هذه النظرية هي الاتجاه الغالب قديما وحديثا فينظر أصحابها إلى المحكم على أنه قاضي بمعنى الكلمة، وأنه يؤدی مهمة قضائية، والعمل الذي يصدر عن المحكم هو حكم بمعنى الكلمة، وهذا الحكم يتمتع بكافة الخصائص التي يتمتع بها غيره، ويحوز بمجرد صدوره حجية الأمر المقضي به، وتستنفذ ولاية المحكم بشأن حكمه بمجرد إصداره له فلايملك تعديله أو الرجوع فيه أو إصدار مايخالفه.
لايغير من طبيعة المحكم القضائية كون حكمه لايقبل التنفيذ إلابموجب إذن بذلك من القضاء، فالهدف من ذلك التثبت من وجود اتفاق بين الخصوم على التحكيم بصدد نزاع معين، وأن هذا النزاع هو الذي تم الفصل فيه، وليس مراقبة عدالة حكم المحكمين بتعديله، يؤكد ذلك أن حكم التحكيم يعد موجوداً من تاريخ صدوره، وينتج كل آثاره وحجيته من هذا التاريخ.
انتقد الدكتور وجدى راغب، هذه النظرية بشدة لإثبات أن حكم التحكيم ليس عملاً قضائياً وقال:
1- وحدة المصطلحات القانونية المستخدمة لكل من حكم التحكيم والحكم القضائي تدل على أن المصطلحات تستخدم أحيانا بالدقة المطلوبة، وهذه الوحدة مقصورة على اللغة العربية، في حين تميز التشريعات الأخرى بين المصطلحات المستخدمة في الحالتين، ففي فرنسا يستخدم اصطلاح jugement أو arret على أحكام القضاء أما قرارات المحكمين فهي sentence arbitrale ، وفي إيطاليا الحكم القضائي lodo وحكم التحكيم setenze وفي إنجلترا الحكم القضائي judgment وحكم التحكيم award.
2- وحدة الوظيفة أوالغاية للقاضي والمحكم لقيامهما بتطبيق القانون على المنازعات حجة غير صحيحة، لأن القاضي قد يباشر وظيفته دون نزاع کالأحكام الاتفاقية وإقرار المدعى عليه بالدين، فالقانون لا يتطلب وجود نزاع بين الطرفين وإنما يتطلب وجود مصلحة، أما التحكيم فلابد من وجود نزاع، كما أن وظيفة القاضى قانونية بحتة، فوظيفته اجتماعية واقتصادية بحتة في حل النزاع بالقانون وبغير القانون بمايضمن استقرار العلاقات مستقبلا بين المتنازعين.