الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / ذو طبيعة تعاقدية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / النظام القانوني لاتفاق التحكيم ( دراسة مقارنة ) / ذو طبيعة تعاقدية

  • الاسم

    أحمد نبيل سليمان طبوشة
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

    469
  • رقم الصفحة

    36

التفاصيل طباعة نسخ

 نظرية الطبيعة التعاقدية للتحكيم

١- مضمونها :

يري أنصار هذا الرأي أن التحكيم ذو طبيعة إرادية تعاقدية ، وأن عملية التحكيم تتمثل في شكل هرم قاعدته الاتفاق وقمنه الحكم الذي يصدر وكأنه مجرد عمل تكميلي . 

وينطلق هذا الرأي من حقيقة أن التحكيم يقوم أسامة على إرادة الأطراف. حيث إنه نقطة انطلاق التحكيم . فالأطراف باتفاقهم على التحكيم يتخلون عن بعض الضمانات القانونية والإجرائية التي يحققها النظام القضائي. فهم قد أثروا اتباع إجراءات سريعة ومرنة بهدف تحقيق العدالة والعادات التجارية، وإذا كان في هذا التخلي بعض المخاطر إلا أنها بلا شك مخاطر محسوبة ومن ثم لابد أن يتخذ هذا الحكم الصفة التعاقدية. 

 ۲- أسانيد النظرية التعاقدية .

استدل أنصار هذه النظرية بالحجج والأسانيد التالية : 

١- أن أساس التحكيم هو إرادة الأطراف وليس التشريع. وأنها تتعدى مجرد اختيار المحكم إلى اختيار مكان التحكيم والقانون الواجب التطبيق وهي مصدر سلطة المحكم وتحدد اختصاصه في القضاء بين الخصوم.

 ۲- أن المحكم مجرد فرد من أحاد الناس ، وليس بقاض ممن لهم ولاية القضاء الطبيعة القانونية للتحكيم فلا تفرض عليه مهمة التحكيم ولا يعد منكرة للعدالة إذا رفض قبولها. ولا تطبق عليه قواعد المخاصمة. وقد يكون المحكم أجنبية. 

٣- أن سلطة المحكم محدودة . فلا يملك " سلطة الأمر" أو توقيع الجزاءات

علي الخصوم أو إلزام الغير بتقديم شهادة أو سند منتج في الدعوى. بعكس

الحال لدي القاضي الذي يملك ذلك.

4 - من حيث الغاية والهدف. فإن التحكيم يرمي إلي مجرد تحقيق مصالح خاصة الأطراف عقد التحكيم. في حين أن القضاء يهدف إلى تحقيق مصالح عامة. 

5- أن حكم التحكيم لا يتمتع بالقوة التنفيذية التي تتمتع بها أحكام القضاء بل

يلزم الأمر بتنفيذه من قبل قضاء الدولة.

 6- أنه يجوز الطعن في أحكام المحكمين بدعوى البطلان وهذا يؤكد الطبيعة

التعاقدية. في حين أنه إذا اتصفت بالصفة القضائية فيمكن الطعن فيها بطرق الطعن علي الأحكام القضائية.

 ۷- أن الطابع التعاقدي للتحكيم يفرضه اعتباره من أدوات المعاملات الدولية. وأن تحرير المبادلات وتسهيل حركتها في مواجهة إعاقة بعض التشريعات والنظم الوطنية يكون عن طريق العقد لما يتصف به من طابع دولي.

۳- أوجه نقد النظرية التعاقدية :

 يمكن تفنيد أسانيد أنصار هذه النظرية بالحجج التالية: 

١- بالنسبة لما أثاره أنصار النظرية التعاقدية بشأن ( أن أساس التحكيم هو إرادة الأطراف ومبالغتهم في تقدير هذا الدور). فإن تلك الحجة محل نظر وذلك للأسباب الآتية :

 أ- أن إرادة الأطراف لا تكفي وحدها لإقامة نظام التحكيم. ذلك لأن نظام التحكيم يركز علي أساسين هما :

اولا : إرادة أطراف النزاع .

 ثانيا : إقرار الأنظمة القانونية الوضعية لهذه الإرادة. بحيث يمكن القول بأنه لولا إجازة الأنظمة القانونية الوضعية الالتجاء إلى نظام التحكيم كوسيلة لفض المنازعات بين الأفراد والجماعات ونصها على تنفيذ أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات. لما كانت إرادة الأطراف كافية لخلقه.

ب- أنه توجد حالات من التحكيم لا يكون فيها لإرادة الأطراف دور. كما في حالات التحكيم الإجباري وكذلك حالات تعيين المحكمين عن طريق المحكمة المختصة. 

ج- أنه يجب عدم الخلط بين اتفاق التحكيم الذي يتم بين أطراف النزاع ونظام التحكيم ككل. إذ إن هذا العقد في حد ذاته لا يحل النزاع. حيث إنه لو امكن اعتبار الاتفاق التحكيمي يتصف بالصفة التعاقدية فلا يمكن مد هذه الصفة إلي حكم التحكيم الصادر لحل النزاع.

۲- أما بالنسبة لما أثاره أنصار النظرية التعاقدية من أن المحكم فرد من أحاد

الناس وليس بقاض ولا تتخذ ضده إجراءات المخاصمة أو إنكار العدالة فإن

ذلك مردود عليه بالآتي :

 أ- أن هيئة التحكيم وان كانت تتشكل من أفراد عاديين. إلا أنها مع ذلك تملك سلطة القضاء بين الأطراف المحتكمين وهي ذات السلطة المخولة للقضاة. وأنه يجب عدم الخلط بين القاعدة القانونية وكيفية تنفيذها. فإقامة العدل بين الأفراد والجماعات لا يعد احتكارة للدولة. إذ يستطيع الأفراد والجماعات الاتفاق فيما بينهم على اختيار هيئات غير قضائية لتقضي فيما نشب بينهم من نزاع أو لمواجهة منازعات مستقبلية لم تنشأ بعد.

