التحكيم / ذو طبيعة قضائية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / المركز القانوني للمحكم في التحكيم التجاري الدولي / مبررات وحجج وأسانيد أنصار من ذهب إلى أن مهمة المحكم ذات طبيعة قضائية
أما عن مبررات وحجج وأسانيد أنصار من ذهب إلى أن مهمة المحكم ذات طبيعة قضائية فتتمثل في الأتي:
1- هناك توافق جوهري بين أداء القاضي لمهمته وأداء المحكم لمهمته، فكلاهمايقوم بالفصل في الخصومات التي يتم عرضها عليه، فهما يقومان بتطبيق القانون على هذه الخصومات)، إذا فإن المهمتين هدفهما واحد وهو حل الخصومات بأحكام عادلة.
2- رغم أن مهمة المحكم تبدأ باتفاق بينه وبين طرفي الخصومة، إلا أنه سرعان ما يستقل بنظر الخصومة ويقوم بالفصل فيها دون أي تدخل من المحتكمين، وهذا ما جعل مهمة المحكم تماثل مهمة القاضي في مبدأ الاستقلالية في إصدار الأحكام في الخصومات المعروضة عليهما.
3- تتوافر في نظام التحكيم كل عناصر العمل القضائية من منازعة، وقيام ادعاء، ووجود عضو وهم المحكم الذي يقوم بالفصل في الخصومة .
4- توافق حكم المحكم مع الحكم القضائي الذي يصدره القاضي، سواء من ناحية الشكل أو الموضوع، فمن حيث الشكل يصدر حكم المحكم مكتوباً ومسببا وموقعا، يشتمل على بيانات معينة تكاد تكون متطابقة مع البيانات التي تتطلبها الأحكام القضائية، ولا يصدر الحكم إلا بعد سماع أقوال المحتكمين، وأما من حيث الموضوع، فإن المحكم يصدر حكمه متضمنا تقرير مستندا في ذلك إلى قواعد القانون وقواعد العدالة، كما أن حكم المحكم يتمتع بحجية الأمر المقضي به، وكذلك يجوز استئناف ذلك الحكم الذي يصدره ذلك المحكم، وبإصدار المحكم لحكمه يستنفذ ولايته في نظر الخصومة، وبهذا تنتهي مهمة ذلك المحكم عند هذا الحد وهو إصداره للحكم الفاصل للخصومة القابل للتنفيذ.
والوضع القانوني لقيام المحكم بمهمته وسلطاته في الخصومة يتشابه إلى حد كبير جدا مع الوضع القانوني لقيام القاضي بمهمته وسلطاته، فالمحكم يستطيع اتخاذ إجراءات الإثبات من تلقاء نفسه مثل القاضي، كما أنه يرد لنفس الأسباب التي يرد بها القاضي، ويعتبر دور القاضي الرسمي هو دور مساعدة أو معاونا لدور المحكم.
وأما عن أوجه الانتقادات التي وجهت إلى أنصار هذه النظرية فتتمثل في الآتي:
أن أنصار هذه النظرية عند تكيفهم لطبيعة مهمة المحكم على أنها ذات طبيعة قضائية، قد تناسوا كليا أوجه الاختلافات الجوهرية القائمة بين مهمة كل من القاضي والمحكم، فالقاضي يقوم بمهمة قانونية بحتة، تتمثل في حماية الحقوق والمراكز القانونية بغض النظر عن وجود خصومة، أو عدم وجودهاء وأما المحكم فمهمته هي اجتماعية فهو يقوم بحل الخصومة المعروضة عليه وديا، سواء قام بتطبيق القانون، أو لم يقم بتطبيق القانون و طبق على الخصومة المعروضة عليه قواعد العدالة والإنصاف.
تقييم نظرية الطبيعة القضائية المهمة المحكم
وهذه الانتقادات لا تعني البتة إنكار الطبيعة القضائية التحكيم، أو لمهمة المحكم بل إن تلك الانتقادات تؤكد تلك الطبيعة، وأما عن وجود تجاوزات من بعض المحكمين، أو وجود اعتراضات قدمت على بعض ممارسات أولئك المحكمين، فهذا لا يعني إنكار الطبيعة القضائية للمهمة التي يقوم بها المحكم، و إنما اعتبر ذلك رفضا للمظاهر التي تتعارض معها، وتقرير ما يجب أن يكون عليه الوضع.
و أن تدخل القضاء للمساعدة في أعمال المحكمين يتضح جليا في أكثر من إجراء، سواء الإجراءات التي تتخذ في تعيين المحكمين، أو في تنفيذ أحكامهم، أو في الرقابة عليهم، أو الإجراءات التي يتدخل فيها القضاء بعد صدور حکم التحكيم، فنظام التحكيم ليس بمنأى عن تدخل النظام القضائي لمساعدته في تسيير إجراءاته بشكل سليم، وهذا ما تم ملاحظته من خلال نصوص ولوائح الأنظمة القانونية للتحكيم الدول، فالعلاقة بين نظام التحكيم والنظام القضائي علاقة تكامل، حيث لا يستغنى نظام التحكيم عن النظام القضائي، فقواعد العمل القضائي ذات - معالم واضحة في نظام التحكيم ابتداءا من الاتفاق على اللجوء إلى نظام التحكيم وحتى ما بعد صدور حكم التحكيم.