الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الوطني والتحكيم الدولي / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 31-32 / مفهوم دولية التحكيم رؤية تحليلية ونقدية لاتجاهات القضاء المصري بشأن تفسير المادة الثالثة من قانون التحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 31-32
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    251

التفاصيل طباعة نسخ

مقدمة:

1. نظم المشرع المصري أحكام قانون التحكيم مقيماً تفرقة بين أحكام التحكيم الوطني والتحكيم التجاري الدولي، وقد رتب على هذه التفرقة مغايرة في أحكام كل نوع من نوعي التحكيم من حيث المحكمة المختصة بالمساعدة أو تلك المختصة بدعوى بطلان حكم التحكيم، كما غاير في وسيلة تنفيذ حكم التحكيم في كل حالة، وكذلك الجهة القضائية التي تختص بإصدار أمر التنفيذ.

2. وقد كان من المقرر أن تضع اللجنة المشكلة بقرار وزير العدل، مـشروعاً لقـانـون يـنـظم إجراءات التحكيم التجاري الدولي دون التحكيم الوطني - وذلك على غرار النهج الذي اتبعه المشرع الفرنسي. إلا أن اللجنة المعهود لها بوضع مشروع القانون عدلت عن هذه الفكـرة وارتأت أن تضع تنظيماً موحداً، تنطبق أحكامه على كلا النظامين الدولي والوطني على حد سواء، دون المساس بأوجه خصوصية كلا النظامين. لذلك كان على اللجنة – بدايـة – أن تضع معياراً للتفرقة بين ما يعد تحكيماً دولياً وما يعد تحكيماً وطنياً.

3. إتخذت اللجنة من قانون اليونسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لعـام 1985 نـواة لإعداد المشروع مع إدخال مجموعة من التعديلات التـي تتوافـق مـع النظـام القـانوني المصري. وقد كانت المادة الأولى من قواعد اليونسترال تضع تعداداً لحالات دوليـة علـى سبيل الحصر، فقد نصت على أن "يكون التحكيم دوليا إذا:

  1- إذا كان لأطراف اتفاق التحكيم لحظة ابرام الاتفاق المذكور مؤسسات في دول مختلفة.

  2- إذا كان أحد الأماكن التالية واقعاً خارج الدولة التي يوجد فيهـا المركـز الرئيـسي لأعمال كل من طرفي التحكيم.

    (أ) مكان التحكيم إذا كان منصوصاً عليه في إتفاق التحكيم أو يتحـدد وفقـا لهـذا الاتفاق.

   (ب) كل مكان يتحتم تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين أو المكان الذي يرتبط به موضوع النزاع بأوثق صلة.

3- إذا اتفق أطراف النزاع صراحة على أن موضوع النزاع يتصل بأكثر من دولة".

4. وعلى الجانب الآخر، لم يكن القانون الفرنسي بغائب عن المشهد بما أرساه المرسوم الصادر 12 مايو 1982 من وضع معيار عام تتحقق به صفة الدولية للتحكيم وهـو تعلـق النـزاع بمصالح التجارة الدولية، فقد نصت المادة 1492 من قانون المرافعات الفرنسي على أنـه: "يعتبر التحكيم دولياً إذا كان متعلقا بمصالح التجارة الدولية.

5. وقد حاول المشرع المصري الجمع بين إتجاه القانون الفرنسي وقانون اليونـسترال فـي قالـب واحد؛ فجاءت المادة 3 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 تقرر أن "يكون التحكيم دوليـا في حكم هذا القانون إذا كان موضوعه نزاعا يتعلق بالتجارة الدولية وذلك في الأحوال الآتية:

أولاً- إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، فإذا كان لأحد الطرفيين عدة مراكز للأعمال فالعبرة بـالمركز الأكثـر ارتباطا بموضوع أتفاق التحكيم، وإذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم مركـز أعمـال فـالعبرة بمحل إقامته المعتاد.

 ثانياً- إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجـد مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.

ثالثاً- إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة.

رابعا- إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولـة وقـت أبرام أتفاق التحكيم، وكان أحد الأماكن التالية واقعاً خارج هذه الدولة.

   (أ) مكان التحكيم كما عينه أتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه.

   (ب) مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين.

   (ج) المكان الأكثر ارتباطاً بموضوع النزاع.

