبرم بين شركة أميركية وإحدى حكومات دول الإتحاد السوفياتي السابق موضوعه توزيع الطاقة الكهربائية إلى المستخدمين الخاضعين للقانون الوطني لهذه الدولة، اعتبرت المحكمة التحكيمية بأن هذا القانون لم يكن متطوراً بشكل كاف وقررت الرجوع إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية من أجل تفسيره وإكمال نواقصه. طبقت المحكمة التحكيمية في الاصل المواد 1.4و6.2.2و6.2.3و7.17.

17- في القرار التحكيمي الصادر عن غرفة التجارة الدولية رقم 9753 الصادر في مايو علم 1999، قامت المدعية، وهي شركة بريطانية تعمل لحساب تجمع عدة شركات، بعقد اتفاق مع كيان تابع للدولة التشيكية مسمى " collaboration and further negotiation" بهدف تحقيق مشروع تخطيط الأراضي. وفقا للمدعية، لم يف الكيان التابع للدولة بموجباته المتعلقة بالتعاون والمفاوضات بموجب الإتفاق. لهذا السبب تقدمت بطلب تحكيمي طالبة من المحكمة استنتاج الإخلال بالعقد والأمر بالتنفيذ العيني وإلا الحكم بالعطل والضرر. لم تنف الجهة المدعى عليها فقط بأنها لم تخالف الإتفاق، ولكنها أكدت أيضاً بأن الإتفاق المذكور لم يكن إلتزاماً قانونياً. كان الإتفاق المتنازع عليه خاضعا للقانون التشيكي. لكن لتبرير الطابع الإلزامي للإتفاق، لم تستند المحكمة التحكيمية فقط إلى قانون التجارة التشيكي، ولكن أيضاً لمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. وعليه، فقد أثارت المحكمة مبدأ العقد شريعة المتعاقدين pacta sunt servanda ومبادئ التعاون وحسن النية المنصوص عنها في المواد 1.3 و1.7.

 

3- تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية عند عدم اختيار القانون الواجب التطبيق:

18- في بعض النزاعات المتعلقة بعقود دولة والتي يتم إخاضعها للتحكيم، سمحت مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية للمحكمين تحديد القانون الواجب التطبيق على أساس النزاع عند إغفال الأطراف اختيار هذا القانون. كما سبق وأشرنا، في ظل سكوت الأطراف، تعلق الأمر بعقود دولة يعزز تطبيق القواعد غير الوطنية. اذ تعتبر تلك القواعد أكثر حياداً من القواعد التابعة للدولة، خاصة قواعد الدولة المضيفة. هذا هو الموقف الذي تم اعتماده في قضايا محكمة التجارة الدولية رقم 7375 و 8261. 

19- في القرار التحكيمي رقم 7375 الصادر عن محكمة التحكيم الدولية بتاريخ 5 يونيو 1996، باشرت وكالة حكومية إيرانية بتحكيم ضد بائع أميركي. طالبت الوكالة بالعطل والضرر تعويضاً عن التأخر في تسليم رادارات مخصصة للاستعمال العسكري. لا يتضمن العقد بنداً متعلقاً بالقانون الواجب التطبيق. وتمحورت المسألة حول معرفة ما إذا كان يجب رد الطلب بسبب مرور الزمن. لتأكيد مرور الزمن، طلب المدعى عليه تطبيق قانون ماريلاند Maryland، قانون المكان الذي تم فيه تنفيذ الموجبات التعاقدية المهمة، أي تصنيع المعدات. ينص القانون المذكور على مدة قصيرة لمرور الزمن. في المقابل استندت المدعية إلى قانونها الوطني حيث أثارت ارتباط العقد بإيران، وهو قانون يتضمن مدة أطول لمرور الزمن، أثارت ايضاً تطبيق

مبادئ عامة من القانون.

بتحليلها لنوايا الأطراف، قررت المحكمة التحكيمية بأن غياب بند القانون الواجب التطبيق على العقد يظهر بأن أي من الطرفين لم يكن جاهزاً لقبول القانون الوطني للطرف الآخر. نتيجة استخلاصها هذا الإختيار الضمني السلبي، وجدت المحكمة التحكيمية نفسها بمواجهة ثلاثة خيارات: إما تطبيق قانون محايد أو اعتماد الفقه القائل بتطبيق الأجزاء المشتركة من القانون الوطني لكلا الطرافين أو اختيار قانون غير وطني وتطبيق مبادئ القانون المعترف بها عامة. بعدما ردت المحكمة التحكيمية الحلين الأولين، الأول لأنها اعتبرته مصطنعاً وعشوائياً والثاني لأنه يتطلب دراسات طويلة في القانون المقارن ويمكن ألا يؤدي إلى نتيجة، وقع اختيار المحكمة بأغلبية أعضائها على الخيار الثالث. اعتبرت المحكمة ان هذا الخيار يتيح الحفاظ على التوازن بين الأطراف والإستجابة لتطلعاتهم المعقولة. مشيرة إلى القرار التحكيمي رقم 7110 الصادر عن محكمة التحكيم الدولية، قررت المحكمة تطبيق "المبادئ العامة وقواعد القانون المتعلقة بالموجبات التعاقدية الدولية التي تعتبر كقواعد قانون والتي حظيت بإجماع دولي في مجال الأعمال، بما في ذلك المفاهيم التي تؤلف قانون التجارة الدولية lexmercatoria، آخذة بعين الإعتبار أيضاً الأعراف التجارية الوثيقة الصلة بالموضوع إضافة إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، إلى الحد الذي تعكس فيه مبادئ وقواعد معترف بها على نحو عام".

من وجهة نظر المحكمة التحكيمية، إن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية تتضمن في الأساس إعادة صياغة لهذه المبادئ التي لقيت قبولاً عالمياً ولطالما تم تطبيقها في التحكيم. وفقاً للمحكمين، "فيما يتعلق بالإشارة إلى مبادئ اليونيدروا للعقود  التجارية الدولية (...) يعتقد المحكمون بأغلبيتهم أن هذه المبادئ، التي تم تحضيرها من قبل فريق عامل تم تشكيله عام 1981 من كبار الخبراء والأكادميين من جميع النظم القانونية الرئيسية، التي تم تطبيقها باستمرار في التحكيم". 

لكن وبحسب المحكمة التحكيمية، إن تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لا يجب أن يكون تطبيقاً. ميكانيكياً. يجب أن تكون هذه المبادئ موضوع درس مفصل من جوانبها لأن بعض أحكامها الفردية يمكن ألا تعكس إجماعاً دولياً. لهذا السبب لم تكن المحكمة التحكيمية مستعدة لتطبيق هذه المبادئ إلا بقدر ما تجسد فعلياً مبادئ كافة وقواعد مقبولة عموماً. 

يستخلص من هذا القرار ان المحكمة التحكيمية قبلت بتطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية محتفظة بسلطة تقديرية للتدقيق والإختيار. إن هذه المقاربة المتحفظة تتأكد عند قراءة الحل الذي اعتمدته المحكمة بالنسبة لأصل النزاع. يتعلق المشكل بتقدير مرور الزمن، قررت المحكمة التحكيمية بأنها لم تكن جاهزة لاتخاذ قرار نهائي. ذلك إن المبادئ العامة للقانون وقانون التجارة الدولية هي بطبيعتها مبهمة للغاية لكي تقدم أجوبة دقيقة لمشكلة مرور الزمن كما أن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، التي كانت مطبقة في ذلك الوقت، لم تتضمن أحكاماً محددة تعالج هذه المسألة.

20- في قرار تحكيمي صادر عن محكمة التحكيم الدولية ICC رقم 8261 تاريخ 27 سبتمبر 1996، جاء فيه أن شركة إيطالية أبرمت عقداً مع هيئة حكومية تابعة لبلد من الشرق الأوسط. لا يتضمن العقد المذكور أي بند يتعلق باختيار القانون لأن وقت إجراء المفاوضات أصر كل فريق على تطبيق القانون الوطني للبلد الذي ينتمي إليه. 

