الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / انواع التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 1 / التحكيم في المنازعات المتعلقة بالمحروقات طبقا لقانون المحروقات الجزائري الجديد

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 1
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    87

التفاصيل طباعة نسخ

 مقدمة

  يكتسي البحث في التحكيم كطريقة للفصل في المنازعات المتعلقة بالمحروقات في الجزائر أهمية بالغة لعدة عوامل نذكر منها:

- أولا : حجم الاستثمارات الإجنبية في الجزائر وحتى الجزائرية في الخارج، في مجال المحروقات، خاصة الغاز الطبيعي والأهمية الإستراتيجية التي تكتسيها بعض المشاريع التي هي في طور الإنجاز مع دول أوروبية، اعتبرت ذات أولوية على مستوى الاتحاد الأوروبي.

- ثانيا : عمق التحول الذي طرأ على موقف الجزائر من التحكيم الدولي: من بلد كان في السبعينيات في طليعة الدول العربية، بل دول العالم الثالث التي اعتبرته عائقا على طريق بسطها لسيادتها على ثرواتها الطبيعية في إطار ما كان يعرف آنذاك بالنظام الاقتصادي العالمي الجديد، إلى بلد حتمت علية ضرورة الانخراط في النظام التجاري العالمي الحالي، القبول به، بل أكثر من ذلك تقديمه للمستثمر الأجنبي كمحفز وكضمان. 

   ويظهر هذا جليا من خلال الخطوات الكبيرة التي اتخذت في اتجاه الاعتراف بالتحكيم الدولي في كافة مجالات التجارة والاستثمار على المستوى الدولي والوطني:

 - فعلى المستوى الدولي، انضمت الجزائر إلى اتفاقية نيويورك المتعلقة بالاعتراف و تنفيذ قرارات التحكيم الأجنبية منذ سنة 1989، ثم إلى اتفاقية واشنطن المتعلقة بفض المنازعات بين الدول ورعايا الدول الأخرى في مجال الاستثمار منذ 1995. وقعت الجزائر كذلك على العديد من المعاهدات الثنائية لترقية وحماية الاستثمار والتي تنص على التحكيم كوسيلة لفض منازعات الاستثمار.

- أما عن المستوى الوطني فلقد صدرت عدة قوانين للاستثمار تباعا تعترف بالتحكيم كوسيلة للفصل في المنازعات الدولية إذا نص عليه العقد أو اتفاقية دولية. صدر كذلك المرسوم التشريعي لسنة 1993 حول التحكيم التجاري الدولي الذي عدل قانون الإجراءات المدنية (المادة 458 مكرر وما بعدها). كما وضعت الغرفة الجزائرية للصناعة والتجارة لأول مرة رهن تصرف المتعاملين نظاما للتحكيم. 

   وأخيرا صدر قانون الإجراءات المدنية والإدارية المؤرخ في 25 فبراير 2008 والذي تضمن أحكاما خاصة بالتحكيم عموما و بالتحكيم الدولي في المواد من 1006 إلى 1061.

   والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذا التطور مس كذلك الاستثمارات في مجال المحروقات أم بقيت هذه ألأخيرة تحظى بنظام خاص ؟ 

   للإجابة عن هذين السؤالين، تجدر الإشارة في البداية إلى أن طرق الفصل في المنازعات كانت وما تزال مرهونة بالموقف الجزائري. ذلك لأن الشركات العالمية تتعامل مع مسألة الجهة المختصة للفصل في المنازعات بنوع من الواقعية، بحيث و لئن كانت وما تزال تفضل التحكيم عن الطرق الأخرى، فإن ظروف السوق كثيرا ما تدفع بها للقبول بالشروط التي يفرضها التشريع الجزائري. 

   من هذا المنطلق سوف نتطرق لموضوع التحكيم في العلاقات التي تربط الشركات النفطية العالمية مع الدولة الجزائرية مادام القطاع النفطي في الجزائر مازال ضمن الدومين العام المنجمي (المبحث الأول) لنتعرض بعد ذلك لوضع التحكيم في الاتفاقات التي تبرمها المؤسسة الوطنية سوناطراك مع الشركات النفطية العالمية ( المبحث الثاني). لكن قبل ذلك يجدر بنا أن نتعرض للكيفية التي تطور بها التشريع الخاص بالمحروقات في الجزائر منذ الاستقلال( مطلب تمهيدي). 