6. وقد أثار هذا النص كثيراً من اللغط في الأوساط القضائية فاختلفـت المحـاكم المـصرية بإختلاف دراجتها في تأويل هذا النص، والحقيقة أن هذا اللغط كان انعكاساً للخلاف الفقه حول تأويل هذا النص. فهل النص يتعلق بشرط وحالات، على سبيل المثال، لا تغنى توافر الشرط، بل يكتفى بتحقق هذا الشرط حتى ولو تخلّفت إحدى الحالات الأربع (الاتجـاه الاول) أم أن تحقق صفة الدولية للتحكيم ينحصر في إحدى هذه الحالات، والتي يتمثل فيهـا هذا الشرط حتما فيغني توافر إحداها عن توافر الشرط (الاتجاه الثاني) أم أن الدولية تتعلـق بشرط وحالات حصرية يتطلب توافرهما معا (الاتجاه الثالث).

7. وتبدو أهمية تحديد مسألة دولية التحكيم في توزيع الاختصاص القضائي لمحـاكم الدولـة ففصل المحكمة في مدى اختصاصها من عدمه يتطلب أولا وقبل كل شيء تحديـد طبيعـة المنازعة التحكيمية من حيث توافر الطبيعة الدولية من عدمه.

8. وحيث أن قاضي الموضوع – بوجه عام وقاضي البطلان بوجه خـاص - يـستقل بتحديـد كـل مسألة تتعلق باختصاصه حسب قناعته دون التزام التكييف الذي يصبغه الخصوم على دعـواهم. لذلك فقد كشفت التطبيقات القضائية خاصة في مسألة الاختصاص عن إختلاف مـشارب القـضاء المصري في تأويل نص المادة الثالثة من قانون التحكيم، وهو ما نعرض له في السطور التاليـة على أن يسبقه عرض لاتجاهات الفقه المصري بإعتباره الأسبق في إثارة هذا الخلاف.

9. وقبل التعرض لاتجاهات الفقه والقضاء بشأن تأويل نص المادة الثالثة من قانون التحكـيم، فإننا نشير إلى مسألة أولية هي هل يتطلب المشرع أن يتعلق النزاع بالتجارة الدوليـة أم أن يتعلق العقد بالتجارة الدولية؟ وفي تقديرنا فإن الفارق بين الأمرين هو محض فرض نظري لا أثر له في الواقع العملي؛ وبيان ذلك أن المشرع تطلب لتوافر شرط الدوليـة أن يكـون "موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية"، والمقصود بموضـوع النـزاع؛ سـببه، وس الدعوى بب - بوجه عام- هو الواقعة التي يستمد منها الخصم الحق الذي يدعيه وهو لا يخرج - عن كونه عقداً أو عملاً ضاراً أو عملاً نافعاً أو نص قانون

10. والحقيقية أن إشتراط تعلق السبب بالتجارة الدولية يجعل من غير المتصور أن يكون أي من الأمور السابقة سبباً للنزاع سوى العقد، لذلك فمن غير المتصور أن يكون موضوع التحكيم عملاً ضاراً أو نافعاً يتعلق بالتجارة الدولية، وبالتالي فالتفرقة بين دولية النزاع ودولية العقد هي تفرقة نظرية بحتة لا أثر لها من الناحية الواقعية. وفي ما يلي نعرض اتجاهات الفقـه والقضاء بصدد تأويل نص المادة الثالثة من قانون التحكيم.

الاتجاه الأول: المعيار الاقتصادي تعلق النزاع بعقد من عقود التجارة الدولية:

11. ذهب إتجاه في الفقه الى أن التحكيم يعد دوليا في حكم المادة الثالثة متى كان متعلقا بالتجارة الدولية، فالمشرع – في تقديرهم – وضع معياراً عاماً وهو تعلق موضوع النزاع بالتجـارة الدولية، وما الحالات الأربع التي أوردها النص إلا من قبيل التزيد في إيضاح الفكرة فهـ أقرب الى العمل الفقهي منها العمل التشريعي .

12. وقد انتقد هذا الإتجاه نهج المشرع المصري في هذا الصدد بمقولة، أن المزج الذي أجـراه المشرع المصري بين المعيار الذي تبناه المشرع الفرنسي في المـادة 1492 مـن قـانون المرافعات الفرنسي، وبين نص المادة الأولى من قانون اليونسترال غير موفق.

13. وبيان ذلك أن النص الأول اكتفى بوضع معيار عام دون وضع حـالات حـصرية بينمـا وضعت المادة الأولى من قانون اليونسترال مجموعة من الحالات على سبيل المثـال دون وضع معيار عام لذلك فقد جاء هذا المزج في غير موضعه.