قررت المحكمة التحكيمية بأنها ستتخذ قرارها بالإستناد إلى أحكام العقد، التي تكملها المبادئ العامة للتجارة المجسدة في قانون التجارة الدولية. فيما بعد،أثناء بحثها  لأصل النزاع، أشارت المحكمة ودون أي تبرير لأحكام من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، معتبرة بذلك ضمنياً بأن هذه الأحكام تشكل مصدراً لقانون التجارة الدولية. بشكل أدق، أثارت المحكمة المواد 4.8 (الإغفال)، 4.6 (قاعدة تفسير المصطلحات المبهمة في العقد ضد الطرف الذي أصر على إدراجها فيه أو بشكل أدق ضد مصالحه)، 7.4.1 (الحق في العطل والضرر)، 7.4.7 (ضرر يعزى جزئياً للدائن) و7.4.13 (التعويض المنصوص عنه في العقد) وذلك دعماً للتعليل الذي 45 اعتمدته

21- إن وجود قواعد غير وطنية تحكم العلاقات الإقتصادية، وبالأخص بين الدول والشركات الأجنبية لم يعد أمراً منازعاً فيه في يومنا الحاضر.في الغالب لايميل المحكمون لاختيار قانون وطني جديد بل لتقريب عدة مصادر للقانون والغوص في القانون المقارن". في هذا المجال يمكن أن تلعب مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية دوراً مهماً لكي تسمح للمحكمين ببلورة هذا القانون. 

22- لقيت مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية ايضاً ترحيباً إيجابياً في الدعاوى التحكيمية القائمة بين مواطنين تابعين للقانون الخاص ومنظمات دولية.


 

 B- التحكيمات التي تتعلق بمنظمات دولية:

 23- لم يتردد المحكمون في بعض التحكيمات القائمة بين منظمات دولية وأشخاص من القانون الخاص، في تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. إن تطبيق هذه المبادئ على الدعاوى التحكيمية التي تضم منظمات دولية تبرره إعتبارات عملية. اذ تبرم المنظمات الدولية عقوداً عديدة. وهي لا تملك قوانين ونصوص ذات معايير محددة تطبق على العلاقات التعاقدية كالدول. يضاف الى هذا ان المنظمات الدولية يمكن أن تجد في هذه المبادئ مصدراً متوازناً يمثل تقاليد قانونية مهمة ضامنة بذلك اعترافاً واسعاً غالباً ما تبحث عنه هذه المنظمات.

 لهذا السبب، لا تتردد المنظمات الدولية وشركاؤها التابعين للقانون الخاص في الرجوع إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لتنظيم علاقاتهم التعاقدية. يمكن أن نذكر ثلاث دعاوى تحكيمية تضم منظمات دولية وافقت فيها الاطراف على تطبيق هذه المبادئ.

24- صدر في التحكيم الأول قرار تحكيمي وفق قواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي UNCITRAL في ديسمبر 471997. كان مكان التحكـيـم فـي نيويورك. يتمحور النزاع حول تنفيذ عقد مبرم بين شركة أفريقية متخصصة في تقديم الخـدمات  وبين منظمة دولية. تم تنفيذ العقد في بلد أفريقي مجاور. وقع خـلاف حـول تحديـد الثمن. لم ينص العقد على بند اختيار القانون الواجب التطبيق. ولكن خلال الإجراءات التحكيمية، توافق الأطراف على تطبيق "المبادئ العامة لقانون العقد الدولي" كما أثاروا بشكل متكرر مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية.

 

25- يمكن أن نذكر أيضاً قرار تحكيمي صادر عام 2009 عن المحكمة الدائمة للتحكيم حول اتفاق ترخيص مبرم بين منظمة دولية وشركة أوروبية يتضمن بند إختيار صريح لمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية كقانون واجب التطبيق. استندت المحكمة إلى المواد 2.1.1، 2.1.2، 2.1.3، 2.1.6 المتعلقة بتكوين العقد.

26- أخيراً، إن قاعدة بيانات UNILEX حول مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية تدلّ على تحكيم آخر جرى وفق قواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي UNCITRAL في نيويورك بين منظمة الأمم المتحدة وشركة أوروبية حول عقد بيع متصل بمهمة لحفظ السلام في إفريقيا حيث قرر الأطراف، في ظل غياب بند اختيار القانون الواجب التطبيق، إخضاع العقد القائم بينهما لاتفاقية فيينا المتعلقة بالبيع ولمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية قبل أن تحصل تسوية ودية.

27- تشير ايضاً إن تطبيق مبادئ العقود التجارية الدولية في الدعاوى التحكيمية القائمة بين المنظمات الدولية والأشخاص العاديين يمكن أن يكون نتيجة بنود اختيار القانون الواجب التطبيق التي تتضمن عبارات شاملة. كانت إحدى هذه القضايا قائمة بين مجموعة شركات كندية ومنظمة الأمم المتحدة. يتعلق النزاع بعقد لنقل موظفي الأمم المتحدة والعسكريين إلى مراكزها في العالم. ترتبط الوقائع المتصلة بالنزاع ترتبط بأحداث حصلت في دول عديدة وتم إخضاع التحكيم إلى قواعد لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي وتم اختيار مكان التحكيم في نيويورك. لم يتضمن العقد المتنازع عليه بند اختيار القانون الواجب التطبيق. عندما أثارت المحكمة التحكيمية مسألة القانون الواجب التطبيق في بداية الإجراءات، رفض الأطراف اختيار قانون وطني واتفقوا على تطبيق "مبادئ مقبولة عموماً من القانون التجاري الدولي". اعتبرت المحكمة التحكيمية بأن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية تناسب طبيعة النزاع المتعدد الجنسيات وطبقتها في القضية الحاضرة .

28- هناك مثل آخر أحدث حول الإستناد إلى هذه المبادئ في هذا النوع من الدعاوى وهو القرار التحكيمي /Polis Fondiimmobliare di Banche Popolare SGRPA c (le Fonds international de développement agricole (FIDA. وقد كان النزاع قائماً بين شركة إيطالية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية FIDA، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة. يتعلق القرار بعقد إيجار عقاري أبرمته هذه المنظمة. قامت محكمة التحكيم بلاهاي الدائمة بمهام قلم المحكمة في هذا التحكيم الذي جرى وفق نظام تحكيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري. ينص العقد على بند القانون الواجب التطبيق مشيراً إلى تطبيق اتفاق المقر وإلى المبادئ المعترف بها لقانون التجارة الدولية. ادعت المدعية بأن القانون الذي يرعى تفسير وتطبيق العقد يجب أن يتم البحث عنه في اتفاق المقر وفي المبادئ المعترف بها لقانون التجارة الدولية. كما طلبت استبعاد تطبيق القانون الإيطالي الوطني المتعلق بالإيجارات إلا في حال الإشارة المحددة في العقد لهذا القانون. أخيراً، أثارت المدعية أنه في ظل غياب الإشارة في العقد ذاته لمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، فإن تطبيق هذه المبادئ لا يكون أمراً جلياً. يمكن أن تبدو هذه الحالة متناقضة بعض الشيء. ذلك إن الشركة المدعية لم تتردد في إثارة المبادئ المذكورة في وقت سابق. أكدت الـ FIDA بالمقابل أن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية تشكل المصدر الأفضل للمبادئ المعترف بها من قانون التجارة الدولية. وقد أشارت بشكل متكرر لهذه المبادئ.

في قرارها الصادر بتاريخ 17 ديسمبر 2010، نظرت المحكمة في بند اختيار القانون الواجب التطبيق مشيرة إلى أن المصدر الأساسي للقانون المطبق كان أحكام العقد.

ولاحظت المحكمة تباينا بين الأطراف حول القيمة التي يجب إعطاؤها لمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. وفقاً للمحكمة، "يمكن النظر إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية على أنها تدل على المبادئ المعترف بها في مجال القانون التجاري الدولي. إلا أن المحكمة تعتبر بأنها لا تحتاج إلى أن تبني قرارها بشكل رسمي على هذه المبادئ بما أنها قد تجد أجوبة على المسائل المطروحة في هذا التحكيم أصلا في تفسير مضمون الاتفاق الليزينغ، وعند التركيز على سلوك الأطراف".