 

مطلب تمهيدي : تطور التشريع الجزائري للمحروقات 

   إن البحث في موضوع التحكيم في مجال المحروقات في الجزائر اليوم لا يستدعي منا أن نعود كثيرا إلى الوراء لنذكر بالوضع الذي آل إليه مباشرة بعد الاستقلال في إطار اتفاق التعاون الفرنسي الجزائري (Ascoop ) وفي الاتفاق الذي تم مع الشركة الأمريكية كيتي بتروليوم Getty Petroleum8 ولا بموقف الجزائر من التحكيم الدولي في مسألة التأميم في السبعينيات. فكل هذه التطورات لم تعد لها إلا أهمية تاريخية9. 

   لعل قانون 1986 المتعلق بالتنقيب والبحث واستغلال المحروقات، هو أول قانون تناول مسالة التحكيم في النشاطات البترولية بنوع من الوضوح. هذا القانون منع التحكيم كلية فيما يعرف بنشاطات المنبع upstream activities، وكذا النقل عبر الأنابيب و أقر المصالحة كطريق من الطرق الودية للفصل في المنازعات فقط في العلاقات التي تربط بين سوناطراك والمشارك الأجنبي. في مقابل ذلك المنازعات بين الدولة والمشارك الأجنبي ومن باب أولى المنازعات بين سوناطراك والدولة الجزائرية، بقيت خاضعة لاختصاص القضاء الوطني لا غير.

 

   الموقف المتصلب من التحكيم هذا لم يتوقف عند حدود نشاطات المنبع والنقل عبر الأنابيب، بل امتد إلى مجالات أخرى مثل نشاطات المصب downstream activities : التكرير والتمييع والتحويل والتسويق والتوزيع....... فعقود توريد الغاز و البترول كانت تفض المنازعات التي تثور بشأنها عن طريق التشاور، رغم احتوائها على شروط للتحكيم. العلاقات الأسبانية الجزائرية حملت أثر هذا التوجه في الثمانينات في النزاع الذي كان قد ثار بين سوناطراك و شركة إينكاسENGAS الإسبانية والذي تم انهاؤه عن طريق مفاوضات بين الحكومة الجزائرية والحكومة الإسبانية رغم وجود شرط للتحكيم ورغم إحتواء العقد على الشرط المعروف بـ " استلم أو ادفع – Take or pay .

    الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد في التسعينيات وما ترتب عنها من تقلص لمداخيل البترول و حاجة ملحة لاستثمارات أكبر، أملى على الحكومة اعتماد سياسة جديدة اعتمدت، من بين ما اعتمدت عليه من محفزات، على التحكيم التجاري الدولي. كان ذلك في قانون 1991 المعدل لقانون 1986 السالف الذكر. رغم ذلك لم يكن ذلك الاعتراف إلا جزئيا يقتصر على العقد الذي يربط سوناطراك بالشريك الأجنبي ولم يمتد إلى المنازعات التي قد تثور بين الدولة الجزائرية والشريك الأجنبي.

 قانون 2005 للمحروقات معدلا ومتمما في 2006 لم يغير الوضع كثيرا فيما يخص نشاطات البحث و/أو الاستغلال والنقل عبر الأنابيب أو ما يعرف عادة بالدومين المنجمي للمحروقات. في مقابل ذلك فتح الباب على مصراعيه للتحكيم الدولي دون تحفظ في نشاطات المصب وكل النشاطات التجارية التي تربط مجموعة سوناطراك بشركائها الأجانب وحتى في العلاقات المتعلقة بالمنبع فيما يخص الطرف ألأجنبي و هذا ما سنحاول الإجابة عليه في المبحثين التالين:

 المبحث الأول

 التحكيم في العقود التي تبرمها الشركات النفطية العالمية مع الجزائر في الدومين المنجمي للمحروقات

    شهد التاريخ النفطي للجزائر عدة نماذج للعقـود التي تبرم بين الشركات النفطية والدولة الجزائرية و/أو سوناطراك، بدءا بعقود الامتياز البترولي الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، إلى ما يعرف اليوم بعقود البحث و/أو الاستغلال وامتيازات النقل عبر الأنابيب في قانون 2005، المعدل بأمر سنة 2006، مرورا بعقود المشاركة في ظل قانون 1986 وعقود اقتسام المنتوج Production sharing في ظل التعديلات التي أتى بها قانون 1991 .

