الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / ذو طبيعة تعاقدية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المركز القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي / مهمة المحكم ذات طبيعة تعاقدية

  • الاسم

    زكريا محمد يحيى صالح
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    299

التفاصيل طباعة نسخ

مهمة المحكم ذات طبيعة تعاقدية

 يرى البعض من علماء الفقه الإسلامي أن الوظيفة التي يؤديها المحكم ذات طبيعة تعاقدية باعتبار المحكم وكيلا عن الخصوم وليس بقاض ، وهذا الرأي أخذ به بعض فقهاء المذهب المالكي، حيث إنهم لا يشترطون في المحكم توافر الشروط ذاتها التي يجب توافرها في القاضي، فقد جاء في المنتقى في شرح موطأ مالك ما نصه " قال سنحون في المجموعة وكتاب ابنه: لكل واحد منهما أن يرجع في ذلك ما لم يمض الحكم فيه، فإذا أمضاه بينهما فليس لأحدهما أن يرجع فيه، ووجه القول الأول بأنه لا يلزم بالتحكيم، وهو قول ابن القاسم ومن تابعه، أنه عنده من باب الوكالة، لوجهتين إحداهما أنه حاكم خاص والولاية عامة، والثاني أن حكمه إنما يكون بإذن من يحكم له أو عليه وهذا معنى الوكالة، وقد ذهب إلى هذا الرأي أيضا المذهب الزيدي .

وأما بالنسبة لمسألة النكاح بين الزوجين فالوظيفة التي يؤديها المحكم تجعله وكيلا، حيث يرى أصحاب هذا الرأي أن الحكمين وکيلان عن الزوجين، لا يفعلان إلا ما وكلا به من قبل الزوجين، وليس لهما الحق في التفريق بين الزوجين، إلا إذا وكلهما الزوجان بذلك ورضيا به مقدما)، وهذا الرأي قد أخذ به الأمام أبو حنيفة وبعض أصحابه ، وهو الأرجح في الفقه الشافعي، وهو ما أخذ به الفقه الحنبلي في رواية عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وهو مذهب أهل الظاهر، حيث ذهبوا إلى أن الحكمين في مسألة الشقاق بين الزوجين وکیلان لا حاكمان، وبناء عليه لا يفعلا إلا ما وكلا به من الزوجين من جمع أو تفريق بمقابل أو بغير مقابل وليس لهما حق التفريق بينهما إلا إذا وكلهما الزوجان بذلك ، وقد أخذ بهذا الرأي جماعة من الفقهاء كعطاء و أبو الحسن البصري وكذلك عبد الله بن العباس، حيث أسند أصحاب هذا الرأي على أن الحكمين هما وکیلان في مسألة الشقاق بين الزوجين بما جاء في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا }» صدق الله العظيم، وقد استدل أصحاب هذا الرأي على أن المقصود بالآية الكريمة أمران أولهما: أن : المراد بعث حكم من أهله وحكم من أهلها وهذا يدل على أنهما وکيلان عن الزوجين، وهذا إن دل على شيء فهو دليل على بطلان قولهم أن للحكمين أن يجمعا أو يفرق، أما الأمر الثاني: أن مهمة الحكمين واضحة وصريحة في الآية وهي الإصلاح لا التفريق، وبذلك فإن حق الحكم في التفريق بين الرجل وزوجته غير ثابت للمحكم، وهو من حق الزوج وحده وهو الأصل، إلا ما وكل به وحصل به الرضا منهما. وقد قال الإمام الرازي في آية الشقاق بين الزوجين، أن الله عز وجل لما ذكر الحكمين لم يضف إليهما إلا الإصلاح، وهذا يقتضي أن يكون ما وراء الإصلاح غير مفوض إليهما).

وأما ما ورد من الروايات على تأكيد أن المحكم ما هو إلا وكيل في شأن الشقاق الحاصل بين الزوجين، ما روى أبو بكر بإسناده عن عبيده السلماني: أنه جاء رجل وامرأة بينهما شقاق إلى الأمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ومع كل منهما فئام من الناس فقال الإمام علي رضي الله عنه إبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، ثم قال للحكمين أندريان ما عليكما ؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتها، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت: المرأة رضيت بكتاب الله على ولی فقال: الرجل أما الفرقة فلا فقال: الأمام على كرم الله وجهه:" والله لا يقبل حتی تقر بمثل ما أقرت به، ووجه الدلالة في هذه الراوية أنها تدل على أن مسألة بعث الحكمين في مسألة الشقاق الحاصل بين الزوجين لا يكون إلا برضا من الزوجين وتوكيل منهما، ولهذا لم يبعث الأمام علی کرم الله وجه الحكمين، لأنهما وکيلان عن الزوجين، ولذلك فأن الأمام على (كرم الله وجهه) قد طلب إقرار الزوج، وأما ما استدلوا به من المعقول أن الحال بشأن معالجة موضوع النزاع بين الزوجين قد يؤدي إلى الفراق بينهما، كما أن البضع هو من حق الزوج و المال هو من حق المرأة، و يقصد بالمال المال الذي تخالع عليه المرأة، فالرجل وزوجته هما رشيدان فلا يولى عليهما ولايتصرف في حقهما إلا بوكالة منهما، أو ولاية عليهما، كما جاء في قوله تعالى {ولا يحل لكم أن تأخدوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما محدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به}، ووجه الدلالة من هذه الآية أنه لا يحل للأزواج أن يأخذوا مما دفعوه إلى نسائهم من المهر أو غيره شيئا على وجه المضارة لهن" إلا أن يخافا ألا يقيما ود الله" بأن تكون كارهة له لا تطيق العيش معه من غير إضرار منه، " فإن خفتم" والخطاب للأمة والحكام أو المتوسطين بين الزوجين للإصلاح، " ألا يقيما حدود الله" من الطاعة و حسن العشرة، فإن خافا ذلك "فلا جناح عليهما فيما افتدت به" ببذل شيء من المال يرضى به الزوج فيطلقها لأجله، و هذا هو الخلع، فيجوز إن لم يكن من الزوج عضل ولا إضرار أن يأخذ ما أعطته ليطلقها.

وإن مقصود الشارع بالحكمين الإصلاح لما فسد من الزوج لزوجته ومن الزوجة الزوجها، فإذا حكم رجل واحد وأجتمع عليه فإنه يكون بمنزلة الحكمين.

وهناك رأي الفقه المالكي ذهب إلى أن المحكم حاكم خاص بعكس ولاية القضاء فهي ولاية عامة، كما أن حكم المحكم خاص بعكس حكم القاضي فهو عام، كما أن حكم المحكم لابد وأن يكون بإذن من يحكم له أو عليه.