إن موقف المحكمة لا يظهر عدائية تجاه تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. ذلك إنه في هذا النزاع كانت الأحكام التعاقدية وسلوك الأطراف كافية للإجابة على النقاط المثارة في هذه القضية. من ناحية أخرى، إن المحكمة التحكيمية ذاتها سلمت بأن هذه المبادئ يمكن أن تكون مصدراً يدل على المبادئ المعترف بها في قانون التجارة الدولية. اعتبرت المحكمة ايضاً ان الطرفين - بما في ذلك المدعية التي أثارت بأن تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لم يكن أمراً جلياً - قد رجعا إلى هذه المبادئ لتحديد ما إذا كان يجب رد الطلب المقابل بسبب مرور الزمن. في هذا الاطار قامت المحكمة بتحليل النظام الذي يرعي مرور الزمن في المسائل التعاقدية مشيرة إلى وجود نهجين. النهج الإجرائي حيث يؤدي مرور الزمن إلى انقضاء الدعاوي. والنهج الموضوعي حيث يؤدي مرور الزمن إلى انقضاء الحق. أشارت المحكمة إلى خيار محرري مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية للنهج الأول الذي بموجبه لا يؤدي انقضاء المهلة إلى انقضاء الحقوق، ولكنه لا يشكل سوى وسيلة دفاع وقررت المحكمة اعتماده. وعليه فقد أكدت أنه "بالنظر إلى أن الطرفين قد جادلا في مسألة المدة المحددة على أساس مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، تعتبر المحكمة أنه لغايات القرار الحاضر، من المناسب اتباع النهج الموضوعي".


 

إلا أن المحكمة لم تطبق هذه القاعدة في القضية الحاضرة لأنها اعتبرت بأن الطلب الذي أثير بوجهه مرور الزمن لم يكن مبني على أي أساس.

 29- إن تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية على الدعاوى التحكيمية عبر الدولية التقليدية هو أمر مقبول بشكل واسع. ماذا عن التحكيم عبر الدولي المعروض من جهة واحدة؟

II- التحكيم عبر الدولي المعروض من جهة واحدة: 

 30- إن العديد من الدعاوى التحكيمية عبر الدولية تم البدء بها على أساس المعاهدات المتعلقة بالإستثمار. وقد تناولت بعض هذه الدعاوى التحكيمية عقودا. وهناك دعاوى أخرى كان موضوعها إما تفسير القواعد المنصوص عنها في معاهدات الإستثمار أو مسائل غیر تعاقدية. إن هذا النوع من الدعاوى التحكيمية تم إخضاعها للمركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى A) ICSID) أو لآليات تحكيمية أخرى تطبيقاً لقواعد تحكيمية أخرى (B). السؤال الذي يطرح يكمن في معرفة ما إذا كان في هذه الدعاوى التحكيمية عبر الدولية المعروضة عن جهة واحدة مكاناً لتطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية.

 

A- الدعاوى التحكيمية التي تخضع لقواعد المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار   

    بين الدول ومواطني الدول الأخرى ICSID :

31- عام 2002، في ندوة حول مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية من تنظيم غرفة التجارة الدولية ICC، أكد A. Parra ، نائب الأمين العام الأسبق ل ICSID، بأنه لم يكن هناك "أي قرار تحكيمي صادر عن الاكسيد يشير إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية". إلا أن المتحدث أشار إلى أن هذه المبادئ يمكن أن تلعب دوراً مهماً في التحكيم الخاضع للإكسيد وإلى وجود العديد من الإحتمالات الإثارتها تطبيقاً لاتفاقية الاكسيد.

 

32- وفقاً للمادة 42 من اتفاقية واشنطن، "(1) تنظر المحكمة في النزاع طبقا لقواعد القانون المعتمدة من قبل الأطراف. في حال عدم اتفاق الأطراف، تطبق المحكمة قانون الدولة المتعاقدة، الطرف في النزاع – بما في ذلك القواعد المتعلقة بتنازع القوانين ومبادئ القانون الدولي في هذا المجال. تعطي هذه المادة الأطراف استقلالية تامة للتوافق حول القانون المطبق على علاقاتهم. اذ يجوز للأطراف الرجوع حصرياً إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية أو إلى هذه المبادئ مع قانون الدولة المضيفة. إن التعليق على ديباجة مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية يؤكد هذا الإحتمال اذ يؤكد إلى أنه "بالنسبة للنزاعات التي تتعلق باتفاقية ICSID، يمكن أن تطبق المبادئ حتى دون اي قاعدة من القانون الداخلي. لكن المشكلة الأساسية في حال عدم اختيار القانون الواجب التطبيق. في هذه الحالة، وفقا للمادة 42، يجب على المحكمة التحكيمية تطبيق قانون الدولة المتعاقدة ومبادئ القانون الدولي في هذا المجال. السؤال المطروح هو: ماذا تعني عبارة "مبدأ القانون الدولي"؟ 

بالنسبة لـ B. Goldman، "إن الإشارة إلى القانون الدولي لا تعني أبدا بأن الأطراف قد اختاروا القانون الدولي العام، بل أنهم قد أرادوا إخضاع علاقاتهم لمبادئ عامة تؤلف قانونا عبر دولي، وهو أمر مغاير تماماً . وقد قال المؤلف نفسه بأن الإشارة إلى "المبادئ العامة للقانون الدولي" أو إلى "مبادئ القانون الدولي" يجب أن يتم فهمها على أنها عنصر مكون للقانون التجاري الدولية (LexMercatoria).

لكن، وفق التقرير الصادر عن مدراء البنك الدولي حول اتفاقية ICSID، "بموجب الإتفاقية، في حال عدم الإتفاق، يجب على المحكمة تطبيق قانون الدولة الطرف في النزاع وكل قاعدة من القانون الدولي معمول بها في الحالة الراهنة. إن عبارة "قانون دولي" يجب أن تفسر هنا بالمعنى المقصود بالمادة (1)38 من نظام محكمة العدل الدولية، مع الأخذ بعين الإعتبار رغم ذلك واقع أن المادة 38 مخصصة لكي تطبق على نزاعات بين الدول". ينتج عن ذلك أن عبارة "مبدأ من القانون الدولي" تحيل إلى المصادر المختلفة المنصوص عنها في المادة 38 من نظام محكمة العدل الدولية ICI. هذه المصادر هي: أ) الإتفاقيات الدولية، التي تقوم بإرساء قواعد معترف بها صراحة من قبل الدول المتنازعة؛ ب) العرف الدولي كإثبات على ممارسة عامة مقبولة على أنها القانون؛ ج) المبادئ العامة للقانون المعترف بها من قبل الدول المتحضرة؛ د) الأحكام القضائية وفقه الخبراء في القانون المؤهلين الذين ينتمون إلى دول مختلفة، كوسيلة إضافية لتحديد القواعد القانونية.

حتى لو تم فهمها بهذا المعنى، إن المادة 42 لا تستثني تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية عندما لا يختار الأطراف القانون الواجب التطبيق على النزاع القائم بينهم. ذلك أن المبادئ العامة المعترف بها من قبل الدول المتحضرة تعني مجموع المبادئ المشتركة للأنظمة الكبرى للقانون المعاصرة. يمكن القول في هذا الاطار أن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية تمثل الأنظمة القانونية الكبيرة في العالم وتعتبر بوصفها هذا مصدرا تنهل منه المبادئ العامة للقانون الدولي بالمعنى المقصود في المادة 38 من نظام محكمة العدل الدولية ومبادئ القانون الدولي بحسب المادة 42 من اتفاقية واشنطن. هذا هو رأي A.Parra الذي يوضح بأن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية يمكن اعتبارها تجسيدا للمبادئ العامة للقانون بالمعنى المقصود بالمادة 38 من نظام محكمة العدل الدولية.