14. كما أردف هذا الإتجاه أن معظم الأحوال الواردة في المادة الثالثة لا تتوافر إلا إذا كنا بصدد عقد من عقود التجارة الدولية، إلا أنها ليست جامعة لفكرته، فقد يكون العقد متعلقاً بالتجـارة الدولية ولا تتوافر إحدى الحالات السابقة.

15. ويقصد بعقود التجارة الدولية كل عقد ينتج عملية تبادل للبضائع والخدمات عبر الحدود، فقد قضت محكمة استئناف القاهرة بأن "ويقصد بالتجارة الدولية أي تجارة خارجية ترتب آثـاراً قانونية في أكثر من بلد أي تتعدى حدود البلد الواحد وتمس المصلحة الاقتصادية لأكثر من بلد، بأن يتعلق النشاط الاقتصادي بنقل رؤوس أموال أو بضائع أو إنشاءات أو خـدمات أو تكنولوجيا عبر الحدود ولو كان هذا الانتقال لم يتم بعد .

16. وقد لاقى هذا الاتجاه قبولا لدى بعض الدوائر القضائية فذهبت محكمة استئناف القاهرة في بعض أحكامها إلى التعويل على هذا المعيار وحده لتقرير دولية التحكيم من عدمـه، وذلـك بالقول “وحيث أنه عن اختصاص المحكمة فإن النزاع القائم بشأنه طلب التحكيم أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم بين طرفي التداعي هو نزاع يتعلق بالتجارة الدولية، اعتباراً بأنـه عقد إدارة الفندق المؤرخ 2001/3/22، يتضمن إنتقالا لخدمات الإدارة والتدريب والتسويق ودفع مقابل ذلك بالدولار الأمريكي.

 تقدير هذا الاتجاه:

17. وهذا الاتجاه على الرغم من وجاهته الظاهرة، إلا أنه يخالف صريح عبارة نـص المـادة الثالثة من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإنه يعطل النص في فقرتـه الثانيـة فيكتفـى بتعلـق النزاع بالتجارة الدولية دون إشتراط توافر إحدى الحالات الأربع المنصوص عليها في تلك المادة.

18. ومن ناحية ثالثة؛ فإنه يؤول النص في غير موضع التأويل، فتأويل النصوص القانونية رهين بغموضها، فإن كانت عبارة النص واضحة فلا محل لتأويلها، فالمقرر أن تفسير النصوص القانونية يكون بإعمال قواعد التفسير اللغوي للنصوص -أولاً – ويكون ذلك باستنباط المعنى اللغوي الذي أراده الشارع من الألفاظ والعبارات التي يتكون منها النص سواء من عبارتـه أو إشارته أو دلالته. والبين أن النص وضع شرطاً وعدة حالات لانطباقه فلا محل للقـول باستبعاد أيهما؛ فالتطبيق الصحيح للنص يقتضى توافر الشرط وإحدى الحالات، وبالتالي فمن غير المقبول القول بانطباق الشرط دون الحالات.

الاتجاه الثاني: المعيار القانوني الإكتفاء بتوافر إحدى الحالات الأربع لتحقق إرتباط النزاع بالتجارة الدولية:

19. خلافاً للاتجاه السابق، ذهب بعض الفقه 1 الى أن تحقق إحدى الحالات الأربع المنصوص عليها بالمادة الثالثة يعد كافياً لإستيفاء شرط الدولية بل إن توافر إحداها يفترض حتماً تعلـق النزاع بالتجارة الدولية؛ فيعد إتفاق الأطراف على تسوية منازعاتهم وفقا لقواعد مركز تحكيم داخل مصر أو خارجها كافياً في حد ذاته لتحقق دولية التحكيم.

