أيد هذه النظرية أغلب الفقه الفرنسي، وكذلك أيده أغلب الفقه في مصر، واعتبر أن نظام التحكيم طريق قضائي لحل الخصومات، و أن مهمة المحكم مهمة قضائية، لأن ما يصدره ذلك المحكم من أحكام تعد أعمالا قضائية بحتة، سواء كانت تلك الأحكام صادرة تطبيقا لقواعد القانون، أم تطبيقا لقواعد العدالة والإنصاف، سواء صدر أمر بتنفيذها، أم لم يصدر وذلك اعتمادا علی الفكرة القائلة بأنه لا يصح الاستناد إلى اتفاق التحكيم، وإضفاء طبيعة اتفاق التحكيم التعاقدية على كافة جوانب التحكيم، و إنما ينبغي إمعان النظر في الغرض من نظام التحكيم، وجوهره الذي يكمن في تطبيق إرادة القانون في الحالة المعروضة بواسطة شخص لا تتوجه إليه القاعدة القانونية التي طبقها، و إذا كان الأمر كذلك فإن المحكم يعد بمثابة قاض خاص، كما أن تلك الأحكام و إن كانت تستند في واقع الأمر إلى اتفاق التحكيم، إلا أن القوانين والأنظمة هي التي تعترف بذلك.
ويلاحظ أن فكرة العقد تعجز عن تفسير سلطات المحكم وقدرته على فرض الحكم الذي أصدره على أطراف الخصومة، فإذا نظرنا إلى التحكيم من زاوية أنه قضاء إجباري ملزم لأطراف الخصومة على أساس الاتفاق الذي تم بينهم، فإنه يحل محل قضاء الدولة الإجباري، وبالتالي ينفذ تنفيذا جبريا بعد صدور الأمر بتنفيذ الحكم، فإننا نجد أن الصفة القضائية هي التي تغلب على الحكم، و أن حكم المحكم يعد عملا قضائيا من أعمال السلطة القضائية.