33- إن الإعتراف بمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية كمصدر للقانون الدولي العام تبرره اعتبارات عملية. ذلك أن القانون الدولي العام يفتقد لمجموعة من القواعد المتطورة التي تحكم العلاقات التعاقدية عبر الدولية. إن القانون الدولي العام في هذا المجال هو غير مكتمل وبدائي وناقص. كما أشار سابقاً أحد المؤلفين، ما من أحد قد ميز في القانون الدولي وجود مجموعة من المبادئ الشاملة المتعلقة بتكوين عقود الاستثمار الأجنبية وإدارتها وإنهائها وخرقها وأخيرا الحلول التي يجب تقديمها في حال مخالفتها بطريقة منطقية. هناك، بالطبع، إمكانية الجدال بأن هذه المبادئ موجودة في القانون الدولي ولكن لم يتم اكتشافها بعد القول بأن المحكم باستطاعته أن يكتشفها عند الضرورة هو قول مبالغ فيه. هذا ما يسمى بجدال کهف علاء الدين Aladdin 's cave argument. الجدال الذي مفاده أن القاضي لديه الصيغة السرية لفتح الكهف الموجودة فيه المبادئ ذات الصلة بالموضوع وانتقاء المبادئ التي تتعلق بحالات جديدة ". حقيقة افتقار القانون الدولي لقواعد للعقود الدولية معترف بها حتى من أكثر المدافعين عن اخضاع عقود الدولة للقانون الدولي العام. ما هو الموقف المعتمد في اجتهاد المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى ICSID تجاه مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية؟

 34- لم تتردد بعض المحاكم التحكيمية في تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية في التحكيم الذي يعوض من طرف جهة واحدة في مجال الإستثمار معترفة بذلك بانتماء هذه المبادئ للقانون الدولي.

 35- في قضية .African Holding Company of America, Inc و Societe Africaine de construction au Congo SARL ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية، قامت كل من شركة African Holding، وهي شركة تابعة للقانون الأميركي وشركة Société Africaine de construction au Congo، وهي شركة مسجلة في الكونغو، بإيداع طلب تحكيم أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار بوجه جمهورية الكونغو الديمقراطية على أساس معاهدة الإستثمار الثنائية (BIT) المبرمة بين الولايات المتحدة وجمهورية زائير. اعتبرت الجهة المدعية أن جمهورية الكونغو لم تحترم موجباتها المنشأة بموجب الإتفاق بسبب عدم دفع المبلغ الكامل لدين مستحق الدفع بموجب عقد مقاولات مبرم معها. أصدرت المحكمة التحكيمية بأغلبية أعضائها قرارة تحكيمية بتاريخ 29 يوليو 2008.

 أثارت الدولة العديد من الاعتراضات حول الإختصاص بهدف نفي سلطة المحكمة التحكيمية. الإعتراض الأول كان مبنيا على غياب نسخة عقد المقاولات الذي أبرم مع الشركتين والذي يستند إليه الدين المدعى به. أضافت جمهورية الكونغو أيضا بأنه على الرغم من أن هذا العقد هو موجود، فهو باطل بسبب عدم وجود كتب. وفقا لهذه الأخيرة، هذه الحالة بحد ذاتها تستبعد اختصاص المحكمة التحكيمية. في المقابل اعتبرت الشركات المدعية بأن ضياع العقود يعود إلى عمليات النهب التي حصلت خلال الحرب الأهلية، وبأي حال من الأحوال إن جمهورية الكونغو قد اعترفت بوجود هذه العقود مراراً وتكراراً. اعتبرت المحكمة أن عدد من الأدلة الكافية قد توفرت في القضية الإثبات وجود العقود. أشارت المحكمة صراحة إلى المادة 1.2 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية للعام 2004 وأكدت أنه "لا يجب بالضرورة أن يتم إبرام العقود خطياً بحسب أحكام التشريع الكونغولي أو القانون الدولي. ذلك أن المادة 1.2 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية المتعلقة بعقود التجارة الدولية تنص صراحة على أن العقد لا يجب بالضرورة أن يبرم أو يكون بشكل خطي ويمكن إثباته بكافة الوسائل، بما في ذلك الشهود". أكدت المحكمة أيضاً: "نتوصل إلى النتيجة ذاتها عند درس القضية من منظار مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية المذكورة أعلاه، بالأخص في ظل أحكام المادة 2.1.1، يمكن استخلاص وجود العقد من تصرف الأطراف الذي يدل بشكل كاف على الاتفاق القائم بينهم، وهذه هي الحالة هنا على الرغم من عدم تقديم أي نص مكتوب. من الأكيد أن المحكمة التحكيمية تعتبر بأن 

مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية هي مؤشر مهم للقانون الدولي، هذا إذا لم تكن جزءا من مبادئ القانون الدولي. 

نشير أيضاً إلى أن أغلبية أعضاء المحكمة قد أشارت إلى المادة 7.1.1 لتحديد تاريخ بدء النزاع. اعتبرت هذه الأغلبية بأن النزاع نشأ عندما تخلفت جمهورية الكونغو عن الإيفاء بالتزاماتها. تكمن هنا، "حالة عدم تنفيذ ملحوظة وفق المادة 7.1.1 من مبادئ العقود الدولية التجارية. لم ينازع المحكم المعارض في تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية في القضية. لقد أشار صراحة إلى أن عدم التنفيذ لا يمكن أن يحدد بداية النزاع وبأن المادة 7.1.1 يجب أن تقرأ مع قواعد الفصل 7، كالمادة (1) 7.1.5 مثلاً التي تنص على أنه: "في حال عدم التنفيذ، يجوز للدائن إبلاغ المدين إمهاله مهلة إضافية لتنفيذ موجباته" والمادة 7.1.4 المتعلقة بحق تصحيح الوضع من قبل المدينة. تدل هذه الأحكام وفقاً للمحكم المذكور، إلى أن عدم التنفيذ لا يؤدي بالضرورة وبشكل تلقائي إلى نشوء نزاع. 

يولي هذا القرار دوراً مهما لمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. إلا أننا نأسف لغياب تحلیل معمق، من أغلبية المحكمين والمحكم المعارض حول الأساس وأسباب تطبيق هذه المبادئ. فضلاً عن ذلك، لا نعلم ما إذا كان تطبيق هذه المبادئ يستند إلى إتفاقية واشنطن أو إلى معاهدة الإستثمار الثنائية التي كانت أساسا للطلب التحكيمي. وأكثر، إن الاشارة الى مبادئ اليونيدروا لم يكن لحل مسألة تتعلق بالأصل ولكن لتحديد اختصاص المحكمة، الإختصاص الذي يجب أن يحدد طبقا لإتفاقية واشنطن وللقانون الدولي العام". 

36- تؤكد قضية Joseph C. Lemirec/ Ukraine الدور الذي تلعبه مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية في إطار تحكيم M. Lemire .ICSID هو مواطن أميركي. أبرم اتفاقاً مع أوكرانياً لإنشاء محطة إذاعية. تبعاً لخلاف حول تنفيذ هذا الإتفاق، تقدم بطلب تحكيمي ضمن إطار الآلية الإضافية للأكسيد من خلال قبول عرض التحكيم المنصوص عنه في معاهدة الإستثمار الثنائية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا. لم يؤد هذا الطلب إلى صدور قرار تحكيمي، ذلك انه خلال الإجراءات، توصل الأطراف إلى اتفاق ودي لتسوية النزاع القائم بينهم وطلبوا من المحكمة التحكيمية إدراجه في قرار تحكيمي. يتضمن الإتفاق المذكور قسما تحت عنوان "مبادئ تفسير وتطبيق الإتفاق".

