الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / ذو طبيعة قضائية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المركز القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي / مهمة المحكم ذات طبيعة قضائية

  • الاسم

    زكريا محمد يحيى صالح
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    295

التفاصيل طباعة نسخ

مهمة المحكم ذات طبيعة قضائية

 لقد ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأن المهمة الي يؤديها المحكم مهمة ذات طابع قضائي ، شأنه في ذلك شأن القاضي المولى، سواء كانت تلك المهمة تتعلق بالفصل في الخصومات التي يجوز فيها التحكيم، أم كانت تتعلق بمسألة الشقاق بين الزوجين، لذلك يتطلب فيمن يتولى مهمة التحكيم نفس الشروط التي يتطلبها القاضي، ومن ثم إنزال الحكم الصادر منه بمنزلة حكم القاضي، وينفذ حكمه كما ينفذ حكم القاضي، وينقضي حكمه للأسباب نفسها التي ينقضي بها حكم القاضي، ولا يلزم عند إصدار المحكم لحكمة، الرضا وموافقة المتخاصمين عليه، کون رضائهم قد حصل بتوليته.

ومما يدل على تولية المحكم مهمة القضاء أنه يجوز توليتة مهمة الفصل في الخصومات مع وجود قاضي، ولكن بشرط تأهيل المحكم للقضاء، كما يشترط رضا الخصمين بحكمه قبل أن يصدر الحكم لا بعده، لأن رضاهما هو المثبت للولاية فلابد من تقدمه.

وأما بالنسبة لجواز التحكيم في مسألة الشقاق الحاصل بين الزوجين فقد جاء في كتاب الله عز وجل بيان كيفية معالجة تلك المسألة في قوله تعالى {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحا وفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا } صدق الله العظيم، ويستدل من هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى سمى المبعوثين حكمين، و يترتب على كونه حاكما أنه لا يحتاج إلى إذن أو وكالة، و بالتالي فالحكمان نصبهما الله حكمين، ولو أراد أن ينصبهما وكيلين لقال فابعثوا وكيلا من أهله و وكيلا من أهلها، وقد قال أبن القيم الجوزية و العجب كل العجب ممن يقول هما وكيلان لا حكمان والله تعالى . نصبهما حكمين وجعل تنصيبهما إلى غير الزوجين، فلو كانا وكيلين لقال: فليبعث وكيلا من أهله ولتبعث وكيلا من أهلها ".

هذا وقد أجمع الفقهاء أنه لا يصح للمحكمين أن يحكما إلا بما يتبين لديهما، فهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الحكمين قاضيان لا وكيلان وإلا لما صح لهما حكم"، والتحكيم غير التوكيل، وهذا لايخفى على من له أدنى فهم، وقد ذهب رأى في المذهب الشافعي إلى أنه لا يجوز التحكيم عند وجود کا قاض في البلد، وهناك رأي آخر في المذهب الشافعي يجيز التحكيم مع وجود القاضي.

وقد جاء في كتاب" بداية المجتهد ونهاية المقتصد" للقرطبي في باب بعث الحکمین مانصه" قال مالك وأصحابه بجواز قولهم في الفرقة والاجتماع بغير توکل"، وقد استدل على ذلك ما رواه أبو بكر بإسناده عن عبيدة السلماني قال:أنه جاء رجل وامرأة بينهما شقاق إلى الأمام علی کرم الله وجهه، و مع كل واحد منهما فئام من الناس، فقال: على رضي الله عنه ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، ثم قال للحكمين أتريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتماء وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما، فقال: الزوج أما الفرقة فلا، وقالت المرأة رضيت بكتاب الله فيه لي وعلى، فقال: على رضي الله عنه: كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أثرت به، حيث يستدل من نص هذه الرواية أن عليا كرم الله وجهه في حالة الشقاق الذي فصل بين الرجل و امرأته قد أمر كلا من الرجل والمرأه أن يعين له حكما، وقد بين كيفية قيام الحكمين بعملهما ، حيث أقر لهما الحق في أن يفرقا بين الرجل وزوجته أو أن يجمعا بينهما ، وذلك حسب ما يريان أنه الأصلح بحيث يتم ذلك بحضور الرجل وزوجته دون أي اعتبار لرضاهما فالحكمان هما من يقرران أما بقاء الزوجية أو التفريق، حيث جاء في كتاب "فتح القدير أن المحكمين إن رأيا التفريق بينهما أي بين الرجل وزوجته، فإن ذلك جائز لهما من دون أمر من الحاكم في البلد، و لاتوكيل بالفرقة بين الزوجين .

وقد ذهب الإمام أحمد في روايه عنه وقول عند الشافعي ، وهو قول الإمام مالك بن أنس ومن معه، فقد ذهبوا جميعا في مسألة الشقاق بين الزوجين إلى أن المحكمين حاكمان، إن شاءا جمعا، وإن شاءا فرقا سواء كان بعوض من المرأة، أو بغير عوض، والحكم الذي يصدر هو حكم وليس وكالة، وبذلك لا يشترط رضا الزوجين ولا توكيلهما، وقد ورد ما يؤكد ذلك فيما روى عن عثمان رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين فقيل، إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما وقال: معمر بلغني أن الذي بعثهما عثمان، هذا و قد أجمع الصحابة أن الحكم للحكمين، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، وإنما ظهر الخلاف بدءا من التابعين فمن بعدهم.

 وقد أكدت مجلة الأحكام العدلية على أن حكم المحكم تحكم القاضي ، وذلك فيما نصت عليه في المادة (1848)، بقولها " كما أن حكم القضاة لازم الإجراء في حق جميع الأهالي الذين في داخل قضائهم. كذلك حكم المحكمين في حق من حكمهم، وفي الخصوص الذي حكموا به لازم الإجراء. بناء عليه ليس لأحد الطرفين أن يمتنع من قبول الحكم الذي وقع من المحكمين، إذا كان موافقة لأصوله المشروعة.