   القانون الحالي يفرق بين نموذجين: الأول يتمثل في عقود البحث و/ أو الاستغلال في نشاطات المنبع (المطلب الأول) والثاني يتمثل في ألامتياز في مجال النقل عبر ألأنابيب (المطلب الثاني). 

المطلب الأول: عقود البحث و/أو الاستغلال في نشاطات المنبع

  تجدر الإشارة في البداية إلى أن الدولة الجزائرية رغم احتفاظها بالسيادة على الثروات الطبيعية بما في ذلك الدومين العام للمحروقات، فلقد استحدثت في إطار الفصل بين صلاحيات السلطة العامة التي تؤول إليها والوظيفة التجارية التي ترجع لسوناطراك، جهازا يتولى إبرام العقود التي تتعلق بالبحث و/أو استغلال المحروقات وهو وكالة "ألنفط"ALNAFT، سواء مع سوناطراك أو مع أطراف أخرى وطنية أو دولية. 

   فيما يتعلق بالفصل في المنازعات التي قد تثور بين هذا الجهاز و الشركات البترولية العالمية بما في ذلك سوناطراك، كانت المادة 58 من قانون المحروقات لسنة 2005 تنص صراحة على أنه تسوى كل الخلافات بين وكالة "ألنفط" والمتعاقد والتي تنجم عن تفسير و/أو تنفيذ العقد أو عن تطبيق هذا القانون و/أو النصوص المتخذة لتطبيقه، عن طريق المصالحة المسبقة وفق الشروط المتفق عليها في العقد. 

   في حالة عدم التوصل إلى حل، يضيف النص، يمكن عرض الخلاف على التحكيم الدولي حسب الشروط المتفق عليها في العقد. 

  في ظل تعديل 2006، أضيفت فقرة جديدة إلى هذه المادة مؤداها أنه : " و في جميع حالات مشاركة الشركة الوطنية سوناطراك، فإن إجراءات التحكيم لا تخص إلا الأشخاص الآخرين دون الشركة الوطنية سوناطراك، التي تمثل المتعاقد". وهذا يعني عدم جواز التحكيم بين وكالة "ألنفط" وسوناطراك لأن المادة 32 معدلة بالقانون السالف الذكر، تنص على أن تتضمن عقود البحث و/أو الاستغلال وجوبا بندا يسمح بمشاركـة سوناطراك بنسبة لاتقل على 51 % قبل كل مناقصة في هذه العقود. 

   وهذا ما تؤكده نفس المادة في فقرتها الثالثة والتي لم يمسها أي تعديل بقولها: إذا كانت سوناطراك، هي المتعاقد الوحيد، فإن النزاع يسوى بتحكيم الوزير المكلف بالمحروقات. 

 المطلب الثاني : عقود الامتياز في مجال النقل عبر الأنابيب للغاز والبترول 

   على خلاف نشاطات المنبع التي ورد بشأنها نص خاص فيما يتعلق بطرق الفصل في المنازعات، فأن قانون المحروقات سكت عن هذا الأمر فيما يتعلق بالامتيازات لنقل المحروقات عبر الأنابيب والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يجوز تضمين امتيازات النقل عبر الأنابيب شروطا للتحكيم؟ 

   للإجابة على هذا السؤال يتعين أن نفرق بين حالتين: الأولى تخص العقود المتعلقة بالقنوات الداخلية و الثانية تتعلق بالقنوات الدولية. 

    بالنسبة للطائفة الأولى من القنوات التي لا تتعدى حدود التراب الوطني ، فسوناطراك وحدها لها صفة صاحب الامتياز طبقا للتعديلات التي أدخلها أمر 2006 على المادة 5 و التي عرفت صاحب الامتياز بأنه الشركة الوطنية سوناطراك التي تستفيد من الامتياز. ومما لا شك فيه أنه ليس في نية المشرع إخضاع المنازعات المترتبة على امتيازات النقل عبر الأنابيب للتحكيم الدولي، حتى لو ساهم رأس المال الأجنبي في هذا النشاط، ما دامت سوناطراك هي الوحيدة التي لها صفة صاحب الامتياز. فالمادة 68 التي كانت تسمح لأي شخص وطني أو أجنبي أن يحصل على امتياز لممارسة نشاط النقل عبر الأنابيب بقرار من الوزير المكلف بالمحروقات في 2005 مسها تعديل سنة 2006، بحيث لا يسمح في ظل القانون الجديد بممارسة نشاط النقل بواسطة الأنابيب إلا لشركة سوناطراك أو لشركة تنشئها مع الغير أجنبيا كان أم وطنيا، شريطة أن تساهم فيها بنسبة 51 % على الأقل وتكون خاضعة للقانون الجزائري أي مقرها في الجزائر. 