تقتبس كافة أحكام هذا القسم مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية مع بعض التعديلات الطفيفة. بالتحديد، يجمع هذا القسم المواد 1.7 حول حسن النية، (1) 3.3 حول الإستحالة الجوهرية، 4.1 حول نوايا الأطراف، 4.2 حول تفسير التصريحات والتصرفات، 4.3 حول الظروف المتعلقة بالموضوع، 4.5 حول التفسير الذي يعطي المعنى الصحيح، 5.3 حول واجب التعاون، (1) 5.4 حول موجب النتيجة وموجب الوسيلة المواد 5.1.3 و(1) 5.1.4 من طبعة عام 2004، 6.2.1، 6.2.2، 6.2.3 حول حالة العسر،7.1.1، 7.1.4 و (1) (2) (3) 7.1.5 حول عدم التنفيذ. يتضمن الإتفاق الودي أيضا المادة رقم 30 التي تنص على أن "يخضع هذا الاتفاق للقانون الواجب التطبيق كما هو محدد في المادة 55 [ يتعلق الأمر في الواقع بالمادة 54 من قواعد تحكيم الآلية الإضافية لاتفاقية الإكسيد". نشير إلى أن المادة 54 من نظام التحكيم المتعلق بالآلية الإضافية التابعة لـ ICSID تنص على أن "(1) تطبق المحكمة التحكيمية قواعد القانون المحددة من قبل الأطراف على أنها القواعد المطبقة على أساس النزاع. في حال عدم تحديد مثل هذه القواعد من قبل الأطراف، تطبق المحكمة (a) القانون المحدد بواسطة قاعدة تنازع القوانين التي ترى أنها واجبة التطبيق في القضية و(b) قواعد القانون الدولي التي ترى أنها واجبة التطبيق". وقع خلاف حول تنفيذ هذا الإتفاق الوذي وقرر المدعي هذه المرة اللجوء إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار ICSID وليس إلى الآلية الإضافية لاتفاقية ICSID. ذلك أنه، في هذا الوقت صدقت أوكرانيا على إتفاقية واشنطن. وقد أدانت المخالفات الحاصلة للإتفاق الودي ولمعاهدة الإستثمار الثنائية الموقعة بين الولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا. 

فيما يتعلق بالمخالفات الحاصلة للإتفاق الودي، اعتبرت المحكمة التحكيمية بأن المادة 30 تشكل إختياراً سلبياً يستثني القانون الأميركي الداخلي أو الأوكراني، ولاحظت بأن الأطراف قد أدرجوا أجزاء كبيرة من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية في الإتفاق القائم بينهم. وأشارت أيضاً إلى أن الأطراف حرروا بنداً يجيز للمحكمين اختيار نظام قانوني أي تطبيق قواعد القانون التي يرونها مناسبة. اعتبرت المحكمة أن المقاربة الأنسب فيما يتعلق بتحديد القانون المطبق على الأصل تكمن في إخضاع الإتفاق الودي إلى قواعد القانون الدولي وفي صلبه مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. لاحقاً، نظرت المحكمة في طبيعة مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. واكدت أن هذه المبادئ لا تشكل مصدراً للقانون التقليدي. وعليه، فقد اشارت أنه: "من المستحيل وضع مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية - وهي تقنين خاص للقانون المدني، تمت الموافقة عليه من قبل مؤسسة حكومية دولية - من ضمن المصادر التقليدية للقانون. اين مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية ليست معاهدة ولا مجموعة من الأعراف ولا مصطلحات عقد نموذجية. هي في الواقع تعبير عن القانون عبر الدولي ". لم تقوم المحكمة التحكيمية بتحديد طبيعة هذا القانون عبر الدولي وعلاقته مع القانون الدولي، لكن يبدو أن المحكمة التحكيمية تعتبر القانون عبر الدولي سنداً من القانون الدولي. 

قبل البحث في الأصل، كان على المحكمة أن تفصل في مسألة أولية وهي معرفة كيفية تفسير الإتفاق الودي. أكد المدعي أنه بالإضافة إلى الموجبات المنصوص عنها صراحة في الإتفاق الودي، هناك موجبات أخرى تم الإتفاق عليها بين الأطراف أثناء المفاوضات التي أدت إلى حصول الإتفاق على الرغم من عدم إدراجها فيه. دعماً لموقفه، أثار المدعي البند من الإتفاق الذي ينص كالمواد 4.1 و 4.3 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية - على أن يتم تفسير الإتفاق الودي بحسب النية المشتركة للأطراف مع الأخذ بعين الإعتبار كافة الظروف، وبالأخص المفاوضات التمهيدية. في المقابل طلب المدعى عليه رد هذه المقاربة. دفع هذا الأخير بأن الإتفاق يتضمن أيضا بند يشترط - کالمادة 2.1.17 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية - بأن الإتفاق الودي يشكل الإتفاق الكامل بين الأطراف حول موضوعه الأساسي ويحل محل كافة المراسلات السابقة والمفاوضات والتفاهمات فيما بينهم بالنسبة للمسائل المشمولة هنا". وفقاً للمحكمة التحكيمية، إن هذه البنود، مجتمعة، تفترض أن ما يهم هو الموجب المدون في الاتفاق. وعليه فإن واقع أن الموجب قد جرت مناقشته، أو تمت الموافقة عليه شفهياً خلال المفاوضات، لا يكفي لإدراجه في الإتفاق الودي .

في الأصل، أشارت المحكمة التحكيمية إلى نصين من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية: المادة 1.8 المتعلقة بقاعدة من التناقض مع ما سبق وتم والمادة 5.1.4 حول تعريف موجب الوسيلة. جواباً عن الدفع الذي اثاره المدعي والذي جاء فيه أن الدولة لم تقم بدراسة تداخل الموجات في الأسبوعين اللذين تليا توقيع الاتفاق الودي، ذكرت المحكمة بأن البحث في تداخل الموجات قد حصل، قبل وقت قليل من إبرام الإتفاق وبأن المدعي لم يطلب أبداً إجراء أي بحث إضافي. أدى هذا الموقف إلى نشوء اعتقاد لدى الدولة المدعى عليها بأن المدعي قد اعتبر بأن البحث الذي تم قبل إبرام الإتفاق كان كافية، وعليه لا يمكن للمدعي أن يناقض إعتقاد نشأ لدى الدولة عندما صدقته هذه الأخيرة بصورة منطقية وتصرفت على أساسه. كما ردت المحكمة التحكيمية أيضاً حجة المدعي والتي مفادها أن دولة أوكرانيا قد تخلفت عن القيام بموجبها وفقاً للاتفاق الودي من خلال رفضها التخصيص لهذا الأخير لعدد معين من الترددات الإذاعية خلال المهلة المحددة. وعليه، فقد أكدت بأن الأمر يتعلق بموجب وسيلة.  مشيرة صراحة إلى المادة 5.1.4 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، وفي هذا السياق أكدت المحكمة أنه من أجل إثبات وقوع مخالفة لموجب الوسيلة، لا يكفي الإثبات أنه بتاريخ معين لم تتم الموافقة على منح تراخيص الترددات الإذاعية، بل يجب على المستثمر اثبات أن الحكومة لم توفر الحيطة ولم تقم ببذل العناية اللازمة التي كانت أي حكومة ستوفرها فيما إذا وجدت في نفس الموقف. بعد هذا التحليل، استنتجت المحكمة بأن الحكومة لم تخالف الإتفاق الودي. 