20. وقد لاقى هذا الاتجاه صدى في أحكام القضاء المصري فذهبت محكمة استئناف القاهرة في بعض أحكامها إلى أن لجوء الأطراف الى مركز تحكيم دائم في مصر أو خارجها يعد كافيا في ذاته على دولية التحكيم، ولو كان النزاع لا يترتب عليه أية آثار قانونية خارج الإقليم المصري، لذلك فقد قررت اختصاص رئيس محكمة استئناف القاهرة بالأمر بتنفيـذ حـكـم التحكيم، وذلك بالقول "وحيث إن قانون التحكيم المصري خصص المادة الثالثة منه لتعريف التحكيم الدولي، وقد نصت المادة على عدد من معايير دولية التحكيم التجـاري، واعتبـرت الفقرة الثانية منها إن مجرد اللجوء إلى مركز تحكيم دائم يوجد مقره داخل مصر أو خارجها لي التحكيم صفته أو صبغته الدولية، حتى لو كان النـزاع التجـاري مرتبطـاً بكافـة عناصره بمصر. ولأن تحكيم النزاع تم في إطار المركز الإقليمي الدائم للتحكـيم التجـاري الدولي بالقاهرة، فيعد دوليا في نظر القانون، ومن ثم يكون رئيس محكمة استئناف القاهرة هو المختص بإصدار الأمر بتنفيذ حكمه وذلك وفقاً للمادتين 9 و56 من قـانون التحكيم، ويصير ما أثاره المتظلم بصفته (الشركة المتظلمة) في هذا الشأن مردوداً، خاصة أنه لم يبين دلائل عدم الدستورية التي لوح بها في خصوص هاتين المادتين..

21.وبذات المبدأ قضت محكمة استئناف الإسكندرية بعدم إختصاصها محلياً، وبإحالـة دعـوى بطلان حكم التحكيم الى محكمة استئناف القاهرة، وبررت ذلك بأن إتفاق الأطـراف علـى اللجوء الى مركز الإسكندرية للتحكيم يعني أن التحكيم الماثل يكتسي الصفة الدولية، وطالما لم يتفق أطرافه على اختصاص محكمة استئناف أخرى تظل محكمة استئناف القاهرة هـي المحكمة المختصة محليا بنظر الدعوى، وفقا للمادتين 9 و54 من قانون التحكـيـم رقـم 27 لسنة 1994، لذا يتعين الإحالة.

22. وكما أيدت محكمة النقض هذا الاتجاه بحكمها الصادر في 13 ديسمبر 2005 – وإن كـان بشكل ضمني -حيث قضت بأن الاتفاق على حسم النزاع، وفقـاً لقواعـد مـركـز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي يعني توافر صفة الدولية في النزاع الماثل حيث ذهبت الى أن" النص في البند الثالث عشر من بنود في محضر جلسة هيئة التحكيم لدى نظر التحكيمين رقمي... على انه بالإشارة الى أحكام المادة 18 إتفق الأطراف على أن يخـضع التحكـيم الماثل لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الـدولي وان يتـولى المركـز إدارة التحكيم مفاده أن القواعد الإجرائية التي يتعين أن تتقيد بها هيئة التحكيم عند نظرها هـذين التحكيمين هي قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بدلا من قواعد التحكيم الدولية الوارد ذكرها في المادة 18 سالفة الذكر، وإن جمهورية مصر العربية هي البلد التي تقام فيها الدعوى التحكيمية وتباشر فيها إجراءاتها، و"أن التحكيم في هاتين القضيتين تحكيم تجاری دولي تبعا لنص المادة 1-3 من قانون التحكيم

23. وسبب اعتقادنا بأن الحكم السابق لا يعدو أن يكون إقراراً ضمنياً – وليس قاطعـاً مـن محكمة النقض لهذا الاتجاه، أن العقد محل النزاع هو عقد تتوافر له صفة عقـود التجـارة؛ فالعقد مبرم بين شركة سكانسكا سيمتيشن إنترناشيونال البريطانية والشركة المصرية للإنتاج الإعلامي، لذلك فإن تعويل الحكم على مباشرة التحكيم عن طريق المركز دون الإشارة إلى تعلق النزاع بالتجارة الدولية قد يكون إنطلاقاً من التسليم بتوافر تلك الصفة للنزاع.

24. كما يؤكد الفهم السابق أن محكمة النقض كانت قد ذهبت -خلافاً لذلك- في حكمها الـصادر في 27 يناير 2009 الى إنتفاء صفة الدولية عن النزاع حتى مع اتفاق الأطراف على اللجوء الى أحد مراكز التحكيم ورتبت على ذلك إعتبار التحكيم الماثل تحكيماً وطنياً تختلـف فيـه المحكمة المختصة بالمساعدة (المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع) عن محكمة الـبطلان (محكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع) حيث قضت بأنه" لمـا كـان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الشركة الطاعنة اقامت دعواها ببطلان حكم التحكيم الصادر من أحد مراكز التحكيم الواقعة في مدينة القاهرة، وكان هذا التحكيم ليس صادرا في تحكيم تجاري دولي فإن المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع هي محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ومن ثم وعملا بنص المادة 2/54 تحكيم ينعقد الاختصاص بنظر الدعوى لمحكمة استئناف القاهرة باعتبارها محكمة الدرجة الثانية لتلك المحكمة وإذ خالف الحكم الطعين هذا القـضاء وخلط بين قواعد الاختصاص المتعلقة بمسائل التحكيم وتلك المتعلقة بدعوى بطـلان حكـم التحكيم وقضى بأختصاص محكمة شمال القاهرة بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه"