   الطائفة الثانية وتتعلق بالأنابيب الدولية هذه القنوات الدولية استثنتها المادة 68 سالفة الذكر فتنص المادة 73 على أنه: "فيما يخص الأنابيب الدولية القادمة من خارج التراب الوطني لتعبره وألأنابيب الدولية التي يكون منطلقها من التراب الوطني، يمنح الوزير المكلف بالمحروقات امتياز النقل، بعد أخذ رأي سلطة ضبط المحروقات ....". ثم تردف الفقرة الثانية قائلة بأنه: "يمكن للوزير المكلف بالمحروقات، بناء على تقرير مبرر وشامل، أن يسمح لسوناطراك، إذا لم تكن طرفا، لأخذ مشاركة في كل امتياز نقل محروقات بواسطة أنابيب الذي يتم منحه بموجب هذه المادة". ويعني هذا أن سوناطراك في هذه الحالة غير ملزمة بالمساهمة بـ51 %. وهذا ما يستقيم مع ما تقضي به اتفاقات جاري بها العمل مع أطراف إسبانية في الوقت الحالي . هذه الامتيازات لم ينص القانون على حكم التحكيم فيها وهي بحكم طابعها الدولي يمكن أن تتضمن شروطا للتحكيم طبقا لما ينص عليه العقد، خاصة إذا كانت حصة سوناطراك فيها لا ترقى إلى نسبة 51% .

    في خاتمة هذا المبحث تجدر الإشارة إلى المادة 109 التي أكدت في إطار الأحكام الانتقالية بالنسبة لهذين النوعين من العقود: البحث و/أو الاستغلال والنقل عبر الأنابيب على أنه : "استثناءا على ما نصت عليه المادة 58 من القانون، عندما تكون سوناطراك شركة ذات أسهم" المتعاقد الوحيد أو صاحبة الامتياز الوحيد، فإن كل خلاف ينتج عن تفسير و/أو تنفيذ أي تعاقد أو عقد امتياز تتم تسويته بتحكيم من الوزير المكلف بالمحروقات، وذلك في غياب تسوية بالتراضي. 

المبحث الثاني

 التحكيم في الاتفاقات التي تبرمها سوناطراك مع الشركات العالمية 

إن النص في أمر 2006 على نسبة 51 % تؤول إجباريا لسوناطراك في بعض النشاطات الحساسة، قد يعيد فتح الجدل فيما يخص القابلية للتحكيم في العقود التي تبرمها المؤسسة الوطنية سوناطراك مع الشركات العالمية من عقود بحث و/أو استغلال أو امتيازات للنقل بالأنابيب (المطلب الأول) وحتى في بعض أنشطة المصب كالتكرير الذي أصبح بفعل التعديل معنيا بنسبة 51 % المؤسسة الوطنية سوناطراك (المطلب الثاني). 

المطلب الأول: الاتفاقات التي تبرمها سوناطراك مع الشركاء الأجانب في عقود البحث و/أو الاستغلال وامتيازات النقل عبر الأنابيب 

    مما لا شك فيه أن الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، بمجرد أن تتعامل على المستوى الدولي، تعتبر في نظر القانون الجزائري من أشخاص القانون الخاص، مهما كان نظامها القانوني بالنظر لقانونها الوطني.

   الأمر ليس كذلك بالنسبة لشركة سوناطراك. فهي شركة مساهمة حقيقة و النص يؤكد على ذلك عند كل مرة يستعمل إسمها ، لكن رغم ذلك فهي ليست شركة مساهمة عادية ينظمها كلية القانون التجاري. فمنذ صدور المرسوم الرئاسي لسنة 1998 اعتبرت سوناطراك شركة مساهمة لكن شركة مساهمة ذات نظام خاص. وهذا الوضع تعزز في قانون 2005 وأمـر 2006. الأول أضفى على وجودها الطابع التشريعي والثاني يصفها بالمؤسسة الوطنية، دون أن يعني ذلك أنها تتحمل صلاحيات السلطة العامة، كما كان الوضع في ظل قانون 1986. فالنظام الخاص هذا أتى لكي يخضعها لتنظيم خاص من حيث الهيكلية ويمتعها ببعض الحقوق الخاصة مثل حق الشفعة. في مقابل ذلك يبقى القانون الخاص ( الدولي والداخلي) ينظم علاقاتها مع الغير. 