لكن المحكمة التحكيمية لم تكتف بتطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية على الإتفاق التعاقدي. بل ذهبت أبعد من ذلك عبر تطبيق هذه المبادئ عند النظر في المخالفات الواقعة على معاهدة الإستثمار الثنائية التي جرى الإحتجاج بها كأساس ثان لاختصاصها. اعتبرت المحكمة أنه في ظل عدم وجود أية مخالفة للإتفاق الودي، لا يمكن أن ننسب لدولة أوكرانيا أي مخالفة للبند المتعلق باحترام الإلتزامات. إلا أن أغلبية أعضاء المحكمة التحكيمية استنتجت إنتهاكات للمعاملة العادلة والمنصفة وأصدرت أمراً لأوكرانيا بدفع تعويض. عند تحديد مبلغ التعويض الناتج عن مخالفة القاعدة المذكورة، أكدت الأغلبية، أثناء المناقشات عرضاً، (لأنها اعتبرت بأن الحالة في القضية الحاضرة لا تتعلق بخسارة فرصة)، بأن خسارة فرصة ما يمكن التعويض عنها من حيث احتمال تحققها. حتى أنها استعادت المثل الوارد في التعليقات المرافقة للمادة 7.4.3 الذي جاء فيها "إن مالك الفرس الذي وصل متأخرا على بداية السباق بسبب الناقل لا يمكنه المطالبة بالجائزة كاملة، حتى لو كان فرسه هو المفضل ". لا تحدد الأغلبية على أي أساس تتدخل هذه المبادئ في تحكيم مبني على معاهدة استثمار ثنائية أمام الأكسيد. بالمعنى ذاته، لا يتردد المحكم المعارض ودون أي تبرير أيضاً بإثارة مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية عندما يفسر بعض القواعد الواردة في معاهدة الإستثمار الثنائية. إذ ذكر مرارة المادة 1.8 المتعلقة بمنع نقض ما سبق وتم.

وبالأخص، أثار المحكم المعارض هذا المبدأ لتحديد ما إذا كان للمدعي الصفة لبدء التحكيم على أساس معاهدة الإستثمار الثنائية. في هذا الاطار اعتبر أن المدعي لا يمكنه أن يتصرف بمثابة شخص طبيعي في حين أنه استثمر عبر شركة تابعة للقانون المحلي 88. أشار المحكم المعارض أيضا إلى المواد 4.1.2، 4.3.2 و(c)4.3لإثبات أن قاعدة المعاملة العادلة والمنصفة يجب أن تأخذ بعين الإعتبار تطلعات الدول الموقعة معترف بذلك بإمكانية إثارة مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لتفسيرمعاهدة استثمار دولية. 37- إن تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لتفسير قواعد معاهدة استثمار ثنائية تم التأكيد عليه في القرار التحكيمي El Paso Energy International Company ضد الأرجنتين ، الذي أخضع للمركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار ICSID، تطبيقاً لمعاهدة الإستثمار الثنائية بين الولايات المتحدة الأميركية والأرجنتين العام 1991. في هذه القضية، حاولت دولة الأرجنتين تبرير الخرق الحاصل في التزاماتها بموجب المعاهدة الثنائية للاستثمار بإثارة بند الإعفاء بحجة الضرورة الوارد في المادة XI من معاهدة الإستثمار الثنائية. يجيز البند المذكور للدول الأطراف اعتماد التدابير الضرورية للمحافظة على البعض من مصالحها في مواجهة موقف إستثنائي يؤثر عليها. ينص البند المذكور خصوصاً على أنه "لا يجوز أن تمنع هذه المعاهدة أي من الطرفين تطبيق التدابير الضرورية للحفاظ على النظام العام، للقيام بموجباتها فيما يتعلق بالحفاظ أو بارساء السلام أو الأمن العامين، أو للمحافظة على مصالحها الأمنية". 

قررت المحكمة التحكيمية بأن الدولة التي ساهمت بطريقة أساسية بحدوث حالة الضرورة لا يمكنها أن تثير هذا العذر للتنصل من موجباتها بموجب معاهدة الإستثمار الثنائية. يتعلق الأمر هنا وفقاً للمحكمة بقاعدة من القانون الدولي العام مكرسة في مشروع لجنة القانون الدولي CDI حول مسؤولية الدول. طرحت المحكمة التحكيمية فيما بعد مسألة معرفة ما إذا كانت هذه القاعدة تشكل أيضاً مبدأ عاماً من القانون تعترف به الأمم المتحضرة بالمعنى المقصود بالمادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية. وفق التيار الفقهي الشائع، اعتبر المحكمون بأن هذه المبادئ تعني قواعد مطبقة على نطاق واسع أمام المحاكم الداخلية، في المسائل الخاصة أو العامة، المتعلقة بالأصل أو بالإجراءات، شرط أن تكون مناسبة لكي تطبيق على صعيد القانون الدولي العام بعد تعديلها. 

لتوضيح مثل هذه المبادئ، أشارت المحكمة التحكيمية إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. وعليه فقد أكدت "بأن هناك مبدأ عام حول استبعاد عدم المشروعية في بعض الحالات، كما تؤكد مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، والتي تعكس قواعد ومبادئ تطبقها أغلبية الأنظمة القانونية الوطنية. ان المادة (2)(2) 6 من هذه المبادئ، المتعلقة بحالة العسر"، تنص على أن الأحداث التي تسبب حالة العسر يجب أن تكون "خارج نطاق سيطرة الطرف المتعسر. تنص المادة (6)(1) 7 المتعلقة بـ "بنود الإعفاء" على أنه لا يجوز لطرف أن يطلب الإعفاء من المسؤولية "إذا كان من غير المنصف بشكل صارخ إعفاءه منها مع مراعاة هدف العقد". أخيراً تبرر المادة (7)(1) 7 المتعلقة بـ "القوة القاهرة (vis maior) عدم تنفيذ العقد "(...) إذا أثبت هذا الطرف أن عدم التنفيذ يرجع إلى عائق خارج عن سيطرته وأنه لم يكن يتوقع منه بحسب المنطق، أخذ هذا العائق بعين الإعتبار وقت إبرام العقد أو تجنب عواقبه أو تخطيها". إن الإعفاء من المسؤولية بسبب عدم التنفيذ أو الأشكال الأخرى من الإعفاءات هي بالتالي مستبعدة بموجب مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية إذا كان الطرف الذي يطلب ذلك "مسيطرة على الوضع أو إذا كان السماح بمثل هذا الإعفاء سيكون "غير منصف على نحو فاضح.

 تعتبر المحكمة التحكيمية إذا بأن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية تعكس القواعد النافذة في أغلبية الأنظمة القانونية الوطنية وتستنتج من المواد 6 و7، المبدأ القائل بعدم الإعفاء من المسؤولية بسبب عدم احترام العقد عندما لا تخرج الحالة المبررة للإعفاء عن سيطرة الطرف الذي يحتج بها أو إذا كان من غير المنصف على نحو فاضح القيام بذلك. إن هذه القاعدة التي تشكل بنظر المحكمة قاعدة دولية عرفية ومبدأ عام للقانون معترف به من الدول المتحضرة في نفس الوقت، يجب الأخذ بها بعين الإعتبار التفسير المادة XI من معاهدة الإستثمار الثنائية. وفقاً للمحكمة: ينتج مما تقدم أن: (i) هناك قاعدة من القانون العام الدولي تنص على أن حالة الضرورة لا يمكن الاحتجاج بها كسبب لاستبعاد عدم المشروعية إذا ساهمت الدولة المعنية بشكل ملحوظ في إيجاد حالة الضرورة تلك، (ii) هناك أيضاً على ما يبدو مبدأ عام للقانون معترف به من الأمم المتحضرة ومفاده بأن حالة الضرورة لا يمكن الاعتراف بوجودها إذا ساهم فيها طرف في العقد. يعني ذلك بأن القاعدة أو المبدأ المذكورين يمكن استخدامهما، بموجب المادة (3) 31 من اتفاقية فيينا، لتأكيد المعنى المقصود بالمادة XI من معاهدة الإستثمار الثنائية الموقعة بين الولايات المتحدة الأميركية والأرجنتين. وعليه، يمكن أن يكون المقصود بهذه المادة بأن حالة الضرورة لا يمكن اثارتها من قبل الطرف الذي أوجد تلك الحالة أو الذي ساهم بشكل أساسي في ايجادها.