25. إلا أن محكمة النقض ما برحت، وإن عدلت عن الاتجاه السابق بحكمها الـصـادر فـي 21 يناير 2016 حيث قضت – بعبارة واضحة لا لبس فيها – بأن دولية النزاع تتحدد إما بتعلقه بالتجارة الدولية أو بتوافر إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة الثالثـة مـن قـانـون التحكيم، فجعلته أمراً بديلاً يكتفى معه بتوافر إحداها، فإما الشرط أو إحدى الحالات؛ حيـث ذهبت الى القول" إن مناط إختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر دعوى الـبطلان فـي التحكيم التجاري الدولي أن يكون النزاع حول علاقة عقدية قانونية تتعلق بالتجارة الدولية أو في احدى الحالات الواردة في المادة (3) وأن تتسم هذه العلاقة بالطابع الاقتصادي.

تقدير هذا الاتجاه:

26. ويبدو لنا قبل التعرض لحكم النقض السابق بالتحليل من حيث مضمونه، أن هذا الحكم قـد تعرض لتوافر فكرة الدولية بصفة عرضية؛ أي أنها لم تكن محلا للمناضلة بين الخـصوم، كما لم تكن مسألة فاصلة يتوقف على حسمها الفصل في الدعوى من عدمه، وإنما جاءت من قبيل التزيد والإسهاب، فالمسألة محل النزاع هي توافر شرط التجارية مـن عدمـه، و بدورها محل نظر فيما إنتهى اليه الحكم من نتيجة.

27. ومن ناحية ثانية، فإن المقرر في قضاء محكمة النقض أن العبرة في تأويل النصوص هـي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني 2؛ فاذا كانت عبارة نص المادة الثالثة قـد وضـعت جملة شرطية جوابها تعلق موضوع النزاع بالتجارة الدولية، كما عطفت على هذا الجـواب عدة أحوال بقصد الإضافة لا التخيير، فما وجه الغموض في النص؟

28. لذلك فإن عبارة نص المادة الثالثة في تقديرنا – واضحة لفظا ومعنى ومبنى ودلالة وبالتالي فلا محل لتأويلها فالتأويل يستلزم حتما غموض النص22 أما إذا كان النص واضحاً فلا محل للتأويل.

29. ومن ناحية ثالثة، فإذا كان المشرع المصري قد عمد الى المزج بين المعيـار الاقتـصـادي لفكرة الدولية "تعلق النزاع بالتجارة الدولية"، والمعيار القانوني هو ارتباط النزاع بأكثر من دولة "الحالات المنصوص عليها في المادة الأولى من قواعد اليونــسترال"، فإنـه أيـضاً إستحدث حالة جديدة وهي حالة إتفاق الأطراف على عرض نزاعهم على منظمـة تحكـيم دائمة داخل مصر أو خارجها ودلالة ذلك أن المشرع عمد إلى تقييد عمومية الشرط بحالات حصرية ليجعل توافر الشرط متوقفاً على توافر إحداها، والعكس صحيح.

30. ومن ناحية رابعة، فإن الأخذ بهذا الإتجاه يجعل من توافر شرط الدولية في بعض الحـالات رهينا بإرادة الأطراف، وهذا غير منطقي، فالصفة الدولية للتحكيم لا يصح أن يـصطنعها أطرافه وإنما يتعين أن تفرضها طبيعة النزاع ذاته23، وإتصاله بأكثر من دولـة حقيقـة لا ظاهرا، وهو ما جعل المشرع المصري يعدل عن الحالـة الثالثـة الـواردة فـي قواعـد اليونسترال" وعدل من صياغتها ليجعلها غير معلقة على إرادة الأطراف .

31. ومن ناحية خامسة، فان هذا التفسير يخالف التفسير الملزم الذي أقرته المحكمة الدستورية العليا بخصوص ذات المبدأ، والذي يتعين على كافة المحاكم الالتزام به وفقاً لصريح نـص المادة 26 من قانون المحكمة الدستورية العليا والتي عقـد بموجبهـا المـشرع المـصري الاختصاص للمحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص القانونية تفسيراً ملزماً لكافة جهات التقاضي، وهو ما أقرت به محكمة النقض ذاتها.