ب- أن إجراءات المخاصمة أو إنكار العدالة التي تتخذ ضد القاضي ولا تتخذ ضد المحكم مرجعها أن هذه الإجراءات لا تتبع إلا بالنسبة لمن صدرت لهم وهم قضاة الدولة باعتبارهم ممثلين للدولة والتي تسأل عن أعمالهم. أما المحكمين فلا تسأل الدولة عن أعمالهم ولذلك يمكن أن يكونوا من الأجانب. ولا يؤدي ذلك إلى إضفاء الصفة التعاقدية على التحكيم.

۳- أما بالنسبة لفقدان هيئة التحكيم السلطة الأمر التي يتمتع بها في منسي انها هم شما الدولة ، فإن ذلك لا يضفي الطابع التعاقدي على نظام التحكيم ذلك أن هيئة التحكيم تقوم بوظيفة القضاء الخاص بين الأفراد والجمعات. وهذا الفضاء الخاص الذي يقوم على الاتفاق هو الذي يحدد السلطات التي تمنح نهيئه التحكيم ويحدد ما يجب على هيئة التحكيم مراعاته عند إصدار حكم التحكيم في موضوع النزاع.

4 - بالنسبة لاختلاف الهدف من نظام التحكيم والقضاء. فإن ذلك بمردود عليه

بأنه إذا كان التحكيم يهدف إلى حماية مصالح خاصة فكذلك هو الشأن في القضاء. فضلا عن أن هذا الهدف هو في الواقع هدف عقد التحكيم. أما حكم التحكيم الصادر في النزاع فإنه يرمي إلى تطبيق القانون على النزاع المطروح وصولا للفصل فيه مثله في ذلك مثل الحكم القضائي.

 5- أما ما أثاره أنصار النظرية التعاقدية حول عدم تمتع حكم التحكيم بالقوة

التنفيذية إلا بصدور أمر القضاء. فإن ذلك مردود عليه بالأتي :

 أ- احتياج حكم التحكيم لأمر التنفيذ القضائي لا يؤثر في طبيعته. ودليل ذلك اشتراط صدور أمر تنفيذ بالنسبة لأحكام القضاء الأجنبية من قضاء الدولة. ولم يقل أحد إن ذلك يعني انتفاء الصفة القضائية عن الحكم الأجنبي.

 ب- أن رقابة القضاء في إصدار الأمر بالتنفيذ لا يقصد منها تحقق القاضي من عدالة الحكم أو صحة القضاء في موضوع النزاع لأنه لا يعد هيئة استئنافية. وإنما يقصد منها التحقق من عدم وجود ما يحول دون تنفيذه ، وأنه قد صدر تنفيذا لاتفاق تحكيم ، وأن هيئة التحكيم قد راعت الشكل الذي يتطلبه

منها القانون في هذا الشأن ، وعدم مخالفة موضوعة للنظام العام في الدولة. 

6- أما بالنسبة لجواز الطعن في أحكام المحكمين بدعوى البطلان. فإن هذه النظرية تعجز عن تبرير جواز الطعن في أحكام التحكيم في القوانين التي تجيز ذلك. حيث توجد بعض القوانين تجيز الطعن في أحكام التحكيم مثل أحكام القضاء. ومثال ذلك قانون التحكيم الانجليزي الصادرة عام 1996.

 4- ما يترتب على الأخذ بالنظرية التعاقدية :

يترتب على هذه النظرية الأتي :

 أولا : إطلاق حرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على التحكيم

 ثانيا : تحجيم دور الدولة في التدخل في التحكيم. فحسم النزاع يتم بشكل كامل

من قبل المحكمين سواء فيما يتعلق بمسائل القانون أو مصائل الواقع. وليس للدولة أن تتدخل إلا لمنع المساس بالنظام العام أو لضمان حسن سير عملية التحكيم. أي: بحدود ما يمس الأسس الدينية أو الاجتماعية أو السياسية للدولة ، أو ما يسد ثغرات " اتفاق الأطراف على التحكيم"

 ثالثا : أنه إذا أريد تنفيذ حكم التحكيم. فإن تكييف المحكمة المطلوب التنفيذ أمامها له على أنه عقد ، يجعل رقابتها عليه تتسم بالشكلية والتحقق من عدم وجود ما يحول دون تنفيذه ، وذلك دون التعرض الموضوع النزاع ومدي عدالة الحكم وصحة القضاء فيه.

 رابعا : يترتب على الأخذ بمنطق النظرية التعاقدية نتيجة منطقية مؤداها أن نظام التحكيم في ذاته يكون عقدا ، ومن ثم يخضع للقواعد الخاصة بعقد التحكيم - سواء وردت في نصوص قوانين المرافعات أم وردت في نصوص قانونية

خاصة بها - كما يخضع نظام التحكيم كذلك للنظرية العامة للعقود التي تؤدي إلي سيادة قواعد العقد على نظام التحكيم. فلا يخضع قرار هيئة التحكيم للقواعد المقررة للأحكام القضائية - سواء من حيث اكتسابه للحجية القضائية أو من حيث إمكانية الطعن فيه بالطرق المقررة قانونا للطعن في الأحكام القضائية.

5- موقف القضاء المقارن من النظرية التعاقدية :

 - في مصر. فيما يبدو أن أحكام محكمة النقض المصرية تميل إلي ترجيح الطابع التعاقدي لنظام التحكيم وإن كانت لم تنص عليه بشكل صريح وإنما