 يعتبر القرار التحكيمي هذا كمساهمة مهمة في تعزيز موقع مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. على الرغم من الصياغة الحذرة ("هناك أيضاً على ما يبدو مبدأ عام للقانون معترف به")، تكرس المحكمة الفرضية القائلة بأنه من الممكن اعتبار مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية كتجسيد للمبادئ العامة للقانون بالمعنی المقصود بالمادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية. نلاحظ ايضاً انه تم التذرع بهذه المبادئ التفسير قاعدة دولية منصوص عنها في معاهدة استثمار ثنائية وليس في المجال التعاقدي. نشير أيضا إلى أن المحكمة قد عللت قراءتها للمادة XI من معاهدة الإستثمار الثنائية من خلال موازاتها بين مشاريع لجنة القانون الدولي ILC المتعلقة بالمسؤولية الدولية للدول التي تقنن القواعد الدولية العرفية المطبقة على المسؤولية الدولية للدول وبين مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية التي تكشف عن المبادئ العامة للقانون الدولي. لكن، كالقرارات السابق ذكرها، لا تحدد المحكمة التحكيمية بشكل دقيق أساس تطبيق هذه المبادئ على نزاع غير تعاقدي ولا تفسر ما إذا كان تدخل هذه المبادئ يستند إلى معاهدة الإستثمار الثنائية أو إلى معاهدة ICSID.

 

B- الدعاوى التحكيمية التي لا تخضع لقواعد مركز التحكيم الدولي لتسوية منازعات الإستثمار بين الدول ومواطني الدول الأخرى ICSID: 

38- توجد أيضاً دعاوى تحكيمية صادرة عن جهة واحدة تستند إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية لم تباشر أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار. قدم بعض هذه التحكيمات إلى غرفة التجارة في ستوكهولم. أما البعض الآخر فقد بوشر وفقاً لنظام لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدول UNCITRAL. 

39- في قضية Petrobat ضد دولة قيرغستان ، التي قدمت أمام غرفة التجارة في ستوكهولم بناء على معاهدة ميثاق الطاقة، والتي تتعلق بعقد البيع الغاز، أشارت المحكمة التحكيمية إلى المادة 7.4.9 لتحديد الفوائد المستحقة. وفقا للمحكمة، این من حق Petrobart الحصول على فائدة فيما يتعلق بهذا الجزء من مطالبها التي تعتبرها المحكمة التحكيمية قائمة على أسس صحيحة، أي المطالبة بالدفع مقابل البضائع المسلمة. إن هذا المطلب مبني على المعاهدة وبالتالي يخضع للقانون الدولي، وفقاً لذلك، يجب أن تكون الفائدة، بنظر المحكمة التحكيمية، مبنية على قواعد دولية بدلاً من أن تكون مبنية على قواعد وطنية. تعتبر المحكمة التحكيمية مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية [ ورد خطأ مطبعي حيث ذكر UNCITRAL بينما المحكمة تقصد في الواقع [UNIDROIT]، التي تستند إليها Petrobart، أساساً مناسباً لتحديد الفائدة. نشير إلى أن معاهدة ميثاق الطاقة تتضمن بند اختيار القانون الواجب التطبيق الذي جاء فيه، "إن المحكمة المشكلة وفقاً لأحكام الميثاق ] تفصل في المسائل المتنازع عليها وفقا للمعاهدة الحاضرة ولقواعد ومبادئ القانون الدولي الواجبة التطبيق ". يبدو إذا أن المحكمة تعترف بأن مبادئ اليونيدروا للعقود الدولية التجارية هي جزء من القانون الدولي. بصفتها هذه، يمكن تطبيقها في تحكيم مبني على معاهدة دولية.

 40- في قضية Eureko ضد بولندا، تم إخضاع التحكيم النظام التحكيم الخاص بلجنة الأمم المتحدة للتحكيم التجاري الدولي UNCITRAL في بروكسل تطبيقاً لمعاهدة الإستثمار الثنائية بين هولندا وبولندا. تتعلق القضية بخصخصة شركة تأمين بولندية. تملكت الشركة الهولندية %30Eureko من الأسهم وأبرمت وقت حصول عملية التملك، إتفاقاً مع الخزينة التزمت بموجبه هذه الأخيرة ببيع مجموعة أخرى من الأسهم في وقت لاحق، بطريقة تجعل Eureko حاملة لأغلبية الأسهم. ظهرت مشاكل تتعلق بتنفيذ هذا الإتفاق، لكن في نهاية الأمر أبرم الأطراف إفاقة ودية أعادوا فيه التأكيد على المهلة الزمنية الأساسية لعملية الخصخصة وتنازلوا عن أية مطالبات سابقة. لكن عندما رفضت الخزينة بيع مجموعة الأسهم الإضافية، باشرت Eureko بتحكيم ضد بولندا متذرعة بمعاهدة الإستثمار الثنائية. تنص المعاهدة على بند اختيار القانون الواجب التطبيق الذي بموجبه يجب على المحكمة التحكيمية أن تقرر بناء على احترام القانون، بما في ذلك على وجه الخصوص هذا الاتفاق كما و اتفاقات أخرى ذات صلة بالموضوع موجودة بين الطرفين المتعاقدين وبناء على القواعد المعترف بها عالميا ومبادئ القانون الدولي". أكدت المحكمة التحكيمية عند النظر في أساس القضية أنه: دون أن نقرر ما إذا كان الدفع بعدم التنفيذ هو مبدأ متعلق بالتفسير أو قاعدة في القانون الدولي، ترى المحكمة أن هذا الدفع لا يمكنه مساعدة المدعي لأنه يطبق في الأساس على قضايا ذات تنفيذ مشروط أو متزامن . مشيرة إلى المادة 7.1.3 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية ، قررت المحكمة أن الدفع بعدم التنفيذ لا يتعلق إلا بالموجبات المتزامنة. لقد سلمت المحكمة بتطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية في هذه القضية الدولية، إلا أنها لم تقرر في طبيعتها ولا في أساسها.

 41- في قضية Chevron Corporation و Texas petroleum Company ضد الإكوادور، المقدمة أمام محكمة تحكيم منشأة وفقا لنظام الUNCITRAL على أساس معاهدة الإستثمار الثنائية بين الولايات المتحدة والإكوادور ، وقعت شرکتي بترول أميركيتين وحكومة الإكوادور سلسة اتفاقات الاستكشاف واستغلال إحتياطات النفط. أثناء تنفيذ هذه الإتفاقات نشأت صعوبات دفعت بالجهة المدعية في التسعينيات إلى تقديم سبعة طلبات أمام المحاكم الإكوادورية مطالبة بأكثر من 500 مليون دولار على سبيل الأضرار. بعد مرور خمسة عشر عاماً، ما تزال ستة من هذه طلبات عالقة أمام محاكم الدرجة الأولى فيما تم رد الطلب السابع. في العام 2006، قررت الجهة المدعية المباشرة بدعوى تحكيمية تطبيقاً لمعاهدة الإستثمار الثنائية الموقعة بين الولايات المتحدة الأميركية والإكوادور، معيبة على الدولة اللاتينو - أميركية التخلف عن إحقاق الحق، التأخر غير المبرر، صدور أحكام غير عادلة على نحو فاضح ومطالبة بتعويض عن الضرر الذي الحق بها.

 

فيما يتعلق بالقانون المطبق على أساس النزاع، قررت المحكمة التحكيمية تطبيق أحكام معاهدة الإستثمار الثنائية كما وقواعد القانون الدولي. استنتجت المحكمة مخالفة للمادة (7)II من المعاهدة المذكورة وحكمت على الدولة بالتعويض عن الضرر. 

