الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / ذو طبيعة تعاقدية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المركز القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي / نظرية الطبيعة التعاقدية لمهمة المحكم 

  • الاسم

    زكريا محمد يحيى صالح
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    258

التفاصيل طباعة نسخ

نظرية الطبيعة التعاقدية لمهمة المحكم 

هذا ويرى جانب من الفقه الإيطالي أن الإتفاق على التحكيم كعقد ليس من عقود القانون الخاص، و إنما هو عقد ذو طابع إجرائي عام، وذلك على أساس أن عقد التحكيم يؤثر تأثيرا مباشرة في وجود خصومة التحكيم، بدليل أنه يمنع قضاء الدولة من نظر الخصومة التي اتفق على التحكيم بشأنها، ومن ثم يتم منح المحكم سلطة قضائية، هذا وينتقد جانب من الفقه هذا الرأي مؤكدا على كون الاتفاق على التحكيم هو من عقود القانون الخاص، ومن ثم تنطبق عليه القواعد العامة في القانون المدني، فهو لا يخضع للقواعد الإجرائية التي ينظرها القانون، كما لا يخضع لنظرية بطلان الأعمال الإجرائية، كون الاتفاق على التحكيم يعقد قبل بدء الخصومة، ومن ثم فلا يمكن أن يكون من العناصر المكونة لها، وبالتالي لا يخضع للقواعد المنصوص عليها في القانون المدني، والسبب في ذلك أن القانون المدني يجعل من هذا العقد ذا طبيعة خاصة.

حيث يسلم أصحاب هذه النظرية بأن التحكيم يقوم على عمل من المحتكمين، بقيامهم بإبرام اتفاق التحكيم، وعمل يقوم به المحكم وهو الفصل في الخصومة بقرار ملزم للمحتكمين، حيث أيد جانب من الفقه القانوني الفرنسي والمصري هذه النظرية العقدية بتكييف طبيعة مهمة المحكم بأنها طبيعة تعاقدية، كون اتفاق التحكيم، والحكم الذي يصدره المحكم هو نتاج طبيعي للعملية التحكيمية، وقد تم تصور تلك العملية في شكل هرم قاعدته ذلك الاتفاق وقمته ذلك الحكم الصادر

من ذلك المحكم، و أن هذا الحكم الصادر ما هو إلا عبارة عن عنصر تبعی للعملية التحكيمية، لكونه تحديدا لمحتوى العقد بمعرفة الغير، وليس قضاء، لذلك فإن أصحاب هذه النظرية لا يرون ما يمنع أن الطبيعة القانونية للوظيفة القضائية للمحكم تعاقدية، و أن طبيعة عمل المحكم ترتبط بطبيعة التحكيم القانونية، وبالتالي تكيف طبيعة مهمة المحكم بالتعاقدية، وذلك قياسا على الطبيعة التعاقدية التي تحكم العلاقة بين أطراف التحكيم، فاتفاق التحكيم هو أساس قيام نظام التحكيم، وعليه يتم اتخاذ إجراءات التحكيم بما فيها مهمة المحكم، وعلى هذا فإن السلطة الممنوحة للمحكم من قبل المحتكمين لا تمت إلى القضاء بصلة، كون مصدرها هو اتفاق التحكيم الناشئ بإرادة ذوي الشأن، و لهذا فإنه لا يمكننا أن نعتبر سلطة المحكم ضمن السلطة القضائية، إلا إذا كان الأطراف الذين قاموا بتعيين المحكم من رجال السلطة العامة، وبالتالي فإن حكم المحكم الذي يستمد قوته من اتفاق التحكيم الناتج عن العقد المبرم بين أطراف التحكيم، لهذا فإن الحكم يتمتع بخصائص الاتفاق، وحتى و إن كان تنفيذ حكم المحكم بناء على أمر قضائي فهذا لا يؤدي إلى اعتباره حكما قضائيا بالمعنى الدقيق، بل يظل مرتبطة في م صيره وتفسيره بعقد التحكيم حتى بعد صدور أمر بتنفيذه .

وقد أيدت بعض أحكام القضاء المصري الطبيعة التعاقدية لنظام التحكيم، في عدة أحكام لها حيث قضت محكمة النقض المصرية" أن قوام التحكيم الخروج على طريق التقاضي العادية وهناك حكم المحكمة استئناف القاهرة ، حين جاء في الحكم مانصه" بأن أحكام المحكمين المصالحين لا تقبل الاستئناف بتاتا لأنها من قبيل العقود، ولا سبيل للطعن فيها إلا بالبطلان في صورة المعارضة في أمر التنفيذ المنصوص عليه في المادة 727 من قانون المرافعات السابق المعمول به في تلك الفترة.

ولقد انتهى أنصار هذه النظرية من خلال مقارنة المحكم بالقاضي، إلى أن المحكم ليس من قضاة الدولة بل هو شخص عادي وقد يكون أجنبيا، وله أحقية رفض قبول المهمة دون أية مسئولية يتحملها بحيث لا يعتبر منكرة للعدالة، إذ إنه يستمد سلطاته من اتفاق الأطراف المتنازعة الذين اختاروه، وقد ركز أنصار نظرية الطبيعة العقدية لمهمة المحكم، على افتقار المحكم لسلطة الأمر، ولا يملك توقيع جزاءات على الأطراف أو الشهود، فضلا أنه في حالة إصداره لحكمه يطلب أمرا بتنفيذه من القضاء، وإمكانية رفع دعوى ببطلانه، ومن ثم يكون لحكمه الطبيعة التعاقدية .