 الاتجاه الثالث: الجمع بين المعيارين الاقتصادي والقانوني توافر الشروط إحـدى الحالات الأربع:

32. كما ذهب إتجاه آخر 26 إلى أن مقتضى صريح عبارة نص المادة 3 من قانون التحكيم يوجب لتوافر الصفة الدولية للنزاع أن يكون النزاع متعلقاً بالتجارة الدولية، من ناحية، وأن تتوافر - من ناحية أخرى- إحدى الحالات الأربع المنصوص عليها في المادة الثالثة. فنحن فـي حقيقة الأمر أمام شرطين مستقلين لا يغني توافر أحدهما عن الآخر27.

33. وفي تأييد هذا الاتجاه ذهبت أحدث أحكام محكمة استئناف القاهرة أن اللجوء الـى منظمـة تحكيم دائمة سواء داخل مصر أو خارجها لا يكفي لتوافر صفة الدولية، يجب علاوة علـى ذلك أن يكون النزاع متعلقاً بالتجارة الدولية، وذلك بالقول "وحيث أن التحكيم التجاري الدولي يشترط فيه أن يكون تحكيماً تجارياً وأن يكون تحكيماً دولياً ولا يغني توافر أحد الـشرطين عن الآخر ويكون التحكيم تجارياً في حكم قانون التحكيم المصري إذا نـشأ النـزاع حـول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي عقدية كانت أو غير عقدية، ويكون التحكيم دولياً إذا كان موضوعه نزاعاً يتعلق بالتجارة الدولية أي بتجارة خارجية ترتب آثاراً قانونية فـي أكثـ من بلد أي تتعدى حدود البلد الواحد وتمس المصلحة الاقتصادية لأكثر من بلد بأن يتعلـق النشاط الاقتصادي بنقل رؤوس أموال أو بضائع أو إنشاءات أو خدمات أو تكنولوجيا عبر الحدود ولو كان هذا الانتقال لم يتم بعد ويلزم إلى جانب تعلق موضوع النـزاع بالتجـارة الدولية لكي يكون التحكيم دوليا أن تتوافر إحدى الحالات التي حددتها المادة الثالثـة مـن قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 وهي:

أولاً- إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، فإذا كان لأحد الطرفين عدة مراكز للأعمال، فالعبرة بالمركز الأكثـر ارتباطاً بموضوع أتفاق التحكيم، وإذا لم يكن لأحد طرفي التحكيم مركز أعمـال، فـالعبرة بمحل إقامته المعتاد.

ثانياً- إذا اتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكـيم مقره داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.

ثالثاً- إذا كان موضوع النزاع الذي يشمله اتفاق التحكيم يرتبط بأكثر من دولة واحدة.

رابعاً- إذا كان المركز الرئيسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في نفس الدولـة وقـت أبرام أتفاق التحكيم، وكان أحد الأماكن التالية واقعاً خارج هذه الدولة.

   (أ) مكان التحكيم كما عينه أتفاق التحكيم أو أشار إلى كيفية تعيينه.

   (ب) مكان تنفيذ جانب جوهري من الالتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية بين الطرفين.

   (ج) المكان الأكثر ارتباطا بموضوع النزاع.

وحيث أنه بالبناء على ما تقدم، وإذا كانت العلاقة التي يتناولها التحكيم الذي طلبه المـدعى ضد المدعى عليه بصفته، هي علاقة لا يتوافر لها وصف التجارة الدولية، ذلـك أن العقـد الاساس للعلاقة العقدية هو عقد أداء وتقديم برنامج تلفزيوني طرفاه جنسيتهما مـصرية وموطنهما مصر، ويجري تنفيذ العقد في مصر، ولا يرتب ثمة آثـار فـي دول أخـرى ومن ثم فإن التحكيم الذي يجري بخصوص تلك العلاقة ليس تحكيمـاً دوليـا، وان جـرى بمعرفة منظمة تحكيم دائمة ومن ثم فإن للمحكمة اجراءات او مسائل التحك بنظر هذه الدعوى الماثلة تكون المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع، وهي محكمة الجيزة الابتدائية، وتكون محكمة استئناف القاهرة غير مختصة بنظرها وهـو مـا تقـضـي بـه المختصة المحكمة.