بالنسبة لتحديد التعويض، أكدت الجهة المدعية بأن لها الحق في الحصول على عطل وضرر يعادل المبلغ الإجمالي للعطل والضرر المطالب به أمام المحاكم الإكوادورية يضاف إلى ذلك تعويض عن الضرر اللاحق بها جراء التأخير في الإجراءات القضائية. رفضت دولة الإكوادور هذا التوجه. وأشارت إلى أن التعويض عن الضرر الممنوح يجب أن يحدد بالنظر إلى إحتمال النجاح أمام المحاكم الوطنية. أكدت الدولة بأن التوجه الأخير هو مبرر كونه قد تمت الموافقة عليه في أنظمة قانونية عديدة وهو مكرس في مصادر عبر دولية كالمادة (2) 7.4.3 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. ردت المحكمة التحكيمية حجة المدعى عليه وأعلنت بأن مبدأ "خسارة الفرصة" لم يكن مقبولاً على نطاق واسع في الأنظمة القانونية لكي يعتبر ک "مبدأ عام للقانون معترف به من قبل الأمم المتحضرة". وأضافت بأن مثل هذا المبدأ لا يمكن تطبيقه إلا في حالات إستثنائية عندما يكون "لوجود الأضرار غير متنازع فيه ولكن يكون من الصعب تقييمها"، مستشهدة بالتعليق المرفق بالمادة (2)7.4.3 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، وهي حالة غير متوافرة في القضية الحاضرة. اعتبرت المحكمة، في القضية الحاضرة، أنه من الممكن أن تحدد مبلغ التعويض بعد أن تكون قد قيمت جدية كل من الطلبات التي قدمت أمام السلطات المحلية كرجل صادق أو كمحكمة تحكيمية مستقلة وحيادية .

كذلك الأمر، بالنسبة لإحدى القضايا التي أقيمت أمام المحاكم الإكوادورية والتي كانت تتعلق بالصعوبات التي اعترضت تنفيذ اتفاق نتيجة الزلزال الذي ضرب البلاد عام 1987. بحسب الإكوادور، كان على الجهة المدعية عند استئناف عجلة الإنتاج الكامل، القيام بمساهمة إضافية كتعويض عن إنتاجها المتدني خلال فترة القوة القاهرة. دعماً للحجج التي تذرعت بها الإكوادور، أثارت القانون المدني الإكوادوري وأشارت إلى أنه بحسب هذا القانون، تحرر نظرية القوة القاهرة المدين من مسؤوليته بسبب التأخر في تنفيذ الموجب التعاقدي، ولكنها لا تلغي الموجب بحد ذاته. ردت المحكمة هذه الفرضية ليس فقط لأنها تتعارض مع أحكام الإتفاق بين الطرفين، ولكن أيضاً، لأن "نظرية القوة القاهرة، كنظرية العسر والمفاهيم الأخرى المتعلقة بالموضوع، وجدت لكي "توزع بين الأطراف بطريقة عادلة ومنصفة الخسائر والأرباح الناتجة عن" حدث غير متوقع" مستشهدة بالتعليق على المواد 7.1.7، 6.2.2 و (b) (3) 6.2.3 من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية كما وبالمادة (b) (3) 6:111 من مبادئ قانون العقود الأوروبي

من الأكيد بأن هذا القرار يرحب بمبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. على الرغم من أن الأساس الذي يبرر تطبيق هذه المبادئ غير محدد بشكل صريح من المحكمة التحكيمية، وبالنظر إلى موقف المحكمة حول تطبيق القانون الدولي في القضية، من الممكن أن نعتبر بأن المحكمة تنظر إلى مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية كمصدر لهذا القانون. من الممكن أن نؤكد أيضاً، أنه خارج إطار دعاوى تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار الخاضعة لاتفاقية واشنطن، إن تطبيق مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية بالإستناد فقط إلى معاهدات الإستثمار يجب أن يكون مقبولاً.

III-خلاصة:

 42- تشهد مبادئ اليونيدروا المعدة في الأساس للعقود التجارية الدولية اليوم إنتشاراً ملحوظا. نظراً الى حياد وعالمية وجودة هذه المبادئ، فقد لقيت ترحيباً من قبل المحكمين والأطراف في النزاعات عبر الدولية القائمة بين أشخاص القانون الخاص من جهة ودول أو منظمات دولية من جهة أخرى. بالرجوع إلى هذه المبادئ، يسعی المحكمون لسد ثغرة تتعلق بالقواعد المنطبقة في التحكيم العبر دولي ويحاولون إيجاد قانون معاصر مثل الأنظمة القانونية المختلفة قادر على تنظيم العلاقات عبر الدولية. في أغلبية الحالات، أشار المحكمون إلى هذه المبادئ بشكل تلقائي دون الإهتمام بتفسير الاسس القائمة عليها ودون تبرير تطبيقها. هذا هو الحال غالباً عندما لا يكون الأطراف قد اختاروا القانون الواجب التطبيق في العقد المبرم بينهم وخاصة في التحكيم عبر الدولي المعروض من جهة واحدة المبني على معاهدات الإستثمار. إلا أنه من الممكن تبرير هذا التطبيق من خلال التأكيد بأن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية هي تجسيد للمبادئ العامة للقانون بالمعنى المقصود في المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، مما يرقى بهذه المبادئ إلى رتبة مصدر للقانون الدولي العام ويعزز تدخلها بمجرد أن يكون هذا القانون مذکور، كالقانون الواجب التطبيق على أصل النزاع.

 43- لا ينحصر تطبيق هذه المبادئ على العلاقات عبر الدولية اذ تمارس هذه المبادئ أيضاً تأثيراً على القوانين الداخلية للعقود. إن خيار إدخال مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية أو الإسترشاد بها لوضع مشروع قانون حول العقود قد تم اتباعه في بعض الدول. فالقانون المدني لـ Québec مستوحى إلى حد كبير من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية. كما أن قانون العقود الموحد الجديد للصين، الذي تم اعتماده عام 1999، يستند بشكل كبير إلى مبادئ اليونيدروا. يشير أيضاً أن روسيا وليتوانيا أدخلتا هذه المبادئ في صلب قوانينهما المدنية وطبقت المحكمة العليا في ليتوانيا هذه المبادئ لتفسير القانون الليتواني في نزاع داخلي فيما يتعلق بالتعويض عن الضرر في حالة المسؤولية ما قبل التعاقدية. في فبراير عام 2002، طلب مجلس الوزراء التابع لمنظمة توحيد قانون الأعمال في أفريقيا OHADA من الأمانة العامة الدائمة للمنظمة التواصل مع المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (UNIDROIT) الوضع مشروع قانون موحد حول قانون العقود المطبق في منطقة OHADA. وقد أوضحت الأمانة العامة الدائمة بأن النص الذي سيتم إعداده من قبل المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (UNIDROIT) "يجب أن يأخذ بعين الإعتبار التطور الدولي الحديث في مجال قانون العقود، والعمل على إدراج إهتمامات الأنظمة القانونية الرومانو-جرمانية كما والأنظمة الأنجلو-ساکسونية". وهناك نص لمسودة القانون الموحد في OHADA حول القانون المتعلق بالعقود، مستوحى إلى حد كبير من مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية، تم تحضيره من قبل البروفسور M. Fontaine، أحيل إلى الأمانة العامة الدائمة لمنظمة OHADA في سبتمبر عام 2004 .


 

44- نشير أخيراُ إلى أن مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية قد طبقت حتى في التحكيمات القائمة بين أشخاص أجانب من القانون العام. هذا هو حال القرار الصادر عن محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية ICC عام 2000 بين كيان عام تابع لألمانيا الشرقية سابقا وكيان آخر من الكتلة الإشتراكية. وتناول موضوع العقد الإمداد بمعدات. تم إخضاع العقد لقانون جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقا. بعد عملية التوحيد الألمانية، رفض المستورد الألماني تسلم المعدات ودفع الثمن. وفقا لهذا الأخير، أصبحت الأسواق الغربية بعد إعادة التوحيد، مفتوحة أمام الشركات الألمانية الشرقية، مما جعل المواد المشتراة دون أية قيمة. شكلت هذه الفرضية الجديدة، وفق المستورد، حالة من الظروف المتغيرة التي تبرر فسخ العقد. وافقت المحكمة التحكيمية على ما تقدم به المستورد المذكور مشيرة إلى بند حالة العسر الوارد في مبادئ اليونيدروا للعقود التجارية الدولية.

45- تظهر هذه التطبيقات والإستعانة بهذه المبادئ وجود سلطة ترتكز إلى قواعد خارج

إطار سلطة الدولة وبأن القانون الذي يتصف بالهشاشة من الممكن أن يصبح قانوناً صلباً لكي يحل جزئياً أو كلياً محل القانون الجامد.