    من بين الامتيازات التي تحظى بها سوناطراك هو أن صفة المتعاقد مع وكالة النفط في عقود البحث و/أو الاستغلال لا تثبت إلا للمؤسسة الوطنية سوناطراك. كذلك الشأن بالنسبة لامتيازات النقل عبر الأنابيب فهي وحدها تثبت لها صفة صاحب الامتياز، مما يعني أن ما يربط الشريك الأجنبي بالمشروع من الناحية القانونيـة هو اتفاق شراكة مع الشركة الوطنية سوناطراك. اتفاق الشراكة هذا من العقود الدولية وليس هناك ما يحول دون تضمینه شرطا للتحكيم للفصل في المنازعات المتعلقة بالشراكة. في مقابل ذلك الشركة التي قد تنشئها سوناطراك مع هذا الشريك و التي تحوز فيها إجباريا 51 % يمكن أن تلجأ إلى التحكيم مع أي شخص من أشخاص القانون الخاص الجزائري، بالمفهوم الداخلي أو الدولي طبقا لقانون الإجراءات المدنية. 

المطلب الثاني: العقود التي تبرمها الشركات الأجنبية مع سوناطراك في مجال تكرير البترول

   رغم كون التكرير من نشاطات المصب التي أخضعها قانون 2005 لمبدأ التجارية، فأن إلزام أمر 2006 سوناطراك بالمساهمة بنسبة 51 % على الأقل في العقود التي قد تبرمها مع الشركات الأجنبية، يطرح إشكالية جواز التحكيم من عدمه في هذه العقود كذلك26. هنا لا بد ان نفرق بين عقد الشراكة الذي تبرمه سوناطراك مع الشريك الأجنبي، والعقود التي تبرمها الشركة المتمخضة عن هذا العقد في محيطها الوطني والدولي. 

   فبالنسبة لقد الشراكة إذا لم يكن للشريك موطن في الجزائر كان العقد دوليا ويخضع لأحكام التحكيم التجاري الدولي، طبقا لمقتضيات المادة 1039 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد والتي تعتبر التحكيم دوليا إذا تعلق الأمر "بالمصالح الاقتصادية لدوليتين" حتى ولو كانت لكل الأطراف موطن في الجزائر. 

   أما بالنسبة للعقود التي تبرمها الشركة المتمخضة عن عقد الشراكة فما دام مقرها في الجزائر فهي تبرم عقودا داخلية مع الأشخاص المقيمين في الجزائر والتي نادرا ما تحتوي على شروط للتحكيم الداخلي و ذلك لعدم شيوع العمل بهذا النوع من التحكيم في الجزائر وبالرغم من عدم وجود ما يحول دون ذلك قانونا. من جهة أخرى العقود التي تبرمها هذه الشركة في محيطها الدولي يمكن ان تتضمن شروطا للتحكيم طبقا لمقتضيات التجارة الدولية.

 في الخاتمة يجدر بنا أن نبدي الملاحظة التالية: 

   مفادها أن الرهان الحقيقي على التحكيم التجاري الدولي يكون في نشاطات المصب التي تفتح آفاقا كبيرة أمامه وهذا ما تبينه العقود الضخمة التي بدأت ترى النور في أطار المشاريع المستقبلية لشراء الغاز المزمع نقله عبر مشروع ميدغاز حتى قبل دخوله طور التشغيل. البعض من هذه العقود محا إجراءات تحكيم حالية بمبادرة من سوناطراك. 

  أما عن نشاطات المنبع و النقل عبر الأنابيب التي تلمس فيها نوعا من التحديد لمجال التحكيم فيها فإن القانون الحالي تحسبا لتغير الظروف خول للوزير المكلف بالمحروقات الخروج عن القواعد العامة في إبرام العقود في المادة 4/32 و نصها كالتالي: "يمكن الوزير بالمحروقات، بناء على تقرير مبرر وشامل، أن يعمل استثناء على هذه الأحكام لأسباب تتعلق بالصالح العام، في إطار سياسة المحروقات و هذا ما يذكرنا بموقف البرلمان الفرنسي الذي أجاز شرط التحكيم في بعض العقود الدولية بين الدولة الفرنسية و الشركات الأجنبية حينما يتعلق الأمر بمشاريع ذات أهمية وطنية رغم عدم جوازه كاصل عام .