34. وتطبيقاً لهذا فقد أحالت محكمة القاهرة الاقتصادية بدائرة إستئنافية دعـوى بطـلان حكـم التحكيم إلى محكمة استئناف القاهرة لما تبدى لها من تحقق صفة الدولية، وجاء حكم محكمة أن إستئناف القاهرة بالقول "وحيث أن محكمة القاهرة الاقتصادية قـضـت بعـدم اختـصاص المحكمة نوعيا بنظر النزاع واحالتها الى محكمة استئناف القاهرة، وذلك تأسيـسـا علـ الثابت من مطالعة هذه العقود أنها تتعلق بالتجارة الدولية، وأن مركز نشاط المـدعى عليـه خارج مصر، وأن الأطراف اتفقوا على اللجوء الى مركز تحكيم خارج مصر، وهو هيئـة التحكيم الأمريكية، ومن ثم ينعقد الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة".

35. كما قضت في حكم آخر بأن حكم التحكيم تتوافر له شرط الدولية متى كان متعلقاً بعقد وكالة تجارية بين طرفين لأحدهما موطن في مصر بينما كان موطن الطرف الآخر في الخـارج، وذلك بالقول "الثابت أن الشركة المدعية مقرها الرئيسي... في جمهورية مصر، وان الشركة المدعى عليها مركز إدارتها في مدينة مونتريـــــــال بدولة كندا، وأن النزاع بينهمـا بـشأن الوكالة تجارية، ومن ثم يكون التحكيم موضوع الدعوى تجارياً دولياً.

36. هذا بالإضافة إلى أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت في قضية مـاليكورب الـشهيرة باشتراط أن يكون العقد متعلقاً بالتجارة الدولية من ناحية، بالإضافة الى توافر إحدى الحالات الأربع المنصوص عليها في المادة 3 وذلك بالقول "وحيث إن المواد (2، 3، 9، 2/54) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 تنص على أنه وحيث أن البين من مجموع النصوص القانونية المتقدمة التي نظم بها المـشرع شـؤون التحكيم التجاري الدولي، أن التحكيم يكون تجارياً إذا تعلـق بعلاقـة قانونيـة ذات طـابع اقتصادي، أورد لها المشرع عدة أمثلة في المادة الثانية، كما يكون التحكيم دولياً، إذا تعلـق النزاع بالتجارة الدولية، وفي أربع حالات حددها المشرع، على سبيل الحصر، في المـادة الثالثة من القانون رقم 27 لسنة 1994 المار ذكـره، من بينها أن يكون المركز الرئيـسي لأعمال كل من طرفي التحكيم يقع في دولتين مختلفتين وقت إبرام اتفاق التحكيم، أو أن يتفق طرفا التحكيم على اللجوء إلى منظمة تحكيم دائمة أو مركز للتحكيم يوجـد مقـره داخـل جمهورية مصر العربية أو خارجها.

37. كما قضت محكمة استئناف القاهرة تطبيقا لحكم الدستورية بإختصاصها بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الصادر في منازعة ناشئة عن عقد إداري دولي يرتب آثـاراً خـارج الإقلـيم المصري، أي بعقد من عقود التجارة الدولية، وكان أطرافه قد اتفقوا على اللجوء الى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، حيث قضت بأنه: "حيث أن الثابت من الأوراق أن العقد محل النزاع – الترخيص رقم 4 لسنة 2006- إنما أبرمه الجهـاز القـومي الاتصالات "مانح الترخيص" بصفته سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتـع بمثلهـا المتعاقد معها (الشركة المرخص لها)، فبحسب محل العقد، ومقصوده المباشر والجـوهري الذي يتمثل في تدعيم صناعة الانترنت وتسيير مرفق عام يتصل بالاقتصاد الوطني والأمن القومي المصري، هو مرفق الاتصالات الدولية ونقل المعلومات والتراسل، وذلك عبر معابر ومراكز اتصال دولية. في العقد (الترخيص) تسلح الجهاز مانح الترخيص بمظاهر السلطة العامة وامتيازاتها، مما جعل له مركزاً ممتازاً إزاء الشركة المتعاقد معها (الشركة المرخص لها "المحتكمة").

فالعقد – وفقاً لصياغته- يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في نطاق القانون الخـاص، وعلى سبيل المثال، ما جاء في المادة (30) منه التي تجيز للإدارة مانحة الترخيص (جهاز تنظيم الاتصالات) في إنهاء التعاقد (الترخيص) بإرادتها المنفردة دون حاجة إلـى تنبيـه أو إنذار أو اتخاذ أية إجراءات قضائية أخرى إذا ما أخلت الشركة المرخص لها بأي شرط أو التزام من الشروط والالتزامات الواردة في بنود الترخيص. وبالابتناء على توافر ما ينبـئ بوضوح على تكامل العناصر الرئيسة التي تعد عقـد النـزاع عقـداً إداريـاً، فقـد دفـع الجهاز المدعى عليه بانعقاد الاختصاص بدعوى البطلان المطروحـة للمحكمـة الإداريـة بوصفها محكمة الدرجة الثانية التي تتبعها محكمة القضاء الإداري المختصة أصـلاً بنظـر النزاع.

وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه وفقاً للفقرة الأولى من المادة التاسـعة مـن قـانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 – قانون الإجراءات التحكيمية- يكون الاختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النـزاع، أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو في الخارج، فيكـون الاختصاص لمحكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على محكمة استئناف أخرى في مصر.

 والثابت أن تحكيم النزاع نشأ حول علاقة عقدية ذات طابع اقتصادي "إداري"، واتفق طرفاه على اللجوء إلى مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي، لذلك فالتحكيم المطلـوب القضاء ببطلانه يعد في مفهوم قانون التحكيم-تجارياً دولياً، خاصة أن البادي من النزاع أن تنفيذ أجزاء من منظومة المشروع موضوع التعاقد يقع خارج الإقليم المصري، ومن ثم تختص هذه المحكمة بالدعوى الحالية. فدعوى الابطال المطروحة تقع في نطاق اختصاص "محكمة استئناف القاهرة" على الرغم من أن موضوع النزاع التحكي بدور حول عقد من العقود الإدارية، مما يختص بمنازعاته أصلا القضاء الإداري.

38. كما قضت أيضاً باختصاصها بنظر دعوى بطلان حكم التحكيم الناشئ عن عقد نقل دونـي للتكنولوجيا بين مستورد مصري ومصدر ألماني، وذلك بالقول "ولما كان التحكيم الذي صدر فيه الحكم الطعين هو تحكيم تجاري دولي، حيث نشأ النزاع محل التحكـيـم حـول علاقـة قانونية ذات طابع اقتصادي قوامها نقل تكنولوجيا تدوير مخلفات البيئة، كما أن النزاع محل التحكيم يتعلق موضوعه بالتجارة الدولية، حيث أنه يدور حول تعاقد على نقـل تكنولوجيـا تدویر المخلفات البيئية من شركة ألمانية ومركز أعمالها الرئيس بجمهورية ألمانيا الاتحادية إلى محافظة دمياط بجمهورية مصر. العربية وقد اتفق الطرفان علـى أن يكـون التحكـيم بمركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري الدولي، فمن ثم يكون الحكم الصادر من محكمـة شمال القاهرة الابتدائية بتعيين محكم عن الشركة المدعية هو حكم صادر من محكمة غيـر مختصة نوعيا بالحكم في طلب تعيين المحكمين، الذي تختص به محكمة استئناف القاهرة وهو اختصاص من النظام العام، ولما كان المحكم المعين بذلك الحكم قد اتفق مـع المحكـم المعين من محافظة دمياط على اختيار المحكم المرجح وهو رئيس هيئـة التحكـيم التـي أصدرت حكم التحكيم الطعين، فيكون ذلك الحكم قد صدر من هيئة تحكيم تم تشكيلها علـ وجه مخالف للقانون يتعلق النظام العام، وهو ما تقضي معه المحكمة ببطلان ذلك الحكـم، عملاً بالمادة رقم 27 لسنة 1994.

39. كما قضت محكمة استئناف القاهرة بدائرة مغايرة باختصاصها بنظر دعوى بطـلان حكـم التحكيم الصادر في نزاع لا تتوافر له صفة الدولية، وإن جرى وفقا لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي باعتبارها محكمة الدرجة الثانية للمحكمة المختصة أصـلاً بنظر النزاع.

40. ونحن من جانبنا لا نخفي تأييدنا لهذا الاتجاه باعتباره يعمل عجـز المـادة 3 مـن قـانون التحكيم، ووفقاً للدالة الواضحة للنص، كما أنه، من ناحية أخرى، قد أصبح تفـسيراً ملزمـاً لجهات القضاء بعد أن تبنته المحكمة الدستورية العليا، فإن إختصاص القـضاء الدسـتوري بتأويل النصوص القانونية هو إختصاص أصيل، إلا أنه لا يحجب سلطة القضاء في تفـسير النصوص القانونية، فمتى تصدت الأولى لتفسير نص ما تعين على باقي جهـات القـضاء الالتزام بهذا التفسير، وهو ما قضت به محكمة النقض .